
شبكة النبأ: عُد الفوز الذى حققه حزب
الإخوان المسلمين (الحرية والعدالة) فى الانتخابات البرلمانية، بأنه
خطوة كبيرة ومهمة منذ صعود الإخوان مع بداية الربيع العربى. وإن الفوز
الذى حققه الإخوان والسلفيون جاء على حساب الليبراليين، وان مرحلة
الانتخابات تضمنت معاقل الليبراليين المهمة في بعض محافظات مصر، بما
يشير إلى أن فوز الأخوان زاد من قوتهم.
أن نتائج الانتخابات أكدت على امتداد النفوذ المتنامى للإسلاميين فى
المنطقة التى كان يحكمها من قبل حكام مستبدون متحالفون مع الغرب،
فالإسلاميون بشكل عام قاموا بتشكيل الحكومة فى كل من تونس والمغرب،
وسيكون لهم دور كبير فى ليبيا ما بعد القذافى، إلا أن انتصار
الإسلاميين فى مصر وهى أكبر الدول العربية وأكثرها نفوذا وحليفة
لأمريكا، وتعد محور الاستقرار الإقليمى، هو الذى سيكون لديه القدرة على
قلب النظام الموجود فى جميع أنحاء الشرق الأوسط.
ويرى محللون سياسيون في صحيفة نيويورك تايمز إن الصعود غير المتوقع
للسلفيين إلى جانب الإخوان سيحول على الأرجح دفة المركز الثقافى
والسياسى نحو اليمين، فقادة حزب الحرية والعدالة، سيشعرون على الأرجح
بضرورة منافسة السلفيين على أصوات الناخبين، وفى نفس الوقت لن يشعروا
بنفس الحاجة إلى التسوية مع الليبراليين لتشكيل حكومة.
الباحث بمؤسسة القرن فى القاهرة، مايكل وحيد حنا، قال إن هذا يعنى
أن البرلمان قد يصبح شأناً يخص الإسلاميين، إذا أراد الإخوان ذلك، أى
مناظرة بين الإسلاميين الليبراليين والإسلاميين المعتدلين والإسلاميين
المحافظين.
ويعتقد محللون سياسيون أن الأغلبية الإسلامية الجديدة من البرلمان
ستزيد على الأرجح من صعوبة الحفاظ على الشراكة العسكرية والسياسية مع
الولايات المتحدة، على الرغم من أن الجيش قال إنه يخطط للحفاظ على
احتكار العديد من جوانب الشئون الخارجية، ولن يفوت الإسلاميون الفرصة
لانتقاد سياسات واشنطن تجاه العراق وأفغانستان وإسرائيل والفلسطينيين.
وبينما قال الإخوان إنهم سيبقون على معاهدة السلام مع إسرائيل أو
ربما يتفاوضون عليها من جديد، إلا أن السلفيين قالوا إنهم سيطرحونها
للاستفتاء. وقال مسئول إسرائيلي إنه من الصعب أن تكون هذه أخبارا سارة
لإسرائيل.
ويرى خبراء أن ثمة مواجهة قادمة بدون شك بين الاخوان المسلمين و
المجلس العسكري و ذلك في ظل المؤشرات التي تشير الى استئثار الجماعة
ممثلة في ذراعها السياسي حزب الحرية و العدالة بنسبة كبيرة من مقاعد
البرلمان الجارية انتخاباته في مصر حاليا.
ويقول شادي محمد مدير الأبحاث في مركز الدوحة لمعهد بروكينجز
والخبير في شئون الإخوان قوله ان الاخوان سيسعون الى تدشين نظام
برلماني قوي يعمل على تقليص سلطات و صلاحيات الجيش.
وأضاف ان قادة المجلس العسكري الذين يشتبكون في علاقة مضطربة تصل في
بعض الأوقات الى درجة الصراع مع الجماعة لن يقفوا مكتوفي الأيدي و
مستسلمين لسياسات الجماعة التي تعمل على تقليص دورهم.
ويرى مراقبون ان الانتخابات ستسرع ظهور كتلة إسلامية قوية في
البرلمان من المواجهة مع الجيش. واعلن قادة الإخوان أنهم يتوقعون أن
تسمي الكتلة الإسلامية في البرلمان رئيسا للوزراء يحل محل الحكومة
المدنية التي تعمل حاليا بإمرة الجيش. وردا على ذلك، قال مسؤول رفيع
الحكومة التي يشرف عليها المجلس العسكري أن الجنرالات الحاكمين
سيحتفظون بالكلمة العليا.
وقال خبراء في صحيفة نييورك تايمز ان الصعود غير المتوقع لجماعة
اسلامية متشددة ومحافظة على يمين الإخوان من المحتمل أن يحول مركز
الثقل الثقافي والسياسي المصري نحو اليمين ايضا. وربما يشعر قادة حزب
الحرية والعدالة التابع للإخوان المسلمين أنهم مضطرون للتنافس مع
السلفيين من اجل اصوات الناخبين الإسلاميين، ولن يشعروا مع ذلك بالحاجة
نفسها للتنازل لليبراليين من أجل تشكيل الحكومة.
وقال مايكل وحيد حنا، وهو باحث مصري المولد في مؤسسة سنتشري في
القاهرة، هذا الاسبوع : هذا يعني أنه اذا اختار الإخوان ذلك، فسيكون
البرلمان شأنا إسلاميا نقاشا بين الليبراليين الإسلاميين والمعتدلين
والمحافظين الإسلاميين. وهذا كل شيء.
وستكون الأحزاب السلفية في غضون ذلك قادرة على استخدام نفوذها
الانتخابي لتحقيق مطالبتها بنفوذ في التعيينات في الحكومة الجديدة.
واضاف حنا: لا أمانع في القول بأن هذا ليس أمرا عظيما. وليس اليوم
سارّا بالنسبة إلي.
وإذا صمدت الغالبية، فإن تداعياتها على المدى الطويل يصعب التكهن
بها. وقد تعهد الإخوان باحترام الحريات الفردية، مع استخدام نفوذ
الدولة لتوجيه الثقافة في مسار تقليدي. لكن السلفيين يتحدثون علنا عن
قوانين تسمح بالانتقال إلى نظام المصارف الإسلامية، والحد من بيع
الخمور، وإعداد مناهج خاصة للأولاد وأخرى للبنات في المدارس الحكومية،
والرقابة على محتوى الفنون والتسلية.
واقترح قادتهم أحيانا أن يقوم مجلس خاص من علماء الدين بتوجيه
البرلمان أو المحاكم العليا لسنّ تشريعات تنسجم مع الشريعة الإسلامية.
وتقضي القوانين الانتخابية المصرية بأن تدرج الأحزاب السلفية اسم امرأة
واحدة على الأقل على قوائم الترشيح في كل منطقة، لكنهم وضعوا النساء في
آخر قوائمهم ليتاكدوا من أنهن لن يفزن، وظهر بعضهم مع صور زهور بدلاً
من وجوههن على الملصقات الانتخابية.
ومن المرجح ان تزيد الغالبية الجديدة من صعوبة الابقاء على شراكة
الولايات المتحدة العسكرية والسياسية الوثيقة مع مصر ما بعد مبارك، مع
ان العسكريين قالوا انهم يعتزمون الاحتفاظ باحتكار لجوانب كثيرة من
الشؤون الخارجية. ولا يفوِت الزعماء السياسيون الاسلاميون اي فرصة
لانتقاد سياسات واشنطن تجاه العراق، وافغانستان، واسرائيل
والفلسطينيين. وبينما قال قادة الاخوان انهم ينوون الحفاظ على معاهدة
كامب ديفيد للسلام الموقعة مع اسرائيل في 1979 ولكن ربما مع اعادة
التفاوض عليها، فان الاحزاب السلفية كانت اقل تطميناً بكثير. وقد اقترح
بعضهم عرض المعاهدة على استفتاء.
ومزح بعض افراد الاقلية المسيحية القبطية في مصر نحو 10 في المائة
من السكان قائلين انهم سيستعدون لمغادرة البلاد. ويخشى كثيرون من
الاقباط الذين كانوا في السابق تحت رعاية الرئيس مبارك من حديث
الاسلاميين عن حماية طابع مصر الاسلامي. وكثيراً ما يكرر بعض قادة
الاخوان انهم يؤمنون بان المواطنة حق متساو للجميع بغض النظر عن
المذهب، بل ويهتفون في بعض المهرجانات الانتخابية بان الاقباط هم ايضاً
"ابناء مصر". لكن السلفيين يعلنون اكثر ان المسيحيين يجب الا يخافوا من
قوانين الشريعة الاسلامية لانها تقضي بحماية الاقليات الدينية، وهو
تفسير يشعر مسيحيون كثيرون بانه يصنفهم على اساس انهم مواطنون من
الدرجة الثانية.
وصوت معظم الاقباط للكتلة الليبرالية المصرية التي كانت تتنافس على
المرتبة الثانية مع السلفيين، كما ورد في بعض الانباء. وكان ذلك
تحالفاً متنوع الاطراف ضد الاسلاميين، سيطر عليه الديموقراطيون
الاشتراكيون، وهم حزب يساري له ارتباطات بقادة الثورة، والمصريون
الاحرار وهم حزب مصادق لمصالح الاعمال اسسه ويروج له نجيب سويرس، وهو
من اباطرة وسائل الاعلام والاتصالات.
مراقبون اعربوا من جهتهم عن أملهم في أن تسفر الانتخابات عن بزوغ
فجر جديد من الديمقراطية.
فأن عملية التصويت التاريخية كانت بداية لمسيرة تستمر ثلاثة أشهر
ينتج عنها تشكيل يأمل فيه المصريون أن يكون أول برلمان شرعي يتم
انتخابه بإرادة الشعب في تاريخ البلاد بعد أن احتكر الحزب الوطني
المنحل السلطة طوال فترة حكم الرئيس السابق للبلاد. |