النهج الفكري للإرهاب وحتمية نبذ العنف المجتمعي

العراق والوقوف عند منعطف الدفاع عن نفسه

علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: يقف العراق عند منعطف في دفاعه عن نفسه، وان القوات العراقية حققت أهدافا وتقدما في مجال الأمن، لكن لايزال العراق يواجه تهديدات من قوى الإرهاب المدعومة دولياً. وهناك اسئلة تدور في أذهان المراقبين حول دور التنظيمات الارهابية في العراق ومن أبرز هذه الأسئلة.

ما التطورات التي طرأت فكرا على التنظيمات الارهابية وخصوصا مع قرب استكمال انسحاب القوات الأمريكية من العراق، وهل الأجهزة الأمنية مستعدة لأحتواء العنف اذا حصل؟ وهل العراق أمام تحد واحد وتنظيم متطرف واحد أم هناك تنظيمات أخرى تعمل في الخفاء؟

هل للتنظيمات الإرهابية إستراتيجية محددة وواضحة المعالم؟

وما هي العوامل التي تساعد على اتساع رقعة انتشار هذا التنظيمات؟

هل القوى الكبرى في المنطقة جادة فعلا في استئصال ظاهرة تنظيم القاعدة أم أن هناك مصالح واجندات يتم تنفيذها عبر هذا التنظيم لتحقيق مصالحهم الإستراتيجية؟

ما هي التداعيات وما هو متوقع حدوثه مستقبلا على الساحة العراقية التي يتواجد فيها تنظيم القاعدة، وما هو المطلوب من قبل القادة السياسيين والأمنيين؟

هناك معلومت خطيرة تشير الى ان تنظيم القاعدة بفروعه وبدعم من حزب البعث العراقي المتواجد على الاراضي السورية، يخطط من أجل استغلال أية ثغرة ربما ستترك بعد استكمال انسحاب القوات الأمريكية من العراق يضاف الى ذلك هناك تنسيق بين قيادات بحزب البعث العراقي الذي قام بالتخطيط والتمويل لمعظم الهجمات الارهابية خلال الشهر الماضي، وبين تنظيم القاعدة، حيث اعتمد حزب البعث على مقاتلين من القاعدة وفروعها مثل دولة العرق الاسلامية لتنفيذ عمليات ارهابية. حيث تبنى التنظيم خلال الأسبوع الماضي تنفيذ خمسون عملية في بغداد. وكان تنظيم دولة العراق الإسلامية التابع لتنظيم القاعدة أعلن أنه أنجز مائة عملية خلال شهرين، أما دور الحزب فيتمثل في تقديم الدعم المادي والمعلوماتي.

وتشير المعطيات الأمنية بان القاعدة ومن يرتبط بها حصلت على فرصة لتجديد عملياتها وخصوصا في بعض المناطق التي تنسحب منها القوات الأمريكية وخصوصا في المحافظات الشمالية والغربية وتحديدا محافظات صلاح الدين والانبار وديالى  والموصل ومناطق حزام بغداد.

إلا أن الأمريكيين متهمون بأنهم يقفون على جهة بعيدة مما يجري رغم التصريحات الرسمية التي يعلنها القادة الامريكيين حيث كشف تقرير نشر في معهد بلفر للدراسات الاميركية أن القاعدةَ في العراق صنيعة أميركية وهي نتاج لسياستِها وعملياتِها العسكرية في العراق.

وحمل التقرير واشنطن مسؤوليةَ التهديد الذي تشكله القاعدةُ على أمنِ العراق مؤكدا أن التهديد الحقيقي الذي تشكله القاعدة لا ينحصر فقط باستهداف مبانٍ حكومية أو منشآت مدنية بل في خطر تعزيز الانقسامِ الطائفي، الأمر الذي قد يؤدي إلى حرب أهلية يكون الأميركيون السبب الأساسي وراء حدوثها على حد وصف التقرير.

لكن رئيس مجلس إنقاذ الانبار حميد الهايس وسياسيون عراقيون قللوا من تلك المخاوف، وقال الهايس ان للعشار دورا  في المنطقة وهي تحافظ على أمنها منذ سنوات، عندما لم تكن الحكومة قد تسلمت الملف الأمني بعد.

وأقر رئيس مجلس إنقاذ الانبار حميد الهايس بوجود تنسيق بين البعث الصدامي وتنظيم القاعدة، لكنه قال انهم  لن يجرأوا على التمادي في تنفيذ عمليات جديدة بل يروجون لها فحسب.

لكن ما يجري على الساحة مثل تحدياً كبيراً فمن بين الأحداث التي تدل على ازدياد نفوذ التنظيمات الارهابية هو انجاز مائة عملية خلال شهرين، في وقت تعيش فيه البلاد أزمة سياسية بسبب عدم الاتفاق على أسماء الوزراء الذين سيتولون إدارة الوزارات الأمنية حتى الآن.

إلا ان التنظيم يظهر ويختفي واعتماده على اسلوب حرب العصابات وهو تكتيك جديد بسبب عدم قدرة التظيم على الثبات على ارض واحدة.

وربما استمرار الجهود والضغط واستخدام تقنيات عسكرية حديثة والحصول على معلومات أمنية هو نقطة تضاف الى رصيد قوى الأجهزة الأمنية في التصدي لقوى الارهاب.  

ويسعى تنظيم القاعدة الى زرع اليأس في نفوس الرأي العام الداخلي والخارجي كما يسعى الى اظهار العراق بانه عاجز عن حفظ الأمن.

ويتوقع مراقبون أن تتصاعد اعمال العنف خلال الفترة المقبلة بعد اكتمال انسحاب القوات الأمريكية في نهاية العام الجاري 2011. ويرى محللون أن فرع تنظيم القاعدة في العراق يقوم بتغيير أساليبه واستراتيجياته، حيث كان قد قام بمهاجمة قوات الأمن العراقية في مجموعات صغيرة، وذلك لاستغلال الفراغات التي سيخلفها رحيل القوات الأميركية ومحاولة إشعال جذوة العنف الطائفي في البلاد مرة أخرى.

وبحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز فان الجماعة، التي تعرف أيضا باسم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، اظهرت قدرة مدهشة على استرداد عافيتها مرة أخرى حتى بعد تعطيل خطوط إمدادها بمقاتلين أجانب عن طريق الحدود مع سوريا نتيجة للاضطرابات التي سادت سوريا، حسب ما ذكر مسؤولون استخباراتيون أميركيون. وهم يقومون بما يزيد قليلا على 30 هجوما يوميا، كما يقومون بهجوم واسع المدى كل 4 إلى 6 أسابيع، كذلك قاموا بزيادة جهودهم لتجنيد عراقيين، مما أدى إلى زيادة ملحوظة في عدد منفذي الهجمات الانتحارية العراقيين.

وقد ساعدت عودة فرع تنظيم القاعدة إلى الظهور مرة أخرى في تصاعد الجدل بين بعض مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية، الذين يحاولون الإبقاء على أعداد صغيرة من المدربين العسكريين الأميركيين وقوات العمليات الخاصة للعمل في العراق، من جانب وبعض مسؤولي البيت الأبيض، الذين يرغبون في إنهاء الفصل الأخير في حرب دامت 8 أعوام أدت إلى مقتل ما يزيد على 4400 جندي، من الجانب الآخر.

حيث ان التنظيمات الارهابية تتبنى استراتيجية الحرب الطويلة وتعتمد على تكتيكات حرب العصابات والانتظار لحين استغلال الفجوات عبر موجات المد والجزر مما يجعل هذا اختبارا للأجهزة الأمنية ويضعها أمام تحديات حيث تقع على عاتقها مهام حفظ الأمن ومسؤولية التصدي للمخاطر الأمنية التي تتعرض لها البلاد ومنع أي محاولة لإعادة الأمور إلى الوراء حينما كانت التفجيرات الإرهابية هي العنوان الأبرز للمشهد العراقي.

أن الأمن الوطني العراقي يجب ان يسير بالاتجاه الصحيح، فأن العراق لا يزال أمام الكثير من التهديدات، ومع اقتراب استكمال الانسحاب الأميركي، فإن قوات الأمن الوطنية يجب ان تكون جاهزة في الوقت الراهن لاحتواء اعمال العنف. كما يتطلب الوضع من الساسة رأب الصدع. فالعراق يتعامل مع أجندات متنافسة بيد أن الحل يكمن في الحقل السياسي الذي يتطلب عمل مشترك والقضاء على الفساد والاستبداد واطلاق الحريات العامة وتنمية المشاريع التنموية، وبدون ذلك  فإن التنظيمات الارهابية ستبقى حاضرة، وربما ستزداد خطورة اما في حالة القضاء على ماذكر من عوامل تساعد التنظيمات الارهابية من تنفيذ مآربها فان جل التنظيمات العنيفة ستتراجع، بحكم الشعب لايقبل ظاهرة العنف، فانه لا يمكن تأسيس حياة مستقرة وحضارية في ظل اعمال العنف فان النهج الفكري للإرهاب لايمكن التعايش معه أبدا.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 24/تشرين الثاني/2011 - 27/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م