سوريا والعرب... تسليح الجماعات الإرهابية

كتب المحلل السياسي

 

شبكة النبأ: في وقت تستعد فيه الدول العربية لفرض عقوبات اقتصادية على سوريا هناك انباء تفيد عن وجود عرض ليبي لتسليح حركات التمرد في سوريا. حيث تجتمع بعض من قيادات المعارضة الليبية السورية وبدعم من قبل تركيا وبعض التيارات المتشددة من اجل تقديم الدعم الى حركات التمرد في سوريا بالأسلحة والمال والمتطوعين.

وتحدثت تقارير عن وجود خطة عسكرية قيد التحضير وستظهر نتائجها في غضون أسابيع معدودة. ويرى مراقبون إن الحديث بين الطرفين عن السلاح بدأ خلال زيارة وفد من المجلس الإنتقالي السوري إلى ليبيا الشهر الماضي. فهناك اخبار تحدثت عن شحنات أسلحة ارسلت إلى سوريا، وأن بعض مهربي السلاح في المدينة شوهدوا وهم يبيعون أسلحة صغيرة لزبائن سوريين.

وكان المجلس الانتقالي الليبي أول دولة تعترف بالمجلس الوطني السوري حين زاره وفد من المجلس الشهر الماضي.

لكن المجلس العسكري في مصراتة نفى ذلك وقال إن هذه إشاعات شوارع ولا صحة لما قيل عن إرسال مقاتلين خارج ليبيا.

وأجرت السلطات الليبية الجديدة محادثات سرية مع المتمردين السوريين تحدث الجانبان خلالها عن أنجع الطرق لتأمين أسلحة وأموال للمساعدة في التمرد ضد نظام الرئيس بشار الأسد, وفق ما كشفته صحيفة ديلي تلغراف البريطانية.

السوريون من جهتهم طلبوا في اللقاء الذي تم في إسطنبول بحضور مسؤولين أتراك دعما من الممثلين الليبيين، وأن أسلحة عرضت عليهم مع احتمال إرسال متطوعين لمساعدتهم.

وقال مصدر ليبي إن شيئا يجري التخطيط له لإرسال أسلحة وربما حتى مقاتلين من ليبيا إلى سوريا مضيفا أن تدخلا عسكريا يجري الإعداد له وأنه في غضون أسابيع قليلة سوف يتكشف للعيان.

وقال مراقبون أن مناقشات أولية بشأن إمدادات الأسلحة جرت بين الطرفين عندما زار أفراد من الوطني السوري ليبيا في وقت سابق هذا الشهر.

ووفق الناشط بحقوق الإنسان ذي العلاقة بالوطني السوري وسام طاريس, فإن الليبيين يقدمون المال والتدريب والأسلحة إلى ذلك المجلس. ويؤكد أن الانتقالي الليبي جاد في عرضه.

وتقول مصادر بمدينة مصراتة الليبية إن أسلحة ربما تم بالفعل إرسالها. ووفق أحد مهربي السلاح خلال الثورة الليبية, فإن بعض الأشخاص قد تم بالفعل توقيفهم بينما كانوا يبيعون أسلحة لمشترين سوريين.

ويتزامن الكشف عن هذه الأخبار مع هجوم نفذه متمردون سوريون على قاعدة جوية خارج مدينة حمص مما أدى لمقتل ستة طيارين، وفقا لبيان صادر عن الجيش السوري.

ويقول عضو المجلس العسكري بطرابلس حامد الماجري إن الليبيين يشعرون بتحالف وثيق مع السوريين خصوصا أن بشار أرسل أسلحة للقذافي خلال الثورة الليبية، وثمة مئات الأشخاص الذين يريدون الذهاب للقتال في سوريا، أو المساعدة بوسائل أخرى وفق استطاعتهم.

يُشار إلى أن ليبيا كانت أول دولة في العالم تعترف بالمعارضة السورية بوصفها السلطة الشرعية.

ويقول الكاتب روبرت فيسك نقلا عن مصدر التقا به في وقت سابق ان عسكريين منشقين في مدينة أنطاكية التركية وهم يدربون الشبان على حمل السلاح الذي يحصلون عليه من لبنان والعراق، وإن المنطقة العازلة ستكون المرحلة التالية، وإن هذه المنطقة ستكون عاملا مساعدا للجيش السوري الحركي ينظم صفوفه بدون أي تدخل عسكري.

ويقول روبرت فيسك أن الجيش التركي قد يضمن منطقة عازلة بعرض خمسة كيلومترات داخل سوريا إذا أراد دعم المسلحين السوريين، مثلما حصل الثوار الليبيون في منطقة طبرق وبنغازي.

وقال إن التنسيق مع الملك عبد الله الثاني يمكن أن يؤدي إلى إنشاء منطقة عازلة في الجنوب بدرعا وهكذا يتم حصار النظام السوري كما تمت محاصرة صدام حسين بعد عام 1990 بمنطقتين محظورتين في الشمال والجنوب، وهنا يمكن أن يجد الجيش السوري حلا بدون أي تدخل عسكري، فهو يمكنه تنظيم نفسه.

وفي ظل فرض العقوبات فإن وزراء المالية العرب سيجتمعون السبت في القاهرة لمناقشة فرض عقوبات قد تشمل وقف الرحلات الى سوريا، والحد من التجارة، ووقف التعاملات مع البنك المركزي في البلاد.

فالعقوبات الجديدة ضربة قاسية لاقتصاد يعاني بالفعل في ظل عقوبات الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة.

الحكومة السورية من جهتها تحدت الموعد النهائي الذي حددته الجامعة العربية للسماح بدخول بعثة مراقبة إلى البلاد. إلى أن هذا التحدي يمكن أن يفتح الباب أمام جامعة الدول العربية لفرض عقوبات على سوريا.

تركيا من جهتها حذرت من أنها ستنضم إلى تطبيق العقوبات العربية إذا لم يوقف الرئيس السوري بشار الأسد الحملة الأمنية ضد المعارضين لحكمه.

وقال وزير الخارجية أحمد داؤود أوغلو قوله هناك خطوات يمكن أن نتخذها بالتشاور مع جامعة الدول العربية.

وفي ظل تصاعد الأزمة يخشى مراقبون من تحول النزاع إلى صراع طائفي فتسلح الشعب يحدث كارثة. ففي حمص التي تعيش صراعا طائفيا بالفعل، فالمواطنون سلحوا أنفسهم.

يقول الكاتب والمحلل السياسي أرون ديفيد ميلر في صحيفة نييورك تايمز هناك مشكلة حشد التحالف الدولي. نعم، العالم غاضب وسوريا تخضع للعقوبات والعزلة. لكن احتمالية تحريك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للمصادقة على تدخل للناتو معدومة. الروس والصينيون يعارضون ذلك على نحو قاطع، وفرنسا وبريطانيا وأميركا مترددون، وذلك لسبب وجيه.

بالإضافة إلى ذلك لا تزال سوريا تملك أصدقاء في المنطقة. لا يمكن لأي منهم أن يحميها، ولكن من المؤكد أن بعضهم قد يقوم بكل ما يستطيع لتعقيد تدخل الحلفاء، بمن فيهم إيران والعراق وحزب الله في لبنان.

سوف تدعم تركيا كلام أقسى وفرض عقوبات أقسى ضد الأسد، لكن أنقرة لن تكون في مقدمة أي تدخل عسكري. وقد يكون الإسرائيليون قادرين على تقديم المساعدة باستخباراتهم، لكن إبعادهم سيكون أمرا ضروريا لأي تدخل ناجح في سوريا.      

من المحتمل أن تكون المعركة من أجل سوريا معركة طويلة. وسوف يحتاج المتدخلون الى تحالف مكون من أطراف تتمتع برغبة حقيقية واستعداد لإتمام المهمة، وربما إحضار الجنود الى أرض المعركة.

التحالف المكون من أطراف ذات التزام جزئي قد لا يجدي نفعا. ففي حال بدأت العمليات العسكرية، لن يكون هناك تراجع. والتصعيد سيكون أمرا لا يمكن تجنبه ضد نظام سوف يستخدم كل وسيلة بحوزته للبقاء. لا يجوز تشجيع المعارضة اذا لم يكن هناك استعداد لدعمها.

ويرى محللون سياسيون ان الخيارات في سوريا ليست خيارات جيدة.  إلى الآن، الإجراءات التي تبدو منطقية تتضمن عقوبات مشددة، الدفع بالأمم المتحدة لإرسال مراقبين لحقوق الإنسان، ومراقبة الحدود السورية اللبنانية والحدود التركية السورية، والدفع بالعرب والأتراك للبدء في دعم المعارضة السورية بالمال والمساعدات العسكرية السرية التي يحتاجونها.

ويرى مراقبون إذا كان الوقت قد حان للتفكير بالعمل العسكري، على السياسيين والمخططين العسكريين التفكير به بحذر. سوريا ليست ليبيا، احتمالية وقوع عنف طائفي وحرب أهلية، واقترانها باحتمالية وجود تدخل خارجي، يجعل التعقيد والمنافسة لليبيا ما بعد القذافي يبدوان بسيطين بالمقارنة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 29/تشرين الثاني/2011 - 3/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م