
شبكة النبأ: حذر بعض المراقبين للمشهد
السياسي في الشرق الاوسط من التجاذبات الخطابية التي تتصدرها كل من
اسرائيل وايران مؤخرا، خصوصا مع ادراك الجميع من استحالة اندلاع مثل ما
تصوره بعض الوكالات الاخبارية الغربية من حتمية وقع الحرب المفترضة.
حيث تدرك معظم الاطراف المتنازعة وخصوصا اسرائيل من اسقاطات اي نزاع
عسكري في الوقت الحالي بسبب الاضطرابات السياسية التي تعصف بأغلب الدول
العربية حاليا، الى جانب الازمة الاقتصادية التي تضرب أوروبا والولايات
المتحدة ايضا.
كا تغيب اسرائيل حقيقة التداخل الجغرافي والعسكري المحيط بها، خصوصا
بعد انهيار نظام مبارك، الذي كان حتى عهد قريب يؤمن جانب كبير من حدود
اسرائيل الجنوبية، ويملك العديد من اوراق الضغط في لبنان، التي انفرط
عقد حلفاء محور الاعتدال كما يسمى بعد انهيار حكومة الحريري.
لا صوت يعلو على "ضرب إيران"!
فهل أصبحت إسرائيل على مقربة من توجيه ضربة عسكرية محتملة وشيكة إلى
إيران؟ إذا كنت تواظب على مطالعة الصحف الإسرائيلية، أو مشاهدة تلفزيون
الدولة العبرية، خلال الأيام القليلة الماضية ، فإن الإجابة الأولى
التي ستقفز إلى ذهنك، رداً على ذلك السؤال الذي أصبح يتردد بكثرة، ربما
تكون: نعم.
فصوت طبول الحرب يدوي في المنطقة منذ فترة، تزامناً مع استعداد
الوكالة الدولية للطاقة الذرية للكشف عن تقرير جديد الأسبوع المقبل،
حول البرنامج النووي الإيراني، يتضمن تقييماً لأعمال البحث والتطوير
التي قامت بها طهران مؤخراً، قد تساعد الجمهورية الإسلامية في إنتاج
رؤوس نووية.
وتشهد إسرائيل جدلاً متزايداً حول كيفية التعامل مع المخاوف من
قدرات إيران النووية، وبلغ الجدل ذروته الجمعة، عندما نشرت كبرى الصحف
الإسرائيلية، "يديعوت أحرونوت"، تقريراً يدعو رئيس الحكومة، بنيامين
نتنياهو، ووزير الدفاع إيهود باراك، إلى توجيه ضربة عسكرية لشل
البرنامج النووي الإيراني.
ودفعت صحيفة "هآرتس" لمزيد من الجدل، عندما نشرت تقريراً الأربعاء،
أشار إلى أن نتنياهو يحشد أعضاء حكومته لدعم قرار محتمل بتوجيه ضربة
عسكرية إلى إيران، رغم صعوبات بالغة تعترض مثل هذه العمليات، التي لا
تحظى بقبول واسع لدى أعضاء الحكومة الإسرائيلية.
جاء تقرير الصحيفة الإسرائيلية مع إعلان الدولة العبرية عن إجراء
تجربة لصاروخ باليستي، لم يتم الكشف عن طبيعته أو قدراته، إلا أن باراك
وصفه بأنه "إنجاز تكنولوجي، وخطوة مهمة لتطوير قدرات إسرائيل الصاروخية
والفضائية"، مشيراً إلى أن التجربة جرى الإعداد لها منذ فترة طويلة.
وبينما يقوم باراك حالياً بزيارة إلى لندن، لإجراء مشاورات مع كبار
المسؤولين العسكريين في المملكة المتحدة، فقد أورد راديو إسرائيل
تقريراً يشير إلى أن بريطانيا تبقي على "جميع الخيارات مفتوحة"، فيما
يتعلق باللجوء إلى الخيار العسكري لوقف المشروع النووي الإيراني.
وفي واشنطن، جاء رد المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية،
فيكتوريا نولاند، على طلب بالتعليق على التقارير الإعلامية الواردة من
إسرائيل حول "ضرب إيران"، دبلوماسياً إلى حد كبير، حيث بدا أنها تحاول
تفادي الدخول إلى حقل ألغام.
وقالت نولاند: "ما زلنا ملتزمون بالدفاع عن أمن إسرائيل"، وتابعت:
"نحن وإسرائيل نتشارك القلق العميق إزاء التوجه الذي تتخذه إيران،
ونواصل العمل مع إسرائيل ومع المجتمع الدولي، لنتحدث بصراحة عما ينبغي
فعله، إزاء المخاوف من التطلعات النووية الإيرانية."
إلى ذلك، وصف الخبير الإيراني بمؤسسة "كارنيغي للسلام الدولي" في
واشنطن، كريم سادجادبور، المناقشات العلنية الدائرة حول احتمالات توجيه
ضربة عسكرية لإيران، بأنها "لعبة مصالح"، وقال في تصريحات لـCNN: "إن
فرص تحقيق ذلك ضئيلة للغاية، ولكن الناس يرغبون في إثارة التكهنات حول
ذلك."
من جانبها، ردت طهران على التكهنات المتزايدة بشأن هجوم محتمل
يستهدف برنامجها النووي، بتأكيدها، على لسان رئيس هيئة الأركان العامة
للقوات المسلحة، اللواء حسن فيروز أبادي، أن "إيران في حالة تأهب،
وستعاقب الكيان الإسرائيلي على أي هجوم يمكن أن يشنه عليها."
وقال المسؤول، خلال افتتاح معرض "الحرب الناعمة التي تتعرض لها
إيران"، بحسب ما نقل تلفزيون "العالم" الإيراني، إن "الولايات المتحدة
ستتكبد خسائر جسيمة، إذا ما شن الكيان الإسرائيلي أي هجوم عسكري ضد
إيران، وبوجود المعدات المناسبة، نحن مستعدون لمعاقبتهم، وجعلهم يندمون
على ارتكاب أي غلطة."
خطط وزيارات سرية
الى ذلك وسط سحب من دخان التضليل والخداع والتصريحات المتضاربة من
جانب مسؤولين اسرائيليين وغربيين بشأن ما اذا كانت الولايات المتحدة
تعتزم فعلا توجيه ضربة عسكرية الى ايران، نشر موقع "ديبكا فايل"
الاسرائيلي المعروف بصلاته بالاستخبارات والمؤسسة العسكرية الاسرائيلية
تقريراً عن الموضوع تحت عنوان "حرب اعصاب عسكرية ضد ايران: الولايات
المتحدة تقود، واسرائيل والمملكة المتحدة ترافقانها". وهنا نص التقرير:
"التدفق المفاجىء للانباء العسكرية الاربعاء، 2 تشرين الثاني (نوفمبر)،
هو جزء من مسرحية غربية منسقة لاقناع طهران بان الولايات المتحدة،
وبريطانيا واسرائيل على وشك شن عملية عسكرية ضد منشآتها النووية.
والقصد من هذا الاداء المسرحي الموجه من واشنطن هو ان المسرحية يمكن ان
تتحول الى عرض حقيقي اذا رفضت التخلي عن اندفاعها نحو حيازة اسلحة
نووية. وقد يقرر الرئيس باراك اوباما عندئذ ضرب اهدافا لقوات حرس
الثورة، حصن النظام الاسلامي، وبنيته التحتية الاستراتيجية، ليدمر بذلك
الدعامات الرئيسة التي تسند نظام حكم آيات الله.
ومما ساهم في اجواء الخطر المخيمة على ايران اربعة احداث متصلة
باسرائيل وجذابة العناوين – وقد جاءت كلها في يوم واحد هو امس الاربعاء:
اسرائيل اجرت اختباراً ناجحا لاطلاق صاروخ جديد باليستي عابر للقارات،
هو "اريحا 3"، الذي تقول مصادر اجنبية انه قادر على حمل رأس نووية
لمسافة 000،7 كيلومتر.
بعد ذلك، وزع الجيش الاسرائيلي صور قادة سرب من طائرات سلاح الجو
الاسرائيلي وهم يتحدثون من على مدارج قاعدة جوية ايطالية الى وسائل
الاعلام عن تمرينات مشتركة اجروها على مناورات طويلة المدى مع سلاح
الجو الايطالي "ودول اخرى اعضاء في ناتو" لتعريف سلاح الجو الاسرائيلي
بتكتيكات "ناتو" العسكرية.
وكان الاستنتاج واضحاً: سلاح الجو الاسرائيلي يقوم بتعزيز تعاونه مع
الحلفاء الغربيين تحضيراً لهجوم من "ناتو" على ايران. وسنحت الفرصة
لسلاح الجو الاسرائيلي ايضاً لدراسة العبر التي استمدها خبراء تكتيكات
اسلحة الجو الغربية من عمليتهم التي استمرت ثمانية شهور فوق ليبيا
وانتهت في 31 تشرين الاول (اكتوبر).
ثم اعلنت قيادة الجبهة الداخلية في اسرائيل تمرينا واسع النطاق ضد
الصواريخ في وسط اسرائيل بدءأً من يوم الخميس 3 تشرين الثاني (نوفمبر).
واخيراً غادر وزير الدفاع ايهود باراك الى لندن في رحلة غير مقررة بعد
وقت قصير من رحلة سرية الى اسرائيل قام بها رئيس هيئة اركان القوات
البريطانية السير ديفيد ريتشاردز في وقت سابق من هذا الاسبوع كضيف على
نظيره الاسرائيلي الجنرال بيني غانتز.
واذا كان الجنرال البريطاني قد زار اسرائيل هذا الاسبوع، فلماذا كان
بارك في عجلة من امره لزيارة لندن؟
جاء الجواب من وسائل الاعلام البريطانية التي ذكرت بمجرد وصوله ان
وزارة الدفاع في لندن قد سرعت وحدثت خططها الاحتياطية للمشاركة في هجوم
تقوده الولايات المتحدة على ايران. وقد نشرت اوصافا لخطط لنشر وحدات
بحرية كبيرة بما فيها غواصات في الخليج. وذكرت وسائل الاعلام ان
المملكة المتحدة طلبت من واشنطن الاذن لارسال قاذفات قنابلها المقاتلة
الى قاعدتها في جزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي لشن غارات على
ايران.
وذكر ان هذا النشاط العسكري المتلاحق بسرعة العاصفة وراءه النشر
الوشيك لتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن ايران الثلاثاء
المقبل، 8 تشرين الثاني (نوفمبر) والاستنتاج الذي توصلت اليه الوكالة:
في غضون 12 شهرا ستكون ايران قد اخفت كل منشآتها النووية ومنشآت
صواريخها الباليستية في انفاق عميقة تحت الارض حيث ستكون غير معرضة
لمخاطر اي هجمات.
وسيجري توقيت توقيت ضربة اميركية-بريطانية استباقية محتملة لتأتي في
الفترة السابقة لانتخابات الرئاسة الاميركية في تشرين الثاني (نوفمبر)
2012.
وتقول مصادر "ديبكا فايل" العسكرية انه اذا شاركت في الهجوم
الولايات المتحدة وبريطانيا ودول اخرى اعضاء في "ناتو" مثل المانيا
وفرنسا وايطاليا، فان اسرائيل لن تشارك. وسيدافع جيشها وسلاحها الجوي
وسلاحها البحري عن جبهتها الداخلية وتكون جاهزة للاشتباك مع حلفاء
ايران لمنعهم من ضرب قوات الهجوم من الخلف وتعمل كاحتياطي استراتيجي.
وسيأتي الخطر من سوريا وحزب الله اللبناني و(حركتي) حماس والجهاد
الاسلامي الفلسطينيتين. وهذه الخطط للطوارىء عرضة للتعديل، خصوصا اذا
قرر الرئيس اوباما وقادة "ناتو" الآخرون في نهاية الامر عدم شن هجوم
على ايران في السنة المقبلة. وسيتراجع عندئذ النشاط العسكري المحموم
وتغرق اسرائيل مرة اخرى في معضلة تقرير ما اذا كان ينبغي عليها او لا
ينبغي ان تقوم بعملية عسكرية وحدها ضد ايران.
ولا يوجد وقت طويل للتأمل. وتقول مصادر "ديبكا فايل" العسكرية ان
سوريا وحزب الله في خضم تحضيرات منفصلة لمهاجمة اسرائيل اذا ما اضعفت
قبضتاهما على السلطة. وفي الوقت الحاضر تقدر تلك المصادر فرص مواجهة
اسرائيل اشتباكا عسكرياً مع سوريا و/او حزب الله بانها اعلى من فرص
هجوم اطلسي-اسرائيلي ضد ايران.
تصادم المسارات
من جانبه قال وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي ان طهران "مستعدة
لمواجهة الاسوأ" محذرا واشنطن من مغبة وضع نفسها على "مسار تصادمي" مع
بلاده. وعلى هامش مؤتمر صحافي في مدينة بنغازي الليبية، قال الوزير
الايراني ردا على انباء بان واشنطن تصعد خططها لشن ضربة ضد ايران بسبب
برنامجها النووي، ان "الولايات المتحدة فقدت مع الاسف الحكمة والتعقل
في التعامل مع القضايا الدولية واصبحت تعتمد على القوة فقط".
واضاف ان الاميركيين "فقدوا المنطقية. نحن مستعدون للاسوأ لكننا
نامل في ان يفكروا مرتين قبل ان يضعوا انفسهم على مسار تصادمي مع ايران".
وفي وقت سابق قال صالحي في مؤتمر صحافي مشترك ردا على سؤال حول
الضربات العسكرية التي شنها حلف الطلسي لدعم الثوار الليبيين، ان "الحلف
الاطلسي لم يات للمساعدة دون سبب (...) ارتكبوا اخطاء. والرئيس
الايراني (محمود احمدي نجاد) انتقد تلك الاخطاء".
وتزايدت التكهنات مؤخرا بعد نشر تقارير اعلامية عن نية اسرائيل ضرب
المنشات النووية الايرانية التي تلقى تأييد البعض ومعارضة آخرين في
الحكومة الاسرائيلية.
وذكرت صحيفة هارتس الاسرائيلية ان رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو
ووزير الدفاع ايهود باراك ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان يؤيدون "الخيار
العسكري" بينما يرى وزراء اخرون ومسوؤلو الدفاع انه يجب فرض المزيد من
العقوبات الاقتصادية الدولية للضغط على طهران.
الاسرائيليون منقسمون حول شن هجوم على ايران
من جانب آخر افاد استطلاع للراي نشر الخميس ان الاسرائيليين منقسمون
بين مؤيدين ومعارضين لشن هجوم ضد المنشآت النووية الايرانية، وهي مسالة
تطرح جدلا شبه علني داخل الهيئات القيادية.
واعرب 41% ممن شملهم الاستطلاع عن تاييدهم لشن هجوم ضد ايران بينما
عارضه 39% وامتنع 20% عن الادلاء براي. وفي الوقت نفسه ابدى 52% ثقتهم
في رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع ايهود باراك، وكلاهما
يؤيد شن هجوم ضد المنشآت النووية الايرانية، للتعامل مع الملف الايراني.
واجرى الاستطلاع معهد "ديالوغ" لحساب صحيفة "هآرتس" وشمل عينة من
495 شخصا تمثل السكان الاسرائيليين مع هامش خطا بلغ 4,6%.
عدم الجدية
على صعيد متصل قال مسؤول إسرائيلي إن وزير الدفاع إيهود باراك ليس
حريصا على مهاجمة إيران ولكنه يثير المسألة في الرأي العام من أجل
تبرير دور حكومته. وذكرت صحيفة "يديعوت آحرونوت" الإسرائيلية في موقعها
الإليكتروني أن مسؤولا وصفته بأنه بارز اتهم باراك بتعريض أمن إسرائيل
للخطر بالحديث عن احتمال شن هجوم على إيران.
وقال المسؤول الذي لم تكشف الصحيفة عن هويته: "إنها خطوة ساخرة وغير
معقولة تعرض أمن الدولة الإسرائيلية للخطر". وكانت صحيفة "هآرتس" نقلت
في وقت سابق عن مسؤول إسرائيل بارز قوله إن "رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو يحاول حشد تأييد وزاري لشن هجوم على إيران".
وذكرت أنه في الوقت الحالي هناك أغلبية صغيرة في المجلس الوزاري
المصغر تعارض شن أي هجوم على إيران.
خدعة خطيرة
لفيما تفيد تقديرات في إسرائيل بأن تلويح رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك بمهاجمة المنشآت النووية في إيران هي
خدعة لدفع الولايات المتحدة الى تشديد العقوبات على إيران ومحاولة
إقناع روسيا والصين بتأييدها لكنها في الوقت نفسها خطيرة لأن «الخيار
العسكري» مطروح على الطاولة.
وواصلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» اليوم الاثنين تناول هذا الموضوع
بتوسع وبعنوانها الرئيسي محذرة من ان هجوماً ضد إيران سيجلب الدمار الى
إسرائيل، وأن الولايات المتحدة تتعقب الاستعدادات الإسرائيلية لضرب
إيران.
وكتب كبير المحللين في الصحيفة ناحوم برنياع اليوم ان مسؤولين
أمنيين إسرائيليين يعتبرون شن عملية عسكرية إسرائيلية مكشوفة هي خطوة
تكلفتها كبيرة للغاية وبما لا يقاس مع نجاعتها ووصفوها بأنها «خطوة
بذيئة وخطيرة وتفتقر للمسؤولية».
وأضاف ان «مسؤولين آخرين مقتنعون بأنه تختبئ خلف كل هذه الأقوال،
وكل الاستعدادات، خدعة، وان الاثنين (نتنياهو وباراك) يلوحان بعملية
عسكرية من أجل إقناع الولايات المتحدة بتشديد ضغوطها على إيران، ليس
أكثر، والحديث يدور عن مناورة، وحكومات كثيرة في العالم التي تراقب
إسرائيل وإيران بتأهب تتعامل هي أيضا مع عملية إسرائيلية بتشكيك».
لكن الخطر الذي أشار اليه برنياع في هذه الخدعة هو أنه «في عام 1973
مارس (الرئيس المصري الأسبق) أنور السادات ضغوطاً على الولايات المتحدة
وإسرائيل من أجل بدء محادثات معه حول استعادة سيناء، ومن أجل تعظيم
الرسالة قام بإرسال جيشه للتدرب على عبور القناة، وهذا لم يؤثر على
الإسرائيليين والأمريكيين واعتقدوا، ربما بحق، ان هذا تضليل، وفي الصيف
غيّر السادات رأيه وانتقل الى خطة عبور حقيقية والبقية يرويها تاريخ
حرب يوم الغفران» في تشرين الأول من عام 1973».
ورأى برنياع أن الأمر نفسه ينطبق على الموضوع الإيراني وأن «مسدسا
موضوعا على الطاولة في جولة التهديدات الأولى يكون موضوعا أحيانا لغرض
التهديد فقط أو لغرض التزيين أو الاستعراض، ورغم ذلك فإنه لا ينبغي
استبعاد امكانية ان يطلق المسدس النار في المرة المقبلة».
ويشار الى أن برنياع انضم من خلال مقال نشره يوم الجمعة الماضي الى
عدد من المحللين العسكريين الإسرائيليين الكبار في تحذيرهم من ان
نتنياهو وباراك متفقان على وجوب مهاجمة إيران لوقف البرنامج النووي وسط
معارضة قيادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
من جهة ثانية نقل المحلل العسكري في «يديعوت أحرونوت» ألكس فيشمان،
من واشنطن، عن مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية قوله إن «التخوف
من عملية عسكرية إسرائيلية جعل الولايات المتحدة تعمل في عدة مستويات
من أجل ممارسة ضغوط على مجلس الأمن الدولي لتشديد العقوبات ضد إيران».
وأضاف المسؤول الأمريكي ان القلق في الادارة الأمريكية يتصاعد بسبب
نشر تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية في نوفمبر المقبل الذي سيشير
الى تقدم كبير في مجال بناء المركبات العسكرية للبرنامج النووي
الإيراني.
وتابع المسؤول ان التخوف في واشنطن هو أن نشر تقرير الوكالة الدولية
من شأنه أن يشجع إسرائيل على تنفيذ خطوات ضد إيران لا تكون بالضرورة
منسقة مع المصالح الأمريكية في المنطقة. بحسب يونايتد برس.
وأشار المسؤول الى أن التقييم الأمريكي الجديد للوضع بشأن رد فعل
إسرائيلي محتمل بمهاجمة إيران يستند الى عدة أمور بينها مراقبة
التدريبات العسكرية التي أجرتها إسرائيل خلال السنوات الأخيرة.
وأضاف ان الادارة الأمريكية دخلت الآن الى حالة «نشاط بالغ» بهدف
ممارسة ضغوط كبيرة على إيران من أجل «إنزال» إسرائيل عن مشروع الهجوم
وفي هذا السياق يمارس الأمريكيون ضغوطا على روسيا والصين، اللتان
تعارضان نشر تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية بادعاء ان التقرير
سيكشف تقدم البرنامج النووي الإيراني ومن شأنه إحراج الدولتين.
وقال المسؤول الأمريكي إنه ليس مستبعداً ان تلويح إسرائيل بمهاجمة
إيران سيشجع روسيا والصين على الانضمام الى المبادرة الأمريكية
والأوروبية في مجلس الأمن الدولي الرامية الى تشديد الضغوط الاقتصادية
والسياسية على النظام الإيراني.
ووفقاً للمسؤول الأمريكي فإن القلق في الولايات المتحدة من هجوم
إسرائيلي ضد إيران كبير جدا في هذه المرحلة لدرجة ان الولايات المتحدة
تمارس ضغوطاً على عدة مستويات في مجلس الأمن الدولي، وتشمل نشر تقرير
الوكالة الدولية وتنديد مجلس الأمن بمحاولة إيرانية لاغتيال السفير
السعودي في واشنطن.
الجهاد الاسلامي
من جهته قال متحدث باسم حركة الجهاد الاسلامي الفلسطينية التي دخلت
في تبادل لاطلاق النار مع اسرائيل مطلع الأسبوع الماضي ان الحركة لا
تتوقع أن تدوم هُدنة طويلا وان لديها ثمانية آلاف مقاتل على الاقل
مستعدون للحرب.
والجهاد الاسلامي هي ثاني أكبر حركة مسلحة في غزة بعد حركة المقاومة
الاسلامية (حماس) التي تسيطر على القطاع الصغير المطل على البحر
المتوسط. وتتفق الحركتان في التعهد بتدمير اسرائيل وتصفهما معظم
الحكومات الغربية بأنهما جماعات ارهابية.
وركزت حماس في الآونة الأخيرة على أمور الإدارة لكن تركيز الجهاد
الاسلامي انصب بشدة على الصراع مما أكسبها شهرة وجعلها تحظى بدعم كبير
من دول مثل ايران.
وقال أبو أحمد المتحدث الرسمي باسم سرايا القدس الجناح العسكري
لحركة الجهاد الاسلامي في مقابلة نادرة وطويلة مع رويترز "الجمهورية
الاسلامية الايرانية تقدم لنا الدعم ونحن نفخر بذلك."
ونفى أبو أحمد تقارير انتشرت على نطاق واسع وأفادت بأن ايران زودت
حركة الجهاد الاسلامي بأسلحة وابتسم عندما سمع مزاعم بأن الحركة تتلقى
حاليا أسلحة اكثر تطورا من طهران وحماس. ولم يعلق المتحدث على شائعات
عن تلقي مقاتلي الجهاد تدريبات في ايران.
وقال "ما أقوله بشكل عام هو اننا نملك الحق في التوجه لاي مكان
للحصول على مصادر القوة." وكانت أحدث مواجهة بين الجهاد الاسلامي
واسرائيل قد أدت الى مقتل 12 مسلحا فلسطينيا ومدني اسرائيلي واحد
وانتهت بعدما توسطت مصر للتوصل الى وقف لاطلاق النار من الجانبين لكن
أبو أحمد قال ان الهدنة لن تدوم طويلا. وقال أبو أحمد "التهدئة موجودة
بشكل نظري ولكن عمليا لا توجد تهدئة."
وذكر أن اسرائيل تتوق لحرب في غزة بعد صفقة تبادل السجناء التي
أُبرمت الشهر الماضي وأفرجت بموجبها عن 477 سجينا فلسطينيا مقابل
الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط الذي كانت حماس تحتجزه منذ عام 2006.
وتقول اسرائيل ان هجماتها تكون دائما دفاعا عن النفس. وقتلت اسرائيل
خمسة من كبار قادة الجهاد الاسلامي يوم السبت ردا على هجوم بصاورخ وقع
قبل ذلك بيومين وألقت باللائمة فيه على الحركة. ولم يسبب هذا الصاروخ
خسائر لكنه سقط في عمق الاراضي الاسرائيلية لدرجة أنه تسبب في اطلاق
صافرات الانذار على مشارف تل أبيب.
ونفى أبو أحمد اي مسؤولية للحركة عن الصاروخ وقال ان الدليل على ذلك
أن اسرائيل تمكنت من تحديد مكان القادة الخمسة الكبار في الحركة في
الهواء الطلق فهم لم يتوقعوا استهدافهم.
لكن سرايا القدس ردت هي الأخرى وأطلقت عددا كبير من الصواريخ على
جنوب اسرائيل مخترقة بذلك الدرع الدفاعي الاسرائيلي. وقتل اسرائيلي
واحد وأُصيب أربعة آخرون على الاقل واشتعلت النيران في سيارات ومبنى.
وبثت حركة الجهاد الاسلامي شريط فيديو على شبكة الانترنت يظهر فيه
قاذف للصواريخ على متن شاحنة ويطلق دفعة من الصواريخ. وهذه هي المرة
الاولى التي تعلن الحركة فيها امتلاكها لمثل هذه الاسلحة على الرغم من
أنه لم يصدر تأكيد مستقل على استخدامها.
وقال أبو أحمد "لقد فاجأت سرايا القدس اسرائيل وأجبرتها على اعادة
التفكير في حساباتها انا لا أعتقد بأنهم كانوا يعلمون بوجود مثل هذا
السلاح (قاذفات الصواريخ المحمولة على شاحنات)."
وتنتشر خلايا سرايا القدس في محيط غزة وقال أبو أحمد ان شبانا
كثيرين يطلبون الانضمام اليها.
وأضاف "نحن نقبل البعض ولكن لا يمكن استيعاب الجميع خاصة انهم
يرغبون في الالتحاق بالجهاز العسكري المعيار عندنا هو النوعية وليس
العدد." وقال "لدينا ما لا يقل عن ثمانية الاف مقاتل مجهزين عسكريا
بشكل كامل." وهذه هي المرة الاولى التي يعطى فيها تقدير لعدد المقاتلين
في الحركة.
وحظت الحركة بدعم لموقفها في أغسطس اب عندما بدأ الحكام الجدد في
مصر التفاوض معها مباشرة بشأن وقف اطلاق النار وليس عن طريق حماس. وقال
أبو أحمد ان حماس ليست لها علاقة بالمواجهة الاخيرة وان كل المحادثات
كانت مع مصر.
وقلل أبو أحمد من أهمية تقارير أفادت بوجود توتر مع حماس التي بدا
أنها تتردد في الدخول في مواجهة مباشرة مع اسرائيل منذ أن شنت اسرائيل
حربها على غزة أواخر عام 2008 . وقال أبو أحمد "على صعيد الايديولوجية
لا يوجد أي اختلاف بين حركتي الجهاد الاسلامي وحماس والاختلاف هو في
الأساليب" مضيفا أن دور حماس في الادارة يعني أنها "تكون مرشحة أكثر
للضغوط الخارجية."
وذكر أن المشكلة الاكبر التي تواجه الحركة هي الطائرات الاسرائيلية
بدون طيار والتي تحوم بشكل منتظم فوق غزة لملاحقة النشطاء. وقال أبو
أحمد "أساليب القتال تغيرت لا تستطيع اليوم العمل بأساليب الحرب التي
كانت مُتبعة في الثمانينيات أو السبعينيات ان تخفي مسدسا داخل معطف"
مضيفا أن مقاتلي الجهاد ليسوا خائفين من الموت بشكل مفاجئ.
وقال "انه لشعور جيد أن تكون تحت الخطر من قبل طائرات الاستطلاع نحن
عندما اخترنا هذا الطريق كنا نطمح اما للنصر او الشهادة وان كنا نفضل
الشهادة." |