
شبكة النبأ: لم يسفر تقرير بسيوني في
البحرين عن اي إصلاحات مزعومة كما وعدت السلطة، بل حتى لم يكن له تأثير
على سلوكيات الأجهزة الأمنية التي اتهمها بسيوني بالعنف المفرط، حيث
سقط مؤخرا عدد من الجرحى والقتلى أثناء قمع الاحتجاجات الشعبية
المطالبة بالإصلاح.
ويرى بعض المراقبين ان الحكومة البحرينية تسعى الى فرض الامر الواقع
عبر الكيل بمكيالين، من خلال ازدواجية التعامل مع الازمة القائمة، عبر
عدد من المعايير التي لا تخلو من الدهاء، في تزاوج مفترض بين ما هو
معلن وما هو مطبق فعليا على الارض.
استمرار احتجاجات
حيث يضع تقرير انتقد البحرين للجوئها لتعذيب منهجي لسحق احتجاجات
مطالبة بالديمقراطية الدولة الخليجية الحليفة للولايات المتحدة تحت ضغط
لاتخاذ بعض الخطوات تجاه الاصلاح السياسي لكن المعارضة تشك في انه يجري
العمل على اخذ اجراءات ملموسة.
واثبتت النتائج الصادمة التي توصلت اليها لجنة التحقيق المستقلة في
البحرين برئاسة خبير القانون الدولي شريف بسيوني صحة مزاعم الاغلبية
الشيعية وجماعات معارضة بتعرضها لقمع خلال العمل بالاحكام العرفية عقب
فض الحكومة احتجاجات.
وينبغي ان تعطي الحكومة انطباعا بانها تنفذ التوصيات اذا ارادت ان
يقر الكونجرس الامريكي بيعها صفقة أسلحة ضخمة ولكن من غير الواضح اذا
كانت اليد الطولى هي للصقور في الاسرة الحاكمة ممن يعارضون تمكين
الشيعة.
وتقول الحكومة التي يهيمن عليها السنة انها شكلت مجموعة عمل لدراسة
التقرير الذي يدعو للنظر في المظالم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية
للشيعة ولكن الاحزاب المعارضة تقول ان احدا لم يتصل بها. بحسب رويترز.
وعبر راضي الموسوي نائب الامين العام لحزب وعد عن مخاوف من أن يحاول
الفريق الحكومي دفن القضية مشيرا الى قول بسيوني بوجود ازمة ثقة بين
الحكومة والمعارضة. وأضاف ان ما كتبه البسيوني يمثل نحو 50 في المئة
فقط مما حدث موضحا وقوع حوادث اغتصاب وتابع ان الشرطة لازالت تتعامل
بعنف.
ويشكو الشيعة من التمييز ضدهم في الوظائف والسكن والتعليم وبعض
الادارات الحكومية ومنها قوات الامن والجيش. ويقولون ان الدوائر
الانتخابية تقسم لتحقيق مصالح معينة. وتقول الحكومة انها تنظر في تلك
الشكاوي ولكن المعارضة ترد بان هذه الوعود تكررت على مدار سنوات وينبغي
ان تكون ثمة رقابة دولية على استجابة الحكومة لتقرير بسيوني.
وعقب رفع الاحكام العرفية اطلق الملك حمد بن عيسى ال خليفة ملك
البحرين حوارا وطنيا في يوليو تموز اوصى بمنح البرلمان المزيد من
السلطات لمراقبة ومساءلة الوزراء ولكنه لم يغير ميزان القوة الاساسي في
البلاد. ولا يتمتع مجلس النواب المنتخب بسلطات تشريعية كاملة ولا يشكل
الحكومة.
قال وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد ال خليفة انه سيعاد
النظر فيما تم تنفيذه من اصلاحات. وذكر ان لجنة وطنية ستدعو المعارضة
بما في ذلك جمعية الوفاق الوطني الشيعية لمناقشة جميع القضايا المهمة
على الصعيدين الامني والسياسي.
واستمعت شخصيات بارزة من الاسرة الحاكمة من بينهم مسؤولون في الشرطة
والجيش لتلخيص لاذع لكيفية قمع مؤسساتهم لحركة الاحتجاج هذا العام في
احتفال اتسم بالفخامة نقله تلفزيون الدولة على الهواء مباشرة.
وجلس الملك حمد وولي العهد الامير سلمان بن حمد ال خليفة ورئيس
الوزراء خليفة بن سلمان ال خليفة على المنصة بلا حراك تقريبا بينما قرأ
بسيوني تقريره الذي تضمن الانتهاكات التي تعرض لها مواطنون لانتزاع
اعترافات ولمعاقبتهم على الاحتجاج على نظام الحكم.
وتضمن التقرير شهادات لمعتقلين لم تذكر اسماؤهم سمح لفريق التحقيق
المستقل بمقابلتهم وشملت انتهاكات جنسية وفقد البعض اعينه وتهديد
بهجمات من كلاب وسوء معاملة مرضى في المستشفيات والصعق بالكهرباء
والضرب بخراطيم وغيرها مما أدى لاصابةالبعض بعاهات مستديمة.
وشجع التقرير الجماعات المعارضة والمحتجين في الشوارع الذين يشتبكون
بشكل شبه يومي مع شرطة مكافحة الشغب في القرى الشيعية. وردد الاف
شاركوا في تشييع جنازة شعارات مستمدة من التقرير موجهة ضد رجال الامن.
وقالت الاء الشهابي وهي ابنة منشق بحريني بارز مقيم في لندن في
الجنازة "العنف مستمر والانتهاكات مستمرة لا توجد ثقة على الاطلاق بان
الحكومة ستقرأ حتى التقرير."
وركزت وسائل الاعلام وجماعات المعارضة على مقتطفات مختلفة من
التقرير التي تدين الطرف الاخر. واشادت صحف حكومية بتعليقات بسيوني
لمحطة تلفزيون العربية الفضائية والتي ذكر فيها ان ما من سبب يدعو
للثورة في البحرين ولكن صحيفة الوسط المستقلة اشارت لما ورد في تقرير
بسيوني عن قصور من جانب وزير الداخلية واجهزة الامن في التحقيق في
عمليات التعذيب.
وقال بسيوني ان جمعية الوفاق اهدرت فرصة حقيقة للاصلاح طرحها ولي
العهد ابان الاحتجاجات على أمل تحقيق مكاسب من خلال التحرك في الشارع
وليس الحوار. وقال ان احدث حالة سوء معاملة سمع بها فريق التحقيق كانت
في العاشر من يونيو حزيران حين رفعت الاحكام العرفية.
ويعتبر سنة البحرين الملك حمد صمام امان في مواجهة الاغلبية الشيعية
وثمة ضغط على السلطات لعدم التراجع عن موقفها. واقر تقرير بسيوني
بهجمات شيعية على السنة خلال الاحتجاجات.
واعربت سميرة رجب من ابرز مؤيدي الحكومة وهي عضو مجلس الشوري المعين
عن تفاؤلها وقالت ان الحكومة تشكل لجنة محايدة اخرى لبحث المصالحة
الوطنية. وتابعت أن المهم هو توافر النوايا الحسنة من جانب المعارضة
والارادة لحل المشاكل وتابعت ان ثمة مطالب سيتم دراستها في اطار زمني
محدد.
وقال مايكل ستيفنز الباحث في المعهد الملكي للدراسات الدفاعية
الامنية في قطر ان امام الاسرة الحاكمة فرصة طيبة لتجاوز العاصفة
وتفادي تغييرات حيوية. وتابع "لا ارى كيف يمكن للملك تنفيذ المزيد من
الاصلاحات. ستضر بدعائم قوته وتتحدي الركائز الاساسية لكيفية ادارته
لشؤون البلاد."
محادثات جديدة بشأن الاصلاحات
فيما قال وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد ال خليفة ان
البحرين ستبدأ محادثات جديدة بشأن اصلاحات سياسية وتعديل سياساتها
الامنية لكنها لا تزال تلقي باللوم على ايران في اثارة الاضطرابات
المدنية عندما خرج محتجون يستلهمون انتفاضات الربيع العربي الى الشوارع
هذا العام.
وأضاف ان لجنة وطنية دعت اليها لجنة التحقيق برئاسة محامي الحقوق
الدولي شريف بسيوني لتعزيز المصالحة ستذهب الى ابعد من الاصلاحات التي
ظهرت من الحوار الوطني المثير للجدل في يونيو حزيران.
وقال انه سيتعين ايضا مشاركة حزب المعارضة الرئيسي جمعية الوفاق
التي تحظى بالدعم بين الاغلبية الشيعية في المحادثات لكنه يجب عليها ان
تنأى بنفسها عن الاشتباكات اليومية بين شرطة مكافحة الشغب والمحتجين
الشيعة في القرى التي تقول الحكومة انها اعمال تخريب واضحة تضر
بالاقتصاد.
وقال الوزير وهو سفير سابق لدى لندن انه من اجل مشاركتهم يتعين
التأكد من ان جميع القضايا المهمة ستكون مطروحة للنقاش. وأضاف انه يجب
مشاركة كل الاطراف المعنية وهي خطوة مهمة للامام ويتعين عدم الابتعاد
عن هذه المحادثات.
ويعد الامير خليفة بن سلمان عم الملك حمد اقدم رئيس للوزراء في
العالم ولا يشكل البرلمان المنتخب الحكومات وليس له صلاحيات تشريعية
كاملة. لكن الانخراط في محادثات مع جمعية الوفاق يمثل نقطة شائكة في ظل
وجود دلائل على خلاف بين المتشددين والمعتدلين حول ما اذا كان يتعين
التحدث اليهم.
اشتباكات
الى ذلك اشتبك بحرينيون مع الشرطة بعد تشييع شيعي توفي في وقت سابق.
واستمد المحتجون جرأة من تقرير لجنة تحقيق حقوقية قال انه وجد أدلة على
ان انتهاكات ارتكبت خلال سحق احتجاجات تطالب بالديمقراطية في وقت سابق
هذا العام.
وخرج نحو عشرة الاف من الشيعة الذين يشكلون أغلبية في الدولة
الخليجية الى الشوارع في بلدة العالي يهتفون بشعارات مستمدة من التحقيق
الذي أجرته لجنة ترأسها خبير القانون الدولي الامريكي الجنسية المصري
الاصل شريف بسيوني.
وردد رجل كان في مقدمة جنازة فقرات من التقرير في مكبر للصوت موجها
كلامه لرجال الامن. وسخر أيضا من الحكومة بسبب نتائج التقرير الذي لم
يجد أدلة على تورط ايران في الاحتجاجات التي اجتاحت البحرين في فبراير
شباط. وردد المشيعون في جنازة رجل لقي حتفه عندما صدمت سيارة شرطة
سيارته هتافات تطالب باسقاط النظام وبسقوط العاهل البحريني.
وبمجرد أن خرجت الجنازة الى شارع رئيسي اندفع مراهقون ملثمون
ليعيدوا كتابة شعارات مناوئة على واجهات متاجر مغلقة. وبعد الجنازة وضع
شبان صناديق القمامة في وسط الشوارع درءا لمطاردات سيارات الدفع
الرباعي التي تستخدمها الشرطة. وأطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل
للدموع فيما رشقهم الشبان بالحجارة في اشتباكات استمرت نحو ساعتين.
وقال بيان لوزارة الداخلية ان الشرطة كانت ترد على شبان يرشقونها
بالحجارة وقنابل حارقة في احتجاج غير قانوني. وقال نزار الصباح الذي
يدير شركة صغيرة "الشيء الجيد في التقرير أنه يقول ان حق التظاهر مكفول
للجميع وانه لا يوجد تدخل من ايران. وهذا ما يرضي الناس." واستطرد
قائلا "لكنه (التقرير) لم يلق باللائمة على أحد." وقال صالح ابراهيم "بسيوني
لم يقل لنا شيئا لم نكن نعرفه." وأضاف "ما نحتاجه الان هو النية في
متابعته. المصداقية ستتأتى من ذلك."
واشنطن تدعو لمحاسبة المسؤولين
من جهتها دعت الولايات المتحدة إلى محاسبة المسؤولين عن انتهاكات
حقوق الإنسان في البحرين، وقالت إنه يتعيَّن على الحكومة البحرينية
اتِّخاذ خطوات لتفادي وقوع انتهاكات في المستقبل. وجاءت الدعوة
الأمريكية ردَّاً على إعلان نتائج التحقيق الذي أجرته اللجنة المستقلة
للتحقيق بالانتهاكات في البحرين.
ففي بيان قال جاي كارني، السكرتير الصحفي للبيت الأبيض: يحدد
التقرير عددا من انتهاكات حقوق الإنسان الباعثة على القلق، والتي وقعت
خلال تلك الفترة. وأضاف قائلا: ينبغي على حكومة البحرين الآن محاسبة
المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان وإجراء تغييرات مؤسَّسية لضمان عدم
وقوع مثل هذه الانتهاكات ثانية.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد رحَّبت في وقت سابق بالتقرير
الذي أعدته اللجنة الخاصة التي كانت قد شُكِّلت في شهر يونيو/حزيران
الماضي بناءً على أمر من الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين،
وأُنيطت بها مهمَّة التحقيق بالانتهاكات التي ارتُكبت خلال الاحتجاجات
التي شهدتها الجزيرة في شهري فبراير/شباط ومارس/آذار الماضيين.
وقال مارك تونر، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية: نرحِّب بإصدار
التقرير، ونشيد بمبادرة الملك حمد وبقيادته بمنح لجنة التحقيق
المستقلَّة تفويضا واسعا، بالإضافة إلى إطلاق يدها بإجراء التحقيق
بحريَّة. |