الربيع الطائفي هل سيقضي على الربيع العربي؟

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: إستبشرت شعوب الشرق الاوسط خيرا بربيعها الذي أسقط الحكام المتجبرين من عروشهم العالية، وتصاعدت بوادر الامل بانتهاء الانظمة السياسية التي تمجد الفرد، أو الحزب، أو الجهة، أو الطائفة، وجاء الربيع العربي بانتفاضاته واحتجاجاته وثوراته المتواصلة لكي ينقل العرب، من عصر الفردية السياسية الى عصر الانفتاح ومحاكاة الركب العالمي المتطور.

لقد أسقطت الجماهير العربية بعض جبابرة التسلط، كما حدث في تونس ومصر وليبيا، واليمن، ولاتزال الاحداث في دول أخرى حبلى بالمفاجآت السارة على صعيد إسقاط الانظمة المستبدة، فكما يقول المراقبون، إن زمن الفرد او الحزب الواحد ولى الى الابد، وأن الديمقراطية بدأت مرحلة انتعاشها التي لن تتوقف حتى يدخل العرب في عصر الديمقراطية الذهبي.

مثل هذا الكلام يثلج الصدر حقا، ويجعل العرب غير آسفين على ما قدموا من خسائر وتضحيات، على طريق التحرر والانعتاق من التسلط السياسي للحكومات الفردية المستبدة، بيد أن بواعث القلق بدأت تطفو على السطح، ورحنا نلاحظ علامات لا تبشر بخير، يمكنها إعادة الحال السياسي العربي، الى ما كان عليه قبل الربيع الثوري، الذي بدأه الشاب بو عزيزي في تونس، الامر الذي زرع كثيرا من المخاوف لدى بعض الاقليات والطوائف التي تشكل جزءا لا يتجزأ من النسيج المجتمع العربي، ولهذا بدأ بعض السياسيين والمراقبين، يحذرون من ظاهرة استمرار التهميش التي تتعرض لها الاقليات، ناهيك عن حرب الطوائف التي يخوضها البعض تحت ستار الثورة الجديدة.

فقد حذرت هيلاري كلنتون بقوة من هذه الظاهرة، أي ظاهرة الحرب على الاقليات، وطالبت الحكومات الوليدة في مصر وتونس وليبيا وغيرها من الدول العربية بضرورة الحفاظ على حقوق الاقليات، وهذا ما أكده الواقع، إذ أننا نلحظ أيضا في مصر وسواها حربا سنية على طائفة الشيعة، ليمتد ذلك الى دول عربية اخرى، بل ودول اسلامية غير عربية مثل باكستان والهند، حيث التفجيرات تطال الشيعة في أماكن العبادة وأثنائها، وحيث الدعوات المعلنة الى منع الشيعة من ممارسة طقوسهم وعقائدهم بحجة مخالفتها للشرع وما الى ذلك من حجج واعذار وضعها أناس همهم الاول هو احتكار السلطة السياسية ورفض المعارضة والتضييق على الحريات التي كانت سببا اول لاندلاع شرارة الربيع العربي.

فهل هناك استعداد للعودة الى الوراء بعد الانجازات الثورية الكبرى التي تحققت لصالح الجماهير؟ وهل تريد هذه الجهات التي تحاول تسيير دفة الامور الى مسارات خاطئة، أن تئد الربيع العربي في أولى مراحله التي ينبغي أن تستمر وتتواصل للقضاء على آخر مظهر سلطوي لحاكم او حكومة مستبدة؟.

إن الامثلة لمحاربة الطوائف واضحة، وهي في غاية الخطورة حقا، لاسيما ما يتعرض له الشيعة من تفجيرات، حتى في العراق حيث طالت مثل هذه التفجيرات زوّرا عزّل، لا علاقة لهم بالسياسة، وهم يغذّون السير على الاقدام متوجهين الى كربلاء المقدسة، لاداء مراسيم زيارة عاشوراء في ذكرى استشهاد الامام الحسين عليه السلام، ثم لماذا نلاحظ هذه الحرب الاعلامية والنفسية والعقائدية الشعواء ضد الشيعة؟ وكلنا رأى أو قرأ أو سمع بالدعوات التي قالت بوجوب إظهار معالم البهجة والفرح في يوم استشهاد الامام الحسين عليه السلام!! كما حدث في الكويت ومصر والمغرب وبعض الدول الاجنبية مثل باكستان وغيرها؟.

إن مثل هذه الدعوات والسلوكيات ومثيلاتها تشكل خطرا على الربيع العربي، وتحيله من ربيعه الجماهيري المنتفض الى خريف طائفي، قد يقوّض جميع المكاسب التي تحققت بفضل الربيع العربي، لهذا لابد أن يتنبّه الجميع ونعني بهم المسلمين، الى ضرورة فهم المرحلة الجديدة ومقتضياتها، وعدم السماح لعودة اساليب الانظمة الدكتاتورية المطاح بها، مجددا الى ساحة الفعل السياسي وسواه، أي ينبغي الحذر من اعتماد اساليب القمع والاقصاء والدعوات المشبوهة، لتقييد العقائد والحريات كما كانت تفعل الانظمة السابقة، لهذا علينا أن نضع صمامات أمان حقيقية لكي لا يتحول الربيع العربي الى ربيع طائفي!!.

ولابد أن يكون الحوار الاخوي البنّاء هو العلامة الفارقة لهذه المرحلة، بل لابد أن تكون الحريات المكفولة للجميع، علامة العصر العربي الراهن، لكي نتأكد بأننا غادرنا عصر الدكتاتوريات الى غير رجعة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 9/كانون الأول/2011 - 14/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م