السلطات السعودية تخشى ربيع أسلامي في موسم الحج

 

شبكة النبأ: تترقب السلطات السعودية بقلق شديد حراك الحجيج في الديار المقدسة خوفا من أي نشاط سياسي يفاقم الأوضاع المتوترة في تلك الدولة منذ شهور، خصوصا انها لا تزال تشهد بين الفينة والأخرى تظاهرات احتجاجية للمطالبين بالإصلاح على غرار ما يجري في منطقة الربيع العربي.

وتخشى الرياض بشكل أدق ان يقوم الحجاج بالاحتجاج على الممارسات الطائفية التي تمارسها ما تسمى هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر المتطرفة، أو وقوع مصادمات بين المسلمين الشيعة وأفراد تلك الهيئة نظرا للعداء المستمر بين الطرفين.

وتتهم غالبا السلطات السعودية إيران بمسعى تأجيج الصراعات الدينية في المنطقة، خصوصا بعد انتفاضة البحرين التي لا تزال مستمرة حتى الان، بعد ان فشلت القوات السعودية من قمعها بعد ان استقدمت من قبل ملك البحرين.

السعودية تعتقل حاجّاً كندياً

فقد اعتقلت السلطات السعودية حاجّا كنديا، هو الإمام أسامة العطار بسبب خطبة تطرق فيها "للقمع في البحرين". وقال شهود عيان ان العطار، وهو مسلم شيعي، اعتقل وتعرض للضرب على يد الشرطة الدينية بعد امامته لمجموعة من الحجاج في مسجد النبي محمد في المدينة.

ويقول شهود العيان إن ممثلي " هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، غضبوا لان الامام الكندي تحدث بصوت عال. واعتقلته الشرطة بتهمة العدوان، لكن جماعة العطار تقول ان الامام انتقد ما وصفه بـ "قمع الحكومة البحرينية، بدعم سعودي" للمظاهرات في البحرين.

واكدت الحكومة الكندية نبأ الاعتقال وقالت ان سفارتها في السعودية ستقدم الدعم الدبلوماسي للعطار. ووصف مايكل هوارد، وهو بريطاني كان بين حوالى 200 من شهود العيان، كيف اعتقلت الشرطة اسامة العطار وكيف كان ينزف من أثر الضرب الذي تعرض له. وذكرت هيئة الاذاعة الكندية ان العطار متهم بالاعتداء على ممثلي "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" وأنه محتجز لدى الشرطة. ولم تؤكد الشرطة السعودية اعتقال العطار.

مفتي السعودية يحذر الحجّاج

من جهته حذّر مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ، الحجاج من الأعمال والتصرفات التي تخل بألأمن، مشيراً الى أن الحج ليس ميداناً لتنفيذ أجندات سياسية.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن آل الشيخ قوله في رسالة وجّهها الى الحجاج، إن 'الله تعالى لم يجعل فريضة الحج ميداناً للمهاترات والمساومات ورفع الشعارات الجاهلية، والسعي لتحقيق مصالح خاصة، وأهداف معينة، أو إستغلاله لأغراض وأجندات سياسية، أو دعوة مذهبية مقيتة، أو غير ذلك من الأهداف والمقاصد السيئة'.

وحث الحجاج على 'الهدوء والسكينة والحفاظ على أمن الحرمين الشريفين، والإلتزام بالأنظمة والقواعد التي وضعتها المملكة لأجل راحتهم، وتنظيم شؤون إخوانهم الحجيج ليتمكنوا من أداء مناسكهم بكل اطمئنان وأمان'.

وحذّر آل الشيخ الحجاج من 'الأعمال والتصرفات التي تخل بأمن الحجيج، أو تعرقل سير مناسك الحج، ويعرض الحجاج للمضايقات والأذى'. بحسب يونايتد برس.

يذكر أن صدامات ضخمة وقعت بين حجاج إيرانيين وعناصر الأمن السعوديين في مكة أثناء موسم الحج عام 1987 أدت إلى مقتل حوالى 400 حاج وعنصر أمن بينهم 275 إيرانياً.

ويُخشى من وقوع صدامات مماثلة هذه الموسم، خصوصاً بعد التوتر الذي يسود العلاقات بين طهران والرياض على خلفية إتهام السلطات الامريكية لإيرانيين بمحاولة إغتيال السفير السعودي في واشنطن.

احتجاجات الربيع العربي

الى ذلك أكد ولي العهد السعودي الامير نايف بن عبد العزيز ال سعود استعداد المملكة لاستخدام "كافة السبل" لضمان مرور موسم الحج بسلام في ظل التغيرات الجارية بدول عربية أخرى والتوترات المتصاعدة مع ايران.

وردا على سؤال في مؤتمر صحفي في مكة بشأن امكانية وقوع احتجاجات عنيفة اثناء الحج دعا الامير نايف الذي يشغل ايضا منصب وزير الداخلية الحجاج الى "ان يتناسوا هذه الامور." واضاف ان "المملكة مستعدة لمواجهة كل الامور مهما كانت وستستخدم الطرق السلمية في معالجة اي حدث او فوضى وستضطر لمنعها اذا حدثت."

وجاء المؤتمر الصحفي عقب عرض عسكري شاركت فيه قوات مكافحة الشغب وقوات خاصة ودبابات يمكن للمملكة استدعاءها في حالة حدوث مكروه بموسم الحج.

وفي 1987 وقعت اشتباكات بين حجيج ايرانيين وقوات امن سعودية مما أدى الى وفاة مئات الاشخاص. وفي الشهر الماضي اتهمت وزارة الداخلية قوى اجنبية -وهو تعبير يفسر بشكل واسع على انه يعني ايران- بتحريض افراد من الاقلية الشيعية في السعودية على شن هجوم مسلح على مركز للشرطة واصابة 11 من قوات الامن وثلاثة مدنيين.

وفي وقت لاحق من شهر أكتوبر تشرين الاول اتهمت الولايات المتحدة ايرانيين اثنين بالتامر لاغتيال السفير السعودي في واشنطن بدعم من طهران. ونفت ايران تلك الاتهامات.

فيما اكد نايف خلال تفقده الاستعدادت الخاصة بموسم الحج في مكة المكرمة ان لا صلة بين اتهام واشنطن لطهران بمحاولة اغتيال السفير السعودي والترتيبات المتعلقة الحجاج الايرانيين، مشددا على ان "الايرانيين دائما ما يؤكدون احترامهم للحج".

وردا على سؤال عما اذا كان ثمة تفاهم مسبق مع ايران حول الحج وتأثير اتهام طهران بمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير على هذا الامر، قال الامير نايف "لا يوجد تفاهم لان لا داعي له، والإيرانيون دائما مايؤكدون احترامهم للحج".

واضاف ان المملكة "تتلقى بعد انتهاء موسم الحج دائما الشكر والتقدير من مسؤولي بعثات الحج الايرانية"، مشددا على ان الحجاج الايرانيين "مسلمون يقدرون هذه الفريضة وهذا المكان والزمان". وتنفي طهران بشدة الاتهامات الاميركية لها بمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، وهي اتهامات زادت التوتر بين ضفتي الخليج.

وتوقع الامير نايف، الذي احتفظ بحقيبة الداخلية التي يشغلها منذ اكثر من 35 عاما، خلو موسم الحج هذا العام من اية فوضى او مشاكل، مؤكدا ان المملكة مستعدة لمواجهة كل الأمور وستعالجها بالطرق السلمية وستضطر لمنعها اذا حدثت. وقال "نحن مستعدون لمواجهة كل الامور مهما كانت وسنمنعها بكل وسيلة (...) لا نتوقع حدوث مفاجآت في الحج والاستعدادات امر طبيعي (...) ان كل امكاناتنا مسخرة لمنع ايذاء اي حاج او مجموعة من الحجاج".

وردا على سؤال عن تزامن موسم الحج في الوقت الذي تشهد فيه الساحة العربية تغيرات وإمكانية وصول هذه التغيرات وأوجه تأثيرها من حماس أو شغب أو مظاهرات، قال الامير نايف ان "ثقة المملكة بحجاج بيت الله الحرام كبيرة وإيمانهم وتقديرهم وقدومهم لأداء هذه الفريضة المقدسة لدى عامة المسلمين ولا بد عليهم أن يتناسوا هذه الامور".

من جهة ثانية وردا على سؤال عن موقف المملكة من الانتفاضات التي تشهدها بعض الدول العربية وما اذا كان يتخوف من وصول رياحها الى المملكة، اجاب "إن ما يحدث في بعض الدول الشقيقة هو شأن داخلي وأثبت الواقع في المملكة العربية السعودية تلاحم الشعب بقيادته وثقة قيادته بالشعب، وثقة الشعب بالقيادة". واضاف "الحمد لله نحن في اطمئنان واستقرار سياسي واقتصادي واجتماعي وفي كل النواحي".

يذكر ان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز عين ليل الخميس الجمعة الامير نايف (77 عاما) وليا للعهد.

ويحتفظ الامير نايف بوزارة الداخلية منذ اكثر من 35 عاما ويعتبره السعوديون الشخص الاكثر كفاءة في محاربة تنظيم القاعدة، كماانه قادر على قمع اي حركة معارضة اخرى. ويقيم علاقات جيدة في معظم انحاء العالم العربي، لكنه يتبنى خطا متشددا حيال ايران بسبب عدم ثقته بقادتها.

إيران تؤكد على «البعد السياسي للحج»

في حين اعربت ايران عن املها في ان يجرى موسم الحج السنوي الى مكة «بهدوء» وفي اطار «وحدة» المسلمين. وقال مندوب المرشد الاعلى لجمهورية ايران الاسلامية اية الله على خامنئي للحج، حجة الاسلام علي قاضي عسكر ان 97 الف ايراني سمحت لهم الرياض بأن يحجوا هذه السنة «سيقومون بهذه الفريضة في اطار الوحدة الاسلامية» على الرغم من «دعاية الاعداء الرامية الى التسبب في انقسامات بين المسلمين».

ونقلت وسائل الاعلام عن حجة الاسلام علي قاضي عسكر قوله «نأمل ان يجري موسم الحج في اجواء يسودها الهدوء والروحانية». وطلب من الحجاج الايرانيين ان «يولوا هذه النقطة اهتماما جديا» خلال الحج الذي يبدأ في الرابع من نوفمبر هذه السنة. بحسب فرانس برس.

واكد حجة الاسلام علي قاضي عسكر «البعد السياسي» للحج، معتبرا انه سيوضع هذه السنة «تحت شعار اليقظة الاسلامية» في البلدان العربية، في اشارة لا تعجب كثيرا السلطات السعودية.

حجاج يتحدون هيئة الامر بالمعروف

وبينما يتوافد المسلمون من كل أنحاء العالم لاداء فريضة الحج يتحدى البعض قيودا تفرضها المملكة العربية السعودية ويتسلقون جبل النور لالقاء نظرة على غار حراء. ويقع غار حراء الذي شهد نزول الوحي على النبي محمد تحت كتل من الجرانيت قرب قمة جبل يبلغ ارتفاعه 660 مترا على مشارف مدينة مكة المكرمة.

وشق رجال ونساء من جميع الاعمار طريقهم صعودا الى الجبل وهم يلهثون واحمرت وجوههم بينما اشتكى اخرون من الالم نتيجة تسلق هذا الجبل الوعر. وقالت اسماء محمد (30 عاما) حين وصلت الى القمة وهي تتصبب عرقا "هذا مكان مقدس... كافحت لاصل الى هنا لكنه نوع جيد من الكفاح. شعرت باحساس من المهابة بينما كنت أتسلق."

وأضافت وهي تتكيء على جلمود من الجرانيت قرب الغار فيما أشرقت الشمس على وجهها "أشعر أنني أقرب الى الرسول لانني (اتبعت) خطواته."

ورفع عبد الرحمن العساف وهو حاج سوري طرف جلبابه بفخر ليظهر ساقه الصناعية التي حملته الى أعلى الجبل خلال اكثر من ساعة وهي مدة ليست أطول كثيرا من تلك التي استغرقها الاصحاء. وأضاف "صعدت الى هنا للصلاة والدعاء لان الرسول صلى ودعا هنا... لم أشعر بأي ألم الحمد لله."

وعلى الرغم من أهمية غار حراء في التاريخ الاسلامي فان السلطات تهمل جبل النور كثيرا. كما لا تشجع هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر زيارته حتى تضمن عدم دخول اي بدعة على الشعائر الدينية.

وينهى رجال الدين السعوديون عن الصلاة في المواقع الاسلامية التاريخية او في أضرحة الشخصيات الاسلامية البارزة. ويقوم أعضاء هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بدوريات في مناطق مختارة لمنع هذه الممارسات.

وقال عضو بالهيئة تمركز عند سفح جبل النور "نرشد الزائرين لنوجههم... ونحذرهم من الممارسات الخاطئة مثل الصلاة داخل الغار والاعتقاد بأنه مقدس او مبارك." وأضاف "فيما يتعلق بالمواقع التاريخية الزيارة مسموحة لكن حين لا تصاحبها ممارسات خاطئة او اعتقاد بأن هذه الاماكن مقدسة." وقال حسن خضر "كانت هناك لافتة وشرحوا أن زيارة غار حراء ليست جزءا من شعائر الحج وأن الصلاة هناك او التبرك بلمس الاحجار ممنوع."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 6/تشرين الثاني/2011 - 9/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م