النظام في خطر

عبدالحسين السلطان

الهجوم الغوغائي الذي قام به بعض الناكرين لجميل الكويت من بعض نواب مجلس الأمة وعصاباتهم في السادس عشر من نوفمبر 2011 باقتحام قاعة عبدالله السالم، لا يمكن حصره في التعدي على أملاك الدولة فقط، بقدر ما هو خرق فاضح للدستور الكويتي، وانتهاك لقدسية بيت الشعب، وتحد سافر لـ«أبو السلطات» الذي طالما أصر على الالتزام بالدستور والقانون.

ولا يمكن تفسير هذا الهجوم الا بأنه انقلاب على النظام العام للبلد، وعلى يد عصبة تأزيميين من نواب الأمة، كأنهم «غزوا» الكنيست الاسرائيلي وانتزعوها من يد الصهاينة.

ان سلسلة الممارسات السياسية الشاذة عن سياق العمل السياسي الكويتي لهذه الزمرة المتواطئة مع جهات مشبوهة سوف لن تتوقف الا بسقوط الدستور والنظام، لما يشكله نظامنا الديمقراطي من فزاعة لبعض الدول، وما يتمتع به الشعب الكويتي من نظام دستوري مستهدف، ومساحة واسعة من الحريات التي لا يتمتع بها الآخرون، وانسجام اجتماعي راق بين الحاكم والمحكوم، وحياة مرفهة يغبطنا عليها الكثيرون.

ان مسلسل السلوك السياسي المشين لهذه الجوفة المتهورة لا يدع مجالا للشك في ما يخفونه من مؤامرة على النظام الديمقراطي، حيث دشنوا مشروعهم بضرب عمود النظام الاقتصادي والمالي في الكويت، من خلال كشف اسرار حسابات وشيكات مواطنين من مصارف معتبرة والتي كانت بمثابة هدم للبنى المصرفية الكويتية المعتبرة، اضافة الى التمادي السافر في التعدي على السلطات الاخرى وخاصة التنفيذية في مسعى منها لفرض أجندتها على السلطات الاخرى وتفريغ المادة 50 من الدستور من محتواها، بل تجاسروا حتى بالتشكيك في أحكام السلطة القضائية التي تمثل صمام الأمان في اي نظام ديمقراطي، حيث تصدر احكامها باسم صاحب السمو أمير البلاد، الذي يمثل «أبو السلطات» جميعا، فهؤلاء المارقون على القوانين لم يتقيدوا قيد أنملة بتوجيهات سمو أمير البلاد، حفظه الله، حتى وصل بهم الغي الى التدخل السافر في صلاحياته الدستورية، ومنها اختياره رئيس الحكومة، حين أصر سموه في أكثر من مناسبة ولقاء على ثقته الكاملة في اختيار الشيخ ناصر المحمد رئيسا للوزراء، وآخرها كان اللقاء الذي طلبته مجموعة التأزيم مع سموه قبل عطلة عيد الأضحى المبارك، وقد دعاهم كأب لهذه الأمة الى المزيد من التعاون بين السلطتين، وعدم الخروج الى الشارع والتقيد بقاعة عبدالله السالم، الا ان الفئة الضالة تمادت وفق أجندتها المشبوهة، ليس فقط في رفض التوجيهات السامية، انما في كسر وتدمير بيت الديمقراطية والمبادئ الدستورية، في سلوك شاذ وغريب على تجربتنا الديمقراطية، ولم يمر على تاريخ الكويت غزو بيت الشعب إلا مرتين الاولى كانت على يد جلاوزة صدام عام 1990، والثانية كانت على يد أزلام التأزيميين في 16 نوفمبر 2011، في خطوة غريبة على تاريخ التجربة السياسية الكويتية التي اتسمت بالرقي في الحوار وقبول الاختلاف في الرأي، وبعيدة كل البعد عما يجري اليوم من ممارسة بهذا المستوى المنحط من قلة الأدب في التعامل السياسي والتدني السافر في الخطاب السياسي.

ان الشعب الكويتي برمته اليوم يحبس انفاسه وهو قلق ومصدوم من تصرفات هؤلاء السائرين على درب الانفلات القانوني وفرض الفوضى وفق مؤامرات خبيثة ضد هذا الشعب الطيب المسالم للنيل من نظامه.. ان السكوت عن هذه الفئة الضالة جريمة في حق الكويت وحق ابنائها ومستقبلهم، فكفى مهادنة مع رموز الفساد السياسي وكفى سياسة الترضيات والأسلوب الطيب. مع فئة اصرت على هدم بنى الديمقراطية في الكويت تحت شعار الدستور، فمن امن العقاب أساء الأدب. وعلى أجهزة الأمن القيام بدورها التاريخي بعزم وحزم وشدة في محاسبة المعتدين على الدستور والقوانين وعلى رأسهم نواب الفساد الذين قادوا عملية الاقتحام البائسة وهم يرقصون ويرددون الأهازيج وينشدون فرحا كأنهم حققوا انتصارا باهرا لاوليائهم.

ان الكويت اليوم تمر بمرحلة حاسمة وخطيرة في ظل اصرار الفئة الباغية على الاستمرار في غيها بتجاوز القانون وضرب اسس الدستور والنظام العام في البلد، ولابد من مواجهة هؤلاء الناكثين لعهودهم والناكرين لنعم الله عليهم ليرتدعوا حتى نتجنب المزيد من التهديدات لأمن وطننا العزيز، اذ ليس مستغربا ان تقوم هذه الفئة في المرحلة المقبلة بعمل جنوني جديد في هجوم جديد على مقار رموزنا وقيادتنا.

www.aldaronline.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 21/تشرين الثاني/2011 - 24/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م