خشبة المسرح... شواهد نابضة لشواخص الحياة

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: تتنوع العروض المسرحية المقدمة على خشبة المسرح  حيث يؤدي فيها الممثلون ادواراً تتوزع بين الكوميديا والتراجيديا من اجل ايصال افكار تعتمد على تقديم النقد ومهاجمة الظواهر السلبية داخل المجتمع  والتي تكون بمثابة دفعة قوية قد تهز الاوضاع القائمة وتحدث تغيرات جوهرية.

وقد اعتبر المسرح -منذ القدم- متنفساً مهماً لهموم الناس  ومدافعاً قوياً عن حقوقهم المصادرة او المبتسرة من قبل الانظمة الحاكمة  مما اضطرها للدخول في صراعات طويلة مع المستبدين والعتاة  ليس على مستوى اثبات الحقوق ودحض الباطل  فحسب  بل الى مستوى اخر جهد فيه المدافعون عن الحريات العامة من اجل تفريقهم عن المسرح الحكومي او السلطوي.

المسرح التجريبي العراقي

حيث انطلقت مؤخراً وعلى مدار 6 أيام فعاليات مهرجان منتدى المسرح التجريبي السادس عشر في العراق، الذي تقيمه دائرة السينما والمسرح على خشبة المنتدى في شارع الرشيد والمسرح الوطني، وذلك بعد توقف دام نحو عشر سنوات  وتعد دورة المهرجان الحالية امتداد لدورات المهرجان السابقة لمنتدى المسرح التي توقفت في العام 2001، وشاركت في هذه الدورة فرق أجنبية، من فرنسا مسرحية (كلوب) للمخرجة جويل، و(وزن الريشة) لغازي الزغباني من تونس، و (الرغبة) المأخوذ من (عربة اسمها الرغبة) لتينيس وليام إخراج الشاذلي العرفاني من تونس، ومسرحية (الصوت البشري) من اوكراني  وهذه المسرحيات ستعرض خارج المسابقة على خشبة المسرح الوطني، فيما ستكون هناك العديد من العروض لفرق من بغداد منها "الجليد" للمخرج صميم حسب الله، "الجلسة السرية" للمخرج علاء قحطان، "وهم" للمخرج محمد مؤيد، "بلاتوه" اخراج اكرم عصام، "رنة هاون" اخراج خضر عبد خضر، و"البرد" اخراج غسان اسماعيل وغيرها. بحسب وكالة انباء الشرق الاوسط.

ونقل بيان للمهرجان عن مديره المخرج ابراهيم حنون القول إن المهرجان يعد بوابة مهمة للاحتراف ومنطلق مهم لمسرح الشباب والتجريب  وأضاف "نحاول من خلال هذا المهرجان أن نعيد البهاء للمسرح العراقي وأن يشاهد الجمهور العراقي التجارب العالمية، وأن ننفتح على المسارح الأخرى"  وأكد أن منتدى المسرح قدم دفعة كبيرة من الشباب واتاح لهم الفرص، لأن المنتدى مؤمن ومخلص في جلب الشباب ووضعهم على المسار الصحيح، مشيرا إلى أن مهرجان الهواة الذي يقيمه المنتدى مختلف تماما وقائم بحد ذاته ولاعلاقة له بهذا المهرجان وأوضح أنه سيتم إصدار كتاب بعنوان (بيتنا المسرحي بين المختبر والاستشراف) بمناسبة المهرجان يضم مجموعة البحوث التي قدمت في مهرجان مسرح الهواة، لافتا إلى أن فعاليات المهرجان ستشهد محورا مهما عن مستقبل المسرح العراقي  وأشار إلى أن المهرجان يقدم جوائز لأفضل نص وأفضل عرض متكامل، وأفضل إخراج، وأفضل ممثل وممثلة، وأفضل ممثل ثانوي وممثلة ثانوية، لافتا إلى أن لجنة تحكيم مؤلفة من شخصيات عراقية وأجنبية ستتولى اختيار الفائزين.

اغتيال العراقي بهاء موسى

في سياق متصل انتهى المخرج المسرحي البريطاني نيكولاس كنت من إعداد مسرحية لم يكتب فيها كلمة واحدة، وهي عن التحقيق في قضية المواطن العراقي بهاء موسى، الذي لقي مصرعه وهو محتجز لدى القوات البريطانية في البصرة  فكيف فعل ذلك، وماهي الأسس التي يقوم عليها هذا الشكل المسرحي المعروف باسم "مسرح المحاكاة"  اذ ان القليلون من الكتاب المسرحيين والمخرجين يمكنهم الإدعاء بأنهم توصلوا إلى استحداث شكل مسرحي جديد، ولكن الفضل يعزى إلى نيكولاس كنت في تعريف جمهور المسرح بدراما المحاكاة في الشكل الذي يكاد يكون حكرا عليه  ومنذ عام 1984 عكف كنت على تحويل مسرح "ترايسيكل" في ضاحية كيلبورن في لندن إلى معقل لهذا النوع من الدراما، مع التركيز على الكتابة السياسية، ونجح إلى الحد الذي جعله منافسا يعتد به للمسارح العملاقة مثل المسرح القومي ومسرح "رويال كورت"  وفي عام 1994 قدم نيكولاس كنت مسرحة "نصف الصورة" وتناول فيها التحقيق في قضية صادرات الأسلحة البريطانية لصدام، وذلك بأسلوب محاكاة لجنة التحقيق وما استمعت إليه كلمة بكلمة. بحسب بي بي سي.

فدراما المحاكاة هي شكل مسرحي يتسم بالبساطة الشديدة، إذ يقف الممثلون على المسرح وهم يعيدون تجسيد اللحظات الفاصلة في تحقيقات في قضايا كبيرة، مع الاستعانة بنفس النصوص والوثائق المتعلقة بالتحقيق الأصلي وبنفس أقوال الشهود، بحيث يمكن القول إن المسرحية تتحول إلى مايشبه "لجنة تحقيق" فعلية  وتعددت المسرحيات التي قدمها نيكولاس كنت في هذا الإطار المسرحي، وكان من أبرزها محاكمات نورمبرج لمجرمي الحرب العالمية الثانية وجلسات الإستماع التي عقدتها لجنة الامم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن مذابح سربرنيتشا أثناء حرب البوسنة عام 1999، وحتى الجرائم المحلية التي يكون لها تأثير على الرأي العام داخل بريطانيا ، مثل مسرحية "لون العدالة"، وهي عن التحقيقات التي أجريت في مقتل الصبي الأسود ستيفن لورانس في لندن  وكانت القيمة الحقيقة وراء الإنتاج الفني لمسرح "ترايسيكل" ومديره نيكولاس كنت هي أنه أثبت أن الكلام العادي، غير المكتوب للمسرح والذي لاينطوي على أي حبكة مسرحية يمكن في حد ذاته أن ينطوي على دراما قوية وخاصة الدراما السياسية.

والمسرحية الأخيرة عن قضية بهاء موسى تحمل عنوان "الاستجواب التكتيكي"، وعمد فيها نيكولاس إلى التجريد الشديد والرجوع إلى الأساسيات  وتتمثل المسرحية في عرض تلخيص مدته مائة دقيقة لما حدث على مدى 15 شهرا من التحقيقات التي أجراها السير ويليام جيج في ملابسات وفاة المواطن العراقي بهاء موسى أثناء احتجازه على أيدي القوات البريطانية في البصرة  والحقيقة أن من يعتقد أن مسرحية بهذا الشكل قد تكون جافة ومملة سيخيب أمله  فقد استطاع نيكولاس كنت أن يتحرك بإيقاع سريع بين تفاصيل ماحدث لبهاء موسى في البصرة ودهاليز السياسة العسكرية والخارجية البريطانية، وكل ذلك للإجابة على سؤال أساسي تطرحه المسرحية وهو  لماذا يعتقد الجنود البريطانيون أن ما قاموا به تجاه بهاء موسى كان مقبولا؟  ومن الناحية الفعلية كان هذا التحقيق قد تكلف 12 مليون جنيه استرليني وانتهى في شهر أكتوبر من العام الماضي ومن المتوقع أن تعلن نتائجه قريب  ومن المعتقد أنه من بين كل التحقيقات التي تناولتها مسرحيات دراما المحاكاة على مسرح ترايسيكل، فإن التحقيق بشأن وفاة بهاء موسى هو الأقل شهرة، بل إن كثيرين من البريطانيين لا يكادون يعرفون شيئا عن تلك القضية بالذات، ولكن نيكولاس كنت يقول إن هذا بالتحديد هو السبب الذي دفعه لتناول تلك القضية في مسرحيته الجديدة.

ويقول نيكولاس كنت "أعتقد أن التحقيق الخاص بموت بهاء موسى لم يحظ بالتغطية المناسبة في وسائل الإعلام البريطانية، وقد حضرت بعض جلسات ذلك التحقيق في وسط لندن، ولم يكن هناك سوى صحفي واحد أو اثنين، مع أنه تحقيق كان يحتاج لتسليط الاضواء الإعلامية عليه"  وبالرغم من أن الحكومة البريطانية دفعت تعويضات ضحمة لأسرة بهاء موسى، فإن نيكولاس كنت يعتقد أن الاهتمام الإعلامي بالتحقيق لم يكن بالقدر المطلوب، ويقول " ربما يعزى ذلك إلى أن تحقيق لجنة والكوت بشأن ملابسات اشتراك بريطانيا في حرب العراق كان يجرى في ذلك الوقت واستحوذ على اهتمام الإعلام، ولكن ذلك لا ينفى أن الجيش البريطاني العامل في العراق قد أخضع بعض الناس لأساليب تعذيب غير قانونية"  ويؤكد كنت أن أفضل وقت لإنتاج مسرحية محاكاة عن تحقيق بعينه هو الوقت الذي يعقب انعقاد التحقيق في الواقع، ولكن قبل إعلان نتائجه، ويقول إن الهدف من ذلك هو أن يمعن جمهور المسرح التفكير في الأدلة التي شاهدها في الواقع ويقارنها بما شاهده على المسرح ثم يتوصل للنتيجة التي يراها مناسبة ليقارنها بعد ذلك بالنتيجة الفعلية.

السماوي يواصل مغامرته

الى ذلك وفي المسرح البلدي لمدينة سوسة على الساحل التونسي، يسعى الفنان العراقي طلعت السماوي إلى مواصلة مغامرته ضمن ما يسمّيه بفن "الرقص الدرامي"  وذلك من خلال ورشة مفتوحة تحمل عنوان "وجوه القمر" وهي جزء من العمل المتواصل "خطوة المستقبل" التي انطلقت في دمشق في العام 2008، ثم في الجزائر سنة 2009 والآن تشهد تونس اكتمال المغامرة، وقد انطلق العمل يوم 10 يونيو ليتواصل إلى حدود يوم 10يوليو  ويؤكد الفنان العراقي طلعت السماوي أنه ألا يفصل الكلمة عن الجسد، ولكن الجسد عنده لغة أساسيّة، ويضيف "استخدم النص ولكني لا اشتغل على الحكاية أو السرد داخله، بل اشتغل على ما يسمى "الاختزال"، لأصل إلى حدود الرمز، وحتى في خصوص الشخصيات، فليس عندي شخصية محددة وإنما عندي رموز تشتغل فوق الركح، وهذه الرموز نبنيها ببناء معينا، حيث ترسل إشارة أو علامة سيميائية، سواء كانت حركية أو لغوية، أفسح من خلالها المجال أمام المتلقي للتفكير والتفكيك والتحليل، أمنح المتلقّي مساحات للسؤال، والإجابة في نفس الوقت، أسعى للابتعاد عن المألوف في أعمالي والسعي للوصول إلى مناطق فيها أكثر مغامرة".

أمّا عن تاريخ الرقص الدرامي عراقيا وعربيّا فيؤكد السماوي أنْ لا تقاليد عراقية أو عربية في هذا المجال، مضيفا "ليست لدينا تقاليد عربية في هذا الفنّ، وتجربتي هي الأولى عراقيا وعربيّا، قدمت أول تجربة في صيف سنة 2000 على مسرح الرشيد، كان العمل يحمل عنوان "خطوات إنسان" وكان فيه ثلاثة محاور، وهو "صولو" انفرادي مثل المونودراما، المحور الأول كان عنوانه "طقوس بابلية" والثاني "رحلة صوفي" فيما حمل المحور الثالث عنوان "الشمس أجمل في بلادي"  ويواصل "لم يكن العمل رقصا بحتا بل كانت الكلمة موجودة أيضا في هذا العرض، ولعلّ هذا العمل كان فاتحة أمام أعمال أخرى في مجال الرقص الدرامي، أي أنه فتح الباب أمام تجارب أخرى في نفس السياق سواء من إنتاجي أو من إنتاج فنانين شبّان"  وعن بداية التجربة يقول السماوي إنّ "مجموعة أكيتو تأسست عام 1996 في مدينة كوثنبورغ في السويد، وتهدف إلى التبادل الثقافي بين السويد و الدول العربية و مشاريع ثقافية و فنية لما بعد التعدد الثقافي، كما تعمل على تسيير المشاريع الثقافية و الإنتاج الفني ضمن نطاق فن الخشبة الحديث أي الرقص الدرامي"  ويهدف مشروع "خطوة المستقبل" على حسب السماوي أساسا إلى دعم الهوية الثقافية والخصوصية الفنية وتطوير المنهج العلمي و التطبيقي لفن الخشبة الحديث، مع البحث عن احتمالات تطوير المشروع الثقافي والفني  أمّا تتمّة المشروع في تونس فهو يهدف إلى تطوير شبكة فن الخشبة بين الفنانين الشباب العرب والسويديين، وتطوير إدارة المشروع الثقافي لمشاريع ما بعد التعدد الثقافي مع السعي لتأسيس أستوديو لفن الخشبة الحديث في الدول العربية.

أمّا مصطلح "الرقص الدرامي" فكان نتيجة بحث استغرق سنوات طويلة تواصل فيها السماوي مع أشكال من الرقص وشتى الفنون التي تتعلق بالخشبة، ويرى السماوي أنّ مسألة التسمية هي في النهاية "مجرد عنوان للتواصل لا أكثر" ويواصل "ثم لا ننسى أن كلمة "رقص" مازالت تعتبر من "التابوهات" في بعض الدول العربية، وأحيانا يطلبون مني أن أغيّر التسمية لتكون مثلا "التعبير الجسدي"  وعموما أنا أعتبر الرقص من أجمل فنون حركة الجسم، وثمّة مثل هندي جميل جدا يقول "الرقص هو حركة الله" في إحالة واضحة على الكمال والتماهي مع الذات الإلهية  إذن فأجمل ما يقدم الإنسان من حركة هو الرقص، أمّا لماذا الرقص الدرامي، فذلك رغبة منّي التجاوز، لا أود أن أرتبط بالفضاء، لأن البعض أشار عليّا بأن أسميه بـالرقص المسرحي" وهنا سيكون المسألة مرتبطة أساسا بالفضاء وهذا ما لا أسعى إليه"  ويشارك في العمل مجموعة من الشباب من تونس والجزائر والسويد والعراق وسوريا وفلسطين يقول السماوي أنه "مع احترام الخصوصية الثقافية المحلية لكل دولة فإنّ التوجه العام هو توجه عالمي في رغبة لصنع تداخلات وتمازجات وتحاورات وتصادمات بهدف تعدد الألوان الثقافية وعلاقتها ببعض واستلهام ما هو موجود لديّ ولدى الآخر فالمهم هو الخصوصية الفنية وتقديم البصمة الخاصة وعدم التقليد"  هذا وقد حقق العمل نتائج مهمّة ومشجعة جعلت السماوي والذين معه يواصلون المغامرة بأكثر حماس.

جزء جديد للزعيم

من جهته أعلن النجم المصري عادل إمام أنه يفكر جدياً في تقديم جزء ثان من مسرحية "الزعيم"، التي عُرضت بالقاهرة وعدد كبير من المسارح الرئيسية بعدد من الدول العربية بداية منذ أواخر التسعينات من القرن الماضي ولمدة تجاوزت سبع سنوات  ونقل موقع "الفن أون لاين" عن عادل إمام قوله إنه طلب بالفعل من السيناريست يوسف معاطي العمل على هذا المشروع ليواكب التغيرات التي طرأت على البلاد العربية بعد قيام ثورتي تونس ومصر والثورات العربية الأخرى في ليبيا واليمن وسوري  يُذكر أن مسرحية "الزعيم" تكلمت عن ثورة الشعب ضد المظالم التي يتعرض لها على يد الأجهزة الأمنية القمعية بالأنظمة الديكتاتورية، وسخر عادل إمام في "الزعيم" من تبعية الطبقة الحاكمة بمختلف هيئات ومؤسسات الدولة الافتراضية للحاكم حتى وإن كان على خط  كما يُشار إلى أن الفنان عادل إمام "71 عاماً" يتعرض لحملة، فقد وضعه نشطاء سياسيون على رأس قائمة أُطلق عليها "القائمة السوداء" تشمل فنانين وأدباء وروائيين كانوا قريبين من النظام السابق الذي نجحت الثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني الفائت بإجبار رئيسه حسني مبارك على ترك الحُكم. بحسب يونايتد برس.

مأساة أهل القدس

فيما يتناول العرض المسرحي الوطني الاستعراضي "الجرح النازف" مأساة تاريخية لا تنسى وقضية متجذرة في التاريخ هي قضية الشعب الفلسطيني في مواجهة الكيان الصهيوني الغاصب والمحترف في ارتكاب الجريمة تجاه كل مظاهر الحياة في فلسطين حيث أن هذا الجرح يتعمق يوماً بعد يوم باستمرار آلة الإجرام الإسرائيلية في القتل والسجن والتهجير وتدمير مظاهر الحياة الإنسانية في فلسطين  ويركز العرض الذي قدمته فرقة الأمل التابعة لجيش التحرير الفلسطيني واللجنة المحلية لمخيم اليرموك على مسرح الأمل في مركز الشهيدة حلوة زيدان بمخيم اليرموك على القضية الفلسطينية من الجانب الإنساني مبتعداً إلى حد ما عن طرح القضية في مضمونها السياسي فهذا الجرح المستمر بالنزيف يظهر في العرض المسرحي جرحاً وجدانياً والدم الذي يسيل هو ألم جارف في الداخل وهو نزيف روح وجسد ووطن  ويقدم العرض شخصيات عميقة وموجودة بشكل واضح في القصة الفلسطينية حيث يمثل تاريخ القضية من خلال الجدة التي عاشت في القدس قبل عام 1948 لذا فهي تحمل الذاكرة والتاريخ وتتناول بث هذه الذاكرة ورفض الواقع المفروض في الحياة تحت وطأة الاحتلال.

ويظهر الوطن بصورته الخالدة في أذهان الجيل الذي لم يعش فيه ولكن إصراره لا يختلف عن إصرار من يحمل الذاكرة الحقيقية لتفاصيل الوطن لذا فالقضية التي يحملها شباب فلسطين الذين يخرجون عن أدوارهم في العمل هي قضية ابن المخيم الذي يحلم بفلسطين ويتذكرها كما لو أنه عاش مع أجداده فيه  ويقول مخرج العرض حسان حسان في تصريح لوكالة سانا ان العمل يحاول اختصار مأساة أهل القدس في مسرحية وابتعدنا عن المباشرة لأن هذه المعاناة تظهر بصورة مباشرة في نشرات الأنباء والفضائيات  واوضح المخرج أن القصة تدور خلال عائلتين تعيشان حياتهم اليومية في القدس هذه الحياة الطبيعية التي تتضمن الذاكرة والحب وتركز على إبداع الإنسان الفلسطيني في روءية الحياة رغم كل ظروف القهر والاحتلال مشيراً إلى أن هذا العرض يركز على هوية الإنسان الفلسطيني التي يحاول الاحتلال انتزاعها واستبدالها بتاريخ خاص له غير موجود أساساً عبر الكثير من عمليات التهويد متناسياً أن الإنسان الفلسطيني هو صاحب هذه الأرض ويمتلك الكثير من الذكريات المحفورة في جدران البيت وعتباته وأشجار زيتونه.

أنتيجونا بنسخة فلسطينية

من جهة اخرى أعلن المسرح الوطني الفلسطيني "الحكواتي" ومسرح أفري الباريسي عن اطلاق مسرحية "انتيجونا" للكاتب اليوناني سوفوقليس، بدعم من القنصليتين الفرنسية والإيطالية بالمدينة  وسيتم عرض المسرحية في الثامن والعشرين، وعرضها في مدن الداخل الفلسطيني والضفة في شهر حزيران القادم، اضافة الى 40 عرضا في 11 مسرح فرنسي العام القادم  ويأتي إنتاج هذه المسرحية نتيجة العلاقة بين المسرح الوطني الفلسطيني والمسرح الوطني في أيفري في إطار الرؤية الإستراتيجية للإدارة المسرح في التواصل الدولي والعربي مساهمة منها في تعزيز النشاط الثقافي في فلسطين  وأكد جمال غوشة مدير الحكواتي أن هذا العمل هو تطبيق للرؤية التي يسير عليها المسرح خلال السنوات الماضية، والهادفة الى التواصل مع المجتمع المحلي من منطلق المسؤولية الإجتماعية، اضافة الى التواصل مع العالم الخارجي ثقافياً مما يساهم في صقل الخبرة الفلسطينية للاستفادة من الخبرات العالمي  بدوره أعرب المخرج الفرنسي عادل حكيم عن سعادته بهذا التعاون بين المسرحيين الفرنس والفلسطيني، مضيفا أن فكرة التعاون جاءته عندما شاهد مسرحية" عقد هيلين" وهي عمل فرنسي فلسطيني مُشترك حيث تمنى عندها أن يقوم بعمل مشابه، وله علاقة بواقع الفلسطينيين، ووقع الخيار على مسرحية"انتجونا" التي تمثل المعاناة والنضال من أجل الحقوق.

وأضاف حكيم خلال المؤتمر الصحفي أنه تم اختيار هذه المسرحية لأنها من التراث الانساني، وتعكس الوضع الفلسطيني، مما انعكس أيجابيا على انتماء وعمل الممثلين الفلسطينيين  كما أكد باترك جيرارد الملحق الثقافي بالقنصلية الفرنسية أن التعاون الفلسطيني الفرنسي الممتد منذ سنوات يساعد في نشر الثقافة الفرنسية في المسارح الفلسطينية، كما يعرف العالم من هم الفلسطينيين وما هي قدرة الممثل الفلسطيني  وجاء في بيان صدر عن المسرح الوطني الفلسطيني بعنوان "لماذا أنتيجونا فلسطينية"؟  لأن القطعة المسرحية تتحدث عن العلاقة بين الإنسان والأرض، عن الحب الذي يحمله كل فرد لموطنه، وعن التعلق بالأرض  لأن كريون، الذي أعمى خوفه وعناده بصيرته، منع أي ميت أن يدفن في التراب الذي ولد فيه، ولأنه أدان أنتيجوني على حجزها، ولأنه بعد تنبؤات تريسياس وموت ابنه، فهم كريون أخيراً خطأه، وعمل على حل وإصلاح الظلم الذي ارتُكِب.هذه المأساة العالمية ستملك تأثيراً خاصاً، ويؤديها ممثلون فلسطينيون ممتازون، البعض منهم كان حاضراً في مسرح ايفري عام 2009 بمناسبة تمثيل عرض"عقد هيلين" لِـكارول فريشيت، وإخراج نبيل الأزان. أنتيجوني تسمح بمواصلة التعاون بين المسرح الفلسطيني والمسرح الفرنسي.

شكسبير يتحدّت بكل اللغات

على صعيد اخر أعلن مسرح جلوب الانجليزي انه سيقدم أعمال الاديب الانجليزي وليام شكسبير المسرحية وعددها 37 بسبع وثلاثين لغة تقدمها 37 فرقة مسرحية في مهرجان مسرحي تشارك فيه فرق من أفغانستان وحتى جنوب السودان الذي أصبح دولة مؤخر  ويستمر المهرجان وهو باسم "من عالم الى عالم" ستة اسابيع ويبدأ في 23 ابريل نيسان من العام القادم  ويجيء مهرجان شكسبير في اطار مهرجان لندن لعام 2012 الذي يعد ذروة دورة اولمبية ثقافية لاربع سنوات من الاحتفالات الفنية والثقافية في بريطانيا والتي ستؤدي الى دورة الالعاب الاولمبية الصيفية في المدينة العاصمة العام القادم  ويبدأ مهرجان شكسبير "من عالم إلى عالم" برؤية جديدة لقصيدة شكسبير "فينوس وأدونيس" التي تقدم بلغات عدة منها لغات الزولو وخوسا والسوثو والتسوانا والافريكانز وانجليزية جنوب أفريقي  وتبدأ العروض المسرحية يوم 23 ابريل أيضا ومنها "ريتشارد الثاني" وتقدمها فرقة فلسطينية كما تقدم فرقة تشكلت خصيصا من جنوب السودان للمشاركة في المهرجان "سيمبلين". بحسب رويترز.

ومن العروض المسرحية "ريتشارد الثالث" التي تقدم بلغة الماندارين و"زوجات وندسور المرحات" بالسواحيلي و"عطيل" بالهيب هوب  وقال منظمون ان مسرحيات شكسبير الثلاثة عن هنري السادس وتدور حول الحرب الاهلية في انجلترا ستقدم على شكل "ملحمة ثلاثية بلقانية" لثلاث فرق وطنية من صربيا والبانيا ومقدوني  اما المسرح الحر في روسيا البيضاء الذي وصفه المنظمون بانه "اشجع فرقة مسرحية في العالم" فيقدم مسرحية "الملك لير" بينما سيترجم مسرح ديفينتلي من لندن مسرحية "عذاب الحب الضائع" المليئة بالتورية والتلاعب اللفظي إلى لغة الاشارة البريطانية  وبمناسبة اولمبياد لندن يقدم المنظمون ما اسموه بطاقة "الساحة الاولمبية" التي تسمح بمشاهدة كل مسرحيات شكسبير السبع والثلاثين بالاضافة الى القصيدة بمئة جنيه استرليني "155 دولارا".

متطرفون مسيحيون

من ناحيته دان وزير الثقــافة الفرنسي فريديريــك ميتران التـــحرّك الذي قام به متطرفون مسيحيون مؤخراً، ضد مسرحية للكــاتب المســرحي رومــيو كاتيلوتشي  وتسبب أفراد من الجمعية المتطرفة "اينستيتوسيفيتاس" بتوقف عرض المسرحية موقتاً في "تياتر دو لا فيل"، ورفع هؤلاء لافتات كتب عليها "أوقفوا كره المسيحية!"  وأوضح مدير المسرح ميكايل شاز أن هؤلاء الناشطين "وزعوا منشورات خارج المسرح قبل أن يتسببوا بتوقف المسرحية التي استؤنفت بعد ذلك، من خلال صعودهم الى الخشبة وهم يرتّلون ويدينون "كره المسيحية" من خلال لافتات حملوها"  لكن سرعان ما عمدت الشرطة على إجلائهم، بطلب من إدارة المسرح  وأوضح المدير أن أفراداً من منظمة "أكسيون فرانسيز" "مؤيدون للنظام الملكي وقوميون" حاولوا الدخول الى المسرح بالقوة  وتمكن ناشطان من التيار المسيحي المتطرف، من رشق الجمهور الذي كان ينتظر امام المسرح للدخول بالبيض والزيت، في اليوم التالي، على رغم الاجراءات الامنية المعززة  ورفعت إدارة المسرح شكوى "للدفاع عن نفسها بكل الوسائل من هذا المساس غير المقبول بالحرية". بحسب فرانس برس.

وسبق للمسرحية أن عُرضت في "مهرجان أفينيون" وهو من أعرق التظاهرات المسرحية في العالم  وتتناول مسرحية روميو كاستيلوتشي رجلاً وابنه يواجهان معاً أضرار الشيخوخة أمام صورة عملاقة للمسيح  واعتبر ميتران أن ما حصل "يمسّ بمبدأ جوهري يحميه الــقانون الفرنــسي ويتمثل بحرية التعبير"  وقال انه "يفهم ان تكون بعض مقاطع المسرحية تثير الصدمة"، إلا أن ذلك "لا يبرّر بأي حال من الاحوال اللجوء الى الوسائل العنيفة المخالفة للديموقراطية، فالمسرح مكان لحرية التعبير وهي حرية يجب الحفاظ عليها"  وأفادت وزارة الثقافة بأن القضاء سبق أن رفض شكوى تقدمت بها جمعية "اغريف" "التحالف ضد العنصرية ولاحترام الهوية الفرنسية والمسيحية" الكاثوليكية المتطرفة التي طالبت بإلغاء عرض المسرحية  وسبق لجمعية "اينستيتوسيفيتاس" ان هاجمت في نيسان "ابريل" معرض صور للفنان الاميركي اندريس سيرانو في افينيون تضمن صورة "ايميرشن بيس كرايست" الشهيرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 18/تشرين الثاني/2011 - 20/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م