كم من الحقيقة يشكله التهديد الايراني على أمريكا؟

علي الأسدي

How real is the Iran Nuclear Threat to the United States?

Daily New Headlines Digest,

By: Ed Haas

20/1/2006

تعريب: علي الأسدي

 

تتلاحق الأحداث، وتزداد حدة تصريحات السياسيين في الادارة الأمريكية، بينما تتنافس الصحافة الناطقة باسم المحافظين الجدد من فريق الرئيس السابق بوش للدفع بادارة أوباما لاتخاذ مواقف أكثر شدة ضد ايران، دون أن تستثني القوة العسكرية لتدمير المنشآت النووية والعسكرية والاقتصادية الايرانية. ويظهر أن الدرس العراقي وما انتهى اليه من خراب تحت مبرر منع صدام حسين من استخدام اسلحة الدمار الشامل ومعاقبته على صلته بحادث 11/9/2001، قد تم نسيانه أو تناسيه. ومع كل الدلائل التي اشارت حينها أن ذلك غير صحيح وهو ما أكدته تقارير لجان التفتيش، وما اثبتته الحرب فيما بعد أيضا، لكن الادارة الأمريكية، وكما نعرف جميعا أن اهداف الحرب كانت غير ذلك تماما.

 وكنا حينها في تماس مع ما نشر وينشر على مدار الساعات والأيام، حتى أصبحنا نردد بدون وعي من ما تردده وسائل الاعلام عن الأسلحة البايولوجية والكيماوية والصواريخ البعيدة المدى التي تستطيع حمل رؤوس بايولوجية ضد بريطانيا خلال 45 دقيقة. أكثرنا الآن يتذكر كيف أديرت الحملة الاعلامية في العالم، وبخاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا واسرائيل، وها نحن شهودا مرة أخرى على ما ينشر هذه الأيام، وخاصة بعد ما نشر بأن الوكالة الدولية للطاقة النووية قد اكتشفت في المنشآت النووية الايرانية أدلة على سعي ايران لانتاج سلاح نووي. لقد باشرت وسائل الاعلام الناطقة باسم المحافظين الجدد وكأنها على موعد مع الأخبار لتبدأ حملتها، وهي نفس وسائل الاعلام التي قادت ومهدت للحرب على العراق، وقبلها على افغانستان البلد الأفقر في العالم.

وللترويج لخيار الضربة العسكرية وكسب التأييد الشعبي لها في الولايات المتحدة واسرائيل خاصة، قامت الصحافة الاسرائيلية بتدبيج المقالات عن شرعية قيام اسرائيل بتنفيذ عملية عسكرية ضد ايران لكسب الشعبية للعملية داخل وخارج اسرائيل. فخلال أسبوع واحد نشرت وسائل الاعلام الاسرائيلية وحدها أربعة مقالات حول ذلك الموضوع. فقد نشرت صحيفة أورشليم بوست في منصف نوفمبر الحالي مقالا بعنوان: " تحقيق السلام ينبغي أن يسبق بناء شرق أوسط خال من الأسلحة النووية. " بقلم: أفرام هالفي.

وكتبت صحيفة هآريتس، مقالا بعنوان: " فشل الغرب في الشرق "، بقلم أفرام هالفي أيضا ونشرت صحيفة يدعوت أحرونوت، مقالها الافتتاحي بعنوان: " موقف اسرائيل من السلام "

كما نشرت صحيفة اسرائيل نيوز، مقالا افتتاحيا بعنوان " هل لدى العالم استعدادا لمواجهة ايران؟ ".

هذا اضافة إلى تصريحات العسكريين والسياسيين الاسرائيليين عن الموضوع، كانت رئيسة حزب كاديما ووزيرة الخارجية الاسرائيلية في حكومة شارون السابقة واحدة منهم، حيث كتبت مقالا في صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية ربطت فيه بين الربيع العربي وضرورة التصدي للخطر الايراني. ويمكن فهم معنى ومغزى هذا الصراخ على السلام من جانب اليمين الاسرائيلي سافك دماء الشعب الفلسطيني، فهم يتحدثون عن التهديد النووي الايراني غير الحقيقي وغير الموجود، وربما غير الممكن أيضا، بينما هم مسلحون حتى الأسنان بمختلف أسلحة التدمير الشامل، ليس الآن بل منذ عقود. ولمعلومات القراء الأعزاء فان الاعلام الأمريكي مهيمن عليه من قبل احتكار اعلامي قريبا من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وينطق باسم اليمين المتطرف في أوساط الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مجلسي الكونغرس فيها، ويحرض على الحرب والعدوان على الدول العربية. والمقال أدناه يلقي بعض الضوء على نفوذ ذلك الأخطبوط الاعلامي ودوره في الترويج للحرب على العراق قبل 2003 وحاليا للحرب على ايران.

وعودة إلى مقال الأستاذ هاس حول حقيقة التهديد النووي الايراني الذي يبدأه بالاشارة إلى اباطرة الاعلام في الولايات المتحدة فيقول: اذا حصل واهتديت إلى الأخبار من الخمسة الكبار في وسائل الاعلام العالمية، Th Walt Disney Company , Time Warner , Viacom , Bertelsman AG , and News Corporation. التي أن جمعتها فستجدها تهيمن على 90% من عناوين الأخبار العالمية، وعندها سيكون من المشكوك فيه أن لا تصدق ما تبثه من قصص حول طموح ايران لبناء ترسانة نووية، وما يشكله هذا من تهديد للولايات المتحدة الأمريكية. وفي غياب الواقعية في التفكير فان عناوين الأخبار تلك، ليست أكثر من نشر الخوف، وتضخيمه في عقول الناس، لتشجيع المواطنين الأمريكان على دعم بنك الاحتياطي الفيدرالي ومجلسي الكونغرس، والادارة الأمريكية لدفعها مرة أخرى للقيام بعملية عسكرية استباقية جديدة في الشرق الأوسط بمبررات مفتعلة وزائفة.

الحقيقة، هي أن ايران تريد أن تحصل على الطاقة النووية لتنضم إلى قائمة الدول التي تتزايد باستمرار والتي قامت بالانتفاع من الطاقة النووية، فكم هي الدول التي تنتفع فعلا من الطاقة النووية داخل حدودها؟

 القائمة ربما تفاجئ الجميع، فالارجنتين، وأرمينيا، وبلجيكا، والبرازيل، وبلغاريا، وكندا، والصين الشعبية، وجيكيا، وفنلندا، وفرنسا، وألمانيا، وهنغاريا، والهند، واليابان، وكوريا الجنوبية، وليتوانيا، والمكسيك، وهولندا، والباكستان، ورومانيا، وروسيا، وسلوفاكيا، وسويسرا، وسلوفينيا، وجنوب أفريقيا، واسبانيا، والسويد، وتايوان، وأوكرانيا، وبريطانيا، والولايات المتحدة. وبحسب المركز الدولي للمعلومات عن اليورانيوم فان هناك 441 مفاعلا نوويا قيد العمل في هذه الدول. وهناك دولا في انحاء العالم تعمل على حيازة الطاقة النووية، مثل مصر، أندونيسيا، ايران، كوريا الشمالية، تركيا، فيتنام. اما الدول المعروفة بحيازتها على السلاح النووي، فهي روسيا، والولايات المتحدة، فرنسا، الصين الشعبية، بريطانيا، الباكستان، الهند، وتعتبر اسرائيل واحدة من الدول الثابت أنها دولة نووية، لكنها في واقع الحال لا تعترف، ولا تنفي حيازتها على اسلحة نووية، اضافة الى كوريا الشمالية المصنفة أمريكيا على أنها دولة تحوز على الطاقة النووية منذ عام 2005. جنوب أفريقيا كانت في فترة سابقة ذات قدرات نووية عسكرية، لكنها أعلنت عن تخلصها منها. وفي واقع الحال أن المنشآت النووية العاملة حاليا تتواجد في 31 بلدا، وأن سبعة دول في طريقها لانتاج الطاقة النووية، فهل حقا أن الولايات المتحدة مهددة بحيازة ايران على الطاقة النووية؟

هناك حقيقة، وهي وجود 31000 ألف رأس نووي موزعة أو مخزونة لحين الطلب في ثماني دول، هي الصين، وفرنسا، والهند، والباكستان، واسرائيل، وروسيا، وبريطانيا، والولايات المتحدة. فهل يعقل أن تقوم ايران باستهداف الولايات المتحدة أو أحد حلفائها، فهي لن تقوم بذلك حتى لو امتلكت 20 رأسا نوويا، وهي تعرف أنها لو قامت بذلك فستتحول إلى رماد؟؟ وسواء كانت ايران نووية أو لا فانها لن تشكل خطرا نوويا للولايات المتحدة، فهذا غير ممكن حتى في الرياضيات. ووفق منظمة الذرة من أجل السلام، أنه من مجموع 31000 رأسا نوويا، هناك 13000 رأسا نوويا موزعة وجاهزة للعمل، وأن 4600 رأسا نوويا آخر تحت الانذار، حيث يمكن أن تطلق خلال دقائق. القدرة التفجيرية لهذا السلاح هي 5000 ميغا/ طن، ما يعني أنها أكثر تدميرا من القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما بمائتي ألف مرة. ليس لايران القدرة لامتلاك واحدة منها. بناء على ذلك أو بسببه هل من الممكن أن تكون الولايات المتحدة مهددة من قبل الطموحات الايرانية؟ لا يبدو ذلك ممكنا، غير أن الماكنة الاعلامية التي تصرخ يوميا تحاول اقناعنا بذلك بما لا ينسجم مع الواقع، لكن هذا هو ديدن الدعاية، ومن اجل هذا أوجدت مهنة تصنيع الأقاويل على أنها اخبارا لدحض وتكذيب الحقائق. الواقع أنه مهما قيل فان ايران سواء طمحت لحيازة الطاقة النووية للأغراض السلمية أو لا، لا تشكل أي تهديد للولايات المتحدة. وقبل أن تصبح باكستان دولة نووية كانت الدول الاسلامية محاطة بدول نووية غير مسلمة. لذلك وبدءا من عام 1970 كانت باكستان تفكر بحيازة السلاح الذري كخيار أخير في حال تعرضت لغزو من جانب الهند أو من الاتحاد السوفييتي. وهناك عدة أدلة على أن باكستان كانت محقة في ادعاءاتها وحساباتها ذات العلاقة بحيازة السلاح النووي. ففي عام 1979 عندما زحفت القوات السوفييتية على أفغانستان المجاورة دب القلق في باكستان، فيمكن أن تكون هدفا تاليا للاتحاد السوفييتي. ومما زاد باكستان قلقا، أن قامت الولايات المتحدة باعلامها أنها لن تتمكن من ارسال قواتها للدفاع عنها في حالة تعرضها للغزو السوفييتي. وفي حالة غياب الدعم من قبل الولايات المتحدة يصبح أي ادعاء بوجود تحالف بين الباكستان وأمريكا مشكوكا فيه في عيون وقناعة الحكومة الباكستانية والشعب الباكستاني، وهذا ما دفعها أكثر نحو ضرورة أن تكون دولة نووية.

ومع أن العلاقات الباكستانية الأمريكية قد تحسنت كثيرا منذ 11/9/2001، لكن الحقيقة الثابتة أن باكستان لعبت دورا بمساعدة ايران وكوريا الشمالية في التقدم في برنامجهم النووي منذ 1990. بكلمة أخرى من دون مساعدة باكستان فانه من غير الممكن لايران أن تصل إلى ما وصلت اليه،وأن تبدي هذا الحماس في تنفيذ برنامجها النووي. وبصرف النظر عن التعاون السابق بين باكستان وايران وكوريا الشمالية، فان الافتراض بان قوة ايران النووية المستقبلية تشكل خطرا بينا على الشرق الأوسط والولايات المتحدة، هو ببساطة غير واقعي ويصعب قبوله، وبخاصة عند مقارنتها بالولايات المتحدة التي تنشر رؤوسا نووية حول العالم.

الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة أظهرت بوضوح ايجابية وجود قوى نووية كل منها تخشى الأخرى من تعرضها لهجوم الطرف الآخر. واذا أيا من الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة لم يكونا قوى نووية خلال الحرب الباردة فمن المحتمل الافتراض أن أحد الطرفين ربما يهاجم الآخر. لكن لو أن أحد الطرفين قد حاز على السلاح النووي، فربما يكون الطرف الآخر مهددا وعندها تتحول الحرب الباردة إلى حرب ساخنة. الحكومة الباكستانية والهندية لا تثق الواحدة بالأخرى، لكن معرفتهما بحيازة كل منهما على السلاح النووي سيجعل كل منهما يتصرف بروية، ولا يفكر أحدهما بالهجوم على الآخر. وقد سبقهم بّذلك الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، فكلاهما مسلحا نوويا، وبفضل ذلك أمكن صيانة السلام في العالم.

ولعل من المفيد القول أنه خلال التسعينيات اعتبرت باكستان ايران كأقرب حليفاتها، لكن الوقت قد تغير وتغيرت أيضا التحالفات. فايران الآن تعتبر ملاذا شيعيا محافظا، بينما باكستان تنزلق باتجاه دولة عقائدية سنية، وايران الشيعية غاضبة من تعاون باكستان الوثيق مع الولايات المتحدة، حيث اعتبرت التحالف الأمريكي/الباكستاني كفرا. ايران تعلم، والعالم كله يعلم، أن اسرائيل دولة نووية وهي متفوقة تفوقا عسكريا حاسما على ايران، لكن اسرائيل لا تعترف بذلك. يمكن لايران أن تطلق كلمات الكراهية تجاه اسرائيل، لكنها لا تتسامح مع صواريخ تطلق ضدها، فاسرائيل ليست كالولايات المتحدة التي تحارب من أجل النفط، فهي تدافع عن وجودها من أجل البقاء. ولهذا فهي لا تتردد في تدمير المنشآت النفطية الايرانية اذا ما قررت القيام بعمل عسكري يحقق لها منافع تاكتيكية.

المشكلة مع ايران أن مساعيها لتطوير برنامجها النووي موثقة جيدا وهي موجودة منذ ما يزيد على عقدين من الزمن. لقد لعبت باكستان دورا هاما في تطوير برنامج ايران النووي، ومع التقارب الباكستاني الأمريكي، وتواجد آلاف الجنود الأمريكيين في قواعد عسكرية لهم في العراق وفي الخليج اندفعت ايران بقوة للتسلح باقصى قدراتها تماما مثلما فعلت باكستان عندما علمت أن الهند أصبحت دولة نووية. فمنذ عام 2006 بدأ أباطرة الاعلام في الولايات المتحدة المتخصصون في مختلف المهام الدعائية حملة شرسة وعدائية ضد ايران، وراحت صحافتها تبرز على صدر صفحاتها الأولى وفي قنواتها الاخبارية التلفزيونية التابعة لها حملة شرسة وعدائية ضد ايران، مركزة اهتمامها بشكل مثير على التهديد الذي تشكله جهود ايران النووية، مع أنه لا يوجد في الواقع شيئا جديدا عن مساعي ايران خلال العشرين عاما الماضية. وعند مقارنة ايران بالدول الواحد والثلاثين الذين لهم منشآتهم النووية العاملة، وبالسبعة بلدان الذين يسعون للحصول على الطاقة النووية، وبالواحد والثلاثين ألف رأس نووي الموزعة في مختلف أنحاء العالم، وبقوة اسرائيل النووية، والقواعد العسكرية في العراق المجاور والخليج، لا تشكل ايران أي خطر على الولايات المتحدة أو اسرائيل، وانها لن تشكل تهديدا لأجيال عديدة في المستقبل.

اذا كانت ايران قد باشرت بالحصول على الطاقة النووية فهي أخبارا قديمة، فلماذا يجري تضخيمها في وسائل الاعلام حول العالم؟ ولماذا الآن؟ هل الذي حدث في 2006مختلف عما حدث في 2001 و2002 و2003 و2004 و2005؟ هل معدات تخصيب اليورانيوم قد ظهرت فجأة وبصورة غير متوقعة أمام العالم؟ لقد أعلن الخمسة الكبار كشفا كبيرا عندما سمحت ايران لممثلي لجنة الطاقة النووية للدخول إلى منشآت تخصيب اليورانيوم وهو ليس سرا، فقد أعلنت ايران عن ذلك قبلا، فهل يشكل هذا تهديدا للأمن القومي للولايات المتحدة؟

لا، لا يشكل تهديدا.

في ديسمبر 2005 بثت وكالة الانباء المشتركة في مقال لها بأن الرئيس بوش قد قال: بأن ايران تهديد حقيقي للولايات المتحدة، وطالب ايران بالاعلان عن عدم سعيها للحصول على أسلحة نووية. أليس نداء بوش هذا معادا؟ فقط عدة سنوات مضت طالب الرئيس بوش العراق بأن يعلن عن عدم حيازته اسلحة دمار شامل. لقد أعلن صدام مرارا أن العراق لا يمتلك اسلحة دمار شامل، لكن كيف تثبت أن ليس لك شيئا ما؟ لقد أكد عضو لجنة التفتيش الدولية سكوت ريتر مرارا لمجموع الخمسة الكبار بأن العراق لا يمتلك برنامج أسلحة دمار شامل قبل أن ينفذ الرئيس بوش تهديده بالعملية العسكرية الاستباقية في 2003. والحقيقة أن ايران تصر هي أيضا بأنها لا تسعى للحصول على أسلحة نووية، لكن مجموعة البنك الاحتياطي الفيدرالي والكونغرس الأمريكي بحاجة إلى هذه الكذبة لاقناع الأمريكيين بأن هناك حاجة لعمل عسكري ضد الخطر الحقيقي الذي تشكله ايران على أمن الولايات المتحدة. وما تحاوله الخمسة الكبار هو تقديم الأدلة التي تصور الخطر في عقول الأمريكيين ووضعهم أمام الأمر الواقع بأن ايران خطرا ويجب وقفه حالا. لكن لماذا لا يكتب الخمسة الكبار عن القنبلة الاقتصادية الحقيقية التي تمتلكها ايران، وهو تهديد واقعي. ففي اذار 2006 كشفت ايران عن الغطاء عن انشائها بورصة عالمية للنفط، وفقط بفضل مراسلي العشرة بالمائة من الصحافة الحرة غير المحتكرة من قبل الخمسة الكبار المهيمنة على الاعلام في الولايات المتحدة علمنا عن ذلك الخبر. فقد نشر أولئك الصحفيون والمحللون السياسيون أهمية وتبعات البورصة الايرانية الحرة لتجارة النفط في جزيرة كيش الايرانية القريبة من شواطئها على الخليج.

 لقد نشر الدكتور كراسيمير بيتوف استاذ الاقتصاد والمالية الدولية في الجامعة الأمريكية في بلغاريا مقالا في 15/1/2006 بعنوان: " البورصة النفطية الايرانية "، جاء فيه:

ان البورصة النفطية ستعمل على تسريع انهيار الامبراطورية الأمريكية. فالايرانيون قد تمكنوا أخيرا من تطوير السلاح النووي الذي بامكانه بسهولة تدمير النظام المالي الأمريكي، والسلاح هو البورصة النفطية المقرر مباشرتها كسوق حرة لبيع النفط الايراني. وبافتتاح البورصة الايرانية سيحدث ما يلي:

1- سيكون الأوربيون غير ملزمين بشراء أو الاحتفاظ بالدولار الأمريكي من اجل تأمين مدفوعاتهم عند شراء النفط، وسيكون بمقدورهم شراء النفط بعملاتهم المحلية أو باليورو.

2- اليابانيون والصينيون سينتفعون من شراء نفطهم من البورصة، لأنهما سيتمكنان من تخفيض احتياطاتهم من الدولار والتوجه ناحية اليورو، وبذلك يتحاشون الاضطرابات التي يتسبب بها انخفاض قيمة الدولار في السوق الدولية.

3- وللروس أيضا مصلحة اقتصادية في استخدام اليورو بدل الدولار، لأن معظم تجارتهم تتم مع اوربا.

4- الدول العربية المصدرة للنفط سيكون من مصلحتها التحول إلى اليورو للتخلص من جبال العملة الأمريكية من الورق الأخضر المتناقص القيمة.

فما تعنيه البورصة النفطية الايرانية للمواطن الأمريكي البسيط، هو أن مئات البلايين من الدولارات ستكون غير مرغوب فيها في العالم، وفي النتيجة أن عرض النقود سيتضاعف عدة مرات. وفي حالة السلع، عندما يزداد عرض سلعة معينة عن الطلب عليها فان أسعارها تميل إلى الانخفاض. لكن الأمر مختلف بالنسبة إلى النقود. فاذا زاد عرض النقود عن الطلب عليها فان أسعار السلع سترتفع، ونسمي هذه الحالة بالتضخم – وهي بمقام ضريبة غير مرئية يتحملها دافعوا الضرائب الأمريكيين. تصور أن دخل الأمريكيين سيتضاعف في الأسبوع القادم، فهل تعتقد أن أسعار السلع والخدمات ستنخفض أم تبقى على حالها أو ترتفع؟ اذا اعتقدت أن الأسعار ستتخفض، فهل ترغب أن أبيعك أسهما " لشركة امرون "؟ ( حينها كانت أسهمها معروضة في سوق الأسهم والسندات في بورصة نيويورك حينها، وقد تعرضت للافلاس بسبب مغامراتها المالية غير النظيفة).

فما حصل لأسهم " شركة امرون " أن الناس بعد أن اكتشفوا وضعها المالي الحقيقي سارعوا إلى بيع ما بحوزتهم من اسهمها. من الناحية النظرية أن قيمة الأسهم لم تنخفض بسبب انتشار أخبارها المالية السيئة، وانما لأن هناك عددا كبيرا من حملة أسهمها يرغبون ببيعها في وقت يوجد عددا أقل من الراغبين بالشراء. ونتيجة لذلك فقدت الأسهم اية قيمة بعد أن كانت قيمة السهم الواحد تسعون دولارا. كل حملة أسهم " شركة امرون " باعوا أسهمهم، وأصبح عدد البائعين أكبر من عدد الراغبين بالشراء. الحال نفسه يمكن أن يكون مع الدولار الأمريكي، فاذا توقف كثيرا من الناس والدول من الاحتفاظ بالدولار، فان قيمة الدولارات التي نحتفظ بها في محافظنا ستهبط، وسيكون مصير الورقة الخضراء مشابها لمصير عملة " كونتنانتال ". ففي عام 1775 أجاز مجلس الكونتنانتال الأمريكي اصدار عملة ورقية لتمويل حرب الاستقلال سميت " كونتنانتال " وتعهدت الحكومة الأمريكية باعادة شرائها بعد نهاية الحرب، لكن الحكومة قد طبعت منها كميات كبيرة، أفقدت الكثير من قيمتها، وقد فقدت ثقة الناس بتداولها.

فما هو خيار الولايات المتحدة، لحماية أمنها واستقرارها المالي؟ هناك أمام الولايات المتحدة الأمريكية خياران، هما:

أ‌- تصديق الدعاية التي ينشرها الخمسة الكبار محتكري الاعلام والممولين من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الذي يطبع نقدنا المضحك، ويأخذنا لغزو ايران من أجل منعها من افتتاح " بورصة النفط الايرانية ". للبعض ربما هذا هو التصرف المقبول، لكن هذا لا يغير حقيقة أن حكومتنا الفيدرالية تنفق اعتمادا على بطاقة السحب الخاصة لبنك الاحتياطي الفيدرالي وبدون حدود. منذ مدة طويلة ونحن نواجه مديونية بلغت 8 تريليونات دولار ( المديونية الحالية للولايات المتحدة تقترب من 16 تريليون دولار). بنك الاحتياطي الفيدرالي يحب الدين الهائل لأنه يمثل مدفوعات الفائدة التي يدفعها دافعوا الضرائب الأمريكيين إلى شبكة الشركات الخاصة الوثيقة الصلة بالبنك الفيدرالي.

ب‌- أن تلغى المادة 1913 فورا، والتخلص من 75 % من مجموع 1174 وكالة من وكالات بنك الاحتياطي الفيدرالي، وابطال ملايين الاجراءات والتعليمات التي تعمل بموجبها تلك الوكالات. ويجب وضع اليد على كميات الذهب التي يحتفظ بها الكارتل المصرفي " بنك الاحتياطي الفيدرالي ". واتاحة الطريق للمؤسسات المالية التابعة له للانهيار، واعادة حق اصدار النقود الورقية والمعدنية إلى وزارة الخزانة الأمريكية، وازالة الهيئات التي كانت تصدر الأوراق النقدية غير المغطاة، والعودة بنقودنا إلى النظام السابق الذي يتخذ من الذهب والفضة غطاء لها. وأخيرا هناك حاجة لتعديل الدستور الأمريكي من أجل ابطال التعديلات الستة عشر، وأن ينص في الدستور على منع الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة من الاستدانة لتمويل العجز في الميزانية الفيدرالية.

ليس هناك خيارات أخرى، وما نطرحه هنا ليس خيالا، انه حقيقة، فالنقود الورقية غير المغطاة في طريقها إلى الانهيار، بينما الرئيس الأمريكي والكونغرس وكارتل البنك الاحتياطي الفيدرالي وكارتل الخمسة الكبار في خوف من محاسبة الرأي العام الأمريكي، بحيث لم يستطيعوا التفوه بكلمة واحدة عن بورصة ايران النفطية.

ملاحظتي الشخصية، أنا عسكري سابق، فقد خدمت لمدة عشر سنوات في البحرية الأمريكية. نحن بالبراهين نسورا، وهناك حربا تستحق أن نخوضها، وهناك أسبابا تستحق أن نموت من أجلها دفاعا عن الولايات المتحدة الأمريكية. لقد حان الوقت لنا نحن مواطني الولايات المتحدة لنشر الحقيقة عن الخطر الحقيقي الذي تمثله ايران تجاه الولايات المتحدة، والعمل بجد وشجاعة لترسيخ حكومتنا ونظامنا النقدي لاجل ألا نضطر لخوض الحروب لصيانة الاستقرار لعملتنا الوطنية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 30/تشرين الثاني/2011 - 4/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م