هدايا جميلة ومشاعر متناقضة

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: الهدية عنوان المهدي ودلالة الكشف عن نفسه.. وهي لا تنفصل عن مجالها الارحب في توصيف جوانب عديدة من التفاعل الاجتماعي تواصلا واستئنافا احيانا لقطع يصيب احد اجزاء هذا النسيج من التفاعل.

الهدية عنوان محبة كما في المأثور الاسلامي الديني (تهادوا تحابوا) كما بين الازواج الشغوفين بزوجاتهم على قلة الشغف بالزوجات، وبين الاصدقاء المخلصين على ندرتهم.. وعلى حد وصف مارشال سالنز: (اذا كان الاصدقاء يتبادلون الهدايا, فإن الهدايا هي التي تصنع الاصدقاء).

والهدية ايضا عنوان تحقيق مصلحة شخصية معينة او اتقاء شر معين او بمثابة رشوة لابطال حق واحقاق باطل، والهدية اضافة الى ذلك عنوان سلوك سياسي قد يكون دبلوماسيا تمليه سياقات العمل في السياسة بين ممثلي الدول، او ميكافيليا تمليه مصالح دولة على حساب مصالح دولة اخرى عبر بعض رموزها وقادة مؤسساتها كما حصل مؤخرا في الهدايا التي قدمتها امارة الكويت الى بعض الشخصيات العراقية.

وقد يكون مثل هذه الميكافيلية في تفديم الهدايا استدعاءا لوصفها بصفات معينة من قبيل (هدية مسمومة) او (هدية ملغومة)، او قد تكون تلك التسمية متاتية من هدايا الازواج لزوجاتهم والذين اتعبتهم طلبات الزوجات البريئة منها والخبيثة والتي لا تنتهي على مدار العام، والهدية ايضا تكشف في بعض الحالات عن مسنوى المهدي اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا..

والهدية كما جاء في المعجم الوسيط: ما يقدمه الصديق أو القريب من التُحف والألطاف. ويقال فلان يهدّي إلى الناس: إذا كان كثير الهدايا.  وفي المصباح المنير: (هديّة) و (تهادى) القوم: أهدى بعضهم إلى بعض.

 ويعرف علماء الاجتماع الهدية على أنها: (الأفعال والخدمات أو الأشياء التي يقدمها الشخص لغيره من الناس دون أن يتوقع منهم أن يقدموا له أي مقابل لها).

يقترن تقديم الهدايا عادة بعدد من المناسبات مثل: الزواج – ولادة طفل جديد – نجاح الطلاب - الانتقال الى سكن جديد – عيد ميلاد احد الاشخاص – اعياد الزواج – القدوم من الحج – الختان – الخروج من المستشفى.. الى اخر المناسبات.

وتكثر على هامش اللامعقول في الهدايا رمزيات عدة كما تساءل احد المطربين العراقيين: ماذا اقدم لك من هدية في عيد ميلادك ياحبي؟ ليجيب قائلا: اطلب ماتريد مهجتي وعيني وقلبي...

او ربما تتعدى ذلك الى اهداء الدماء او الاعمار وغيرها وهي هدايا يستحيل تقديمها لكنه الجموح والاندفاع الذي يكون في القلوب العاشقة والمراهقة كثيرا.

تعارف العراقيون كغيرهم من امم الارض على تقديم الهدايا بينهم، وعرف عنهم قبل سنوات تقديم المواد الغذائية كهدايا مثل (كيس سكر - كيس رز – علبة سمن – صينية حلويات) وقد يكون سبب ذلك تجذر ثقافة الطعام في واقعهم والتي تعتبر عنوان الكرم والاكرام والصيت الحسن.

انعدمت هذه العادة تقريبا واستعيضت عنها هدايا من نوع اخر (ساعات جدارية- ساعات يدوية – تحف والعاب – لوحات زيتية – لوحات قرانية – ثريات – اغنام) الى اخر مايحتويه السوق العراقي من مواد وتجهيزات.

كانت الهدية فيما مضى تنم عن المحبة والاهتمام والتالف واصبحت اليوم كثيرا ما تنم عن اداء واجب ثقيل على النفس رياءا ونفاقا اجتماعيا، كما المس ذلك من الزبائن المترددين على محل الهدايا الذي أديره.

يأتي احدهم وهو يحاول الحصول على هدية رخيصة الثمن كبيرة الحجم وهو يسب ويلعن من يريد ان يقدمها لها.. او تراه يقارن ما قدمه هو من هدية الى شخص معين والهدية التي وصلت اليه من ذلك الشخص ويرى انها لا تقارن بهديته.

وكثيرا ما تصبح الهدايا تشاوفا اجتماعيا الغرض منه الحديث عن هدية فلان وكم كلفت من اموال.. يلجأ كثير من الناس الى اهداء الهدايا التي وصلته في مناسبات سابقة الى اخرين في مناسباتهم واكثر مايكون ذلك في هدايا الزواج او هدايا العائدين من الحج، وهذه الطريقة كما تعرفها موسوعة ويكيبيديا الالكترونية:

(إهداء الهدية أو إعطاء العطية هو أخذ هدية وإهداؤها إلى شخص آخر، بشكل هديةٍ جديدة أحيانا).

في الولايات المتحدة، (يوم إهداء الهدية الوطني) هو 18 من سبتمبر. وفي كندا، سَوّق eBay (أسبوع إهداء الهدية الوطني) ليكون 26-30 من ديسمبر (لكون 26 ديسمبر إجازةً اسمها Boxing Day وقد ارتبطت بإهداء الهدايا).

ويختلف إهداء الهدية عن الإهداء العادي في أن الهدايا لم يُحصل عليها لغرض الإهداء. في العادة، المنتجات التي وصلت مهداةً تهدى إلى الآخرين بغير علمهم أنها كانت في الأصل هديةً للمهدي. يكون الدافع لهذا عادةً الطيبة لكن الأمر يتضمن إهداء الأشياء التي لا حاجة إليها.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 5/تشرين الثاني/2011 - 8/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م