افغانستان بعد 10 سنوات... مستقبل بلا معالم

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: بعد أن طوت الولايات المتحدة وحلفائها صفحة احتلال العراق، باتت الأنظار متوجهة صوب أفغانستان وما تحتاج إليه من "صبر استراتيجي" لإكمال القوات الدولية مهمتها مع حلول عام 2014 وسط تجاذبات سياسية وتدخلات خارجية ونزاعات مسلحة لم تحسم أمرها بعد، فيما تؤكد "ايساف" عن تفاؤلها بإمكانية سيطرة القوات الأمنية الأفغانية على مجريات الأمور داخل أفغانستان في حال انسحاب حلف شمال الأطلسي منها.

ولعل المستغرب في حديث الجنرالات والساسة اللذين هم في تماس مباشر مع الشأن الأفغاني، إن الحديث عن تسلم القوات الأفغانية لزمام الأمر بدلاً من القوات الدولية، ما زال يتراوح بين "التفاؤل" و "التشاؤم"، برغم مرور عشرة أعوام، تم خلالها مصرع وجرح الآلاف من الضحايا وتدخل العديد من الجيوش في مهمة دولية واستخدام مختلف الخطط والتكتيكات العسكرية وأنواع الأسلحة والتكنولوجيا الحديثة وصرف أموال طائلة، من دون أن يكون هناك أفق واضح أو نهاية للمطاف.

ومع استمرار الجدل السياسي والعسكري بين الحركات المتمردة والسلطة المحلية والدولية داخل أفغانستان، يعاني المواطن البسيط من شغف العيش والبطالة المرتفعة وسط موجات الجفاف المتولية والشتاء القارص وانعدام الأمن الذي شكل هاجساً وتحدياً كبيراً زاد من صعوبة الحياة في أفغانستان  

الهرب مع اقتراب 2014

إذ يخفي سوق الصرافة في كابول حيث تكثر الضجة والحركة تجارة أخرى أكثر تحفظا يمارسها وسطاء يعرضون مبالغ باهظة مساعدة الراغبين في الهرب من أفغانستان على الرغم من المخاطر، وذلك قبل انسحاب القوات الدولية بالكامل من البلاد مع نهاية العام 2014، فيتوجب على الراغبين بمغادرة البلد إنفاق آلاف الدولارات أملا بعيشة أفضل، فيختبئون في الشاحنات أو يعبرون الجبال سيرا على الأقدام قبل أن يركبوا قارب نجاة، شامين أسير (20 عاما) وهو من سكان ولاية لوغار جنوب كابول الواقعة في قبضة حركة طالبان، أتى ليستعلم عن تأشيرة الدخول التركية التي دفع ثمنها منذ أربعة أشهر، يقول "أريد أن أغادر لأحظى بحياة أفضل، فالحياة هنا في لوغار لا تحتمل في ظل تدهور الأمن وغياب فرص العمل، ولا يمكننا مثلا التنقل بحرية، هنا، ما من مستقبل لنا"، ويتابع موضحا أن الموظفين الحكوميين قد يدفعون حياتهم ثمن وظيفتهم كما حصل مع أحد أصدقائه الذي أوسعته حركة طالبا ضربا حتى الموت.وعلى الرغم من التكاليف المالية الباهظة، يبذل آلاف الأفغان شأنهم شأن شامين كل ما في وسعهم للهرب خوفا من تدهور الوضع الأمني الذي هو في الأساس مذر، بعد الانسحاب الكامل لقوات التحالف البالغ عددها 140 ألف جندي والمتوقع نهاية العام 2014. بحسب فرانس برس.

لكن بحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عاد إلى أفغانستان منذ التدخل الأميركي وسقوط نظام طالبان نهاية العام 2011 قرابة 5،7 ملايين لاجئ أفغاني أبعدوا في غضون ثلاثين سنة من النزاعات والحروب الأهلية التي مزقت البلد بلا هوادة، لكن عدد العائدين قد انخفض فجأة في الفترة الأخيرة من 100 ألف شخص خلال أول عشرة أشهر من العام 2010 إلى 60 ألف شخص خلال الفترة عينها من العام 2011، بحسب معطيات مفوضية الأمم المتحدة، وخلال السنوات الخمس الأخيرة، ارتفع عدد الأفغان الذين يغادرون البلد من جديد وفقا لوزارة اللاجئين الأفغانية، ويلجأ غالبية هؤلاء الأشخاص إلى إيران وباكستان المجاورتين في حين يفضل الأكثر يسرا إرسال عائلاتهم إلى دبي، ولا يتردد البعض الآخر في إنفاق مدخراته جميعها أو حتى اقتراض الأموال على أمل الوصول إلى مدن أكثر بعد، ويشرح أحد الوسطاء الذي فضل عدم الكشف عن هويته " للذهاب إلى تركيا، ينبغي دفع 4 آلاف دولار للحصول على تأشيرة دخول مقابل 13 ألف دولار للذهاب إلى أوروبا عبر روسيا أو أوكراني، وبمبالغ اقل، يمكن للراغبين في الهروب أن يستقلوا حافلة من كابول إلى إيران عبر ولاية نيمروز (جنوب غربي أفغانستان) ويتسللوا إلى تركيا أو اليونان أو فرنسا أو ألمانيا".

ويتابع هذا الوسيط قائلا إن السوق يضم برأيه عشرات الوسطاء غيره، موضحا أن "عدد الراغبين في الهرب قد ارتفع هذه السنة وغالبية الزبائن الذين يقصدونه هم من الشباب في العشرينات" وأن قرابة ألفي أفغاني هم على لائحة الانتظار، وقد تستغرق الرحلة إلى أوروبا أشهرا أو حتى سنوات في بعض الأحيان ويتعذر على الكثيرين الوصول إلى وجهتهم إذ يتم توقيفهم و طردهم أو تودي بحياتهم مخاطر السفر المتعددة، والطريق الرئيسي المعتمد للهروب من أفغانستان يمر بدروب وعرة مليئة بالألغام في الجبال الإيرانية باتجاه تركيا، قبل أن يمتد إلى أوروبا الشرقية برا أو اليونان وإيطاليا بحر، وفي كانون الثاني/يناير، توفي 20 شخصا غرقا قرب جزيرة كورفو اليونانية وهم على متن قارب مع 260 مهاجرا غالبيتهم من الأفغان، ويؤكد حميدالله (29 عاما) الذي نجح مؤخرا في الوصول إلى تركيا بعد أسابيع عدة من السير والضلال أن الشرطة التركية تطلق الرصاص على اللاجئين غير الشرعيين، وقد تم توقيفه وسجنه لمدة شهر قبل أن يرحل إلى أفغانستان، وذلك بعد رحلة كلفته 10 آلاف دولار، فيقول "سوف أقترض المال وأغادر البلد مجددا"، أما بريلاي الذي يبلغ بالكاد 17 عاما، فيقول بعد أن أمسكت به عائلته وهو على متن حافلة كانت متجهة نحو إيران استقلها من دون علم أهله، "ماذا عساي أن أفعل هنا بعدما أنهيت دراستي؟، والدي يعجز عن دفع تكاليف الجامعة وانا أخشى حركة طالبان، أنا مستعد لمواجهة المصاعب جميعها كي أغادر البلد قبل فوات الأوان".

يواجهون الجوع والشتاء

فيما حذرت مجموعة وكالات للمعونة مؤخراً من أن ما يصل الى ثلاثة ملايين افغاني يواجهون الجوع وسوء التغذية والمرض بعد موجة جفاف شديد قضت على حاصلاتهم بينما يهدد مناخ شتوي قارص بتقليص قدرتهم على الحصول على مساعدات غذائية حيوية، وقالت تسع منظمات خيرية من بينها أوكسفام وانقاذ الطفل ان شح الامطار في وقت سابق هذا العام دمر ما يصل الى 80 في المئة من حاصلات القمح في شمال وشمال شرق وغرب البلاد ولم يترك للمجتمعات الزراعية الفقيرة سوى القليل من الغذاء، وتضطر عائلات مع تضاعف أسعار الغذاء تقريبا منذ العام الماضي الى خفض عدد الوجبات أو الاقتراض أو الهجرة، والحصول على مساعدات ضرورية لانقاذ الحياة محفوف بالخطر الان مع بدء تساقط الثلوج بغزارة خلال أسابيع مما سيؤدي الى سد الطرق وخطر حدوث انهيارات ثلجية، وقال مانوهار شنوي وهو مدير قطري في أوكسفام في بيان "أبلغنا قرويون أن الجفاف هذا العام دمر كل شيء، وما لديهم من غذاء مخزون متدن بالفعل، ويشعرون بقلق بشأن اجتياز الشهور القادمة، وأضاف "الوقت لا يتيح لنا تزويد المجتمعات بمساعدات هم في أمس الحاجة اليها قبل أن يصعب الوصول الى مناطق كثيرة بسبب الشتاء، وتتساقط الثلوج بالفعل وكثير من المناطق الجبلية يرجح ان تصبح معزولة خلال اسابيع". بحسب رويترز.

وكثيرا ما يؤدي الشتاء القارص في أفغانستان الذي يستمر في الفترة من نوفمبر تشرين الثاني حتى مارس اذار الى تراكم الجليد بارتفاع أربعة أمتار مما يسد الممرات الجبلية النائية ويترك مئات ألاف القرويين معزولين لشهور، وبدأ الناس يشعرون باثار الجفاف مع قدوم الشتاء حيث يقلصون الوجبات أو يعبرون الحدود الى باكستان وايران أو يقترضون لشراء الغذاء مما يرهقهم بالديون، وأغلقت المدارس حيث يدفع بالاطفال للعمل، ورغم أن الجفاف أصاب 14 اقليما فقط من بينها اقليمي فارياب وبدخشان من أقاليم أفغانستان البالغ عددها 34 اقليما لم يمول مانحون دوليون سوى سبعة بالمئة من نداء عاجل أصدرته الامم المتحدة في أكتوبر تشرين الاول للحصول على 142 مليون دولار، وحذر عمال المعونة من أنه اذا لم يستجب المجتمع الدولي واذا لم يتم تخزين امدادات المساعدات في المناطق المتضررة في الاسابيع القادمة فان الاطفال سيواجهون خطر الموت، وقال ديفيد سكينر مدير مكتب منظمة انقاذ الطفولة في أفغانستان "يواجه الناس احتمال أن تتقطع بهم السبل دون غذاء أو مياه نظيفة"، وتابع "نعرف أن الاطفال جوعى وأن مستويات سوء التغذية مرتفعة بالفعل في أفغانستان وما لم يجر تكثيف جهود المعونة فان الناس قد يموتون لانهم لا يجدون ما يكفي من الطعام".

فقراء كابول في اجتماع بون

من جهتهم طالب سكان كابول الوفود المشاركة في اجتماع دولي بشأن افغانستان عقد في بون ادراج احتياجاتهم على جدول الاعمال وقالوا ان الحكومة لا تبذل جهودا كافية للتخفيف من حدة الفقر والجوع في العاصمة الافغانية، ويعيش سكان افقر احياء كابول على حافة الهاوية في بلد يعتقد ان نسبة البطالة فيه تصل الى 40 في المئة ولا تخلو الحياة اليومية فيه من اعمال عنف كما ان نحو نصف السكان محرومون من مياه شرب نظيفة، وبعد عقد من مشاركة وفود في أول مؤتمر خاص بافغانستان في بون تحدوها امال كبيرة نحو المستقبل من المرجح ان تكون المعنويات اكثر تواضعا في الاجتماع، ورغم التفاؤل الذي صاحب اجتماع 2001 ومليارات الدولارات التي تدفقت على البلاد منذ ذلك الحين لا يزال عدد كبير من السكان يعيش في فقر مدقع، ويقول سردار والي بائع الفاكهة في كابول "ينبغي ان يساعدوا الفقراء في المؤتمر، حين تذهب دولارات المعونة لجيوب الوزراء ورؤساء البلديات أو الحكومة الافغانية فانها لا تعود بالفائدة على الفقراء"، نريد رجلا يعمل من اجل بلدنا (يمثلنا) ولا نريد رجلا يأخذ المال ويشيد المباني الشاهقة"، وفي شرق كابول يعيش المئات من النازحين من اقاليم مثل هلمند في الجنوب وبغلان في الشمال حيث يحتدم القتال. بحسب رويترز.

ويتصاعد دخان ابيض من صفوف من الخيام البيضاء يعيشون فيها بينما ينشعل الاطفال في الشوارع بالغسيل وملء زجاجات بلاستيكية بالمياه من خرطوم، وتقدر الامم المتحدة ان هناك نحو نصف مليون افغاني نازح في الداخل حاليا ومعظمهم فر من العنف او الجفاف الذي يهدد ثلاثة ملايين افغاني بالجوع وسوء التغذية والامراض العام الجاري، ومن هؤلاء وحيدة التي تعيش في خيمة في الحي الثامن في كابول وهي تعرض صورة لابنيها وقد قتل احدهما بينما اختفى الثاني وتقول ان الحكومة لا تقدم مساعدة تذكر لها ولاحفاده، وتقول "اموت جوعا وعطش، اشتري الماء بخمسة افغاني ولدي احفاد صغار السن، امل ان ان تقدم ليس الحكومة شيئا من الدعم لان مشاكلي كثيرة"، وافغانستان من بين الدول التي تحصل على أكبر حجم مساعدات في العالم وتقدر عند 16 مليار دولار سنويا.وتتداعى الطرق في كابول والكهرباء تصل على فترات متقطعة على أفضل تقدير بينما لا توجد شبكات مياه وصرف صحي الا في خمس المنازل على مستوى البلد ككل، ويقول السكان انهم يريدون ان يبحث اجتماع بون توفير مثل هذه الاحتياجات الاساسية، ويقول محمد ابراهيم الذي يعيش مع مجموعة من اللاجئين في مجموعة من الخيام "نعيش في خيام منذ ثلاثة أعوام، نتساءل هل سيوفر لنا المجتمع الدولي او الرئيس الافغاني شخصيا الغذاء والمأوى".

تقرير الأمم المتحدة بشأن تعذيب المعتقلين

الى ذلك قال تقرير نشرته الأمم المتحدة إن السجناء في بعض مراكز الاعتقال الأفغانية تعرضوا للضرب والتعذيب، وأضاف التقرير أن المعتقلين في 47 مركز اعتقال موزعة على 24 ولاية تابعة لإدارة الأمن والشرطة الوطنية في أفغانستان تعرضوا لسوء المعاملة، وكشفت النقاب في شهر سبتمبر الماضي عن حدوث هذه الانتهاكات، ونفت الحكومة الأفغانية آنذاك مزاعم التعذيب، قائلة إن التقرير أملته دواع سياسية، وذكر التقرير أن السجناء تعرضوا لأساليب تعذيب تصنف على أنها ترقى إلى التعذيب بموجب القانون الأفغاني والقوانين الدولية، وأوضحت المنظمة الدولية أن سوء المعاملة ليس نتيجة سياسة تتبعها الحكومة، وذكر التقرير بناء على مقابلات مع 379 سجينا أن علامات التعذيب والإصابات كانت بادية على العديد منهم إذ دلت على أنهم تعرضوا للضرب المبرح أو سوء المعاملة، ويُتهم جهاز الاستخبارات الأفغانية بأنه يمارس التعذيب بشكل منهجي في عدد من مراكز الاعتقال لانتزاع الاعترافات من السجناء المتهمين بإقامة علاقات مع حركة طالبان أو مجموعات متشددة أخرى. بحسب بي بي سي.

وأضاف التقرير أن أطفالا في سن 14 عاما تعرضوا أيضا للتعذيب، وذكر التقرير أن من ضمن أساليب التعذيب تعليق المعتقلين من معاصمهم وضربهم على أخمص أقدامهم وتعريضهم للصعق بالكهرباء وخلع أظافرهم وإخضاعهم للضغط، وتابع التقرير أن السلطات الأفغانية اتخذت بعض الخطوات لمنع التعذيب منها نقل المشتبه بهم بالتعذيب إلى أماكن عمل أخرى وإيقاف المتهمين بارتكاب جرائم خطيرة عن العمل، ومضى التقرير قائلا إن القوات الدولية سلمت بعض المعتقلين إلى السلطات الأفغانية، ويذكر أن قوات حلف الأطلسي (الناتو) أوقفت تسليم المعتقلين الأفغان إلى 16 مركز اعتقال نتيجة ما خلص إليه التقرير، مضيفة أنها تراقب الوضع، لكن الحكومة الأفغانية قالت إن التقرير يهدف إلى عرقلة تسليم مهام الأمن إلى الأفغان في ظل استعداد القوات الأجنبية للرحيل بحلول عام 2014.

فيما ذكر جهاز الاستخبارات الافغاني انه بدأ تحقيقا في مزاعم بان عددا من عناصره قاموا بضرب احد السجناء حتى شارف على الموت اثناء التحقيق معه في ولاية خوست، وياتي التحقيق الذي طلبته مديرية الامن الوطني بعد تقارير اعلامية عن تعرض سجين للضرب المبرح مما تسبب باصابته بفشل كلوي وجروح داخلية، وكان تم القبض على السجين في اواخر ايلول/سبتمبر في ولاية خوست الشرقية، وصرح مسؤول في جهاز الاستخبارات ان الجهاز "اطلق تحقيقا في هذه القضية، واذا ادين اي مسؤول من الجهاز في هذه القضية، فسيجري تسليمه الى السلطات القانونية"، الا ان الجهاز اضاف ان تحقيقا اوليا كشف ان السجين كان يعاني من مرض في الكلية قبل اعتقاله، واشار الى ان وفدا بقيادة احد مسؤولي الجهاز توجه الى خوست للتحقيق في الامر.

الاطلسي متفائل

من جهة اخرى اعرب الامين العام للحلف الاطلسي اندرز فوغ راسموسن عن "تفاؤله" في بوخارست حيال نقل مسؤولية الامن بالكامل في افغانستان الى القوات المحلية بحلول 2014، مقرا في الوقت نفسه بانه يبقى "الكثير من العمل" لتدريب الشرطة الافغانية، واعلن راسموسن لاعضاء في الجمعية البرلمانية للحلف الاطلسي الذين ابدوا شكوكا حول قدرة القوات الافغانية على تولي مسؤولياتها الامنية في المهل المحددة "انا متفائل كثيرا حيال احترام الجدول الزمني لنقل مسؤولية الامن الى الافغان، وهي عملية بدات في تموز/يوليو وستنتهي في 2014"، وذكر راسموسن بان القوات الافغانية تتحمل الان مسؤولية الامن في سبع ولايات حيث "يقيم 25% من عدد السكان الافغان"، واضاف الامين العام للحلف الاطلسي في مداخلته "اتوقع ان يعلن الرئيس كرزاي المرحلة الثانية من العملية الانتقالية في وقت لاحق هذا الشهر وسيكون حجمها كبيرا ايضا". بحسب فرانس برس.

واوضح "اتوقع ان يكون ما بين 40 و50% من السكان الافغان يقيمون بعد هذه المرحلة الثانية في مناطق تتولى فيها القوات الافغانية مسؤولية الامن"، الا ان راسموسن اقر بان تدريب الشرطة الافغانية لتبلغ مستوى كافيا للقيام بمهامها في افضل الشروط، يشكل "تحديا حقيقيا"، وقال "اننا نشهد تقدما تدريجيا، لكن لا يزال هناك الكثير من العمل المطلوب القيام به بالتاكيد"، في حين ندد برلماني بالفساد المتفشي داخل هذه المؤسسة، الا ان الامين العام اعتبر ان "قوات الامن الافغانية اصبحت اكثر قدرة، من حيث العدد والنوعية"، و"ادارت اخيرا بعض الحوادث بطريقة ممتازة"، وتنص العملية الانتقالية على نقل مسؤولية الامن للقوات المحلية على ان تنتهي في 2014 لتصادف مع نهاية انسحاب ابرز القوات القتالية التابعة للحلف الاطلسي في هذا البلد الذي يشهد حربا منذ عشرة اعوام، وتثير العملية الانتقالية قلق العديد من الافغان وبعض الخبراء الذين يشككون في قدرات القوات الافغانية للاضطلاع بدور القوات الاجنبية بشكل فعال.

بعد 10 سنوات في أفغانستان

في سياق متصل وبعد عشر سنوات من تدخل الغرب في أفغانستان قال حلف شمال الاطلسي ان خططه لتسليم المسؤولية الامنية للحكومة الافغانية وسحب القوات تدريجيا ما زالت على الطريق الصحيح بالرغم من هجمات كبيرة شنها مقاتلو طالبان في الاونة الاخيرة، وأكد وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا لوزراء دفاع الحلف أن الولايات المتحدة وهي تقلص وجود قواتها في أفغانستان لن تسحب موارد مهمة مثل مجموعات الاجلاء الطبية وطائرات الهليكوبتر وقواعد المخابرات التي يحتاجها الحلفاء، وقال ان وزراء حلف الاطلسي التزموا في اجتماعهم في بروكسل بمراجعة دقيقة لمهمة الحلف وبتجنب أي انسحاب سريع، وقال بانيتا "من الواضح أن لا أحد يتعجل الخروج، على العكس هناك التزام حقيقي من الجميع، بعلاقة ثابتة وطويلة الامد مع أفغانستان"، وقال أندرس فو راسموسن الامين العام لحلف الاطلسي ان القوات الافغانية تظهر على نحو متزايد أنها قادرة على التعامل مع الحركات المسلحة وان تسليم الافغان سيطرة كاملة على الامن يجب اتمامه بنهاية عام 2014، ولكنه قال انه يتعين على الحلف مع هذا أن يواصل دوره الداعم لاسيما بتدريب القوات الافغانية بعد ذلك التاريخ. بحسب رويترز.

وقال راسموسن في مؤتمر صحفي "كي لا نرتكب خط، فان الانتقال ليس رحيل، لن نعفي أنفسنا عندما يتولى الافغان القيادة" وأضاف أن الحلف سيتفق على استراتيجية للدعم في المدى البعيد في قمة تعقد في شيكاجو في مايو أيار، وتابع "ذلك يعني التدريب، ذلك يعني التعليم، ذلك يعني التأكد من أن القوات والسلطات الافغانية تمتلك المهارات والدعم المطلوبين لتأمين البلاد"، وأشاد راسموسن بجنود القوات الدولية والجنود الافغان الذين قتلوا ومن بينهم أكثر من 2750 جنديا من قوة المعاونة الامنية الدولية في أفغانستان التي تولى الحلف قيادتها في عام 2007، وقال ان الحلف سيلتزم بتسليم المهام الامنية بالرغم من سلسلة من الهجمات الكبيرة من بينها هجوم على السفارة الامريكية في كابول واغتيال برهان الدين رباني كبير المفاوضين من أجل السلام والرئيس الاسبق لافغانستان، وقال راسموسن "هذه لحظة مهمة في أفغانستان، المرحلة الانتقالية على الطريق الصحيح ولن تخرج عن المسار"، وتابع "لهؤلاء الناس الذين لم يقدموا شيئا للشعب الافغاني غير الموت والدمار نقول بوضوح لن تنتصرو، التزامنا تجاه أفغانستان ثابت وكذلك التزام شركائنا".

ويتولى الافغان الان دور القيادة في الامن في سبع أقاليم ومناطق وسيعلن قريبا عن المرحلة التالية لنقل المسؤولية عن الامن، وقال عبد الرحيم وردك وزير الدفاع الافغاني الذي شارك في اجتماع وزراء دفاع الحلف اليوم ان الوضع الامني ليس سيئا على النحو الذي تصور "العناوين المثيرة" وقدر أن عدد قوات طالبان لا يزيد على أكثر من خمسة الاف من المقاتلين الاشداء، وتابع قائلا "انهم يركزون على المتفجرات المطورة وعلى القنابل التي تزرع على الطرق وهذه الهجمات والاغتيالات لمسؤولي الحكومة والشخصيات الوطنية"، وكان الرئيس الامريكي باراك أوباما أعلن هذا العام خططا لسحب عشرة الاف جندي أمريكي بنهاية العام و23 ألفا اخرين بحلول الصيف القادم، ودعا وزير الدفاع الالماني توماس دي مايتسيره الى "صبر استراتيجي" للتأكد من أن تخفيض القوات لن يضر أمن القوات المتبقية ورحب بالتطمينات التي قدمها بانيت، وقال "مر علينا عشر سنوات في أفغانستان، في بداية العملية كانت هناك توقعات كبيرة لم يكن من الممكن تحقيقه، لا يجب أن نكرر ذلك الخط، لا يجب أن ندلي بتصريحات متسرعة عن حجم وسرعة سحب القوات"، وقال انياتسيو لا روسا وزير الدفاع الايطالي للصحفيين ان روما قررت أن تبدأ تخفيضا تدريجيا لاعداد قواتها في النصف الثاني للعام المقبل وأن تسرع العملية في عام 2013، وقالت كارمي تشاكون وزيرة الدفاع الاسبانية ان أسبانيا تعتزم تخفيض قواتها بنسبة عشرة في المئة في عام 2012، ولايطاليا حوالي أربعة الاف جندي في أفغانستان بينما يبلغ حجم القوات الاسبانية 1500 جندي.

أمن أفغانستان بعد الانسحاب

من جانبه قال وزير الدفاع الافغاني عبد الرحيم وردك للصحفيين ان وجود قوات افغانية وطنية قوية للجيش والشرطة سيتكلف نحو خمسة مليارات دولار أمريكي في العام بعد انسحاب القوات القتالية الاجنبية من البلاد في عام 2014، والمبلغ الذي حدده وردك يساوي أكثر من خمسة أمثال العائد الداخلي للحكومة الافغانية عام 2010 ونحو ثلث الناتج المحلي الاجمالي الافغاني، وقال وردك للصحفيين في وزارته التي تحظى بحراسة مشددة "بالنظر الى بيئة الامن الحالية التي نواجهها فان التكلفة ستكون نحو خمسة مليارات دولار سنويا"، وعرض على الصحفيين أسلحة ومعدات حصل عليها الجيش الافغاني من الخارج، ووجهت الحكومة الافغانية امالها في اعادة بناء اقتصاد البلاد وكسب الاموال التي يحتاج لها الجيش والشرطة الى جذب الاستثمارات في موارد النحاس والحديد الخام والتي تقدر أن قيمتها قد تصل الى ثلاثة تريليون دولار أمريكي. بحسب رويترز.

وقال وردك ان هدف الحكومة الافغانية هو بناء قوة لا تعتمد على المساعدات الاجنبية لكنه أوضح أن ثمة حاجة لفترة انتقالية، وأوضح أنه خلال هذه الفترة ستحصل أفغانستان على أموال من الخارج وخاصة من الولايات المتحدة لانفاقها على القوة، ولم يقدم الوزير الافغاني تفاصيل عن أمد الفترة الانتقالية لكن وليام باتي السفير البريطاني في كابول قال ان أفغانستان قد تحتاج الى دعم مالي حتى عام 2025 ودعم عسكري لسنوات كثيرة بعد انتهاء مهلة سحب القوات القتالية الاجنبية في عام 2014، ووافق الرئيس الافغاني حامد كرزاي وداعموه في الغرب على سحب كل القوات القتالية الاجنبية بحلول نهاية عام 2014، ويخشى بعض الافغان من ألا تتمكن القوات الافغانية من الحيلولة دون سقوط البلاد في هوة الحرب الاهلية الشاملة.

انخفاض هجمات طالبان

بدوره اعلن جنرال في قوة حلف شمال الاطلسي في افغانستان (ايساف) مؤخراً ان عدد الهجمات التي تشنها حركة طالبان انخفض خلال الشهرين الماضيين للمرة الاولى منذ بدء النزاع في البلاد قبل عشر سنوات، وقال الجنرال الاسترالي مايكل كروس ان الهجمات انخفضت بالاجمال خلال الشهرين الماضيين بالمقارنة مع العام الماضي وان حركة طالبان فشلت مؤخرا في استعادة السيطرة على اراضي كانت قد خسرتها في الجنوب لحساب قوة الحلف الاطلسي، واضاف في رسالة فيديو من افغانستان "كل عام كانت تحصل عمليات عنف اكبر في افغانستان، الا هذه المرة"، وتابع "خلال الشهرين الماضيين، حصل انخفاض في اعمال العنف نسبة الى السنة الماضية"، واكد ان "الامر يتعلق باتجاه ونحن بالتأكيد ما زلنا نواجه تحديات كبيرة ويتوجب علينا ان نبقى واقعيين بالنسبة لاهدافنا وان الامر يتعلق هنا باتجاه (يؤشر الى انخفاض العنف) هو فعلا مرحب به"، وقال ايضا "انها المرة الاولى التي نشهد فيها هذا الاتجاه" ولكنه لم يقدم مع ذلك اية ارقام، وان قال ان ارقام ايساف تظهر انخفاض هجمات المتمردين خلال 17 شهرا من الشهور الاثنين والعشرين الماضية، ورغم التقييم المتفائل الا ان مسار الحرب في افغانستان مازال يثير جدلا وسط شكوك حول قدرة القوات الافغانية على تأمين البلاد واستشراء الفساد في الحكومة الافغانية. بحسب فرانس برس.

كما كان تقييم ايساف مختلفا عن تقرير اوردته الامم المتحدة الشهر الماضي اظهر ارتفاع الحوادث الامنية اجمالا بنسبة 39 بالمائة خلال الشهور الثمانية الاولى من 2011 مقارنة بالعام الماضي، وبرر كروس الفارق بين تقييم ايساف وارقام الامم المتحدة بالطريقة التي تصنف بها كل جهة اعمال العنف، فقد قال ان الامم المتحدة تورد كافة الاحداث المتعلقة بالامن بما في ذلك التقارير عن تهديدات والتظاهرات في الشوارع، غير ان ايساف تورد فقط الهجمات العنيفة مؤكدة الحدوث، واضاف كروس ان الهجمات البارزة الاخيرة من جانب المتمردين، ومنها الهجوم الذي استمر 19 ساعة على السفارة الاميركية في كابول وتفجير شاحنة ادى لاصابة 77 جنديا اميركيا، حجبت الرؤية عن تقدم اوسع نطاقا في المجهود الحربي الذي يبذله الحلف الاطلسي حيث قال انه اخذ الان زمام المبادرة، غير انه اشار الى ان هجمات المتمردين لم تنخفض في شرق البلاد حيث واجهت القوات التي يتزعمها الاطلسي خصما عنيدا في منطقة التضاريس الوعرة المتاخمة لباكستان، وكانت طالبان قد تعهدت باستعادة المعاقل السابقة في ولايتي هلمند وقندهار بجنوب البلاد غير ان موسم القتال الصيفي اتى وانقضى دون تمكنها من استعادة تلك المعاقل، حسبما اضاف الجنرال الاسترالي، وقال "مازلنا نسيطر على كافة تلك التجمعات السكانية، وقد ابقينا على سيطرتنا منذ قمنا بتأمين تلك المناطق ولم تنجح طالبان بل فشل هجومها"، وقال كروس ان طالبان اقرت بالانتكاسات الميدانية في اتصال اعترضته القوات الاجنبية، واضاف كروس "يعرفون ايضا انهم فشلو، كيف عرفت ذلك؟، حسنا، لقد اعترضنا رسالة من مجلس شورى الجماعة قبل وقت ليس ببعيد اقر فيها ان هجمة بدر فشلت، في الواقع ترجمة العبارة التي استخدموها هي انها فشلت فشلا ذريعا".

طالبان ليست المسؤولة عن قتل أخي

على صعيد مختلف قال مسؤول كبير في حلف شمال الاطلسي يوم السبت ان الرجل الذي قتل الاخ غير الشقيق واسع النفوذ للرئيس الافغاني حامد كرزاي قبل ثلاثة أشهر نفذ الهجوم لاسباب شخصية ولم يكن مقاتلا من حركة طالبان، وأضاف المسؤول أن التحقيقات التي أجريت في أعقاب مقتل أحمد والي كرزاي في منزله بقندهار في يوليو تموز أظهرت أن الموظف الذي قتله كان قد علم أنه سيتعرض لاجراءات تأديبية لسوء السلوك وقتل كرزاي بالرصاص لتجنب الفضيحة، وأعلنت طالبان مسؤوليتها عن القتل في اطار سلسلة من عمليات الاغتيال البارزة في الشهور الاخيرة فيما سلط الاضواء على المدى الذي يستطيعون الوصول اليه حتى بالرغم من أن زيادة القوات الاجنبية حققت مكاسب في معاقلهم الجنوبية، ومن بين الضحايا الاخرين الرئيس السابق مبعوث الحكومة للسلام برهان الدين رباني وقائد كبير في الشرطة بالجنوب وحاكم اقليم قندوز. بحسب رويترز.

ولم يشكك المسؤول في حلف الاطلسي في دور طالبان في عمليات القتل الاخرى، وقال المسؤول بالحلف في افادة "كان قتل، وليس اغتيالا" مضيفا "لم يكن بدوافع سياسية ولم يكن ضربة محكمة من المتمردين"، وأضاف مسؤول الحلف أن القاتل وهو قائد لقوة حراسة كان يدير نقاط تفتيش في منطقة قندهار ورفعت بشأنه تقارير الى كرزاي لمزاعم تتعلق بسوء معاملة السكان المحليين، وهون المسؤول أيضا من شأن مزاعم طالبان بأن المتمردين ومتعاطفين معهم يقفون وراء هجمات نفذها رجال شرطة أو جنود افغان ضد القوات الاجنبية التي تراقب او تعمل معهم وأسفرت عن مقتل العشرات في السنوات الاخيرة، وقال، "درسنا حالات الاختراق وفي معظم الحالات لم تكن هناك علاقات بطالبان، المتمردون سيعلنون دائما مسؤوليتهم عن كل هجوم"، وفي غالبية هجمات "المنشقين" كان المسلحون يعانون من الضغط بسبب مشاكل شخصية ولم تكن لهم علاقة بطالبان، وأضاف أن بعض المتمردين حصلوا على ملابس الشرطة أو الجيش لتجنب الامن عندما يستهدفون الافغان أو الاجانب لكنهم لم يكونوا بالفعل أعضاء في قوات الامن.

وقال المسؤول انه على مدار الاشهر التسعة الاولى من العام زادت هجمات المتمردين باستخدام عبوات ناسفة بدائية بنسبة ستة في المئة مقارنة بنفس الفترة من عام 2010 لكن العدد الاجمالي لهجمات المتمردين هبط حوالي ثمانية في المئة على مدار نفس الفترة، وأشارت مخابرات قوة المعاونة الامنية الدولية الى أنهم تحولوا لاستخدام القنابل على جوانب الطرق لتجنب الخسائر في ساحات المعارك وانهم مدركون تماما أنه سيقع مزيد من الضحايا المدنيين، وقال المسؤول ان الكثير من المتمردين لم يتمكنوا من انجاز الكثير من الهجمات التي دعا اليها زعماؤهم، وقال "هناك حلقة مفقودة بين ما قالوا انهم يريدون أن يفعلوه وبين ما تمكنوا من فعله"، الا أنه اعترف بأن طالبان "تتسم بالمرونة والقدرة على التكيف" وأن مكاسب حققتها قوات التحالف يمكن فقده، وقال "هناك تقدم، تقدم حقيقي، لكنني ما زلت أصفه بأنه هش، اذا لم نواصل الضغط فقد يمكن فقده (التقدم) وستكون القدرة على الاستمرار محل تساؤل"، الا أن بيانات جمعتها الامم المتحدة أظهرت زيادة حادة في الحوادث الامنية وسقوط أعداد أكبر من الضحايا المدنيين على مدار الشهور الثمانية الاولى من العام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/كانون الأول/2011 - 24/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م