البحرين... حق القوة في القمع وقوة الحق في المقاومة

متابعة وتحليل: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تتواصل الانتفاضة البحرينية دون أن تتأثر بالمواقف الدولية شبه المتواطئة مع حكومة العائلة المالكة، في إصرار منقطع النظير لشعب يتعرض بشكل يوميا لقمع والتنكيل ومصادرة الحقوق الإنسانية والوطنية على حد سواء.

فيما باتت الاضطرابات تشل معظم إشكال الحياة الطبيعية، خصوصا أن الاحتجاجات والاعتصامات اليومية وما ينجم عنها من اشتباكات مسلحة أفرزت تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة. حيث لا تزال الاحتجاجات تشاهد في معظم مدن تلك الدولة.

الامر الذي جعل من المجتمع البحريني يدفع ضريبة الاحداث بالدماء والأموال، حسب التقارير الإعلامية الواردة، فسقوط القتلى والجرحى لا تزال تمثل ظاهرة مستمرة منذ بداية الاضطرابات، الى جانب تضرر متواصل في ممتلكات المواطنين ومصالحهم الخاصة، الى جانب الضرر الكبير الذي لحق بالاقتصاد العام للدولة.

التعذيب منهجي

فقد قالت البحرين انها ستمضي قدما في تنفيذ اصلاحات برلمانية تأمل ان تنهي الاضطرابات بالمملكة في بيان جاء بعد يوم من اعلان لجنة حقوقية انها وجدت دليلا على انتهاكات منهجية.

وقال وزير العدل ان التعديلات الدستورية التي استندت الى نتائج الحوار الوطني الذي جرى هذا العام لمناقشة الاصلاحات ستقدم الى البرلمان.

وجاء البيان بعد اعلان رئيس لجنة تقصي الحقائق التي تشكلت للتحقيق في مزاعم انتهاكات حقوق الانسان في البحرين خلال اشهر الاضطرابات انه يعتقد الان ان التعذيب كان سياسية منهجية وان كان على نطاق محدود.

ومن المقرر ان تقدم اللجنة تقريرها النهائي للملك حمد بن عيسى ال خليفة يوم 23 نوفمبر تشرين الثاني. وكان رئيس اللجنة شريف بسيوني قد اعلن قبل عدة شهور انه لا يعتقد ان سوء المعاملة كان منهجيا مما اثار ردود فعل غاضبة من الاغلبية الشيعية في المملكة التي يحكمها السنة.

وقال بسيوني في مقابلة مع صحيفة المصري اليوم المصرية "لا يمكن اطلاقا تبرير التعذيب على اي وجه من الوجوه وبرغم قلة عدد الحالات فمن الواضح انه كانت هناك سياسة منهجية." واضاف "وقد حققت هناك ووجدت اكثر من 300 حالة تعذيب واستعنت في ذلك بأطباء شرعيين من مصر وامريكا." بحسب رويترز.

وسحقت البحرين في وقت سابق العام الحالي حركة احتجاجية مطالبة بالديمقراطية يقودها الشيعة بشكل اساسي وقالت ان دافع الانتفاضة طائفي وانها كانت تلقى دعما من ايران. ولقي نحو 40 شخصا حتفهم واعتقل اكثر من الف وفقد الالاف وظائفهم في الاضطرابات التي استمرت رغم الاصلاحات التي تعهد بها الحوار الوطني.

ودعت البحرين لجنة مستقلة من كبار القضاة الدوليين للتحقيق في الاحتجاجات والاجراءات الصارمة التي ووجهت بها. وأقرت البحرين بوجود انتهاكات معزولة لحقوق الانسان لكنها تنفي مطلقا وجود سياسة لاستخدام القوة المفرطة ضد المحتجين والمحتجزين.

وكان من المقرر ان يصدر التقرير النهائي للجنة في اواخر اكتوبر تشرين الاول لكن الموعد النهائي ارجئ شهرا في اللحظة الاخيرة بعد يومين من اعلان وزارة الخارجية الامريكية ان صفقة اسلحة بقيمة 53 مليون دولار علقت الى ان ترى النتائج.

اشتباكات متواصلة

الى ذلك قال شهود ان الالاف من البحرينيين الشيعة اشتبكوا مع قوات الامن خلال جنازة رجل قالت جماعة الوفاق المعارضة انه لقي حتفه بعد هجوم للشرطة. وقالت الجماعة على موقعها الالكتروني ان علي الديهي والد حسين الديهي نائب الامين العام لجمعية الوفاق الوطني توفي مؤخرا متأثرا بجروح كان أصيب بها عندما هاجمته شرطة مكافحة الشغب. وقالت الحكومة انه توفي لاسباب طبيعية.

وقال مصور من رويترز ان متظاهرين اشتبكوا مع الشرطة بعد دفن جثمان الديهي مضيفا أن المتظاهرين الشيعة رددوا شعارات مناهضة للحكومة. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين. ولم ترد تقارير عن وقوع اصابات.

واستقدمت الاسرة الحاكمة السنية في البحرين قوات من السعودية والامارات العربية المتحدة في وقت سابق من هذا العام للمساعدة في سحق حركة احتجاجية قالت ان ايران ودوافع طائفية شيعية تغذيها.

وقال نبيل رجب رئيس مركز البحرين لحقوق الانسان على تويتر ان الشرطة البحرينية سدت الطرق المؤدية الى الجنازة في حي الديه الشيعي. وأضاف أنه يحاول الوصول الى هناك لكن الحكومة سدت كل الطرق حتى لا يشارك الناس في الجنازة.

ودعت الولايات المتحدة جميع الاطراف لضبط النفس. وحثت الحكومة على الشفافية الكاملة في التحقيق فيما حدث للديهي. والبحرين مقر الاسطول الخامس الامريكي. وقالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الامريكية في واشنطن "نفهم فيما يتعلق بملابسات وفاة الاب ان الاسرة قدمت شكوى جنائية ضد الشرطة البحرينية." واضافت "تشجع الولايات المتحدة على الشفافية الكاملة عندما تأخذ هذه القضية مجراها وندعو بشكل واضح الجميع لممارسة ضبط النفس.. انه وقت حساس في البحرين في الوقت الذي تنتظر فيه كل الاطراف تقرير لجنة التحقيق البحرينية المستقلة."

ونقل عن رئيس اللجنة التي أنشئت للتحقيق في مزاعم انتهاكات لحقوق الانسان في البحرين خلال شهور من الاضطرابات قوله يوم الاثنين انه وجد ادلة على تعذيب منهجي. وقالت الوفاق ان الديهي تعرض لهجوم من شرطة مكافحة الشغب بينما كان عائدا الى منزله. وأضافت في بيان أن الهجوم ترك جرحا عميقا في رأسه وكدمات في جبهته وجرحا قرب عينه ودماء تتدفق من فمه.

وقالت هيئة شؤون الاعلام الحكومية ان الديهي توفي لأسباب طبيعية وان وزارة الصحة نفت مزاعم الوفاق بشأن تعرضه لهجوم عنيف. وأضافت نقلا عن مصدر بوزارة الصحة أنه كان قد أصيب باغماء في المنزل وجرح في شفته السفلى.

وتأمل البحرين في اتمام صفقة أسلحة مع الولايات المتحدة لكن الصفقة يمكن أن تتوقف على النتائج التي تتوصل اليها لجنة تحقق في اضطرابات هذا العام ومزاعم الشيعة بشأن سوء معاملة تعرضوا لها بموجب الاحكام العرفية.

اتهامات بالارهاب

فيما قالت السلطات البحرينية إن الأشخاص الخمسة المعتقلين بتهمة التخطيط لشن هجمات في البلاد، حصلوا على دعم من جانب إيران. وقال متحدث باسم النيابة العامة في البحرين إن أحد المعتقلين تلقى تدريبات عسكريا ودعما ماليا من جانب الحرس الثوري الإيراني وقوات الباسيج. ونقلت وكالة الانباء البحرينية عن متحدث باسم النيابة العامة قوله ان عبد الرؤوف الشايب وعلي مشيمع المقيمين بالخارج قاما بإنشاء هذه الجماعة بالتنسيق مع المتهمين بغرض ارتكاب عمليات إرهابية داخل البحرين، واستهداف مبنى وزارة الداخلية ومقر السفارة السعودية بالمنامة وجسر الملك فهد الرابط بين البلدين .

وأضاف المتحدث أن المتهمين قاموا بالتنسيق مع جهات عسكرية في الخارج من بينها الحرس الثوري وقوات الباسيج بإيران لتدريب العناصر المنخرطة في الجماعة على استخدام الاسلحة النارية والمتفجرات، تمهيدا لاستعمالها في تنفيذ مخططاتها .

وقال إن التحقيقات توصت إلى وجود مخطط لإيفاد أعضاء الخلية إلى إيران لتلقي التدريب العسكري على دفعات وأوضح المتحدث أن النيابة العامة وجهت الى المتهمين الخمسة تهم إنشاء جماعة إرهابية الغرض منها تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها والاخلال بالنظام العام وتعريض سلامة وأمن المملكة للخطر، والتخابر مع من يعملون لمصلحة دولة أجنبية بقصد ارتكاب عمليات عدائية ضد مملكة البحرين . وأمرت النيابة بحبس المتهمين ستين يوما على ذمة التحقيق.

وتشهد العلاقات بين المنامة وطهران توترا شديدا خصوصا بعد قيام سلطات البحرين بالتصدي لمظاهرات احتجاجية قادتها المعارضة الشيعية في وقت سابق من العام الجاري. وهاجمت ايران بشدة دخول قوات من مجلس التعاون الخليجي الى البحرين لدعم النظام في مواجهة الحركة الاحتجاجية.

حزب الله ينفي

من جانبه أصدر حزب الله اللبناني بياناً استنكر فيه الاتهامات التي وجهتها شخصيات برلمانية بحرينية له، بالتورط في "إنشاء جماعة إرهابية" كانت تخطط لمهاجمة مقرات رسمية وجسر الملك فهد الرابط بين البحرين والسعودية، فشكك في صحة وجود المخطط، واعتبر أن الاتهامات هي "واحدة من فبركات" السلطات في المنامة، على حد وصفه.

وقال الحزب في بيان نقلته وسائل الإعلام التابعة له: "ليس معلوما أساسا ما إذا كان الأشخاص الموقوفون لدى سلطات البحرين هم خلية عسكرية أو لديها أهداف عسكرية كما ذكر، ويمكن أن تكون المسألة برمتها واحدة من فبركات نظام آل خليفة السلطوي في البحرين".

واعتبر الحزب أن الاتهامات الموجهة إليه "عارية من الصحة تماما ولا أساس لها على الإطلاق،" ورأى أنها "محاولة فاشلة من نظام آل خليفة للتعمية على حقيقة الثورة الشعبية المدنية والسلمية التي يقوم بها شعب البحرين."

وكانت النيابية العامة البحرينية قد وجهت إلى خمسة متهمين أعلن عن اعتقالهم في قطر الأسبوع الماضي، تهم "إنشاء جماعة إرهابية، والإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة وأمن المملكة للخطر والتخابر مع من يعملون لمصلحة دولة أجنبية،" في إشارة لإيران. بحسب السي ان ان.

وقال متحدث باسم النيابة لوكالة أنباء البحرين الحكومية إن "تحقيقات النيابة العامة كشفت.. أن عبد الرؤوف الشايب وعلي مشيمع المقيمين بالخارج قد قاما بإنشاء هذه الجماعة بالتنسيق مع المتهمين بغرض ارتكاب عمليات إرهابية داخل البحرين."

وقالت النيابة إن المتهمين كان يخططون لهجمات على "مبنى وزارة الداخلية ومقر السفارة السعودية بالمنامة وجسر الملك فهد الرابط بين البحرين والسعودية."

ووجهت النيابة العامة الاتهام صراحة إلى إيران بالتورط في القضية، وقال إن المتهمين "قاموا بالتنسيق مع جهات عسكرية في الخارج من بينها الحرس الثوري وقوات الباسيج بإيران لتدريب العناصر المنخرطة في الجماعة على استخدام الأسلحة النارية والمتفجرات."

وأمرت النيابة البحرينية بحبس المتهمين المستجوبين ستين يوماً احتياطياً على ذمة التحقيق، "لتحديد الأشخاص المتصلين بتلك الجماعة في الداخل والخارج."

وفي المقابل، قالت جمعية الوفاق الشيعية، أكبر كتلة معارضة في البلاد،  في بيان إن "الحديث المتكرر بين الفينة والأخرى من قبل السلطة عن خلايا وشبكات وتنظيمات ومؤامرات وإرهاب وخطط وتحركات في الخفاء، زاد عن الحد المقبول إلى درجة استخفاف الرد عليه،" على حد تعبيرها.

الافراج عن لاعب عراقي لكرة القدم

من جهة أخرى اكدت عائلة لاعب شباب فريق المحرق البحريني لكرة القدم ذو الفقار ناجي ان السلطات البحرينية افراجت عن ابنها، وذكر والد اللاعب عبد الامير ناجي ان "السلطات البحرينية اطلاقت سراح ابني ذو الفقار، بناءا طلب من وزير النقل العراقي هادي العامري، خلال مباحثات بينه ومسؤولين بحرينيين بخصوص اعادة الرحالات الجوية بين المنامة وبغداد".

وكانت احدى المحاكم البحرينية حكمت على ذو الفقار بالسجن لمدة عام مع الترحيل الفوري على خلفية اتهامه بالمشاركة في احداث اذار/مارس الماضي. وكانت شركة طيران الخليج علقت رحلاتها الجوية بين بغداد والمنامة احتجاجا على موقف الحكومة العراقية من الاحتجاجات في البحرين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 17/تشرين الثاني/2011 - 19/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م