من عادات وتقاليد الحج

إعداد: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: أيام قليلة تفصلنا عن اكبر تجمع للمسلمين في البيت العتيق.. البيت الذي بناه ابراهيم الخليل النبي هاجر من أور العراقية وبنى بيت الله بامره.

احدث التحقيقات الأثارية التي وصل اليها العلماء تشير الى ان ابراهيم الخليل عليه السلام ولد في القرن التاسع عشر قبل الميلاد اي قبل حوالي أربعة الآف سنة في تلك المدينة العراقية القديمة.

تلك المدينة التي تم اختراع اول عجلة فيها، وهي المدينة التي وضع اول تشريع قانوني (وضعي) قبل شريعة حمورابي فيها..وهي المدينة التي استخدمت فيها الرايات اولا... وتعتبر ايضا اول مدينة استخدم النفط كوقود فيها ايضا.

تلك هي مدينة آور، او (تل المقير) كما تسمى حالياً.. وهي مدينة ابراهيم الخليل الذي تعود اليه اصول الديانات التوحيدية الثلاثة الكبرى.. التي ينتشر اتباعها في العالم كله وجميع القارات ويشكلون حوالي 53% من سكان العالم.

كل ديانة توحيدية او وضعية لها أماكن تحج اليها موسميا.. مرة واحدة او في العام لتكون قريبة من الهها المعبود.. كان العرب قبل الإسلام لهم طقوسهم وعاداتهم في الحج والطواف حول الكعبة، التي كانت مجمع الهتهم الكثيرة..بعد ان بعدت عنهم فكرة العبودية الحقه لاله واحد بني البيت لاجله.. وهو ما وصفه المفكر الجزائري مالك بن نبي أدق وصف (اذا غابت الفكرة بزغ الصنم).

بظهور الرسالة الخاتمة، عادت الفكرة الاصلية من جديد، فكرة العبودية الحقه لإله معبود واحد.. يحتفل المسلمون كل عام بالعودة اليه وتجسيد هذه الوحدانية المطلقة عبر شعيرة جماعية تختلف عن بقية الشعائر الاخرى على مدار العام.

هذه العودة والقرب تقترن بفرحة رغم مشاقها سميت بعيد الأضحى، من الأضحية التي اراد ابو الانبياء ابراهيم الخليل تقديمها للرب المعبود امتثالا لأمره.. وهي أضحية بشرية عبر ولده اسماعيل، لكن ربه تقبل منه تلك النية لتقديم الأضحية قبولا حسنا واستعاض عنها بأضحية الانعام.

للمسلمين عادات وتقاليد في استقبال هذه المناسبة واستقبال العائدين من هذه الرحلة.. عبر التاريخ شهدت قوافل ومحامل الحج الكثير من المشاق والمصاعب، لهذا حرصت الدولة العثمانية خاصة على تنظيم هذه القوافل حرصاً على راحة الحجاج وأمنهم، وقد رافق هذه القوافل عبر التاريخ الكثير من التنظيمات والعادات والتقاليد.

نظم السلاطين العثمانيين قوافل الحج، وقسموها إلى قوافل عدة أو محامل منها: قافلة الحج الشامي، قافلة الحج المصري، قافلة الحج العراقي، قافلة الحج اليمنـي، قافلة الحج المغربي، قافلة الحج التركي العثماني.

والتي تشترك في عدة امور منها:

1) تعيين أمير الحج على رأس كل قافلة.

2) تعيين (سردار الحج) وهو نقيب الحملة، فضلاً عن تعيين إمام الحملة وقاضيها.

3) تعيين (أمير الركب) وهو أحد الباشوات العثمانيين المسؤولين عن قافلة الحج.

4) إقامة الخانات (الفنادق) والآبار والدوريات العسكرية والثكن والقلاع والأبراج والمخافر في الطرق المؤدية إلى الحج.

5) إعفاء الدولة العثمانية منطقة الحجاز من الضرائب والرسوم نظراً الى مكانتها الشريفة، وإعفاء سكان الحجاز من التجنيد الإلزامي.

6) إرسال (الصرة الهمايونية) المحملة بالهدايا النفيسة بما فيها المؤن الآتية من مصر والشام، لتقسم بين أهالي الحجاز بالعدل والمساواة. وكانت هذه الهدايا تضم السجاد والثريات والمصابيح والشمعدانات والشموع والمواد الغذائية والزيوت وسواها.

7) تخصيص الدولة العثمانية لاسيما في عهد السلطان سليم الأول ثلث ما كان يجبى من مصر، وتخصيص خراج اليونان على الحرمين الشريفين. كما خصصت أموال للبدو منعاً من اعتداءاتهم على الحجاج.

8) إصدار فرمان سلطاني خاص بأمير مكة يتمتع بموجبه في التشريفات بأسمى مقام في صف الصدر الأعظم في الآستانة والخديوي في مصر، وترتب له العطايا والهدايا من قبل السلطان.

9) وقف العديد من الأوقاف الإسلامية يخصص لقوافل الحج لاسيما قافلة الحج الشامي للسهر على راحتها وسلامتها وأمنها.

في زمننا الراهن ولو أخذنا مصر على سبيل المثال فانه عندما تحل أيام موسم الحج على المصريين من كل عام، يتبدل حال الكثيرين خاصة من كتب لهم زيارة مكة المكرمة، ونبينا محمد صلي الله عليه واله وسلم، وتبدأ الأسرة المصرية التي يوجد لديها فرد ذاهب (للحجاز) على حد قول الكثيرين، في تحضير ترتيبات السفر، وتصر ربة المنزل على شراء كل مستلزمات الحاج من أسواق الجملة (من الإبرة للصاروخ) كما يقول معظم المصريين.

وللمصريين عادات وتقاليد لا تتغير في هذا الموسم، حيث نجد معظم الأحياء الشعبية التي يوجد بها حاج، قد تزين جدرانها برسومات الجمل والكعبة وغيرها من الرسومات المعبرة عن هذا الحدث الجليل، كما يحرص الكثير من المصريين على مجاملة جيرانهم عند عودتهم من الحج، وزيارتهم وتقديم الحلوى والشربات تعبيرا عن فرحتهم بعودتهم سالمين.

وفي أثناء موسم الحج يحتفل المسلمون بعيد الأضحى المبارك، منفذين لوصية أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، عندما قرر التضحية بابنه إسماعيل، وأنزل الله عليه كبشا من السماء فداء لولده.

نجد معظم البيوت المصرية القادرة على شراء خروف العيد، تقوم بذبحه عقب صلاة العيد، وتقوم بتوزيعه على الفقراء وغير القادرين، كما نلاحظ أن البيوت التي تقوم بذبح الخروف، نجد على جدرانها علامة الأصابع الخمسة بدماء الخروف، اعتقادا منهم ببركة هذه العلامة ضد الحسد.

ويحرص معظم المصريين على تناول كبد الخروف وحواشيه في الإفطار، تمهيدا لتناول (الفتة بالثوم) في الغداء، وهي أكثر أكلة مشهورة في مصر أثناء الاحتفال بعيد الأضحى.

وفي الصين جرت العادة بعد أن تهبط طائرة الحجاج في المطار يستقبلهم مسوؤلون من مصلحة الأديان والجمعيات الإسلامية حيث يساعدونهم على إكمال الإجراءات واستسلام الأمتعة. وتستقبل جماهير المسلمين الحجاج في بلداتهم.

وعندما تصل السيارة إلي مدخل القرية أو قرب البيت في المدينة، تستقبل جماهير المسلمين وفي مقدمتها إمام ومسئولو المسجد الحجاج حيث يصلون على النبي بصوت عال وبنغمات جميلة ويقتربون من الحاج ويدعون الله معا.

بعد الدعاء يصافح المسلمون بعضهم بعضا ويقبلون وجه الحاج ويباركون لبعضهم بعضا ويضع الإمام وطلاب المسجد والعلماء الكبار ومسئولو المسجد الحرير الأخضر على كتفيه للتهنئة والترحيب والبركة ثم يصطحبه إمام المسجد والعلماء والمسئولون إلى المسجد ويكون الجو مفعما بسعادة وسرور وبركات إذ إن أصوات الفرح يتردد صداها في السماء والأولاد يتابعون صفوف المسلمين مسرورين.

يكون المسجد نظيفا ومفعما بالبركات والسرور ويلقي إمام المسجد كلمة ترحيب بالحاج نيابة عن جماهير المسلمين ويقول لهم (اليوم نرحب بضيوف الرحمن ترحيبا حارا ونهنئهم بالحج المبرور والذنب المغفور وأدعو الله بالخير والبركات لكل الحاضرين).

ثم يدعو الإمام حاجا لإلقاء الخطبة التي تتعلق بأعمال الحج فدائما يشكر الحاج جماهير المسلمين على حفاوة إستقبالهم ويشكر الإمام والعلماء لتعليمه شوؤن دينه ويسلم علي كل المسلمين ثم يلخص مسيرة حجه وإنجازاته الروحية خلال موسم الحج.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/تشرين الثاني/2011 - 4/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م