من الغطرسة والتعالي ان تتوقع الأنظمة الحاكمة انها في حصن ضد رياح
الاصلاح والتغيير (الثورة في ظل الربيع العربي) بدون تقديم تنازلات
كبيرة للمواطنين، واعطائهم كافة حقوقهم، ومن السذاجة كذلك ان يتم تصنيف
المطالبة بالحقوق الوطنية بالجريمة، وان من يسعى للاصلاح الوطني، ورفع
التمييز، واعطاء كل مواطن حقه، والعمل على خدمة المواطنين ورقي الوطن..
بالمجرم الخائن للوطن، بينما يتم تكريم المسؤولين عن انتشار الفساد،
واستغلال المناصب، وسرقة خيرات الأوطان، والاعتداء على حقوق وكرامة
الانسان!!.
ان حرمان المواطنين من حقوقهم الوطنية التي تضمنها الشريعة
والقوانين الوضعية والمعاهدات الدولية، كالعدالة والمساواة والحرية (الراي
والتعبير والتعبد)، والشراكة الحقيقة في بناء الأوطان، والتوزيع العادل
للثروة، وضمان الحياة الكريمة واحترام حقوق الانسان...، مقابل انتشار
الفساد في جميع الادارات واركان النظام، واستغلال السلطة لتحقيق مآرب
شخصية - ليتم تحويل الأوطان ومواطنيها إلى ملك خاص للعائلات الحاكمة-،
واعتبار اي حراك ومطالبة بالحقوق الوطنية جريمة عظمى ضد الوطن، وتصنيف
اي ناشط وطني يطالب بالحقوق او ينتقد الاساليب الخاطئة في النظام بانه
عدو وخائن وعميل للخارج يجب التشهير به وبأهله وقبيلته ومنطقته وعقيدته،
والتعامل معه بأسلوب امني وبعنف مفرط من قبل الجلاوزة -اعتقال وتعذيب
وسجن...
بالاضافة إلى تحريك الأنظمة ومؤسساتها ومنها الاعلامية المتنوعة في
التسويق لافكارها وسياستها، وهي سياسة فرق تسد واثارة الفتن والطائفية
بين المواطنين!!.
في الحقيقة ان تلك الاعمال هي من اهم اسباب الغضب الشعبي وزيادة
الاحتقان والتحدي، واندلاع المظاهرات والثورات التي ادت لغاية الان إلى
سقوط انظمة..؛ والبقية تأتي، وكذلك مبادرة بعض الانظمة للنزول عند رغبة
الشعب عبر اعطائه حقوقه الوطني.
ولا شك ان هناك من يريد استغلال الغضب الشعبي لتحقيق مآربه كالغرب
واعداء الوطن والمواطنين، وهناك انظمة غير وطنية تحاول ان تشوه اي حراك
وطني والغضب الشعبي وربطه بالخارج، واعتبار مطالبة الشعب لحقوقه
الوطنية جريمة.
بينما في الحقيقة ان الشعب المطالب بحقوقه وبالاصلاح والكرامة
ومحاربة الفقر والفساد بطريقة سلمية، هو القوة الحقيقية لبناء الوطن
الحضاري.
وللحديث تتمة..
ali_writer88@yahoo.com
|