
شبكة النبأ: ما زال الربيع العربي
مليء بالمفاجئات، فبعد تونس يأتي دور مصر وحكايتها مع الأحزاب
والتيارات الإسلامية، إذ لم يكفي صعود الإسلاميين "المتوقع" في
الانتخابات البرلمانية، بل وشاركهم السلفيون بنجاح في حصد أصوات
الناخبين في خطوة غير مسبوقة أو "غير متوقعة" لدى الكثيرين بعد أن
تنافس السلفيون مع الليبراليين حول صدارة المركز الثاني.
وبرغم التوترات الكبيرة التي تشهدها الساحة المصرية وتنامي المطالب
الشعبية بتنحي المجلس العسكري عن الحكم، مرت العملية الانتخابية بسلاسة
وحرية اكبر من السابق، إلا إن المخاوف من المستقبل لم تغادر أذهان "الأقباط"
(الشريك الأخر للإسلاميين والذين يشكلون نسبة 10% من مجموع سكان مصر
والذي ناهز الـ80 مليون نسمه) وهم يرون صعود الإسلاميين السريع إلى قبة
البرلمان وما يمكن أن يحدث في حال إحداثهم لتغييرات دستورية تتماشى مع
أفكارهم وتطلعاتهم، أو ربما في تحول مصر إلى دولة إسلامية
الاسلاميون والفوز الكبير
فقد حصل حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الاخوان
المسلمين على أكبر عدد من المقاعد في المرحلة الاولى من انتخابات مجلس
الشعب التي تجرى على مدى ستة أسابيع.
ووفق نتائج أعلنها رئيس اللجنة القضائية العليا المستشار عبد المعز
ابراهيم في مؤتمر صحفي شغل الاخوان 24 مقعدا كما شغل حلفاء انتخابيون
لهم أربعة مقاعد.
وتنتظر اللجنة القضائية العليا للانتخابات حكم المحكمة الادارية
العليا في أحكام بابطال الانتخابات في ثلاث دوائر قبل اعلان نتائجها أو
اعادة الانتخابات فيها. وتشير النتائج غير الرسمية الى فوز مرشحي
الاخوان في الدوائر الثلاث وعددهم ستة مرشحين. وألغت المحكمة من قبل
انتخابات الدائرة الاولى في القاهرة وستعاد في يناير كانون الثاني.
ويعزز فوز الاخوان المسلمين تقدمهم على حزب النور السلفي وعلى
ليبراليين ويزيد الضغط على المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير
شؤون البلاد ليسلم السلطة للمدنيين في الموعد الذي حدده وهو منتصف
العام المقبل وربما قبله.
وقالت جماعة الاخوان المسلمين ان الائتلاف الحزبي الذي يفوز بأغلبية
مقاعد مجلس الشعب يجب أن يشكل الحكومة لكن المجلس العسكري يصر على أن
يبقى هذا الامر بيده لحين تسليم السلطة لرئيس ينتخب في يونيو حزيران.
ولن يتضح تشكيل مجلس الشعب قبل انتهاء مراحل الانتخاب الثلاث في
يناير كانون الثاني. وتوضح النتائج أن ليبراليين اقترعوا في جولة
الاعادة لترجيح كفة الاخوان المسلمين على حزب النور السلفي الذي أثار
تقدمه قلقا في الولايات المتحدة حليف مصر واسرائيل المرتبطة معها
بمعاهدة السلام الموقعة عام 1979. وفاز ستة من المرشحيين الفرديين من
حزب النور السلفي في الاعادة. بحسب رويترز.
وقال عدد ممن أدلوا بأصواتهم في الجولة الاولى لحزب النور انهم لم
ينتخبوهم في جولة الاعادة. وقالت سيدة ابراهيم وهي طباخة من القاهرة
انها تراجعت عن انتخاب مرشح النور في الجولة الثانية بعد أن شاهدت
مناظرة تلفزيونية بينه وبين مرشح ليبرالي. وقالت "الرجل الملتحي أصولي
أكثر من اللازم."
وفاز سلفيان فقط في مدينة الاسكندرية الساحلية معقل الدعوة السلفية
من بين ثمانية مرشحين فازوا في جولة الاعادة بينهم أربعة من الاخوان
المسلمين ومتحالف معهم ومستقل.
وكان من بين من خسروا في جولة الاعادة المتحدث باسم الدعوة السلفية
عبد المنعم الشحات الذي فقد فرصة التمثيل النيابي أمام مرشح اخواني
سانده ناخبون مسيحيون أيضا. ونسب الى الشحات قوله ان الديمقراطية "حرام".
وقالت الكتلة المصرية التي جاءت ثالثا في نتائج القوائم انها تدعم
احتجاجا للعاملين بالسياحة سينظم قرب الاهرام في غرب القاهرة. ويحرم
السلفيون السياحة التي تعد مصدر الرزق لملايين المصريين.
وقال الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة الاهرام
الصحفية عمرو هاشم ربيع "كثير من الناس عبأوا أنفسهم ضد السلفيين الذين
يرون كل شيء أسود وتقول وسائل الاعلام انهم يقودون مصر الى كارثة."
وجرى التنافس على 56 مقعدا فرديا في المرحلة الاولى من الانتخابات
في حين تنافست الاحزاب على المقاعد الاخرى في اطار القوائم الحزبية.
وتجرى مرحلتان أخريان ومن المقرر ان تكون اخر جولة اعادة في منتصف
يناير كانون الثاني.
وكان احتلال السلفيين للمركز الثاني بعد حزب الحرية والعدالة في
القوائم الحزبية مفاجأة. وسيثير تقدم حزب جماعة الاخوان المسلمين خيبة
أمل الكثير من النشطاء الذين قادوا الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت
بالرئيس حسني مبارك في فبراير شباط.
وقال مينا عادل (24 عاما) الذي يعمل في مقر جامعة الدول العربية "أشعر
كأن الناس بدأت تقلق بعد نتائج الجولة الاولى بمن فيهم فقراء الناخبين."
وأضاف "أعتقد أنهم أدركوا أن انتخاب السلفيين خطأ وأنهم لن يكرروه."
ودعت اسرائيل مصر الى الابقاء على معاهدة السلام التي رعتها
الولايات المتحدة بعشرات المليارات من الدولارات من المساعدات العسكرية
لكل من البلدين على مدى 30 عاما.
وأكدت جماعة الاخوان تمسكها بأهداف الاصلاح السياسي الذي تدعو اليه
ايضا مجموعة من الجماعات التي شاركت في الانتفاضة الشعبية ولا تبرز
المبادئ الاجتماعية المحافظة التي كثيرا ما تكون مصاحبة للحركات
الاسلامية.
وأدى أعضاء الحكومة المصرية الجديدة اليمين القانونية أمام رئيس
المجلس الاعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي. وكان المجلس
الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون مصر منذ اسقاط الرئيس السابق
حسني مبارك في 11 فبراير شباط قد كلف الجنزوري وهو رئيس وزراء أسبق
بتشكيل "حكومة انقاذ وطني" بعد مظاهرات احتجاج عنيفة في القاهرة ومدن
أخرى قتل فيها 42 ناشطا وأصيب ألفان.
وبعد أيام من التردد كشف الجنزوري عن وزير الداخلية الجديد اللواء
محمد ابراهيم يوسف الذي عمل في السابق مديرا لامن محافظة الجيزة
المجاورة للقاهرة. ولشهور وجهت اانتقادات الى المجلس العسكري نتيجة عدم
تمتع حكومة شرف المنتهية ولايتها بصلاحيات تمكنها من تحقيق أهداف
الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمبارك.
وفاز حزب الحرية والعدالة بالفعل بمقعدين فرديين من المرحلة الاولى
كما حصلت قائمة الحرية والعدالة على نسبة 36.6 في المئة من الاصوات
بينما حصلت قائمة حزب النور السلفي على المركز الثاني بنسبة 24.4 في
المئة. ويخصص ثلثا المقاعد للقوائم الحزبية.
وأعطت الانقسامات بين الاخوان والسلفيين الامل لليبراليين أن يكون
لهم نفوذ سياسي بعد الانتخابات وأن يشاركوا بدور كبير في وضع الدستور
الجديد للبلاد.
وعزز ذلك فوز عدد منهم بمقاعد في مجلس الشعب بينهم النائب السابق
البدري فرغلي والنائب السابق محمد عبد العليم داود. وسيجعل التفويض
الشعبي للبرلمان من الصعب على المجلس العسكري تجاهله لكن الجيش سيظل
مسيطرا على مقاليد السلطة الى حين اجراء انتخابات رئاسية في يونيو
حزيران والتي قال انه سيسلم السلطة للمدنيين بعدها.
تجاوزات
الى ذلك انتهت المرحلة الاولى من انتخابات مجلس الشعب المصري وسط
تزايد الشكاوى من تجاوزات من بينها الدعاية للمرشحين خارج اللجان
الانتخابية.
وكان اقبال الناخبين محدودا في جولة الاعادة التي تقتصر المنافسة
فيها على المقاعد الفردية على خلاف الجولة الاولى التي شهدت اقبالا
كبيرا قالت اللجنة القضائية العليا للانتخابات انه بلغ 52 بالمئة من
الناخبين المسجلين.
وقال الناخب أحمد حسن الذي أدلى بصوته في لجنة انتخاب بمدينة
الاسكندرية الساحلية ان موظفا في اللجنة سلمه بطاقة اقتراع سبق اختيار
اثنين من المرشحين الاربعة فيها وان الموظف سحبها منه بسرعة حين اشتكى
من ذلك. ومضى قائلا انه اشتكي لضابط جيش لكن الورقة اختفت حين تدخل
الضابط لدى رئيس اللجنة.
وتحدث شاهد عيان عن اشتباكات بالايدي واتهامات متبادلة بارتكاب
تجاوزات بين مؤيدين لحزب الحرية والعدالة وحزب النور في محافظة الفيوم
التي تقع جنوب غربي القاهرة.
وقال مصطفى عطية رئيس المكتب الاداري لجماعة الاخوان المسلمين في
المحافظة ان "بلطجية يقودهم شقيق سلفي مرشح لانتخابات مجلس الشورى (التي
ستلي انتخابات مجلس الشعب) أغلقوا لجانا انتخابية في قرية غيضان ومنعوا
ناخبي حزب الحرية والعدالة من الاقتراع." وقال "أغلقوا مداخل القرية
واستخدموا الاسلحة البيضاء والعصي في ارهاب الناخبين."
لكن مسؤول اللجنة الاعلامية بحزب النور محمد نجيب نفى وجود بلطجية
في القرية وقال ان اشتباكات بالايدي وقعت خارج عدد من اللجان بين مؤيدي
الحزبين.
وتتركز الشكاوى على استمرار الدعاية الانتخابية في الوقت الذي يتعين
فيه ان تتوقف قبل 24 ساعة من بدء الاقتراع. بحسب رويترز.
وقال شهود عيان في المحافظات التسع التي شملتها الجولة الاولى ومن
بينها القاهرة ان أنصار المرشحين وأغلبهم من الحزبين الاسلاميين واصلوا
الدعاية يوم الثلاثاء خارج لجان انتخابية وفي الشوارع بمكبرات الصوت
ووزعوا أوراق دعاية وساعدوا ناخبين في الوصول الى اللجان الانتخابية
طالبين منهم الاقتراع للمرشحين الذين يؤيدونهم.
وقالت مصادر قضائية ان أعضاء في حزب النور قدموا شكوى ضد حزب الحرية
والعدالة الى اللجنة القضائية العليا في الفيوم يوم الثلاثاء اتهموهم
فيها بأنهم استخدموا "مكبرات صوت موضوعة على شاحنات صغيرة أمام اللجان
الانتخابية."
وفي محافظة أسيوط قال حزب الحرية والعدالة ان مسلحين يؤيدون حزب
النور ومرشح من أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي المحلول منعوا ناخبين من
الوصول الى لجان الانتخاب بالقوة وأجبروا اخرين على الاقتراع لمرشح
النور والمرشح المستقل.
ودعا مراقبون مستقلون لتحسين الاشراف على الانتخابات. وتجرى
انتخابات مجلس الشعب على ثلاث مراحل. وأجبرت احتجاجات نشطاء الشهر
الماضي المجلس الاعلى للقوات المسلحة على تحديد منتصف العام المقبل
لتسليم السلطة للمدنيين.
لكن صفوف الاسلاميين الذين يمكن أن يتحدوا المجلس ليست موحدة وربما
لا يتحالفون لتشكيل كتلة أغلبية في البرلمان مما سيعطي الليبراليين
مجالا للمشاركة في حكومة ما بعد الانتخابات ووضع الدستور في المستقبل.
وقالت جماعة الاخوان المسلمين في محاولة منها لطمأنة الناخبين اليوم
انها ستسعى الى تشكيل ائتلاف واسع اذا فاز حزبها في الانتخابات.
وقال طارق زغلول وهو مدير تنفيذي في المنظمة المصرية لحقوق الانسان
التي تشارك في المراقبة انه حتى الان لم تتخذ خطوة ايجابية للحد من
ظاهرة الدعاية المخالفة للقانون التي كانت منتشرة في المرحلة الاولى
وكان من المفترض أن تختفي في جولة الاعادة لكنها ما زالت موجودة امام
مراكز الاقتراع.
وكانت اللجنة القضائية العليا للانتخابات أقرت بالانتهاكات وتعهدت
باتخاذ اجراءات لانهائها لكنها قالت ان المخالفات لا تقوض شرعية
الانتخابات وهو نفس رأي مراقبين مستقلين. لكن محاكم القضاء الاداري في
عدد من المحافظات أبطلت الانتخابات في عدد من الدوائر لمخالفات من
بينها مخالفات ارتكبتها اللجنة العليا للانتخابات مثل تغيير الرمز
الانتخابي لاكثر من مرشح.
وشملت الاسماءالتي أعلن انضمامها للحكومة الجديدة ممتاز السعيد
للمالية وأشرف الشرقاوي للاستثمار وقطاع الاعمال وعلي صبري للانتاج
الحربي وأحمد أنيس للاعلام ومصطفى حسين كامل للبيئة. واحتفظ حسن يونس
بمنصب وزير الكهرباء الذي شغله لسنوات طويلة خلال حكم مبارك.
كما احتفظت فايزة أبو النجا بمنصب وزير التعاون الدولي الذي كانت
تشغله خلال حكم مبارك وأضيفت لها وزارة التخطيط.
وبقي من الحكومة المستقيلة التي كان يرأسها عصام شرف كل من محمد
كامل عمرو للخارجية ومنير فخري عبد النور للسياحة ومحمد سالم للاتصالات
ومحمد القوصي للاوقاف واخرون.
حزب الحرية والعدالة
من جانبه قال حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الاخوان
المسلمين إن الحزب حصل على أكبر عدد من المقاعد في المرحلة الاولى من
انتخابات مجلس الشعب التي تجرى على مدى ستة أسابيع مما يعزز من تقدمه
على ليبراليين وعلى حزب النور السلفي.
وقال مصدر من حزب الحرية والعدالة ان الحزب الذي تعهد بالتعاون مع
ائتلاف موسع يضم تيارات مختلفة في مجلس الشعب الجديد حصل على 34 مقعدا
فرديا من بين 45 مقعدا تنافس عليها في جولة الاعادة بالمرحلة الاولى.
وكان احتلال السلفيين للمركز الثاني بعد حزب الحرية والعدالة مفاجأة.
سلفيو مصر
كما تسعى الحركة السلفية كي تشكل مستقبل مصر على نسق سالف العهود
الاسلامية... واذا كانت النتائج الاولية للانتخابات البرلمانية المصرية
تمثل شيئا يمكن القياس عليه فان كثيرا من المصرييين يتفقون معهم.
وبات من المؤكد فيما يبدو ان يبرز السلفيون ككتلة اثبتت وجودها
وعبرت عن ارائها في اول مجلس تشريعي منذ اقصاء حسني مبارك من السلطة
الامر الذي يؤكد التغييرات التاريخية التي تجري منذ الاطاحة برجل كان
يعامل اغلب الاسلاميين كأعداء للدولة.
وقد يزيد نفوذهم حسب مدى تعاونهم مع اسلاميين اخرين يسجلون اداء
طيبا في الانتخابات خاصة جماعة الاخوان المسلمين المنتظر ان تفوز بعدد
مقاعد اكبر من اي جماعة اخرى.
كما سيعتمد دورهم على نظام الحكم الذي ستتمخض عنه مرحلة انتقالية
يديرها المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي تسلم السلطة من مبارك.
ويلتزم الجيش الصمت ازاء نتيجة الانتخابات ويحث المصريين على التصويت
دون التحيز لطرف دون اخر.
ورغم ان النتائج الرسمية لا تعطي سوى النزر اليسير من الدلائل التي
يمكن الاهتداء بها وان الصورة النهائية لن تتضح قبل يناير كانون الثاني
يقول كل من السلفيين واخرون ممن يتابعون عملية فرز الاصوات انهم يبلون
بلاء حسنا.
والدلائل مشجعة حتى الان لحازم صلاح ابو اسماعيل وهو سلفي يعتزم
الترشح للرئاسة في يونيو حزيران. وهو يرى ان النتائج تمثل خريطة لطريقة
تصويت الشبان المصريين الذين ينتخبون للمرة الاولى.
وقال المحامي والسياسي خفيض الصوت ذو اللحية الرمادية بينما كان
يرتدي حلة ورباط عنق في مقابلة مع محطة تلفزيونية مصرية يوم الخميس "لا
شك مطلقا ان النتائج اللي اسفرت عنها لغاية دلوقتي (الان) الجولة
الاولى دليل على شيئ مهم جدا وهو انه خطاب.. الخطاب اللي بنستخدمه
للناس فعلا ليس مقلقا لهم مش (ليسوا) قلقانين منه سعداء بيه ومريح لهم
وانه مقنع."
وقال انه يجب عدم اختلاط الرجال والنساء في العمل. كما يجب وقف بيع
المشروبات الكحولية وانتاجها.
وربما يحظر السلفيون ايضا الفن والادب "غير الاسلامي" بالاضافة الى
الشواطئ المختلطة. واذا نفذت قيود من هذا القبيل فانها ستقوض صناعة
السياحة الحيوية في مصر التي يعمل بها نحو ثمن القوى العاملة.
وذكرت صحيفة المصري اليوم المستقلة في افتتاحية في صدر صفحاتها ان
مصر يجب الا تكون افغانستان في اشارة الى مخاوف من حكم على غرار حكم
طالبان المتشدد. وقالت "نعلم ان بين الاخوان والسلفيين متشددين
ومعتدلين ونثق - والشعب ايضا - في ان صوت الاعتدال هو الذي سيسود داخل
البرلمان."
ويعتقد السلفيون الذين يطالبون بتطبيق احكام الشريعة الاسلامية -
والذين استفادوا من دعم السكان المتدينين في مصر - انهم يستطيعون تحقيق
اداء افضل في الجولتين المقبلتين.
ومن المنتظر ان يحصل حزب النور السلفي على خمس المقاعد التي يجري
التنافس عليها في الجولة الاولى وربما اكثر.
وقال محمود حسين (30 عاما) الذي يعمل في التجارة موضحا سبب تصويته
لحزب النور في مدينة الاسكندرية حيث تحض لافتات للسلفيين النساء على
ارتداء الحجاب "اعتقد ان بوسعهم جلب التغيير. انه حزب يحب الدين."
ويرجع حماس حسين للدعوة السلفية الى سنوات من الانصات الى مشايخها
في المساجد. ففي انحاء الشرق الاوسط وفرت المساجد منبرا للاسلاميين
للحديث في السياسة وهو ما لم يكن متاحا للاحزاب العلمانية التي تحاول
الان اعادة تنظيم صفوفها.
وقد يتحسن اداء حزب النور مع انتقال الانتخابات الى المحافظات غير
الحضرية في المرحلتين الثانية والثالثة. وقال حسين "المناطق الريفية
تميل الى الدين بدرجة اكبر من المدن."
ويقول حزب النور انه تعلم من اخطائه في الجولة الاولى. وقال يسري
حماد المتحدث باسم الحزب ان مسؤوليه يقيمون الاداء في المرحلة الاولى.
واضاف انه كانت هناك بعض النقاط السلبية يدرس الحزب كيف يتجنبها.
وكان رئيس حزب النور السلفي الذي يأمل ان يقتطع اصواتا من الاخوان
قد ذكر الاسبوع الماضي ان قصورا في التنظيم ادى الى ضعف الاداء.
وقال عماد عبد الغفور في الاسكندرية التي تعتبر معقلا للسلفيين "لقد
كنا نتمنى أن نكون الاول فى الانتخابات ولم يتم تغطيتها بشكل جيد فضلا
عن وجود بعض المرشحين لم يبذلوا المزيد من الجهد. الحزب يفتقد قدرات
وخبرات الحشد كما تجيدها بعض التيارات والاحزاب الاخرى."
والحزب منبثق عن الدعوة السلفية التي كانت تدعم في السابق الوعظ لا
السياسة لنشر رؤيتها للاسلام.
ويعتقد محللون ان الحركة لديها اتباع يبلغ عددهم ثلاثة ملايين وربما
تسيطر على اربعة الاف مسجد في انحاء البلاد. وبمصر نحو 108 الاف مسجد
ومصلى صغير. وظهور الاحزاب السلفية الطموح احد ابرز مقاييس التغيير في
مصر ما بعد مبارك.
وخلال 30 عاما له في الحكم نجا مبارك من محاولات اغتيال وقاوم في
التسعينات محاولات نهوض الجماعة الاسلامية التي شاركت في اغتيال سلفه
انور السادات لكنها تخوض الانتخابات الحالية.
ورغم ماضيها العنيف تعارض الجماعة العنف بشدة هذه الايام وتسعى لان
يكون لها دور في مستقبل مصر عن طريق الانتخابات. لكن اداءها ليس جيدا
مثل حزب النور. وقال عاصم عبد الماجد احد قادة الجماعة ان مرشحيها لن
يخوضوا انتخابات الاعادة سوى على خمسة مقاعد الاسبوع المقبل. وقضى عبد
الماجد وهو في الخمسينات نصف حياته في السجن لدوره في اغتيال السادات.
وكما هو متوقع كانت جماعة الاخوان المسلمين انجح الجماعات الاسلامية
في الانتخابات. وينظر الى الجماعة التي اسست عام 1928 على انها اول
جماعة اسلامية في العالم الاسلامي في التاريخ المعاصر.
ورغم ان ايديولوجيتها ضاربة بجذورها في المدرسة السلفية اشار قادة
الاخوان الى ان اي تحالف مع الاحزاب السلفية غير مرجح رغم ان المحللين
لا يستبعدون تلك الامكانية التي ستعطي التكتل اغلبية مسيطرة.
ويتوقع بعض المحللين ان يسعى الاخوان الى التحالف مع الاحزاب
العلمانية لتهدئة المخاوف في الداخل والخارج بشأن رؤيتها لمصر التي
يوجد بها ثمانية ملايين قبطي.
وقال علي عبد الرحيم الخبير في شؤون الجماعات الاسلامية ومقره
القاهرة انهم لا يريدون تخويف الاقباط والنساء والليبراليين والغرب.
بحسب رويترز.
لكن على الاخوان ايضا ان يأخذوا في الاعتبار رغبة مؤيديهم المحافظين
في تطبيق الشريعة الاسلامية على نحو اكبر. ويساور المصريين المعارضين
للاسلاميين قلق عميق بشأن النفوذ الذي يمكنهم الحصول عليه الان.
ويعرب البعض عن المخاوف من ان المتعصبين ربما يرون الظهور القوي
للسلفيين في البرلمان رخصة لفرض جدول اعمالهم في الشوارع بمضايقة
النساء غير المحجبات على سبيل المثال.
وهدأ ابو اسماعيل وهو سلفي اعلن عن ترشحه للرئاسة من مخاوف
المشاهدين الذين وجهوا له اسئلة خلال مداخلات هاتفية في ظهوره
التلفزيوني يوم الخميس.
وقال ان الحريات مقدسة في الاسلام مشددا على ان الشريعة تضمن حقوق
المسيحيين في ظل الحكم الاسلامي. واظهر ايضا لمحة من العملية ربما بهدف
طمأنة المشاهدين من ان التغيير الجذري ربما لا يأتي على الفور.
وقال "متصورين ان لما بنقول رأي دلوقتي معناه ان ده هيتنفذ دلوقتي
انا ممكن زي ما قلت لكم في فرق بين ان احنا نقول ايه اللي انا شايفه
ايه الصح وايه الغلط وبين ان في بعض الامور دي لن تنفذ ولا في عشر سنين
ولا في عشرين سنة." |