
شبكة النبأ: أصبح ميدان التحرير قلبا
يمد عاصمة المصريين عبر شرايينه المتعددة بدماء جديدة هزت الشارع
السياسي، وتردد وقعها فالعديد من العواصم إقليميا ودوليا. إذ يرمز
ميدان التحرير إلى حرية الشعوب وصمودها حين شهد عدة مواجهات بين
المحتجين والقوات الأمنية من بينها بدأت أحداث ثورة 1919 ومظاهرات
1935ضد الاحتلال الإنجليزي وثورة الخبز في 18 و 19 من يناير عام 1977،
ومنها أيضا ثورة 25 يناير عام 2011، وانتهت تلك الثورة بإسقاط النظام
الحاكم حسني مبارك، حيث أصبح ميدان التحرير رمزا للمتظاهرين وصمودهم
وحريتهم.
ولم يكن اختيار المتظاهرين هذا الميدان لإطلاق أوسع وأكبر
الاحتجاجات في تاريخ مصر, عشوائيا, وإنما كان مدروساً إلى حد بعيد نظرا
لأهميته وطبيعته، فيما تتواصل إبداعات متظاهري ميدان التحرير في قلب
القاهرة لتعيد إلى المشهد تلك الأجواء التي شهدها الميدان منذ الاعتصام
الأول بالتحرير، إذ تطوع أطباء كثيرون بإنشاء مستشفيات ميدانية على
أرصفة الميدان لعلاج المصابين، ومع تجدد الثورة عادت الحاجة بقوة لتلك
المستشفيات بسبب الاشتباكات الضارية التي وقعت في الآونة الأخيرة، وذلك
بسبب الاساليب الوحشية التي استخدمها الجيش في صراعه مع المتظاهرين.
في ظل الانقسام الحاصل في ميدان التحرير حول فض الاعتصام ومتطلبات
الثوار الاخرى، ومنها الاشتباكات الضارية التي وقعت في الآونة الأخيرة،
يرى المحللون على الرغم من كل ذلك أن روح التحرير لم تتبخر تماماً، وما
زال آلاف الشباب يرون أن مهتهم لم تنجز بعد، وطالما بقي رجال مبارك
هناك، فسوف يبقى ميدان التحرير موجوداً.
في العراء لكنهم صامدون
فقد تعهد المحتجون المصريون الذين أطاحوا بالرئيس السابق حسني مبارك
بالبقاء في ميدان التحرير الى أن يسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة
السلطة لمجلس مدني على الرغم من أن أول انتخابات مصرية حُرة غطت على
احتجاجاتهم حتى الآن.
وقُتل 42 ناشطا في اشتباكات مع الشرطة في شوارع مؤدية الى الميدان
بالقاهرة الاسبوع الماضي وأُصيب أكثر من مئة في اشتباكات ليل الثلاثاء
مع بلطجية وباعة جائلين عمل النشطاء على طردهم من الميدان بعد أن تكونت
بؤر لتجارة المخدرات فيه وفق ما ذكره نشطاء.
واستخدمت في اشتباكات ليل الثلاثاء الماضي القنابل الحارقة وطلقات
الخرطوش والحجارة والقضبان الحديدية.
وقالت هايدي عصام (21 عاما) وهي طالبة في كلية الحقوق من مدينة
المنصورة في دلتا النيل "نريد رحيل المجلس العسكري." وأضافت "لن نترك
التحرير حتى اذا بقينا شهورا الى أن تكون هناك حكومة انتقالية."
ويفخر المصريون بالانتفاضة الشعبية التي شهدت خروج الملايين الى
الشوارع في احتجاجات واسعة الى أن سقط الرئيس حسني مبارك الذي استمر في
الحكم لمدة 30 عاما. ويقول مصريون كثيرون ان النشطاء الشبان هم الذين
فتحوا الباب أمام الديمقراطية.
لكن النظرة اليهم تغيرت بعض الشيء من قبل البعض الذين رأوا أن
الشبان الذين عادوا الى ميدان التحرير بعد احباطهم نتيجة بطء التغيير
يطيلون أمد الاضطراب السياسي في البلاد ويضرون بأقوات الفقراء المصريين.
ولم يزد عدد النشطاء في الميدان أمس على ألفين لكن كثيرين يتدفقون
عليه وقت المظاهرات الحاشدة أو اذا تعرض زملاء لهم للهجوم. وأوجدت
الانتخابات التشريعية التي أجريت مرحلتها الاولى يومي الاثنين
والثلاثاء منتدى آخر للتعبير عن الرأي السياسي ويعتقد أن الاحزاب
المنتخبة فيها ربما تدفع من أجل عودة المجلس العسكري بقواته الى
الثكنات.
وقاطع كثيرون من المعتصمين في ميدان التحرير الانتخابات قائلين انها
غير شرعية وفي غير وقتها بالنظر الى أعمال العنف التي شهدتها الشوارع
هذا الشهر. وقال البعض انهم سيدلون بأصواتهم لكنهم تساءلوا بشأن جدواها.
وقال هاني ممدوح (20 عاما) وهو طالب هندسة "سوف أنتخب لكني غير
مقتنع بهذه الانتخابات." وأضاف أن كثيرين من المصريين خلطوا بين معارضة
النشطاء للمجلس العسكري وموقفهم من الجيش نفسه.
وقال وقد بدا عليه الاحباط "الناس لا يفهمون أننا حين نقول اننا
نريد رحيل المجلس العسكري نقصد أن يستأنف دوره في حماية البلاد."
وتساءلت هايدي عما اذا كان مجلس الشعب الذي سيتكون بعد انتخابات
تستمر ستة أسابيع ستكون له سلطة تمكنه من الوقوف في وجه العسكريين
الذين تعهدوا بنقل السلطة للمدنيين في يوليو تموز بعد انتخابات رئاسية
تجرى في يونيو حزيران.
وقالت "المشكلة أنه في وجود المجلس العسكري لن تكون هناك سلطات
لهؤلاء الناس (السياسيون المدنيون). كل هذه أمور شكلية لان المجلس
العسكري يقيدهم. انه يعين حكومات إنقاذ وطني بلا سلطات."
ويدعو النشطاء في التحرير الى تشكيل حكومة انقاذ وطني فورا تحل محل
المجلس العسكري. ويرفض العسكريون التنحي لكنهم عينوا رئيس الوزراء
الاسبق كمال الجنزوري (78 عاما) الذي عمل أيام مبارك رئيسا جديدا
للوزراء وكلفوه الاسبوع الماضي بتشكيل حكومة انقاذ وطني.
وقال الجنزوري انه سيحصل من المجلس العسكري على صلاحيات تفوق
الصلاحيات التي نالها سابقوه من المجلس.
وقال عضو في المجلس العسكري ان مجلس الشعب الجديد لن يكون من حقه
إقالة الحكومة أو تعيين حكومة جديدة.
ودعا المعتصمون الى مظاهرة حاشدة يوم الجمعة لتأبين "شهداء"
الاحتجاجات منذ ولاية المجلس العسكري. وقال مصدر في الجمارك ان وزارة
الداخلية استلمت شحنة زنتها سبعة أطنان من قنابل الغاز المسيل للدموع
واردة من الولايات المتحدة وستحصل على 14 طنا أخرى.
وكان الفقر المدقع المتفشي في ظل مبارك أحد أسباب الانتفاضة عليه.
ويعيش نحو 16 مليون مصري من بين السكان الذين يبلغ عددهم 80 مليونا تحت
خط الفقر اذ يعيشون على أقل من دولار في اليوم للفرد.
ويعتقد بعض المعتصمين أن الاحتجاجات الشعبية هي الوسيلة الوحيدة
لمواجهة العسكريين الذين لا يزالون في السلطة. وكون بعض النشطاء أحزابا
سياسية لكن بعضهم ترك الحملة الانتخابية للعودة الى الميدان خاصة أن
أحزابهم جديدة على الناخبين واقل تنظيما بكثير من الاخوان المسلمين
والسلفيين الذين برزوا بقوة على السطح في الجولة الاولى.
قنابل التحرير
الى ذلك أظهرت لقطات تلفزيونية رشقا بالقنابل الحارقة من جانب شبان
غير معروفين في ميدان التحرير بالقاهرة مع ختام الجولة الاولى من
انتخابات مجلس الشعب التي سادها الهدوء وهي أول انتخابات تجرى في
البلاد منذ إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك، ويعتصم ألوف النشطاء في
ميدان التحرير، وقال محمد السعيد أحد قادة الجماعات التي نظمت الاحتجاج
للتلفزيون المصري الباعة الجائلون هم من يرمون كرات اللهب ومعهم أنابيب
اسطوانات بوتاجاز وليس معهم أي أوراق تثبت هوياتهم ويريدون أن يبقوا في
الميدان، وأضاف كلهم متمركزون في ميدان عبد المنعم رياض المجاور الان
ونحن نريد أن نحمي الناس والاسر التي في الميدان، وقبل أيام قال نشطاء
ان شبانا غير معروفين يدخنون سجائر محشوة بالبانجو أو الحشيش يترددون
على الميدان وانهم يخشون منهم على الاعتصام الذي يطالب بالانهاء الفوري
للادارة العسكرية للبلاد، وقال النشطاء انهم عملوا على طرد هؤلاء
الشبان والباعة الجائلين، وقال التلفزيون الرسمي ان باعة جائلين طرف في
الاشتباك، وفي وقت سابق قال شهود عيان ان مشاجرات نشبت بين باعة جائلين
كانوا يخدمون المحتجين المعتصمين في ميدان التحرير. بحسب رويترز.
فيما قال الشهود ان اندلاع المشاجرات أدى الى تدخل المسعفين الذين
يعملون في الميدان لإنهائها، وكان بعض المشاركين في المشاجرات يحملون
عصيا وتم إتلاف أكشاك الباعة، حيث كان المحتجون يشتبكون مع الشرطة في
الشوارع القريبة وهاجمت الشرطة في اكثر من مناسبة الميدان في محاولة
لإخلائه، وسقط في الاشتباكات 42 قتيلا وأصيب نحو ألفين.
اشتباكات
في سياق متصل قال أطباء وشهود عيان ان نحو 80 شخصا أصيبوا في
اشتباكات بين نشطاء وبلطجية في ميدان التحرير بالقاهرة بينما ذكرت
وكالة أنباء الشرق الاوسط أن أكثر من 52 من المصابين عولجوا في الميدان،
وقال الطبيبان ابراهيم أحمد وأحمد عزت انهما عالجا سبعة نشطاء في عيادة
مؤقتة أقاماها قرب مكان الاشتباكات، بينما قال شهود عيان ان سيارات
اسعاف تنقل من تلحق بهم اصابات جسيمة الى عيادات ميدانية أخرى كانت
أقيمت في السابق في الميدان أو الى المستشفيات القريبة في المدينة،
فيما قال عادل عدوي مساعد وزير الصحة للشؤون العلاجية ان عدد المصابين
بلغ 79 وان 27 منهم نقلوا الى المستشفيات وعولج الباقون في عيادات
الميدان المؤقتة، وقال الشهود ان المهاجمين استخدموا القنابل الحارقة
والحجارة والزجاجات الفارغة في بداية الهجوم لكنهم استخدموا أيضا طلقات
الخرطوش، وقال المنسق الجماهيري لحركة شباب 6 ابريل في محافظة
القليوبية المجاورة والذي أصيب بطلق خرطوش في الوجه الهجوم تشنه عصابات
منظمة وكان الغرض منه استدراج المعتصمين الى خارج الميدان، وأضاف بينما
ضمادات على وجهه بعد علاجه حين رأى البلطجية أنني أنادي على المعتصمين
بألا يخرجوا خارج الميدان ضربني أحدهم بطلقة في وجهي، وقال الناشط شادي
محمد انه لا يستبعد أن تكون وزارة الداخلية وراء الهجوم،الى ذلك قال
محمد السعيد أحد قادة الجماعات التي نظمت الاحتجاج للتلفزيون المصري
الباعة الجائلون هم من يرمون كرات اللهب ومعهم أنابيب اسطوانات بوتاجاز
وليس معهم أي أوراق تثبت هوياتهم ويريدون أن يبقوا في الميدان، وأضاف
كلهم متمركزون في ميدان عبد المنعم رياض المجاور الان ونحن نريد أن
نحمي الناس والاسر التي في الميدان.
وفي وقت سابق قال شهود عيان ان مشاجرات نشبت بين باعة جائلين كانوا
يخدمون المحتجين المعتصمين في ميدان التحرير. بحسب رويترز.
غضب المصريين
من جهة أخرى يشعر الحاج محمد الاسكافي بصدمة وكذلك بائع الصحف على
ناصية الشارع الذي يوجد به مقر رئاسة الوزراء في مصر، وقال الاسكافي
الذي أغلق الابواب المعدنية لورشته الصغيرة حتى لا يدخلها الغاز المسيل
للدموع الذي عبأ الشارع وحمله الهواء هؤلاء المحتجين في ميدان التحرير
لا يريدون الخير لمصر يريدون تدمير البلاد، وتساءل بائع الصحف مستغلا
اول زبون يجده للتنفيس عن غضبه من المحتجين الذين هاجموا ثلاث شاحنات
لقوات الامن في شارع جانبي قريب هل توافق على ما يحدث في هذا البلد،
وقال عبد الفتاح نصار 42 عاما وهو محام ومتحدث باسم مجموعة على فيسبوك
تحمل اسم ائتلاف الاغلبية الصامتة ان هؤلاء الناس جزء من المجموعة التي
ينتمي اليها وهم المصريون الذين يقدمون الاستقرار على السياسة والذين
لا يسمع صوتهم أحيانا في ظل صخب الجدل بين الفصائل السياسية المتنافسة،
وقال ان هدف مجموعته الرئيسي هو تحقيق الاستقرار، ويراهن المجلس
العسكري الذي يدير مصر منذ الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك على أن
هؤلاء الناس هم الأغلبية، وفي ظل تعرض مصداقية الجيش للخطر والانتقادات
التي توجه لأدائه يؤكد أعضاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة أن عشرات
الالاف من المصريين الذين يطالبونه علنا بتسليم السلطة لمدنيين لا
يمثلون وجهة نظر الشعب المصري البالغ تعداده أكثر من 80 مليون نسمة،
وفي عرض رئيس المجلس المشير محمد حسين طنطاوي والذي انتقلت اليه
صلاحيات رئيس الجمهورية اجراء استفتاء على ما اذا كان يجب أن يبقى
المجلس في الحكم حتى انتهاء عملية التحول الطويلة التي يتصورها القادة
واثقا فيما يبدو من أن الشعب سيؤيده، ولكن اذا كانت هذه الاغلبية
المزعومة صامتة فهي ايضا ليس لها نشاط بحيث يصعب تقييم حجمها الحقيقي،
وحين دعت مجموعة الفيسبوك التي يمثلها نصار ولها نحو 13 الف معجب لتجمع
حاشد لدعم المجلس العسكري لبى الدعوة عدة الاف في مدينة يسكنها 15
مليونا لكن الجمع لا يقارن بالحشود التي تدفقت على ميدان التحرير في
ذلك اليوم للمطالبة برحيل المجلس، واستطلاعات الرأي الموثوقة قليلة جدا
في مصر. لكن استطلاعا أجراه معهد بروكنجز ومؤسسة زغبي على 750 شخصا
أظهر أن 43 في المئة يعتقدون أن السلطات العسكرية تتباطأ او تضيع مكاسب
الثورة. ولم تتجاوز نسبة من يعتقدون العكس 21 في المئة، وشهدت اضطرابات
قتل خلالها اكثر من 40 محتجا في اشتباكات مع قوات الامن مما قوض الدعم
والتعاطف مع الجيش على الاقل بين القوى السياسية المهمة التي تتنافس في
الانتخابات، وقال ائتلاف الاغلبية الصامتة في بيان رسمي على صفحته ان
الغرب يدبر مؤامرة لاضعاف مصر وعزلها بالاستعانة بعملاء في الداخل حتى
تتولى الحكم حكومة اسلامية متشددة فيستطيع الغرب حينذاك أن ينقلب ضدها
بوصفها تمثل تهديدا للسلم والامن الدوليين، وأضاف البيان أن الغرب من
خلال عملائه في انحاء مصر سيشجع الاضرابات والاعتصامات في كل مكان حتى
يضمن الا يعود الانتاج بطاقته الكاملة لتطلب الحكومة قروضا من المنظمات
الدولية الخاضعة للولايات المتحدة واللوبي الصهيوني، وكان اعضاء
بالمجلس العسكري قد وجهوا اتهامات لبعض المحتجين في ميدان التحرير
بتلقي تمويل من دول غربية. ويتهم الكاتب علاء الاسواني الذي يدعم
الثورة بدوره قادة الجيش بغض الطرف عن التمويل المالي الخليجي للجماعات
الاسلامية. بحسب رويترز.
ومن المفارقات أنه في حين أن المساعدات الغربية للمجموعات المتواجدة
في ميدان التحرير غير مثبتة او انها غير مباشرة بدرجة كبيرة فان المجلس
العسكري نفسه لايزال يتلقى معونة من الولايات المتحدة تتجاوز المليار
دولار سنويا وهو ما وصفه قادة مصريون في وثائق سرية نشرها موقع
ويكيليكس بأنه ثمن الحفاظ على السلام مع اسرائيل، وقد لا يمثل حجم
الاغلبية الصامتة المزعومة أهمية خاصة اذا لم تصوت في الانتخابات
البرلمانية، ورفض احمد حسن وهو طبيب عالج متظاهرين مصابين في مستشفى
ميداني بميدان التحرير فكرة وجود أغلبية صامتة وقال "نسميهم حزب الكنبة
الاريكة لن ينهضوا عن الكنبة ابدا وبالتالي لابد أن نواصل الضغط.
مرحبا بكم في الجحيم
وفي الوقت ذاته قبل أن يتمكن الاطباء من علاج العدد الذي يتدفق
باستمرار من المصابين على مستشفاهم الميداني المؤقت في ميدان التحرير
مقر الاحتجاجات في قلب العاصمة المصرية القاهرة كان عليهم أولا أن
يعالجوا أنفسهم من أثر الغاز المسيل للدموع الذي يعبيء الاجواء، عملية
تقديم الرعاية الطبية للشبان الذين يواجهون قوات الامن المصرية محفوفة
بالمخاطر.. اذ يقول طارق سالم وهو أحد الاطباء الذين ظلوا يعملون في
المستشفى الميداني حتى وقت متأخر ان ثلاثة من الاطباء المتطوعين قتلوا
حتى الان بسبب العنف، وقال كانوا حديثي التخرج وهو يسكب كمية من
المحلول الملحي على وجهه لمواجهة اثار أحدث وابل من الغاز، وأضاف أن
أحدهم قتل اختناقا من أثر الغاز بينما قتل الاخران بطلقات نارية أصيبا
بها بينما كانا يقيمان الاصابات في الخارج، رائحة الغاز لا تقل شدة
داخل المستشفى الميداني عنها في خط النار القريب حيث واجه شبان سلاحهم
الوحيد هو الحجارة قوات الامن من الاحتجاجات ضد المجلس الاعلى للقوات
المسلحة الذي يدير شؤون البلاد، تسقط قنبلة واحدة على الاقل يوميا في
قلب المستشفى الميداني المقام في ساحة مسجد صغير بشارع ضيق مما يؤدي
لاستمرار أثر الغاز في المكان الضيق لفترة طويلة، وقال سالم الخدمة
تحسنت من أول يوم وجفف وجهه بينما جعلت زخة أخرى من الغاز المسيل
للدموع كل الناس يضعون على الفور الاقنعة الواقية، المستشفى لا يعدو
كونه بطاطين موضوعة على الارض. وتم تطويق المنطقة التي يجري فيها علاج
المصابين بشريط لاصق. وتتكدس فيه كميات كبيرة من الامدادات الطبية،
وقال أحد المتطوعين عند مدخل المستشفى الميداني مرحبا بكم في الجحيم،
كان بعض الاطباء يضع أقنعة واقية من الغاز بينما غطى اخرون وجوههم
بأقنعة طبية غير مخصصة لمهمة الوقاية من الغاز، وقال سالم يصلنا جريحان
او ثلاثة كل دقيقة... 60 أو 70 في المئة منهم نتيجة الاختناق والباقي
نتيجة طلقات الخرطوش أو الرصاص، وفي حين أن البعض يغادر المستشفى
الميداني خلال دقائق الا أن البعض لقي حتفه، وقال سالم ان أربعة لفظوا
أنفاسهم الاخيرة داخل المستشفى اثنان نتيجة الاختناق واثنان نتيجة
الرصاص، ونقلت جثثهم سيارات الاسعاف التي يتعين عليها محاولة السير وسط
حشود غفيرة في ميدان التحرير لنقل الجثث أو المصابين بجروح خطيرة، كان
هناك أكثر من عشرة أطباء يتحركون بهمة في انحاء المستشفى الميداني
لعلاج نحو 20 مصابا، طلب أحد المسعفين ومعه مكبر صوت من الناس اخلاء
الطريق مع قدوم أحدث مصاب فاقدا الوعي، وأخذ متطوع اخر أنبوب الاكسجين
لمحاولة علاج حالة أخرى مصابة بالاختناق، ويشعر الاطباء بقلق بالغ من
أثر الغاز الذي اطلق خلال الايام القليلة الماضية، وقال سالم نرى
تشنجات خطيرة. كانت ترقد وراءه حالة تظهر عليها الاعراض ذاتها التي كان
يتحدث عنها، كما أخرج سالم من جيبه ورقة مكتوبة بخط اليد تشرح المكونات
غاز سي.اس احد الغازات المستخدمة، الكثير من عبوات الغاز التي جمعها
النشطاء لا تحمل علامات مما أثار تكهنات باستخدام أسلحة أكثر خطورة. .
بحسب رويترز.
ونفى المجلس العسكري استخدام قوات الامن أي غازات سامة، ومن المخاوف
الاخرى أن تكون الغازات التي تطلقها قوات الامن منتهية الصلاحية، ورأت
عبوة غاز تظهر فيما يبدو تاريخ الانتاج في 2001 مما يوحي بأنها استخدمت
بعد خمس سنوات من تاريخ انتهاء الصلاحية، وقال سالم ان الاطباء مصرون
على البقاء حتى النهاية لمساعدة المواطنين فيما يطلقون عليه صراعا
لاستكمال الثورة المصرية من أجل الحرية. وتابع لا أحد يريد مغادرة
المكان.. سنبقى هنا حتى ينتهي كل شئ.
سلاح حربى محظور
من جهته أوضح الدكتور أشرف بهجت، أستاذ علوم الأدوية والسموم
المساعد بكلية الصيدلة جامعة القاهرة، أنه يستبعد أن تكون الغازات التى
ألقيت على المتظاهرين هى غاز الخردل أو غاز أعصاب حاد، موضحا أن غاز
الخردل غاز حارق يسبب حروق شديدة مثله مثل ماء النار، أما غاز الأعصاب
الذى يستخدم فى الحروب فهو نوعان، سارين، وتابون، حيث لا يوجد فرق بين
النوعين، وأن أثرهما على من يستنشقهما هى تشنجات مميتة، زيادة إفراز
اللعاب، تبول لا إرادى، مغص شديد، صعوبة شديدة فى التنفس وكل ذلك فى
النهاية يؤدى إلى الوفاة، وقال أشرف إن العبوات التى عثر عليها هى لغاز
سى آر، وهى نوع من أنواع القنابل المسيلة للدموع لكن تركيزها الكيميائى
10 أضعاف القنابل سى إس، وسى إن، والتى استخدمت من قبل أثناء جمعة
الغضب، لذلك لا يمكن وقف مفعول بالماء أو المشروبات الغازية. وأكد أن
سى آر يسبب احتقان شديد فى الأغشية المخاطية للأنف والتهاب ملتحمة
العين، وعمى مؤقت، صعوبة شديدة فى التنفس، ويمكن أن يؤدى إلى الوفاة
إذا أطلق من مسافات قريبة. وأكد أشرف أن مادة سى آر يشتبه فى كونها
مادة مسرطنة، لذلك منعت أمريكا استخدامها فى مكافحة الشغب وصنفت أنها
سلاح حربى، موضحا أنه يعتقد أن تكون الشرطة استخدمت ضد المتظاهرين نوعا
من أنواع غازات الأعصاب المخففة، أو الغازات الخانقة التى تستخدم فى
المظاهرات، لكن تركيزها الكيميائى عالٍ جدا يؤدى إلى زيادة أعراضها،
موضحا أنها تسبب ضيقا حادا فى التنفس يترتب عليه تعرض المصاب إلى
تشنجات.
من جانبه قال سيد فتحى، المحامى ومدير مركز الهلالى للحريات، إن ما
تعرض له المتظاهرون من إلقاء قنابل غازات غريبة عليهم داخل الميدان أدت
إلى اختناق عدد كبير منهم واستشهاد اثنين، يعد جريمة حرب وجريمة ضد
الإنسانية واعتداء على سكن جماعة من الناس، وذلك حسب اتفاقية روما
المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية، وقال فتحي إن استخدام القوة ضد
المتظاهرين والمحتجين له قواعد ومعايير دولية، على أن تكون المواجهة
متدرجة مع عدم استخدام أدوات غير قاتلة، ولا تؤدى إلى ضرر كبير على
المتظاهرين، موضحا أن القوة تكون فى حالات الضرورة القصوى وفى حالة
تشكيل خطر دائم على قوات الشرطة عن طريق مجموعات مسلحة، وهو ما لا يحدث
فى الميدان، مع سلمية الثورة. وأوضح فتحى أن إلقاء الغازات يعد جريمة
إنسانية عقوبتها مثل عقوبة القتل العمد وهى الإعدام، وتقع العقوبة على
مُصدر القرار منصور العيسوى ومنفذ القرار الضباط والجنود بإلقاء الغاز،
وكذلك على الحاكم الذى امتنع عن إصدار قرار بوقف القتل لأنه صاحب مصلحة
وهو المشير طنطاوى والمجلس العسكرى.
قناص العيون
الى ذلك أكد مساعد وزير الداخلية المصرية والمتحدث الرسمي باسمها،
اللواء مروان مصطفى، هروب الملازم أول محمد الشناوي، المعروف إعلاميا
بـقناص العيون، والمتهم باستهداف أعين المتظاهرين أثناء فض الاحتجاجات
بميدان التحرير بالقوة، وقال مصطفى إنه غير معلوم حتى الآن ما إذا كان
هروب قناص العيون داخل أو خارج البلاد، وأضاف مساعد وزير الداخلية، أن
الجهات الأمنية حاليا تقوم بالبحث والتحقيق في هذا الأمر، نافيا تقاعس
الوزارة في القبض عليه، كما شدد على أن المعنيين يقومون بدورهم الكامل
في تنفيذ جميع أحكام وقرارات النيابة والقضاء والجهات المختصة، ونافيا
أن تكون الوزارة قد تأخرت أو تهاونت في تنفيذ القانون ضد أي شخص، وكانت
النيابة العامة المصرية قد أمرت الجمعة بإحضار الشناوي للتحقيق معه حول
دوره المشبوه في إطلاق النار على أعين المتظاهرين خلال اشتباكات ميدان
التحرير الأخيرة، وسبق أن قال عادل سعيد المتحدث باسم النيابة العامة
في مصر إن وزارة الداخلية كانت منشغلة بالأحداث الأخيرة، لكنه سيأتي في
وقت قريب لاستجوابه،"في إشارة إلى المشتبه به، الملازم أول محمود صبحي
الشناوي، وأضاف سعيد حينها أن الأدلة المقدمة ضد الشناوي تشمل أشرطة
فيديو سجلها المتظاهرون ونشروها على موقع فيسبوك، ووفقا للسلطات
المصرية، فقد تلقى ما لا يقل عن خمسة متظاهرين إصابة في العين، وكان
المتظاهرون أطلقوا على الشناوي لقب "صياد العيون وقاموا بنشر صورته
واسمه ورتبته العسكرية وكتبوا تحتها مطلوب، وألصقوها على الجدران في
عدة أماكن في ميدان التحرير، كما تم توزيع صورته في منشورات على الناس
في ميدان التحرير، إلى جانب عرض مكافأة قدرها 5000 جنيه مصري 800 دولار
لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله، وكان الشناوي مكلفا بالعمل في
شارع محمد محمود في القاهرة خلال الاشتباكات الأخيرة، وهو قناص تلقى
تدريبا عاليا، وفق ما أكدته مصادر أمنية رسمية. بحسب السي ان ان. |