
شبكة النبأ: تتواصل الانتفاضة
البحرينية دون هوادة، بعد ان فشلت السلطة في التصدي لمطالب المحتجين أو
لجمهم، على الرغم من الجهود المحلية والخليجية الساعية إلى تكميم
الأفواه والالتفاف على المطالب الحقوقية التي تصر عليها أغلبية الشعب
البحريني.
فيما انعكست الاضطرابات بشكل مباشر على جميع الأطراف المتصارعة،
خصوصا من الجانب الاقتصادي والاجتماعي، بعد ان أحجمت السلطة عن إجراء
إصلاحات جوهرية قادرة على إنقاذ الدولة من الانهيار.
وتشكو المعارضة البحرينية من استمرار حملات الاعتقال والقتل بين
صفوفها، الى جانب استقدام العائلة الحاكمة لمرتزقة أجانب من شتى الدول
لكبح الانتفاضة الى جانب قوات ما يسمى درع الجزيرة التي اجتاحت البحرين
مطلع هذا العام.
احتجاجات متجددة
فقد قال سكان ان حشودا من المشيعين واجهوا قوات الشرطة في البحرين
يوم السبت بعد ان قتلت سيارة شرطة محتجا في حادث من شأنه ان يزيد
التوتر في الجزيرة التي تسكنها غالبية شيعية تطالب بالمزيد من الحقوق
السياسية.
وقال سكان وجماعة حقوقية ان القتيل (16 عاما) دهسته سيارة شرطة
اثناء مشاركته في احتجاج بالقرب من قاعدة امريكية في وقت متأخر الجمعة.
وقالت وكالة انباء البحرين ان سيارة الشرطة فقدت السيطرة وصدمت الشاب
لان المحتجين سكبوا الزيت على الطرق لاعاقة المرور.
وتطالب الاغلبية الشيعية في البحرين بالمزيد من الحقوق السياسية
وانهاء ما يصفونها بالتفرقة التي يمارسها حكام البلاد السنة الذين
اخمدوا احتجاجات مطالبة بالديمقراطية في وقت سابق من هذا العام. وتشهد
عدة مناطق شيعية اشتباكات بشكل شبه يومي بين المحتجين وقوات الامن.
وفرضت الشرطة طوقا حول قرية سترة واطلقت الغاز المسيل للدموع في
محاولة لاعادة صفوف طويلة من السيارات التي تحمل محتجين. وقال احد
السكان "الشرطة تستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين وتصدمهم
بالسيارات."
ونشر نبيل رجب رئيس مركز البحرين لحقوق الانسان صورا في موقع تويتر
لسيارات قال ان قوات الامن احدثت بها تلفيات. وقال رجب ان كل الطرق الى
سترة اغلقت. واضاف ان بضعة اشخاص اصيبوا بجروح لكن لم يتضح عددهم.
وقال مركز البحرين لحقوق الانسان في موقعه على الانترنت ان سيارة
دهست الشاب علي يوسف الستراوي في الجفير وانه توفي في مكان الحادث.
واضاف ان هذا جاء بعد ظهور عدد من مقاطع الفيديو المصورة لسيارات لشرطة
مكافحة الشغب وهي تحاول دهس محتجين.
وقالت وكالة انباء البحرين "صرح مدير عام مديرية شرطة محافظة
العاصمة بوفاة مواطن بعد اصطدام احدى الدوريات الامنية به بسبب سكب
الزيت على الشارع وذلك في صباح اليوم على شارع الشباب بمنطقة الجفير.
وتقول جماعات المعارضة ان الاساليب القاسية التي تستخدمها الشرطة
تفاقم التوتر في الشوارع. وطرد مئات الشيعة من وظائفهم للاشتباه
بمشاركتهم في الاحتجاجات وما زال كثيرون منهم قيد الاحتجاز.
ويقول مركز البحرين لحقوق الانسان ان نحو 30 شخصا اكثرهم من الشيعة
قتلوا عندما بدأت حركة الاحتجاجات في فبراير شباط لكن اشتباكات حدثت
فيما بعد ووفيات اثناء الاعتقال رفعت العدد الى اكثر من 40 . بحسب
رويترز.
من جهتها أعلنت الحكومة البحرينية، ان وفاة الفتى كانت بعد اصطدام
إحدى الدوريات الأمنية به بسبب زيوت كان متظاهرون سكبوها على الشارع
بمنطقة الجفير. ونقلت وكالة الأنباء البحرينية الرسمية عن مدير عام
مديرية شرطة محافظة العاصمة قوله إن "أعمال شغب وتخريب وسكب الزيت على
الشارع المذكور، وقعت في الصباح ما تسبب في فقدان سائق إحدى الدوريات
الأمنية السيطرة عليها والاصطدام بأحد المواطنين ونتج عن ذلك وفاته في
موقع الحادث."
وأشار مدير عام مديرية الشرطة إلى أن "الأجهزة الأمنية انتقلت إلى
الموقع، كما تم إخطار النيابة العامة التي انتقلت بدورها وباشرت
التحقيق في الواقعة."
وتشهد البحرين توترا بالتزامن مع تسلم العاهل البحريني تقرير لجنة
تقصي الحقائق الملكية التي يرأسها الدكتور محمود بسيوني والتي على
ضوئها سوف تقر الحكومة عددا من الإصلاحات حسب تعهداتها.
صفقة أسلحة أمريكية
في سياق متصل يتوقف مستقبل الدعم العسكري الامريكي للبحرين بدءا
بصفقة أسلحة قيمتها 53 مليون دولار هي الان على المحك على ما سيتوصل
اليه تحقيق لجنة لحقوق الانسان في تعامل المملكة مع الاحتجاجات الشعبية
التي شهدتها أوائل هذا العام.
وكان من المقرر ان يصدر التقرير الشهر الماضي لكن صدوره تأجل حتى 23
نوفمبر تشرين الثاني بعد أن قالت واشنطن انها ستعيد تقييم مبيعات
الاسلحة متى يظهر التقرير وهي خطوة يقول محللون انها أعطته مزيدا من
الاهمية.
ولن يساعد التقرير في تحديد ما اذا كانت البحرين ستحصل على الاسلحة
التي يخشى نشطاء حقوق الانسان من أن تستخدم لسحق المزيد من المعارضة
فحسب بل سيحدد ايضا ما اذا كانت البحرين ستتجه نحو مزيد من العنف
الطائفي ام نحو المصالحة السياسية.
وقال شادي حامد مدير قسم الابحاث بمركز بروكينجز الدوحة في قطر "من
شبه المؤكد أن تدور بعض المشاحنات وراء الكواليس قبل صدور التقرير
النهائي لان حجم ما هو على المحك اكبر مما كان يفترض في الاساس." وأضاف
"الكونجرس الامريكي يعير مزيدا من الاهتمام وباتت صفقة الاسلحة محل شك.
وبالتالي تواجه الحكومة البحرينية نوعا من الخطر وسيحظى التقرير
باهتمام كبير ايا كانت النتيجة."
وأخمد حكام البحرين السنة احتجاجات شعبية مطالبة بالديمقراطية في
مارس اذار بمساعدة قانون الطواريء واستدعوا قوات من السعودية والامارات.
واتهموا المحتجين ومعظمهم من الاغلبية الشيعية التي تسكن المملكة بأن
لهم دوافع طائفية.
وتقول البحرين انها تحتاج الى معدات عسكرية من بينها عربات هامفي
وصواريخ للدفاع عن نفسها في مواجهة ايران التي تتهمها باذكاء
الاحتجاجات حتى تحول البحرين الى جمهورية اسلامية. وتنفي ايران هذا.
بحسب رويترز.
وقال متحدث باسم البيت الابيض الامريكي ان الاسلحة ستكون قاصرة على
دفاع البحرين الخارجي. وبرر الحكام في شتى انحاء الشرق الاوسط الحملات
التي شنوها على المحتجين المدنيين هذا العام بالقاء اللوم في
الاضطرابات على مؤامرات خارجية.
وأثارت صفقة الاسلحة جدلا غير معتاد داخل الكونجرس اذ يقول منتقدون
انها تبرز سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها الولايات المتحدة تجاه
انتفاضات الربيع العربي. وفي حين دعت ادارة الرئيس الامريكي باراك
أوباما الحكام الشموليين في مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن الى التنحي
فانها اكتفت بتوبيخ البحرين التي تستضيف مقر البحرية الامريكية في
الخليج لاكثر من 60 عاما كما تقف على الخط الامامي لجهود احتواء ايران.
ودعا حكام البحرين بعثة تقصي الحقائق المكونة من محامين متخصصين في
حقوق الانسان بعد انتقادات دولية للحملة التي شنوها على المتظاهرين
والتي قتل خلالها 30 شخصا على الاقل وأصيب المئات واعتقل اكثر من الف.
ومازالت الاشتباكات تقع بشكل شبه يومي بين الشرطة ومحتجين في القرى
التي يغلب على سكانها الشيعة وتحيط بالعاصمة المنامة.
وقالت لجنة حقوق الانسان التي تتكفل الحكومة البحرينية بنفقاتها ان
تأجيل نشر النتائج يرجع الى حجم الشهادات التي تم الادلاء بها ولان بعض
الوزراء والهيئات الحكومية لم يردوا بعد على تساؤلاتها.
وفي حين يتفق محللون على ان حجم العمل الذي يقع على عاتق اللجنة قد
يكون كبيرا فان البعض يقول ان السلطات البحرينية ربما حاولت تعطيل
التقرير من خلال عدم تنفيذ طلبات اللجنة في موعدها.
وقالت جين كينيمونت المحللة بمؤسسة تشاتام هاوس البحثية ومقرها
بريطانيا "سيكون الضغط المباشر محدودا لانني أعتقد أنهم لا يستطيعون
تهديد اللجنة. "قد يستطيعون التأثير عليهم ويحاولون تشجيعهم على أن
أشياء بعينها قد تكون في مصلحة البلاد بطريقة او أخرى. وبالطبع هناك
مسألة مدى ما أتاحوه للجنة." وثار جدل حول اللجنة منذ البداية.
وقال رئيسها شريف بسيوني في اغسطس اب انه لا يعتقد ان التعذيب كان
سياسة منهجية وهي زلة هددت بتقويض مصداقية اللجنة بين كثيرين من الشيعة
الذين اقتحموا مكاتبها غاضبين.
بعد هذا قال بسيوني انه لن يدلي بتصريحات لوسائل الاعلام لكنه أجرى
مقابلة مع صحيفة مصرية هذا الشهر تراجع فيها قائلا ان التعذيب كان
منهجيا وان كان محدودا مشيرا الى وجود 300 حالة موثقة.
واعترفت السلطات البحرينية بأن هناك حالات فردية لانتهاك حقوق
الانسان لكنها تنفي انتهاج سياسية استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين
والمعتقلين. وقال مطر مطر العضو السابق في جمعية الوفاق اكبر كتلة
شيعية معارضة ان النظام في الوقت الحالي ليس على المسار الصحيح حين يظن
أن بوسعه حل المشاكل بالانكار والتجاهل والمماطلة. والى حين صدور
التقرير تمسك البحرين بأنفاسها.
وقال كينيث كاتزمان خبير شؤون الشرق الاوسط في مؤسسة (يو.اس
كونجريشنال ريسيرش سيرفس) "اذا أظهر تقرير اللجنة أن الحكومة تسعى الى
منع المظاهرات بأي ثمن فان صفقة (الاسلحة) ستتعطل على الارجح.
"واذا أظهر تقرير اللجنة أن قيادة البحرين حاولت معالجة الانتقادات
والمخاوف الدولية بشأن كيفية اخمادها للمظاهرات فانني أعتقد أن الصفقة
غالبا ستتم في نهاية المطاف."
ويقول محللون انه حتى اذا تمت الصفقة فان ربطها بتقرير عن حقوق
الانسان يعطي للولايات المتحدة أداة يمكن استخدامها للضغط من اجل تطبيق
اصلاحات في البحرين بعد انتهاء التحقيق.
وقالت البحرين انها ستحاسب كل من تخلص اللجنة الى ضلوعهم في اي
انتهاكات. ويرى محللون أن التقرير في افضل الاحوال سيكون نقطة انطلاق
للاصلاح وسيوحد روايات متباينة عن الاحداث لتوفير أساس للخروج من أزمة
سياسية تهدد سمعة البحرين كمركز مصرفي صديق للسوق.
وتخشى المعارضة من أن تشن الحكومة حملة جديدة على الاحتجاجات
الشعبية متى تغادر اللجنة وتضمن البحرين الاسلحة الجديدة. ويشك البعض
من المعارضة في أن يعالج التقرير المظالم المسببة للاستياء الذي أدى
الى خروج الالاف الى الشوارع في وقت سابق من العام الحالي او يمنع تفجر
الاحتجاجات مجددا.
وكتبت مجموعة شباب 14 فبراير المعارضة على موقع ملتقى البحرين ان
هذه التسوية ستصاحبها اغراءات كثيرة بدءا بالافراج عن السجناء واعادة
المطرودين من البحرين بسبب تصرفاتهم وانتهاء بسحب قوات الامن من
الشارع. لكنها أضافت أنه لن يكون هناك حل استراتيجي للقضية لتفادي
تكرار هذه المشاكل. |