شبكة النبأ: قبل الحديث عن جماعات
الضغط او ما يسمى باللوبي لابد لنا من معرفة ماذا تعني مفردة "loppy"
الكلمة الانجليزية،، فهذه الكلمة تطلق على كتلة او جماعة من الاشخاص
تربطهم علاقات صداقة وعلاقات اجتماعية متنوعة وهذه العلاقات غالبا ما
تكون ذات صفة دائمة او مؤقته بحيث تفرض على اعضائها نمطا معينا في
السلوك الجماعي.
ولدى هذه الجماعات اهداف مشتركة أو مصالح مشتركة يخططون لها
ويدافعون عنها بما تيسر لهم من وسائل دفاع، وان هذه الاهداف وهذه
المشاريع والمخططات اما ان تكون علنية واما سرية، فهم يسعون الى الضغط
على هيئات السلطة في الدولة لكي تتخذ قرارات ترعى مصالحهم أو أهدافهم
المشتركة وتعجل من تنفيذها والحصول عليها، وخير مثال هي جماعات الضغط
المتمثلة بـ(النقابات والاتحادات والجمعيات والنوادي السياسية والكتل
البرلمانية والبيوت المالية والاقتصادية والشركات وغيرها).
وبالإطلاع على عدد من تعريفات جماعات الضغط نجد ان لا اختلافات
كبيرة بينها وبين تعريف الحزب السياسي، إذ نستطيع التوصل إلى انها تعني
ايضاً وجود مجموعة من الأفراد مجتمعين في تنظيمٍ معين على اساس مبادئ
وقد تكون مصالح مشتركة لأجل تحقيق اهداف مشتركة في إطار قانوني، في هذا
التعريف يُلاحظ ان لا فرق بين جماعات الضغط والحزب السياسي سوى من
ناحية سعي الحزب إلى السلطة وعدم سعي الجماعة لها، بدلاً عن ذلك تسعى
الجماعة للضغط على السلطة التي وصلها الحزب، وبتعبير ادق تسعى للضغط
على الحكومة.
علماً ان بعض البلدان تحوي جماعات اكثر تأثيراً من الأحزاب السياسية
وخاصة جماعات الأقتصاد القوي، ان تنوع جماعات الضغط من ناحية الشكل أو
الهدف أو الوسيلة يجعل من الصعوبة حصرها في نطاق معين، لأن كل تجمع ذي
طابع مهني أو ديني أو ثقافي أو مالي أو اداري أو أي طابع آخرهو جماعة
ضغط عندما يكون نشاطها كليا أو جزئيا موجها نحو تحقيق هدف سياسي. غير
أن الميزة المشتركة بين كل أنواع جماعات الضغط موجهة دائما نحو تحقيق
مصلحة مشتركة مادية او معنوية وتحقيقها يتم بصورة مباشرة او غير مباشرة.
ولا شك أن هذه المصلحة هي دائما تنطوي على مصلحة أعضاء الجماعة
والتي لا تحمل معنى المصلحة العامة. واذا كانت الدساتير في اغلب النظم
السياسية تتطرق الى القوى التي تلعب دورا في الحياة السياسية فانها لا
تنص على وجود هذه الجماعات، ومن ثم لا تحدد لها رأي وظيفة سياسية ومن
هذه الناحية انبثق في تكوينها عنصرالضغط على السلطة أو التأثير فيها.
ولو تحدثنا عن جماعات الضغط في امريكا لنجدها مجسدة في عدة جماعات
عديدة تمارس نشاطها بشكل علني ومشروع وهي أنواع مثل جماعات الضغط
العرفية مثل اللوبي اليوناني وجماعات الضغط الدينية مثل اللوبي
الكاثوليكي وجماعات الضغط المهنية مثل لوبي المصالح البترولية و غير
ذلك حتى أن الشواذ جنسيا لهم لوبي وجماعات ضغط!.
وعموما جماعات الضغط تلعب دورا مهما في توجيه السياسة الأمريكية
وتمتد نشاطاتها داخل كل ولاية و على المستوى القومي شريطة أن تكون
مسجلة حسب قانون تنظيم جماعات الضغط الذي أصدره الكونجرس 1964 فالقانون
يسمح لها بالتأثير الإعلامي وتمويل الحملات الانتخابية الأمر الذي يمكن
هذه الجماعات من الضغط على الإدارة والكونجرس بما يتفق مع مصالحها وهذا
ما دعا بعض المحللين إلي القول بأن النظام الأمريكي ديموقراطية جماعات
الضغط التي لا يستطيع المواطن الأمريكي أن يمارس حقوقه الديموقراطية
مباشرة وإنما أصبح يمارسها من خلال هذه الجماعات، ومن ناحية القانون في
امريكا والغرب فهو متفاوت في قوته وتاثيره من دولة الى اخرى ولكنها
فاعلة في التاثير على صانع القرار سواء كان سلطة تشريعية او سلطة
تنفيذية، ويعرف وبستر جماعة الضعط بانها جماعة تحاول التاثير على هيئة
تشريعية او تحاول ان تكسب التاييد لمشروع قانون، واذا كان المجتمع
المدني يملا الفراغ بين السلطة والمواطن فان جماعات الضغط احد الآليات
الرئيسية في نقل هذا الطلب فعليا الى السلطة ومن ثم هي تشغل اقرب مكان
بجوار السلطة، وحسب تقرير مركز النزاهة العامة في واشنطن هناك حوالي
6500 شركة مسجلة كشركات ضغط سياسي فى امريكا ويعمل اكثر من مائة الف
شخص في وظيفة جماعة ضغط، وتوظف اكثر من 14 الف خبير وتنفق سنويا في
حدود 2 ملياردولار في امريكا وحدها، ووظفت جماعات الضغط في امريكا في
الفترة ما بين 1998-2004 ما عدده 145 عضو كونجرس سابق و34 سيناتور سابق
و42 رئيس وكالة فيدرالية سابق، وقدمت اكثر من 23000 تذكرة طيران لاعضاء
الكونجرس والعاملين في مكاتبهم في الفترة من 1 يناير 2000 الي 30 يونية
2005، وانفقت شركات الادوية في عام 2006 فقط 182 مليون دولار علي
جماعات الضغط من اجل الحفاظ على مصالحها، وتكسب جماعات الضغط مشروعيتها
من تعريفها بانها احد الوسائل السلمية لنقل مطالب المواطنين والشركات
الى السلطة واعداد الدراسات بمهارة اعلى في مواضيع محددة، وانها آلية
لملئ الفراغ في الفترات ما بين الانتخابات، فهي ليست كالاحزاب السياسية
تسعي للحكم وانما للتاثير عليه بدون تحمل مسئولية الوظيفة العامة.
وتتصل جماعات الضغط بالجبهات الرسمية وغير الرسمية بطرق عديدة
ومختلفة ونذكر منها انها تتصل بواسطة الوسائل المباشرة وكذلك تتصل
بواسطة الأتصال عن طريق الصحف التي تؤثر عليها هذه الجماعات، او التي
تملكها بشكل غير رسمي والتاْثير على وسائل الاعلام الاْخرى التي
تمتلكها شركات اهلية وتخضع للاْغراءات المادية عادة، وهذا يقودنا إلى
الحديث عن تكتيكات تحقيق الأهداف لدى جماعات الضغط والذي بدوره يرتبط
بمدى فاعلية الجماعة التي ترتبط بشكلٍ او بأخر بإمكانياتها المادية، مع
العلم ان تلك الجماعات تعمل على التاْثير بوسائل مختلفة على سياسة
الدولة، من بينها السياسة الخارجية، فقد تتصل اتصالا شخصيا عن طريق
رؤسائها بالمسؤلين لتنفيذ ارائها وتدافع عن مصالحها.
وقد تتصل عن طريق الرسائل الخاصة مهددة او واعدة او مغرية، ومن دون
شك يعد الإنفاق على أنشطة اللوبي أمرا مربحا تحرص الشركات الأمريكية
على القيام به، فعلى سبيل المثال أنفقت شركة لوكيد مارتينLockheed
Martin للصناعات العسكرية (89) مليون دولار أمريكي على أنشطة اللوبي
خلال الأعوام الستة التي شملتها دراسة اجريت في الولايات المتحدة من
قبل مركز متخصص، حيث قامت باستئجار جهود (699) خبيرا في مجال اللوبي من
بينهم (268) موظفا سابقا بالكونغرس والمؤسسات الحكومية الفيدرالية وفي
المقابل تمكنت الشركة من الحصول على عقود إنتاج معدات عسكرية بلغت
قيمتها (94) بليون دولار خلال الفترة ذاتها.
لذلك لا يقتصر نشاط اللوبي على الشركات الاقتصادية فقط، فحتى
المؤسسات التعليمية والهيئات الحكومية الأمريكية المحلية تنشط في
الاستعانة بخدمات شركات اللوبي والضغط السياسي، ففي خلال الفترة التي
شملتها الدراسة أنفقت (300) جامعة فيدرالية (141.7) مليون دولار على
أنشطة اللوبي كما أنفقت (1400) حكومة أمريكية محلية (357) مليون دولار
على الأنشطة ذاتها.
كما ان اخطر صورة تظهر فيها جماعات الضغط هي تلك الصورة المضللة
التي تكون فيها مواقفها اوسع من اهدافها. وهذه الصورة تضليل للراي
العام وسلوك تستغل فيه المصالح الخاصة على حساب المصلحة العامة ومن
اشهر جماعات الضغط والمصالح جماعة الصهيوني وجماعة الفلاحين والجماعة
الكاثوليكية وجماعة رجال الاْعمال وجماعة اتحاد العمال، ولاريب في ان
الوسائل التي تستخدمها جماعات الضغط في عملها لغرض التاثير على السلطة
من التعدد والتنوع بحيث يصعب بيان تفاصليها جميعا، فهي مختلفة باختلاف
ظروف المجتمعات والنظم السياسية فضلا عن اختلاف جماعات الضغط ذاتها،
وبرجوع سريع إلى التاريخ نرى ان الجماعات الضاغطة غالباً ما لم تكن
تحمل صفة القانونية، بسبب انظمة الحكم الشمولية والطريقة التي كانت
تعالج بها معارضة تلك الجماعات من خلال البطش والتنكيل.
ما كان يدفعها مضطرةً للعمل السري واستخدام البعض منهم للعنف لتحقيق
غايات سياسية وإن تسترت بألبسة مختلفة كل حسب رقعة عمله الجغرافية، من
اشهر هذه الجماعات واكثرها جدلاً في التاريخ الإسلامي في الشرق الأوسط
هي (الإسماعيلية)،، ولبعض المطلعين على الإغتيالات والعمليات التي كانت
الاسماعلية تقوم قد يصنفونها ضمن الجماعات الدينية لا السياسية.
وما اشبه اليوم بالبارحة عندما نقارن بين المخطط والمنفذ، كانت
اوروبا والصين، مصر واليونان تحوي ايضاً على جماعات ضغط عديدة على
اشكال مختلفة من عوائل وقبائل او جماعات تجارية ودينية كانوا دائماً
يسعون للحصول على مزايا خاصة على حساب الآخرين، رغم اننا لا نستطيع ان
ننسبهم إلى الجماعات الضاغطة حسب مفهومنا الحالي لها، إلا انهم كانوا
جماعات تضغط لأجل أهداف تجمعها ببعضها البعض، وان ابرز الاهداف
الايجابية لجماعات الضغط هي إن جماعات الضغط من المصلحين الذين ينددون
بمساوئ جماعات الضغط هم انفسهم في حاجة الى ان ينظموا في جماعات كي
يمكنهم التغلب على هذه المساوئ وكذلك نمو الجهاز الحكومي وازدياد عدد
موظفيه يهدد بالقضاء على حريات الافراد، مالم ينظم هؤلاء الافراد في
جماعات قوية تستطيع ان تكون ندا لهذا الجهاز عند الضرورة، وان تحمي
حرياتهم من استفحال نموه، وايضا انها تقوم بالتاثير في الحكومة طوال
الفترات بين الانتخابات العامة، بينما يكون الفرد في هذه الفترات عاجزا
عن احداث اي تاثير يقابله، كما انها تملك بحكم تخصصها وتمارسها بمهامها
وسائل الوقوف على البيانات والاتصال بالجهات الموثوق بها واهل الخبرة
في مختلف الوان المعرفة، من ثم يسهل على الحكومة دراسة مشروعات
القوانين المقترحة واحسن الطرق لتنفيذها يضاف الى ذلك ان الجماعات اكثر
تاثرا بالقرارات الحكومية من الافراد واقدر منهم على استثارة المعارضة
السريعة الفعالة تجاه القرارات الحكومية المجحفة بحقوق الافراد والضارة
بالمصلحة العامة، ها من جانب ومن جانب اخر فأن لهذه الجماعات سلبيات اذ
انها تقوم على اساس تحقيق مصالح فئوية، مما يتعارض والمصلحة العامة،
وغالباً ما تفرض على اعضائها الولاء لها، وهذا ينافي مع ولاء العضو
للجماعة الكبرى وهي الدولة.
وكذلك تتبع معظم جماعات الضغط اساليب ملتوية في سبيل تحقيق
اغراضها، وجماعات الضغط لا تمثل المصالح المتعارضة لجميع فئات
المجتمع.. ومن النقاط الهامة انه يمكن ان تكون جماعة الضغط مسجلة رسميا
تحت هذا المسمى كما يحدث فى امريكا، وممكن ان تقوم بمهام جماعة الضغط
حسب تعريفها السابق ولكنها مسجلة تحت اسم آخر، كاتحاد عمال مهنيين او
جمعية حقوق انسان او مركز ابحاث او مراكز للتاثير على الرأى العام،
وبناء على ذلك فان جمعيات حقوق الانسان بحكم مهامها تشكل جماعات ضغط من
آجل نشر الحريات وحقوق الانسان، ومراكز الابحاث تمثل هى الاخرى جماعات
ضغط، فهى لا تنتج دراساتها عبثا وانما تقوم ببعض هذه الدراسات لجماعات
ضغط مسجلة وجماعات مصالح ضخمة كما انها تقوم ببعض الدراسات لتحقيق
اهداف محددة خاصة بمركز الدراسات ذاته.. اذن كل من يضغط ويعمل من آجل
التغيير السلمى فى مجتمعه والمجتمعات الاخرى بدون السعى للسلطة يشكل
جماعة ضغط وفقا لتوصيف مهامها. |