خطورة انقسام الثوار المصريين

علاء بيومي

مصر الآن في حاجة لقيادة سياسية ديمقراطية قادرة على التعامل مع اختلافات المصريين  المتزايدة بإيجابية وتحويلها لفرصة لا نقمة.

فمصر لم تعد منقسمة بين الثوار والفلول فقط، فالثوار منقسمون على أنفسهم بوضوح، وأعتقد أن كثير من المصريين باتوا خلال الأيام الأخيرة في حيرة من أمرهم، لأن معسكر الثوار منقسم بين التحرير والانتخابات.

وأعتقد أيضا أن كثير من المصريين يحترمون المعسكرين كثيرا ويتمون لو يتحد الطرفان ويتوصلا بهدوء إلى حل وسط.

فغالبية المصريين تقدر الثوار، فمن لا يحترم الدماء التي أسيلت ويتعاطف معها!؟  من لا يحترم الشباب ورفضهم المهادنة!؟ ومن يقف ضد نقل السلطة السياسية الكاملة وفي أسرع وقت لحكومة مدنية من العسكر!؟

كما أن غالبية المصريين مع الهدوء والاستقرار وعودة الحياة إلى طبيعتها واختيار ممثلي الشعب من خلال انتخابات حرة وهادئة، فمن لا يريد أن يرسل أطفاله إلى مدارسه في هدوء كل صباح!؟ ومن لا يريد عودة الاستثمار والبناء والتعمير إلى مصر!؟ ومن لا يريد أن يعرف من يمثلونه في ظل هذا الكم الهائل من الصراع على القيادة السياسية منذ الثورة!؟

إذن نحن أمام خيارين ثوريين وليس خيارا واحدا، كما أن الاختيار صعب، وهذا يفتح الباب للانتهازيين وأصحاب المصالح الخاصة.

فهناك أطراف قد ترى الانتخابات تصب في غير صالحها لو عقدت الأن أو بعد شهر أو في أي وقت، وهناك أيضا فئات ترى في الصراع الدائر بين الثورة فرصة لإضعاف طرف وتقوية أخر.

هناك أيضا فئات كبيرة تشعر بالعزلة السياسية، وللنظر مثلا لنتائج استطلاع للرأي أجراء مركز دعم المعلومات واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري في شهر مايو الماضي عن المشاركة السياسية لدى المصريين.

الاستطلاع وجد أن 82% من المصريين يتابعون الأخبار السياسية، ومع ذلك وجد أن 12% فقط هم من سبق لهم المشاركة في مظاهرة أو اعتصام، و6% حضروا ندوات سياسية خلال العام الماضي. أما نسبة من ينتمون لإحدى الحركات السياسية القائمة فهي لم تتعد 2 % فقط.

هذا يعني أن لدينا نسبة كبيرة من المصريين لا تشارك في الحركات والجماعات السياسية وتشعر بالاغتراب عنها، وقد يشرح هذه سبب انقسامات المصريين والثوار، حيث يبدو أن المصريين يفضلون المشاركة في المظاهرات على الانتماء لحزب أو حركة سياسية، فهم يشعرون بالاغتراب السياسي وعدم الثقة في الجماعات القائمة بسبب سنوات الديكتاتورية.

هذا يعني أيضا أن مزيد من الانقسام السياسي بين الثوار لن يفيد أي منهم فسيساهم في زيادة عزلة واغتراب الغالبية العظمي العازفة عن المشاركة.

لذا أقول أن يجب علينا التعامل مع انقسامات الثورة من منطلق مختلف وإيجابي وحذر، علينا أولا الاعتراف بها، والنظر إليها كشيء إيجابي هو من طبيعة الأمور، والتوقف عن خطاب التخوين، فالمعارضة المصرية معروفة وهي لم تولد خلال العام الماضي أو في عقد أو عقدين، بل هي جهد مستمر ساهم فيه وطنيون كثيرون، فهناك من زرع ثورة الثورة ولكن القدر لم يمهله لقطفها.

إذن حافظوا على ثورتكم من خلال خطاب أفضل، ومن خلال التفاوض بعيد عن الميادين وشاشات التلفاز، ومن خلال الاعتراف بالطرف الأخر وبأنه يمثل الثورة حتى لو لم يقف بجواري داخل الميدان أو خارجه، فلا أجد أخطر على الثورة والثوار من انقسام الثوار أنفسهم، حتى بات الأمر محل قلق وانشغال الكثيرين، والله أعلم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 29/تشرين الثاني/2011 - 3/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م