إسلاميو الربيع العربي والأخ الأكبر التركي!

 

شبكة النبأ: مع خروج الجماعات الإسلامية منتصرة في الانتخابات التي أجريت في تونس ومصر والمغرب، قرر حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا فيما يبدو ان يقوم بدور المرشد لها، وان يلقي بثقله وراء المعارضة السورية التي تسعى للإطاحة بالرئيس بشار الأسد وهو حليف سابق.

وتنسجم استجابة أنقرة لانتفاضات الربيع العربي الى حد بعيد، مع حلفائها في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي الذين كانوا يرفضون سياسة "عدم إثارة المشاكل مع الجيران"، التي كان يتبعها الحزب الحاكم في تركيا، وشملت سوريا وحليفتها إيران والتي وصفها البعض بأنها ابتعاد للعثمانيين الجدد عنة العلاقات القديمة لها مع الغرب.

واتاح "الربيع العربي" لتركيا فرصة كبيرة، لانه سمح لها بالحوار مع الجهات السياسية الجديدة الفاعلة على الارض، بوجوده كعامل سياسي في المنطقة، اكسبها فرصة جيدة قد لا تتوافر مرة اخرى، ليبدأ الاتراك رعاية هذه الاحزاب، مؤكدين على ان انقرة ستحرص على تجنب احياء ذكريات البعد العثماني للمنطقة.

لكن حسابات الحكومة التركية أملاها ايضا اقتناعها بأن ايام الاسد باتت معدودة ومصلحتها طويلة الامد تكمن في بناء علاقات مع القوى الناشئة. في ظل اعتقاد انه انتهى كزعيم وان ما يحصل نزيف تدريجي للنظام في سوريا.

مرشد الاسلاميين

اذ قال مصطفى اكيول مؤلف كتاب صدر حديثا بعنوان (اسلام دون نقيضين.. قضية اسلامية من اجل الحرية) "اعتقد ان حزب العدالة والتنمية يأمل ان يكون فعليا نموذجا للاسلاميين في المنطقة، وان يتحولوا نحو الاعتدال لتصبح احزابا مثل العدالة والتنمية الذي يحترم القيم الاسلامية، لكنه يركز بشكل اساسي على التنمية الاقتصادية ولا يؤيد جدول اعمال متشددا."

غير ان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان وحكومته يعتزمان التأثير على الاصلاحيين في الاحزاب الاسلامية العربية. وخلال جولة زار خلالها تونس ومصر وليبيا وهي الدول الثلاث التي نجحت في الاطاحة بحكامها المستبدين دافع اردوغان بشدة عن نموذج تركيا كدولة علمانية تمثل درعا يحمي معتقدات الجميع بمن فيهم الاسلاميون. ويعتبر حزب النهضة التونسي حزب العدالة والتنمية مصدرا للالهام في حين ينظر جيل جديد من الاخوان المسلمين خاصة في مصر الى الحزب التركي كمثال يحتذى.

ويقول سولي اوزيل وهو اكاديمي بارز ومعلق في اسطنبول ان حزب العدالة والتنمية "يريد ان يكون مرشدا لكل هذه الجماعات الاسلامية في مصر والمغرب وتونس." ولم يحرض الاسلاميون على الانتفاضات العربية التي هزت تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن لكن حصلت الاحزاب الاسلامية على المركز الاول في انتخابات برلمانية في المغرب وتونس ما بعد الثورة.

ويريد اسلاميو مصر الذين فازوا بالجولة الاولى من الانتخابات محاكاة هذين الانتصارين لكن من غير الواضح حجم النفوذ الذي يمكن ان يحصل عليه مجلس تشريعي كان بلا انياب في ظل بقاء العسكر في السلطة.

ويقول اكيول ان خبرة تركيا حيث نشأ حزب العدالة والتنمية على انقاض عدة احزاب اسلامية فاشلة ومحظورة، لكنه توسع ليشمل عناصر من تيار يمين الوسط وقوميين الى ان الاسلمة يمكن ان تتماشى مع المعايير العلمانية وان هناك طريقا وسطا بين نقيضي الاستبداد والتشدد الاسلامي. واضاف "كان الشرق الاوسط يحكمه هؤلاء الدكتاتوريين العلمانيين الذين يقمعون المعارضة بما في ذلك الجماعات الاسلامية واولئك الذين يصبحون اكثر تشددا. اصفهما بالنقيضين. "الطريق الوسط هو شيء يمثله حاليا حزب العدالة والتنمية.. فهو يستعيد احترام الدين ويديره مسلمون ملتزمون لكنه لا يتصور دولة دينية. انه يخلق مساحة للاسلاميين ليصلوا الى مركز المجتمع."

لكن الانتفاضات التي تجتاح العالم العربي وضعت ضغطا على الحكومة التركية، فحزب العدالة والتنمية السني الذي يخشى ان يتخذ الصراع في سوريا منحى طائفيا مع محاولة الاقلية العلوية الحاكمة تصوير معارضيها على انهم متشددون تبنى بحزم نهجا غير طائفي وهو ما يتضح في تعامله مع جميع الاحزاب في دولة متعددة الطوائف والاعراق مثل لبنان والعراق وحتى البوسنة.

ويعتبر شركاء تركيا الغربيون هذا الدور دورا قيما لا يستطيعون هم ان يلعبوه بسهولة.

وقال دبلوماسي غربي كبير "الاتراك يدركون جيدا ان هناك ميلا لتصويرهم على انهم اللاعب السني الاكبر لكن الامر اكثر تعقيدا من هذا. تركيا لا تريد ان ينظر اليها على انها جزء من هذا التوازن الطائفي ولا تروق لهم فكرة انهم رعاة للسنة."

وادى هذا الى ان تحول الحكومة موقفها بشأن سوريا حيث بذل اردوغان ووزير خارجيته احمد داود اوغلو جهودا مضنية لاقناع الرئيس السوري بشار الاسد بضرورة قيادة تغيير قبل ان يشمله هذا التغيير. ومع اتساع نطاق الاحتجاجات المناهضة للحكومة وزيادة عدد القتلى بدرجة كبيرة ادركت تركيا سريعا ان عليها الاختيار. فبعد الفشل في اقناع الرئيس السوري الذي اقام معه اردوغان علاقات خاصة في ادخال اصلاحات خلصت تركيا الى انه يجب تغيير المواقف.

ولم تكتف بذلك بل فتحت ابوابها للتيار الرئيسي للمعارضة السياسية والمسلحة في سوريا وهو المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر في ابتعاد واضح عن سياستها السابقة التي كانت تتجنب على نحو دقيق ابداء سلوك عدائي تجاه اي من جيرانها.

وقال اولجين "سياسة الحياد مع الجيران انتهت. هذه بداية سياسة جديدة لمحاولة تصوير نفسها على انها حامية للشعوب المضطهدة في المنطقة. سيكون هناك تركيز اكبر على الاصلاح الديمقراطي وحقوق الانسان، تركيا احرزت تقدما في الحد من نفوذ الجيش في السياسة وتحركت ضد مسؤولي الشرطة بشأن مزاعم التعذيب. لكن منتقدين يتهمون حزب العدالة والتنمية بكبت النقاش الاعلامي وانتقاد الحكومة وهو شيء ينفيه."واضاف "النتيجة الثانية هي انه ستكون هناك عودة للانحياز للغرب في السياسة الخارجية التركية."

وقال مسؤول بوزارة الخارجية في انقرة ان تركيا لا يمكن ان تقدم مصالحها وعلاقاتها مع الاسد على مبادئها. واضاف "عندما تفجر الربيع العربي كان علينا ان نتخذ قرارا. كنا نعلم انه لن يتوقف في تونس لكن سيتفجر في كل مكان. كان علينا ان نتخذ نهجا قائما على المبادئ والا ستكون ازدواجية في المعايير. قررنا ان ندعم هذه الحركات الاجتماعية. وايدنا مطالب وتطلعات الشعب السوري."

وقال سولي اوزيل "تركيا ضخت استثمارات ضخمة في سوريا. لقد غضت الطرف عن انتهاكاتها لحقوق الانسان. لكن اذا قررت ان هذا النظام راحل فعليك ان تستثمر في المستقبل." لكن هناك قلقا واسع النطاق في تركيا من انه كلما طال امد الصراع كلما زاد احتمال نشوب حرب طائفية ومن امتدادها الى تركيا. بحسب رويترز.

وحذرت تركيا بالفعل دمشق من استئناف دعمها لمتمردي حزب العمال الكردستاني الذي صعد حملته الانفصالية في جنوب شرق تركيا لكن الحكومة تشتبه بأنه يفعل ذلك الان بتواطؤ سوري. وتساءل "لكن اذا سقط النظام في سوريا وحدث فقدان كامل للسيطرة في دمشق ماذا سيفعل الاكراد السوريون؟ هل سيسعون للاستقلال؟ ماذا ستفعل تركيا فيما يتعلق بأكرادها او القتال ضد حزب العمال الكردستاني؟."

تحذيرات تركية

في سياق متصل، حذرت تركيا سوريا من أنها ستتحرك لحماية نفسها اذا شكلت حملة القمع التي تشنها الحكومة السورية ضد المحتجين تهديدا للامن الاقليمي وأطلقت العنان لموجة من اللاجئين على حدودها. وذكرت شبكة تابعة لنشطاء مناهضين للحكومة السورية ان 24 سوريا على الاقل قتلوا بالرصاص عندما خرج محتجون للشوارع بعد صلاة الجمعة وقبل اضراب عام دعت اليه المعارضة. بينما قالت مصادر أخرى للمعارضة أن عدد القتلى بلغ 37 شخصا.

وقتل عشرة اشخاص في حمص التي تعد معقل الانتفاضة المستمرة ضد حكم الرئيس بشار الاسد. وأظهرت لقطات مصورة متظاهرين مناهضين للاسد يرددون هتافات تطالب بالحرية وتصف بشار بانه عدو للانسانية. ولم يذكر وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو الاجراء الذي قد تتخذه أنقرة ولكنه أوضح أن تركيا لن تتردد في عزل أمن المنطقة عن الاضطرابات في سوريا.

وقال داود اوغلو للصحفيين في أنقرة "تركيا لا تريد التدخل في الشؤون الداخلية لاحد لكن اذا لاح خطر على الامن الاقليمي حينها لن يكون بوسعنا ان نقف مكتوفي الايدي." وأضاف "اذا كانت حكومة ما تقاتل شعبها وتتسبب في نزوح لاجئين فانها لا تعرض أمنها هي فقط للخطر ولكن أمن تركيا أيضا لذا فان علينا مسؤولية ونملك سلطة لان نقول لهم كفى."

واضافة للادانات التي تتعرض لها دمشق، قال الامير تركي الفيصل وزير المخابرات السعودية السابق ان الدول العربية لن تغض الطرف عن العنف في سوريا، وقال الامير الذي ينظر اليه على انه صاحب نفوذ رغم عدم توليه حاليا لاي منصب عام خلال مؤتمر في فيينا ان الجامعة العربية لن تقف مكتوفة الايدي وتسمح باستمرار المذبحة ضد الشعب السوري.

ويقول ناشطون ان نحو 4600 سوري قتلوا في الاحتجاجات والقمع العنيف الذي تقوم به الحكومة. وفر مئات الاشخاص عبر الحدود الى تركيا التي اقامت مخيمات لاستيعاب اللاجئين.

ويقول الرئيس الاسد ان بعض "الاخطاء" ربما ارتكبت لكن الخسائر كانت فادحة في صفوف قوات الامن التي استهدفتها "عصابات ارهابية مسلحة" مدفوعة وموجهة من دول خارجية لم يذكرها بالاسم.

وتعرضت سوريا لعقوبات اقتصادية فرضتها عليها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وعلقت الجامعة العربية عضويتها وتهدد ايضا بفرض عقوبات عليها. غير ان روسيا والصين اعاقتا بشكل فعال اي اجراء مماثل في الامم المتحدة كما حذرت موسكو الغرب من التدخل في الشؤون الداخلية لحليف عربي قديم.

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان قوات الامن أطلقت النار على حشد خارج مسجد القصير في محافظة حمص، وفيها ايضا قتل شخص بطلق ناري من نقطة تفتيش. وذكر موقع الكتروني تابع للنشطاء أن جنودا أحاطوا بمحتجين عند خروجهم من مسجدين في مدينة دير الزور في شرق البلاد وقتل طفلان في منطقتين في حمص.

وأشار التلفزيون السوري الى أحداث العنف لكنه قدم رواية مختلفة. وقال ان "ارهابيين" قتلوا فتاة بالرصاص في محافظة درعا وان مدنيين أصيبوا على أيدي "جماعات ارهابية مسلحة". واقترح داود أوغلو وضع خطط طوارئ لاقامة منطقة عازلة على طول الحدود السورية اذا تصاعد العنف الى حد يهدد بنزوح أعداد ضخمة من السكان.

وقالت الامم المتحدة انه من المستحيل تقييم الوضع في سوريا قبل أن تسمح دمشق بدخول طواقم للاغاثة الانسانية. وقالت فاليري اموس نائب الامين العام للامم المتحدة للشؤون الانسانية والمنسق العام لاعمال الاغاثة والطوارئ "أكرر ندائي للحكومة السورية كي تسمح لنا بالدخول فعليا." وأضافت اموس التي كانت تتحدث في ستوكهولم "اذا لم يكن لديهم ما يخفونه حسبما تزعم الحكومة فانني أعتقد أن ذلك يبرر السماح لنا بأن نرى وأن يكون اعداد تقييم مناسب للاثار المترتبة على هذا بالنسبة للشعب السوري مسألة حاسمة بشكل مطلق."

وصرح دبلوماسيون غربيون بان روسيا والصين قاومتا فكرة بحث قضية سوريا مرة اخرى في نيويورك. وكانت روسيا والصين قد استخدمتا حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار لمجلس الامن يدين دمشق ويهددها بعقوبات محتملة.

وقال برهان غليون زعيم المجلس الوطني السوري انه حث قائد الجيش السوري الحر الذي ينضوي تحت لوائه المتمردون المسلحون على وقف العمليات الهجومية التي يمكن أن تؤدي الى نشوب حرب أهلية. وقال في مقابلة اجرتها معه في فيينا "نريد تفادي نشوب حرب اهلية باي ثمن. بحسب رويترز.

ويقول نشطاء مناهضون للحكومة ان ثلاثة مدنيين عزل قتلوا مقابل كل فرد من قوات الامن منذ بدء الاحتجاجات. ويضيفون أن المحققين السوريين يلجأون الى التعذيب لانتزاع اعترافات.

هجوم على سوريا

من جانب اخر، صرح دبلوماسي ان تركيا لا تسمح باي هجوم على دول اخرى انطلاقا من اراضيها وذلك ردا على اعلان دمشق انها صدت هجوما "لارهابيين" قادمين من تركيا. وقال دبلوماسي تركي ردا على اتهامات سوريا ان "تركيا لا تسمح لاي مجموعة مسلحة (بشن هجمات) ضد دول اخرى". وذكر ان قوات حرس الحدود السورية في محافظة ادلب احبطت محاولة تسلل "مجموعة ارهابية مسلحة" الى داخل الاراضي السورية عبر موقع قرية عين البيضا.

ونقل عن مصادر مطلعة في ادلب ان "قوات حرس الحدود اشتبكت مع مجموعة ارهابية مسلحة مكونة من نحو 35 مسلحا ومنعتها من الدخول للاراضي السورية". وقالت المصادر ان القوات السورية "أصابت عددا من عناصر (المجموعة)، بينما لاذ البقية بالفرار باتجاه الاراضي التركية". واضافت المصادر انه "سمع صوت سيارات من الجانب التركي بادرت لنقل المصابين من أفراد المجموعة الارهابية المسلحة"، مؤكدة انه "لم تحدث اي اصابات او خسائر في وحدات حرس الحدود".

واجرى الاسد مقابلة استثنائية مع شبكة "اي بي سي" التلفزيونية الاميركية لتوضيح موقف نظامه للمشاهدين الغربيين وسط حملة القمع التي يشنها نظامه ضد المناهضين له، حسب ما افاد تلفزيون "اي بي سي". ولم تكشف المحطة عن مضمون المقابلة ولكن صحافيا في "اي بي سي" كشف مقتطفات من اقوال الاسد خلال لقاء مع الصحافيين في وزارة الخارجية. بحسب فرانس برس.

وقال الصحافي ان الاسد قال ردا على سؤال حول القمع "انا رئيس. لست مالك البلاد، اذن هي ليست قواتي". واضاف "هناك فرق بين انتهاج سياسة القمع المتعمد وبعض وجود اخطاء يرتكبها بعض المسؤولين. هناك فرق كبير".

ضحية الازمة

من جهة اخرى، يبقى مئات من سائقي الشاحنات ضحايا التوتر المتزايد بين انقرة ونظام دمشق، عالقين على الحدود التركية السورية في وضع يشكل خطرا على التجارة بين تركيا والشرق الاوسط. واعرب احد موظفي الجمارك التركية في معبر جيلفيغوزو الحدودي عن امتعاضه من ان "نحو 500 شاحنة عالقة في الجمارك السورية". واضاف الموظف رافضا كشف هويته "انهم لا يسمحون بعبور سوى من يعرفونه وفقط من يتكلم العربية".

وعلقت دمشق العمل باتفاق تجاري مع تركيا يعود الى 2004 بعد قرار انقرة التي كانت من اكبر شركائها الاقتصاديين الانضمام الى مواقف الجامعة العربية وفرض عقوبات على نظام الرئيس بشار الاسد المتهم بقمع شنيع لتظاهرات الاحتجاج على الحكومة. الا ان وزير الاقتصاد ظافر كاغليان اعلن ان سوريا قررت اخيرا ترك الطريق مفتوحة امام سائقي شاحنات النقل.

وقال بحسب وكالة انباء الاناضول ان "الحكومة السورية بدات على الفور السماح للشاحنات بعبور الحدود" عندما اتخذت تركيا اجراءات للالتفاف على سوريا. واوضح روحي انجين عثمان رئيس جمعية شركات النقل الدولية ومقرها في اسطنبول، ان "700 شاحنة متوجهة الى الشرق الاوسط عبر سوريا تنتظر منذ عند الحدود". واكد ان السلطات السورية تتسبب في تاخير اجراءات دخول الشاحنات التركية بذريعة عطل في اجهزة الكمبيوتر.

وفي جيلفيغوزو اكد سائق شاحنة تركي ان السوريين يطلبون رشاوى لعبور الحدود. وقال "يطلبون رشاوى ورفعوا اسعارهم مئة في المئة ويتعين علينا دفع 920 دولارا مقابل العبور، وبما اننا لا نستطيع الانتظار ندفع المبلغ، لكنها 920 دولارا خسارة لشاحنة فارغة".

وشكا سائق شاحنة اخر بالقول ان السوريين "يعتبرون الان الاتراك اعداء بينما كانت صداقة تربطنا قبل ذلك". وبعد ان كانت حليفة سوريا السياسية، قطعت تركيا علاقاتها بدمشق ونددت بالقمع ودعت الرئيس الاسد الى التنحي.

من جانبه اكد عبد القادر جكماظ من جمعية المصدرين في جنوب شرق الاناضول ان التوتر بين البلدين "يهدد بشكل خطير" الاقتصاد الاقليمي. واوضح "اصبحنا لا نستطيع ارسال بضائع الى بلدان الشرق الاوسط" بينما تشكل سوريا طريقا مهما في المبادلات التجارية.

وتقول انقرة ان سوريا هي التي تعاني اكثر من هذا الوضع، لكن رجال الاعمال الاتراك لا يوافقون ذلك. واوضح جيكماظ "اننا نحترم قرارات حكومتنا لكن يجب ان ندرك ان ما بين 300 الى 400 شاحنة تعبر عادة الحدود السورية يوميا متوجهة الى لبنان والاردن والسعودية". واضاف ان "سوريا تحتل المرتبة الخامسة في صادراتنا". بحسب فرانس برس.

ونظرا لاستمرار اغلاق الحدود بدات الحكومة التركية تنظر الى حلول مرحلية تتمثل في احتمال فتح معابر حدودية جديدة مع العراق او تخصيص عبارات بحرية بين ميناء مرسي (جنوب) التركي والاسكندرية في مصر.

ممرات جديدة

على صعيد متصل، قالت تركيا انها ستبدأ تصدير السلع بحرا الى مصر وبرا الى العراق في مسعى لتجنب الممرات التجارية الحالية عبر سوريا في اعقاب تدهور العلاقات بين البلاد وتصاعد أعمال العنف في جارتها الجنوبية.

وقال وزير الاقتصاد التركي ظفر جاغليان ان دمشق بدأت السماح للشاحنات التركية بدخول سوريا بعد منعها من الدخول ردا على العقوبات التي فرضتها انقرة. وتبحث تركيا عن طرق تجارية جديدة للشرق الاوسط منذ ان ساءت العلاقات اثر تصعيد انقرة انتقاداتها للرئيس بشار الاسد نتيجة قمعه انتفاضة شعبية.

وقال جاغليان لقناة سي.ان.بي.سي-اي التركية "من اليسير جدا تجنب سوريا لكننا فضلنا الا نفعل ذلك. لا نزال نريد نقل تجارتنا عبر سوريا والسماح للاقتصاد السوري بتحقيق مكاسب مادية من ذلك. "لكنهم ارادوا الامر على هذا النحو. اقول مرة اخرى مهما فعلوا فانهم سيعانون أكثر من تركيا في كل مرة. لا يتحتم علينا المرور بسوريا اذا اردنا تجارة مع الشرق الاوسط والخليج. فلدينا خطة (اصلية) وخطتان بديلتان جاهزتان بالفعل."

وقال جاغليان ان سفن الشحن ستبدأ السفر بين ميناء مرسين بجنوب تركيا على البحر المتوسط وميناء الاسكندرية المصري. وستبدأ الشاحنات العبور الى العراق. وكانت تركيا اعلنت قائمة من العقوبات الاقتصادية على سوريا قالت انها ستستهدف الحكومة بما في ذلك تجميد الاصول الحكومية وفرض حظر على سفر كبار المسؤولين بالاضافة الى تعليق المعاملات المالية.

وردت سوريا بتعليق اتفاقية للتجارة الحرة بين البلدين وبفرض رسوم جمركية 30 في المئة على جميع الواردات التركية ورسوم باهظة على الوقود والشحن. وهونت تركيا من اثر القرار السوري قائلة ان الشعب السوري سيكون المتضرر الاكبر. واضاف "ما ان بدأنا تنفيذ الخطوات (لفتح ممرات جديدة) حتى بدأت الحكومة السورية على الفور السماح لشاحناتنا بالمرور." بحسب رويترز.

وتركيا شريك تجاري كبير لسوريا وبلغ اجمالي حجم تجارتهما الثنائية نحو 5ر 2 مليار دولار. وقال جاغليان ان اكثر من عشرة بالمئة من واردات سوريا في عام 2010 جاءت من تركيا في حين لم تشكل الواردات من سوريا سوى 0.3 في المئة من اجمالي الواردات التركية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 19/كانون الأول/2011 - 23/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م