العراق... شبح الانقسامات الطائفية وعودة العنف

متابعة: علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: تسود لدى بعض من المراقبين والساسة نظرة سوداوية حول مصير العراق بعد انسحاب القوات الأمريكية، حيث يرى اصحاب هذه النظرة حدوث شرخ كبير قد ينتج عنه حرب اهلية، وان هذا الانسحاب سيولّد انتكاسات كبيرة لبرامج بناء القوات العراقية لتصبح قادرة على حماية حدود العراق الطويلة التي تشترك فيها مع ست دول هي: الكويت والسعودية والأردن وسوريا وتركيا وإيران.

وأن العراق سيواجه تحديات داخلية من عدة جهات ليس أقلها تنظيم القاعدة والمجموعات المرتبطة به، بالإضافة إلى المليشيات التي تدعمها إيران. هذه النظر السوداوية عن الوضع العراقي يراهن عليها الكثير من الساسة من داخل العراق وخارجه. حيث يقول الفريق روبرت كالسين -من الجيش الأميركي والمشرف على تدريب وتجهيز القوات العراقية- إن العراق سيواجه في المستقبل القريب فجوة كبيرة في تدريب قواته الأمنية. بحسب صحيفة يو إس أي توداي الأميركية

وبينما أشار كالسين إلى قدرة القوات العراقية على مواجهة التحديات الداخلية، إلا أنه شكك بقدرة القوات على حماية الحدود، والتي قال عنها إنها مهمة مختلفة وتتطلب تجهيزات وبرامج تدريب متقدمة.

وقال كالسين إن أفضل حل هو وجود قوة تدريب مقيمة يمكنها أن تدربهم كما نفعل نحن في جيشنا. كما ألمح كالسين إلى احتمال اللجوء إلى دول الجوار لسد النقص في برامج التدريب للقوات العراقية بعد الانسحاب الأميركي.

وذكر كالسين أن القوات العراقية لمكافحة الإرهاب لا تزال تعتمد على الجانب الأميركي في مجال تقنيات جمع المعلومات الاستخبارية والدعم الجوي، رغم التحسن الكبير الذي طرأ على أداء تلك القوات بشكل عام.

يذكر أن المحادثات بين الجانبين العراقي والأميركي بشأن بقاء جزء من القوات الأميركية لأغراض التدريب، انهارت بسبب عدم الاتفاق بشأن منح أفراد القوة التدريبية حصانة من الملاحقة القانونية.

وقد لاقت خطة الرئيس الأميركي باراك أوباما بسحب جميع القوات من العراق معارضة من بعض الأوساط الأميركية التي ترى أن الانسحاب قد ضحى بكل ما أنجزته الولايات المتحدة في العراق وبدماء أكثر من أربعة آلاف أميركي قتلوا في العراق.

النائب الجمهوري ورئيس لجنة القوات المسلحة في البرلمان الأميركي بك مكيون شكك في إدعاء إدارة أوباما بأن العراق أصبح آمنا ومستقرا ومعتمدا على نفسه. وقال مكيون إن خبراء قالوا في جلسات استماع أمام لجنته بأن العراق لا يزال غير قادر على حماية وحفظ الأمن الداخلي والحدود.

وهناك شكول تنتاب بعض المحللين السياسيين بشأن قدرة القوات العراقية على الحفاظ على أمن البلاد، وإن القوات العراقية تجد صعوبة في تأمين جلوس الحكومة على كراسيها.

وحول تداعيات الانسحاب يرى الكاتب البريطاني باتريك كوكبيرن أن العراق ما زال يعاني من شبح الانقسامات الطائفية التي تهدد بعودة الحرب الأهلية بعد الانسحاب الأميركي نهاية هذا العام، رغم أنه أصبح أكثر أمنا مقارنة بالسنوات القليلة الماضية.

ورصد الكاتب مخاوف العراقيين بشأن المستقبل، ولا سيما أنهم يستلهمون تلك المشاعر من ذكريات السنوات التي وصفها بالمفزعة التي تمتد بين 2003 و2009. ويتابع كوكبيرن أن العاصمة بغداد تبدو اليوم هادئة وفق المعايير السابقة، ولكن المخاوف القديمة ما زالت كامنة.

ويستبعد محللون عراقيون عودة الصدامات الطائفية لأن المناطق المختلطة في بغداد من السنة والشيعة باتت قليلة. وهنا يتساءل الكاتب البريطاني باتريك كوكبيرن: هل تندلع حرب أهلية مجددا؟ وإلى أي مدى بلغت هشاشة ائتلاف الحكومة المؤلف من الشيعة والسنة والأكراد بقيادة نوري المالكي؟

ويرى مراقبون عراقيون أن القدرة على الحفاظ على اتفاق تقاسم السلطة يُعد أكثر أهمية لتحقيق الاستقرار في البلاد من أي تهديد أمني من قبل تنظيم القاعدة عقب رحيل القوات الأميركية.

ويقول عضو مجلس النواب الكردي محمود عثمان إن القادة يتصرفون كأنهم أعداء حتى لو كانوا في حكومة واحدة. ويضيف أنه من الأفضل أن تكون هناك حكومة ومعارضة، ولكن لا أحد في العراق يشعر بالأمان بما يكفي ليكون في المعارضة.

ويرى باتريك كوكبيرن هناك تقدم نسبي في بغداد، من ذلك المتاجر التي باتت تفتح لفترات أطول، والتراجع في عدد نقاط التفتيش، وازالة الكتل الإسمنتية التي كانت تقسم أوصال العاصمة. ويعتبر أن أكثر أوجه التقدم أهمية العقود التي أبرمتها الحكومة العراقية مع شركات نفط عالمية لتطوير القدرة الإنتاجية للنفط بحيث تصل 12 مليون برميل يوميا بحلول 2017. ويستبعد خبراء أن يشهد العراق عملية تقسيم لأن كل المجتمعات لديها مصلحة في تقاسم العائدات النفطية، ولا سيما أن معظم الخلافات تنصب على تقسيم كعكة الثروة الوطنية.

ويرى كوكبيرن أن ارتياب الحكومة من انقلاب بعثي مبالغ فيه، مشيرا إلى أنه إذا وقع انقلاب فسيأتي من طرف الضباط الشيعة الذين يسيطرون على القوات الأمنية.

إلا أن الزعزعة الحقيقية لاستقرار العراق ربما تأتي من مساعي الأطراف الخارجية، مثل إيران والسعودية وتركيا، التي ترعى أحزابا عراقية لتغيير موازين القوى بين المجتمعات بالعراق، ولكنه ينفي وجود أي مؤشر على ذلك. ويرى مراقبون ان مستقبل العراق من المحتمل ان يكون مستقرا نسبياً مع هشاشة في الوضع الأمني والأقتصادي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 11/كانون الأول/2011 - 15/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م