
شبكة النبأ: على الرغم من جسامة
الأحداث التي صاحبت إجراء الانتخابات في مصر، خصوصا فيما يتعلق
بالاحتجاجات الدموية التي لا تزال تجري هناك، إلا أن ذلك لم يحد من
الشعور العالي لدى معظم المصريين حول أهمية المشاركة في الانتخابات.
ويراهن الشعب المصري على هذه الانتخابات للخروج من الأزمة الحادة
التي أعقبت الثورة، سيما على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي،
وبلغت نسبة الاقبال على التصويت في المرحلة الاولى من الانتخابات
البرلمانية 52 بالمئة وهي نسبة كبيرة نسبيا مقارنة بانتخابات عام 2010
التي كانت نسبة الاقبال فيها 25 بالمئة رسميا في ظل تشكيك جماعات لحقوق
الانسان في هذه النسبة انذاك.
اول انتخابات بعد مبارك
فقد اعتاد المصريون لسنوات كثر الوقوف في طوابير لا حصر لها اما
للحصول على رغيف الخبز او اسطوانات الغاز او حتى لاستخراج رخصة قيادة
في ادارات المرور لكن طوابير اليوم ليست كالبارحة.
وتحمل المصريون رجالا ونساء شيوخا وشبابا برودة الشتاء والانتظار
لساعات طويلة امام لجان الاقتراع واصطفوا في طوابير بلغ طولها في أحيان
مئات الامتار للادلاء باصواتهم في المرحلة الثانية من الانتخابات
البرلمانية التي انطلقت يوم الاربعاء املا في مستقبل افضل.
وفي الاحياء الشعبية التي تعاني الفقر وتدني مستوى الخدمات تدفق
الناخبون على مراكز الاقتراع لممارسة حرية التصويت بعد حرمان دام 30
عاما قضاها الرئيس السابق حسني مبارك في سدة الحكم قبل ان تطيح به
انتفاضة شعبية في فبراير شباط.
وشاب الانتخابات في عهد مبارك تزوير واسع النطاق شمل حشو الصناديق
وشراء الاصوات والترويع لضمان فوز الحزب الوطني الديمقراطي المنحل
بأغلبية كاسحة من المقاعد.
وفي حي امبابة بغرب القاهرة الذي شهد اشتباكات طائفية في مايو ايار
قالت ناخبة طلبت تلقيبها بأم مرقص (93 عاما) بعدما ادلت بصوتها "هذه
أول مرة اصوت في انتخابات. اديت صوتي للكتلة المصرية. انا جيت افرح مع
الشعب وانا باحب الناس... يا رب بارك في شعب مصر ونجح المسلمين
والمسيحين." والكتلة المصرية هي تحالف بين ثلاثة أحزاب ليبرالية.
وتنشب من حين لاخر توترات طائفية بين مسلمين ومسيحيين اما بسبب
التحول من دين لاخر أو بسبب نزاعات عائلية أو بناء كنائس لكن أظهر
مسلمون ومسيحيون تلاحما كبيرا خلال انتفاضة 25 يناير كانون الثاني التي
أطاحت بمبارك.
وقالت ناخبة اخرى تدعى مها احمد (26 عاما) وتعمل مديرة مبيعات امام
نفس لجنة الانتخاب "ادليت بصوتي لاننا لازم نكون ايجابيين ونختار
مستقبلنا ... لا يهمني موضوع الغرامة أنا صوتي للثورة مستمرة. قبل كده
كانت البلد فاسدة دلوقت اصبح لنا صوت."
والثورة مستمرة هي تحالف لاحزاب ومنظمات سياسية وتنظيمات نقابية
منها ائتلاف شباب الثورة تأسس كجبهة سياسية مدنية لخوض الانتخابات
البرلمانية ككتلة واحدة. وتجري المرحلة الثانية من الانتخابات في تسع
محافظات هي الجيزة وبني سويف والمنوفية والشرقية والاسماعيلية والسويس
والبحيرة وسوهاج وأسوان وتنتهي اليوم الخميس. وتجرى جولة الاعادة في 21
و22 ديسمبر كانون الاول الجاري. ويتنافس في هذه المرحلة 3387 مرشحا على
180 مقعدا. ويحمل البرلمان المقبل على عاتقه اختيار الجمعية التأسيسية
المؤلفة من 100 عضو لصياغة دستور جديد للبلاد.
وقال محمد المراكبي (50 عاما) وهو طبيب اسنان مقيم في استراليا
بعدما ادلى بصوته في لجنة انتخابية بحي الدقي بالجيزة "انا اعيش في
استراليا منذ 26 عاما وهذه اول مرة ادلي بصوتي في الانتخابات. حاسس ان
البلد بقى ليها صاحب... انا جيت من اخر الدنيا عشان اصوت لاني حاسس انه
فيه امل في مستقبل البلد."
بينما قال ناخب اخر يدعى يوسف محمد (21 عاما) وهو طالب في كلية
الهندسة "الان صوتي مؤثر بعدما كان في السابق عديم القيمة... ساصوت
أملا في غد افضل."
وعزا الدكتور عمار علي حسن الباحث في علم الاجتماع السياسي اقبال
المصريين على الانتخابات الى أن هذه الجولة يتنافس فيها عدد كبير جدا
من المرشحين وأن كل مرشح يقوم بالدعاية والحشد وتعبئة انصاره. بحسب
رويترز.
وقال حسن "هناك قطاعات لديها احساس بالمسؤولية انهم امام اجراء يصب
في صالح الوطن وفي صالح بناء مستقبلهم وهناك قطاع اخر تنبه الى ان
العملية الانتخابية تتمتع بقدر من النزاهة والعدالة قياسا الى
الانتخابات السابقة ومن ثم لابد من المشاركة." وأضاف "كثيرون عزفوا عن
التصويت في المرحلة الاولى لانهم ظنوا ان هناك عنفا مفرطا قد يشوبها
لكن حين مرت المرحلة بسلام شجع ذلك قطاعات كبيرة من المواطنين على
النزول."
وأوضح حسن ان "البعد الديني ايضا حاضر من خلال الدعاية الدينية من
الحرية والعدالة والنور والجماعة الاسلامية لا سيما ان هذه الانتخابات
تجري في محافظات يتمتعون فيها بميزة نسبية فالجيزة حاضر فيها التيار
السلفي بشدة وبني سويف بها ايضا الجماعة الاسلامية وللاخوان المسلمين
حضور في الشرقية والاسماعيلية."
وحزب الحرية والعدالة هو الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين
اما حزب النور فهو حزب سلفي. لكن الدكتور عمرو ربيع هاشم استاذ العلوم
السياسية قال ان "هناك تجاوزات كثيرة ونسبة جهل كبيرة واستغلال لمسألة
الغرامة."
واستطرد هاشم قائلا "لكن المصريين يبدون اهتماما كبيرا بالمشاركة في
العملية الانتخابية ورغم ان هناك حشدا على اساس ديني وايديولوجي فقد
قرر المصريون ان يحددوا مستقبلهم بانفسهم وهذا شيء ايجابي في نهاية
المطاف."
وقال حسن الباحث في علم الاجتماع السياسي ان زيادة الاقبال على
التصويت جاء ايضا نتيجة "فزع بعض القطاعات من نتائج المرحلة الاولى
واحساسها بالخطر والمسؤولية وضرورة التصويت في المرحلة الثانية لاحداث
توازن ما بين التيارات السياسية التي ستشكل البرلمان المقبل سواء كانت
اسلامية معتدلة او اسلامية متشددة او مدنية."
الهيمنة على الانتخابات المصرية
وما زال الجيش ممثلا في المجلس الاعلى للقوات المسلحة يتولى شؤون
البلاد منذ الاطاحة بمبارك الى حين انتخاب رئيس مدني في منتصف عام 2012
لكن البرلمان سيكون له تفويض شعبي وسيجد الجيش صعوبة في تجاهله بينما
يتولى الاشراف على المرحلة الانتقالية.
وحصلت أحزاب اسلامية على نحو ثلثي الاصوات في المرحلة الاولى من
الانتخابات. غير ان المعسكر الاسلامي ليس كتلة واحدة مما يعطي
الليبراليين كما يرى محللون فرصة لتوصيل أصواتهم في البرلمان الجديد.
وقال حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الاخوان المسلمين انه يتوقع
الاحتفاظ بالمركز الاول في المرحلة الثانية لكن لم يتضح بعد ان كان
نصيب الحزب من الاصوات سيظل في حدود الاربعين في المئة التي حصل عليها
في المرحلة الاولى.
وقبل الانتفاضة التي شهدتها مصر على مدار 18 يوما للاطاحة بمبارك
كان الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي يتزعمه مبارك يكتسح دائما
الانتخابات التي شابتها المخالفات.
وستكون المهمة الرئيسية للبرلمان اختيار جمعية تأسيسية مؤلفة من 100
فرد لصياغة الدستور الجديد الذي سيحدد سلطات الرئيس وصلاحيات البرلمان
في مصر ما بعد مبارك.
وأذكى المجلس العسكري الريبة في رغبته في التمسك بالسلطة حتى بعد
انتخاب رئيس جديد عندما اقترحت الحكومة السابقة التي كان يدعمها اضافة
بنود في الدستور الجديد تحمي الجيش من أي اشراف مدني.
وأشعلت هذه المسألة احتجاجات عنيفة استمرت اكثر من اسبوع في القاهرة
ومناطق أخرى في نوفمبر تشرين الثاني أسفرت عن سقوط 42 قتيلا. وسيحتاج
مرشحو الرئاسة في الانتخابات المقبلة في يونيو حزيران الحصول على
مساندة 30 عضوا في البرلمان بمجلسيه أو 30 ألف مواطن طبقا لمشروع قانون
أوردته وكالة أنباء الشرق الاوسط.
وذكرت الوكالة أن مشروع القانون يتيح كذلك لاي حزب حصل على مقعد
واحد على الاقل في البرلمان بمجلسيه ترشيح أي من أعضائه. وهذه القواعد
الجديدة لانتخابات الرئاسة المقررة في يونيو حزيران ستحل محل الشروط
القديمة التي فرضت خلال عهد مبارك والتي كانت في واقع الامر تستبعد أي
تحد فعلي لحكمه.
وتعهدت اللجنة العليا للانتخابات باتخاذ اجراءات مشددة ضد
الانتهاكات وتقول ان المخالفات ليست منتشرة لدرجة تقوض نتيجة
الانتخابات. ومن غير المتوقع الاعلان عن النتائج الرسمية قبل السبت أو
الاحد لكن الاحزاب ستتمكن من الكشف عن مؤشرات لادائها قبل ذلك لان
لديها مندوبين يتابعون عملية فرز الاصوات.
وحصل حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الاخوان المسلمين على أكبر
نسبة من الاصوات والتي بلغت نحو 37 في المئة في حين أن حزب النور
السلفي احتل المركز الثاني بحصوله على 24 في المئة من الاصوات.
كما حصلت الكتلة المصرية وحزب الوفد وهو حزب ليبرالي اخر معا على
نحو 20 في المئة من الاصوات في مقاعد القوائم الحزبية. وقال محمد سعد
الكتاتني أمين عام حزب الحرية والعدالة لرويترز قبل قليل من اغلاق
مراكز الاقتراع يوم الخميس "من الصعب تحديد اداء (حزب) الحرية والعدالة
بالضبط قبل الفرز لكن الشواهد تقول ونحن واثقون ان الحزب في المقدمة...
السؤال المهم هو كم هي النسبة في هذه الجولة."
وسعى الليبراليون لانعاش حملاتهم الانتخابية لاجتذاب المزيد من
الدعم رغم أن المحللين لا يتوقعون تغييرا كبيرا للاتجاه السائد في
التصويت في المرحلة الثانية التي بدت فيها نسبة الاقبال كبيرة أيضا.
وقالت كارين ماري محللة شؤون مصر في (ايكونوميست انتليجنس يونيت)
التي تتخذ من لندن مقرا "سيكون الناخبون الذين يدلون بأصواتهم في
المرحلة الثانية متأثرين بنتائج التصويت في المرحلة الاولى من
الانتخابات لكن النظام الذي تحقق في المرحلة الاولى لن يتغير."
لكنها قالت ان حزب النور السلفي يمكن أن يفقد قدرا من التأييد كما
أن نصيب الكتلة المصرية من الاصوات "من المرجح أن يزيد قليلا بينما
يسعى الناخبون للحد من نفوذ الاحزاب الاسلامية."
وتتوجس جماعة الاخوان من تشكيل ائتلاف حاكم اسلامي بالكامل يعتبره
مصريون اخرون منهم عشرة في المئة من المسيحيين مسببا للانقسام. لكن
الكثير من الناخبين في المناطق الريفية ليست لديهم تلك الاعتبارات
ويتطلعون لما يعتبرونه تجربة الحكم الاسلامي التي كانت من المفترض أن
تتحقق منذ زمن طويل وتضم الاحزاب المتماثلة.
وقال أحمد سيد وهو من مؤيدي حزب الحرية والعدالة "بالطبع يجب ان
يعمل الاسلاميون كحلفاء لان الاخوان والسلفيين واحد." وأضاف صديقه وهو
موظف استقبال في فندق واسمه محمود زكريا متحدثا من بلدة كفر جمعة على
بعد نحو 120 كيلومترا الى الجنوب من القاهرة "لم نجرب الاسلاميين قط في
الحكم.. لهذا فقد حان دورهم. حكم الله يجب أن ينفذ اولا."
وتجرى الانتخابات في كل مرحلة على مدى يومين. وجرت الانتخابات في
المرحلة الحالية يومي الاربعاء والخميس في أجزاء من القاهرة الكبرى لم
تشملها المرحلة الاولى بالاضافة الى الاسماعيلية والسويس الى الشرق من
العاصمة وأسوان وسوهاج جنوبا ومحافظات الدلتا شمالا.
أصوات الناخبين في الريف
في السياق ذاته يتنافس حزبان اسلاميان رئيسيان في الانتخابات
البرلمانية المصرية لكن بعض أنصارهم في المحافظات يقولون ان بينهما
الكثير من القواسم المشتركة وانه يتعين عليهما توحيد الصفوف من أجل
الوصول الى حكم اسلامي.
في مناطق الريف يتودد أنصار حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية
لجماعة الاخوان المسلمين المخضرمة وحزب النور السلفي الاكثر تشددا
الوافد الجديد على الساحة السياسية.. لكن النتائج غير مضمونة.
وبينما قد ينظر الزعماء الحزبيون بحذر لمنافسيهم يعزف الكثير من
الانصار عن توجيه النقد لغيرهم من الاسلاميين برغم التنافس في أول
انتخابات برلمانية تشهدها مصر منذ الاطاحة بحكم الرئيس السابق حسني
مبارك.
وقال كثيرون في مدينة بني سويف عاصمة المحافظة التي تحمل نفس الاسم
وفي مناطق الريف بالمحافظة ان الخلافات بين الاخوان الذين يقتربون من
تولى الحكم بعد 80 عاما من الصراع وحزب النور السلفي الذي تشكل بعد
شهور من سقوط مبارك سطحية أو لا وجود لها.
ويمكن أن يشكل الحزبان أغلبية في البرلمان القادم اذا ما تكررت
نتائج المرحلة الاولى للانتخابات كما هو متوقع في المرحلتين الثانية
والثالثة. وتختتم المرحلة الثانية من التصويت في بني سويف وثماني
محافظات أخرى مساء يوم الخميس.
واذا وحد الاسلاميون صفوفهم فسيكون ذلك عاملا مهما في تحديد شكل
الحكومة المصرية الجديدة وسياساتها. لكن لا يمكن ضمان ذلك. وتخشى قيادة
الاخوان المسلمين صاحبة أكبر عدد من المقاعاد البرلمانية حتى الان من
تشكيل ائتلاف اسلامي بالكامل قد تعتبره الاتجاهات السياسية الاخرى
مثيرا للانقسام والاستقطاب في فترة يرون فيها حاجة لبناء توافق وطني
واسع.
لكن على أرض الواقع في الريف لا يعر كثير من الناخبين اهتماما لمثل
هذه الامور. ويتطلعون الى ما يعتبرونه تجربة محل ترحيب طال انتظارها
لحكومة اسلامية تضم أحزابا من نفس الاتجاه.
وقال أحمد سيد وهو من أنصار حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية
للاخوان "بالطبع يجب أن يتحالف الاسلاميون لان الاخوان والسلفيين (المحافظين
مثل حزب النور) متشابهون." وأضاف مرافقه محمود زكريا الذي يعمل موظف
استقبال في فندق متحدثا في كفر جمعة على بعد نحو 120 كيلومترا جنوبي
القاهرة "لم نجرب الاسلاميين في الحكم من قبل لذا حان دورهم.. يجب ان
يأتي شرع الله أولا."
وقال عصام محمد المزارع في قرية الميمون في محافظة بني سويف انه صوت
لقائمة الحرية والعدالة ولمرشحيين فرديين من حزب النور. وأضاف "لا أرى
تعارضا بينهم على الاطلاق...انهم أناس ممتازون ومحترمون جدا لهم نفس
الاهداف."
وفي بني سويف قال عبد المنعم حبيش الموظف بالمعاش وأحد أنصار حزب
النور أن تشكيل ائتلاف اسلامي سيكون في مصلحة مصر. وألقى باللوم على
العلمانيين ووسائل الاعلام في التشكيك في امكانية عمل الحزبين معا.
وأردف "سيطبق حزب النور الشريعة ويقوم بأشياء جيدة. ولحزب الحرية
والعدالة نفس الاجندة. كان يحارب ضد الفساد والالحاد والخنوع للاجانب
منذ عام 1928 الان ان أوانه."
وقد تجد قيادة الاخوان صعوبة في مقاومة تأييد شعبي لتحالف يضم
السلفيين حتى ان كانوا يفضلون في الاساس حلفاء أقرب الى تيار الوسط
السياسي.
من جانب اخر من المرجح أن يشعر أعضاء حزب النور بالاستياء من
استبعادهم من الحكومة لصالح مجموعات أصغر مثل الليبراليين واليساريين
ويرون انهم لا يمثلون الناخبين المتدينين في العموم.
وبالرغم من انتشار تعبيرات التضامن بين أنصار الفصيلين الاسلاميين
قال الناخبون انهم يعلمون ان هناك اختلافا في وجهات النظر بين الاخوان
وحزب النور. ويقول أبو الوليد الورداني الذي يعمل طاهيا في القاهرة
وحضر لبني سويف لمساعدة حزب النور في الانتخابات "أعضاء حزب النور
قريبون من المجتمع. والاخوان قريبون من أمور الاقتصاد والسياسة. لكن
المجتمع هو الذي يصوت. لذا فوجيء الجميع بعدد الاصوات التي فزنا بها في
الجولة الاولى." وتابع "لكن في النهاية جميعنا مسلمون. انه التدخل من
وسائل الاعلام والليبراليين الذين يحاولون منعنا من توحيد صفوفنا."
وقال المهندس نصر خضير أحد أنصار الاخوان المسلمين في بلدة طنسا ان
أعضاء الجماعة سلفيون أيضا في معتقداتهم لكنهم لا يشاركون السلفيين
اهتمامهم بالمظهر الخارجي مثل الملبس وطول اللحى. وتابع قائلا "كما ان
الاخوان يؤمنون بالتدرج وانه لا يمكن اجبار الناس على تغيير سلوكهم وان
ذلك يجب ان يكون بالاقناع والرضا." وأضاف لكن حتى بعد أقل من عام من
العمل السياسي العلني يطور السلفيون مواقف مماثلة.
وحزب النور هو الذراع السياسية لحركة الدعوة السلفية التي كانت تعمل
في مصر في عهد مبارك وان اقتصرت انشطتها على الدعوة والاعمال الخيرية.
وبعد سقوط مبارك بنت على نفس الشبكات الاجتماعية لتؤسس حزبها السياسي.
المرحلة الثانية
وبدأت الاربعاء الماضي المرحلة الثانية من انتخابات مجلس الشعب
المصري التي تعد الخطوة الاولى لنقل السلطة للمدنيين من المجلس الاعلى
للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ الاطاحة بالرئيس حسني مبارك
في انتفاضة شعبية في فبراير شباط.
وقال شهود عيان ان لجان انتخاب فتحت أبوابها في المحافظات التي تجرى
فيها الانتخابات وهي الجيزة وبني سويف والمنوفية والشرقية والاسماعيلية
والسويس والبحيرة وسوهاج وأسوان في الساعة الثامنة صباحا (0600 بتوقيت
جرينتش) لكن بعض اللجان فتحت أبوابها متأخرة.
وأضافوا أن الاقتراع تأخر في لجان ما بين 15 و30 دقيقة بسبب وصول
قضاة يشرفون على الاقتراع أو مندوبي مرشحين متأخرين.
وفي المرحلة الاولى من الانتخابات التي بدأت يوم 28 نوفمبر تشرين
الثاني الماضي تقدم حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخون
المسلمين وحزب النور وهو حزب سلفي والكتلة المصرية التي تضم ليبراليين
ويساريين على عشرات الاحزاب.
ويسعى الاسلاميون لتعزيز المكاسب التي حققوها في المرحلة الاولى.
وقالت صحف محلية ان نحو 18.7 مليون ناخب يحق لهم الاقتراع في المرحلة
الحالية. وقالت صحيفة الاهرام ان المنافسة دائرة في هذه المرحلة على
180 مقعدا في مجلس الشعب الذي يتكون من 508 أعضاء بينهم عشرة معينين.
وأضافت أن نحو 33 حزبا تخوض الانتخابات. كما يخوضها مئات المرشحين
المستقلين.
وتجرى انتخابات مجلس الشعب على ثلاث مراحل تنتهي في الحادي عشر من
يناير كانون الثاني. ويدلي الناخبون بأصواتهم لقائمة حزبية واثنين من
المرشحين الفرديين في كل دائرة. ويجري انتخاب ثلث أعضاء المجلس
بالمنافسة الفردية والثلثين بنظام القوائم. وهذه هي أول انتخابات حرة
تشهدها مصر منذ نحو 60 عاما.
وقال مندوب من رويترز في مدينة السويس شرقي القاهرة ان ضابط جيش
أزال لافتات دعاية أمام لجان انتخاب في المدينة. وأضاف أن الضابط قال
انه يزيلها "لانها تخالف القانون."
وقال مندوب من وكالة رويترز في مدينة شبين الكوم شمالي القاهرة ان
الاقبال يبدو أقل مما كان عليه في المرحلة الاولى التي شملت القاهرة
وثماني محافظات أخرى. وأضاف أن ضابط جيش أبعد رجلا عن لجنة المدرسة
الثانوية بنات في المدينة لمنعه فيما يبدو من توجيه ناخبين بعد شكاوى
من مخالفات لقواعد الدعاية الانتخابية شابت المرحلة الاولى.
لكن شاهدة عيان قالت ان مؤيدي مرشح استعملوا مكبرات صوت للدعاية له
في مدينة الابراهيمية بمحافظة الشرقية شمال شرقي القاهرة.
وأمام لجنة انتخاب في ضاحية بولاق الدكرور بمدينة الجيزة المجاورة
للقاهرة قال حلمي محمود الذي يبلغ من العمر 76 عاما "أنا هنا من الساعة
السابعة صباحا. أدليت بصوتي لاتجنب الغرامة. لولا الغرامة ما كنت خرجت
من البيت لاني لا أعرف المرشحين وانتخبت أي مرشحين."
وهناك غرامة مقررة قانونا على من يتخلف عن الادلاء بصوته قيمتها 500
جنيه (83.1 دولار).
لكن اسماعيل داودي (70 عاما) قال أمام نفس اللجنة "هذا حقنا الذي
كان ضائعا بسبب النظام الفاسد. الان هناك أمل أن تتحسن الاوضاع."
وتعترف الحكومة بأن اقتصاد البلاد يترنح بعد نحو عام من الاضرابات
والاعتصامات وانخفاض عدد السائحين وقيام مستثمرين بالانسحاب من السوق.
وبعد انتخابات مجلس الشعب ستجرى انتخابات مجلس الشورى لتنتهي في مارس
اذار.
وخلال حملة الدعاية للمرحلة الاولى وقعت اشتباكات بين الشرطة
ومحتجين على استمرار الادارة العسكرية لشؤون البلاد في القاهرة ومدن
أخرى أسفرت عن سقوط 42 قتيلا على الاقل. لكن انتخابات المرحلة الاولى
جرت في أجواء في الاغلب هادئة.
اشتباكات بالرصاص والايدي
من جانب آخر قال شهود عيان إن اشتباكات بالرصاص والايدي وقعت في
بداية المرحلة الثانية من انتخابات مجلس الشعب المصري وأسفرت عن سقوط
مصابين. وقال الناشط أحمد عاشور الذي ينسق أعمال لجان شعبية منذ
الانتفاضة التي أسقطت الرئيس حسني مبارك في فبراير شباط ان مؤيدي
مرشحين متنافسين اشتبكوا بالرصاص في مدينتي الصف والعياط بمحافظة
الجيزة التي تجاور القاهرة من الغرب والجنوب. وأضاف أن اشتباكات
بالايدي سبقت تبادل اطلاق النار وأن ما يصل الى 15 شخصا أصيبوا. وتابع
أن القضاة المشرفين على الانتخابات أوقفوا الاقتراع في عدد من لجان
الانتخاب لحوالي ثلاث ساعات. وتابع أن قوات من الجيش تدخلت في محاولة
لوقف الاشتباكات.
وخلال حملة الدعاية للمرحلة الاولى التي أجريت منذ نحو أسبوعين وقعت
اشتباكات بين الشرطة ومحتجين على استمرار الادارة العسكرية لشؤون
البلاد في القاهرة ومدن أخرى أسفرت عن سقوط 42 قتيلا على الاقل. لكن
انتخابات المرحلة الاولى جرت في أجواء هادئة في الاغلب.
وقال الشهود ان اشتباكات بالايدي وقعت بين مؤيدي جماعة الاخوان
المسلمين وحزب النور السلفي في لجنة بمحافظة المنوفية في دلتا النيل.
وقال شاهد ان الاشتباكات بدأت بعد محاولة مؤيدين لحزب الحرية والعدالة
الذراع السياسية لجماعة الاخوان اثناء مؤيدين لحزب النور عن الدعاية
خارج اللجنة. وأضاف أن الاخوان تذمروا لقيام مؤيدي حزب النور بنقل
ناخبين في حافلات الى لجان الانتخاب.
وقالت شاهدة ان اشتباكات مماثلة دارت بين مؤيدي مرشحين مستقلين
يتنافسان على مقعد فردي في الدائرة الثالثة بمحافظة المنوفية وان قوات
الجيش جمعت أوراق الدعاية الخاصة بالمرشحين وأحرقتها خارج لجنة مدرسة
المؤسسة الابتدائية.
وفي المرحلة الاولى من الانتخابات التي بدأت يوم 28 نوفمبر تشرين
الثاني الماضي تقدم حزب الحرية والعدالة وحزب النور والكتلة المصرية
التي تضم ليبراليين ويساريين على بقية الاحزاب المتنافسة.
وقال شهود ان بعض سكان قرية شمبارة الميمونة القريبة من مدينة
الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية قطعوا الطريق المؤدي الى القرية كما
تجنب ناخبون لجان الانتخاب فيها احتجاجا على تعرض القرية لهجمات بلطجية
يقولون انهم يأتون من قرية قريبة.
وقال حامد حافظ وهو طبيب ان بعض سكان القرية حاولوا ليل الثلاثاء
اشعال النار أمام لجان الانتخاب احتجاجا على حالة الانفلات الامني. ومن
ناحية أخرى قالت شاهدة ان المشرفين على الانتخابات في لجنة المدرسة
الثانوية الزراعية بمدينة الزقازيق تعدوا بالضرب على طاقم قناة أون تي
في التلفزيونية المصرية وطردوهم خارج اللجنة. وأضافت أن أفراد الطاقم
وعددهم أربعة كانوا يصورون سير العملية الانتخابية.
وقال شهود في محافظة بني سويف ان حادث قتل لا صلة له بالانتخابات
وقع في قرية منشأة عمرو تسبب في وقف الاقتراع لنحو الساعة.
قضاة يبلغون بتعرضهم للضرب والسب
من جهته قال رئيس نادي القضاة بمصر المستشار أحمد الزند إن قضاة
يشرفون على انتخابات مجلس الشعب المصري أبلغوا غرفة عمليات في النادي
بتعرضهم للضرب والسب بعد انتهاء الجولة الاولى من المرحلة الثانية من
الانتخابات.
ونقلت صحيفة الاهرام في موقع لها على الانترنت عن الزند قوله "غرفة
عمليات النادي تلقت 34 بلاغا في مدة لا تتعدى 90 دقيقة بعد اغلاق باب
التصويت." وأضاف أن البلاغات "تتنوع بين احتجاز قضاة واقتحام اللجان
ومنع وصول الصناديق وكأن القيامة قد قامت أو أن هناك من يريد أن يحول
الفرح (الانتخابي) الى مأتم."
وقال الموقع ان الزند شدد في تصريحات للصحفيين على أن "الصورة سوداء
بعد اغلاق باب التصويت." ونقل قوله "للاسف تم الاعتداء على قضاة بصواعق
كهربائية من ضباط التأمين الذين هم مفترض أن يحموا القضاة ثم وقعت
اعتداءات من الجماهير على القضاة."
وقال شهود عيان ان اشتباكات بالرصاص والايدي وقعت يوم الخميس وان
انتهاك قواعد الدعاية الانتخابية استمر. ونقل موقع بوابة الاهرام قول
الزند ان "بعض القضاة يشرعون في تقديم استقالاتهم من القضاء نتيجة ما
تعرضوا له من اساءات ومهانة.... اننا في كارثة.
وقال شهود ان تعديات بالسب والضرب وقعت يوم الخميس على قضاة في لجان
انتخاب بقرية الصيادين القريبة من مدينة الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية.
وأرجع الزند في تصريحات لرويترز ما تعرض له القضاة الى رفض اقتراح له
بفرز الاصوات في لجان الانتخاب بدلا من نقل صناديق الاقتراع الى لجنة
مركزية يكثر فيها المرشحون ومندوبوهم ووكلاؤهم ويمكن أن تتعرض لاقتحام
من جانب ناخبين. وقال "قلت ان الفرز في اللجان العامة سيؤدي الى كارثة."
وخلال حملة الدعاية للمرحلة الاولى التي أجريت منذ أكثر أسبوعين
وقعت اشتباكات بين الشرطة ومحتجين على استمرار الادارة العسكرية لشؤون
البلاد في القاهرة ومدن أخرى أسفرت عن سقوط أكثر من 40 قتيلا. بحسب
رويترز.
التغيير والاصلاح والخوف من الغرامة
فيما قال مصريون أدلوا بأصواتهم في بداية المرحلة الثانية من
انتخابات مجلس الشعب ان التغيير الذي شهدته البلاد والاصلاح الذي
يطمحون اليه بعد سقوط الرئيس حسني مبارك في فبراير شباط هما الدافعان
الرئيسيان لمشاركتهم. لكن ناخبين قالوا ان الخوف من غرامة قدرها 500
جنيه (83.1 دولار) للمتخلف عن الادلاء بصوته دفعهم للتوجه الى صناديق
الانتخاب.
وانتخابات مجلس الشعب التي تجرى على ثلاث مراحل ستنتهي في الحادي
عشر من يناير كانون الثاني وهي الاولى بعد سقوط مبارك في انتفاضة شعبية
استمرت 18 يوما كما أنها الانتخابات الحرة الاولى في مصر منذ نحو 60
عاما.
وفي المرحلة الاولى من الانتخابات التي بدأت يوم 28 نوفمبر تشرين
الثاني الماضي تقدم حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة
الاخوان المسلمين وحزب النور وهو حزب سلفي والكتلة المصرية التي تضم
ليبراليين ويساريين على بقية الاحزاب المتنافسة.
وبعد ادلائه بصوته في لجنة بمدينة الجيزة الى الغرب من القاهرة قال
محمد العربي الذي يبلغ من العمر 64 عاما "أنا من الناس التي ظلمت في
هذا البلد. خدمت في الجيش سبع سنين من 1967 الى 1973 وعمري ما شعرت أن
لي صوتا." وأضاف "اليوم جئت أدلي بصوتي من أجل أن ينصلح البلد وأن تكون
الاحوال أفضل."
ومنذ اسقاط مبارك يتراجع اقتصاد مصر لنقص عدد السائحين وانسحاب
مستثمرين من السوق وبسبب انفلات أمني واعتصامات واضرابات وكذلك
احتجاجات سقط خلالها عشرات القتلى وألوف المصابين.
وقالت سعاد عبد الوهاب (48 عاما) وهي ربة منزل "جئت لانتخب حزب
الحرية والعدالة كما قالت لي ابنتي. ربما يصبح البلد أفضل حالا. لكن
لولا الغرامة كان حل بي الكسل وبقيت في البيت."
وفي مدينة الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية الى الشمال الشرقي من
القاهرة قالت صفية السيد محمد التي تبلغ من العمر 80 عاما "قالوا لي ان
الغرامة ستخصم من المعاش (أجر التقاعد) اذا لم أذهب للانتخاب."
لكن أشرف ابراهيم (40 عاما) وهو مهندس يعمل بالمقاولات قال "هدفي
اصلاح البلد أيا كان المرشح.. اخواني.. سلفي.. علماني.. مسيحي. ما
جعلني أدلي بصوتي أن الوضع اختلف بعد الثورة." وفي مدينة شبين الكوم
شمالي القاهرة قالت ريهام مرسي (24 عاما) وهي لا تعمل "أشعر بأن صوتي
مهم. ممكن أن ينجح مرشح جيد يتسبب في ايجاد فرص عمل." |