السودان في انتظار الثورة!

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: على الرغم من الانفصال السلمي نسبيا لجنوب السودان في وقت سابق من هذا العام، إلا أن القضايا العالقة بين البلدين لا تزال تُطهى على نار هادئة، بل تغلي في بعض الحالات.

فقد يشهد السودان الثورة العربية التالية بسبب اشتداد مشاعر الغضب والاستياء من الأزمة الاقتصادية والقمع الحكومي للشعب، وقد أدت تلك ألازمات الى احتجاجات صغيرة في العاصمة الخرطوم وشرق البلاد، احتجاجا على الزيادات الحادة في أسعار الغذاء، وكما يقول متظاهرون كثيرون أنهم يستلهمون ثورات الربيع العربي في مصر وتونس، لكن سرعان ما كانت القوات الأمنية تقوم بتفريقهم.

حيث يواجه السودان أزمة اقتصادية طاحنة منذ حصل الجنوب على معظم إنتاج البلاد من النفط منذ استقلاله، ويمثل النفط عصب الحياة الاقتصادي في شمال السودان وجنوب السودان.

فيما أصبح شرق السودان بركان على وشك الانفجار لان الغضب هناك يتصاعد بسبب تراجع التنمية الاقتصادية وانتشار الأسلحة، في حين تقاتل الحكومة السودانية متمردين مسلحين في منطقة دارفور بغرب البلاد، علاوة على ولايتين حدوديتين في الجنوب ويشكون جميعا من التهميش الاقتصادي والسياسي بالبلاد، ويمثل الشرق أهمية كبيرة للاقتصاد السوداني الذي تحركه عائدات النفط، لان الميناء التجاري الوحيد علاوة على خط أنابيب يمتد لعدة كيلومترات جميعها تقع فيه، وبالتالي أصبحت السودان في الوقت الحاضر منطقة تعج بالعنف والفوضى والأزمات تطول الشمال والجنوب والشرق.

الثورة العربية التالية

من جهته قال فاروق ابو عيسى رئيس الهيئة العامة لتحالف قوى الاجماع الوطني التي ينضوي تحت لوائها احزاب المعارضة الرئيسية في السودان النظام مصيره الفشل ... واتفقنا نحن المعارضة على انه لا سبيل الى إصلاحه، وقد شهد السودان سلسلة من الاحتجاجات الصغيرة في العاصمة الخرطوم وشرق البلاد احتجاجا على الزيادات الحادة في أسعار الغذاء، ويقول متظاهرون كثيرون أنهم يستلهمون ثورات "الربيع العربي" في مصر وتونس لكن سرعان ما كانت القوات الأمنية تقوم بتفريقهم، ويكافح الرئيس عمر حسن البشير ازمات اقتصادية طاحنة منذ استأثر جنوب السودان بمعظم إنتاج النفط وهو شريان الاقتصاد حينما انفصل كدولة مستقلة في يوليو تموز عملا باتفاق ابرم عام 2005، وتفاقمت الأزمات بسبب المعارك مع المتمردين في ولايات جنوبية ومنطقة دارفور الغربية الامر الذي شكل ضغطا على الموارد في وقت يتعين فيه على الدولة خفض الإنفاق، وكان أبو عيسى ذهب الى المنفى في القاهرة بعد استيلاء البشير على السلطة في عام 1989 واصبح احد شخصيات المعارضة البارزين منذ عودته، واحتجز فترة قصيرة الشهر الماضي بعد ما قال مسؤولون انه محاولته تنظيم احتجاجات بمساعدة جهة اجنبية وهو اتهام ينفيه، وقال ابو عيسي في مقابلة ان الحزب الحاكم يقول ان السودان لا يتأثر بالربيع العربي، وأضاف قوله كيف يمكن أن يكون السودان استثناء.. السودان مرشح أقوى مما كان عليه الحال في مصر وتونس، وأضاف قوله أن حجم الفساد اكبر كثيرا مما كان في البلدان التي شهدت ثورة سواء كانت تونس او مصر. وقال ان عددا صغيرا من الناس يستفيدون من ميزانية كبيرة، وقال فيما يتعلق بالقمع وغياب الاحترام لحقوق الانسان والقيود على الحقوق السياسية الاخرى فان الوضع في السودان أسوأ. ففي مصر كانت هناك بعض الحقوق ... وهنا لا سيادة للقانون، وهنا يتبع القضاة الحزب الحاكم مئة في المائة، وأضاف ابو عيسى قوله ان المعارضة اضعفتها هيمنة حزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه البشير لكنها تعكف على وضع إستراتيجية جديدة لحشد التأييد، وقال أحزاب المعارضة ضعيفة لأنها حرمت من التمويل ومن القيام بدور في العشرين عاما الماضية فقد احتكر الحزب الحاكم السلطة، ويعتزم تحالف المعارضة الذي يضم الزعيم الاسلامي حسن الترابي عقد مؤتمر لوضع برنامج حكم بديل ودستور، وقال ابو عيسى انا متفائل جدا والنظام لا يمكن ان يستمر هكذا طويلا، ومن المتوقع ان يكشف البشير النقاب عن حكومة جديدة قريبا لادخال وجود جديدة اليها بعد ان خرج منها وزراء جنوبيون مع استقلال جوبا، ويقول مسؤولون حكوميون ان الانتفاضات في مصر وتونس لن تتكرر في السودان وان البلاد سيكون بمقدورها التغلب على اثار فقدان عائدات النفط بتوسيع صادرات الذهب وتطوير قطاع الزراعة، وقال نائب رئيس البرلمان هجو قسم السيد لصحيفة الصحافة يوم الاثنين "السودان مختلف عن ليبيا او سوريا او اليمن. بحسب رويترز.

 وحينما سئل هل يستطيع السودان التعامل مع "ثورة عربية" فرد بقوله "لقد وضعنا الحلول ... والسياسات لمواجهتها، وقال أبو عيسى -وهو محام- ان سنوات الرواج بفضل عائدات النفط الهائلة قد تبددت بسبب الكساد وغياب التخطيط، واضاف قوله "لقد كسبنا 70 مليار دولار من النفط ولكن أين ذهبت الاموال. واستشهد بمثال على ذلك بشرق السودان الذي يعاني من نقص التنمية ويطالب فيه الطلاب بمزيد من التنمية لمكافحة الفقر، وقال لا توجد تنمية هناك ولا مشروعات للمدارس والمستشفيات والبنية التحتية.

جنوب السودان

في مقابل قال جنوب السودان انه سيقدم لشمال السودان عدوه السابق في الحرب الاهلية النفط بأسعار مخفضة والمساعدة المالية اذا تخلت الخرطوم عن مطالبتها بمنطقة أبيي الحدودية المتنازع عليها، لكن الجانبين ما زالا في حاجة لتسوية عدة خلافات مثل اقتسام عائدات النفط الذي يعد شريان الحياة لاقتصاديهما، وأصبحت دولة جنوب السودان التي ليست لها منافذ على البحر تسيطر على ثلثي انتاج النفط السوداني اي حوالي 500 الف برميل يوميا لكنها تحتاج الى الشمال لاستخدام منشاته للتصدير، ولم تدفع جوبا اي مبالغ حتى الان منذ ان اخفق الجانبان في التوصل الى اتفاق بشأن الرسوم، وأدى فقدان الشمال لعائدات النفط الى اضطراب اقتصاده مع ارتفاع نسبة التضخم بالبلاد، وقال كبير مفاوضي جوبا باقان اموم ان جنوب السودان يعرض الان على الخرطوم بيعها النفط بسعر مخفض ومبلغا لم يكشف عنه من الاموال بالإضافة الى الاعفاء من جميع المتأخرات من حصة النفط التي يطالب بها الجنوب عن فترة ما قبل الاستقلال، وأضاف هذه حزمة مقابل ان تضمن حكومة السودان سلامة اراضي جنوب السودان بالموافقة على نقل أبيي الى الجنوب والتخلي ايضا عن اي مطالب بشأن مناطق على حدود جنوب السودان يطالبون بها، وستدفع جوبا أيضا رسم عبور لاستخدام منشات الشمال النفطية بمجرد ان يتوصل الجانبان الى اتفاق، وانهارت المحادثات الثنائية في اغسطس اب بعد ان طالب الشمال بمبلغ 32 دولارا عن البرميل الواحد وهو ما رفضته جوبا، وقال اموم حتى الان الجنوب يبيع نفطه بدون رسم عبور. امل ان نتوصل الى اتفاق قريبا لكن الامر كله يتوقف على الارادة السياسية خاصة في الخرطوم. يبدو ان الخرطوم تشعر بالمرارة، ولم يصدر اي رد فعل فوري من حكومة الخرطوم، وارتفعت معدلات التضخم في شمال السودان منذ استقلال الجنوب حيث اصبحت الواردات اكثر غلاء بسبب نقص عائدات النفط مما تسبب في اندلاع احتجاجات صغيرة مناهضة للحكومة، ويفتقر جنوب السودان للتطور لكن ارتفاع دخل الفرد يزيد عن مثيله في بعض جيرانه الافارقة بسبب ارتفاع اسعار النفط، وابرم جنوب السودان تعاقدات لبيع النفط بقيمة 2.14 مليار دولار منذ الاستقلال. بحسب رويترز.

 ويطالب شمال وجنوب السودان بمنطقة أبيي وهي منطقة حدودية تحتوي على اراض خصبة للرعي استولت عليها الخرطوم في مايو ايار بعد هجوم جنوبي على قافلة للجيش، وتشرف قوات حفظ سلام اثيوبية تابعة للامم المتحدة على وقف اطلاق النار منذ يوليو تموز. وكان من المقرر ان تجري منطقة أبيي استفتاء مثل جنوب السودان لكن هذه الخطوة لم تتم بسبب خلاف بين الجانبين على التعداد السكاني ويتعين على السودان وجنوب السودان ايضا التوصل الى حل للحدود المشتركة المضطربة وغير المرسومة جيدا، ويقاتل الجيش السوداني متمردين في ولاية جنوب كردفان الشمالية وولاية النيل الازرق، وتتهم الخرطوم جوبا بدعم المتمردين والتي تنفي الاتهامات.

أزمة التضخم

من جهة أخرى قال الصادق المهدي رئيس الوزراء السوداني الأسبق ان السودان يمر بأزمة اقتصادية تقترن بمعدل تضخم كارثي تهدد بتفجير احتجاجات ضد الرئيس عمر حسن البشير وقد تؤدي الى اضطرابات مماثلة لما يحدث في سوريا، وقال المهدي زعيم حزب الأمة أكبر حزب معارض في البلاد ان الوضع أسوأ مما كان في عام 1985 عندما أطاحت احتجاجات على أسعار السلع الغذائية بالرئيس جعفر نميري، وتوجد مخاطر نشوب حرب بالوكالة بين الشمال والجنوب، الجنوب يؤيد معارضين في الشمال والشمال يؤيد معارضين في الجنوب، وتابع قوله "الشرق قد يشتعل مشيرا الى الاحتجاجات هناك، ويقول مسؤولون سودانيون ان هذا البلد مختلف عن سوريا ومصر والدول العربية الاخرى التي شهدت احتجاجات حاشدة وقادر على التغلب على خسارة ايرادات النفط من خلال التوسع في صادرات المعادن والقطاع الزراعين . بحسب رويترز.

وفي الاسبوع الماضي قدم البشير حكومة ائتلافية جديدة ضمت 14 حزبا معارضا أغلبها صغير على الرغم من احتفاظ حزب المؤتمر الوطني الذي ينتمي اليه بالوزارات الرئيسية، وقال البشير انهم انتظروا طويلا قبل اعلان الحكومة لاتاحة الوقت للتشاور معتبرا أن الحكومة الحالية تمثل معظم القوى السياسية، وعين البشير عبد الرحمن الصادق المهدي نجل المهدي مساعدا للرئيس، وقال المهدي ان حزب الامة قرر عدم الانضمام الى الحكومة بعد محادثات مع حزب المؤتمر الوطني لانه لا يوجد تغيير للسياسة في الافق. وقال قررنا عدم المشاركة في شيء مصيره الفشل، وتريد المعارضة الان تطوير ميثاق بشأن كيفية التغلب على الازمة واقناع البشير بمساعدة من المجتمع الدولي بالاستقالة لتجنب اراقة الدماء في حالة حدوث احتجاجات حاشدة، وقال المهدي نستخدم الميثاق لحشد الدعم من أجل نظام جديد وتغيير يحدث بسلاسة لا بالعنف.

شرق السودان

فيما نقلت وكالة تابعة للامم المتحدة عن مسؤول بالمنظمة الدولية قوله في تقرير أن شرق السودان بركان على وشك الانفجار لان الغضب هناك يتصاعد بسبب تراجع التنمية الاقتصادية وانتشار الاسلحة، وتقاتل الحكومة السودانية متمردين مسلحين في منطقة دارفور في غرب البلاد علاوة على ولايتين حدوديتين في الجنوب ويشكون جميعا من التهميش الاقتصادي والسياسي بالبلاد، ويمثل الشرق أهمية كبيرة للاقتصاد السوداني الذي تحركه عائدات النفط لان به الميناء التجاري الوحيد علاوة على خط أنابيب يمتد لعدة كيلومترات، ووقعت الجبهة الشرقية وهي حركة تنتمي لشرق السودان اتفاقا للسلام مع الخرطوم عام 2006 أنهى تمردا لكن الشكاوى من الاهمال مازالت مستمرة، واندلع احتجاج محدود مناهض للحكومة في مدينة كسلا قرب الحدود الاريترية في الاشهر القليلة الماضية، وقال مسؤول يعمل ببرنامج الامم المتحدة الانمائي في كسلا وفقا لتقرير نشرته شبكة الانباء الانسانية على موقعها على الانترنت ان الشرق "بركان على وشك الانفجار، وشبكة الانباء الانسانية وكالة اعلامية تابعة لمكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية لكن تقاريرها لا تعكس بالضرورة السياسة الرسمية للمنظمة الدولية، ونقل التقرير عن المسؤول بالبرنامج قوله ان مقاتلين من قبائل البيجا يتجمعون في جبل حامد على الجانب الاريتري من الحدود مع شرق السودان، ونقل التقرير عن المسؤول ببرنامج الامم المتحدة الانمائي قوله "تحدثت مصادر غير رسمية بالفعل عن أنهم نظموا هجمات في الاراضي السودانية منذ ثلاثة اشهر، وعن الزعيم القبلي محمد علي ادم قوله ان كثيرين من قبيلته يعتقدون أن الوضع لم يتحسن بالنسبة لهم حتى بعد خمس سنوات من الحرب مشيرا الى أنه لم تتوفر لهم بعد مرافق مثل المدارس التي وعدتهم الحكومة بانشائها. بحسب رويترز.

ورفض المسؤول بوزارة الاعلام ربيع عبد العاطي التقرير بوصفه غير دقيق قائلا انه جاري تنفيذ برنامج إنمائي كبير في الشرق، وأضاف أن معظم البرنامج يتمثل في مساعدات مالية وأن زعماء من الشرق يشاركون في الحكومة الجديدة، ويصعب التحقق من الإحداث في شرق السودان لان الصحفيين والدبلوماسيين يحتاجون الى استخراج تصاريح لزيارته.

مجاعة اقليم الشرق

بينما حذر حزب مؤتمر البجا من مجاعة في اقليم شرق السودان المكون من ثلاث ولايات هي البحر الأحمر والقضارف وكسلا بسبب نقص الأمطار وارتفاع سعر الذرة ونقص مياه الشرب لحيوانات الرعي، وقال صلاح باركوين المتحدث باسم حزب مؤتمر البجا اذا لم تتحرك الحكومة السودانية خلال ايام فان شرق السودان ستحدث فيه مجاعة لان أسعار الذرة ارتفعت بصورة كبيرة ولم يعد بمقدور سكان الاقليم الفقراء شراؤها، ويتمركز المنتمون الى البجا في الإقليم المطل على البحر الاحمر وله حدود مع دولتي اريتريا واثيوبيا، وبلغ سعر جوال الذرة، زنة 50 كلغ، 200 جنيه سودان 50 دولارا، في حين انه في الظروف العادية لا يتجاوز 75 جنيها، وأضاف باركوين عانينا هذا العام والذي سبقه من قلة الامطار وتاخر وقت هطولها وهذا ادى الى نقص في مياه الشرب للانسان والحيوان، فوق ذلك الاقليم هو جزء من منطقة القرن الافريقي التي يضربها الجفاف، وسبق ان نبهنا الحكومة من خطورة الامر ولكن لم يحدث تحرك، وكانت صحيفة محلية نقلت عن وزيرة الدولة بوزارة العمل السودانية آمنة ضرار المنتمية للاقليم هناك مؤشرات على حدوث مجاعة في شرق السودان. بحسب فرانس برس.

 ولكن الحكومة لديها خطة تحرك لمواجهة الامر، وعاني شرق السودان من موجات جفاف متتالية كان اخرها منتصف ثمانينيات القرن الماضي، ويشكل سكان شرق السودان حوالي 12% من سكان البلاد وفقا لاحصاء عام 2008 وتشكل قومية البجا غالب سكان الاقليم الذي يبلغ طول ساحله على البحر الاحمر 714 كلم.

الجماعة المتمردة

على صعيد أخر قالت جماعة متمردة في جنوب السودان انها تقاتل قوات من الجيش بالقرب من عاصمة ولاية منتجة للنفط من أجل اسقاط الحكومة المحلية لكنها قالت انها لن تستهدف حقول النفط هناك، وقال جيش تحرير جنوب السودان انه هاجم بلدة ميوم في ولاية الوحدة التي تضم معظم الحقول النفطية بالبلاد وخط أنابيب يمتد الى منفذ تصدير سوداني على البحر الاحمر، وينتج جنوب السودان نحو 300 الف برميل يوميا، ويشكل النفط ما يصل الى 98 بالمئة من عائدات الدولة، ودعت الجماعة وهي واحدة من جماعات متمردة عديدة الامم المتحدة التي تدير عمليات مساعدة واسعة في جنوب السودان الى مغادرة الوحدة وولاية واراب المجاورة للابتعاد عن القتال، وقالت الامم المتحدة انها تنوي البقاء، وقال جوردون بوي المتحدث باسم الجماعة يوم الثلاثاء ان المتمردين يتقدمون نحو بانتيو عاصمة الولاية منذ وهم الان يهاجمون مواقع للجيش.

واضاف القتال يدور الان في نيالدو الواقعة على بعد 25 كيلومترا فقط من بانتيو، يتمركز هناك نحو خمسة الاف من قوات جيش الجنوب، لدينا نحو 2400. . بحسب رويترز.

اذا استولينا على نيالدو سوف نتجه بعدها الى بانتيو،وقال بوي ان جيش تحرير جنوب السودان يريد اسقاط الحكومة المحلية لانهاء ما وصفه بتفشي الفساد، لكنه قال ان قوات المتمردين لن تهاجم المنشات النفطية في ولاية الوحدة الواقعة على الحدود مع السودان، وأضاف لن تكون حقول النفط هدفا لاننا لا نقاتل من اجل تدمير بلدنا، لا معنى لاستهداف مواردنا الخاصة،وأكد فيليب اجوير المتحدث باسم جيش جنوب السودان وقوع قتال في نيالدو لكنه قال انه لا يعلم بشان اشتباكات.

طريق العودة لا يفرش بالورود

وأخيراً بعد أربعة أشهر من مغادرة بولا لودو المنطقة العشوائية التي تسكن بها في الخرطوم لتعود الى جنوب السودان وجدت نفسها في منزل مؤقت اخر الى الجنوب من العاصمة السودانية، وقالت لودود وهي تجلس مع بناتها الستة في مخيم قرب مدينة النيل الأبيض الشمالية انا عالقة في الطريق الى الديار منذ أربعة اشهر هل تصدق هذا، وعلى غرار عشرات الآلاف من ابناء الجنوب الاخرين حزمت لودو أمتعتها وغادرت الخرطوم ترقبا للانفصال القادم بين شمال السودان وجنوبه ولحقت بشاحنة متجهة الى كوستي لتكمل الطريق جنوبا في زورق، لكن الزورق المقرر ان ينقلها الى الديار لم يأت قط والان تقطعت بها السبل فضلا عن 17 الفا اخرين في مخيم أقيم في البداية ليتسع لنحو 1200 شخص، وصنعت الأمطار الغزيرة بركة كبيرة في منتصف المخيم تملؤها القمامة وتجتذب كميات هائلة من الذباب، ونصبت لودو خيمة من نفس الالواح البلاستيكية والاغطية وفروع الشجر التي بني منها منزلها في الخرطوم حيث عاشت لمدة 32 عاما بعد فرارها من الحرب الأهلية، وقالت لودو التي استظلت بشجرة من الشمس الحارقة تلقينا وعودا بوصول زوارق لنكمل الرحلة لكننا مازلنا هنا، لا أدري لماذا، هذا أمر سيء جدا، وقدرت الأمم المتحدة أن ما يزيد عن 342 الف شخص تحركوا ليتجهوا الى الجنوب ، أي قبل بضعة أشهر من الاستفتاء على الاستقلال الذي جرى في يناير كانون الثاني والذي حدد التاسع من يوليو تموز موعدا لانفصال جنوب السودان، وأمهلت الخرطوم أكثر من مليون جنوبي مازالوا يعيشون في الشمال الذي يغلب على سكانه المسلمون حتى فصل الربيع للرحيل او الحصول على تصاريح بالإقامة والعمل وهي عملية معقدة، ومعظم الجنوبيين من المسيحيين او يتبعون معتقدات تقليدية ويواجهون مشاكل من الناحية القانونية وصعوبات في الحصول على الوظائف مما يجعل الكثير منهم يتحرقون شوقا للمغادرة، لكن كثيرين أيضا عالقون في الطريق الى الديار في محطات القطارات او الطرق الرئيسية او الموانيء النيلية مثل كوستي، وترجع التأجيلات في جزء منها الى قلة التنسيق بين الحكومتين والصعوبات المالية التي يعانيها جنوب السودان الذي لا يستطيع توفير وسائل النقل الكافية، وتحاول منظمات غير حكومية تقديم المساعدة، تقول سميرة اوتسمو التي تنتظر في مخيم كوستي منذ يوليو زورقا ليقلها هي وعائلتها ومتعلقاتهم القليلة الى جوبا عاصمة الجنوب "نريد أن نعود الى قريتنا، لا نعلم لماذا لا يمكننا الذهاب، وينحي خبراء باللائمة في نقص الزوارق على حكومة جوبا التي بدأت برنامجا لإعادة الجنوبيين الى الديار لكن أموالها تنفد، ويجري تأجير المزيد من الزوارق بمساعدة الامم المتحدة ومنظمات غير حكومية لكن لاتزال هناك حاجة الى الكثير.

وجنوب السودان افقر كثيرا من الشمال ويواجه عددا من التحديات بدءا من اقامة مؤسسات للدولة وبناء البنية التحتية وانتهاء بوقف أعمال العنف القبلية وعنف المتمردين المنتشرة على نطاق واسع، وقال سلطان علي كانجي وهو مسؤول في لجنة اغاثة جنوب السودان يحاول تنسيق السفر ان الوضع يتحسن الان لكن هناك حاجة الى مزيد من الجهود، وأضاف أن المشكلة الرئيسية بغض النظر عن الحصول على تمويل هي نقص التنسيق بين الشمال والجنوب بشأن كيفية تنظيم عودة الجنوبيين وتسكينهم في مخيمات مؤقتة، وأضاف امام زورق صديء محمل بالمتاع ان هناك حاجة الى أن تتفق هذه الحكومة والمنظمات غير الحكومية وجمهورية جنوب السودان على شيء واحد هو رد العائدين الى قراهم، وعاد ألاف الى ديارهم بالقطارات او الحافلات او سيارات النقل. بحسب رويترز.  

 لكن امثال لودو ممن جاءوا من المناطق الشرقية فليس امامهم من خيار في الغالب سوى استقلال الزوارق لان قراهم تطل على النيل ولا تخدمها طرق جيدة، وقالت الامم المتحدة ان هناك اكثر من 18 الف جنوبي عالقون في الرنك اول ميناء جنوبي على النيل الابيض بعد كوستي، ومن بين العقبات الكبيرة أن كثيرين يعودون ومعهم معظم متعلقاتهم بل وفي بعض الحالات مثل حالة لودو فروع الاشجار والحديد الخردة الذي استخدموه لبناء منازلهم في الاحياء العشوائية، وقال محمد عبد الرازق وهو مسؤول اغاثة كبير من الشمال ويعمل في المخيم ان 26 زورقا نهريا غادرت الان 15 منها كانت محملة بالمتاع وتسعة بالركاب، وأضاف فيما استعدت شاحنة من بلدة كوستي لتوزيع المياه في المخيم أنه لولا الامتعة لتسنى نقل جميع العائدين.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 17/كانون الأول/2011 - 21/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م