الجمهوريون وحمى الانتخابات  في أمريكا... معايير بلا ضوابط

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: ربما لم يبالغ المتابعون للشأن الأمريكي أيام هوس الانتخابات الرئاسية كثير، حين شبهوها بصراع عنيف أو حرب مستعرة، إذ إن كل الوسائل فيها متاحة، كما لا يوجد معيار ضابط للحملات الانتخابية وما ترافقها من دعاية وتسقيط وكسب وجمع للتبرعات واستطلاع للرأي، فالعملية ببساطة تختزل تحت بند "من يكسب الأصوات ليفوز بالانتخابات وبكل الوسائل"، لكن هذا الأمر لا يتقاطع مع حقيقة وجود معايير أساسية يعتمد عليها الحزبين الرئيسين في الولايات المتحدة أثناء دعم مرشحيهم للرئاسة الأمريكية.

فالمال والدعاية والعزف على الأوتار الحساسة "السياسة الخارجية والأمن القومي ودعم إسرائيل...الخ" وكسب دعم القاعدة الانتخابية، كلها معايير مهمة تعزز موقف المرشحين، وقد دائب الجمهوريون في تقويم موقفهم الانتخابي أمام الديمقراطيين الطامحين بقوة إلى تولي الحكم، وذلك من خلال برامج سياسية طامحة ومرشحين ينالون إعجاب الجمهور الأمريكي.  

مزايدات في السياسة الخارجية

فقد اتسمت أول مناظرة بين المرشحين الجمهوريين للرئاسة الاميركية حول السياسة الخارجية والامن القومي بمزايدات في عدد من القضايا بدون تقديم اي مقترحات، وهذان المجالان هما محوران تقليديان اساسيان في حملة الجمهوريين عادة لكن هذه المرة من غير المرجح ان تحدد هذه القضايا نتيجة الاقتراع الرئاسي الذي سيجرى في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، ويشعر الاميركيون بالقلق من الوضع الاقتصادي بينما حقق الرئيس باراك اوباما في السياسة الخارجية نجاحا تكلل بتصفية اسامة بن لادن، اكبر من الجهود التي يبذلها في مكافحة البطالة، لكن هذا لم يمنع المرشحين الجمهوريين الذين لا يملك معظمهم خبرة في السياسة الخارجية من ان يهاجموا بعنف سياسة اوباما حيال الصين او اسرائيل او افغانستان، فقد وعد ميت رومني احد المرشحين الاوفر حظا للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات بان ايران "لن تحصل على السلاح النووي" اذا انتخب في تشرين الثاني/نوفمبر 2012.

وقال في المناظرة التي جرت في سبارتنبرغ في ولاية كارولاينا الجنوبية (جنوب شرق) ان "هناك امرا يجب ان تكونوا متأكدين منه وهو ان ايران ستحصل على السلاح النووي اذا اعدنا انتخاب اوباما"، واضاف "لكن اذا انتخبتم ميت رومني، اذا انتخبتموني رئيسا فانها (ايران) لن تحصل على السلاح النووي"، ورأى انه على الولايات المتحدة "توجيه تهديد يتمتع بمصداقية بعمل عسكري" ضد طهران وفي حال الضرورة التدخل عسكريا لمنعها من ان تصبح قوة نووية، وعبر معظم المرشحين في المناظرة عن "مخاوف جدية" من احتمال وجود بعد عسكري للبرنامج النووي الايراني، وسعى معظم المرشحين للتعبير عن ارادة حازمة حيال طهران واعدين بتحركات سرية او بعمل عسكري ضده، لكن عادوا جميعا الى السياسة التي يتبعها اوباما حيال ايران وتقي بفرض عقوبات وممارسة ضغوط اقتصادية ودبلوماسية، وقال رجل الاعمال الاسود هرمان كاين الذي يواجه عددا من فضائح التحرش الجنسي انه "سيساعد حركة المعارضة التي تحاول قلب النظام في ايران"، اما حاكم تكساس ميت رومني، فقد دعا الى فرض عقوبات على المصرف المركزي الايراني بينما عبر رئيس مجلس النواب الاسبق نيوت غينغريتش عن امله في مضاعفة العمليات السرية ضد البرنامج النووي الايراني "بما في ذلك مهاجمة علمائهم".

واتهم المرشحون اوباما خصوصا بانه حليف لاسرائيل لا يتمتع بثقة كبيرة، آملين بذلك في ارضاء قاعدتهم بين المسيحيين المحافظين وبكسب اصوات الناخبين اليهود التي ترتدي اهمية كبيرة في بعض الولايات الاساسية مثل فلوريد، ووعد حاكم تكساس ريك بيري بانه لن يخصص "قرشا واحدا من اموال دافعي الضرائب" للمساعدة الخارجية بدون مقابل، اذا انتخب رئيس، وعلى غرار كل المرشحين الآخرين، قال كاين الذي رأى ان الرئيس الاميركي ليس بحاجة ليعرف اسم رئيس "اوزبيكي بيكي بيكي ستان ستان"، انه "يجب اعادة النظر" في العلاقات مع باكستان التي "من غير الواضح" انها صديقة او عدوة للولايات المتحدة، الا ان الانقسام الاكبر بين المرشحين ظهر في النقاش حول استخدام التعذيب في اطار مكافحة الارهاب اذ اكد عدد منهم تأييده لتقنية الايهام بالغرق التي تخلى عنها الرئيس باراك اوبام، وردا على سؤال عن موقفه من التعذيب قال هرمان كاين انه يؤيد اللجوء الى الايهام بالغرق الذي يعتبره "تقنية استجواب متقدمة" كما كانت ادارة الرئيس جورج بوش ترى، وليس "تعذيبا"، اما ميشال باكمان نجمة حزب الشاي فرأت ان هذه التقنية "سمحت لبلدنا بالحصول على معلومات" ويجب العودة الى استخدامها. بحسب فرانس برس.

وقالت ان التخلي عن هذه التقنية "اشبه بان نكون قررنا اننا نريد خسارة الحرب على الارهاب في عهد اوبام، انها ليست استراتيجيتي"، لكن ريك بيري عبر عن معارضته التعذيب لكنه قال انه يؤيد "تقنيات الاستجواب المتقدمة"، واضاف انه من غير الطبيعي "عدم توفر هذه الامكانية لانتزاع معلومات من اجل انقاذ حياة شبابنا" في الجيش، وفي المقابل اكد المرشح رون بول الذي يشدد على اهمية الحريات الفردية والسفير السابق في الصين جون هانتسمان انهما يعارضان اللجوء الى التعذيب، وقال هانتسمان "علينا الا نلجأ الى التعذيب والايهام بالغرق تعذيب"، وكانت وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) اعترفت انها استخدمت عددا من وسائل الاتعذيب بينها تقنية الايهام بالغرق باسم الحرب على الارهاب التي شنتها ادارة الرئيس جورج بوش بعد اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001، ومنع الرئيس اوباما اللجوء الى هذه التقنية عند توليه السلطة مطلع 2009.

اوباما يدافع عن اسرائيل

فيما دافع الرئيس الامريكي باراك أوباما عن سياسته تجاه اسرائيل في حفل لجمع التبرعات السياسية لحملة اعادة انتخابه عبر فيه أحد زعماء اليهود الامريكيين عن مشاعر القلق في الطائفة اليهودية بشأن العلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل، وكان اوباما لاقى انتقادات من بعض انصار اسرائيل في الولايات المتحدة لاتخاذه موقفا متشددا من حليف وثيق وبسبب توتر العلاقات مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقدم اوباما تأكيدات قوية لالتزامه بالحفاظ على أمن اسرائيل، وقال اوباما "ان هذه الحكومة فعلت من أجل أمن دولة اسرائيل أكثر مما فعلته أي حكومة (امريكية) سابقة"، وأضاف قوله "وحينما يتصل الامر بأمن اسرائيل فاننا لا نساوم، وسوف يستمر هذا الموقف"، وكان الرئيس يتحدث الى المانحين في حفل التبرعات في منزل جاك روزين رئيس المؤتمر اليهودي الامريكي في مانهاتن الذي قال "سيكون تهاونا مني لو لم أقل ان الكثيرين في الطائفة اليهودية يشعرون بالقلق" بشأن العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة، واستدرك روزين بقوله ان "امريكا لم تكن قط مناصرة لدولة اسرائيل مثلما فعل الرئيس اوباما وحكومته". بحسب رويترز

تقدم رومني على نظرائه

الى ذلك أظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز بالاشتراك مع مؤسسة ابسوس تقدم ميت رومني بفارق متزايد في سباق الترشح لانتخابات الرئاسة الامريكية لعام 2012 داخل الحزب الجمهوري وأن نحو نصف ناخبي الحزب يتوقعون أن يكون هو مرشحه، وأيد 28 بالمئة حاكم ماساتشوستس السابق ليتقدم بفضلهم بثماني نقاط مئوية على اقرب منافسيه هيرمان كين في استطلاع الرأي الذي جرى في 10 و11 نوفمبر تشرين الثاني، وكان رومني متقدما بخمس نقاط مئوية في استطلاع جرى يومي السابع والثامن من نوفمبر، ورسخ نيوت جينجريتش رئيس مجلس النواب الامريكي في منتصف التسعينات بروزه في الاونة الاخيرة بين المحافظين الذين يسعون الى بديل لرومني المعتدل واحتل المركز الثالث في هذا الاستفتاء بنسبة 16 في المئة، وسواء يدعمونه ام لا فان نصف الجمهوريين الذين استطلعت اراؤهم تقريبا يتوقعون أن يصبح رومني المرشح المنافس للرئيس الديمقراطي باراك أوباما في انتخابات نوفمبر 2012. بحسب رويترز.

وتأرجح رومني الذي خاض انتخابات الرئاسة عام 2008 بين المركزين الاول والثاني في استطلاعات الرأي على مدى شهور ويتمتع حتى الان باكبر تمويل للحملة الانتخابية بين الجمهوريين، لكن البعض داخل حزبه يعتبرونه ليبراليا اكثر من اللازم وقد فشل حتى الان تعزيز مستويات التأييد له في استطلاعات الرأي بنسبة كبيرة، غير أن الاستطلاع الاخير الذي اجرته رويترز بالاشتراك مع ابسوس يظهر استفادته من أخطاء وقع فيها منافسوه، وشابت حملة كين مزاعم بتحرشه جنسيا بأربع نساء في اواخر التسعينات، ونفى هذه المزاعم، واحتل ريك بيري حاكم تكساس المركز الرابع بنسبة 12 في المئة في استطلاع الرأي الاخير والذي أجري في أعقاب أدائه السيء في مناظرة تلفزيونية، اذ لم يستطع تذكر التفاصيل الرئيسية لاحد مقترحاته السياسية الاساسية، وكان قد حصل على عشرة في المئة في الاستطلاع الذي جرى في السابع والثامن من نوفمبر، وعند سؤال الناخبين الجمهوريين "من سيكون قائدا قويا لامريكا" احتل رومني المركز الاول بنسبة 28 في المئة تلاه كين بنسبة 21 في المئة. وحصل جينجريتش على 20 في المئة فيما حصل بيري على 12 في المئة.

تصحيح هفوة

في سياق متصل صرح هرمان كين احد المرشحين الجمهوريين الاوفر حظا للرئاسة الاميركية ان حركة طالبان تشارك في الحكومة الليبية الجديدة، وذلك في اطار محاولة لتصحيح هفوة حول ليبيا ارتكبها قبل ايام، وفي مؤتمر صحافي في فلوريدا دافع كين عن اجابته في مقابلة سابقة، مؤكدا انه "كان متعبا قليلا" عندما سأله الصحافي عن رأيه في السياسة التي يتبعها الرئيس باراك اوباما في الازمة الليبية، وقال "هل انا موافق على الوقوف في صف المعارضة؟، هل انا موافق على القول ان (الزعيم الليبي السابق معمر) القذافي كان يجب ان يرحل؟، هل انا موافق على انه اصبح لديهم بلد ستشارك طالبان والقاعدة في حكومته؟"، واضاف "هل اوافق بدون ان اعرف الحكومة؟، عن اي جانب كان يسألني؟، كنت احاول ان احصل منه على سؤال واضح وهو لم يكن واضحا"، وكان المرشح الاسود تردد في الاجابة على سؤال طرحه صحافي عن ليبيا والسياسة التي يتبعها اوبام، فقد صمت طويلا قبل ان يقول ان "عليه ان يجمع كل المعلومات المشتتة في ذهنه"، واثار عجز كين عن الرد على سؤال بسيط يتعلق بالاوضاع الراهنة، استغراب عدد كبير من الخبراء. بحسب فرانس برس.

من جهة اخرى، اعلن جهاز الحماية السري المكلف ضمان امن الشخصيات الاميركية ان كين اصبح يتمتع بحمايته، والى جانب الرئيس باراك اوباما مرشح الديموقراطيين للرئاسة، كين هو اول مرشح يتمتع بحماية هذا الجهاز قبل عام واحد من الانتخابات التي ستجرى في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، وقال ناطق باسم الجهاز ادوين دونوفان "بطلب من فريق حملة كين، وافقت وزيرة الامن الداخلي بعد مشاورات مع لجنة الكونغرس" التي تضم اهم البرلمانيين، على تأمين الحماية لكين.لكنها لم توضح عدد الذين سيكلفون حماية المرشح الجمهوري، وفي مؤتمر صحافي، قال كين الذي كان يلجأ الى شركات امنية خاصة لضمان حمايته "اردنا ان ننتقل الى المستوى الاعلى نظرا لوضعي في استطلاعات الرأي والاهتمام الاكبر الذي ينصب علي".

نظرة على مرشحي الجمهوريين

من جهتها فان المرحلة التمهيدية الاولى لبدء السباق الرئاسي لعام 2012 ، والتي ستدشن في تجمعات ولاية ايو، فالاوضاع لا تزال بالغة التعقيد، اذ لا يزال المرشح ميت رومني يحتل المنصب الاقوى بين اقرانه، لكن مجموعة من اربعة مرشحين آخرين يشاطرونه الموقع عينه منذ فصل الربيع المنصرم، ميشيل باكمان، ريك بيري، هيرمان كين، ونيوت غينغريتش، لكن لم يكن بوسع اي من هؤلاء ازاحته عن المنصب الاول بالرغم مما تشير اليه استطلاعات الرأي بين الناخبين الجمهوريين عن افضليتهم رؤية مرشح آخر، وترسخ عرف المناظرات العلنية المتلفزة كوسيلة مفضلة للمرشحين لطرح برامجهم وسياساتهم الانتخابية على الملأ، الا ان ما قد توفره المناظرة من مكاسب سرعان ما تتلاشى، كما جرى مع ثلاثة من اقوى المرشحين للحظة، باكمان وبيري وكين، الذين اخفقوا في استثمار اجواء المناظرة الايجابية في اليوم التالي، اما السياسي المخضرم ورئيس مجلس النواب الاسبق، نيوت غينغريتش، فقد كان الرابح الاكبر من المناظرات، لا سيما وان خبرته السياسية وفطنته وذكاءه ميزه عن بقية منافسيه، ولم يتقاعس عن توبيخ محاوره لطرحه اسئلة اعتبرها سطحية وضعيفة المستوى مما عزز مكانته بين الحاضرين، وعليه، استطاع بحنكته السياسية القفز الى مزاحمة ميت رومني على منصب المرشح الاول، لكن جمهور الصحافيين لن يدع غينغريتش يشرب نخب الانتصار مبكرا، لا سيما وان نسق مسلكه السابق يعد محط اهتمام لما فيه من تناقضات قد تعرض مكانته للاهتزاز، خاصة في علاقاته المتميزة مع ممثلي المصالح الاقتصادية المختلفة ومواقفه المقلقة حول برامج الرعاية الصحية والانحباس الحراري وقضايا تمس جوهر كيانيته الخاصة، ويستند المرصد في معلوماته الى ما تنشره هيئة الانتخابات الفيدرالية، الى جانب الاستفادة من المصادر العادية والتقليدية للتوصل الى ادق المعلومات حول طبيعة المتبرعين والداعمين ماليا لكل من المرشحين المعنيين، عاقدا مقارنة مع ما يتوفر من سير ذاتية لشخصيات تدعم كل مرشح على حدة.

ميت رومني

1.تشير سجلات الهيئة الفيدرالية المذكورة ان جل قاعدة مؤيدي ميت رومني هي من اثرياء المدن ومن سكان الساحل الشرقي لاميرك، الأمر الذي يدل على تفوقه على منافسيه الآخرين في حملات جمع التبرعات، الا ان تلك الارقام لا تنعكس ايجابا بالضرورة على دعم القاعدة الانتخابية، حيث ان منسوب دعمه من قبل الطبقات الوسطى والدنيا تكاد تكون معدومة، وتجدر الاشارة الى انه بحكم انتمائه الطائفي الى كنيسة المورمون فهو يتمتع بدعم هائل من قبل اقرانه في الكنيسة التي تعد من بين اكبر المؤسسات ثراءً، الى جانب بعض الدعم بين صفوف وقواعد الحزب الديموقراطي، ويبدو ان هذه الخاصية لا تقلق المسؤولين عن حملته الانتخابية، لا سيما وان جل اهتمامهم الراهن منصب على استمرارية تدفق سيل التبرعات، حينها يصبح بمقدورهم اعادة تعريف الجمهور بمرشحهم في مرحلة مقبلة، وبالنظر الى اهمية الآلة الاعلامية الالكترونية فان نحو واحد من مجموع خمسة مؤيدين لرومني لا تتوفر لديهم اتصال دائم بشبكة الانترنت، مما يضعهم تحت رحمة الوسائل الاعلامية التقليدية للحصول على ما يهمهم من تطورات، ومن شأن هذا الامر ان يشكل تحديا لرومني في تفعيل افضل لقاعدته من المؤيدين مقارنة بمنافسيه الاخرين، وفي سياق ما تقدم، فان رومني يبدو الاوفر حظا في اللحظة الراهنة للفوز بالمنصب الاول للمرشحين عن الحزب الجمهوري، وعلى الرغم من اعتقاد جمهور الحزب الجمهوري بأن سياسات رومني تعد "ليبرالية" بمفاهيمهم المحافظة، فان قدرة منافسيه على اللحاق به تبدو بعيدة المنال خاصة وان استطلاعات الرأي المختلفة تشير الى تعادل مرتبته مع الرئيس اوباما واحيانا يتفوق عليه مما يعزز حظوظه لدى القاعدة الانتخابية التي لا ترى هدفا امامها يستحق الحشد من اجله سوى التخلص من اوباما.

هيرمان كين

2.بدأ كين حملته الانتخابية بتلقي الضربات الموجعة مبكرا بعد صعوده المفاجيء والسريع مقرونا باهتمام واسع ومساواته او تفوقه احيانا على خصمه رومني حسبما افادت به استطلاعات الرأي، ومن ثم ارتكاب الاخطاء والسقوط السريع في استطلاعات الرأي، وتجلت زلات كين في التهم الموجهة اليه من بعض النساء لتحرشه جنسيا بهن على امتداد نحو عقد من الزمن، ونكرانه بالمطلق الحوادث المذكورة في البداية لتعود الاتهامات تلاحقه بمزيد من التفاصيل وبعضها مثير جدا، مما اسهم في تضعضع موقعه بين مؤيديه وتراجع مكانته بين الناخبين، وجدير بالذكر ان اداءه في المناظرات المتلفزة اكسبه بعض الدعم، لكنه لم يستطع استثمار الفرصة للصعود الى المرتبة الاولى، كما وعجز عن الدفاع الموضوعي عن خطته الاقتصادية لانقاذ البلاد الى جانب خبرته الضئيلة في مجال السياسة الخارجية مما اثر سلبا على استمرارية حملته الانتخابية، وفي البداية، سعى بعض مؤيديه الى الاطاحة جانبا بالتهم الجنسية الموجهة له خشية عدم صدقيتها بدافع منحه فرصة اخرى لاثبات جدارته، الا ان التطورات المتسارعة اللاحقة عززت من شكوكهم بعدم صلاحيته للترشيح الرئاسي، اما بالنسبة لقاعدة دعمه الانتخابية، فطبيعتها انها اكثر شمولية من تلك التي يتمتع بها منافسه رومني، لا سيما بين اوساط الطبقة الوسطى، كما ويتمتع مؤيديه بالمعرفة والدهاء التقني الذي تعاني منه قاعدة دعم رومني، ومن جملة التحديات التي تواجه كين، علاوة على تحييد واقصاء حملة الاتهامات بالتحرش الجنسي، ينبغي عليه تفعيل اداءه في المناظرات المتلفزة وفي المقابلات الصحفية كي يحظى بدعم الجمهور الجمهوري الانتخابي مرة اخرى؛ الا ان حقيقة تحقيقه ذلك في الظرف الحالي تبدو بعيدة المنال.

نيوت غينغريتش

3.شكل دخول غينغريتش حلبة السباق الرئاسي مادة تندرية لخصومه، اذ وصفته المرشحة السابقة سارة بيلين بأنه "طبق الاسبوع"، وبالرغم من شطحاته السابقة ابان توليه منصب رئاسة مجلس النواب الاميركي، الا ان قدرته الخطابية ووضوح مآله يشهدان له امام القاعدة الانتخابية، لا سيما عدم وجله الدخول في جدال محاوريه الصحفيين لطرحم اسئلة سطحية وغير مجدية، الامر الذي عزز احترامه امام قواعد الحزب الجمهوري، وصعد غينغريتش الى مرتبة الصف الاول بسرعة مدهشة، حتى ان بعض استطلاعات الرأي تضعة في مرتبة يتفوق فيها على منافسية، رومني وكين، ان قاعدة الدعم التي يرتكز اليها غينغريتش متشعبة لكنها رقيقة، ويشتهر غينغريتش بانه مهندس النجاحات الانتخابية التي حققها الحزب الجمهوري ابان فترة بيل كلينتون الرئاسية في عام 1994، ومشروعه الصاخب الذي عرف باسم "عقد مع اميركا"، وتتشكل غالبية قاعدة دعمه من الكبار في السن، وليس الطاعنين بالضرورة، لكنها من السهل ان تخضع للتبخر حال تعرضها لازمات وضغوطات، ويحسب لغينغريتش بلاغته الخطابية وحسن الاطلاع والثقافة وعمل استاذا في احدى الجامعات، الا ان سجله يشوبه العديد من الهفوات، فهو معروف باسلوب مواجهته المتشنج، لا سيما في ادائه ابان عهد كلينتون الرئاسي، وسبق ان تزوج ثلاث مرات واقر بعلاقات عاطفية خارج قفص الزوجية وذلك في الفترة عينها التي كال الاتهامات للرئيس كلينتون باقامة علاقة غير شرعية مع مونيكا لوينسكي، كما ويعرف بمصاعبه المالية مع العديد من ممثلي المصالح الخاصة، ومن المرجح ان تقفز تلك الامور الى السطح وملاحقته الدائمة ان استمر في حملته الانتخابية، وبالنظر الى سجله العام المليء بالفضائح، فمن المرجح ان يتدهور مركزه بين اوساط الناخبين كلما تعمق البحث في سجله الشخصي.

ريك بيري

4.جرى التهويل لبيري وتقديمه على انه يمثل المرشح الامثل والاوفر حظا لمنافسة كل من ميت رومني والرئيس اوبام، لا سيما وان سجل اداءه يشير الى فترة حكم ناجحة لواحدة من كبريات الولايات، تكساس، ويجسد مُثُل المحافظين، ويتمتع بقاعدة دعم مالي واسعة، ونشأته الطفولية القاسية تشهد له بتحقيق النجاحات امام الصعاب الى جانب خدمته العسكرية في سلاح الجو، الا ان اداءه البائس في المناظرات المتلفزة قد اطاح به، خاصة وان العديد من الانزلاقات الخطابية امام منافسيه قوضت سمعته، اضافة الى سياساته المثيرة للجدل باستهداف الاقليات، لا سيما في رفع رسوم الجامعات ودعمه لما يسمى الهجرة غير الشرعية، قد عرضت حملته الانتخابية الى السقوط، لكن ليس بالضرورة ان تجري الرياح بما تشتهيه سفن المناهضين لبيري، اذ ان لديه دعم مالي ثابت وليس غريب عليه التغلب على صعاب السباق الانتخابي والفوز في النهاية، كما يدل عليه سجله العملي، والذي قد يعيد نفسه هذه المرة، وبعد الاداء المزري للمناظرة قبل الاخيرة، استطاع بيري كسب ثقة الناخبين مرة اخرى واعطائه فرصة اخرى ليثبت فيها جدارته واهليته على منافسيه، اما قاعدة الدعم الاساسية له فتتمثل بالطبقة الوسطى والشرائح الادنى من الطبقة، التي ينتمي اليها معظم الناخبين، وبالنظر الى الدعم المالي الذي يحظى به، فلدى بيري حظا اوفر للتقدم السريع في الحملة الانتخابية.

ميشيل باكمان

5.بعد صعودها السريع، تقوقعت حملتها الانتخابية واصبحت تعد شعبيتها ما دون 10%، الامر الذي يحسب لبيري في اداءه المميز عنها في المناظرات المختلفة، ويتردد بأن مستويات دعمها المالية قد هبطت يصاحبها شكوك بجدوى اسلوب اداراتها للحملة الانتخابية، مما لا ينذر بتطور ايجابي لها في المستقبل القريب، ويعزو البعض ان تقلباتها السريعة التي اثبتتها مسيرتها الانتخابية قد تحمل بعض الناخبين الى اعطائها فرصة جديدة لاثبات جدارته، وتعرف باكمان بانها المرشحة المفضلة لـ"حزب الشاي" المحافظ، وتتشكل قاعدة دعمها من الشرائح المدنية المثقفة والمهنية، وقد انتقل بعض هؤلاء من معسكر دعمها الى دعم منافسيها، بيري وكين، عندما بدأت تلوح بوادر سقوطها.

سارة بيلين

6.بالرغم من اعلان بيلين عدم ترشحها للانتخابات الرئاسية، الا اننا ارتأينا ضمها الى لائحة المرشحين عن الحزب الجمهوري بدافع سببين، الاول، بدأنا اعداد هذه الدراسة في فترة مبكرة من الصيف الماضي، حينها لم تكن قد صرحت بعد عن نواياها الانتخابية، والمعلومات المتضمنة جمعت في تلك الفترة وقبل اعلانها عن الانسحاب، وبالرغم من انها لا تعد مرشحة للانتخابات، فان مقارنة مكونات قاعدتها الانتخابية مع اقرانها الاخرين تعد ذات اهتمام، السبب الثاني، هناك بعض الاشاعات التي تفيد بان بيلين تعيد النظر حاليا في قرارها بعدم الترشح، وبالنظر الى هزالة مشهد المرشحين الحاليين عن الحزب الجمهوري، فان عددا لا بأس به من القاعدة الانتخابية ينظرون الى خارج المشهد الراهن لدعم مرشحهم المفضل، وقد يعد دخولها حلبة الانتخابات التمهيدية في بعض الولايات (نيو هامبشير، فلوريدا، وساوث كارولينا) متأخرا جدا، الا ان لديها القدرة على دخول حلبة المنافسة في كافة الانتخابات التمهيدية الاخرى، وبما ان معايير المندوبين الجمهوريين تحدد مطلع شهر آذار/مارس المقبل فصاعدا، فسيكون بمقدورها، ولو نظريا، الدخول الى مؤتمر الحزب الجمهوري متسلحة بدعم اغلبية المندوبين، وتنطوي حملة ترشيحها المنتظرة على بعض الفوائد للحزب الجمهوري. منها، شهرتها في ميدان السياسة، وتحظى بدعم قوي من الناخبين الجمهوريين مما قد يضعها في المرتبة الاولى بين المرشحين، ولعل العامل الاهم انها وبفضل حملتها السابقة فقد خضعت لحملات استقصاء ذاتية قاسية من الصحافة، ومن المستبعد ان تفلح بالاتيان بشي جديد ذات اهمية، ومن المسلم به ان بيلين لا زالت تتمتع بدعم قوي بين صفوف الناخبين من الجمهوريين، وهي نقيض كل ما يمثله رومني والاقوى حظا بين صفوف الطبقة الوسطى وشرائحها الدنيا.

ومن المتوقع ان ينجح بعض المرشحين الفوز بالمؤتمرات الانتخابية الاولية، نظرا الى تنوع القاعدة الانتخابية، اذ ان المؤتمرات الحزبية التي تعقد في ولاية ايوا تستقطب عادة الناخبين المحافظين، اما تلك التي ستعقد في ولاية نيوهامبشير فتستقطب جمهور انتخابي اكثر ليبرالية، بينما تلك التي ستعقد في ولايتي الجنوب، ساوث كارولينا وفلوريدا، فعادة ما تستقطبان الناخبين الاكثر محافظة، وبالنسبة لفلوريدا تتمثل فيها حقيقة قاعدة الحزب الجمهوري التقليدية، شديدة المحافظة وعدائية تجاه الآخرين، اما استراتيجية المرشحين المحافظين فتتركز على بذل اقصى الجهود في ولاية ايوا وتجاهل ولاية نيوهامبشير، من ناحية، وتركيز الجهود ايضا على ساوث كارولينا وفلوريدا مع، اما المرشحين المحسوبين على التيار الليبرالي فسيتم تركيز جهودهم على ولاية نيوهامبشير وتجاهل ولاية ايوا، عاقدين الامل على استمرارية الزخم في انتخابات فلوريدا –الأمر الذي استخدمة بقوة المرشح جون ماكين عام 2008 للفوز بترشيح الحزب له، وعليه، يلاحظ ان ميت رومني قد تعمد تجاهل ولاية ايوا، بينما حضر هناك بقوة كل من باكمان وكين وغينغريتش، وبالنتيجة، فان رومني يأمل باستعادة استراتيجية ماكين للفوز بنيوهامبشير وفلوريد، كما وان ضعف الاداء والمصداقية الذي يعاني منه المرشحين المحافظين قد يدفع برومني الى اما الفوز بولاية ايوا او اداء يوازي جهود الاخرين، وبالتزامن مع الفوز بانتخابات ولاية نيوهامبشير قد يؤسس لوجهة المسار الانتخابي في باقي الانتخابات التمهيدية، ويعلق المرشحون المحافظون عن الحزب الجمهوري امالا لوضع حد لاندفاعة رومني في كل من ايوا وساوث كارولين، ويبقى السؤال يراود القاعدة الانتخابية عن توفر مرشح محافظ جدير بالدعم وقادر على استقطاب القاعدة الانتخابية للناخب الجمهوري.

هرمان كاين ينفي

من جهة اخرى نفى هرمان كاين احد المرشحين الجمهوريين الاوفر حظا للرئاسة الاميركية، الذي لطخت سمعته بسبب اتهامات طالته بالتحرش الجنسي، تأكيدات امرأة قالت انها كانت عشيقته، وقالت جينجر وايت لتلفزيون فوكس نيوز في اتلانتا (جنوب) "كنت اعلم انه متزوج. وكنت اعلم انها علاقة غير لائقة"، واكدت سيدة الاعمال هذه انها انهت هذه العلاقة قبل ثمانية اشهر اي قبيل اطلاق كاين حملته الانتخابية، وقالت انه خلال 13 سنة "اشترى لي الكثير من الهداي،  كانت علاقة مسلية تخرجني من حياتي الروتينية"، وكاين هو المرشح الاسود الوحيد في صفوف الجمهوريين الذي يخوض السباق الى البيت الابيض تمهيدا للانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، ونفى كاين هذه المعلومات حتى قبل بدء بث مقابلة وايت على محطة فوكس نيوز، وقال كاين على شبكة "سي ان ان" ان "هذه المرأة ستتهمني باقامة علاقة معها لفترة طويلة" نافيا بانه اقام علاقات جنسية معه، واضاف "اقمت معها علاقة صداقة، لا علاقة عاطفية"، مؤكدا ان ذلك لن يؤثر على ترشحه للانتخابات الرئاسية "طالما انه يحظى بدعم زوجته"، وحاول محاميه لين وود التقليل من شأن القضية موضحا ان "الامر لا يتعلق باتهامات بالتحرش او الاعتداء الجنسي في مكان العمل والتي يجب ان تخضع لتحقيق مشروع"، وقال في تصريحات نقلت الى محطة فوكس "يبدو لي الامر اتهامات ذات طابع خاص بين شخصين اقاما علاقة بالرضا المتبادل، هذا موضوع يجب الا يكون محط اهتمام الاعلام والرأي العام"، وكاين الذي كان المرشح الاوفر حظا في استطلاعات الرأي، يتعرض منذ بضعة اسابيع لاربعة اتهامات بالتحرش الجنسي. بحسب فرانس برس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 11/كانون الأول/2011 - 15/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م