شبكة النبأ: أنذرت نتائج الانتخابات
في مصر عن مخاطر الأنقسام الذي قد يحصل بين التيارات الاسلامية داخل
البرلمان المقبل، وازدادت الشكوك أكثر عندما عكست بعض التصرفات من قبل
المجلس العسكري عن ميلها للعب بالساسة الإسلاميين والليبراليين ضد
بعضهما البعض.
ومن الممكن أن تعطي الانتخابات المقسمة على ثلاث مراحل وتنتهي في
يناير كانون الثاني تفويضا شعبيا لتحدي المجلس الاعلى للقوات المسلحة
الذي يدير شؤون البلاد منذ سقوط مبارك والذي أجبره المحتجون بالفعل على
تسليم السلطة لمدنيين في منتصف 2012 قبل الموعد الذي كان يعلنه.
ويرى مراقبون ان الاسلاميين غير موحدين وربما لا يتحالفون لتشكيل
كتلة أغلبية في البرلمان مما يعطي لليبراليين مجالا للمشاركة في حكومة
ما بعد الانتخابات ووضع الدستور في المستقبل.
ويرى محللون سياسيون أنه رغم الإقبال الشديد على الانتخابات في مصر،
فإن الديمقراطية لم تتحقق بالشكل الكامل حتى الآن ومازال الطريق إليها
طويلا، وأنه يجب على أمريكا ودول العالم بأسره تقديم الدعم الإقتصادي
والسياسي والاجتماعي لمصر وبقية بلدان الربيع العربي لمساعدتها في تخطي
أزماتها الحالية و الوصول إلى بر الأمان.
وعلى عكس ما يجري من حديث حول ضرورة انهاء دور العسكر يرى خبراء في
مجلة(فورين بوليسي) أن مصر بحاجة لحكم عسكري سياسي وأنها لا تحتمل أن
تصبح دولة بلشفية في ظل الصعود المُفاجئ للتيار السلفي.
ويعتقد محللون سياسيون أن ما تحتاجة مصر، تحتاجه بقية بلدان الربيع
العربي مثل ليبيا و تونس و المغرب و حتى الدول التي مازالت تحارب جبروت
الأنظمة الشمولية المُتشبثة بالحكم مثل سوريا.
ويرى خبراء إن التغيير قادم وحتماً سيكون هناك شرق أوسط جديد، ولكن
معالمه لم تتضح بعد، أو ماذا ستكون نتيجته؟ وأكدت المجلة أن ما حدث
بالشرق الأوسط كان له تأثير كبير على الاقتصاد الأمريكي بل وعلى
الاقتصاد العالمي ككل نتيجة تغير سعر البترول وهو العمود الفقري
لاقتصاد أمريكا و العالم.
الولايات المتحدة من جهتها وعبر تنفيذ سيناريو متوقع من اجل شرق
أوسط أمريكي ربما ستعمل من على تقديم دعم كامل في مختلف المجالات
لبلدان الربيع العربي الذي يُمكنهم من تخطي هذه المرحلة. وأن هذا الدعم
يجب أن يَلقى توافقاً مع طموحات هذه الشعوب و عاداتهم و تقاليدهم و
تاريخهم و ليس وِفقا لما يراه الغرب.
وربما ستعمل على اقناع شعوب الربيع العربي أن أمريكا هي من سينقذهم
من أزمتهم و يحمي ثوراتهم وأنها ستضمن لهم الديمقراطية وأنها سوف
تقتلع أي حاكم من منصبه يُحاول أن يسير على نهج الأنظمة الشمولية
القديمة. فالولايات المتحدة مازالت لديها فرصة أُخرى لتُعيد تواجدها في
الشرق الأوسط وأن تسترجع ثقة الشعوب بها من جديد وتسترد ما تكبدته
نتيجة تقلب سعر البترول العالمي.
وأظهرت النتائج الرسمية لجولة الانتخابات البرلمانية أن أول مجلس
تشريعي في مصر بعد ثورة 25 يناير يواجه انقسامات أيديولوجية يمكن أن
تضعف سعيه للمطالبة بالسلطة السياسية من القيادة العسكرية المؤقتة التي
أبدت عدم رغبة في التنازل عن السلطة.
وقالت اللجنة العليا للانتخابات الأحد إن جماعة جديدة من الإسلاميين
السلفيين المحافظين نالت نسبة فاقت توقعات المحللين بفوزها بنسبة 24.4%
من أصوات الناخبين.
ويشار إلى أن حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين
حصل على أغلبية بنسبة 36.6% ضد الكتلة المصرية العلمانية التي جاءت
نسبة أصواتها 13.4% فقط في الجولات الثلاث الأولى للتصويت. وبهذا منحت
النتائج الأحزاب الإسلامية أكثر من 60% من الأصوات، وهذا التوجه من
المرجح أن يستمر في جولتي التصويت التاليتين.
ويقول محللون إن الانقسامات البارزة داخل المجلس التشريعي الجديد
تضع المسؤولية على عاتق حزب الحرية والعدالة لتحديد ما إذا كان
البرلمان سيكون ضعيفا أم قويا.
ولكن إذا استطاع حزب العدالة والحرية أن يستوعب بفعالية المطالب
المتنافسة للسلفيين من جانب والأحزاب الليبرالية من جانب آخر، فإن
البرلمان المقبل يمكن أن يبرز كثقل قوي مضاد للهيمنة السياسية للعسكر.
وحتى الآن فإن عدم رغبة الأحزاب الإسلامية في التجمع معا في تحالف -ونية
الأحزاب الليبرالية المعلنة بتحجيم حزب الإخوان الأكثر اعتدالا- يمكن
أن يجعل المجلس التشريعي الجديد عرضة للتلاعب من قبل المجلس العسكري
الحاكم الذي أظهر بالفعل ميلا لبث العداوة والبغضاء بين الإسلاميين
والعلمانيين.
يقول المحلل السياسي بجامعة القاهرة مازن حسن إن الديمقراطية تقف
إلى جانب الإسلاميين وهم يسيطرون الآن على أغلبية المجلس المنتخب
ولديهم تفويض مباشر. وإذا فشلت جماعة الإخوان المسلمين، التي تقدم
نفسها بوصفها طرفا إسلاميا معتدلا، في التعاون مع الأيديولوجيات
المختلفة التي تشكل البرلمان الجديد فإن الجيش سيواجه عوائق قليلة
لمنعه من توسيع نفوذه على عملية صياغة الدستور القادم وتأمين مساحة
محمية لنفسه في مستقبل مصر السياسي.
ولمواجهة سلطة المجلس العسكري الثابتة، يرى المراقبون ضرورة في أن
يلتف البرلمانيون حول فرص سياسية فريدة بدلا من تشكيل تحالفات دائمة.
ورغم أن الأحزاب المكونة للكتلة المصرية العلمانية تنظر إلى الموقف
السياسي الإسلامي للإخوان كلعنة، فإنهم سيحتاجون لتشكيل اتحاد غير مريح
معهم على المدى القريب إذا كانوا يتطلعون لرؤية برلمان لديه أي سلطة.
ويمكن لليبراليين، كما يقول حسن، أن يكونوا بمثابة معارضة للقوة
الغالبة للإسلاميين، لكن هذه المعارضة يمكن أن تشكل أيضا خطرا بأن
يُنظر إليها وكأنها تنحاز للمجلس العسكري غير المنتخب.
ولكونهم مبتدئين في السياسة فإن السلفيين يمثلون ورقة متقلبة في
البرلمان. ولإعطاء صورة متسامحة فإن حزب الحرية والعدالة سيتجنب أي فهم
يتصادم مع السلفيين الذين ما زال منبرهم السياسي المحدود مجهولا إلى حد
كبير سوى فرض شكل متعنت للشريعة الإسلامية.
لكن عملية صياغة الدستور ستمنح فرصة للإخوان والسلفيين للعمل معا.
ورغبة كلا الطرفين في إظهار إرادته على الدستور الجديد ستجعل التعاون
صعب المقاومة.
وفيما يتعلق بقضايا الدستور الجوهرية فإنهما لن يختلفا وسيمنعان أي
محاولة لحذف المرجعيات الدينية من الدستور.
ومع اقتراب الإسلاميون من السيطرة على البرلمان المصري لكن الريبة
المتبادلة بين الطرفين الرئيسيين في هذه الحسبة حزب الحرية والعدالة
وحزب النور السلفي تجعل من غير المرجح أن ينضما إلى ائتلاف حاكم يتألف
منهما فقط.
هذا الانقسام في معسكر الإسلاميين يفتح مجالا لليبراليين
والعلمانيين للقيام بدور في أول حكومة بعد الانتخابات ويحد من احتمال
استئثار حزب واحد بحكم مصر كما كان عليه الحال فعليا منذ الخمسينات
وحتى الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في 11 فبراير
شباط.
حزب النور الذي تأسس بعد سقوط مبارك هو الأكبر بين الاحزاب السلفية
التي تلقى تأييدا من المسلمين شديدي الالتزام.
وكانت أكبر مفاجأة في الانتخابات هو نجاحه في الجولة الأولى من
الانتخابات البرلمانية وحصوله على 24.4 في المئة من الأصوات في خريطة
سياسية جديدة. ويتوقع أغلب المحللين أن يحصل السلفيون بصفة عامة على ما
بين 10 و15 في المئة من الأصوات.
وقال عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة
الإخوان المسلمين لرويترز أمس الاثنين إن من السابق لأوانه الحديث عن
شكل الائتلاف الحاكم القادم لأنه لم يتم حسم سوى أقل من ثلث المقاعد
البرلمانية.
وفي الجولة الأولى من الانتخابات حصل حزب الحرية والعدالة على 36.6
في المئة من الأصوات بفارق كبير بينه وبين المنافسين.
وقال المحلل السياسي اسندر العمراني ائتلاف ينتمي للوسط هو ما يريده
الاخوان بما يتوقف على النتائج النهائية لديهم تحفظات على السلفيين
لأنهم من الممكن أن يسببوا قلاقل في السياسة الداخلية بسبب تفسيرهم
للشريعة المنتمي للعصور الوسطى على سبيل المثال.
ومضى يقول "لكن إذا حصل السلفيون بالفعل على 25 في المئة من الأصوات
سيكونون قوة يعتد بها في المسائل الثقافية بأي حال".
وعلى الجانب الآخر قال عماد عبد الغفور رئيس حزب النور إن دور الحزب
لن يكون هامشيا بجانب جماعة الاخوان.
وقال نحن نكره التبعية لانهم يقولون دائما أنتم تتخذون قراراتكم مثل
الاخوان.. نحن بفضل الله لا نتخذ قراراتنا تبع الاخوان.. فنحن لنا
رؤيتنا. بحسب رويترز
ومضى يقول نحن لا نستبعد أن يحاولوا الإخوان تهميشنا لأن هذا
لاحظناه فى بداية الأمر ولا نستبعد أن الأمر يستمر لإظهارنا بأننا
الكتلة المشاغبة ولشيطنة التيار السياسي السلفي وإظهاره بأنه هو
المشاغب والمخالف.
وتابع تجربة الأحزاب الأخرى مع الإخوان كانت مريرة فهم يتناولون
الإخوان خلف الكواليس بالذم الشديد أنا أفضل ائتلافا وطنيا موسعا.
ويقول نادر بكار المتحدث باسم حزب النور قوله إن الحزب اقترح أربعة
وزراء لحكومة جديدة يحاول كمال الجنزوري الذي تولى رئاسة الوزراء في
فترة سابقة تشكيلها في الوقت الحالي. ونفى الحزب لاحقا أنه تقدم بمثل
هذا الاقتراح.
من جهته أكّد الدكتور محمد البرادعي, أنّ المصريين سوف يعرفون
أنَّهم صوتوا لشعارات فقط, في إشارة إلى الإسلاميين, محملاً العسكري
مسئولية الفشل الذي تعيشه مصر الآن.
ومن جهة أخرَى حمل البرادعي على السلطة العسكرية مشددًا على فشل
المؤسسة العسكرية في إدارة شؤون البلاد. وقال: إننا نسير من سيئ إلى
أسوأ بعد فشل المجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية كما أن
الشباب (الثوار) محبط تمامًا لأنّ شيئا لم يتغيّر.
ووصف البرادعي الحكم العسكري بالفاشي وقال: نحن نعيش الآن نظامًا
فاشيًا من محاكمات عسكرية وقانون طوارئ ولو قامت جولة أخرى من الثورة
ستكون غاضبة وعنيفة.
ودعَا البرادعي الحائز على جائزة نوبل للسلام، شباب ثورة 25 يناير
التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير الماضي إلى الانتظام
في حزب واحد.
وقال في رسالة إلى هؤلاء الشباب: هذه الثورة قادها شباب من اليسار
إلى اليمين وبلا أيديولوجية وأقول لهم انتظموا في حزب واحد. وأكّد أنه
"لو أجريت انتخابات أخرى بعد أربعة أعوام فأنتم من سيحكم مصر في
المستقبل. |