بماذا أسمّيكِ؟

أحارُ فيما بيننا!

حمّودان عبدالواحد- فرنسا

(إلى الذين تفرّعوا إلى ما لا نهاية...، الأحياء منهم والذين ينتظرون...!وقد تشعّبوا إلى طرق وسبل ومسالك لا تحصى! وقد تحوّلوا إلى عيون ومنابع ومناهل يشرب منها العطشى من المسافرين الذين شدّوا الرحال إليكِ...!!)

 

 (1)

سرّ أنتِ في الأرضِ والسماءِ

حبّ يرتوي بالعنفِ بالدماءِ

عِلمٌ أنتِ بالأسماءِ والأشياءِ

نبضٌ أنتِ بالنورِ في الظلماءِ

 

(2)

معذرةً أيتها العذراءُ الولودُ

أيتها القديسةُ الكثيرةُ العيالِ

المولودةُ القديمةُ الجديدة...!

 

معذرةً أيتها الآدميةُ العنودُ

أيتها الجنيةُ الإلهيةُ الجمالِ

الأسطورةُ القريبةُ البعيدة...!

 

معذرة!

إنْ تعَذّرَ الفهمُ

إنْ تعثّرَ القولُ...

بماذا أسمّيكِ؟

 

(3)

بأيّ مدادٍ أعبركِ

وأنتِ محيطاتٌ بلا ضفافْ؟

بأي شراعٍ أقطعكِ

وأنتِ بحيراتٌ على ضبابْ؟

 

بأيّ ذراعٍ أجذفكِ

وأنتِ موجةٌ لمّا ركِبْتُها

لفظَتْني بِحُبّها مَرْفأً

على شواطىءِ الخريفِ المُحتضِر؟

 

(4)

بأيّة خفقةٍ وأنفاسٍ

أهُمّ هُياماً بالسفر إليكِ؟

 

بأيّ معجمٍ وألفاظٍ

أشُقّ كشاّفي إلى أدغالِ هِمَمِكِ الداخلية؟

 

بأيّ أصبع وفرشاةٍ،

بأي منطق وأنساق

أشُدّ ترحالي إلى أغوار قِمَمِكِ البركانية؟

 

بأيّة شرعةٍ وأديانٍ،

بأيّة رقصةٍ وأنغامٍ

أمدّ حَمْلتي وغزوتي إليكِ؟

 

بأيّة حروفٍ أكتبكِ،

وبأيّة أقلامٍ أسرد حفلة عرسِكِ؟

بأيّة رموزٍ أنقشكِ،

وبأيّة ألوانٍ أرسم همسة صوتِكِ؟

بأيّة أبجديةٍ أدخلكِ،

وبأيّة أشعارٍ أخلُد ضيفةً عندكِ؟

بأيّة نحْويةٍ أعقلكِ،

و بأيّة أرقامٍ أحسب سرعة ضوئِكِ؟

 

أتقدِرُ آذانٍي أن تسمعَ نبضة قلبِكِ،

وأنظاري أن تدرِكَ خطفة برقِكِ،

وأفكاري أن تسْبِرَ وَمضة حدسِكِ؟

 

(5)

أيّة أيادٍ وأرجلٍ،

وأفواهِ أصواتٍ،

وأبواق ضوضاءٍ

هي أنتِ؟

 

لِمَ هذا السيلُ

مِنَ الأحلام والنيرانْ؟

لِمَ هذا الليلُ

من الأموات والدماءْ؟

لِمَ هذا الزحفُ

من القلوب والشعوبْ؟

لِمَ هذا العنفُ

من الجيوش والحروبْ؟

 

أحقا أنتِ هذا الوقودُ :

هذا السخطُ هذه النغمةُ،

هذا الانتقامُ هذا الثأرُ؟

هذا الغضبُ هذه النعمةُ،

هذا الزلزالُ هذا القبرُ؟

 

أتكونين أمّ الأمّهاتِ

مُلهمةَ الأشواقِ

مَلحمةَ الأشواكِ؟

أتكونين جوابَ الحيرة في شراع المُبْحِرينْ؟

أتكونين مرآة الرؤية في شكوك العارفينْ؟

أتكونين صراخ الجوعى في بطون الشابعينْ؟

أفي الصومالِ

أمِ الدولارِ

تسكنين أم أنت جغرافيةً غجْرية؟

أفي قحطِ البيداءِ

أم نفطِ الصحراءِ

تقطنين أم أنت سُرْياليةً بيْنية؟

 

أأنتِ النارُ والطوفانْ؟

أم الماءُ والدخانْ

والسيولُ والجريانْ؟

أم أنت الجامعةُ الفارقة؟

أوَلا تكونينَ المنسابةُ الصامتة

الزاحفةُ اللادغةُ المباغثة؟

 

(6)

أوَ لا أكون متآمراً عليكِ

أنا المتلذدُ ببؤسي،

أنا المتمتعُ بيأسي؟

أنا المترفعُ بشِعْري،

أنا المستبدُ بفكري؟

أنا المبتعدُ بفردي،

أنا المنسجمُ بوحدي؟

 

(7)

كانت دموعي براعمَ سرورْ!

عذبتَني بالأعداءِ

طوعتَني بالأضدادِ

أحييتَني من رمادِ

خلقتَني من مواتِ

كانت جراحي دلائلَ نشورْ!

 

ولدتَني من عذابٍ،

حريةً وبهجةً

سيادةً ورحمةً..،

وكم طال مخاضُنا!

 

(8)

وها نحن مرآةُ بَيْنِنا

نتمزقْ

نتعذبْ

نتألمْ...

نتربصُ الدوائرَ عَلّنا

من شراراتِ بينِنا،

ننهضُ أحياءً كلُّنا،

وحدةً نترنمُ،

نستنشِقُ بعضَنا،

وحدةً نتنسمُ

روحَ هذا الماء

هذا النبض هذه النار،

حركةً أضرمتها الريحُ

وأشعل فتيلَها الخطرُ...

 

وكالشمس والليل نمُرُّ

وأنت باقية!

 

أنكون كلمه؟

تأويلا وتكرارا

حنينا وفرارا،

ونحن تِكرارية؟

 

(9)

أُجْزِمُ وشَكّي ما له حدودْ

بأني أعرفكِ!

أنتِ دائما صوتُ الوعودْ

وحلمُ الفردوسِ المفقودْ!

ولولا كفري بالركودْ

والسكون والجمودْ،

لتتبّعتُ منذ البدء خطاكِ

وأثبتتُ للآملين أنّنا

راقدون

في عهد الرجوعْ

والمثولِ من جديدْ

ذكريات...

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 2/تشرين الثاني/2011 - 5/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م