سوريا والحرب الأهلية... من سيناريوهات التغيير القسري

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: بدت بعض الاطراف المحرضة على العنف في سوريا تدرك صعوبة تحقيق ما تبتغيه من وراء ذلك، خصوصا بعد انجلاء الحجم الحقيقي للشعب السوري الرافض للتغيير بهذا الطريقة، على الرغم من توق معظم شرائحه للاصلاح السياسي والاقتصادي بشدة، عبر التأسيس لنظام ديمقراطي يكفل التداول السلمي للسلطة.

فالمواقف الغربية والخليجية تواجه اصرار متصلب من قبل الحكومة السورية الرافضة للانصياع حتى الان، فيما لم تسفر التدخلات العسكرية والسياسية عن تحقيق ما نتائج قادرة على تغيير الوضع في الداخل السوري، مما دفع ببعض تلك الدولة الى تغيير لهجتها ازاء الرئيس السوري مؤخرا، وان كانت التصريحات الصادرة من عواصم تركيا وامريكا والسعودية غير مباشرة، وجاءت مؤخرا بالعكس مما كانت تروج له من رغبة في تنحية الاسد عن السلطة.

حيث بدت التصريحات الاخيرة تنحى الى التحذير من حرب اهلية قريبة في حال استمرار الامور على ما هو عليه، واستبعاد فكرة التدخل العسكري كالذي حدث في ليبيا، تكتنف بين سطورها قناعة تفضي الى استحالة الاطاحة بالنظام السوري في الوقت الراهن كما تشير.

مواصلة الحملة ضد المعارضين

فقد نقل عن الرئيس السوري بشار الاسد قوله انه سيواصل حملة ضد المعارضين في بلاده رغم ضغوط متزايدة من الجامعة العربية لانهائها. وقال الاسد لصحيفة صنداي تايمز البريطانية ان"الصراع سيستمر والضغط لاخضاع سوريا سيستمر.

وفي شريط مصور على موقع الصحيفة على الانترنت قال الاسد انه ستجرى انتخابات في فبراير شباط او مارس اذار عندما يصوت السوريون لاختيار برلمان لوضع دستور جديد وان ذلك سيشمل بنودا لاجراء انتخابات رئاسية.

وقال "هذا الدستور سيضع الاساس لكيفية انتخاب رئيس اذا كانوا يحتاجون لرئيس او لا يحتاجونه. "لديهم الانتخابات بامكانهم المشاركة فيها. صناديق الاقتراع ستقرر من الذي يجب ان يصبح رئيسا."

وحددت الجامعة العربية موعدا نهائيا لالتزام سوريا بمبادرة سلام طرحتها الجامعة وتتضمن سحب قوات الجيش من المدن والبلدات وهددت بفرض عقوبات على دمشق اذا لم يوقف الاسد العنف.

وسئل عما اذا كانت قواته عدوانية اكثر مما يجب فقال الاسد للصحيفة ان اخطاء ارتكبت ولكنه قال ان تلك كانت اخطاء افراد وليس الدولة. واضاف "لا توجد لدينا نحن كدولة سياسة ان نكون قساة مع المواطنين."

وتقول الامم المتحدة ان 3500 شخص قتلوا خلال الحملة على الاحتجاجات والتي بدأت في مارس اذار ولكن الاسد شكك في هذا وقال ان عدد القتلى 619. وقال للصحيفة ان 800 من القوات الحكومية قتلوا. بحسب رويترز.

وقال "دوري كرئيس معرفة كيفية وقف اراقة الدماء تلك والناجمة عن الاعمال الارهابية المسلحة التي تصيب بعض المناطق وهذا هو شغلي الشاغل بصفة يومية." وتتعرض سوريا لضغوط دولية متزايدة لوقف القمع.

وقال الاسد ان تدخل الجامعة العربية قد يوفر ذريعة لقيام الغرب بعمل عسكري وكرر تأكيده بان مثل هذا التحرك ضد سوريا سيثير "زلزالا" عبر الشرق الاوسط. وقال"اذا كانوا منطقيين وعقلانيين وواقعيين فيجب عليهم الا يفعلوا ذلك لان النتائج ستكون وخيمة للغاية. التدخل العسكري سيزعزع استقرار المنطقة ككل وستتأثر كل الدول."

وقالت صنداي تايمز ان الاسد وعد بالقتال بشكل شخصي والموت لمقاومة القوات الاجنبية. وتعهد الاسد ايضا بمنع وقوع هجمات اخرى من قبل الجيش السوري الحر الذي قالت مصادر المعارضة انه قتل او اصاب مالا يقل عن 20 من قوات الامن في هجوم على مجمع لمخابرات القوات الجوية قرب دمشق مؤخرا.

وقال الاسد للصحيفة ان "الوسيلة الوحيدة هو البحث عن المسلحين وتعقب العصابات المسلحة ومنع دخول الاسلحة من الدول المجاورة ومنع التخريب وفرض تطبيق القانون والنظام."

مخاطر حرب اهلية

 جهتها حذر وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو من "مخاطر الانزلاق الى حرب اهلية" في سوريا. وصرح داود اوغلو ان المنشقين عن الجيش السوري "بداوا بالتحرك في الفترة الاخيرة ولذلك هناك مخاطر بالانزلاق الى حرب اهلية". وتابع انه وحتى الان "من الصعب التحدث عن حرب اهلية لان في هذه الحالة هناك جانبان يتحاربان. بينما في الوضع الحالي غالبية السكان يتعرضون لهجمات من قوات الامن. لكن هناك دائما خطر ان يتحول ذلك الى حرب اهلية".

وباتت تقع مواجهات متزايدة بين منشقين عن الجيش السوري وقوات الامن النظامية في مختلف انحاء سوريا.

ويضم "الجيش السوري الحر" الاف الجنود المنشقين عن النظام. ولدى سؤال داود اوغلو حول ما اذا كان الاسعد ادلى بتصريحات سياسية في تركيا، اجاب بان الاسعد استقبل "على اساس انساني" في تركيا. واضاف ان "كل السوريين الفارين من العمليات والمذابح (في سوريا) هم ضيوف لدينا". وتابع "ليس العقيد الاسعد وحده، بل هناك قرابة 8 الاف سوري يقيمون في تركيا ويتلقون مساعدات على اساس انساني".

واشار الى ان بلاده ستساعد المجلس الوطني السوري الذي يضم غالبية تيارات المعارضة على تعزيز موقعه في سوريا وفي العالم.

وصرح داود اوغلو "سنساعد المجلس الوطني على تعزيز موقعه من خلال تطوير علاقاته مع الاسرة الدولية والشعب السوري". واضاف "من المهم في هذه المرحلة ان يكون المجلس الوطني السوري على اتصال مع الشعب السوري ومع الاسرة الدولية وان تكون لديه قاعدة شعبية متينة بصفته هيئة منبثقة من الشعب السوري".

وكان داود اوغلو التقى مرتين ممثلين عن المجلس السوري الذي تم تاسيسه اثر اجتماعات عدة في تركيا. ولدى سؤاله حول اقامة منطقة عازلة في سوريا او منطقة حظر جوي فوق الاراضي السورية لحماية المدنيين، رد داود اوغلو بان مثل هذه القرارات رهن بتطور الوضع. واضاف ان "الامر رهن بالتطورات" وان "تركيا لا يمكنها اتخاذ مثل هذا القرار بمفردها، ولا بد من اجماع دولي حول هذه المسائل".

وحول العقوبات على النظام السوري، اكد داود اوغلو ان تركيا تعتزم اتخاذ قرار بهذا الصدد بالتشاور مع الجامعة العربية. وصرح "نحن نعتزم القيام بذلك، انما بالتشاور مع الجامعة العربية". واضاف "من المقرر ان يعقد وزراء اقتصاد الجامعة العربية وتركيا اجتماعا وسنرى ما سيصدر عنه. وغالبية العقوبات ستكون اقتصادية".

وقطعت تركيا كل صلاتها بحليفتها السابقة سوريا احتجاجا على القمع الذي تمارسه بحق المتظاهرين المعارضين للنظام. وشاركت في اجتماع للجامعة العربية التي منحت سوريا الاربعاء مهلة ثلاثة ايام لاتخاذ "اجراءات فعالة لوقف القتل" والا فسيتم فرض عليها عقوبات اقتصادية.

كما قالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ان سوريا قد تنزلق الي حرب اهلية ولكنها اوضحت انها لا تتوقع تدخل المجتمع الدولي بنفس الطريقة التي فعلها في ليبيا. وقالت كلينتون لشبكة (ان بي سي) نيوز في مقابلة في اندونيسيا حيث تحضر اجتماع قمة اقليميا "اعتقد انه قد تقع حرب اهلية مع معارضة حازمة جدا ومسلحة بشكل جيد وممولة بشكل جيد في نهاية الامر ويؤثر عليها بالتأكيد منشقون عن الجيش ان لم يكونوا يوجهونها. "اننا بالفعل نرى ذلك امرا نكره ان نراه لاننا نؤيد احتجاجا سلميا ومعارضة لا تستخدم العنف."

ولكن كلينتون قالت انها لا تتوقع احتمال حدوث نوع من التدخل الدولي المنسق الذي حدث في ليبيا حيث حصل ائتلاف يقوده حلف شمال الاطلسي على تفويض لشن هجمات جوية دعما للثوار الذين كانوا يقاتلون معمر القذافي.

وقالت "لا يوجد استعداد للقيام بذلك النوع من العمل مع سوريا" مشيرة الى تحركات اقليمية من قبل الجامعة العربية وتركيا كسبيل لاقناع الرئيس السوري بشار الاسد بوقف اعمال العنف ضد المدنيين.

وفرضت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي سلسلة من العقوبات ضد دمشق. ولكن فرض الامم المتحدة عقوبات تعد امرا غير محتمل في ضوء اعتراض روسيا والصين اللتين استخدمتا في الشهر الماضي حق النقض (الفيتو) ضد مسودة قرار في مجلس الامن الدولي يدين سوريا.

وقالت كلينتون لمحطة (سي بي اس) في مقابلة منفصلة ان من الواضح ان ايام الاسد معدودة. وقالت "انظر الاسد سوف يذهب انها مسألة وقت فقط. ما نأمله هو ان يتفادوا نشوب حرب اهلية وان يتفادوا سفك قدر اكبر من الدماء وان يجروا التغييرات التي لابد وان يقوموا بها. ونعتقد ان ضغط الجامعة العربية ربما يكون أكفأ ضغط."

روسيا تساند الاسد

من جهتها ساندت روسيا الرئيس السوري بشار الاسد بينما سعت دول عربية وغربية الى تصعيد ضغوطها على الزعيم السوري من اجل وقف حملته الامنية الضارية ضد معارضيه. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي تساند بلاده سوريا ان المطالبة باسقاط الاسد من شأنها ان تخرب المبادرة العربية التي تدعو الى الحوار بين الحكومة السورية وخصومها.

وقال لافروف "اذا اعلن بعض ممثلي المعارضة بدعم من بعض الدول الاجنبية ان الحوار لن يبدأ الا بعد رحيل الرئيس الاسد فسوف تصبح مبادرة الجامعة العربية بلا قيمة ولا معنى." وكان لافروف يتحدث بعد محادثات اجراها مع مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون التي قالت ان العالم يجب ان يستخدم كل ما يملك من تأثير كي يغير المسار السوري.

وقالت اشتون في مؤتمر صحفي مشترك في موسكو "مستقبل سوريا يعتمد الان على قدرتنا جميعا على مواصلة الضغط عليهم ليروا الحاجة الى وقف هذا العنف والاستماع الى صوت الشعب والبحث عن سبيل للمضي قدما."

وكان لافروف قد قال في وقت سابق ان هجوما شنته عناصر من الجيش السوري الحر على مجمع لمخابرات القوات الجوية على اطراف دمشق "يماثل تماما حربا أهلية."

وتنحي سوريا باللائمة في أعمال العنف على جماعات مسلحة تدعمها قوى خارجية وتقول ان اكثر من 1100 من رجال الجيش والشرطة قتلوا منذ بدء الاحتجاجات في مارس اذار.

واثارت اراقة الدماء في سوريا غضب دول عربية وغربية ادت انتقاداتها للاسد الى اعتداءات على بعثاتها الدبلوماسية في دمشق ومدن اخرى. وقالت وسائل الاعلام الحكومية السورية ان السلطات تعهدت بمحاكمة كل ما شارك في هذه الهجمات. وقالت فرنسا انها تؤيد جماعات المعارضة السورية ومن بينها المجلس الوطني السوري الذي يتخذ من باريس مقرا له لكنها ما زالت تعارض اي تدخل عسكري خارجي.

وقال وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه لمحطة (بي.اف.ام) الاذاعية "لايزالون في حاجة للتنظيم... اجرينا اتصالات بهم... بأي حال نحن نساعدهم ونشجعهم على تنظيم صفوفهم."

وكانت فرنسا اول دولة غربية تعترف بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي في مارس اذار لكنها لم تعترف بأي جماعة سورية معارضة بعد.

وقالت باريس انها تعمل مع الجامعة العربية على خطوة جديدة لمجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة بشأن سوريا على الرغم من استخدام الصين وروسيا الشهر الماضي لحق الاعتراض في المجلس على خطوة مشابهة. بحسب رويترز.

كما تدعو كل من فرنسا وبريطانيا والمانيا الى تصويت في الجمعية العامة للامم المتحدة حيث لا تملك اي دولة حق الاعتراض على قرار يدين العنف في سوريا.

ودعا برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري المعارض الى تهدئة التوتر الطائفي بين العلويين والسنة خاصة في مدينة حمص المضطربة. وقال في بيان ان الاسابيع القليلة الماضية شهدت اعمال خطف وقتل وتصفية حسابات بين أبناء الانتفاضة وهو ما يمثل تهديدا "لمكتسبات الثورة" ويقدم خدمة جليلة للنظام السوري.

وصول اسلحة مهربة

 جانب آخر نفى قائد المنشقين عن الجيش السوري في مقابلة تلفزيونية دخول أسلحة مهربة من الخارج الى المنشقين بعد أن اتهمت دمشق دولا مجاورة بالسماح بتهريب الاسلحة عبر حدودها. وقال العقيد رياض الاسعد الذي يقيم في جنوب تركيا لقناة تلفزيون الجزيرة "لا يوجد تهريب حتى طلقة واحدة..لم تدخل .. وأؤكد ذلك. لم تدخل طلقة واحدة من تركيا الى الاراضي السورية ابدا."

وأضاف "تركيا لحد الان لم تقدم لنا اي دعم ...ولا في اي مجال امني..فقط معونات انسانية وتقتصر على ذلك ولا يوجد اي شيء اخر."

كان وزير الخارجية السوري وليد المعلم اتهم جيران سوريا وخاصة تركيا بالسماح بتدفق الاسلحة عبر حدودها للمنشقين. وتقول دمشق ان من المستحيل تنفيذ مبادرة سلام اقترحتها الجامعة العربية وتدعو لانهاء العنف وانسحاب قوات الحكومة السورية من المراكز الحضرية اذا كانت تواجه مقاومة مسلحة وتهريبا للاسلحة الى المنشقين.

ويقول الاسعد انه يوجد اكثر من 15 ألف منشق في الجيش السوري الحر يتصدون لحملة تشنها الحكومة السورية ضد احتجاجات مستمرة منذ ثمانية اشهر تطالب بانهاء حكم الرئيس بشار الاسد.

وتنحي سوريا باللائمة في اعمال العنف على عصابات "ارهابية" مدعومة من الخارج وتقول انها قتلت نحو 1100 من الجنود والشرطة. وقال العقيد الاسعد ان جميع اسلحة الجيش السوري الحر اما جلبها المنشقون معهم عندما انشقوا عن قوات الامن السورية او تم الاستيلاء عليها في هجمات على الجيش النظامي او جرى شراؤها من داخل البلاد. وقال "النظام يعرف ان ازلامه يبيعونه بدراهم قليلة.. نحن الان نشتري السلاح من الداخل السوري ولا يأتينا اي سلاح من الخارج ابدا."

وقال الاسعد ان المزيد من المنشقين سينضمون الى قواته اذا وجدوا مناطق عازلة تتوافر بها الحماية للفرار اليها. وأضاف "الجنود السوريون وأكثر الضباط في الجيش السوري ينتظرون الفرصة المناسبة حتى يجدون القوة التي يحتمون بها او المنطقة التي يتجهون اليها." وتابع "ولكن نحن نعاني من الطيران السوري حقيقة...النظام استخدم الطيران في حمص والرستن وجبل الزاوية."

وقال العقيد الاسعد ان رجاله لا يريدون اي تدخل مباشر بخلاف فرض منطقة لحظر الطيران وامداد المنشقين بالسلاح. واضاف ان هذه هي الوسيلة التي يمكن بها الدفاع عن "اهلنا" بقوة اكبر وتحقيق الهدف المتمثل في اسقاط النظام.

الدعم الخارجي

الى ذلك لا يشكل الانشقاق المتزايد على الجيش السوري تهديدا مميتا بعد للرئيس السوري بشار الاسد ولكن الدعم الخارجي قد يحول المنشقين الى حركة عصيان مسلح على المستوى الوطني قادرة على اجهاد جيشه واستنزاف قواه.

وبينما تقترب البلاد على ما يبدو من الانزلاق نحو حرب أهلية يقول محللون ان الاسد سيسعى الى حرمان جماعات المعارضة المسلحة الوليدة من أرض تكفي لتنظيم حرب عصابات. وستكون مهمته أسهل اذا لم يتمكن الجنود السابقون من الحصول على مساعدة متواصلة من خبراء في الخارج على تنظيم عملياتهم اللوجستية وتدريب المجندين.

ولم يتضح بعد ما اذا كان المنشقون تمكنوا من تشكيل هذه الشبكة سواء من السوريين المقيمين في الخارج أو من قوى أجنبية. قال سامر أفندي وهو ناشط سوري معارض مقيم في بريطانيا "اذا حصلوا على مساعدة من تركيا او من بعض الدول العربية فان الانتصار على النظام قد يستغرق خمسة أو ستة أو ثمانية أشهر."

وتابع أفندي وهو مسؤول سابق في جهاز أمن الدولة السوري قائلا "اذا لم تأت أي مساعدة فان الامر سيستغرق وقتا أطول." وأضاف أن الهجوم الذي شنه منشقون من الجيش على مجمع مخابرات تابع للقوات الجوية في حرستا قرب دمشق والذي أسفر عن مقتل أو جرح 20 شرطيا أعطى دفعة قوية لمعنويات الكثيرين في صفوف المعارضة.

وهذا هو أول هجوم من نوعه منذ أن بدأ محتجون يستلهمون انتفاضات أطاحت بزعماء تونس ومصر وليبيا انتفاضة ضد حكم الاسد قبل ثمانية أشهر. ولكن أفندي قال ان المقاتلين الذين يقدر بعض المحللين أعدادهم ببضعة الاف يحتاجون الى مناطق محررة امنة للتدريب وللحصول على الدعم اللوجستي.

وقال ألن فريزر وهو محلل في شؤون الشرق الاوسط لدي شركة ايه.كيه.اي الاستشارية التي تعمل في مجال تحليل المخاطر "في الحقيقة فان العصيان المسلح ليس قويا الى حد يكفي لان يشكل تهديدا ذا مغزى للنظام في الوقت الحالي. "لكنه قد يصبح أكثر تنظيما وقادرا على الحاق الضرر بدعم من الخارج." وأضاف "نقطة التحول ستأتي عندما يمتلك القدرة على السيطرة على الارض في مواجهة هجوم مضاد يشنه النظام." بحسب رويترز.

ولا يعرف بالضبط مدى قوة الجنود المنشقين والحظر الذي تفرضه سوريا على معظم وسائل الاعلام الاجنبية ما يجعل من الصعب التحقق من صحة الحوادث على الارض.

وقال خبير في الشؤون السورية في اكسكلوسيف أناليسيس رفض الكشف عن اسمه نظرا لحساسية الموضوع انه يتوقع "تاكلا منتظما في قوة الجيش السوري وتقييدا منتظما للاراضي التي يستطيع الوصول اليها." وأضاف "الامور تمضي أكثر نحو حرب أهلية كاملة تجذب لاعبين اقليميين للتدخل."

وقال شاشانك جوشي وهو باحث في المعهد الملكي للدرسات الدفاعية والامنية في لندن "الجيش لا يزال في جعبته الكثير. لا يزال لديه ما يكفي من وحدات النخبة ولديه العدد والعدة مما يكفي للاحتفاظ بقدرته على شن هجوم عنيف."

واستطرد قائلا "المشكلة هي القطاعات التي لا يستطيع السيطرة عليها.. هل ستستعيد الحكومة السيطرة عليها في أي وقت.. يساورني الشك في أنها لن تستطيع" مشيرا الى مناطق حول مدينة درعا الجنوبية ومدينة حمص في وسط البلاد.

ويتوقع جوشي وصول الجانبين الى "طريق مسدود" حيث تعجز الحكومة عن استعادة السيطرة على الارض التي خسرتها بينما لا يستطيع المسلحون تحدي الجيش في مناطق يسعون للسيطرة عليها.

تركية وخطط طارئة

 جهتها قالت صحف تركية ان لدى انقرة خططا طارئة لاقامة منطقة حظر طيران او منطقة عازلة لحماية المدنيين في سوريا المجاورة من قوات الامن هناك اذا زادت عمليات اراقة الدماء.

وذكرت التقارير ان تركيا تعارض اتخاذ خطوات او تدخل من جانب واحد يهدف الى "تغيير النظام" في سوريا ولكنها لا تستبعد احتمال القيام بعمل عسكري مكثف بشكل اكبر اذا بدأت قوات الامن في ارتكاب مجازر على نطاق واسع.

وجاءت هذا التقارير التي اعتمدت على تصريحات مسؤولين اتراك لصحفيين مختارين في نفس يوم انتهاء مهلة نهائية اعطتها الجامعة العربية لحكومة الرئيس السوري بشار الاسد كي تنهي قمعها للاضطرابات المناهضة للحكومة والامتثال لخطة سلام.

وقال الكاتب سيدات ايرجين في صحيفة حريت "من شبه المؤكد ان نظام الاسد سيسقط فكل التقديرات وضعت بناء على هذا الافتراض. وتقول مصادر وزارة الخارجية انه كلما سقط هذا النظام سريعا كلما كان ذلك افضل لتركيا.

وفر عدة الاف من السوريين الى تركيا في اعقاب القمع الذي شن بعد تفجر احتجاجات مطالبة بالديمقراطية في مارس اذار. ومن بين هؤلاء جنود يقولون انهم فروا من الجيش بدلا من اطلاق النار على شعبهم وهم الان جزء من المقاومة المسلحة ضد قوات الاسد.

وتخشى تركيا الى جانب قوى اخرى من انه اذا انزلقت سوريا في حرب اهلية فان ذلك سيشعل صراعا طائفيا وعرقيا يمكن ان يمتد لمناطق اخرى بالمنطقة. ونقل مراد ايتكين الكاتب بصحيفة راديكال عن المسؤولين الاتراك قولهم "نعتقد انه مع كل يوم يمر في ظل نظام الاسد يزيد التهديد للاستقرار. نعتقد ان الاستقرار في سوريا وفي المنطقة لن يكون ممكنا مرة اخرى الا في ظل حكومة ديمقراطية."

وقال ايتكين ان الجيش التركي يمكن ان يقيم منطقة عازلة اذا تقدم الجيش السوري نحو مدينة مثل حلب القريبة من الحدود التركية. وقال كاتب العمود اصلي ايدينتاسباس من صحيفة ميليت ان "مصادر وزارة الخارجية اضافت ان تركيا قد تقيم منطقة حظر طيران داخل سوريا اذا خلق السوريون الفارون من الجيش موجة ضخمة من النزوح الى تركيا.

الاخوان سيقبلون تدخلا عسكريا

 من جهته قال المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين المحظورة في سوريا محمد رياض شقفة ان الشعب السوري سيقبل تدخلا عسكريا تركيا وليس غربيا لحمايته من قوات أمن الرئيس السوري بشار الأسد.

وقال شقفة الذي يعيش في المنفى بالسعودية في مؤتمر صحفي باسطنبول ان المجتمع الدولي يجب أن يعزل حكومة الاسد لتشجيع الناس على المضي في سعيهم لانهاء أكثر من أربعة عقود من حكم عائلة الاسد.

وذكر شقفة أنه اذا رفض نظام الاسد وقف قمعه العنيف فانه يمكن الدعوة لتدخل عسكري أجنبي ويفضل أن يكون تركيا لحماية الشعب السوري. وقال شقفة "لو أن المجتمع الدولي عزل هذا النظام لو أنه سحب السفراء وطرد سفراء النظام يشعر أنه معزول من كل العالم ثم يتكفل الشعب السوري باكمال الطريق لاسقاط النظام هذا هو المطلوب." وأضاف "اذا كان المجتمع الدولي يتلكأ في ذلك فالمطلوب من الدولة التركية كجارة أكثر من الدول الاخرى أن تكون أكثر جدية في معالجة ذلك اذا اضطرت نتيجة تعنت النظام الى حماية جوية أوهكذا فالشعب يقبل التدخل التركي ولا يريد تدخلا غربيا."

ولجأ الالاف السوريين وبينهم ضباط جيش دخلوا في صراع مسلح مع قوات الاسد الى تركيا واجتمعت المعارضة السورية بانتظام في تركيا لتشكيل المجلس الوطني السوري. وهو جماعة المعارضة الرئيسية ويضم شخصيات من المعارضين في المنفى ونشطاء وأعضاء في جماعة الاخوان المسلمين.

ونفى مسؤولون أتراك مرارا تكهنات لوسائل اعلام بأن احدى الخطط الطارئة التي يجري الترتيب لها هي فرض منطقة عازلة داخل الاراضي السورية لحماية المدنيين ولتسهيل الامر على افراد الجيش السوري حتى ينشقوا.

ونفى مسؤولون أتراك تقريرا أوردته صحيفة (صباح) التي تعتبر مقربة من الحكومة وجاء فيه أن ممثلين للمعارضة السورية طلبوا من تركيا وضع خطط لفرض منطقة حظر جوي لكيلومترات قليلة داخل الاراضي السورية وتوسيعها شيئا فشيئا لتضم مدينة حلب.

وقالت الصحيفة ان تركيا أخبرت المعارضة السورية بأنه يجب تنفيذ ثلاثة شروط وهي أن تكون منطقة الحظر الجوي بتفويض من الامم المتحدة وأن تبادر جامعة الدول العربية بدعم الامر وأن تلعب الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي دور الضامنين.

وقال وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه لاذاعة (بي.اف.ام) الفرنسية يوم الخميس ان فرنسا تساعد جماعات المعارضة السورية حتى تصبح أكثر تنظيما. ويزور جوبيه تركيا يومي الخميس والجمعة وسيركز على سوريا.

وذكر شقفة أن أعضاء مجلس المعارضة سيجتمعون مع مسؤولين بريطانيين قريبا. وقال "خلال أيام سيلتقي وفد من المجلس الوطني السوري برئيس وزراء بريطانيا.. الان الامور تتقدم. أبلغونا أنهم سيعترفون قريبا بالمجلس الوطني السوري كممثل للمعارضة السورية وللشعب السوري."

وعبر شقفة عن اعجابه بالتقدم الذي أحرزته الديمقراطية التركية منذ أن شق حزب العدالة والتنمية طريقه الى السلطة قبل أكثر من عشر سنوات بعد أن حقق فوزا ساحقا في الانتخابات وقال ان جماعة الاخوان المسلمين لن تسعى لفرض دولة دينية في سوريا اذا شاركوا في أي حكومة.

وقال "نحن وشعبنا معجب بالتجربة التركية اذا وصلنا الى الحكم لن نقصي أحدا. سنتعامل مع الجميع وسننشئ قوانين ... تركز على الحرية والعدالة والمساواة." وتابع قائلا "هذه كلها مأخوذة من مبادئ الدين الاسلامي. نستفيد من تعليمات الدين الاسلامي لانشاء القوانين وتحقيق الحرية لكن ليست دولة دينية."

وتشرف حكومة العدالة والتنمية التي جاء زعماؤها من حزب اسلامي محظور على فترة من الرخاء الذي لم يسبق له مثيل في تركيا. وأدخلت كذلك اصلاحات قلصت احتمالات حدوث انقلابات عسكرية لازمت تركيا في الماضي دون اتخاذ أي خطوة صريحة تقلص علمانية الدولة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 22/تشرين الثاني/2011 - 25/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م