عاد الحديث عن المصالحة الفلسطينية ليتصدر وسائل الإعلام من جديد،
وتركز الحديث حول المفاجأة التي من الممكن أن يطرحها سيادة الرئيس
محمود عباس في لقائه برئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل خلال
الشهر الجاري في القاهرة، فما هي تطورات ملف المصالحة؟ والدوافع التي
تقف وراء تفاؤل النخب والرأي العام من وراء لقاء مشعل عباس؟
بدأت تطورات ملف المصالحة الفلسطينية بعد الإعلان عن اللقاء المرتقب
بين عباس ومشعل، والذي تبعه دعوة رئيس الوزراء في الضفة الغربية سلام
فياض لفصائل العمل الوطني والإسلامي بالعمل على اختيار رئيس وزراء جديد،
وبذلك سقطت العقبة الأبرز في تطبيق بنود المصالحة، ليعود التفاؤل من
جديد، ولكن هذه المرة التفاؤل مرتبط بالبيئة السياسية المحيطة بحركتي
فتح وحماس في الوقت الراهن، والتي قد تدفع كلا الطرفين إلى تطبيق بنود
اتفاق المصالحة وذلك بسبب عدة عوامل أهمها:
1- الإخفاق في طلب الحصول على طلب العضوية الدائمة في الأمم المتحدة،
والموقف الأمريكي المنحاز لإسرائيل في تلك القضية.
2- الموقف الأمريكي والإسرائيلي من وقف الدعم المالي لمنظمة
اليونسكو نتيجة قبولها لفلسطين عضوا فيها.
3- المتغيرات السياسية في المنطقة، وفرص فوز الإسلاميين في العديد
من البلدان العربية في الانتخابات المقبلة، وقد يمثل فوز حزب النهضة
ذات الجذور الاخوانية في تونس خير دليل على صدق هذا التوجه، بالإضافة
على اكتساح جماعة الإخوان المسلمين في مصر غالبية مقاعد النقابات
والجمعيات، والأهم من ذلك هو تسليم الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة
بأطروحة حكم الإسلاميين في الشرق الأوسط، وتحديداً الحركات الإسلامية
الوسطية والتي تمثلها جماعة الإخوان المسلمين، والتي تشكل حركة
المقاومة الإسلامية "حماس" أحد أجنحتها العاملة في فلسطين.
4- رغبة شخصية عند السيد الرئيس محمود عباس في تحقيق المصالحة
الفلسطينية وإعادة اللحمة والوحدة بين جناحي الوطن قبل الرحيل.
5- انجاز صفقة وفاء الأحرار (تبادل الأسرى) والتي اكتسبت حركة حماس
شعبية تضاف إلى شعبيتها في الوطن وخارجه.
6- وصول حركتي فتح وحماس إلى نتيجة مفادها أن مبدأ الشراكة السياسية
وليس التفرد هو الطريق الوحيد للوصول إلى بناء مؤسسات الدولة، وممارسة
الحكم الرشيد، وانجاز المشروع الوطني التحرري.
7- الضغط الشعبي والدولي على حركتي فتح وحماس من اجل انجاز المصالحة
قد يكون عامل مهم للبدء في تطبيق بنود الاتفاق المبرم بالقاهرة في شهر
مايو/2011م.
8- ثورة الشعب السوري ضد نظام الأسد، وقرارات جامعة الدول العربية
المتعلقة بسوريا.
خلاصة القول، فإن لقاء السيدين محمود عباس وخالد مشعل لن يكون لقاء
بروتوكولي، وإنما سيكون لقاءاً مفصلياً هاماً، وسيخرج بنتائج ايجابية،
ولكن التطبيق لن يكون مفروشاً بالورود كون جماعات المصالح في مجتمعنا
هم كثر، ومن لا يريد المصالحة سيعمل على عرقلتها بشتى السبل، وعليه
مطلوب مساندة شعبية وطنية عربية لتنفيذ هذا الاتفاق الذي يمثل رسالة
قوية للموقف الأمريكي المنحاز، والغطرسة الإسرائيلية.
Hossam555@hotmail.com |