الفساد والخداع وأشياء أخرى

زاهر الزبيدي

مع ضعف الرقابة النوعية والرقابة الوطنية على المنتجات الاستهلاكية كافة ومع ما تسبب الفساد به من إفساد الذمم وغياب الضمير الوطني.. دأب الجميع على اتباع مختلف وسائل خداع المستهلك لغرض الحصول على أكبر المكاسب المادية من عمليات البيع والشراء والتعاقد على تنفيذ المقاولات الإنشائية والتجهيز على اختلافها.. مما تسبب، بشكل كبير، في إحباط كبير انتاب المستهلك العراقي لطبيعة المواد التي يتم اقتناءه لها كحاجات أساسية تديم حياته.

ففي العراق ما أن تقدم على شراء شيء حتى ينتابك الخوف من كون تلك المادة، غذائية كانت أو إنشائية أو كهربائية أو أية مواد تصنيعية، مستوردة أو محلية، خوف شديد من ضياع أموالك المحدودة والتي قررت إنفاقها لتأمين تلك المادة هباءاً لكونها، المادة، فاسدة أو غير مطابقة للمواصفات العالمية ولكون أغلب تلك المواد تدخل في أمور حياتية مهمة وقد تتسبب يوماً في تدمير منزلك بالكامل.. وتخَسر بذلك آلاف الأضعاف لسعرها.. وتلك الحالة تنتابنا في شراء أبسط الأشياء، قلم الرصاص مثلاً، أو حتى بشراء المعدات الغالية كالأجهزة المنزلية التي يقدّر سعرها بمئات الدولارات.

فكم هو محبط أن ترى الملابس من أردء النوعيات وأبخسها ثمناً والمعدات الكهربائية من أسرعها عطلاً وأقلها كفاءة.. والطعام التي يعبئ لنا بعلب ملونه من أردء الأنواع في العالم حتى ليخال لك بأن هناك من يستهدفنا بتلك الصناعات ليعبئنا بشكل كبير بذلك الإحباط والبؤس الذي لا تجده لدى شعوب بدول لها كفاءة العراق المالية وقدراته الصناعية الكبيرة ونظامه السياسي الجديد وأفقه الاستثماري المفتوح، كل تلك العوامل كان يجب على الجميع، وبشكل منصف، أن تطوّع لخدمة الشعب..

 فأنت ما أن تجوب الأسواق التي تجلب الملابس المستعملة (البالات) والأحذية وغيرها من المعدات المستعملة تجد الناس من شعب العراق يتهافتون على شراءها.. تلك التي لبسها العالم ودارت حول الأرض ورزمت للعراق كي يلبسها ابناء الرافدين، بغصة بالغة، مع الهدر الواضع في الثروات التي لم يتمكن احد من تدويرها باتجاه مصلحة شعب صبور.. مسالم مثلنا.

والسؤال هنا.. مع موازناتنا الكبيرة، لماذا لا يلبس العراقيون ما يلبسه العالم؟ ولما لا يأكل العراقيون ما تأكله شعوب العالم؟ ولماذا لايستخدم العراقيون ما يستخدمه العالم؟..

 العالم المتحضر من سلع ومعدات كثيرة نعجز عن عدها.. ولماذا لا يتعلم ابناء العراقيون مثلما يتعلم ابناء العالم بتلك التقنيات الحديثة التي وسعّت مداركهم وجعلتهم يسعون لبناء أوطانهم.. أو متى ننتهي من مسلسل (البالات) التي ما يوماً ابتدعت لنا بل للدول الفقيرة من دول أفريقيا ليستروا بها عريهم وفقرهم، أعانهم الله، لقد دفعتنا اليها رداءة المستورد من الملابس من شرق آسيا التي أترعت بأموالنا ورداء المستورد من المعدات الكهربائية والعدد لفساد ضمير التجارة وتاجريها...

متى نقدم لشعبنا مايستحقه وأكثر من حجم المعاناة التي مرّ بها طيلة السنين الماضية والحالية والقادمة (لا سمح الله).

لقد أفرط الشعب بالإحباط وشرب من كأس بؤسه حد الثمالة وعلى كل صاحب مسؤولية أن يسعى سعياً جاداً في العمل على انتشالنا من الفقر الذي تشرنق على اجسادنا وتشمعت منه نياط قلوبنا وكي لا يصبح القلم الرصاص.. في قلوبنا !!

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 19/كانون الأول/2011 - 23/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م