التعليم بدلا عن الأمراض العقلية؟
مشكلتنا، مقارنة بالغرب، كبيرة جدا ملخصها أن الغرب يحول أقوال
مفكريه وفلاسفته إلى قوانين سياسية واجتماعية ولذلك نشأت الديمقراطية
ودولة القانون والدستور والحقوق والحريات. أما أقوال قرآننا ونبينا
وأئمة ديننا وفلاسفتنا ومفكرينا فتبقى حبرا على ورق كما يقال بالعربية.
وأكاد اقسم أن 99.99% بالمائة من الذين يستشهدون بالقرآن والحديث
النبوي الشريف كذابون رغم نواياهم الصادقة لأنهم لا يطبقون أقوال
القرآن ولا النبي ولا الأئمة ولا الفلاسفة ولا يحولونها إلى قوانين
تحكمهم.
والنسبة السالفة الذكر هي نسبة رسمية للأنظمة العربية حيث يفوز جميع
الرؤساء بها ويقمعون شعوبهم ويفتحون مزيدا من السجون، ويتضح فيما بعد
أن نسبة 99.99% هي نسبة الذين يثورون عليهم. ويحدثني ابني الأصغر حنين
كلما سألته بين فترة وأخرى عن سير دراسته للماجستير، أنهم الآن في
جامعة لندن، يأخذون بعض محاضراتهم في مبنى منفصل عن الجامعة الأصلية
كان مستشفى للأمراض العقلية فيما مضى. وفي بغداد لم أر مبنى مدرستي
الابتدائية ولا المتوسطة فقد هدمتا ولم يبق من المنطقة سوى جامع مظهر
الشاوي مطلا على دجلة في كرادة مريم، ولم اذهب إلى مدرستي الثانوية في
الكرخ لكني رأيت جامعتي وقد أصبحت (قرية) مبعثرة. وأخشى أننا، خاصة وان
الأخوان يكرهون المقارنة مع الغرب ويصرون على خصوصياتهم، نحول المدارس
إلى مستشفيات عقلية وأنا أتكلم هنا بلسان الناس وليس بلسان السياسيين
فلو سألت عددا من العراقيين عن ذلك لأكد لك انه يخشى الجنون بسبب ما
يراه من فرق بين تصور السياسيين واعتقادهم أنهم بنوا دولة وبلدا وعمروا
وشمروا وبلوروا بدليل نزعات الانفصال والتنكر للدستور والوحدة الوطنية.
وتذكرت فجأة قصيدة الجواهري (هي طرطرا تطرطري) التي كتبها في
الأربعينات من القرن الماضي..
وليسمح لي الأخوة السياسيون أن نستغل فسحة الديمقراطية للتعبير عن
آلامنا بأسلوبنا الأدبي وليس بأسلوبنا السياسي حتى لا يزعلوا فقد لامني
كثير من الناس على مجاملاتي في مقالاتي وتقليص انفعالاتي في كتاباتي.
واعتقد أنني هذه المرة أيضا سأؤجل قصائدي فعندي الكثير من البوح لأبوح
به والكثير من الجراح التي لا تداوى، فلأحزم أمري واشد عزيمتي والله
المستعان، فقد سمعت وقرأت وشاهدت، ومن ذلك ما رأيته من معدات لتوليد
الطاقة تعرضت للتلف بسبب تركها في العراء (ياللعراء يترك فيك القاتل
والمقتول) في خور الزبير، واعتقد أن السبب هو تصور المسؤولين عن
الكهرباء في العراق أن الطاقة فائضة وان الكهرباء تزيد عن حاجة
العراقيين للاستهلاك ومن الأفضل ترك المعدات للعراء ليعريها خاصة وأنها
اشتريت بنوى التمر وليس بمئات ملايين دولارات النفط. أو انه جاءت هبة
ومكرمة من احد الوجهاء الذين يعج بهم البلد ودول الجوار، فحتى مهربي
الأغنام والطليان (لا اقصد الايطاليين بلهجة المصريين والليبيين)
أصبحوا مليادرة (وهذا اشتقاق مني أرجو أن تقبلوه) وهو يعني مليارديرية
وصاروا بسبب مليادرتهم يرسمون ويخططون لمستقبل العراق ويصنعون ملوكا
وطوائف بانتظار(ملوك الطوائف) من جديد و(يلزم) أكثر السياسيين (سراهم)
لكي يقابلوهم ويتلقون منهم التوجيهات والتوبيخات والتعليمات والتكريمات
والابزيمات. والإبزيم لغةَ، لفظة تركية تعني سحاب البنطال أو قفل
الحزام.
وبانتظار أن تتعرى فضيحة المعدات الكهربائية المرمية في خور الزبير
والتي قال احد الموظفين أنها تضم 56 توربينا وتولد 126 ميغاواط وقد تصل
طاقتها إلى 12 ألف ميغاواط تعرضت للتلف فقد تعاقدت وزارة الكهرباء
للشراء و(نسيت) أن تتعاقد للنصب (لا اعني الاحتيال) والتشغيل. ولكن
الوزارة لم (تنس) أن تحل مديرية مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية في
المنطقة الجنوبية. فهي تتذكر أن تشتري وتنسى أن تنصب وتشغل بل تحل
المديرية.. وبما أن المعدات في العراء منذ سنتين دعونا نعري أقوالا
أخرى وأخبارا تترى فقد نكتشف أمرا أو سرا.
طريق انبار- استنبول
لقد فرحت والله وأنا اقرأ أن محافظة الأنبار عقدت مؤتمرا للاستثمار
فيها وقلت يا الله ها قد دخلت الأنبار في الاستثمار مما يعني أمورا شتى
منها تحسن الأمن وتشغيل أيد عاملة عاطلة وفنادق وطرق ومصانع، زجاج
جديدة مثلا وإنعاش دخلها المحلي، وقلت ها قد حان وقت تقليص الصحراء
التي لم تجن منها الأنبار، عاصمة العراق في زمن مضى، سوى كبر المساحة
واللون الأصفر على الخارطة.
وما أن مضيت حتى صدمت، فالمؤتمر لم يعقد في الأنبار وإنما في
استنبول، فقلت لعل بعضهم أراد أن يودع عمولاته في المصارف التركية
مباشرة، ولكني ظننت سوءا فانا لدي مع الأسف فضيلة (سوء الظن بالسياسيين)
وقلت لعل بعض الذين دعوا لعقده في استنبول (ظنوا أنها عاصمة العراق) عن
طريق الخطأ كما ذهب سوء ظني أكثر من ذلك فقلت لعل بعضا من رعاة المؤتمر
أراد أن يتهم أطرافا بالطائفية وأراد الإيقاع بهم عن طريق نبذ الطائفية
فلم يعقد المؤتمر في طهران وإنما في استنبول لإلغاء الطائفية وعدم
تكريسها وتجنب قسمة العراق على طهران واستنبول..
ها آن السياسة تصنع قدر العراق وليس العقل والمصالح. وليت الاستثمار
التركي يأتي إلى الأنبار فنراها وقد ازدهرت فإذا جاء الماء اهتزت وربت
وانبتت من كل زوج بهيج. وهذه إحدى أجمل الآيات بالتصوير والإيقاع
اللفظي. ولا اعرف سر ما قاله طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية الذي
رعى المؤتمر. فهو قد قال (إذا كان السياسيون في العراق قد اختلفوا في
الكثير من الأمور فإنهم في مجال الاستثمار متفقون وبنسبة مئة بالمئة)
فالاستثمار في الواقع لم يحدث في العراق ولم نر منه شيئا وربما اختلف
السياسيون على الحصص والغنائم التي تأتي من الاستثمار وربما اتفقوا
عليها.
لكن من الواضح أن البعض يذهب إلى الشرق والبعض يذهب إلى الشمال.
فالاتجاهات مختلفة لكن الغنائم متفق عليها. إذا ذهبت أنت إلى الشرق
وحصلت على غنائم فانا اذهب إلى الشمال وأحصل على مثل تلك الغنائم.
الاتفاق صحيح 100% كما قال السيد النائب. لكن شعار المؤتمر مشكوك في
حدوثه (استثمار مستمر من اجل غد مستقر). فالغد المستقر ماليا والمؤمن
إلى ما بعد غد، قد يكون للبعض فقط. أما الانباريون فاشك في أن يستقر
غدهم ماليا.
وأكد السيد النائب أن الوضع الأمني في العراق آخذ بالتحسن، وكذبته
المفخخات بعد يومين. وأقول له انه كلما اخذ الوضع الأمني بالتحسن كلما
شد الإرهابيون عزمهم وحزمهم حتى يكون هناك اعتقاد دائم بان الأمن
غير(مستبد) حسب تعبير بعضهم على الفضائيات، وليس(مستتب) كما هو في
اللغة.
الوضع الأمني كله لم يتحسن لان المواطن العراقي والمسؤول العراقي
أيضا والصحفي العراقي وغيرهم لا يشعر بالأمان ولا يشعر انه يعيش في
وضع(طبيعي) أما الخروقات الأمنية فهي تشير انه ليس هناك وضع طبيعي.
واخطر من ذلك هو اعتقاد المواطن أن الوضع غير مستقر وان المجهول مخيف
وقد نجح جميع السياسيين بلا استثناء في إحباط المواطن وقذف اليأس في
قلبه وهذا مشابه لخطورة فقدان الأمن.
ويقول الخبر(وأضاف سيادته: "إننا اليوم أمام إعادة النظر بالهيكلية
الاقتصادية وقوانيننا التي لم تكتمل بعد مما يتيح الفرصة أمام المختصين
لإعادة صياغتها وفقا لمصلحة البلد والمستثمر على حد سواء, وإننا لن
نسمح أن يكون الاقتصاد العراقي رهناً بالنفط والغاز فقط بعيدا عن بقية
الموارد والمشاريع الصناعية والزراعية".
ولا اعرف لماذا يستخدم المسؤول كلمة (لن نسمح) بدل أن يقول (وأننا
نعمل ونخطط ونؤسس ليكون الاقتصاد العراقي غير مرتهن فقط بالنفط والغاز)
والالفاظ تكشف عن طريقة تفكير قائليها، وهي، على الأقل، طريقة فردية.
وأتساءل ببراءة طفل: هل من المنطقي أن يقوم سياسيونا بالرد عبر
التنكيل بالوطن، فتعقد محافظة كربلاء مثلا مؤتمرها في طهران والأنبار
في استنبول ونوزع غنائم الوطن على جيراننا بعد أن قسمها السياسيون على
أنفسهم طبعا دون نسيان حصتهم من دول الجوار أيضا.
هل الاتهام بالطائفية يستدعي الانغماس بالطائفية نكاية بالطرف الآخر؟
إن اخطر ما يعمل في العراق هو الشعور الجمعي للعراقيين بان بلدهم ذاهب
للتقسيم والتدهور والفوضى. فحتى دعاة القومية العربية يعمقون بأفعالهم
وتصريحاتهم هذا الشعور. وإذا كان الأمريكيون مسؤولين بدرجة كبيرة عن
إطلاق هذا الشعور منذ بداية تشريعاتهم على يد بول بريمر، فان انسحابهم
قد يحقق هذا الشعور إذا لم يتدارك السياسيون مواقفهم ونشاطاتهم الرامية
إلى تقسيم وتفتيت العراق.
صلاحيات على طبق طائر
وانتقل من استنبول إلى الديوانية نقلة نوعية وليست نقلة شطرنج. فقد
أغلق مجلس محافظة الديوانية يوم الثلاثاء الماضي إحدى الإذاعات المحلية
التي تبث من المدينة, وهي إذاعة الصدى حتى إشعار آخر بقرار اتخذ
بالأغلبية المطلقة. وكان عضو مجلس المحافظة داخل الكناني قد قال خلال
تصريحات إعلامية، أن "المجلس قرر خلال اجتماعه وبالأغلبية المطلقة
إغلاق إذاعة الصدى التي تبث من داخل المحافظة حتى إشعار آخر"، عازيا
السبب إلى "مخالفة الإذاعة لشروط العقد الموقع مع الحكومة المحلية".
ويقول علي الساهر المدير الفني لإذاعة "الصدى", أن المجلس لم يبلغنا
بقراره الذي اتخذه أمس الثلاثاء, وعرفنا بقراره من خلال تصريحات صحفية
لإحدى الإذاعات المحلية التي أوردت الخبر، وهو ما يخالف السياقات
الطبيعية في مثل هذه الحالات. وأضاف الساهر, أن المجلس برر قراره بحسب
تلك التصريحات باعتبار أن الإذاعة تبث برامج مخالفة للشريعة وأنها
تستخدم الديمقراطية لأغراض غير مقبولة, وأنها تجاوزت على الأعراف
والقيم المتبعة في المجتمع. وإذاعة "الصدى" هي إذاعة محلية تبث من
محافظة الديوانية، وتعمل منذ خمسة أشهر وتعنى ببرامج الشباب والخدمات
في المحافظة. ما يرى في هذا القرار بأنه مبيت ضد حرية وسائل الإعلام،
ويعده مخالفة دستورية و قانونية.
لدي عدة ملاحظات: الأولى هل مجلس المحافظة جهة قضائية؟ الجواب لا.
الثانية: هل استند المجلس إلى الدستور؟ الجواب لا. الثالثة: هل يملك
مجلس المحافظة، اية محافظة، صلاحية إصدار إجازات البث أم أن هناك هيئة
مركزية أو اتحادية؟ الجواب لا. الرابعة: هل المجلس جهة شرعية دينية
تقرر مخالفة الإذاعة للشريعة؟ الجواب لا. الخامسة: هل الديمقراطية
تستخدم لأغراض غير مقبولة؟ الجواب لا. اكتفي بهذه الملاحظات الخمسة
لأقول أن مجلس الديوانية انتهك الدستور. وسيزعل ربما أصدقاء لي فيه (لست
متأكدا من وجود أصدقاء لي في المجلس). مجالس المحافظات ليست جهات
قضائية تصدر حكما من اختصاص القضاء وتنفذه. إنها تستطيع رفع دعوى أمام
القضاء ليكون السياق دستوريا.
وينطبق هذا على مجلس محافظة صلاح الدين. فهي ليست جهة مركزية تقرر
إعلان إقليم له شروط في الدستور. وليس لها الحق بتطبيق قوانين في
المحافظة هي من اختصاص (سيادة القضاء) أو تتنافى مع القوانين السائدة.
فكيف ستجنب أبناءها حكم القضاء إذا أراد القضاء إحالة احد أبنائها إليه؟
وإذا كانت حكومة الإقليم أدرى بأوضاع سكانها فهذا صحيح. لكنه لا ينطبق
على مواجهة القانون. وانصح مجلس محافظة صلاح الدين أن يدافع عن أبنائها
وحقوق أبنائها باستخدام القانون وليس بردود الأفعال السياسية. واذكّرهم
واذكّر الجميع بان الناس لم تكن تملك وسائل ممارسة الضغوط سابقا.
واليوم لدى الجميع عشرات الوسائل الدستورية والقانونية والاجتماعية
والثقافية والإعلامية ووسائل التعبير مثل الاجتماعات والاحتجاجات
ومقابلة الوزير المختص. ويوجد لدينا برلمان يمثل مصالح ستة دول هي دول
الجوار أكثر مما يمثل مصالح ناخبيه، لان مثل هذه المشاكل الناجمة يمكن
للبرلمان أن يتولى المشاركة في حسمها. وحتى الآن لم يفهم سياسيونا بان
السياسة صراع وليس تحديا أو (عفترة) وكان التحدي والعفترة اللتين
استخدمهما صدام، وما يزال بعض آخر يستعملهما، قد أوصلا العراق إلى ما
وصل إليه. والعفترة لهجة، تعني أعمال القوة وتحدي القانون وعدم احترام
حقوق الآخرين وعدم حساب الأمور وعواقبها.
صحيح انه يفترض أن تكون حكومة الإقليم، إي إقليم، أدرى بأوضاع
سكانها، ولكن أعطوني سكان محافظة راضين عن حكومتهم المحلية، وأعطوني
حكومة محلية حققت طموحات وحاجات سكانها؟
ما يحدث في العراق خطوات سياسية وردود أفعال سياسية. عواطف
ايديولوجية ضد عواطف ايديولوجية وفوضى مواقف وتصريحات وإلا كيف نفهم أن
شيخ عشيرة يهدد دول الجوار وانه سيحارب ضد دول هي على علاقة جوار مع
الدولة الاتحادية. وأوضح المصدر أن إعلان المحافظة إقليما سيجنبها
اتخاذ إجراءات ضد أبنائها من قبل الحكومة المركزية ويدفع باتجاه أن
تكون مثل هذه القضايا من اختصاص حكومة الإقليم التي قال أنها الأدرى
بأوضاع سكانها.
اتاتوركية واردغوانية
وبعد إعجاب العسكريين العرب بكمال اتاتورك طوال فترة الخمسينات
فقاموا بانقلاباتهم العسكرية دون أن يحولوا بلدا حزبيا واحدا إلى بلد
علماني أو بلد مزدهر، جاءت مرحلة إعجاب الإسلاميين باردوغان بموافقة
وتشجيع من الغرب الأوربي والأمريكي. فالاردوغانية صارت مثل الكمالية.
فتركيا قبله في الماضي والحاضر للعرب. فقد جاء دور الأحزاب الإسلامية
في تونس ومصر وليبيا حيث تحقق التغيير اردوغان نصب أعينهم. وراشد
الغنوشي زعيم حزب النهضة الفائز في انتخابات تونس صديق طيب لي واشتركنا
في عدد من الندوات يصرح بان تجربة اردوغان نصب عينيه.
واستطاعت الدراما التركية بمساعدة أموال الإعلام الخليجي والسعودي
خاصة أن تكون الزاد اليومي للعائلة العربية من خلال المسلسلات التي
تأخذ من مشاعر وأوقات الإنسان العربي أكثر مما تأخذه البرامج الحوارية
الفاشلة على القنوات، مما هيأ ذهنية العرب بالدور التركي الذي صار
أمنية وأملا، وعمق الصراع الصفوي-العثماني الذي يستعيد حرارته في
المنطقة.
وكنت أعجبت ببيان هيئة علماء المسلمين الذي هنأ الشعب الليبي
بانتصاره على دكتاتورية القذافي وتمنيت لو أن الهيئة هنأت الشعب
العراقي حين تخلص من دكتاتورية صدام ولم تقف ضد آماله وطموحاته. ووصلني
من الهيئة إيميل يتضمن بيان احتجاج من الهيئة على عمليات الاعتقال في
العراق. وهو ليس البيان الأول. فالهيئة دائما ما تشجب حملات الاعتقال
التي تقوم بها الأجهزة الأمنية وتعتبرها حملة ضد الشعب العراقي وكأنها
لا تفرق بين القانون وبين الحملات التعسفية. فالحملة الأخيرة جاءت
استنادا على معلومات ووثائق وجدت في طرابلس وسلمت إلى بغداد بعد هروب
القذافي الذي هنأت الهيئة الشعب الليبي بالانتصار عليه. فلماذا هذه
الازدواجية التي يغيب فيها الحق وتتغلب العاطفة الايديولوجية المذهبية
والسياسية؟ ولماذا مازلنا نعتبر العنف هو السبيل الوحيد للسلطة رغم
إرادة الشعوب. من حق الهيئة أن تطالب الحكومة العراقية باحترام حقوق
الإنسان والتزام القانون في التحقيق وتوجيه التهم. فمن الواضح أن بقايا
حزب البعث تعمل ضد النظام الجديد وتستخدم العنف وتنتظر فرص الانقضاض
والقضاء عليه. وبالتالي من حق الحكومة التي استلمت وثائق ومعلومات تؤكد
أن هناك أعمال عنف ضد المواطنين وضد النظام الدستوري الذي لم يترسخ بعد
واحد الأسباب هو استخدام العنف ضد الاستقرار الدستوري. فالوثائق
والمستندات التي وجدت في مؤسسات القذافي الأمنية في مدينة طرابلس تؤكد
وجود تحرك لعناصر مرتبطة بحزب البعث ومتواجدة في ليبيا ولها ارتباط
بخلايا في العراق. أي بتمويل الدكتاتور الذي هنأت الهيئة الليبيين
بالقضاء عليه. وابتهلت إلى الله أن يعيش الليبيون في امن واستقرار
وأتمنى أن تبتهل إلى الله أن يعيش العراقيون في امن واستقرار فالشعب
أولى بدعائها، فالقربى أولى بالمعروف.
سياسيون.. طروكية..عابرو سبيل
وكنت نويت أن أتحدث عن الحالة المأساوية للمستشفيات العراقية، وعن
الخوف الدائم للعراقيين من مراجعتها ولكني أجلت ذلك وآثرت أن اكتب عن
الحالة المأساوية للسياسيين فهي سبب كل المآسي. فمن الواضح أن كثيرا من
المسؤولين (طروكية) بالكاف الأعجمية. أي عابرو سبيل. ولذلك لا يهتمون،
وقد سمعت كلمة طروكية لأول مرة من عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي
ماجد عبد الرضا في دمشق في مقهى لاتيرنا في عام 1980. وكنت أنا في
الواقع(طروكيا) مارا بسوريا الأسد في طريقي إلى بيروت المشتعلة آنذاك.
والمناسبة هي أن عددا من مثقفي الحزب الشيوعي العراقي واغلبهم فنانون
كانوا قد طردوا من اليمن الديمقراطي(الجنوبي) بتحريض من قيادة الحزب
هناك. ولما كانوا فارين من جحيم صدام، فإنهم جاؤوا إلى سوريا وتوسطوني
باعتباري مستقلا ولي صداقة طيبة مع الحزب. فعرضت الموضوع على (الرفيق)
ماجد عبد الرضا الذي كان عضوا مهما في الجبهة الوطنية بين الشيوعيين
والبعثيين، وكنت قد أوصلته في سيارتي في آذار 1979 إلى المطار بعد أن
قرر الحزب إبعاده إلى موسكو(بحجة إيصال رسالة إلى السكرتير العام للحزب
عزيز محمد) حتى لا ينهار وكان عندهم حق فقد قضينا الطريق ووراءنا دراجة
امن بخارية نتجادل حول موضوع الجبهة الوطنية التي كانت تثير في نفس
ماجد إدانة للحزب لأنه لم يوقف (التدهور) في العلاقات بين الحزبين
البعث والشيوعي. وقد رأيت ماجد عبد الرضا آخر مرة في براغ بعد غزو
الكويت بأسبوع وهو ينتظر مع جماعة من الشيوعيين، وبعضهم مبعد من الحزب،
جوازات سفر وتذاكر سفر من السفارة العراقية في براغ للعودة إلى بغداد
والتضامن مع صدام (ضد الامبريالية) وبعضهم اليوم يعتبر نفسه تيارا
ديمقراطيا يريد أن يبني الديمقراطية في العراق. واعتقد انه حان الوقت
ليكتب كل سياسي ومثقف ما يعرفه حتى لا ينخدع الشعب العراقي الذي أدركت
انه يجهل الكثير جدا عن المعارضة التي كانت في الخارج. وهذا تاريخ لابد
من تحليله فهو حتى الآن تاريخ محرم.
دعوني استرسل فبدون تصفية هذا التاريخ، وهو تاريخنا الشخصي لن نتقدم
ولن نعرف بعضنا بعضا وسيظل الغموض يحيط بشخصياتنا وسيظل الوهم يقود
اختياراتنا. واحد من جماعة عبد الرضا والمنتظرين تذكرة السفارة
العراقية للعودة إلى بغداد للتضامن مع صدام ضد الامبريالية، جاء إلى
بلاد الامبريالية لاجئا. في عام 1993 كنت ابحث عن سيارة متواضعة (التجارب
الشخصية مهمة وتاريخ الصحابة وتاريخ العرب والمسلمين كله قضايا شخصية
فهي تكشف كيف يفكر الساسة وكيف يخدمون أوطانهم ونريد منهم أن يضحوا من
اجل شعبهم.) فنصحني احد الأصدقاء بسيارة تعود لهذا المواطن العراقي
المناضل ضد الامبريالية واللاجئ إليها. اشتريت السيارة على ذمة القسم
الذي أداه صاحبي هذا فاشتريتها بما يعادل ألف دولار(اتضح فيما بعد أن
سعرها لا يستحق أكثر من 300 دولار) لكن القصة ليست هذه. فقد جاء
بالسيارة وأوقفها أمام البناية التي اسكن فيها وسلمني المفاتيح وشكرته
من كل قلبي ودعوته على قهوة وودعني وهو يحسدني على ثقتي العمياء بالناس.
في اليوم التالي نزلت لأقود السيارة فاتضح انه بارع في الرياضيات
والمقاييس فقد سقت اقل من مائة متر وتوقفت السيارة بسبب نفاد البنزين.
(كيف قاس المسافة على كمية البنزين بهذه الدقة؟ لا ادري حتى اليوم.)
وحتى هذا ليس مهما. استخدمت السيارة أربعة أشهر. وذات صباح أركبت
ولدي الصغير ذا الستة أعوام لأوصله إلى مدرسته. لاحظت بعد مسافة أن
دراجتين بخاريتين للشرطة تسيران خلفي. هذا أمر طبيعي. لكن الدراجتين لم
تتجاوزاني وظلتا تسيران ورائي وأنا أقود ببطء. ثم استدرت نحو الشارع
الفرعي الذي تقع فيه المدرسة. هناك أوقفاني. أديا التحية بكل أدب ثم
سألاني فيما إذا كانت السيارة تعود لي فقلت نعم. ثم سألاني سؤلا بدا لي
غريبا: منذ متى وأنت تقود هذه السيارة؟ فقلت منذ أربعة أشهر تقريبا.
هنا صعقت. قال لي احد الشرطيين: أنت تقود السيارة منذ أربعة أشهر وتعرض
ابنك لخطر الموت. ثم شرحا لي أن السيارة (ملصوقة) ولما لم أكن عبقريا
في الميكانيك أبديت دهشتي من موضوع لصق سيارة فشرحا لي أنها منقسمة
قسمين في حادث ما ثم ألصقت وهي خطرة وقالا لي ما أدار رأسي: تصور انك
تقود سيارتك هذه وبداخلها عائلتك بسرعة مائة كيلومتر على الطريق السريع
ثم انفصلت السيارة فجأة، وذهب كل قسم في طريق فماذا يحدث؟
رجاني الشرطيان أن اصطحب ولدي إلى مدرسته مشيا على الأقدام. ولما
عدت وجدت فريقا هندسيا كان فحص السيارة واقفل الإطارات حتى لا تستعمل
وقال إلى: مقبرة السيارات. اتصلت بصديق دبر لي نقل السيارة بعد أن دفعت
ما يعادل 80 دولارا لتذهب السيارة إلى المقبرة.
هذا سياسي يريد أن يقود العراق ويريد أن يكون تيارا ديمقراطيا حتى
لا تكون هناك ديمقراطية في العراق. كيف يمكن أن نثق بسياسيين، منهم
تجار سيارات مثل هذا لا يتورعون من اجل ألف دولار لا قيمة لها في
العالم الأوروبي من تعريض عائلة من مواطنيهم إلى خطر الموت ثم يأتون
ليبنوا ديمقراطية ولا يفسدون حين تكون أموال الدولة في أيديهم. هل هذه
قضية شخصية أم تاريخ للنوع السياسي الذي يريد أن يحكم ويدير دولة؟
إنها قصتي وليست منقولة عن احد حتى لا أصدقها
إليكم مثلا آخر. وأريده صريحا ومن تجربتي لان العراقيين يحتاجون إلى
تجاربنا وخبراتنا. كنت اعمل في جريدة طريق الشعب التي يصدرها الحزب
الشيوعي بعد أن منعني صدام شخصيا في آذار عام1976 وزوجتي حامل في
أيامها الأخيرة من العمل في ألف باء والكتابة في الصحف عام 1978 حدثت
لي مشكلة مهنية مع احد (الرفاق) الشيوعيين بعد أن انتقل رفيقا من حزب
البعث إلى (رفيق) مهم جدا في الحزب الشيوعي. قدمت استقالتي من الجريدة
وكان شرطي للعودة هو اعتذار هذا الرفيق علنا. جاءني للبيت صديقاي عبد
الرزاق الصافي عضو المكتب السياسي وهو مناضل حقيقي بدليل انه بقي فقيرا
حتى الآن، والشاعر المرحوم يوسف الصائغ. بعد كلام طويل طلبا أن اسحب
استقالتي وأعود للعمل وستسوى الأمور. في اليوم التالي جاء زكي خيري
الذي كان يعتبر الشخصية الثانية بعد السكرتير العام عزيز محمد. انفردنا
في غرفة مدير التحرير فخري كريم أو في غرفة رئيس التحرير عبد الرزاق
الصافي المتجاورتين. لا أتذكر الآن في أية غرفة. طلب أن يتكلم أولا.
فاحترمت طلبه وبدأت استمع.
وصل إلى نقطة أساسية يبرر فيها سلوك (الرفيق) المعني فصعقت لمثاليتي
وما أزال الآن وبعد مرور أكثر من 33 سنة اصعق بسبب مثاليتي. قال: من
أين يأتي الحزب بأعضائه. أجاب هو: من الشارع. أي أن الحزب هو مجموع
سلوك الناس في الشارع. هنا اعترضت ولم ادعه يكمل قلت له ما اعرفه يا
رفيق أبا يحيى هو أن الحزب يأتي بالناس من الشارع هذا صحيح. ولكن الحزب،
على الأقل بالمفهوم اللينيني، نخبة مثقفة ومتعلمة وله برنامج وبالتالي
يعلم أبناء الشارع كيف يكونوا ممثلين لشعبهم. لم يجد الكلام لكن الرفيق
المعني جاء واعتذر وانتهى الموضوع. لكن جوهر المشكلة لم ينته. قلت له
أنا سأضرب لك مثلا معكوسا فاستغرب. قلت له تعرف كاكه محمد سائق الجريدة.
قال نعم، قلت الم يكن مهربا بين إيران والعراق. قال نعم وهو الذي
اخترناه من المهربين لنقل مطبعة من حزب تودة في إيران إلى الحزب
الشيوعي في العراق. قلت نعم اعرف ولذلك اضرب به مثلا. انظر إليه كيف
تحول من مهرب، من خلال الحزب، إلى مناضل ويأكل لقمته من عمله العلني
وهو طيب ويساعد الناس ويضحي من اجلهم. إذن الحزب يجب أن يحول الناس
الذين يأتون إليه من الشارع إلى نخبة واعية ومستعدة للتضحية وتحمل
المسؤولية.
لا أريد أن أكون مثل كثير من سياسيينا ومثقفينا. يكتبون ذكرياتهم
وأفكارهم ومواقفهم ويوصون بطبعها بعد موتهم حتى يبقوا على انتهازيتهم
في الحياة..
هذا المثل مهم جدا اليوم حيث الأحزاب تتحول إلى مواقع للصوصية
وإهمال المواطنين واحتقار الناس وخداعهم بينما الناس مثلي تتصور أن
الثقة في محلها.
فلول.. في مصر وتونس والعراق
امسك فلول.. حملة مصرية لمنع فلول الحزب الوطني الذي كان يحكم مصر
في عهد مبارك. يحق للمصريين مطاردة (بعثيي) حسني مبارك ولكن لايحق
للعراقيين مطاردة بعثيي صدام. 185 ألف (وطني) مصري نشرت أسماؤهم لكي
يتم تحذير المصريين من انتخابهم إذا وجدوا في قائمة سياسية. واغلب
هؤلاء أعضاء في الحزب وربما لم يرتكبوا ما ارتكبته فلول البعث في
الأجهزة الأمنية والمخابراتية والجيش الشعبي ودوائر الحكومة(لأنه لا
توجد دولة في عهد صدام كما لا توجد دولة الآن). وفي تونس أسقطت مفوضية
الانتخابات فوز أكثر من 7 نواب في قائمة العريضة الشعبية لأنهم من فلول
زين العابدين بن علي ثم أسقطت القائمة كلها. إذا كنا نريد ديمقراطية
فلابد للقانون أن يحكم الجميع. فهناك حق وهناك باطل، ولكن من أين تبقي
السياسة والايديولوجيا في العراق مكانا للحق؟ فالعراق يخصص 50 مليار
دولار لتطوير مطاراته. والمبلغ كبير جدا يوحي وكأن 30مليون عراقي
سيسكنون في المطارات وينامون في الطائرات طول عمرهم. بينما لدينا أكثر
من ثلاثة ملايين أرملة وأربعة ملايين يتيم وثمانية ملايين فقير وملايين
العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات وغيرهم. ولدينا شوارع محطمة وفساد
سيجعل المواطن العراقي(يكفر) بالوطن ويدعو على النظام السياسي بالويل
والثبور، ويدعو إلى الله أن يقصم ظهر الأحزاب ويهدم قبة البرلمان
ويتمنى أن يتنقل المسؤولون الكثيرون بالهليوكوبترات حتى لا يقطعوا
الطرق ويهينوا المواطنين وتستعرض حماياتهم العضلات على الناس البسطاء.
المجد والخلود للفشل
اسمحوا لي أن اعلق على تشكيل مجلس وزراء رديف فهو موضوع يستحق
التعليق والله على ما أقول شهيد: اعتقد أن طرفة الأسبوع كانت تشكيل
مجلس وزراء رديف. والسبب أن هناك مبادئ لا يعرفها مجلس الوزراء الرديف
هذا، أهمها نسبة الفشل أو النجاح. إذا كان الوزراء المشكلون لهذا
المجلس من الوزراء الناجحين في نظام ناجح فمن حقهم أن يطرحوا أنفسهم
مجلس وزراء بديل. ولكن إذا كانوا لم يفعلوا شيئا طوال مدة استيزارهم،
فلماذا نعيدهم إلى صناعة فشل آخر. لقد انتهى العقل والمنطق من العراق.
والله على ما أقول شهيد.
الطبقة السياسية التي جاءت منذ 2003حتى الآن فاشلة باعتراف
العراقيين ولا ينفع أنهم يأخذون رواتب ولا يكلفون الدولة مزيدا من
الأموال فهم مكتفون والحمد لله، وهذه حسنة من حسناتهم. واذكر انه في
عام 1998طلب مني قادة في المعارضة أن أعطيهم مشروع فضائية، فأعطيتهم
المشروع وذهبوا إلى أمريكا وحصلوا على أموال ثم عادوا وعينوا ناسا
أميين وجهلة وحرامية.
فاتصل بي شخص منهم وسألني عن شخص لبناني يريدون تعيينه مديرا
لفضائية المعارضة العراقية، وهو يعمل(أعمال غير إعلامية طبعا) مع
الفرنسيين والأمريكان والطليان (الايطاليون) والخليجيين. فقلت انه طرد
من ثلاث فضائيات بسبب لصوصيته فقال الشخص الذي اتصل بي وأصبح مسؤولا في
النظام الجديد: هذا أحسن. فالحرامي الذي تعرفه أحسن من الشريف الذي لا
تعرفه، فعينوه وسرقوا معه.
هذا مبدأ ساري المفعول اليوم مع الأسف. والعراقيون غير غافلين عنه.
هناك فضائع تعيد إنتاج نفسها من جديد. فالفاشل الذي تعرفه أحسن من
الناجح الذي لا تعرفه.
يعني لا يكفي خراب واحد، وإنما إعادة إنتاج الخراب. لا اصدق حتى
الآن قدرة كثير من العراقيين، أحزابا وأشخاصا، على تبني الفشل وإعادة
إنتاجه. فإذا فشل مسؤول، أيا كانت درجته في وظيفته، فبعد سنة أو اقل أو
أكثر يعاد إلى وظيفة أخرى. وهذا يحدث في الأحزاب أيضا، كأن سياسيينا
يبحثون عن الفاشلين. أما الفاشلون فلم يصدقوا بالفرصة التي جاءتهم
فلماذا لا يصرون على استعادتها. وهكذا لن يبقي للأجيال الجديدة أية
فرصة فالوزير يريد أن يبقى مدى الحياة (مثل الرؤساء العرب) والنائب
يريد أن يبقى مدى الحياة وهناك مسؤولون في البرلمان والحكومة تجاوز
عمرهم الخامسة والسبعين وهم ينافسون ذوي العشرين عاما على الوظائف
والمناصب.
وقد أعدنا استيزار وزراء تقلدوا الوزارة في مطلع الستينات واعدناهم
إلى وزارات مجلس الحكم ووزارات الانتقالية والمؤقتة؟ ماهذا البلد حقا؟
الوزير في أوروبا يستوزر لدورة واحدة ومع السلامة نجح أو فشل ومن
النادر أن يبقى وزيرا لدورتين.
ومن النائب الدكتور عبد الهادي الحكيم، نائب رئيس لجنة التعليم في
البرلمان وصلني إيميل وهو بيان يحتج فيه الدكتور الحكيم على حذف آيات
من كتب علمية مثل الفيزياء والأحياء. وأقول لهذا الصديق الوديع الذي
أحبه: والله لو أبعدنا القرآن عن الزج به في صراعات ومنازعات لكان أفضل
لنا وأفضل للقرآن العظيم، وأمامنا تجارب من أمم مختلفة نجحت في زج
كتبها المقدسة في الصراعات التي تظهر كل يوم سواء في العلم أو السياسة
أو الاقتصاد. وأنا واثق أن الدكتور الحكيم يقرأ القرآن وتفيض روحانياته
وهناك أكثر من هذا الموضوع ممكن أن تنشغل به لجنة التعليم في البرلمان.
واختتم على خطوات. الخطوة الأولى: أن شيئا ما وردني لا اعرف ماذا
كان نكتة جديدة (فالعراقيون أصبحوا يجيدون تأليف النكات) والشيء يقول:
في أول صفحة بــ(الجـواز الأمريكي) مكتوب :[حامل هذا الجواز تحت
حماية الولايات المتحدة الأمريكية فوق أي ارض وتحت أي سماء]
وفي (الجواز الكندي): [ نحرك أسطولنا من أجلك ] وما زال يكتب
بــ(الجواز العراقي): [عند فقدان الجواز تدفع غرامة مالية]
وقبل أن اختتم أقول لكم. إن الأمريكيين قد يعودون خلال ستة أشهر.
فقد ورطوا جميع الأحزاب في وضع لا تحسد عليه. وسيذهبون إلى الأمم
المتحدة ويقولون: إن العراقيين غير قادرين على إدارة أوضاعهم وأنهم
ينتهكون حقوق الإنسان ويعتقلون البعثيين دون إثباتات قانونية وان
الطبقة السياسية غير قادرة على الحفاظ على البلاد وبالتالي لابد من
تفويض من الأمم المتحدة للوصاية على العراق ورعاية شعبه.
واختار لكم من تراثنا وتاريخينا موضوعين. الأول أن رجلا سأل الحسن
البصري: أمؤمن أنت؟ فقال : إن كنت تريد قول الله عز وجل (آمنا بالله
وما انزل إلينا) فنعم. به نتناكح ونتوارث ونحقن الدماء. وان كنت تريد
قول الله تعالى(إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) فنسأل
الله أن نكون منهم.
وأنا أسال الله أن يكون جميع سياسيينا بلا استثناء المؤمنين وغير
المؤمنين من الذين وجلت قلوبهم حتى يرحموا هذا الشعب المسكين الذي
سلمهم أموره فسرقوه وظلموه.
واختار لكم الثانية وهي لما توفي النبي (ص) ارتفعت الناعية في مكة.
فقال أبو قحافة: ماهذا؟ قالوا توفي رسول الله (ص) قال: خطب جلل، فمن
الخليقة بعده؟ قالوا: ابنك أبو بكر، قال: أرضيت بذلك بنو أمية وبنو
المغيرة؟ قالوا نعم. قال: سبحان الله، يعارضون النبوة ويسلمون الخلافة.
إن هذا لأمر يراد. لكني أريد أن أضيف موضوعا ثالثا من التاريخ. فقد وقف
رجل على قبر معاوية، فقال: لو أن الله لفظك خارج قبرك.. لنرى ماذا صنع
الله لك، ولترى ابنك يزيد ماذا صنع بنا.؟
www.almowatennews.com |