
شبكة النبأ: ميز اجتماع قمة مجموعة
الكومنولث الأخير والمعقود في بيرث الاسترالية، عن سابقة بالرغبة
الواضحة من قبل الزعماء المجتمعين في التركيز على حقوق الإنسان
المفقودة في بعض دول الكومنولث، والبحث عن إصلاحات حقيقية في المنظمة
التي جمعت اغلب المستعمرات البريطانية السابقة، من اجل ممارسة دور أكثر
فاعلية وحيوية، وعدم اقتصارها على ادوار هامشية أو شكلية خصوصاً وأنها
ضمت العديد من الدول المهمة، منها (5) دول في مجموعة العشرين
الاقتصادية، وقد خرجت القمة ببعض التوصيات والإصلاحات التي قد تمهد
لتغييرات نوعية في المستقبل.
ملكة بريطانيا
فقد افتتحت الملكة اليزابيث الثانية ملكة بريطانيا اجتماع قمة
مجموعة الكومنولث الذي يحضره زعماء 54 دولة معظمها مستعمرات بريطانية
سابقة، وتضم الكومنولث خمس دول اعضاء في مجموعة العشرين للاقتصادات
الكبرى في العالم و30 بالمئة من سكان العالم لكنها تسعى جاهدة للتأثير
على السياسات العالمية، وحقوق الانسان هي الموضوع الرئيسي في القمة
التي استمرت ثلاثة ايام في مدينة بيرث الاسترالية، وتتعرض المجموعة
لضغوط لاتخاذ موقف أكثر شدة من انتهاكات حقوق الانسان والحقوق السياسية،
وحذر تقرير رسمي رفع الي القمة من انه ما لم تفعل المجموعة هذا فان
الكومنولث تخاطر بأن تصبح منظمة عديمة الجدوى، وتطرقت رئيسة وزراء
استراليا جوليا جيلارد الي هذه المسألة في كلمتها في الجلسة الافتتاحية
عندما حثت الدول الاعضاء التي "لا ترقى الي قيم الكومنولث" على تغيير
سياسته، ويتركز معظم النقاش حول سريلانكا والمطالب الدولية لها بأن
تسمح بلجنة تحقيق مستقلة في اتهامات بجرائم حرب ارتكبت اثناء الحرب
الاهلية التي عصفت بالجزيرة على مدى 25 عاما خصوصا في اشهرها الاخيرة
في 2009، وتقول سريلانكا انها ستنتظر نتائج التحقيق الذي تجريه، وتصف
الضغوط عليها بشان حقوق الانسان بانها حرب دعائية يشنها متمردو نمور
التاميل الذين هزموا في الحرب، وقالت كندا (التي تستضيف جالية كبيرة من
التاميل) انها ستقاطع قمة الكومنولث لعام 2013 في سريلانكا ما لم تحسن
الدولة المضيفة سجلها لحقوق الانسان. بحسب رويترز.
الاصلاحات
الى ذلك اقر زعماء بلدان الكومنولث البريطاني سلسلة من الاصلاحات
قالوا انها ستحول دون فقد التجمع الذي يضم 54 بلدا اهميته مع المتغيرات
التي يشهدها العالم، غير ان انقسامات تتعلق بحقوق الانسان ادت لاضعاف
التحرك نحو التحديث، واشادت رئيسة الوزراء الاسترالية جوليا غيلارد
بنتائج القمة باعتبارها دليلا على ان التجمع الذي اسس قبل 62 عاما ليضم
المستعمرات البريطانية قادر على التكيف مع المستجدات، وقالت غيلارد
للصحافيين عقب القمة التي استمرت ثلاثة ايام في مدينة بيرث غربي
استراليا "فيما يتعلق بتعزيز الكومنولث اتخذنا قرارات اصلاحية رئيسية"،
واضافت "اعتقد اننا قدمنا اسهاما كبيرا لضمان وضع محوري للكومنولث في
المستقبل، ارسينا نهجا لجعل الكومنولث اكثر اهمية ونفعا وفائدة"، واتفق
الزعماء خلال اجتماع رؤساء حكومات دول الكومنولث على ارساء ميثاق للقيم
المشتركة باعتباره اساسا لتوجيه التجمع الذي يضم بلدانا تجمع ملياري
نسمة تشهد مراحل تنمية مختلفة، كما منح الزعماء مزيدا من الصلاحيات
للكومنولث للضغط على الدول الاعضاء التي ترتكب انتهاكات لحقوق الانسان
او تنحرف عن مسار الديموقراطية. بحسب فرانس برس.
وفي الماضي كان اجتماع رؤساء حكومات دول الكومنولث ينزع الى طرد او
وقف عضوية الدول التي يعتبرها مارقة، وهو الاجراء الذي كان لا يتم
اللجوء اليه الا اذا ارتكب بلد حدثا جما ولا يعمل على منع الحدث قبل
وقوعه، كما حصل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على موافقة
البلدان الاعضاء على التخلي عن قاعدة اسبقية الذكر في اعتلاء العرش
البريطاني وهي القاعدة المعمول بها منذ قرون التي كانت تحول دون تولي
الابنة الكبرى العرش في حال وجود ابن ذكر اصغر، فضلا عن التخلي عن حظر
اعتلاء العرش لمن يتزوج بكاثوليكية، حيث يعتبر من يحمل التاج البريطاني
رئيسا شرفيا لخمس عشرة من دول الكومنولث، غير ان نتائج القمة جاءت دون
الاصلاحات الاكثر "جراءة" التي دعت اليها "المجموعة الاعتبارية" وهي
المجموعة التي كلفها اجتماع رؤساء حكومات الكومنولث قبل عامين بجعل
الكومنولث اكثر نفع، وكان ضمن الاصلاحات الرئيسة التي اوصت بها
المجموعة "ولم يؤخذ بها في بيرث" تعيين مفوض مستقل لحقوق الانسان
والديموقراطية وسيادة القانون.
ومن التوصيات الاخرى التي لم تتبناها القمة واحدة ناشدت اجتماع
رؤساء حكومات الكومنولث الدعوة الى انهاء العمل بالقوانين التي
اعتبرتها معادية للمثليين في 41 بلدا بالتجمع، وكان رئيس مجموعة
الشخصيات المهمة رئيس الوزراء الماليزي الاسبق عبد الله احمد بدوي قال
للوفود في بداية القمة ان عدم تبني الاصلاحات سيعد "اخفالا"، واعترفت
غيلارد الاحد بان القمة شهدت لحظات توتر حيث سعى زعماء بلدان تحمل قيما
مختلفة لفرض معتقداتهم على الوفود، وقالت غيلارد ان "بعض المباحثات لم
تكن سهلة، اذ ليس من السهل بالمرة الخروج بإجماع في منظمة تجمع بلدان
وقيما شتى مثل الكومنولث"، كما تعرضت سريلانكا لضغوط بشكل خاص خلال
اجتماع رؤساء حكومات الكومنولث حيث اعربت استراليا وكندا عن قلقهما
بشأن الاتهامات لجيشها بارتكاب جرائم حرب في 2009 اثناء انهائه حربا
اهلية ضد الانفصاليين من نمور التاميل استمرت عقود، وكانت سريلانكا
التي تستضيف القمة المقبلة لاجتماع الرؤساء عام 2013، بين البلدان التي
رفضت اقتراح تعيين مفوض لحقوق الانسان، واعرب وزير الخارجية السريلانكي
غاميني بيريس عن غضب بالغ حينما سعى الوفد الكندي لاثارة الاتهامات
بجرائم حرب خلال القمة، وقال للصحافيين "اعتليت المنصة في تلك اللحظة
واعترضت بقوة على تناول تلك المسألة"، واضاف "قلت ان هكذا تطور لن يعزز
الكومنولث بل سيحمل تبعات وخيمة على مستقبله".
قواعد الوراثة
فيما اتفقت دول الكومنولث في قمة عقدتها في مدينة بيرث الأسترالية،
على تغيير قواعد وراثة العرش الملكي المعتمدة منذ قرون، بما يعطي الأخت
الكبرى الحق بتبوّء العرش ولو كان لديها إخوة ذكور، وأفادت وكالة
الأنباء الأسترالية، بأن في الاجتماع الذي استضافته مدينة بيرث
الأسترالية ورأسته ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، اتفق رؤساء حكومات
دول الكومنولث على تغيير قواعد وراثة العرش الملكي، لإلغاء المواد التي
تعطي الذكر أولوية على أخته الأكبر سناً في التراتبية لتبوّء العرش،
والتي تمنع أي شخص يتزوج كاثوليكياً من الوصول إلى العرش، يذكر أن رئيس
الوزراء البريطاني ديفيد كامرون هو الذي تقدّم بطلب تغيير القانون
الصادر عام 1701 والذي يقضي بأنه لا يحق لأفراد العائلة المالكة
البريطانية بأن يعتنقوا المذهب الكاثوليكي ولا الزواج بشخص يعتنقها إلا
بعد التنازل عن وراثة العرش، كما يفرض بأن يكون الذكر هو ولياً للعهد
حتى وإن كانت لديه أخت أكبر منه. بحسب يونايتد برس.
وقال كامرون خلال القمة إن «طريقة التفكير هذه لا تتماشى مع الدول
المعاصرة التي أصبحنا عليها جميعاً، ويسعدني أن أقول إننا توصلنا إلى
اتفاق بالإجماع على تغييرين»، ولفت إلى أن الحكومة البريطانية ستنشر
التشريع أولاً قبل أن ينشر في دول الكومنولث الباقية، ومعلوم أن
التغيير لن يطال الأمير تشارلز أو ابنه الأمير وليام لأنهما المولودان
البكر، وإنما قد تستفيد منه ابنة وليام والأميرة كايت ميدلتون في حال
أنجبا فتاة قبل الصبي، ويذكر أن دول الكومنولث التي تتبع للملكية
البريطانية هي بريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا وكندا وجامايكا وأنتيغوا
وبرمودا وبيليز وبابوا غينيا الجديدة وسانت كريستوفر ونيفس وسانت فنست
والغرينادين وتوفالو وبربادوس وغرناطة وجزر السلمون وسانت لوسيا
والباهاماس، وكان سبـــق القمة احتشاد للمتظاهرين الذي يحتجون على أمور
عدة من بينها التغــــير المناخـــي وحقوق الإنسان والــــحرب في
أفغــانستان ومنـــاجــم اليورانيوم، وسمحت لهم الشرطة بالتجمع سلمياً.
الكاميرون
في سياق متصل حث رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون زعماء دول
الكومنولث المجتمعين في استراليا على تحقيق تقدم اكبر في مجال حقوق
الانسان، وقال رئيس الحكومة البريطانية في كلمة وجهها الى الزعماء
الذين حضروا قمة دول منظمة الكومنولث المنعقدة في برث باستراليا إن على
المنظمة ان تعمل بجدية اكبر لاعلاء المبادئ الاساسية لحقوق الانسان اذا
كان لها ان تبقى ذات جدوى، وقال كاميرون إنه يأمل في ان يحقق المجتمعون
تقدما طيبا في وضع ميثاق للحقوق والحريات الاساسية، يذكر ان فكرة
الميثاق وردت ضمن سلسلة من التوصيات خرجت بها لجنة من الشخصيات
المرموقة كلفت بايجاد السبل الكفيلة بالارتقاء بعمل المنظمة، وقد درست
اللجنة طبيعة التحديات التي تواج الكومنولث، وخرجت بتوصيات من شأنها
ضمان بقاء المنظمة كلاعب ذي جدوى في القرن الحادي والعشرين، ومن ضمن
التوصيات الاخرى التي خرجت بها اللجنة، والتي تواجه معارضة من جانب بعض
الدول الاعضاء، تعيين مفوض مستقل لحكم القانون وحقوق الانسان، ودعوة
الدول الاعضاء الى إبطال العمل بالقوانين التي تجرم المثلية الجنسية.
ويذكر ان هذه هي القمة الاولى لدول الكومنولث يحضرها كاميرون منذ
توليه مهام منصبه في العام الماضي، وقال رئيس الحكومة البريطانية في
كلمته، إن الكومنولث منظمة عظيمة، تمثل ثلث سكان المعمورة وتضم بين
جنباتها 54 دولة من ست قارات، انها شبكة مهمة، ولكن يجب ان تكون شبكة
ذات مبادئ راسخة، واضاف ان التقرير الذي خرجت به لجنة الشخصيات
المرموقة ستعزز هذه المبادئ، وعلى الاخص عن طريق استحداث ميثاق يعين
الحقوق والحريات ويرسخ الديمقراطية التي نؤمن بها جميع، اعتقد ان ذلك
مهم جد، وقال كاميون إنه يعتقد ان تقدما مهما يمكن ان يتحقق في قمة برث.
جنوب السودان يسعى للانضمام للكومنولث
من جهته صرح ستيفن كاتس مساعد الامين العام لمنظمة دول الكومنولث
البريطاني السبت ان جنوب السودان، البلد الاحدث في العالم، يرغب في
الانضمام للمنظمة، وقال كاتس ان جنوب السودان البلد الذي لا يطل على
بحار او محيطات واستقل عن السودان في تموز/يوليو بعد حرب اهلية طويلة،
ادرك الفوائد التي قد تعود عليه من الانتماء الى التجمع الذي يضم 54
بلد، وقال كاتس لتلفزيون هيئة الاذاعة الاسترالية 'اعرب جنوب السودان،
البلد الاحدث في العالم، عن رغبته في الانضمام الى الكومنولث فور
استقلاله'، واضاف 'ثمة بلدان اخرى على ما يبدو (ترغب في الانضمام الى
الكومنولث)' دون ان يسمي بلدان، وقال كاتس ان اهتمام جنوب السودان
بالانضمام للكومنولث يبرهن على ان التجمع الذي يضم في الغالب
المستعمرات البريطانية السابقة، مازال يحظى بأهمية في عالم اليوم ويعود
بالفائدة على اعضائه، وقال 'اعتقد انه برهان على الادراك الاعم في
العالم بان الكومنولث يحظى بقيمة هامة'.
وكان المنتدى الاقتصادي للكومنولث الذي سبق قمة زعماء التجمع في
مدينة بيرث الاسترالية قد اسفر بحسب تقديرات المنظمين عن صفقات تجارية
بقيمة 10،5 مليار دولار اميركي تركز اغلبها على قطاعات الموارد
الافريقية، وكان جنوب السودان اعلن استقلاله عن الشمال ذي الغالبية
العربية بعد تصويت سكانه الذين يربو عددهم عن ثمانية ملايين نسمة
يدينون في غالبيتهم الساحقة بالمسيحية والعبادات الافريقية التقليدية،
في استفتاء لصالح الانفصال عن الخرطوم بنتيجة كاسحة في كانون الثاني/يناير،
ويعد البلد الوليد بين الافقر في العالم وقد انضم الى الامم المتحدة في
الرابع عشر من تموز/يوليو والى الاتحاد الافريقي في 28 من الشهر ذاته،
ويذكر ان اخر بلدين انضما الى الكومنولث، وهما رواندا وموزمبيق، لم
تكونا من المستعمرات البريطانية السابقة، بينما خضع السودان لادارة
مصرية بريطانية عقب الحكم التركي.
قمة مهددة بالفشل
بدوره أبلغ رئيس الوزراء الماليزي السابق عبد الله بدوي زعماء
الكومنولث بان قمتهم مهددة بالفشل اذا تجاهلوا اقتراحات لتبني اصلاحات
"هادفة" ومن بينها اتخاذ موقف اكثر صرامة بشأن انتهاكات حقوق الانسان،
ويجتمع قادة 54 مستعمرة سابقة اغلبها بريطانية في مدينة بيرث
الاسترالية النائية تحت ضغط لاصلاح الكومنولث لتجنب الانزلاق الى وضع
تصبح فيه عديمة الجدوى، لكن قليلين يتوقعون الا يتفقوا سوى على مجرد
خطوات مؤقتة بشأن التعامل مع حقوق الانسان وهي قضية تتركز صراحة على
سريلانكا واتهامات بارتكابها جرائم حرب في المراحل الاخيرة من حربها
الاهلية التي انتهت في 2009، وقال بدوي للقادة "لا شك، ان اجتماع رؤساء
حكومات الكومنولث من المتوقع ان يحقق اصلاحات هادفة للكومنولث"، ورأس
بدوي مجموعة من الشخصيات البارزة تشكلت لتقديم توصيات باصلاحات من
شأنها ان تعطي بعض الفاعلية لدول الكومنولث التي تضم اكثر من ملياري
شخص. بحسب رويترز.
واضاف "اذا لم يحقق اجتماع رؤساء حكومات الكومنولث مثل هذه
الاصلاحات فان من واجبنا ان ننبهكم ان هذا الاجتماع لن يتذكره احد على
انه انتصار بل فشل"، وقالت المجموعة ان الكومنولث فشل في السنوات
الاخيرة في الحفاظ على موقفه القوي في الدفاع عن حقوق الانسان الذي ظهر
في حملته لانهاء الفصل العنصري في جنوب افريقي، ورغم اتفاق القادة على
ضرورة ان يكون الكومنولث اكثر نشاطا بشأن انتهاكات حقوق الانسان فانهم
منقسمون فيما يبدو بشان توصية لمجموعة الشخصيات البارزة بتعيين مفوض
مستقل للتركيز على القضية. |