خبراء واقتصاديون: مصر على حافة الانهيار الاقتصادي

هل تنجح السلطة في تلافي الاضرار؟

 

شبكة النبأ: مع استمرار الاحتجاجات المطالبة بتنحي المجلس العسكري عن السلطة في مصر، وما صاحب ذلك من اضطرابات عنيفة ألقت بظلالها على المشهد الاجتماعي والاقتصادي، باتت تلك الدولة التي تعاني عجزا في مواردها النقدية ومعدلات تضخم مرتفعة في اغلب أوقاتها، تعاني أزمة اقتصادية خانقة، وتعثر مستمر في التنمية المفترضة، إلى جانب التضرر الكبير الذي لحق بصادرات الغاز والصناعات الإنتاجية الأخرى، فيما عدا السياحة طبعا.

ويحذر بعض المراقبين للشأن المصري من انحدار كبير يهدد كيان الدولة ومجتمعها، في حال استمرار الحال على ما هو عليه، وفشل الجهات المعنية في تدارك الأضرار بأسرع وقت ممكن.

تصاعد أزمة اقتصادية

فيبدو من المستبعد أن يخرج حكام مصر الذين يواجهون تحديات اقتصادية على عدة جبهات باستجابة سياسية محكمة في الوقت الذي تتجه فيه البلاد نحو فترة انتخابات طويلة ومضطربة قد تزيد من صعوبة اتخاذ القرارات.

وليس من الواضح حتى الان أي حكومة ستتولى ادارة الاقتصاد قبل الانتخابات. فقد قبل المجلس العسكري استقالة رئيس الوزراء المدني وحكومته في وقت متأخر من يوم الثلاثاء لكنه لم يورد تفاصيل عن "حكومة الانقاذ الوطني" التي يقول بعض الساسة انها ستشكل.

وحتى اذا تم تعيين حكومة جديدة بسرعة فانها ستواجه صعوبات في التعامل مع ارتفاع اسعار المواد الغذائية وتراجع الاحتياطيات بالعملة الاجنبية والازمة الوشيكة في ميزانية الدولة التي تعقد جهود السلطات في التعامل مع أسوأ اضطرابات تشهدها البلاد منذ الاطاحة بالرئيس حسني مبارك في فبراير شباط الماضي.

فمعالجة أي من المشكلات قد تفاقم الاخرى. فخفض الانفاق الحكومي على دعم المواد الغذائية لتعزيز مالية الدولة على سبيل المثال قد يزيد الاثر على تضخم أسعار الغذاء ويثير المزيد من الاضطرابات. وحتى الان تحجم السلطات عن اتخاذ قرارات حاسمة بشأن أي من المشكلات.

وقبل استقالة الحكومة قال دبلوماسي غربي طلب عدم الكشف عن هويته "الحكومة أسقط في يدها... يبدو انه ليس هناك حوار فعلي بشأن هذه القضايا ولا مؤشر على سياسات للتكيف مع الظروف المتغيرة."

ومن المقرر أن تبدأ انتخابات مجلس الشعب وأن تستمر حتى يناير كانون الثاني على أن تبدأ انتخابات مجلس الشورى في أواخر يناير وتستمر حتى مارس اذار. وخلال هذه الفترة ستفتقر الحكومة لتفويض شعبي لاحداث تغييرات في السياسة الاقتصادية.

وانتخاب برلمان جديد لن يعني بالضرورة وضع سياسات أكثر حسما فالسلطات الرئاسية ستظل مع المجلس العسكري حتى انتخابات الرئاسة. ووعد المشير محمد حسين طنطاوي الذي يرأس المجلس العسكري يوم الثلاثاء الماضي بأن يجري انتخاب رئيس مدني في يونيو حزيران المقبل. أي أقرب ستة اشهر من الموعد المقرر من قبل لكنه يهدد بسبعة اشهر أخرى من الفراغ في سلطة صنع القرار.

والتهديد الاقتصادي الاكثر الحاحا هو تراجع الاحتياطيات المصرية بالعملة الاجنبية اذ تضررت ايرادات السياحة والصادرات من الاضطرابات وفرار رؤوس الاموال من البلاد. وهبطت الاحتياطيات من نحو 36 مليار دولار في بداية عام 2011 الى 22.1 مليار دولار في أكتوبر تشرين الاول وقد تصل في الاشهر القليلة المقبلة الى مستويات لا يتمكن عندها البنك المركزي من منع انخفاض حاد في قيمة الجنيه.

وكان بامكان مصر في بادئ الامر التعامل مع المشكلة بفرض بعض اشكال القيود الرأسمالية أو بالسماح بانخفاض بطيء ومحكوم للجنيه لتحفيز النمو الاقتصادي والحد من الضغوط باتجاه مزيد من انخفاض العملة. وقد يكون الوقت قد تأخر جدا لتطبيق أي من هذين الحلين دون أن يتسبب ذلك في اثارة حالة فزع في سوق العملة ومزيد من عدم الاستقرار.

ويفضل العديد من قادة الصناعة خفض قيمة العملة لجعل الصادرات أكثر جاذبية لكنهم يقولون ان ذلك كان يجب أن يبدأ قبل فترة طويلة.

وقال خليل قنديل رئيس غرفة الصناعات المعدنية "كان يجب ان يحدث ذلك تدريجيا على مدى الاشهر الستة الماضية بدلا من خفض عشرة بالمئة بشكل مفاجئ ما سيربك الجميع ويجعل من الصعب وضع الخطط."

لذلك فمن اجل تجنب ازمة عملة قد يتعين على الحكومة الحصول على مليارات الدولارات من المساعدات الدولية في الاشهر القليلة المقبلة. لكن المساعدات من صندوق النقد الدولي او مانحين غربيين قد تأتي مصحوبة بشروط تتعلق بالسياسات الاقتصادية مثل اشتراط تحجيم الانفاق الحكومي. والمساعدات من الدول العربية الغنية في الخليج قد تأتي مصحوبة بشروط سياسية.

وفي الصيف الماضي رفضت الحكومة عرضا ببرنامج تمويل من صندوق النقد الدولي بقيمة 3.2 مليار دولار لكن الحكومة اثارت امال المصرفيين هذا الاسبوع بقولها انها ستطلب من الصندوق بدء مفاوضات على برنامج سيشبه السابق على الارجح. واستقالة الحكومة قد تعطل هذه المفاوضات.

وقال نيل شيرينج الاقتصادي في كابيتال ايكونوميكس "الاولوية الاولى يجب ان تكون الاتفاق على مساعدة مالية دولية والا سيتهاوى الجنيه." وأضاف "الناس مازالت متمسكة بالامل في أن يسود الاسلوب العملي. لكن هناك مخاطر من ان ينتهي الامر بشكل فوضوي."

وكتبت ندى فريد المحللة في بنك بلتون فايننشال بالقاهرة في مذكرة بحثية تقول "اذا لم تصل المساعدات الخارجية سيكون تراجع العملة المصرية أكثر حدة وقد يصل سعرها الى 6.8 جنيه للدولار في المتوسط في السنة المالية 2012- 2013 ." وجرى تداول الجنيه بسعر 6.0025 جنيه للدولار يوم الخميس وهو أدنى مستوى في أكثر من ست سنوات.

والتغير في سعر الصرف سيؤثر بشكل مباشر على مسألتين اقتصاديتين أخريين مثيرتين للقلق هما التضخم ومالية الدولة. فأي انخفاض كبير في سعر الجنيه سيشكل ضغوطا تضخمية على اسعار المستهلكين. ومصر اكبر مستورد للقمح في العالم لذلك فان ارتفاع اسعار الواردات سيهدد بالمزيد من الصعوبات للمصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر والذين تشير التقديرات الى انهم يشكلون نحو خمس سكان البلاد.

وبلغ معدل تضخم اسعار المستهلكين في المدن في مصر 7.1 بالمئة على أساس سنوي في أكتوبر وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء. وهذا هو ادنى مستوى في اربع سنوات بفضل المحاصيل المحلية الجيدة لكنه يظل مرتفعا بحسب القيمة المطلقة ويرى بعض المحللين انه سيصعد في الاشهر المقبلة.

وللحد من أثر ارتفاع أسعار الغذاء على السكان تدير الحكومة برنامجا ضخما للدعم يسهم في عجز الميزانية الذي يقدر رسميا في السنة المالية الحالية بنحو 8.6 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي مقتربا من مستواه في اليونان.

وكانت الحكومة تناقش اصلاح برنامج الدعم لخفض تكاليفه والحد من هدر الموارد من خلاله لكن السلطات لم تتخذ اجراء وربما تكون غير مستعدة للتحرك باتجاه قضية حساسة مثل هذه حتى تنتهي الانتخابات.

ومن ناحية أخرى تجد الحكومة صعوبة متزايدة في تمويل العجز بالاقتراض من البنوك المصرية. وخفض البنك المركزي حجم مزادات أذون الخزانة الاسبوع الماضي اذ بلغت العائدات أعلى مستوياتها منذ الازمة المالية العالمية في 2008.

وارتفعت تكلفة التأمين على الدين السيادي المصري ضد التخلف عن السداد لمدة خمس سنوات 60 نقطة اساس يوم الاثنين الى اعلى مستوياتها في عامين ونصف العام. وارتفعت عائدات السندات المصرية المقومة بالدولار.

وما يعقد جميع قرارات السياسة الاقتصادية هو احتمال أن تثير المزيد من الاضطرابات المدنية وتجعل اجراء الانتخابات أكثر صعوبة. وحتى قبل مقتل نحو 39 شخصا منذ يوم السبت الماضي في اشتباكات بين الشرطة ومحتجين في القاهرة كانت هناك اضطرابات متفرقة في مختلف ارجاء البلاد.

وذكرت وسائل الاعلام الحكومية أن محتجين أغلقوا ميناء دمياط في شمال البلاد يوم 13 نوفمبر اثناء اشتباكات بين الجيش والسكان القلقين من التلوث من مصنع للاسمدة.

وفي اليوم نفسه اطلقت الشرطة في أسوان الغاز المسيل للدموع لتفريق احتجاج على مقتل شخص. وقالت مصادر أمنية ان عمال مصنع للملابس في بورسعيد اشتبكوا مع بلطجية هاجموهم بالسكاكين. ويلقي بعض المصريين اللوم على الشرطة في عدم التدخل بقوة لمنع أعمال العنف هذه.

وامتد شلل الحكومة الى الموافقات على الصفقات التجارية ومشروعات التطوير. ويقول اقتصاديون ان الدعاوى القضائية المرفوعة ضد اتفاقات استثمار بين القطاعين العام والخاص قد تثني المسؤولين الحكوميين عن المضي قدما في مشروعات جديدة خوفا من مقاضاتهم.

ويقول رئيس غرفة الصناعات المعدنية ان انتاج الصلب والمعادن انخفض بنسبة 40 بالمئة عن مستوياته قبل الاطاحة بمبارك فيما يرجع اساسا الى تعليق مشروعات بنية اساسية تدعمها الحكومة.

لذلك تتطلع العديد من الشركات المصرية وملايين الاشخاص الذين يعملون لديها الى قيادة جديدة تضع السياسات الاقتصادية في الاشهر المقبلة. وقال أحمد الاشرم الشريك المدير في شركة مسابك القاهرة الكبرى التي تنتج مواسير الصلب "كل فترة ترد انباء عن أن الامور ستعود لطبيعتها. "كان هذا بعد شهرين من الثورة ثم بعد يونيو عندما انتهت السنة المالية ثم بعد العيد ... والان لا نعرف."

وألغت الشركة نوبات العمل الليلية واكتفت بالعمل ثلاثة ايام في الاسبوع هذا العام مع انخفاض انتاجها بما يصل الى 70 بالمئة.

أزمة عملة

فيما يهدد العنف والاضطرابات في مصر بانزلاق البلاد الى أزمة عملة وهو ما قد يؤدي الى تراجع حاد في قيمة الجنيه المصري في الأشهر القليلة المقبلة ويدفع البلاد الى فرض قيود على رؤوس الأموال.

وحتى قبل الاشتباكات التي اندلعت هذا الشهر بين قوات الأمن والمتظاهرين والتي سقط فيها 36 قتيلا على الاقل منذ يوم السبت الماضي كانت مصر تتجه الى اضطرابات نقدية فالبنك المركزي يجاهد للحفاظ على استقرار الجنيه باستخدام احتياطياته من النقد الاجنبي التي تتراجع بحدة.

ومن المرجح أن تزيد هذه الاضطرابات -التي تثير الشكوك بشأن قدرة مصر على إدارة الانتخابات البرلمانية المقررة الاسبوع المقبل بسلاسة- من الضغوط على الاحتياطيات وقد تقرب البلاد من أزمة شاملة في الاشهر القليلة المقبلة بدلا من أواخر عام 2012 وهو الموعد الذي تنبأ بعض المحللين من قبل بأن يشهد ذروة الأزمة المتوقعة.

وقال فاروق سوسة كبير الاقتصاديين المختصين بالشرق الاوسط في سيتي جروب "حتى قبل هذه الاحداث كنا قلقين للغاية بشأن ميزان المدفوعات وتبدد الاحتياطيات." وأضاف "العنف والضجيج السياسي سيبدد أي ثقة متبقية في الاقتصاد المصري وقد يؤدي في ظل الاوضاع الراهنة لتسارع خروج رؤوس الاموال." بحسب رويترز.

وهبطت احتياطيات مصر الصافية بالعملة الاجنبية من نحو 36 مليار دولار في بداية العام الى 22.1 مليار في أكتوبر تشرين الاول اذ أثار العنف وعدم التيقن السياسي اللذين صاحبا الاطاحة بالرئيس حسني مبارك موجة خروج جماعي للمستثمرين الاجانب والسياح.

وتراجعت الاحتياطيات 1.93 مليار دولار الشهر الماضي وهو أكبر تراجع منذ أبريل نيسان وفقا لبيانات البنك المركزي. وتمكن البنك المركزي حتى الان عن طريق امداد السوق بالعملة الاجنبية من الحفاظ على القوة الشرائية للجنيه والحد من الضغوط التضخمية في مواجهة فرار رؤوس الاموال. وأبقى البنك المركزي الجنيه مستقرا بشكل ملحوظ في نطاق بين 5.92 و 5.99 جنيه للدولار منذ الاطاحة بمبارك.

لكن الضغوط على الجنيه تتزايد بوضوح وسط تكهنات في السوق بشأن متى ستنفد أموال البنك المركزي التي يستخدمها لمواصلة دفاعه. وتراجع الجنيه يوم الثلاثاء الى أدنى مستوى امام الدولار منذ يناير كانون الثاني 2005 .

ويرى رضا أغا الاقتصادي المختص بالشرق الاوسط وشمال افريقيا في بنك ار.بي.اس أن الاحتياطيات كافية لتغطية الواردات المصرية لمدة أربعة أشهر ونصف الشهر لكن الاحتياطيات السائلة -وهي العملات والودائع والاوراق المالية التي يمكن تعبئتها بسرعة لحماية الجنيه- تبلغ نحو 16.1 مليار دولار أي ما يغطي الواردات لمدة 3.2 شهر وفقا لحساباته.

وكتب أغا في تقرير الاسبوع الماضي يقول "الاحتياطيات المصرية لم تصل بعد الى المستويات المفزعة لكنها معرضة بشدة لخطر خروج رؤوس الاموال."

ويرى بعض المتعاملين أن السوق قد تشهد حالة فزع -اذ أن التوقعات بانخفاض قيمة العملة تدفع رؤوس الاموال للخروج بما يفوق تحمل البنك المركزي- اذا وصلت الاحتياطيات السائلة الى ما دون تغطية الواردات لمدة شهرين.

واذا تسببت الاضطرابات في تسارع تراجع الاحتياطيات عن معدله في أكتوبر نظرا لان الاضطرابات تؤثر سلبا على ايرادات السياحة وتدفع المستثمرين الاجانب لبيع ما تبقى بحوزتهم من أذون الخزانة المصرية فمن المحتمل أن تحدث الازمة بعد ثلاثة اشهر أو نحو ذلك.

وتخشى السوق الاجلة التي تستخدمها البنوك للتحوط ضد تقلبات العملة من الوصول الى هذه المرحلة العام المقبل. فالاسعار هناك تشير الى سعر صرف عند 6.15 جنيه للدولار خلال ثلاثة اشهر والى 6.62 جنيه للدولار خلال عام.

وتعكس سوق الاسهم كذلك الحالة القاتمة. فالمؤشر الرئيسي للبورصة الذي نزل 46 بالمئة هذا العام ارتفع 17 بالمئة في أكتوبر تشرين الاول لكنه تخلى عن أغلب هذه المكاسب في الاسبوعين الماضيين.

والمساعدات الدولية لمصر يمكن أن تكسبها وقتا غاليا وتبقيها في حالة جيدة حتى تجرى الانتخابات ويعود الاستقرار السياسي. لكن مصر رفضت عرضا ببرنامج تمويل بقيمة 3.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي الصيف الماضي فيما يرجع جزئيا بحسب ما قاله مسؤولون في احاديث خاصة الى الكرامة الوطنية. وقال وزير المالية في ذلك الوقت ان المجلس العسكري الحاكم في مصر لا يريد مراكمة الدين.

لكن التراجع الحاد في الاحتياطات أدى الى اعادة النظر فقال وزير المالية حازم الببلاوي ان مصر ستطلب رسميا من صندوق النقد البدء في التفاوض على برنامج يشبه الذي رفضته من قبل. وأشار الصندوق الى أنه لن يفرض شروطا مشددة على القروض.

ولدى الحكومات الغنية في الخليج وفي المجتمع الدولي بشكل عام دوافع سياسية قوية للمحافظة على الاستقرار في مصر فقد تلقت البلاد من حيث المبدأ عروض مساعدات تفوق قيمتها الاجمالية عشرة مليارات دولار من قطر والسعودية والامارات العربية المتحدة ومصادر أخرى.

لكن التدفقات الفعلية للمساعدات تصل ببطء فيما يرجع جزئيا بحسب تكهنات المحللين للتوترات السياسية بين الحكومات في مصر ودول الخليج. وتلقت مصر حتى الان مليار دولار لدعم الميزانية من السعودية وقطر وقالت الامارات الشهر الماضي انها تعتزم تقديم ثلاثة مليارات دولار لكنها مازالت تناقش آليات التسليم.

ومن ناحية أخرى قد تحد أزمة الديون في منطقة اليورو وتباطؤ الاقتصاد العالمي من قدرة الصندوق والدول الغربية على مساعدة القاهرة. كما ان إراقة الدماء في مصر أو تأجيل الانتخابات قد يجعل من الصعب على الغرب من الناحية السياسية مساعدة الحكومة المصرية.

وقال انجوس بلير مدير البحوث في بلتون فايننشال في القاهرة ان هناك بعض العوامل الايجابية في مصر منها ايرادات قناة السويس وأعداد السياح وتحويلات العاملين بالخارج ساعدت البلاد كثيرا في ظل هذه الظروف.

لكنه قال ان الدولة مهددة على عدة جبهات منها ارتفاع أسعار الغذاء وعجز الميزانية وعجز الميزان التجاري وميزان المعاملات الجارية. وتابع بلير "من الصعب على مصر معالجة كل هذه القضايا في وقت واحد لانها في مناخ عالمي غير موات .. ليس لان العالم لا يريد مساعدة مصر لكن لان هناك العديد من المشكلات الاخرى في العالم التي يتعين علاجها الان."

واي تراجع حاد في قيمة العملة قد يرفع التضخم وهو أحد العوامل التي فجرت الاحتجاجات التي أطاحت بمبارك. وقال سوسة ان البنك المركزي يبدو عازما على الدفاع عن العملة على الاقل حتى نهاية يناير كانون الثاني وهو الموعد المقرر لنهاية انتخابات مجلس الشعب.

وقال بلير انه اذا استمرت الضغوط على الجنيه في التزايد قد تفرض السلطات قيودا على رأس المال غير ان مسؤولين نفوا أي نية لذلك. واذا لم ينجح ذلك قد تضطر مصر لترك الجنيه يتهاوى. ويتوقع سيتي جروب ان ينخفض الجنيه ما بين 20 و25 بالمئة في 2012.

شبح الإفلاس

الى ذلك ألقت تصريحات رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، المشير محمد حسين طنطاوي، عن الوضع الاقتصادي، مزيداً من الغموض على الصورة "القاتمة" التي يعاني منها الاقتصاد المصري، منذ تفجر أحداث ثورة 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك، والتي ما زالت تداعياتها تعصف بالشارع المصري حتى الآن.

ففي كلمته إلى "الأمة"، التي سعى من خلالها إلى تهدئة جموع المعتصمين الغاضبين في ميدان التحرير، بعد دخول المواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين، يومها الرابع مساء الثلاثاء، قال طنطاوي إن "الاقتصاد المصري تراجع بشكل ملحوظ"، وأشار إلى أنه "كلما اقتربت الأمور من الاستقرار، وقع حدث يجرنا مرة أخرى إلى الخلف"، في إشارة إلى حالة الاحتقان التي يشهدها الشارع المصري.

وتابع رئيس المجلس العسكري، الذي يتولى إدارة البلاد منذ تنحية مبارك في فبراير/ شباط الماضي، قائلاً: "الاعتصامات والاحتجاجات الفئوية وغير الفئوية لا تتوقف، والإنتاج يتعطل، وبالتالي تقل الموارد، وبرغم ذلك كنا نحن، كمجلس عسكري وحكومة، دائماً مطالبون بالمزيد، وهى معادلة غير متزنة على الإطلاق، ونتيجة لاستمرار التوتر هربت استثمارات كثيرة، كانت مصر ولا تزال في أمس الحاجة إليها."

ودفعت المواجهات المتواصلة في ميدان التحرير، الجنيه المصري إلى التراجع لأدنى مستوياته، أمام الدولار الأمريكي، منذ أوائل عام 2005، وسط تحذيرات مما أسماها خبراء اقتصاديون "أزمة عملة" وشيكة، إذا ما استمر التراجع في قيمة العملة المصرية، الأمر الذي قد يضطر الحكومة الانتقالية إلى فرض قيود على رؤوس الأموال.

كما هوت البورصة إلى أدنى مستوى لها في 32 شهراً، رغم لجوء إدارتها إلى تعليق التداولات، بعد أن تعرضت لخسائر فادحة تجاوزت 11 مليار جنيه (قرابة ملياري دولار)، عزاها خبراء إلى أحداث ميدان التحرير، ومخاوف المستثمرين من هبوط القيم السوقية لمستويات قياسية، كما كان الحال في المرحلة التي سبقت سقوط نظام مبارك. بحسب السي ان ان.

وتلقى الاقتصاد المصري، الذي يعتمد اعتماداً كبيراً على السياحة، ضربات متتالية منذ ثورة 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، أدت إلى تراجعه بنسبة تصل إلى 7 في المائة، مما يقلص التوقعات بشأن نسبة النمو لتصل إلى 2 في المائة فقط، وفي أبريل/ نيسان الماضي، توقع صندوق النقد الدولي أن تصل نسبة نمو الاقتصاد المصري إلى 1 في المائة فقط.

وكانت الحكومة الانتقالية "المستقيلة"، برئاسة عصام شرف، قد كشفت في مايو/ أيار الماضي، أن حجم الاستثمارات التي تحتاجها مصر من الخارج، تصل إلى 12 مليار دولار على مدى العامين القادمين، من بينها مليارا دولار للموازنة الحالية، وعشرة مليارات لموازنة العام القادم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28/تشرين الثاني/2011 - 2/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م