إصدارات جديد: تاريخ الحضارة هو تاريخ الضرائب

 

 

 

الكتاب: بناء الرخاء

الكاتب: جين هيك

الناشر: هيئة أبوظبي للثقافة والتراث

عدد الصفحات: 330 صفحة كبيرة القطع

عرض: رويترز

 

 

 

 

 

شبكة النبأ: يرى خبير اقتصادي أمريكي أن تاريخ الحضارة هو تاريخ الضرائب وما تثيره من رد فعل أو مقاومتها شعبيا ولكنه ينبه الى أن الضرائب المفرطة تضر بالسياسة الاقتصادية. ويقول جين هيك أستاذ الحكم والتاريخ بجامعة ماريلاند ان الضرائب في أفضل الاحوال شر لا بد منه "وفي أسوأها سرطان مستشر... لم يحدث في أي وقت في التاريخ أن كانت الضرائب الاعلى مسؤولة عن النمو الاقتصادي الاكبر" مستشهدا بما يراه انتعاشا في البلاد بعد أن قام الرئيس الاسبق رونالد ريجان بخفض الضرائب عام 1981.

ويضيف هيك الذي عمل كبير مستشاري الخزانة الامريكية بوزارة المالية السعودية في كتابه (بناء الرخاء.. لماذا كان رونالد ريجان والاباء المؤسسون محقين بشأن الاقتصاد) أن سياسة ريجان اعتمدت على مبدأ اقتصادي بسيط هو أنه "لم تحقق دولة الرخاء بفرض الضرائب" ويعزز ذلك بأن خفض الضرائب بشكل كبير يعقبه نمو اقتصادي كبير نتيجة له.

ويقول ان أمريكا في الوقت الراهن ما زالت "اقتصادا في خطر" وان نظام الضرائب الحالي هو العقبة الكبرى في سبيل النمو الاقتصادي حيث يدفع الشخص العادي سنويا أكثر من 6500 دولار ضرائب اتحادية.

والكتاب الذي يقع في 330 صفحة كبيرة القطع أصدرته هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ضمن مشروع (كلمة). وترجم الكتاب أحمد محمود وهو مصري ترجم أعمالا بارزة من التراث الانساني منها (طريق الحرير) و (أبناء الفراعنة المحدثون) و (تشريح حضارة) و/مصر أصل الشجرة/ و/الاصول الاجتماعية للدكتاتورية والديموقراطية/ و/الفولكلور والبحر/ و/قاموس التنمية.. دليل الى المعرفة باعتبارها قوة/ و/عصر الاضطراب.. مغامرات في عالم جديد/ و/ التجارة في الزمن الكلاسيكي القديم/ و (عندما تتصادم العوالم.. بحث الاسس الايديولوجية والسياسية لصدام الحضارات).

وفي السطور الاولى من مقدمة الكتاب يثبت المؤلف قول الفيلسوف الالماني هيجل (1770- 1831) بأسى "ان كل ما نتعلمه من التاريخ هو أننا لا نتعلم شيئا من التاريخ" وفي نهاية المقدمة يقول ان أمريكا اذا كانت تريد أن تسود في السوق التجارية العالمية فلا بد أن تستعين "بنوع جديد من الاستحداث السياسي الذي يخلق السياسة التي تتعلم من دروس التاريخ الاقتصادي" باستخلاص دروس ثلاثة الاف عام من التاريخ.

ويقول ان استراتيجية ريجان جاءت كنسمة من الهواء لدولة "مصدومة اقتصاديا" اذ سارع الرئيس الجديد انذاك الى خفض الضرائب وان اقتصاد الدولة "استجاب" لتلك السياسات فزادت الصادرات وهبطت أسعار الفائدة وتم ايجاد أكثر من 19 مليون فرصة عمل انتاجية جديدة "ونتيجة لذلك تم في العقدين التاليين في أمريكا تحقيق صافي الثروة القومية على نحو يزيد على أي وقت اخر في تاريخ البشرية."

ويرى هيك أن بلاده في الوقت الراهن "ليست فقيرة ماديا. انها مازالت مجتمعا غنيا بالموارد بل وأغنى من أية دولة أخرى في التاريخ بما في ذلك ذاتها السابقة. ومازال اقتصادها أقوى اقتصاد على الارض ومازالت تتقدم العالم في العلوم والتكنولوجيا" الا أنه يعترف بأن أمريكا تنكمش اقتصاديا بعد أن كان متصورا قبل عقدين أن الرأسمالية الغربية تواجه تحديا خطيرا متمثلا في الاقتصاد الشيوعي والان "انهار التحدي والتصور".

وفي رسم خريطة طريق لمستقبل اقتصاد بلاده يقدم المؤلف لمحات من تاريخ نمو الاقتصاد في الحضارات الاخرى وكيف انتعش الاقتصاد بالتوازي مع التطور السياسي.. فيقول في فصل عنوانه (الانسان الاقتصادي والسعي وراء المكسب الرأسمالي) انه في حين كانت الكنيسة المسيحية تدين السعي وراء رأس المال وترى أن المكسب المادي "جشع أصيل في البشر" كانت الامبراطورية الاسلامية "القوة الاقتصادية العظمى في العالم حيث خضعت لها سوق مشتركة.. تمتد من اليابان والصين في الشرق الى المغرب والمحيط الاطلسي في الغرب بينما غرقت أوروبا المسيحية في وحل العصور المظلمة الذي ازداد عمقا."

ويضيف أن الثروة الانتاجية التي صنعها "القطاع الخاص" وفرت التمويل الذي مكن مسلمي العصور الوسطى من الاهتمام بالعلوم التطبيقية "وكان وقت الفراغ الذي جعلته تلك الثروة ممكنا هو ما دفع الحضارة الاسلامية الى أوجها الثقافي في العصور الوسطى" انطلاقا من حافز ديني يحث على امتلاك المعرفة الخاصة بالحضارات السابقة وتوظيفها في تطوير الحضارة المعاصرة.

ويسجل أن التحرير التدريجي لتجار أوروبا من القيود الاقتصادية للكنيسة بدأ بتبادل سلع مع الشرق العربي وفي تلك المرحلة بدأت نواة رأسمالية غربية انتصرت على الروح الاقطاعية التي سادت في العصور الوسطى وأثمر ذلك نتائج مهمة منها التقدم التكنولوجي بالتوازي مع النمو الاقتصادي والتطور السياسي.

ويضرب المثل ببريطانيا التي أصبحت عام 1764 في تقدير الماركيز كاراتشيولو "جمهورية ديمقراطية التجارة فيها هي الرب" وبعد أقل من قرن وبحلول عام 1860 سيطرت على نحو 45 بالمئة من صناعة العالم و40 بالمئة من تجارته في المصنوعات وثلث سفنه التجارية.

ويثبت قول الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو أن الانجليز تقدموا انذاك "أكثر من كل الشعوب في الامور الثلاثة الاكثر أهمية.. التجارة والتدين والحرية." ولكن أمريكا بالنسبة الى هيك دولة وتجمع بشري غير مسبوق..

فيقول انها كدولة للمهاجرين هي الاكثر تنوعا عرقيا ودينيا واستطاعت كسوق حرة جديدة أن تمنح للمهاجرين فرصا للاجتهاد والمنفعة وأصبحت أكثر غنى من افريقيا على الرغم من مواردها الطبيعية الاقل من القارة السوداء وأكثر سلما من امبراطورية الاتحاد السوفيتي السابق على الرغم من أن بها طوائف ومعتقدات أكثر وهي أكثر تقدما في التكنولوجيا من أوروبا على الرغم من امتلاكها تراثا فكريا أقل.

ويضيف أن أمريكا في كل مرة تستقبل جماعة مهاجرة كانت تعدل ثقافتها السائدة التي تزداد ثراء بالوافدين اذ انها تفضل الجدارة والطموح والانجاز على الميراث والتقاليد وكان هؤلاء المحرومون من حقوقهم في بلادهم يجدون السياق الذي لا يخيب امالهم.

ويصف السوق الحرة الامريكية بأنها غاية طموح الذين يريدون تشكيل مصائرهم "وهي السبب في أن أكبر عدد للعراقيين خارج العراق يقيمون في ديربورن بولاية ميشيجان وهم مواطنون منتجون يكسبون رزقهم من صناعة الخدمات الامريكية وهي السبب في أن أكبر تركز لليمنيين خارج اليمن في ديترويت حيث يكسبون رواتب من العمل في صناعة السيارات الامريكية أكبر مئة مرة عما في بلاهم."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 1/كانون الأول/2011 - 5/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م