الشهادة الجامعية هل هي في خدمة البلد ودعم اقتصاده فعلا ام انها
تعد مشروعا للبطالة والبطالة المقنعة لاستنزاف ثروات البلد؟؟
هذا التسأول مهم جدا يجب النظر اليه بتأني قبل البحث عن اجابة له
وقبل وضع اي برنامج عمل حكومي يهدف الى تقوية اقتصاد البلد ودعمه. اذن
من المهم جدا النظر بحكمة وتروي في اعداد الخطط التعليمة والتربوية
والتنموية في البلد لغرض النهوض بالاقتصاد وزيادة الانتاج وتحقيق
الرفاه الاجتماعي.
ان العراق اليوم بحاجة الى حكومة وطنية من التكنوقراط تتمتع بحسن
التخطيط ولتعمل باستراتيجيات المدى البعيد دون ان تتسبب في خلق ازمات
انية مستعصية للاقتصاد والامن والاستقرار وذلك من خلال برامج عمل
واقعية تدعم اقتصاد البلد وتوفر الخدمات الاساسية للمجتمع. ويجب ان
تتجنب الحكومة الحلول الارتجالية التي تسبب هشاشة في الحكم وتسبب عدم
احترام المواطن للسلطة وترسخ استمرار العداء المستمر لها.
كما يجب ان يكون هناك دورا كبيرا للجيش في عملية البناء باستثماره
طاقات الشباب في التنمية ودعم الاقتصاد وانجاز المشاريع بدلا من ان
يكون الجيش اكبر مستنزف لميزانية البلد. هناك تخبط كبير في عراق ما بعد
سقوط الصنم رغم التحسن في مستوى المعايشة للإنسان العراقي بشكل كبير
لكن مما يؤسف له هو حصول انهيار كبير في مؤسسات القطاع الخاص وهذا ادى
الى انحسار فرص العمل للعراقيين بشكل كبير جدا.
كان في زمن النظام السابق الموظف في دوائر الدولة العراقية يشار
اليه بانه افقر فئات المجتمع العراقي وكان الكثير من العراقيين لا
يرغبون بوظيفة الدولة والكثير منهم فعلا ترك العمل في دوائر الدولة
وتوجهوا للعمل في القطاع الخاص لتوفير لقمة العيش لهم ولأسرهم.
لقد حصل فشل كبير في ادارة اقتصاد البلد في عراق ما بعد سقوط الصنم
وذلك وكأنه مقصود من قبل المحتل الذي لا يرغب بنشوء عراقي ديمقراطي قوي
وله نفوذ وتأثير في المنطقة خارج نطاق السيطرة الامريكية. ان امريكا
تريد عملاء خاضعين لها ومنفذين صاغرين لأوامرها مثل عملاء الخليج. لذا
عملت امريكا على تدمير الايديولوجيا المعادية لمخطط امريكا في العراق
بوسائل عديدة تحت خيمة الديمقراطية المشوهة. لذا اسس المحتل لحكومة
عراقية ضعيفة هشة تتربع على خزينة البلد وذات سمة فساد عظيم واغلب
رجالاتها هم من مزدوجي الجنسية ولا يعرفون عن مشكلات المجتمع العراقي
شيء وكل ما يهمهم هو كيف يستحوذوا على اكبر ما يمكن من ثروات العراق
لنقلها الى عوائلهم في اوربا وامريكا وكندا، ولا يمكن وصف حلولهم
لمشاكل البلد بالحلول الحكيمة فهي غالبا ما تكون مساومات من اجل
استمرارهم بالحكم على حساب مصلحة الشعب والوطن.
كما ان الدولة اليوم تعمل بالحلول الارتجالية الترقيعية لتحل مشكلة
وتخلق مشاكل وترسخ مفهوم السرقة واستهلاك مقومات اقتصاد البلد
المستقبلية. ان ذلك ادى الى انهيار مقومات الانتاج الصناعي والزراعي
والحرفي في العراق والذي بدوره سبب تدهورا كبيرا في اقتصاد البلد
وزيادة البطالة بشكل كبير في البلد. ان مشكلة البطالة والخوف منها ادى
وبسبب ضعف التخطيط الحكومي الى حل مشكلة البطالة بزيادة التعيينات دون
حاجة حقيقية لذلك، مما سبب زيادة كبيرة جدا في البطالة المقنعة وسبب
الترهل الاداري والذي بدوره سبب فساد عظيما وضعف في السيطرة على الكادر
الوظيفي وظهرت بقوة مافيات الفساد الإداري بسبب غياب القانون والنظام
والحساب ووجود الارضية الخصبة لتسلق الانتهازيين.
كما ان اغلب الادارات المتسلقة تفسر القوانين وفقا لاهوائهم بقرارات
الشخصنة والدكتاتورية التي ترسخ مفاهيم الاستبداد بالراي من اجل الحصول
على اكبر قدر من المنافع الشخصية على حساب المجتمع. اضافة الى انها
تعمل على زيادة في انهيار القيم والاخلاق المؤسساتية في العراق الجديد.
ان المافيات السياسية الناشئة بقوة في العراق ما بعد سقوط الصنم تسلق
من خلالها العديد من رجال الصدفة الجهلة ليعملوا بلا رؤية صالحة وبلا
رؤية وطنية وليكونوا هم حكماء بلا حكمة في مرحلة صعبة من تاريخ العراق
وليقوموا بوضع اسس وقوانين ونظم داخلية هشة وهزيلة وغير واقعية في اغلب
مؤسسات البلد. ادى ذلك الى حصول الكثير من الفوضى في العمل المؤسساتي
وتراجع مستويات الانتاج الى درجات كبيرة جدا.
العراق يعيش اليوم على واردات النفط فقط وليس هناك اي ثروات وطنية
اخرى مستغلة ولا يوجد تدعيم لاقتصاد البلد من خلال الايدي العاملة
العراقية الا بحدود ضيقة جدا، لذلك نقترح مجموعة من النقاط لغرض تطوير
العمل المؤسساتي في البلد ودعم الاقتصاد الوطني:
1. التوزيع العادل للثروة الوطنية بقسمة واردات البلد النفطية الى
نصفين النصف الاول يستخدم لصرف رواتب موظفي الدولة ولادارة المؤسسات
الحكومية ومشاريعها المختلفة، اما النصف الثاني فيمنح بعدالة للشعب
العراقي لكل فرد راتب (حصة من نفط البلد) لكي لا يكون هناك تكالب على
الوظائف الحكومية من غير حاجة(كبطالة مقنعة) اضافة الى ان ذلك يحفظ
حقوق الموطن العراقي الذي لا يجد من يعينه للحصول على فرصة عمل.
2. تقليص التعيينات في دوائر الدولة بشكل كبير.
3. خفض سن التقاعد الى عمر 55 سنة مع منح المتقاعد حقوق تحفظ له
كرامته وتؤمن له عيشة كريمة.
4. الاعداد لمشاريع بناء وطنية عملاقة يتولاها القطاع الخاص بتعاونه
مع شركات اجنبية كفوءة وتفرض شروط على القطاع الخاص بان يوفر فرص عمل
للعراقيين ومنع استقدام اي ايدي عاملة من خارج العراق. وان تكون هناك
رقابة شديدة لضمان جودة للاعمال المنجزة.
5. كما يجب تطوير وبناء المؤسسات الصناعية والتكنولوجية لكي تعمل
بكفاءة وتنتج ما يحتاجه البلد وتوفر فرص عمل للايدي العاملة العراقية.
6. يجب الاهتمام بالقطاع الزراعي ودعم الفلاحين وتوفير كل مستلزمات
الزراعة وانجاحها في البلد ودعم المنتوج المحلي من ميزانية الدولة افضل
من استيراده من خارج العراق (الاستيراد يستنزف الكثير من ميزانية البلد
اضافة الى تسببه في زيادة البطالة محليا).
7. يجب على الدولة ان تفعل الرسوم على كل السلع المستوردة لدعم
المنتوج المحلي. ويجب ان تكون هناك رقابة شديدة على مؤسسات السيطرة
النوعية ومحاسبة المقصرين والمرتشين الذين يسمحوا بدخول السلع غير
الصالحة وذات الجودة الرديئة الى البلاد.
8. ترسيخ قيم تربوية للمواطن العراقي لتقديس الاعمال الانتاجية
وتفضيلها على الاعمال غير الانتاجية , ويجب ان تستغل الرسوم الضريبية
لدعم الاقتصاد ودفع الشركات والافراد للتوجه بالاستثمار والعمل في
المؤسسات الانتاجية والخدمية الاساسية.
9. العمل على الموائمة بين التعليم والعمل ومنح النخب فرصة اكمال
الدراسات العليا فقط. واستثمار المبالغ الطائلة التي ممكن ان توفر من
جراء ذلك لغرض توفير فرص عمل تنموية تستغل الايدي العاملة العراقية ذات
التعليم المتوسط لتنمية اقتصاد البلد.
10. يجب ان يكون هناك اعتماد لمعايير جودة عالية للسلع المستوردة.
ان اغلب المنتوجات المستوردة بملايين الدولارات هي بمستوى جودة رديء
وبعضها خطرة على الاستخدام البشري واسعارها رخيصة. لان استيراد هذه
السلع تسبب للبلد اربع خسارات: الاولى هي خسارة القطاع الخاص العراقي
بسبب وجود سلع رخيصة لا يمكن للمنتج العراقي ان ينافسها، والخسارة
الثانية هي ان اغلب السلع المستوردة هي سلعة ذات جودة رديئة وتتلف
بسرعة لدى المستهلك العراقي، والخسارة الثالثة هي ان رخص هذه السلع سبب
عزوف كبير لدى الناس على تصليحها مما سبب اضافة بطالة جديدة للمجتمع
حيث ان اغلب الفنيين الذين كانوا يعتاشون من مهنة تصليح الأجهزة اضطروا
الى ترك مهنتهم، اما الخسارة الرابعة فهي ان السلع التالفة او العاطلة
تسبب تلوث بيئي كبير في العراق وخصوصا وهي تتراكم بشكل كبير مع زيادة
مستوى دخل الفرد في عراقنا الجديد.
الشهادة الجامعية هل هي بطالة مقنعة؟
هل الشهادة الجامعية في خدمة البلد فعلا؛؛ ام انها بطالة وبطالة
مقنعة؟!!. للاسف منذ اكثر من 6 اعوام والدولة تعمل على ارسال البعثات
الى خارج العراق لغرض الحصول على الشهادات العليا في مختلف التخصصات
العلمية والانسانية. وكأن كل ما يحتاجه العراق اليوم هو الشهادات
العليا. اكثر من 10000 بعثة دراسية ارسلت الى خارج العراق ولا زالت
ترسل حتى الان البعثات والزمالات الدراسية. طبعا مؤسساتنا التعليمية لا
تحتاج الى كل ذلك ولا مؤسساتنا الصناعية تحتاج اي استشارة علمية الا
بحدود ضيقة جدا كما ان المؤسسات الصناعية المحلية لا تحتاج الى كما
كبير من الخريجين من ذوي الشهادات الجامعية الاولية والعليا. مؤسساتنا
العلمية لا يمكن ان تصنع المستحيل ما دامت مؤسسات التكنولوجيا معطلة في
البلد ومؤسسات الصناعة فاشلة ولا تقوى على عمل شيء يدعم اقتصاد البلد.
ان كلف ارسال طالب الدكتوراة او الماجستير الى خارج العراق كبير
جدا. هنا نقول بدلا من ان يتم ارسال كل هذا الاعداد من البعثات للخارج
كان من الممكن ارسل 10% من هذا العدد فقط وبذلك يمكن توفير مبالغ كبيرة
يمكن الاستفادة منها لغرض بناء اساس تكنولوجي صناعي سليم وبناء
المختبرات العلمية المتطورة في اغلب جامعاتنا ومؤسساتنا العلمية
العراقية لغرض دعم المؤسسات التكنولوجية الصناعية والبحثية.
الكثير من الجامعيون اليوم هم طالبي شهادة فقط وليس طالبي علم،
دراستهم وتهافتهم لنيل الشهادة ليس لغرض تطوير البلد وانما لغرض ان
ينال صاحبها فرصة عمل افضل لكي يعمل او ينال صاحبها مكانة اجتماعية ما،
او تمنحه درجة وظيفية اعلى تزيد من مخصصاته وراتبه دون عمل جديد
واحيانا البحث عن الشهادة لتسلق سلم المناصب فقط. المفروض من الدولة ان
توفر فرص عمل باعداد اكثر لمن لا يملكون شهادات جامعية، فمثلا ممكن ان
تعمل الدولة على توفير فرص عمل لخريجي المتوسطة بنسبة تتجاوز 50% وتوفر
20% من الوظائف لخرجي الاعداديات وتوفر 10% للجامعيين والشهادات العليا
ماجستير توفر 7% والدكتوراة توفر 3% لكي لا يكون هنا تسابق وفاسد
وتزوير في الحصول على الشهادات الجامعية العليا وبذلك سيكون العمل اقدس
من الشهادة.
لكن قبل ان يتم العمل على ذلك يجب وضع قوانين للتربية والتعليم بحيث
تكون هيكلية التعليم هرمية بحيث تكون اعداد الطلبة الذين سيصلون
للجامعة لا تتجاوز 20% فقط (بحيث يصل النخبة من الطلبة الى الجامعة
فقط). ان ما تصرفه الدولة على الطالب منذ دخوله المدرسة في الاول
الابتدائي الى ان يأخذ شهادة البكلوريوس كبير جدا والمفروض يكون ناتج
ذلك هو ان يكون الخريج الجامعي ذو مهارة انتاجية عالية تدعم الاقتصاد
المحلي من خلال عمله. ايهم اقدس طلب الشهادة ام العمل؟ طبعا طلب
الشهادة العلمية مقدس لكن ليس باقدس من العمل.
كان على الدولة بدلا من ان ترسل 10000 بعثة لدراسة العلوم والهندسة
للحصول على شهادات عليا، كان عليها ان تركز اهتمامها على احتياجات
البلد قبل اي شيء اخر وتعمل على ارسال البعثات لجلب الشهادات في
التخصصات التي ستحل الكثير من مشاكل الاحتياج الداخلية الملحة. ان
الشهادات التي يحتاجها البلد ويفتقر لها بشدة وسيبقى يحتاجها هي شهادات
التخصصات الطبية. اضافة الى ان اغلب اصحاب هذه التخصصات لا يعانون من
البطالة ولا البطالة المقنعة وذلك لحاجة المجتمع الماسة لهم ولخدماتهم.
لذا كان الاجدى بالدولة ان ترسل 10000 طالب من خريجي الاعدادية لدراسة
التخصصات الطبية في مختلف دول العالم لكي تحل مشكلة مستعصية في البلد
وهي الافتقار الشديد لهذه التخصصات محليا. اضافة الى انها كانت ستوفر
فرص عمل كبيرة وتجعل العراقيين يملكون ثقافة صحية عالية.
قد ينزعج البعض من بعض ما ورد من اراء... لكن الانصاف والوطنية
يحتما على الانسان ان يرى فائدة المجتمع العامة قبل فائدته ومنفعته
الشخصية....
قلنا ما نعتقد ونؤمن بالتغيير ان ثبت خطا ما اعتقدنا...... |