الطائرات الانتحارية... أمريكا تجاري القاعدة!

 

شبكة النبأ: على الطريقة اليابانية، او بنفس أسلوب تنظيم القاعدة ذاته، باتت القوات الامريكية تواجه اعدائها بطائرات عسكرية انتحارية قادرة على الحاق اكبر قدر ممكن من الأذى بأهدافها.

ونجحت بشكل منقطع النظير مشروع الطائرة بدون طيار التي تفضلها الولايات المتحدة، نظرا لما حققته من نجاحات ميدانية الى جانب انتفاء خطر اسر او مقتل الطيار.

ولم يثني الجدل الدائر حول شرعية استخدام تلك الطائرة الولايات المتحدة عن تطوير وتفعيل الجانب العملي والقتالي في مواجهاتها المتعددة مع أعدائها، خصوصا الجماعات الارهابية في افغانستان وباكستان والصومال ايضا.

انتحارية بلا طيار

فسيحصل جيش البر الاميركي قريبا على طائرة صغيرة محمولة بلا طيار صامتة وقادرة على تدمير هدف بالاصطدام به ما يفجر شحنة تحملها، كما اعلنت الاثنين الشركة الاميركية التي صممتها.

وقد ابرم الجيش الاميركي اواخر حزيران/يونيو عقدا قيمته 4,9 ملايين دولار مع شركة "ايروفيرونمنت" لتزويده في اقرب وقت ممكن عددا غير محدد من هذه الطائرات بلا طيار التي ستعرف باسم "سويتشبلايد".

وتبلغ زنة هذه الطائرة بلا طيار ما لا يقل عن كيلوغرامين ويمكن حملها في جعبة الجندي. ولدى اطلاقها تخرج من انبوب وتفرد جناحيها. وهي تحلق بواسطة محرك الكتروني وتبث صور فيديو من آلة التصوير المدمجة فيها وتتيح التصويب بدقة على هدف محدد، كما قالت الشركة في بيان. بحسب فرانس برس.

ولدى رؤية الهدف على الصور التي ترسلها الطائرة مباشرة، يستطيع مشغل الطائرة التأكد من انه الهدف المطلوب وبالتالي تفادي وقوع ضحايا جانبية، كما قالت الشركة وسلاح البر. عندئذ تنقض الطائرة على الهدف وتصدمه، مفجرة شحنتها.

وقد تعرضت الولايات المتحدة مرارا للانتقاد بسبب سقوط مدنيين جراء غارات الطائرات بلا طيار التي يفترض ان تستهدف المتمردين في باكستان وافغانستان.

غارات ليبيا

في سياق متصل قال مسؤول في حلف شمال الاطلسي ان طائرة أمريكية بلا طيار شاركت في هجمات في ليبيا لكن لم يتضح هل النيران الامريكية أم الفرنسية هي التي أصابت قافلة الزعيم الليبي السابق معمر القذافي.

وقال المسؤول "شاركت طائرة امريكية بدون طيار من طراز بريديتور في المهمة لكني لا أستطيع القول بيقين أنها شاركت في الضربة التي اصابت المركبات" في قافلة يعتقد أنها كانت تقل القذافي بالقرب من بلدته سرت. بحسب رويترز.

وقال حلف الاطلسي ان طائراته الحربية اطلقت النار على قافلة بالقرب من سرت في نحو فأصابت مركبتين عسكريتين في المجموعة لكنه لا يمكنه تأكيد أن القذافي كان احد الركاب. وقالت فرنسا في وقت لاحق ان طائراتها اوقفت تقدم القافلة. وقال مسؤول حلف الاطلسي انه لم يتضح اي الطائرات أصاب وأي المركبات وهل أصيب القذافي بجراح في الضربات ام لا.

من العراق لتركيا

الى ذلك قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن عملية لطائرات بريديتور الأمريكية دون طيار التي تجمع معلومات لمساعدة تركيا في صراعها مع المتمردين الاكراد في شمال العراق نقلت قاعدتها من شمال العراق الى جنوب تركيا.

وقال الكابتن جون كيربي ان المهمة التي تشمل أربع طائرات دون طيار انتقلت الى قاعدة انجرليك الجوية بناء على طلب من تركيا نظرا لانه يجري سحب جميع القوات الامريكية من العراق بحلول نهاية العام. واضاف أن الطائرات دون طيار تقوم بمهام استطلاع ضد متمردي حزب العمال الكردستاني انطلاقا من انجرليك. لكنه رفض الحديث عن مكان عمليات الاستطلاع وما اذا كانت الطائرات مازالت تقوم بعمليات عبر الحدود في العراق.

وقال ان نقل القاعدة سيساعد في تقديم دعم المعلومات للجيش التركي "للتعامل مع التهديد الذي يشكله حزب العمال الكردستاني هناك على الحدود الجنوبية (التركية"). والحزب مدرج على قوائم المنظمات الارهابية في تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. ويقاتل منذ أكثر من 27 عاما من أجل تحقيق حكم ذاتي للاكراد في صراع أودى بحياة 40 الف شخص. بحسب رويترز.

وقال كيربي ان الولايات المتحدة لديها عملية قائمة منذ فترة طويلة تستخدم طائرات بريديتور دون طيار لمساعدة تركيا في جمع معلومات عن أنشطة حزب العمال الكردستاني في شمال العراق. واضاف "انطلقت في السابق من العراق وكما تعلمون نحن بصدد الخروج من العراق. لذلك كان هذا ترتيبا للتعامل مع ذلك." وقال كيربي ان المهمة ونوع الدعم المقدم لتركيا لا يزالان كما هما ولم يتغير سوى مكان القاعدة. ويتمركز نحو 1500 عسكري أمريكي في انجرليك.

انطلاقا من اثيوبيا

كما اكدت الولايات المتحدة انها تستخدم طائرات بدون طيار انطلاقا من اثيوبيا في اطار حملة مكافحة الارهاب في القرن الافريقي الا انها اوضحت ان الطائرات ليست مسلحة ولا تشن غارات. وقال الكابتن جون كيربي ان "هذه الطائرات بدون طيار ليست مسلحة وبدون طيار ولا تستخدم سوى لعمليات مراقبة في اطار حملة متكاملة ومستمرة لمكافحة الارهاب". واضاف ان "هذه الطائرات بدون طيار لا تستخدم سوى للمراقبة وليس لمهمات للقصف".

واكد البنتاغون والبيت الابيض ووزارة الخارجية الاميركية ان الطائرات بدون طيار تقلع من مطار اربا مينش بعدما تحدثت صحيفة واشنطن اولا عن عملية مؤخرا. الا ان المسؤولين اكدوا ان طائرات "ريبر" ليست مسلحة خلافا لما اوردته الصحيفة نقلا عن مسؤولين لم تسمهم.

ويشكل وجود سلاح الجو الاميركي في اثيوبيا قضية سياسية حساسة في المنطقة بينما يسعى المسؤولون الاميركيون باستمرار الى التقليل من اهمية دور العسكريين ووكالة الاستخبارات الاميركية هناك.

وقال كيربي "ليست هناك قواعد اميركية في اثيوبيا. انه مطار اثيوبي". وكانت الطائرات الاميركية شنت هجمات انطلاقا من قاعدة في اثيوبيا لدعم غزوها الصومال في 2006. الا ان الحكومة اوقفت هذه الترتيبات فور اعلانها.

وارسلت كينيا قوات الى جنوب الصومال خلال الشهر الجاري لمطاردة الاسلاميين في حركة الشباب المرتبطين بتنظيم القاعدة. لكن الولايات المتحدة ودولا غربية اخرى نفت اي مشاركة لها في هذه العملية.

واكد الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني ان الولايات المتحدة مصممة على مواصلة الضغط في جهود مكافحة الارهاب التي تتركز اكثر فاكثر على شبكة القاعدة في شبه الجزيرة العربية والناشطين الشباب.

وتحدث عن وجود "طائرات استطلاعية غير مسلحة في اثيوبيا في اطار شراكتنا مع الحكومة الاثيوبية بهدف تشجيع الاستقرار في القرن الافريقي". لكن كارني اكد ان "الطائرات بدون طيار لا تقوم بمهمات للقصف من اثيوبيا". وقال للصحافيين "نلجأ الى كل موارد القوة الاميركية، أكانت عسكرية ام مدنية ام دبلوماسية". واضاف ان "الولايات المتحدة تعزز قدراتها الاستخباراتية والعسكرية والامنية وتعزز كل ادواتها بالتنسيق مع شركائها في العالم". وتابع "نحن ملتزمون بحملة كبيرة مستمرة ومتكاملة ضد الارهاب" لكن "ليس هناك قواعد اميركية في اثيوبيا".

ورفض مسؤول في وزارة الدفاع طلب عدم كشف اسمه الافصاح عما اذا كانت هذه الطائرات بدون طيار تحلق فوق الصومال. وقال "نحن قلقون جدا بالتأكيد من عدم الاستقرار في الصومال" الذي اجتاحته حرب اهلية لسنوات طويلة ويخضع قسم من اراضيه لسيطرة المتمردين الاسلاميين في حركة الشباب المتطرفة التي تؤكد ولاءها لتنظيم القاعدة.

اما الناطقة باسم الخارجية الاميركية فقالت ردا على سؤال عن استخدام هذه الطائرات للتصدي لتهديد الشباب "انها مصممة للتصدي للارهاب في المنطقة وجوارها باي شكل من الاشكال".

وكانت صحيفة واشنطن بوست اكدت مساء الخميس نقلا عن مسؤولين اميركيين ان الولايات المتحدة تستخدم مطارا مدنيا اثيوبيا لانطلاق طائرات بدون طيار مسلحة في عمليات ل"مكافحة الارهاب" في المنطقة. وقالت ان هذه الطائرات تستهدف بشكل خاص الاسلاميين في حركة الشباب في الصومال المجاورة.

وتعتمد ادارة الرئيس باراك اوباما على هذه الطائرات لشن عمليات قصف ضد القاعدة وحلفائها في باكستان واليمن والصومال. وتتم الضربات باشراف وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) وليس الجيش.

مقتل بين 15 و18 اسلاميا

من جانب آخر ذكر مسؤولون محليون ان طائرات اميركية بدون طيار اطلقت صواريخ على قاعدة تابعة لطالبان في باكستان ما اسفر عن مقتل بين 15 و18 مقاتلا في المناطق القبلية الباكستانية المحاذاة لافغانستان.

وقال مسؤولون امنيون باكستانيون ان ما يصل الى عشرة صواريخ اصابت مجمعا ضخما في منطقة بابر غار بجنوب وزيرستان ما اسفر عن مقتل ما بين 15 و18 مسلحا تردد ان معظمهم كانوا من المقاتلين المحليين من طالبان. وقال احد المسؤولين ان خمس طائرات اميركية بدون طيار نفذت الهجوم، الذي يعد الاعنف من نوعه الذي تنفذه الطائرات الاميركية منذ ثلاثة اشهر.

وكان هجوم مماثل قد اسفر عن مقتل 21 مسلحا من شبكة حقاني في العاشر من اب/اغسطس. ويشير المسؤولون الاميركيون الى ان اقاليم المناطق القبلية الباكستانية المحاذية لافغانستان توفر الملاذ لطالبان التي تخوض حربا منذ عشر سنوات ضد القوات الاميركية في افغانستان، فضلا عن جماعات اسلامية مرتبطة بالقاعدة تخطط لهجمات ضد الغرب وكذلك طالبان باكستان ممن يستهدفون باكستان بشكل مستمر عبر تنفيذ تفجيرات.

واورد المسؤول في مدينة بيشاور شمال غرب باكستان ان "الهدف كان قاعدة لطالبان باكستان. لدينا تقارير تفيد ان ما بين 16 و18 مسلحا قتلوا في الهجوم". وقال مسؤول اخر في بيشاور ان محصلة القتلى 15 شخصا. بحسب فرانس برس.

غير ان مسؤولا ثالثا في بلدة وانا الرئيسية في منطقة جنوب وزيرستان قال ان 16 متشددا قتلوا، مؤكدا في الوقت ذاته ان الهدف كان قاعدة لما يعرف بتحريك (حركة) الطالبان باكستان.

ونقل عن المسؤول قوله "لدي تقارير تفيد ان بعض الاجانب ايضا قتلوا"، وعادة ما يشير المسؤولون الباكستانيون الى متشددين اسلاميين اوزبك واخرين من تنظيم القاعدة بوصفهم بالاجانب.

وقال المسؤول في وانا "لقد كانت قاعدة لطالبان. كانوا يستخدمون هذا المكان كمعسكر تدريب وكمخزن للسلاح وملاذ لهم.. جاءت الطائرات بدون طيار كلها في نفس الوقت تقريبا".

وقال المسؤولون ان الضربات جاءت بفارق دقائق الواحدة عن الاخرى نحو 2,30 صباحا (2130 تغ الثلاثاء) على مسافة نحو ثلاثة كيلومترات من الحدود مع ولاية باكتيا الافغانية وهي بين بؤر حركة التمرد المستمرة منذ عشر سنوات والتي تنفذها طالبان. ووفق محصلة لفرانس برس هذه هي الضربة هي الثالثة والستين حتى الان هذا العام.

يذكر ان هذا هو الهجوم الثاني من نوعه خلال يومين الذي تشنه طائرات بدون طيار من قواعدها في افغانستان المجاورة. وغالبا ما تستهدف هذه الطائرات مقاتلين اسلاميين في باكستان منذ العام 2004 واحيانا بوتيرة يومية في الاشهر الاخيرة.

فقد قتل ايضا ستة مقاتلين اسلاميين بغارة طائرة اميركية بدون طيار في منطقة جنوب وزيرستان المجاورة والتي تعتبر ايضا ملاذا لحركة طالبان باكستان التي اعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة في العام 2007 وتشن منذ ذلك الحين حملة دامية في جميع انحاء باكستان.

وغالبا ما تشن طائرات بدون طيار تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي ايه) غارات على مواقع في المنطقة تستهدف بصورة خاصة تنظيم القاعدة وشبكة حقاني.

وفي منطقة اخرى من الحزام القبلي قتل ضابط وجندي بالجيش الباكستاني في هجومين منفصلين لطالبان على قافلتين في منطقة كورام التابعة لبلدة لادا بجنوب وزيرستان. وقال احد المسؤولين ان "عدة مسلحين قتلوا كذلك حينما قمنا بالرد".

وترفض الولايات المتحدة الحديث علنا عن ضرباتها بالطائرات بدون طيار في باكستان، غير ان استخدامها لتلك الطائرات تصاعد بشكل واضح مع سعي ادارة اوباما لانهاء عقد من القتال في افغانستان المجاورة.

وقد اذعنت الحكومة الباكستانية لامر تلك الضربات رغم المعارضة الشعبية في الداخل وتنامي العداء للاميركيين الذي يؤججه السياسيون القوميون ورجال الدين. كما يعزى لهجمات الطائرات بدون طيار المسؤولية عن قتل بعض اخطر اعداء اسلام اباد -- مثل بيت الله محسود مؤسس حركة طالبان باكستان التي تتهم باغلب التفجيرات التي قتلت آلاف الباكستانيين.

وكانت العلاقات الباكستانية الاميركية قد تردت بشكل واضح هذا العام بعد قيام القوات الاميركية بقتل بن لادن داخل باكستان في ايار/مايو واتهام الاستخبارات الباكستانية بالتورط في حصار السفارة الاميركية في كابول في ايلول/سبتمبر.

وخلال محادثات في اسلام اباد دعت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون باكستان للتحرك في غضون "ايام او اسابيع" للقضاء على الملاذات الامنة للمتشددين الافغان وحث طالبان على الدخول في محادثات سلام.

غير ان التحركات الاميركية ضد المسلحين على الاراضي الباكستانية تقتصر على ضربات الطائرات دون طيار التي لا تتبناها الحكومة الاميركية، إذ ان باكستان حليف رئيس لواشنطن في الحرب في افغانستان حيث اغلب امدادات الحلف الاطلسي تمر عبر باكستان الى افغانستان المجاورة.

كما يدور جدل متزايد في واشنطن حول تقليص المساعدات المقدمة لباكستان اكثر، حيث ينظر الى الدور الباكستاني على انه لعبة مزدوجة تتعامل فيها اسلام اباد مع طالبان ومع واشنطن في الوقت ذاته، ما لم تقوم باكستان بفعل المزيد للقضاء على التهديد الذي حددته واشنطن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 21/تشرين الثاني/2011 - 24/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م