الموضة وتنويعاتها... صناعة ببلايين الدولارات

حيدر الجراح

شبكة النبأ: كل جديد هو قديم بشكل اخر.. واكثر ما تصح هذه المقولة في مجال الموضة التي تتنوع الوانها واشكالها بين يوم واخر تبعا للنظرة المبدعة لكل ما هو قديم وسحبه من النسيان واعادة تداوله مرة اخرى.

نظرة متفحصة للازياء التي يرتديها الناس العاديين ونظرة اخرى الى الازياء في الافلام السينمائية والبحث في الصور الفوتوغرافية القديمة لابائنا تكشف لك عن تلك العودة الى ازياء الستينات والسبعينات من القرن المنصرم.

وكل جديد يعتبر موضة اليوم حتى يأتي جديد اخر يستبدله.. وقد تشكل انطباع من التخوف واتجاه من التشكيك في الموضة والأناقة، وذلك بسبب نقد رواد المفكرين من أمثال ماركس هوركهامير وتيودور أدورنو (صناعة الثقافة)، التثقيف كوسيلة خداع الجماهير" والذين رأوا في الثقافة وبالتالي الموضة أيضا مجرد سلعة، إلى جانب حركات معارضة البورجوازية في 1968. (إنها مجرد تجارة) عبارة مازالت تسمع حتى اليوم، حتى في حوارات المثقفين حول الموضة.

ولا تقتصر الموضة في مجالات الازياء النسائية كما يتبادر الى الذهن عند سماع كلمة موضة او ازياء بل اصبح يشمل حسب خبراء الاقتصاد (المنسوجات والاكسسوارات والساعات والجلود) وجميع ماله علاقة من قريب او بعيد باناقة الرجل او المراة مثل النظارات الشمسية واربطة العنق وغيرها وامتد الاهتمام ايضا الى ملابس الاطفال التي تخاطب الموضة فيها عقول وقلوب الاباء والامهات.

دراسة طريفة نشرت في (ذي جورنال أوف بيهافيورال نوتريشن أند فيزيكال أكتفيتي) تشير إلى أن الأزياء الغالية يمكن أن تعيق نمو الأطفال. والمقصود هنا ليس تصميماتها الضيقة أو أقمشتها التي قد تسبب حساسية أو تعرضهم للبرد أو الحر، بل إلى كونها غالية الثمن.

حسبما شرحت الدراسة، فإن الأطفال، وعوض أن يمرحوا ويلعبوا بحرية مع أقرانهم، مصابون بالخوف من أن تتسخ أو تتعرض للتلف ومعاقبة الأهل لهم، وبالتالي فهم مقيدون ولا يتمتعون بشقاوة الأطفال.

وهذه الحقيقة ساندتها بعض رياض الأطفال بالقول إن الأمهات عندما يحضرن أطفالهن في ملابس غالية، ينبهون عليهم وعلى المشرفات والمربيات بالحرص على عدم إتلافها أو تعريضها للاتساخ.

وهذا لا يترك اي شك في أنه حتى عندما يتعلق بالأزياء والمظهر الخارجي، فإن الآباء هم الذين تعشعش بداخلهم تلك الصورة الملمعة والمتكاملة، الأمر الذي يجعلهم في أحيان كثيرة لا يأخذون حاجة الأطفال إلى التنفيس عن طاقتهم باللعب والانطلاق، بعين الاعتبار. بعبارة أصح هم الذين ينعشون سوق الازياء الخاص بالاطفال، الذي يقدر في بريطانيا وحدها بنحو 4 مليارات من الجنيهات الإسترلينية، إذا أخذنا بعين الاعتبار محلات مثل (زارا)، (فرانش كونيكشن)، وغيرها.

لقد تحوّلت وسائل الإعلام، والسينما، والحركة السياحية، إلى مصدر أوّل لابتكار أزياء جديدة باستمرار، كما تحوّلت أيضا إلى وسائل لترويجها، وكلّما يتمّ الترويج لزيّ جديد، سرعان ما تتحرّك آليات وسائل الإعلام والأفلام لتجعل من نشره في أنحاء العالم وسيلة فعّالة لتكوين الثروات الرأسمالية الكبرى. وبدأت تسيطر عناوين (ماكسي، ميدي، ميني) على تحديد العنصر المميّز في مواسم الأزياء على التعاقب، حتى إذا أدّت المطلوب منها بدأ التقلّب ما بين الأقمشة الملوّنة والأقمشة الرقيقة، فأصبح عنوان أزياء السبعينات الميلادية ما عُرف بظاهرة (الأزهار والقوّة)، ثمّ نُشرت في معممة (الثورة الجنسية) في الربع الأخير من القرن الميلادي العشرين، الأزياء التي باتت تطرح "التعرّي" كهدف بحدّ ذاته، جنبا إلى جنب مع استهداف جيل الشباب.

* لتقدير حجم السوق الاستهلاكيّة للأزياء، يمكن أخذ بريطانيا مثالا، حيث يبلغ حجم الإنفاق السنوي على الملبوسات فقط أكثر من 45 مليار أويرو، يضاف إليها زهاء 20 مليارا قيمة الأقمشة، ويعمل في هذا الميدان زهاء 400 ألف شخص، بينما يبلغ حجم النفقات على الملبوسات والمنسوجات في ألمانيا حوالي 56 مليار أويرو سنويا، وكان حجم ميزانية الشركات العاملة في قطاع الملبوسات حوالي 11 مليار أويرو.

ويُلاحظ أنّ الاستهلاك الفردي السنوي للملبوسات والأقمشة في البلدان المذكورة -وهي الأثرى من سواها عموما- يعادل وفق الأرقام المذكورة ما يتراوح بين 600 و900 أويرو سنويا، وهذا تقدير المعدّل الوسطي، فإذا حذفنا من المجموع الكليّ ما تستهلكه الطبقة المترفة التي ترتبط أسماء دور الأزياء الكبرى بها، فقد لا يتجاوز الإنفاق الفردي الوسطي حدود ثلاثمائة أويرو سنويا.

* تحتلّ إيطاليا المرتبة الثانية عالميا بميزانية تعادل 48 مليار أويرو. ويشتغل في هذا القطاع 700 ألف شخص في 7 آلاف شركة، بينما يبلغ عدد العاملين في هذا القطاع في الاتحاد الأوروبي بمجموعه أكثر من مليونين و600 ألف شخص، ومع انضمام عشرة دول أخرى إلى الاتحاد وصل هذا العدد إلى 6 ملايين شخص.

* لا يسهل الوصول إلى رقم محدّد حول استهلاك الطبقة المترفة للأزياء الباهظة الأسعار، ولكن يمكن استخلاص صورة تقريبية عندما نلقي نظرة على ميزانيات تلك الشركات المعدودة في مصافّ الأكبر والأشهر في عالم الأزياء، والمتخصّصة بأغلى الثياب والعطور وقطع الزينة والأحذية والملبوسات الجلدية وكذلك بعروض الأزياء الموسمية، وعددها في أوروبا أربعون شركة، منها 14 إيطالية، و9 ألمانية، و5 بريطانية، و4 فرنسية، والباقي من الدانيمارك وبلجيكا وهولندا، كبراها شركة (LVMH) الفرنسية، التي تتفرّع عنها شركة كريستيان ديور، وتليها شركة آديداس الألمانية للملبوسات الرياضية، ثمّ بينيتّون الإيطالية، فمارتسوتو الإيطالية أيضا، ثم ليفي شتراوس البلجيكية، ويبلغ حجم العائدات السنوية لهذه الشركات الخمس الكبرى معا حوالي 10 مليارات أويرو، بينما يبلغ حجم عائدات الشركات الأربعين الكبرى معا زهاء 30 مليار أويرو.

* تقدر قيمة صناعة الأزياء الإسلامية العالمية بأكثر من 96 مليار دولار، على فرض أن معدل إنفاق كل فرد من 50 في المائة من مسلمي العالم، البالغة أعدادهم 1.6 مليار نسمة، لا يقل عن 120 دولارا أميركيا سنويا على الثياب العادية.

* يبدي المستهلكون في الدول التي لا تعنى بالأزياء الإسلامية، مثل فرنسا والمملكة المتحدة، التي تتمتع بقوة شرائية كبيرة، استعدادا لإنفاق ما يفوق عن 600 دولار أميركي سنويا على الملابس الجاهزة عالية الجودة.

وفي المملكة المتحدة وحدها، يوجد أكثر من 1.5 مليون مسلم، مما يدعم سوق الأزياء الإسلامية، التي تقدر قيمتها بين 90 إلى 150 مليون دولار سنويا.

وعلى هذا المعدل، يشكل المسلمون الموجودون في دول الاتحاد الأوروبي، والبالغ عددهم نحو 16 مليون نسمة، سوقا محتملة للملابس، تبلغ قيمتها ما بين 960 مليونا، إلى 1.5 مليار دولار سنويا.

* حسب توقعات صادرة عن جامعة إسمود الفرنسية للأزياء في دبي، المؤسسة التعليمية الرائدة في مجال الأزياء والموضة في منطقة الشرق الأوسط، يمكن لقطاع صناعة الأزياء العربية مواصلة توسيع نطاق وجوده عالميا، وذلك عقب سنوات عدة من القبول المطرد والدعم المتزايد من قبل أبرز رموز الموضة والأزياء.

* تصل قيمة مبيعات بعض الأزياء ذات التصميمات العربية إلى ما يقارب من 10000 دولار أميركي، ويبقى الطلب عليها في تزايد مستمر، نظرا للنمو الاقتصادي القوي الذي تشهده الأسواق الرئيسية، مثل الإمارات العربية المتحدة.

* تصل قيمة مبيعات العباءات المصنعة في الشركات التي تتخذ من دبي مقرا لها، إلى ما يتراوح بين 1500 إلى 10000 دولار.

* أكدت تقارير عديدة أن قيمة عائدات قطاع الأزياء على نطاق العالم تقدر ببلايين الدولارات ويشارك في عمليات شراء وبيع الملابس وإنتاجها عدد متزايد من العاملين، ليتجاوز بكثير عدد المشاركين في قطاعات اقتصادية أخرى ويقدر بعض الاقتصاديون حجم سوق قطاع الأزياء بحوالي 700 بليون دولار سنويا، وتشكل الأقمشة والملابس 6 % من مجموع الصادرات في العالم، في حين يمثل قطاع الملابس ما مجموعه 57 % من تجارة الأقمشة والملابس الدولية.

* يتوقع مؤسس ومدير جامعة (إسمود) الفرنسية للأزياء "تمارا هوستال" نمواً في قطاع صناعة الأزياء بنسبة 5 % بحلول العام 2016، ومزيداً من النمو بحلول العام 2020..

* صناعة الأزياء التي تسجل وجودها في صدارة التجارة بالعالم رغم الغلاء الذي طال معظم منتجاتها، اقتحمت عالم التجارة على الإنترنت بقوة ومكنت شركات عديدة من تحقيق أرباح طائلة وقدمت مديرة مؤسسة "بورتر دوت كوم" ناتالي ماسينيت التي تبيع أزياء المصممين على الإنترنت، صافي أرباح شركتها الخاصة التي بلغت 119 مليون دولار بعد أن كانت 82 مليون دولار في العام الفائت.

* تجارة الملابس الداخلية كما تقول مجلة لوبوان الفرنسية تتحكم في السوق العالمية، منها 62 علامة تجارية تعيش طبقا لإحصائيات الاتحاد الفرنسي، وتشهد هذه التجارة حالة ازدهار حقيقية فقد اشترت نساء فرنسا وحدهن نحو 60 مليون قطعة ملابس داخلية وظهرت في الأسواق 109 علامات تجارية جديدة، رغم وجود نحو 518 علامة تحقق مبيعات مذهلة لدرجة جعلت الجميع يرون أن قطاع الملابس الداخلية هو القطاع الخارق في عالم الموضة.

* الأزمة المالية التي ضربت العالم لم يكن قطاع الموضة بمنأى عنها؛ حيث أصاب العديد من المؤسسات العاملة في هذا المجال في الصميم وجعلها تتكبد خسائر فادحة أرغمتها على تقليص عدد موظفيها فقد تخلصت شركة «ماسي» من 7.000 وظيفة، وتخلت مجموعة «نيمان ماركوس» عن 375، وسرحت «ساكس فيفث أفينيو» 1.100 موظف وأعلنت صحيفة وول ستريت عن تخفيض حاد في حجم فريق أخبار الأزياء والمحلات، رغم أن قيمة صناعة الأزياء الأمريكية تبلغ 350 بليون دولار، وفقا لمجلس مصممي الأزياء في أمريكا.

* أفاد تقرير "صناعة الأزياء العالمية والنمو في الأسواق الناشئة" بأنّ دولة الإمارات صُنّفت كواحدة من الأسواق الفريدة والناشئة في قطاع صناعة الأزياء العالمية إلى جانب جنوب أفريقيا وسنغافورة والهند وروسيا والبرازيل. ومنح التقرير عالم الموضة في دولة الإمارات ترتيباً عالياً نظرا للدعم الحكومي الذي يحظى به قطاع الأزياء والحملات التسويقية والإعلانية الواسعة التي تلعب دوراً مهماً في تعزيز الوعي بماركات الأزياء العالمية والدعم التنظيمي وارتفاع الطلب على الاكسسوارات والأزياء فضلاً عن تميز المصممين المحليين.

* تحتل السعودية من حيث الإنفاق الفردي على الأزياء مركزا عالميا متقدما، فحسب دراسة لشركة "يورومونيتور للاستشارات العالمية"، يعد الفرد السعودي الأكثر إنفاقا على الأزياء، مقارنة بجنسيات أخرى عديدة وأضافت أن السعودي يوجه 10% من إنفاقه الاستهلاكي على الأزياء والأحذية، في حين لا تتجاوز نسبة الإنفاق الاستهلاكي لدى الفرد في فرنسا مثلا 4.5 %، وألمانيا والمملكة المتحدة 6 %، والولايات المتحدة 4 % وأوضحت أن قطاع تجارة الأزياء في السعودية يحظى بفرص نمو قوية، بالنظر إلى فائض السيولة المتوافرة لدى أفراد المجتمع السعودي، والذي ارتفع بنسبة 12 % خلال الفترة من العام 2000 وحتى 2004 وتستورد السعودية ما يقارب 85 ألف طن من الملابس الجاهزة سنويا.

* قال مدير معرض (فيجن) المتخصص في الأزياء "آدم تايلور" إن حجم صناعة الأزياء والملابس في منطقة الخليج يبلغ حوالي 12 بليون دولار مشيرا إلى أن المنطقة تشتهر بارتفاع معدلات الدخل..

* مع إقامة عرضين دوليين للأزياء سنويا في الهند، ووجود أكثر من 250 مدرسة للأزياء في جميع أنحاء الهند ينافس قطاع الأزياء عواصم الأزياء في العالم وكانت السنوات العشر الفائتة في غاية الأهمية بالنسبة لقطاع الأزياء الهندي الذي يصل حجمه إلى أكثر من 11.7 بليون دولار أمريكي سنويا ويصل حجم صناعة الجمال في الهند إلى مئات الملايين من الدولارات عبر المؤتمرات والمعارض السياحية وأسابيع الأزياء وينمو قطاع الأزياء بنسبة 20 % سنويا، ومن المتوقع أن يصل حجم القطاع إلى 50 بليون دولار خلال هذه السنة وما يجعله يحافظ على هذا النمو، هو أنه كما يأخذ أفضل ما وصل إليه التقدم التكنولوجي في المجال.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 19/كانون الأول/2011 - 23/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م