
شبكة النبأ: سيحضى البرلمان المصري
الجديد بتفويض شعبي لم يحدث منذ عقود وقد يهز ميزان القوى في بلد طال
فيه الحكم الشمولي. وسيكون مجلس الشعب في البرلمان المصري أول مجلس
منتخب منذ سقوط مبارك وهذا الأمر وحده هو الذي قد يمكنه من تخفيف قبضة
الجيش على السلطة.
ويتعرض قادة المجلس العسكري بالفعل لضغوط من جانب الشبان المصريين
الذين عادوا الى الشوارع بعد إصابتهم بخيبة أمل من بطء عملية الانتقال
الى الديمقراطية. ومن غير المرجح ان تختفي قريبا هذه الحركة التي
يقودها محتجون معتصمون في ميدان التحرير بوسط القاهرة.
حيث يواجه المجلس الاعلى للقوات المسلحة بعد أكثر من تسعة أشهر في
ادارة شؤون البلاد أزمة سياسية كبيرة وهو يشكل حكومة جديدة بدلا من
الحكومة التي استقالت الاسبوع الماضي يمكن أن تقنع المواطنين الغاضبين
بأن خطته لنقل السلطة للمدنيين ما زالت موضع ثقة.
ميزان القوى
فقد تبرز صفوف الناخبين الطويلة والاقبال الشديد على التصويت في
الانتخابات البرلمانية التي بدأت يوم الاثنين النهضة السياسية التي
تعيشها مصر منذ الاطاحة بالرئيس حسني مبارك في فبراير شباط الماضي.
وتعد الانتخابات باحياء مجلس تشريعي لم يكن في السابق أكثر من أداة
للتصديق على قرارات مبارك. ومثله مثل سابقيه أخمد مبارك طيلة سنوات
حكمه التي امتدت 30 عاما الحياة السياسية وكرس نظام الحكم الفردي.
وقال ضياء رشوان المحلل السياسي المصري لرويترز "الكرة عادت اليوم
الى ملعب القوى السياسية. اليوم نبدأ فعلا نظامنا الجديد" مشيرا الى
نسبة الاقبال على التصويت التي فاقت توقعات مسؤولي الانتخابات أنفسهم.
وأضاف "السلطة ستكون في أيدي القوى السياسية. والسياسة الحقيقية ستكون
في أيدي البرلمان."
وقد يزيد البرلمان الجديد من الضغوط على المجلس الاعلى للقوات
المسلحة الذي يدير شؤون البلاد والذي يواجه بالفعل احتجاجات بالشوارع
وغضبا شعبيا متزايدا بسبب أسلوب ادارته للبلاد.
ويواجه المجلس انتقادات متزايدة بالسعي للاحتفاظ بالنفوذ العسكري
وبالسلطات الكاسحة التي كانت في يدي مبارك. أما المجلس فيقول ان شغله
الشاغل هو الانتقال بمصر الى طريق الديمقراطية بسلام. بحسب رويترز.
وقد تتضاءل هذه الانتقادات بعد أن مر اليوم الاول من الانتخابات
بسلام. وكان الشهر الحالي هو الاكثر اضطرابا منذ رحيل مبارك اذ لقي 42
شخصا حتفهم في أحداث عنف خلال احتجاجات مطالبة بانتقال السلطة الى
مدنيين. لكن من المرجح أن تستمر الشكوك في خطط العسكريين لنقل السلطة
رغم نفيهم الرغبة في الاحتفاظ بها.
وتجرى انتخابات مجلس الشعب على ثلاث مراحل تنتهي في يناير كانون
الثاني. وسيرغب أي حزب أو ائتلاف له حصة كبيرة من المقاعد في أن تكون
له كلمة مؤثرة في الحكومة.
وكمال الجنزوري الذي اختاره المجلس العسكري ليرأس حكومة مؤقتة جديدة
قال هو نفسه ان البرلمان الجديد يمكن أن يسعى لتغييره. وقال الجنزوري
الذي كلفه المجلس العسكري يوم الجمعة الماضي بتشكيل الحكومة الجديدة ان
مهمته ستستمر حتى الاول من يوليو تموز. وبحلول ذلك الموعد يقول
العسكريون انهم سيسلمون السلطة الى رئيس يتوقع انتخابه في يونيو
حزيران.
وأضاف الجنزوري البالغ من العمر 78 عاما والذي شغل منصب رئيس
الوزراء في عهد مبارك أن بعض الناس سيقولون ان الانتخابات قد تجيء
بأغلبية يمكنها تشكيل حكومة جديدة. وقال ان هذا أمر "وارد".
وبدا هذا التصريح متعارضا مع رسائل وجهها المجلس العسكري الذي قال
أحد أعضائه ان البرلمان الجديد لن يملك صلاحيات سحب الثقة من الحكومة
ولن يحق له اقالتها او تعيين وزراء جدد.
وستكون مهمة البرلمان الجديد الرئيسية اختيار جمعية تأسيسية من 100
عضو لصيغة دستور يطرح بعدها لاستفتاء عام. ومن الصعب تحديد ما اذا كان
هذا ممكنا قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو كما أنه ليس من
الواضح ان كان الرئيس الجديد سيحل البرلمان على الفور.
والمجلس الاعلى للقوات المسلحة له من الناحية الرسمية القول الفصل
في كل شؤون الدولة الى حين تنصيب رئيس جديد للجمهورية. الا أن المجلس
قد يجد أن الشرعية الشعبية التي سيتمتع بها البرلمان القادم أكبر مما
يمكن مقاومته.. فان هو تجاهل البرلمان على غرار ما كان يحدث في عهد
مبارك فقد يواجه موجة جديدة من الاضطرابات من المصريين الذين باتوا
يعرفون الان قوة النزول للشارع.
وسيتعين اعادة التفاوض بشأن ميزان القوى فور اكتمال الانتخابات حتى
وان كان البعض يرى أن القواعد التي وضعت للانتخاب بها ثغرات وأن الاطار
الزمني الضيق يميل لصالح الجماعات المعروفة.
لكن اذا استمرت الانتخابات بسلاسة فان البرلمان قد يتمتع بشرعية
ومصداقية تفوق تلك التي لدى المحتجين المعتصمين في ميدان التحرير رغم
أنه من غير المرجح أن تزول حركتهم الاحتجاجية قريبا.
وقال المحلل السياسي نبيل عبد الفتاح ان مسألة قدرة البرلمان الجديد
على اقالة الحكومة محل شك وان كان من الممكن أن يكون له قول فصل فيما
يتعلق بتعيين بعض الوزراء. بل انه تحدث عن احتمال نشوب صراع سياسي أكثر
تعقيدا وقال "هناك احتمال حدوث توتر بين البرلمان والجنزوري والمجلس
العسكري وبين الثلاثة والفصائل الثورية في الميادين المصرية."
مخاوف الفوضى
وتستمر عملية التصويت يوم الثلاثاء لليوم الثاني في تسع محافظات بعد
اقبال كبير ومناخ سلمي يوم الاثنين في انتخابات قد تخفف قبضة الجيش على
السلطة وتجيء بالاسلاميين -الذين ظل نشاطهم محظورا طويلا- الى المجلس
التشريعي.
وقال ضياء رشوان المحلل السياسي المصري ان السلطة ستكون في أيدي
القوى السياسية وان السياسة الحقيقية سيقررها البرلمان. وقالت الولايات
المتحدة التي حثت حلفاءها القدامى في الجيش المصري على تسريع نقل
السلطة الى الحكم المدني ان التقارير الاولية عن اليوم الاول من
الانتخابات المصرية كانت "ايجابية الى حد بعيد."
ويتوقع حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخوان
المسلمين واسلاميون اخرون ان يجيء أداؤهم جيدا في الانتخابات
البرلمانية لكن يصعب التنبؤ بنتائجها في اطار نظام انتخابي معقد مزج
بين القوائم النسبية والترشيح الفردي. وتمتد عملية التصويت الى ستة
اسابيع قادمة.
وسيؤثر التغيير السياسي في مصر -أكبر الدول العربية سكانا- في منطقة
الشرق الاوسط كلها حيث تطالب أجيال جديدة بالتغيير الديمقراطي والتي
أسقطت أو تحدت زعماء تونس وليبيا وسوريا واليمن.
وقال نبيل عبد الفتاح المحلل السياسي المصري ان هناك احتمال حدوث
توتر بين البرلمان والجنزوري والمجلس العسكري وبين الثلاثة مجتمعين
والفصائل الثورية في الميادين المصرية.
وعلى الرغم من تقارير عن عدد من التجاوزات الانتخابية ونقص في
الاشراف استغلته بعض الجماعات الا ان مراقبي الانتخابات لم يرصدوا اي
حملة منهجية لتزوير الانتخابات مثل تلك التي كانت تحدث في عهد مبارك.
وحرص الاخوان المسلمون والاحزاب الاسلامية المنافسة لهم على التواجد
أمام اللجان لاقناع الناخبين المترددين بانتخاب مرشحيهم. وأشارت منى ذو
الفقار من المنظمة المصرية لحقوق الانسان الى انتهاكات واسعة النطاق
للحظر المفروض على الدعاية الانتخابية قرب مراكز الاقتراع وقالت متهكمة
انه لم يكن هناك على الاقل توزيع للفاكهة داخل اللجان الانتخابية.
ولم يمنع طول الطوابير المصريين من المشاركة في انتخابات يعتقدون ان
صوتهم سيفرق فيها لاول مرة في حياتهم.
وقالت هدى عبد الحميد (43 عاما) وهي تقف في طابور طويل للناخبين في
حي شبرا الذي تعيش فيه اعداد كبيرة من الطبقة العاملة "يجب ان نشارك.
يجب ان ننتخب حتى لو وقفنا هنا خمس ساعات حتى تتقدم مصر.
الحرب على المخالفات الانتخابية
من جانب آخر في ظل غياب اليقين من خلو أول انتخابات حرة في مصر منذ
عشرات السنين من المخالفات يستعد الاف المصريين بالات التصوير والهواتف
المحمولة لمساعدة المراقبين في كشف المزورين والمتلاعبين.
ويخشى النشطاء دعاة الديمقراطية أن يستخدم مرشحون أثرياء واسلاميون
لديهم تمويل جيد لحملاتهم الانتخابية الاساليب القديمة للتغلب على
منافسيهم وتشمل تملق الناخبين وحشد أنصارهم في صفوف أمام مراكز
الاقتراع وتقديم أطعمة وأدوية للتأثير على اراء الناخبين.
وساعدت هذه الاساليب الرئيس السابق حسني مبارك على البقاء في الحكم
لمدة 30 عاما في وقت كانت فيه العضوية في الحزب الوطني الديمقراطي
الحاكم شرطا للوصول الى المناصب العليا في الدولة وعقد صفقات تجارية
ناجحة.
وأصدرت المحكمة الادارية العليا في القاهرة حكما بحل الحزب الوطني
بعد الاطاحة بمبارك في انتفاضة شعبية في فبراير شباط كما حل المجلس
الاعلى للقوات المسلحة الذي تولى ادارة شؤون البلاد بعد مبارك مجلسي
الشعب والشورى مما أدى لاجراء الانتخابات التي ستبدأ يوم الاثنين لكن
الاساليب القديمة تبدو باقية كما أن الكثيرين من أعضاء الحزب المحلول
ظهروا على السطح من جديد ويخوضون الانتخابات مستقلين أو ضمن مرشحي
أحزاب تأسست حديثا وأحزاب قائمة من قبل.
وقالت ليليان وجدي وهي ناشطة سياسية يتابعها أكثر من 23 ألف قاريء
على تويتر "سأنزل ومعي الكاميرا الخاصة بي. سأتكلم مع الناس وسأعمل
تقارير يومية." وأضافت أنها ستقوم بنشر الدلائل على المخالفات وستتواصل
مع منظمات المجتمع المدني لضمان أن يعرف الناس ما يحدث. وتابعت أن هذا
العمل هو مهمة الجميع بعد أن صارت السلطة في أيدي الناس وبعد أن صار
متعينا الحفاظ على هذا الوضع الجديد.
وسوف تساعد هذه الجهود التطوعية للنشطاء عشرة الاف قاض على الاقل و
120 منظمة مجتمع مدني في الاشراف على الانتخابات. وتقول منظمات تراقب
حقوق الانسان ان اللجنة القضائية العليا للانتخابات بصدد اصدار 25 ألف
تصريح مراقبة في وقت متأخر من يوم الاحد لكن هذا العدد يزيد بكثير على
التصاريح التي أصدرت في انتخابات مجلس الشعب التي أجريت عام 2010.
وتقول المنظمات الحقوقية ان 30 ألف شخص على الاقل يقولون انهم يريدون
أن يشاركوا في الاشراف على الانتخابات. ويستخدم البعض من هؤلاء الاشخاص
مواقع على الانترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي أو الرسائل النصية.
ويحتاج التحدي المتمثل في مراقبة 18 ألف مركز اقتراع وعشرات الاحزاب
وأكثر من ستة الاف مرشح يريدون الحصول على أصوات 50 مليون ناخب الى
تخطيط دقيق وفي وقت سابق على التصويت.
وعشية الاقتراع تسود حالة من الغموض. وواصلت بعض الاحزاب حملاتها
الانتخابية في الوقت الذي تدعو فيه لمقاطعة الانتخابات باعتبار أنها
غير مجدية في وجود احتجاج واسع في ميدان التحرير يطالب بتنحي المجلس
الاعلى للقوات المسلحة.
ويقول دعاة الديمقراطية الذين دربوا أكثر من ألف مراقب اضافيين
مقارنة بالعام الماضي انهم ما زالوا يعتقدون أن مصر بامكانها اجراء
انتخابات نزيهة اذا سادت اليقظة. وقال الناشط كمال سدرة ان شركته التي
تروج لاستخدام الوسائل التكنولوجية لتمكين المواطنين من المراقبة تلقت
200 شريط فيديو و400 صورة لمخالفات مزعومة في انتخابات عام 2010.
ويتوقع الحصول على المزيد من شرائط الفيديو والصور من انتخابات هذا
العام.
وتقدم منظمته ومنظمات أخرى تدريبا للمواطنين على كيفية استخدام
الهواتف المحمولة في التقاط الصور دون أن ينتبه لهم أحد حتى لا يتعرضوا
لاعتداءات. وقال "أفضل شيء تخرج به من الثورة هو أن الناس يشعرون بأنهم
يمكن أن يقوموا بدور ليس مجرد انتخاب قادتهم الجدد. انه كشف الانتهاكات
أيضا."
وتتهم بعض الاحزاب جماعة الاخوان المسلمين وهي القوة السياسية
الاكثر تنظيما في مصر بشراء الاصوات من خلال تقديم اللحوم والادوية
الرخيصة في المناطق الفقيرة تحت ستار الاعمال الخيرية.
ويقولون ان نشطاء حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الجماعة ينتهكون
حظرا على استعمال الشعارات الدينية في الانتخابات ويقولون للناخبين ان
انتخاب مرشحي الحزب واجب ديني. وقالت الناشطة الحقوقية البارزة منى ذو
الفقار ان الامل قائم في أن تكون الثورة جعلت الناس لا يخضعون للضغوط
التي تصل لحد استخدام الدين.
وتقول ومعها نشطاء اخرون انهم يتوقعون أن يستخدم الاخوان أسلوبا اخر
هو أداء صلاة جماعة خاصة قرب مراكز الاقتراع ودعوة الناخبين للاحتشاد
في طوابير طويلة طوال اليوم لمنع الناخبين الاخرين من الوصول الى
صناديق الاقتراع.
ونفى صبحي صالح وهو مرشح بارز للجماعة في مدينة الاسكندرية الساحلية
هذه الاتهامات. وقال ان جماعة الاخوان منظمة ومدربة وسيكون أداؤها
هادئا واحترافيا. وأضاف انه يأمل أن تحصد الجماعة في حدود 40 في المئة
من مقاعد مجلس الشعب.
وفي وجود ألوف المصريين الذين سيجمعون على الارجح أدلة على مدى شهر
من الانتخابات التي تشهد تنافسا حاميا يحذر المراقبون من سيل من
التقارير التي يمكن أن تشوه الانتخابات بشكل لا يمكن اصلاحه. وقالت
كامبل "لن تحصل على تقارير تفيد بوجود مراكز اقتراع هادئة تماما."
صعوبة في النظام الانتخابي
الى ذلك لا يزال قطاع عريض من المصريين يجد صعوبة في فهم النظام
الانتخابي الجديد الذي يجمع بين القوائم النسبية والمقاعد الفردية.
ويرى كثيرون أن النظام الانتخابي معقدا في الانتخابات البرلمانية.
وحتى من قالوا انهم تمكنوا من فهم النظام ذكروا أن غالبية الافراد
في الدائرة القريبة المحيطة بهم لم يستوعبوا الياته بعد. محمد عبد
الغني (31 عاما) وهو خريج معهد معماري متوسط ويعمل في مجال الجرافيكس
ويعيش في حي السيدة زينب بالقاهرة قال "لا.. معرفش ايه النظام الجديد."
وقال عمرو نعيم (30 عاما) وهو موظف باحدى شركات القطاع الخاص ويسكن
في حي فيصل بالجيزة "نظام القوائم مش مفهوم. استغرقت وقتا في القراءة
عنه حتى افهمه. اللي أنا لامسه أن مفيش ناس كتير هتروح تنتخب لان
العملية غامضة."
ويحذر مراقبون من أن البعض قد يستغل قلة فهم الناخبين للنظام الجديد
وخاصة البسطاء منهم لدفعهم للتصويت لصالح تيارات وأحزاب بعينها. وقال
الناشط الحقوقي جورج اسحق وهو احد المرشحين لمجلس الشعب في القاهرة
"هذا أمر وارد خاصة وأنني سمعت أن بطاقة الانتخاب لن تحتوي على أسماء
وستحتوي فقط على أرقام ورموز انتخابية وهذا سيتسبب في خلل لدى الناس."
وفي بلدة قها التابعة لمحافظة القليوبية الواقعة الى الشمال مباشرة
من العاصمة المصرية وهي بلدة صغيرة تمزج بين الطابعين الحضري والريفي
قالت أماني بكري (25 عاما) وهي ربة منزل تخرجت في كلية الاعلام "افهم
النظام الجديد لكنه نظام صعب ويصعب على الناس العاديين فهمه. هذا
النظام سيجعل النخبة تقود الناس الذين لا يفهمونه."
وفي نفس البلدة قال أحمد حافظ (28 عاما) وهو موظف أمن حاصل على
دبلوم متوسط "بصراحة أنا مش فاهمه قوي. أنا ملخوم (منشغل) في شغلي ومش
بتفرج على التلفزيون عشان كده معرفش."
وفي مدينة المحلة الكبرى وهي مدينة صناعية بدلتا النيل شمالي
القاهرة وشهدت اضرابا عماليا ضخما في السادس من ابريل نيسان 2008 يوصف
بأنه كان أحد أهم التحركات التي سبقت ثورة يناير قال مصطفى بدر (45
عاما) وهو موجه في التربية والتعليم "فهمت النظام الانتخابي من خلال
وسائل الاعلام لكن هناك علامات استفهام كبيرة لدى القاعدة العريضة التي
لم تتح لها فرصة التعرف على النظام الانتخابي الجديد."
وقال محمد علوان (59 عاما) وهو عامل نظافة في أحد الاندية الرياضية
بالمدينة "أنا عارف النظام طبعا. الناس المتعلمة اللي هنا فهموني كل
حاجة." وتم توسيع الدوائر الانتخابية وعدل النظام بطريقة تهدف الى
تمثيل أكثر عدلا للاحزاب والحركات والايديولوجيات بالاضافة الى
الجماعات الجديدة التي تشكلت في أعقاب الثورة.
وقال سيد أبو سمرة (45 عاما) وهو محاسب في مقر محافظة دمياط التي
تشتهر بصناعة الاثاث وصناعات أخرى ان النظام الانتخابي الجديد "صعب على
المتعلم فما بالك بالامي. الوضع كان بده شوية صبر عشان العوام
يستوعبوه."
الا أن ايمن السقعان (51 عاما) وهو حاصل على ليسانس اداب لكنه يملك
ورشة للنجارة في دمياط قال انه يعي النظام الجديد تماما وأضاف "الناس
بقى عندها وعي جامد.. فيه اسطوانات (مدمجة) بتتوزع يوميا من مندوبي
الاحزاب عليها طريقة التصويت."
وتبث وسائل الاعلام الحكومية وغير الحكومية برامج للتوعية بالنظام
الانتخابي الجديد كما تنظم بعض الاحزاب حملات للتوعية وتقوم ببث
اعلانات في القنوات التلفزيونية والصحف وتوزيع منشورات واسطوانات مدمجة
لتوضيح كيفية التصويت الصحيحة.
لكن يبدو أن هذا الامر غير كاف بسبب ضيق الوقت قبل الانتخابات
وبخاصة بعد اندلاع أزمة سياسية نتيجة لمطالبة محتجين ونشطاء بتسليم
المجلس العسكري السلطة للمدنيين وهي الازمة التي خطفت الاضواء من
الانتخابات.
وفي صعيد مصر قال عمرو أسامة (23 عاما) وهو طبيب أسنان من سمالوط
بمحافظة المنيا انه تمكن من فهم النظام الانتخابي الجديد من خلال
الاعلام لكنه يعرف أناسا كثيرين الامر ملتبس عليهم. وأضاف "في ناس لسه
مش عارفة هتدخل تختار ايه. لسه كنت بتكلم مع ناس بيقولوا احنا هنختار
بعض المرشحين من كل قائمة وميعرفوش أن الواحد لازم يختار قائمة واحدة
بس بكل مرشيحها. فاكرين أنهم هيختاروا أسماء."
النظام الذي تجرى به انتخابات البرلمان المصري
- ما هي الخطوط العريضة؟
ستجري الانتخابات على مراحل وستبدأ يوم الاثنين المقبل لاختيار 498
عضوا في مجلس الشعب. وستكون جولة الاعادة للمرحلة الثالثة والاخيرة في
انتخابات المجلس يوم العاشر من يناير كانون الثاني.
وقرر المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ
الاطاحة بمبارك يوم الجمعة اجراء التصويت في كل مرحلة من المراحل
الثلاث للانتخابات البرلمانية على مدى يومين بدلا من يوم واحد.
وسيعين المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد 10
اعضاء اخرين في المجلس.
كما ستبدأ انتخابات مجلس الشورى المؤلف من 270 مقعدا يوم 29 يناير
وتنتهي يوم 11 مارس اذار. وسيتم تعيين 90 عضوا من اعضاء المجلس بعد
انتخاب الرئيس المقبل للبلاد.
- ما هي الصلاحيات التي ستمنح للبرلمان؟
المهمة الاساسية للبرلمان القادم هي اختيار الجمعية التأسيسية
المؤلفة من 100 عضو لصياغة دستور جديد للبلاد. ويحق فقط للاعضاء
المنتخبين في مجلسي الشعب والشورى اختيار اعضاء الجمعية التأسيسية.
وسيتمتع البرلمان بسلطة تشريعية لكن المجلس العسكري سيحتفظ "بالسلطات
الرئاسية" حتى انتخاب رئيس جديد.
وسيحتفظ المجلس العسكري بسلطة تعيين الحكومة لكن يرجح ان يواجه
ضغوطا من البرلمان لضمان ان تعكس الحكومة القوى الممثلة في البرلمان
المنتخب.
وستجري الانتخابات الرئاسية قبل 30 يونيو حزيران 2012 بحسب ما اعلنه
المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى يوم الثلاثاء وذلك فيما
بدا أنه تنازل لسياسيين ومحتجين في ميدان التحرير بالقاهرة وفي مدن
أخرى يضغطون على المجلس بقوة لتسريع نقل السلطة الى المدنيين. بحسب
رويترز.
وكان من المتوقع وفق الجدول الزمني السابق للجيش ان تجرى الانتخابات
الرئاسية اما في اواخر 2012 أو اوائل 2013 .
- من يحق لهم التصويت ومتى سيدلون باصواتهم؟
يعيش في مصر اكثر من 80 مليون نسمة بينهم نحو 50 مليون شخص يحق لهم
التصويت. والحد الادنى لسن التصويت هو 18 عاما ولا يحق لافراد الشرطة
والجيش الادلاء باصواتهم.
ويهدف اجراء الانتخابات على مراحل الى ضمان الاشراف القضائي الكامل
على جميع مراحل العملية الانتخابية. ولم تخضع انتخابات 2010 البرلمانية
في عهد مبارك للاشراف القضائي وقالت جماعات حقوقية انها شهدت عمليات
تزوير واسعة النطاق.
- ما هو النظام الانتخابي وكيف سيعمل؟
اختارت مصر نظاما انتخابيا معقدا في اول انتخابات حرة تشهدها البلاد
منذ عقود. فمن المقرر ان يتم اختيار ثلثي مقاعد مجلس الشعب التي ستجرى
الانتخابات عليها وعددها 498 مقعدا من خلال نظام القوائم النسبية التي
يشكلها احزاب او تحالفات. ويجب ان تضم كل قائمة امرأة واحدة على الاقل
ويكون لكل قائمة رمز انتخابي محدد.
وسيتم تخصيص المقاعد نسبيا بحسب عدد الاصوات التي حصل عليها كل حزب
في الدائرة الانتخابية.
وستجري الانتخابات على الثلث الاخير من المقاعد وعددها 166 مقعدا
بنظام الانتخاب الفردي سواء كان المرشحون مرتبطين باحزاب او مستقلين.
وفيما يتعلق بالمقاعد الفردية يجب ان يكون نسبة "العمال والفلاحين"
50 بالمئة على الاقل والبقية من "الفئات". وتعود هذه التصنيفات الى
السياسات الاشتراكية في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في
الستينيات والسبعينيات ولا تزال مستمرة برغم دعوات لالغائها.
ويوجد مقعدان للفردي في كل دائرة. ويتحدد الفائز في هذا النظام
بالحصول على اكثر من 50 بالمئة من الاصوات واذا لم يحصل أي من المرشحين
على هذه النسبة تجرى جولة اعادة بين المرشح الفائز بأكبر عدد من
الاصوات ومن يليه.
ويشترط ان يكون احد المقعدين في الدائرة على الاقل للعمال او
الفلاحين ويمكن ان يذهب المقعدان للعمال والفلاحين ولا يجوز حصول
الفئات على المقعدين في دائرة واحدة.
- كيف يمكن مقارنة الانتخابات المقبلة
بسابقتها؟
بموجب النظام الانتخابي في مصر خلال عقد التسعينيات والعقد الاول من
القرن الحادي والعشرين كانت تجري المنافسة على 444 مقعدا من اصل 454
مقعدا بمجلس الشعب في جولتين بحيث يمثل كل دائرة مقعدان فقط ويقوم رئيس
الجمهورية بتعيين النواب العشرة الاخرين.
والان تم توسيع الدوائر الانتخابية وعدل النظام بطريقة تهدف الى
تمثيل اكثر عدلا للاحزاب والحركات والايديولوجيات بالاضافة الى
الجماعات الجديدة التي تشكلت في اعقاب الثورة.
وقسمت البلاد الى 83 دائرة لمقاعد الفردي و46 دائرة لمقاعد القوائم
النسبية في انتخابات مجلس الشعب.
وفيما يتعلق بمجلس الشورى ستكون هناك 30 دائرة للفردي تمثل الواحدة
بمقعدين بالاضافة الى 30 دائرة للقوائم النسبية.
- متى ستعلن النتائج؟
ربما تعطي استطلاعات الرأي لدى خروج الناخبين من مراكز الاقتراع
مؤشرات اولية لكن كثرة المراحل وجولات الاعادة والحد الادنى الذي
يستبعد اي حزب او تحالف يخفق في الحصول على نصف بالمئة على الاقل من
الاصوات الصحيحة في نظام القوائم النسبية في جميع انحاء البلاد يعني ان
الصورة النهائية للنتائج ربما لا تتضح الا بعد انتهاء عملية التصويت
بكل مراحلها.
- ماذا يتوقع المحللون؟
يعترف اغلبهم انه بالنظر الى النظام الانتخابي المعقد وعدد الاحزاب
الكثيرة التي تشكلت منذ سقوط مبارك وحداثة العهد بحرية التصويت فان أي
توقعات هي مجرد تخمينات خاصة في ظل غياب استطلاعات رأي يمكن الوثوق
بها.
ولكن بشكل عام يتوقع محللون الا تحصل جماعة او حزب معين على اغلبية
صريحة في البرلمان الذي ربما يتسم بالتشرذم.
ويقول محللون على نطاق واسع ان الاسلاميين قد يحصلون على 40 بالمئة
من المقاعد وان يذهب ثلث المقاعد او نحو ذلك الى الليبراليين. وقد تذهب
بقية المقاعد الى الاعضاء السابقين في الحزب الوطني الحاكم سابقا
والمنحل حاليا او اخرين.
وبرغم وجود نظام القوائم النسبية الا ان من المرجح ان يركز الكثير
من المصريين على الوجوه المعروفة وليس على الايديولوجيات اذا ما تعرفوا
على الشخصيات التي يفضلونها وسط أكثر من 6000 مرشح للانتخابات.
وفي مناطق الريف على وجه الخصوص يتوقع ان يحقق الوجهاء وابناء
العائلات الكبيرة الذين كانوا يخوضون الانتخابات السابقة بصفتهم موالون
لمبارك نتائج جيدة. ويقول محللون ان تواجدهم في البرلمان قد يشكل تحديا
امام التوصل الى نظام سياسي حزبي متماسك. |