شبكة النبأ: بداية لابد أن نفهم
الحوكمة كمصطلح، ولماذ ظهر في عالم اليوم، وما هي الاسباب التي دفعت
لظهوره؟، لقد ذكر متخصصون، أن الحاجة للحد من الأزمات الاقتصادية التي
ضربت ولا تزال دولا وقارات عديدة، هي التي تقف وراء ظهور الحوكمة، أو
على الاقل لتساعد على تحسين ادارة الاقتصاد، من خلال ادارة الشركات
والمؤسسات والمنظمات المتنوعة، بطريقة ناجحة تشترك فيها عناصر النزاهة
والشفافية والمراقبة، وتعمل على تحديد المسؤوليات الادارية في حالتي
النجاح أو الاخفاق، فقد (ظهرت الحاجة إلى الحوكمة في العديد من
الاقتصاديات المتقدمة والناشئة خلال العقود القليلة الماضية، خاصة في
أعقاب الانهيارات الاقتصادية والأزمات المالية التي شهدتها عدد من دول
شرق آسيا، وأمريكا اللاتينية وروسيا في عقد التسعينات من القرن
العشرين، وكذلك ما شهده الاقتصاد الأمريكي مؤخرا من انهيارات مالية
ومحاسبية خلال عام 2002). وقد ورد في الويكيبيديا أن (الحوكمة هي
النشاط الذي تقوم به الإدارة. وهي تتعلق بالقرارات التي تحدد التوقعات،
أو منح السلطة، أو التحقق من الأداء. وهي تتألف إما من عملية منفصلة أو
من جزء محدد من عمليات الإدارة أو القيادة. وفي بعض الأحيان مجموعة من
الناس تشكل حكومة لإدارة هذه العمليات والنظم).
لذا يبدو أن عالم اليوم أكثر حاجة للحوكمة من أي عصر مضى، فهل يمكن
التصريح بأننا نحتاج الى حوكمة للعولمة الراهنة التي بدأت تدفع العالم
الى حافات الانهيار، لاسيما فيما يتعلق بالاقتصاد العالمي؟، إن الجشع
المطلق الذي يمثل عنوانا عريضا لعولمة اليوم، والحث المتواصل باتجاه
تحويل العالم الى غابة متوحشة، من أهم الاسباب التي تدفع نحو أهمية بل
حوكمة العولمة، والحد من مساراتها الشاذة التي بدأت تلقي بإفرازاتها
الخطيرة على عموم العالم، والدليل، هذه التحولات الجماهيرية الكبرى،
التي بدأت تهز أسس الهيكل الاقتصادي العالمي القائم على النفعية
والربحية والجشع، بغض النظر عن النتائج الكارثية التي غالبا ما يتلقاها
الفقراء بصدورهم العارية وبطونهم الخاوية، لذلك بدأ العالم يتغير فعلا،
خصوصا فيما يتعلق بمراقبة الشركات الكبرى وحوكمتها، أي مراقبتها اداريا
وانتاجيا، وتحديد الاخفاقات والاضرار الناجمة عنها، من خلال خطوات
إجرائية شفافة، لا تقبل التعتيم او التلاعب او المراوغة والتحايل في أي
حال من الاحوال. لهذا أصبح عالم اللحظة الراهنة أكثر خضوعا للحوكمة،
نظرا الى الحاجة المتزايدة لصنع اقتصاديات متينة، لا تهزها ريح الازمات
التي تظهر بين حين وآخر لتهدد العالم أجمع، كما تظهر الحاجة الى عالم
تضبطه السجايا الانسانية قبل غيرها، أي أننا نحتاج الى عالم إنساني
النزعة، يختلف عن العالم الذي صنعته العولمة الراهنة، عولمة الجشع
والربحية التي تبرر الوسائل وتضع الغايات الانسانية خلف ظهرها، لهذا
فإن حوكمة العولمة باتت هدفا وإجراءا مطلوبا، على أن يتم تعميمه أكثر
فأكثر، ليشمل مجالات الأنشطة الانسانية المتعددة. بكلمة أوضح عالمنا
اليوم بأمس الحاجة الى حوكمة شاملة، أي لا تتوقف عند العولمة فحسب،
لأننا نحتاج الى حوكمة الاخلاق، وقبلها نحتاج الى حوكمة الاعلام
العالمي والمحلي في آن، فقد أسهم الاعلام بنشر الانحرافات في مناطق
واسعة من العالم، ومنها الشذوذ والاباحية، وتكريس السادية والنزعات
القائمة على النفعية، بغض النظر عن معايير الأحقية أو الافضلية،
وباختصار إن عولمة اليوم، نسفت القيم الانسانية الصحيحة، لتزرع بدلا
منها، قيما مصلحية ربحية، لا تترك حيزا للهامش الانساني او الاخلاقي.
فيما غُيٍّب الجانب الاخلاقي في العلاقات التي تحكم الانتاجية على
مستوى العالم، لهذا يحتاج العالم الى حوكمة الاخلاق، بمعنى مراقبة حركة
الاقتصاد وما تفرزه من أضرار كبيرة على الآخرين، لاسيما الدول الأفقر
في العالم، حيث تنعكس مساوئ العولمة، ورداءة الاعلام، وتغييب الاخلاق،
على البنية الاجتماعية الضعيفة أصلا للمجتمعات الفقيرة، فينشأ أطفال
ذووا شخصيات مريضة ضعيفة مهزوزة، لا تساعد في تاسيس وبناء مجتمعات
إنسانية معاصر، لذا لابد من اتخاذ الخطوات العملية الكفيلة بتحييد
التأثيرات السلبية المتواصل لعولمة اليوم.
أما من يتحمل مسؤولية حوكمة العولمة والاعلام، فإن المنظمات
العالمية المعنية، هي الاقدر من غيرها على تحقيق هذا الهدف، لاسيما تلك
التي تأسست في الغرب وسواه، ونشطت في عموم العالم، وشكّلت جماعات ضغط
ناجحة في اتخاذ القرارات السليمة وتنفيذها على مستوى العالم أجمع. |