الجوع يطرق أبواب اليمنيين مع استمرار الاضطرابات السياسية

 

شبكة النبأ: يوم بعد يوم تتعقد الشؤون الحياتية والإنسانية في اليمن مع استمرار الاضطرابات السياسية التي تعصف بها، خصوصا بعد انقضاء تسعة اشهر دون حلول تضع نهاية للمعاناة التي يتعرض لها السكان في تلك الدولة.

وتشير المنظمات الانسانية الى احتمال وقوع كوارث انسانية في حال استمر الوضع القائم، وتوقف تدفق المساعدات الانسانية بسبب القتال الدائر، الى جانب التدهور الحاصل في مرافق الدولة والتنمية المتوقفة. ويعتبر الجوع وسوء التغذية ابرز التحديات التي تقلق المجتمع الدولي، خصوصا مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، مما يهدد بوقوع مجاعة خطيرة تهدد بانهيار المجتمع والدولة اليمنية الى جانب الاقتتال الاهلي.

نقص الغذاء

فقد قال مسؤولون بالامم المتحدة ان اليمن يتعرض لخطر الوقوع في أزمة انسانية أعمق على غرار الازمة الصومالية بعدما جعلت الاضطرابات السياسية الامر أكثر صعوبة بالنسبة للعديد من اليمنيين الذين يكافحون من أجل الحصول على الغذاء. وقال جيرت كابيليري ممثل صندوق الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في اليمن في مؤتمر صحفي "اليمن على شفا كارثة انسانية حقيقية... انه عرضة لخطر أن يصبح صومالا جديدا على المستوى السياسي والانساني."

ويعاني الصومال من المجاعة والقتال بين متشددين على صلة بتنظيم القاعدة وقوات مدعومة من الغرب في الدولة التي تعمها الفوضى في القرن الافريقي. وتقول الامم المتحدة ان حوالي 3.7 مليون صومالي معرضون لخطر الموت جوعا.

ومنذ يناير كانون الثاني يطالب المحتجون اليمنيون بانهاء الحكم الشمولي المستمر منذ 33 عاما للرئيس اليمني علي عبد الله صالح مستلهمين انتفاضات شعبية اخرى في العالم العربي. وقالت وكالة الانباء اليمنية يوم الاثنين ان صالح رحب بقرار مجلس الامن الدولي الذي يحثه على التوقيع على مبادرة توسط فيها مجلس التعاون الخليجي لنقل السلطة.

وقال كابيليري ان اليمن بالفعل لديه ثاني أعلى معدل سوء تغذية في العالم بعد افغانستان مما يؤثر على حوالي ثلث سكان أكثر الدول العربية فقرا والبالغ عددهم 24 مليون نسمة. واضاف "يعاني أكثر من 50 بالمئة من الاطفال دون سن الخامسة من سوء تغذية مزمن في اليمن اليوم."

وقالت لبنى علمان مديرة برنامج الاغذية العالمي التابع للامم المتحدة في اليمن ان اليمن يعتمد مثل دول الخليج الاخرى اعتمادا كبيرا على الواردات الغذائية لان 2.5 بالمئة فقط من الاراضي صالح للزراعة.

وقالت علمان لرويترز "في أحسن الاحوال يمكن أن ينتج اليمن نحو 30 بالمئة فقط من احتياجاته الغذائية بسبب محدودية الاراضي الصالحة للزراعة الامر الذي يجعله يعتمد على الواردات بشكل كبير." واضافت أن الحصول على الغذاء هو التحدي الرئيسي.

وقالت علمان "انها ليست مسألة انتاج الغذاء فحسب انما الحصول عليه فالناس لا تكسب ما يكفي من المال لشراء المواد الغذائية التي في الاسواق وبالتالي فان زيادة معدل التوظيف هو الحل المستدام."

واشارت علمان الى ان المصاعب الاقتصادية أيضا جزء من القوة التي تدفع كثيرا من الناس الى الاحتجاج اذ يعيش حوالي 40 بالمئة من اليمنيين على اقل من دولارين في اليوم.

ومنذ بدء الاضطرابات هذا العام بدا أن الاقتصاد اليمني على حافة الانهيار مع انخفاض صادرات البلاد من الهيدروكربون والتي تمثل 60 بالمئة من الدخل بينما يمثل توافر المواد الغذائية خطرا أكبر. وقالت علمان ان هناك حاجة لانهاء الاضطرابات الحالية من أجل البدء في مرحلة التعافي.

ويسعى برنامج الاغذية العالمي الى جمع 159 مليون دولار لليمن هذا العام بينما من المتوقع ان يحتاج العام المقبل 200 مليون دولار.

أسباب احتمال تفاقم سوء التغذية

فيما قال مسئول كبير بوزارة الزراعة والري أن الاضطرابات السياسية التي تشهدها اليمن جعلت من الصعب على المواطنين العاديين إيجاد ما يكفيهم من الغذاء، مما يرفع من احتمالات تفاقم حالة سوء التغذية.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) على هامش اجتماع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) الذي عقد في أبوظبي في 27 أكتوبر، قال عبد المالك الثور نائب وزير الزراعة لقطاع تنمية الإنتاج الزراعي أنه "في ظل المشاكل التي يواجهها اليمن في الوقت الراهن، توجد تحديات كبيرة".

خرج المتظاهرون في شوارع العاصمة صنعاء ومدينة تعز، ثاني أكبر المدن، وفي المدن اليمنية الأخرى منذ فبراير الماضي مطالبين بتغيير نظام الحكم في البلاد، مما أدى إلى ردة فعل عنيفة من جانب السلطات.

ويرى الثور أن الأزمة السياسية سيكون لها أثر بالغ على الجوع وسوء التغذية لأسباب تشمل ما يلي:

الوقود: منع النقص الحاد في الوقود العديد من المزارعين من ري محاصيلهم، إذ ينبغي ضخ المياه من الآبار. وحتى المزارعون القادرون على انتاج المحاصيل ليس لديهم ما يكفي من الوقود لنقل بضائعهم إلى الأسواق.

انعدام الأمن: عمليات شراء أو بيع أو تسويق المنتجات الزراعية في صنعاء صعبة جداً نظرا لمحدودية التنقل. وأفاد الثور أن النصف الشمالي من المدينة يعتبر من الناحية العملية منطقة حرب أهلية بين القوات الحكومية وقوات المعارضة المسلحة.

التجارة: توقف العديد من رجال الأعمال عن استيراد البذور بسبب انعدام الأمان؛ الأمر الذي سيؤدي إلى نقص الإنتاج في الموسم المقبل.

الفقر: حتى إذا توفر الطعام، لم يعد بمقدور العديد من اليمنيين تحمل نفقات المواد الغذائية بسبب التضخم وانخفاض الدخل، فوفقاً لمنظمة الفاو، ارتفعت أسعار السلع الغذائية الرئيسية بمعدل 46 بالمائة منذ يناير الماضي.

إدارة الحكم: تم إيقاف تنفيذ الإستراتيجية الغذائية للحكومة بسبب الأزمة. وقال الثور "نعمل لمدة ساعتين فقط كحد أقصى ثم تبدأ المظاهرات فنضطر جميعاً إلى المغادرة. ونحن لم نذهب إلى عملنا على الإطلاق طوال الأسابيع الثلاثة الماضية بسبب القتال الدائر حول وزارة الزراعة".

برامج التغذية المدرسية: لم يعد الأطفال الذين لا يذهبون إلى المدرسة – إما بسبب انعدام الأمن أو لأن النازحين يشغلون مدارسهم – يحصلون على المكملات الغذائية التي توزع في المدارس. وقال الثور "الموقف صعب جداً، ونحن خائفون من المستقبل. ماذا سيحدث في الموسم المقبل؟" 

كما أضاف أنه من المفترض وضع خطة طوارئ لتوزيع 400 طن من البذور المدعومة على المزارعين في بداية هذا الأسبوع. وتناشد الحكومة منظمة الأغذية والزراعة تقديم المساعدة في هذا الصدد".

تم تجميد مشروعات الفاو الجارية أو المخطط لها في البلاد بسبب الفوضى والاضطرابات المدنية – بما في ذلك مبادرات تعزيز التخطيط الزراعي وإعادة تأهيل مستجمع المياه بمحافظة أب - حسبما أفاد فؤاد الدومي ممثل الفاو باليمن.

وأفاد الدومي في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (ايرين) أن هناك مشروعان للطوارئ لدعم النازحين وتحليل بيانات الأمن الغذائي "سوف يبدأ تنفيذهما بمجرد إدخال العاملين إلى البلاد". وأضاف أن هناك سبعة مشروعات أخرى مدرجة في خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2012 بقيمة 11.8 مليون دولار تنتظر التمويل من الجهات المانحة. وحتى قبل بدء النزاع، لم يكن لدى أكثر من ثلث سكان اليمن ما يكفيهم من الطعام.

تقديم المساعدات يزداد تعقيداً

وفي هذا السياق، قال غيرت كابيليري، ممثل اليونيسف في اليمن: "لدينا هنا العديد من الحالات الإنسانية المزمنة التي يجب التعامل معها. إن الأوضاع الإنسانية تبلغ في كثير من الأحيان درجة من التعقيد لم يسبق لها مثيل في تجاربنا ضمن المجتمع الإنساني الدولي".

ولطالما كان الاهتمام باليمن أقل من الاهتمام بالدول الأخرى في المنطقة. حيث كتب مارك لينش، مدير معهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة جورج واشنطن، في مدونته أنه "من الصعب توجيه الاهتمام إلى اليمن".

وهو ما أكدته منظمة أوكسفام الدولية، في تقرير صادر عنها في 19 سبتمبر عن انتشار الجوع وسوء التغذية المزمن في اليمن، قالت فيه أنه "على الرغم من تعهد الجهات المانحة بتقديم مليارات الدولارات لمساعدة تونس ومصر وليبيا على إعادة بناء اقتصاداتها وتلبية الاحتياجات الإنسانية لمجتمعاتها، إلا أن المجتمع الدولي ينسى محنة المتضررين في أفقر بلد في المنطقة".

كما يبدو أن التمويل الذي كان متوفراً في الأصل بدأ يتقلص الآن لأسباب متعددة من بينها تخوف الجهات المانحة من سيطرة الحكومة على الأموال من خلال مبدأ الرعاية الذي يمكنها من التدخل في معظم البرامج والمشاريع. وهو ما أشار إليه تقرير منظمة أوكسفام الذي أفاد أن هولندا حجبت في منتصف عام 2011 المساعدات التي كانت ستقدمها للحكومة احتجاجاً على انتهاكات حقوق الإنسان خلال الحملة القمعية. كما أعلن البنك الدولي في أغسطس عن تجميد برنامج مساعداته الذي تبلغ قيمته نصف مليار دولار بسبب المخاوف المتعلقة بالأمن وشؤون الحكم. كما سحبت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بعضاً من تمويلهما أو قاما بتعليق بعضه في الأشهر الأخيرة، وفقاً لأشلي كليمنتس، مؤلف التقرير.

وجاء في قول كليمنتس: "إنه لمن المفارقات أن تقوم الجهات المانحة بسحب تمويلها لليمن في الوقت الذي يواجه فيه أحد أكبر التحديات الإنسانية على الإطلاق...وعلى الرغم من أنه يجري أحياناً الحديث عن بعض التمويل إلا أن لا أحد يتعهد بتقديمه، وعندما يتم التعهد بتقديم بعض الأموال لا يتم تنفيذ ذلك أبداً".

وحسب أوكسفام، لم يقم أصدقاء اليمن، وهي مجموعة من الجهات المانحة المعنية بمستقبل اليمن تضم الولايات المتحدة ودول أوروبية وخليجية، بعقد أي اجتماع منذ بداية الأزمة الحالية في شهر فبراير الماضي. كما أن خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، والمتمثلة في النداء الموحد للأمم المتحدة، لم تستقطب سوى أقل من 60 بالمائة من مبلغ 290 مليون دولار المطلوب.

وهو ما علقت عليه منظمة أوكسفام بقولها أنه "في حين يتسبب الجمود السياسي في توقف العديد من الجهات المانحة عن دعم اليمن إلا أن هذا هو الوقت الأكثر حسماً بالنسبة للبلاد...لا ينبغي أن تحدد السياسة والأمن استراتيجيات المعونة في اليمن"، في إشارة جزئية إلى إصرار الولايات المتحدة على تركيز مساعداتها على أنشطة مكافحة الإرهاب بدلاً من التركيز بشكل أكبر على الاحتياجات الإنسانية.

انعدام الأمن

لقد زاد انعدام الأمن في البلاد الوضع تعقيداً، فقد دفعت حملة القمع العنيفة ضد الاحتجاجات في العاصمة صنعاء الأمم المتحدة إلى إجلاء أكثر من نصف موظفيها الدوليين بشكل مؤقت. كما خفضت معظم المنظمات الإنسانية عدد موظفيها في البلاد، مع محاولة استمرار تقديم الخدمات.

كما أدى تجدد القتال بين الجيش والمسلحين في الجنوب لى نزوح أكثر من 100,000 شخص منذ شهر مايو الماضي، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). وشهد برنامج الأغذية العالمي زيادة مطردة في عدد المستفيدين من مساعداته، حيث ارتفع العدد من حوالي 30,000 شخص في يونيو إلى 63,000 شخص اليوم، وفقاً لمديرة برنامج الأغذية العالمي في اليمن، لبنى المان، التي أخبرت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن برنامج الأغذية العالمي قادر على التعامل مع الأزمة حتى الآن. ولكنها حذرت من أنه "إذا حدث أي تغيير آخر"، مثل نزوح جديد لعدد كبير في مكان آخر، فإن تلبية الاحتياجات ستمثل تحدياً كبيراً نظراً لوجود عدد محدود من موظفي البرنامج في اليمن.

وفي محافظة أبين الجنوبية، تسببت المواجهات في إعاقة تسليم المستلزمات المنزلية للنازحين، وفقاً لتقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية عن الوضع في اليمن الصادر في 29 أغسطس.

فعلى سبيل المثال، أرغم القتال في زنجبار، عاصمة أبين، الجيش على إغلاق المنطقة، مما يجعل الوصول إليها محدوداً جداً، حسب طارق طلاحمة، مسؤول الشؤون الإنسانية بمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) باليمن.

وتعد معدلات سوء التغذية في بعض المناطق الشمالية من بين الأسوأ في العالم، حيث يعاني ما يقرب من ثلث الأطفال دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد المعتدل أو الشديد، أي أكثر من ضعفي الحد الأدنى لعتبة الطوارئ، وفقاً للمسح التغذوي الذي أجرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) للنازحين من محافظة حجة.

كما أدى تسرب في خط أنابيب رئيسي منذ شهر مارس إلى ارتفاع أسعار الوقود وزيادة أسعار المواد الغذائية في بلد لا يملك ثلث سكانه، أي حوالي 7.5 مليون شخص، ما يكفي من الطعام. وقد وجدت منظمة أوكسفام أن حوالي خُمسَ الـ 100 أسرة التي شملها الاستطلاع في الآونة الأخيرة أخرجوا أطفالهم من المدارس لتشغيلهم في حين توقف ما يقرب من ثلثيهم عن تناول بعض وجبات الطعام، بينما توجه آخرون لبيع ممتلكاتهم لتغطية تكاليف الطعام.

ولكن على الرغم من معدلات سوء التغذية المقلقة وصعوبة الحصول على الغذاء بأسعار معقولة، إلا أن انعدام الأمن يعيق وصول الإمدادات الغذائية إلى بعض المحافظات، وفقاً لتقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية. حيث أن وصول المنظمات الإنسانية إلى بعض المناطق في محافظتي الجوف ومأرب وأجزاء من محافظة عمران الواقعة تحت سيطرة القبائل المؤيدة أو المناهضة للحكومة، يشكل تحدياً في حد ذاته بسبب "صعوبة التنبؤ بهوية من تتعامل معهم، و حقيقة أجندتهم، وكيف سيتعاملون معك"، حسب طارق طلاحمة. لذا تعتمد وكالات المعونة على شركاء محليين للعمل في هذه المناطق. وأضاف أن إطلاق النار يتم دون تمييز في المدن المتضررة من حملة قمع الاحتجاجات المناهضة للحكومة و"قد نصبح نحن أهدافاً غير مباشرة".

التعقيدات اللوجستية

كما أن افتقار البلاد للتنمية يعتبر مشكلة أيضاً. حيث أشار تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية عن الوضع في اليمن إلى أن الافتقار إلى التنمية أعاق حملة تحصين الأطفال، وأفادت الحكومة أن خُمس منشآت التطعيم خارج الخدمة بسبب انعدام خدمات المواصلات والكهرباء والغاز وسلسلة التبريد.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن قدرة الحكومة على توفير الخدمات الأساسية تتدهور بسبب عدم الاستقرار السياسي في الآونة الأخيرة. حيث أن وزارة الصحة، على سبيل المثال، تقع في أحد أخطر أحياء العاصمة صنعاء. وقد علق عليه فيبول تشودري، ممثل منظمة أطباء بلا حدود (MSF) في اليمن، بقوله: "إذا كانت ] الوزارة [ تعمل بنسبة 40 بالمائة من قدرتها في السابق، فإنها لا تعمل الآن سوى بنسبة 4 بالمائة من طاقتها ".

وكانت منظمته قد اضطرت إلى تعليق عملياتها في محافظة صعدة الشمالية بعد أن فرض المتمردون الذين يسيطرون على المنطقة قواعد جديدة تمنع الموظفين الدوليين من الإشراف على أية أنشطة. وكانت منظمة أطباء بلا حدود تقوم بتشغيل المستشفى الوحيد خارج صعدة، عاصمة المحافظة، وتعالج ما يقرب من 5,000 مريض شهرياً، بما في ذلك إجراء ما لا يقل عن 80 عملية جراحية منقذة للحياة، ومعاينة 1,100 حالة طارئة. كما تسببت المفاوضات مع المتمردين أيضا في تأخير توزيع المواد الغذائية، وفقاً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.

مستويات الاحتياجات

تنقسم احتياجات اليمن إلى مستويات عديدة لدرجة أن التصدي لأزمة معينة قد يتسبب في ظهور أزمة أخرى. حيث يتخذ 20,000 نازح في محافظة أبين، على سبيل المثال، من 112 مدرسة ملاجئ مؤقتة، مما تسبب في عرقلة التحاق عدة آلاف من الطلاب في مدينتي عدن ولحج الجنوبيتين بدراستهم من بدء العام الدراسي الجديد في 17 سبتمبر، كما كان مقرراً. وستبقى المدارس مغلقة في وجه الطلبة حتى إشعار آخر.

وفي حين تبحث الحكومة ومجتمع المعونة عن مأوى بديل دائم، إلا أنها لم تجد واحداً يرضي النازحين حتى الآن. حيث قال سالم عبد الله البالغ من العمر 45 عاماً، والذي يعيش مع أسرته المكونة من تسعة أفراد في مدرسة 22 مايو في مدينة عدن: "نحن لا نستطيع مغادرة الفصول الدراسية لنعيش في العراء أو في الملاعب التي تفتقر إلى الحد الأدنى من متطلبات الحياة البشرية. إننا لن نتحرك إلا للعودة إلى بيوتنا في محافظة أبين. لقد اتفق جميع النازحين داخلياً في هذه المدرسة على عدم المغادرة حتى تعوضنا الحكومة [عن الأضرار التي لحقت بممتلكاتنا]، وتعيدنا إلى ديارنا". كما صرح خالد ناجي، وهو نازح آخر، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) بأن جميع النازحين في مدرسة بلقيس في مدينة عدن يرفضون فكرة الانتقال إلى مخيمات.

وفي هذا السياق، أفاد كابيليري المسؤول في اليونيسف أنه إذا لم يقم النازحون بإخلاء المدارس قريباً، فسوف يضطر المجتمع الدولي لتغيير موقفه ويبحث بدلاً من ذلك عن أماكن بديلة للتعليم لضمان حصول الأطفال، بمن فيهم الأطفال النازحون في محافظة لحج قرب عدن وأبين، على حقهم في التعليم. وأضاف أن هذه المشكلة تشكل أحد مستويات التعقيد التي تسببت في طمس الخطوط الفاصلة بين العمل في حالات الطوارئ والعمل التنموي وزادت من دوامة التدهور.

وعلق على الموضوع بقوله: "كيف نعتقد أن هذا البلد سينمو إذا لم يتمكن شعبه من الحصول على فرصة التعليم؟ توجد مخاطر ضخمة هنا، وينبغي على من يتولى المسؤولية اليوم عما يجري في جميع أنحاء البلاد أن يأخذ ذلك في الاعتبار...هذه ليست مجرد لعبة شطرنج سياسية، بل هي لعبة شطرنج ذات عواقب إنسانية لا تصدق بالنسبة للأطفال، وبالتالي فهي تهدد مستقبل البلاد أيضاً".

حلول مبتكرة؟

ولهذه الأسباب مجتمعة، "تعتبر المعونة في اليمن الآن بلا شك أكثر تعقيداً وخطورة مما كانت عليه في السنوات السابقة،" وفقاً لتقرير منظمة أوكسفام. ومع ذلك، فإن المنظمة تصر على وجود طرق للالتفاف حول العقبات استخدام حلول "مبتكرة"، مثل قسائم الطعام وبرامج المساعدات النقدية لتعزيز الأسواق المحلية والتواصل مع القطاع الخاص، الذي قد يعرف كيفية العمل على تقديم المساعدات بأمان وفاعلية في ظل انعدام الأمن. وحسب التقرير، فإنه "بالإمكان توصيل المساعدات حتى في البيئات شديدة التعقيد وغير الآمنة التي تشكل تحدياً. قد تحتاج الجهات المانحة إلى مزيد من التفكير خارج الإطار المألوف من أجل توصيل الدعم إلى المحتاجين".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/تشرين الثاني/2011 - 18/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م