تقرير (شبكة النبأ) الدوري حول الحريات الإعلامية في العالم العربي

الربيع العربي... رادع أم واعز لاستبداد الحكومات؟

تقرير: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: في خضم الاضطرابات السياسية التي تعصف دول العالم العربي وشعوبها المنتفضة على الديكتاتوريات القائمة، تتكبد السلطة الرابعة والعاملين على ديمومتها تكاليف باهظة على الصعيد المادي والنفسي، ابتداء من سياسة الترهيب المعنوي الى العنف الجسدي ومصادرة الحريات الفكرية والشخصية والقيود المكلفة التي تفرض على الصحفيين.

فالاعتقالات وغلق الصحف والغرامات الطائلة سمة تأبى ان تفارق اغلب ساسة وحكام وملوك الدول العربية، على الرغم من إدراكهم فشل مساعي تكميم الأفواه التي طالما اتبعوها على مدى العقود الماضية، وخير دليل على ذلك التحولات السياسية الكبيرة التي حدثت مؤخرا.

البحرين تقضي بتغريم صحفيين

فقد قضت محكمة بحرينية بتغريم اربعة صحفيين ألف دينار (2650 دولارا) لكل منهم لنشر اخبار كاذبة اثناء فرض الاحكام العرفية في البلاد لسحق حركة الاحتجاج المؤيدة للديمقراطية. وقال منصور الجمري رئيس تحرير صحيفة الوسط ان الثلاثة الاخرين كانوا يعملون ايضا في الصحيفة المستقلة التي ترى الحكومة البحرينية انها ناطقة بلسان المعارضة الشيعية.

واعيد الجمري لرئاسة تحرير الصحيفة في أغسطس اب. وكانت السلطات قد علقت صدور الصحيفة في وقت سابق وأقالت مسؤولين كبار مما دفع الجمري الى الاستقالة في ابريل نيسان.

ودفع الصحفيون بالبراءة اثناء المحاكمة قائلين انه تم تزويدهم بمعلومات خاطئة في اطار حملة لتشويه سمعة الوسط ونشرت الصحيفة التي تعاني نقصا في عدد العاملين هذه الاخطاء.

ولقي اربعة اشخاص حتفهم وهم قيد الاحتجاز بينهم مؤسس صحيفة الوسط كريم فخراوي اثناء فرض الاحكام العرفية لاكثر من شهرين. واعتقل مئات الشيعة وفقد كثيرون وظائفهم. ومن المقرر أن تعلن لجنة من الخبراء الدوليين نتائج التحقيق في الاضطرابات هذا الشهر.

وواجهت البحرين التي تستضيف الاسطول الخامس الامريكي موجة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة في فبراير شباط ومارس اذار وطالب المتظاهرون ومعظمهم من الشيعة بالاصلاح الديمقراطي. وطالب البعض بتحويل النظام الملكي الذي يقوده السنة الى جمهورية. بحسب رويترز.

لكن حكام البحرين سحقوا الاحتجاجات في 16 مارس اذار وقالوا انها بتحريض من ايران واستعانوا بقوات من السعودية والامارات العربية المتحدة لاستعادة النظام.

ويعتقد أن السلطات استجوبت أكثر من عشرة صحفيين ومصورين بشأن تغطيتهم للاضطرابات ويمكن أن يواجهوا المحاكمة ايضا. وفي تعليقه على هذه المحاكمة المحتملة قال الجمري ان هذا أمر مؤسف للبحرين مشيرا الى ان حرية التعبير ضرورة للخروج من الازمة السياسية التي تمر بها البلاد.

الامارات تحتجز خمسة مدونين

في سياق متصل رفض خمسة مدونين متهمين بالاساءة لرئيس دولة الامارات وكبار المسؤولين للمرة الثانية المثول امام المحكمة التي عقدت جلسة مؤخرا علنية في اطار محاكمتهم، حسبما افادت مراسلة وكالة فرانس برس.

واكد الشرطي المكلف بنقل المتهمين الى قاعة المحكمة ان الخمسة "رفضوا الحضور" فيما تم تأجيل المحاكمة. وبدأت في 14 حزيران/يونيو الماضي محاكمة المدونين الخمسة وهم الاماراتيون احمد منصور وناصر احمد خلفان بن غيث وفهد سالم الشحي وحسن علي آل خميس اضافة الى احمد عبد الخالق احمد وهو من البدون. وهؤلاء متهمون باهانة رئيس الامارات وكبار المسؤولين علنا وبالمساس بامن البلاد.

وقد نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش رسالة بعث بها ذوو المتهمين الى رئيس الامارات ونائبه والى ولي عهد ابو ظبي وطلبوا منهم فيها التدخل للافراج عن المتهمين. وجاء في الرسالة "بمناسبة مرور ستة أشهر كاملة علي حبسهم نرفع إلى مقام سموكم الكريم التماسنا هذا"، مؤكدين ان المتهمين تعرضوا ل20 خرقا للمعايير القانونية في اطار اعتقالهم ومحاكمتهم.

وجاء في الرسالة "لقد عانت اسر المعتقلين علي مدى اكثر من 180 يوما من غياب أبنائهم وأزواجهم وآبائهم وإخوانهم خلف قضبان السجن، كما عانى المعتقلون من مرارة السجن وانتهاك حقهم الأساسي في محاكمة عادلة يشهد لها الناس بالعدل والإنصاف يلتزم فيها من بدايتها إلى نهايتها بالمعايير المنصوص عليها في دستور الدولة وقوانينها والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان". واضاف ذوو المتهمين "اننا نتوجه لكم وبما عهدناه فيكم من روح الأبوة والتسامح، ورغبتكم الأكيدة في رفع الظلم والحفاظ على وجه دولتنا العزيزة متألقا ناصعا، واستمرارها واحة للعدل والكرامة، ان توقفوا هذه الانتهاكات الصارخة لحقوق ابنائنا وان تتدخلوا بما لديكم من سلطات في وقف هذه المحاكمة التي لا تتوافق مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، والغاء التهم واطلاق سراح المعتقلين".

مصر تحتجز مدون مضرب عن الطعام

الى ذلك قالت أسرة المدون المصري مايكل نبيل ومنظمة لحقوق الإنسان إن حالته الصحية تتدهور بسبب اضراب عن الطعام بدأه في سجنه يوم 23 أغسطس اب. وحكم على نبيل هذا العام بالسجن ثلاث سنوات أمام محكمة عسكرية لادانته بنشر أخبار كاذبة عن القوات المسلحة المصرية. وكان مقررا أن ينظر الطعن المقدم منه الى المحكمة العسكرية العليا لكن الجلسة تأجلت الى نهاية أكتوبر تشرين الاول الحالي. وقال شقيقه مارك ان القاضي قال ان ملف القضية لم يصل إلى المحكمة.

وقال "مايكل لن يعيش للاسبوع القادم ليحضر الجلسة. لا يمكن أن يعيش. أي طبيب سألناه قال لا يمكن لاحد أن يعيش 43 يوما بدون طعام." وأضاف أن أسرته تسعى للحصول على تصريح زيارة لمايكل لمحاولة اقناعه بانهاء الاضراب عن الطعام. ويعتقد محامي السجين أن التأجيل كان مقصودا. وقال والده ابراهيم نبيل سند لمنظمة العفو الدولية "التأجيل مثل حكم بالاعدام ضد مايكل لانه قال انه سيوقف شرب الماء اذا لم يطلق سراحه اليوم."

ووصفت منظمة مراسلون بلا حدود الحقوقية نبيل (25 عاما) بأنه من "سجناء الضمير" وقالت انه يعاني من مشاكل خطيرة في المسالك البولية وفقر الدم (الانيميا) والجرب. وذكرت المنظمة أنها كتبت للنيابة العامة في القاهرة طلبا في 26 سبتمبر أيلول لزيارة نبيل في السجن لكنها لم تتلق أي رد. وتقول أسرته انه يشرب الماء فقط.

وتتصل ادانة نبيل بمقال كتبه على مدونته زعم فيه أن القوات المسلحة المصرية حاولت قمع المتظاهرين الذين أطاحوا بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير شباط. وألقي القبض على نبيل من منزله بالقاهرة في مارس اذار وحوكم بعد أسبوعين.

وقالت منظمة مراسلون بلا حدود "هذا الطعن هو اخر فرصة أمام السلطات لتظهر التزامها بحقوق الانسان والعدالة والديمقراطية. على المحكمة أن تدرك أنه أدين ظلما في محكمة عسكرية بسبب ارائه ومقالاته." بحسب رويترز.

وقالت منظمة العفو الدولية ومقرها لندن في بيان ان حكام مصر العسكريين يتحملون المسؤولية عن حياة نبيل. وقالت حسيبة صحراوي نائبة مدير المنظمة للشرق الاوسط وشمال افريقيا "يبدو أنه لم يتغير شيء منذ ثورة 25 يناير." وأضافت "لا بد أن تعمل السلطات المصرية سريعا من أجل تخفيف الظلم الذي وقع على هذا المدون الذي باتت حياته في خطر بعد سجنه ظلما."

وتابعت "يتعين ألا يحال المدنيون اطلاقا الى المحاكم العسكرية التي تعتبر أساسا غير عادلة نظرا لانها تحرم المتهمين من ضمانات المحاكمة العادلة ومن بينها ضمانة الاستئناف المناسب" للحكم.

وقال مارك ان مشاجرات وقعت بين الشرطة العسكرية ومحتجين تجمعوا أمام مقر المحكمة لادانة سجن شقيقه وان أحد النشطاء ألقي القبض عليه. ونقص وزن نبيل كثيرا منذ بدأ الاضراب عن الطعام مطالبا بمعاملة مماثلة للنشطاء الذين صدر عفو عنهم من القضاء العسكري.

من جهته قال مذيع برنامج حواري شهير في مصر انه سيوقف تقديم برنامجه حتى اشعار اخر احتجاجا على الضغوط الرقابية المتزايدة بعد عدم اذاعة حلقة عن تعامل الجيش مع احتجاج خلف وراءه 25 قتيلا على الاقل.

وقال يسري فودة في بيان "هذه طريقتي في فرض الرقابة الذاتية.. أن أقول خيرا أو أن أصمت." وكان من المقرر أن يقدم فودة الذي تذيع برنامجه قناة يملكها رجل الاعمال البارز نجيب ساويرس حلقة يستضيف فيها الاديب المصري علاء الاسواني وايضا ابراهيم عيسى مقدم البرامج ورئيس تحرير احدى الصحف يوم الخميس.

ولم يفسر فودة سبب عدم اذاعة الحلقة لكنه تحدث عن وجود "تدهور ملحوظ في حرية الاعلام المهني في مقابل تهاون ملحوظ مع الاسفاف الاعلامي."

وقال في بيانه "فان حقيقة أخرى ازداد وضوحها تدريجيا على مدى الشهور القليلة الماضية تجعلنا نشعر بأن ثمة محاولات حثيثة للابقاء على جوهر النظام الذي خرج الناس لاسقاطه."

وكان من المتوقع أن يعلق ضيفا الحلقة على تصريحات ادلى بها عضوان في المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير امور مصر حاليا في برنامج حواري اخر أذيع يوم الاربعاء ودافعا فيها عن الاجراءات الصارمة التي اتخذها الجيش مع احتجاج في التاسع من اكتوبر تشرين الاول والقيا باللائمة في أعمال العنف على أطراف محرضة.

وأدت الاشتباكات بين المحتجين وكان أغلبهم من الاقباط وقوات من الجيش الى أسوأ اعمال عنف يشهدها الشارع المصري منذ سقوط الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير شباط واثارت عاصفة من الانتقادات للجيش.

ودافع القادة العسكريون عن تصرفات الجيش ونفوا اتهامات اطلقها ناشطون بأن القوات استخدمت الذخيرة الحية او بأن تكون مدرعات الجيش دهست متظاهرين تحت عجلاتها. واتهم ناشطون الاعلام الحكومي بالانحياز الى المجلس العسكري في تغطيته لاعمال العنف والتي دعا فيها المصريين الى النزول الى الشوارع لحماية جيشهم.

وقال فودة الذي يحظى برنامجه بمشاهدة جيدة ويعتبر واحدا من اكثر البرامج استقلالية ان هناك محاولات جرت في الاونة الاخيرة لفرض ضغوط على من يواصلون الدفاع عن اهداف الثورة. وقال في بيانه "وذلك بهدف اجبارهم على التطوع بفرض رقابة ذاتية فيما لا يصح كتمه أو تجميله." وفودة ليس اول صحفي مصري يشكو من الرقابة بعد الانتفاضة الشعبية المصرية.

وبدأت مجموعة من الصحفيين حملة لنشر أعمدتهم الصحفية خالية في الخامس من اكتوبر تشرين الاول احتجاجا على ما وصفوه بتدخل المجلس العسكري في محتوى ما تنشره بعض الصحف.

وارسلت السلطات المصرية تحذيرات الى قناة (أون تي في) حيث يعمل فودة وقناة فضائية اخرى هي قناة دريم في وقت سابق هذا الشهر فيما اعتبره المنتقدون تضييقا على الاعلام قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في 28 نوفمبر تشرين الثاني.

وحذرت الهيئة المصرية العامة للاستثمار والمناطق الحرة (أون تي في) للعودة ببرامجها الى ما يتماشى مع المحتوى الذي حصلت على تصريح انشائها على اساسه. وداهمت الشرطة المصرية مكاتب قناة تابعة لتلفزيون الجزيرة في القاهرة مرتين في سبتمبر أيلول بدعوى عدم حصول القناة على الترخيص السليم.

محكمة مغربية تؤيد سجن الصحفي رشيد نيني

فيما أيدت محكمة استئناف مغربية حكما بالسجن لمدة عام على الصحفي رشيد نيني لانتقاده حملة جهاز الامن لمكافحة الارهاب وما قال انها محاكمات غير عادلة لاسلاميين. وصدر الحكم على نيني -وهو رئيس تحرير صحيفة المساء- في يونيو حزيران بتهم الاساءة الي محكمة ومحاولة التأثير على القضاء ونشر معلومات عن مخالفات جنائية غير حقيقية. ورفضت المحكمة عدة مرات الافراج عنه بكفالة بعد القبض عليه في 28 ابريل نيسان.

وقالت وكالة انباء المغرب العربي الرسمية ان محكمة الاستئناف في الدار البيضاء أيدت الحكم الصادر في يونيو الذي يتضمن ايضا غرامة مالية صغيرة. وذاع اسم نيني (40 عاما) بين المغاربة بعد كتابته مقالات عن فساد منتشر مزعوم في الدوائر الحكومية. وامتنع وزير الاتصال خالد الناصري -الذي تتولى وزارته تنظيم والاشراف على شؤون وسائل الاعلام- عن الادلاء بتعقيب. وقال "لا يمكنني ان أعقب على حكم قضائي." بحسب رويترز.

وانتقد الدفاع محاكمة نيني بتهم جنائية وليس وفقا للقانون الذي ينظم عمل وسائل الاعلام في البلاد. وقال خالد السفياني محامي نيني ان حكم السجن على موكله "يعني حكما بالاعدام على قانون الصحافة في البلاد ويعني ان الصحفيين سيظلون يواجهون اتهامات جنائية عن كتاباتهم."

وقال السفياني "هذه كانت محاكمة سياسية ... انها تظهر ان القضاء بعيد عن أن يكون مستقلا وانه ما زالت هناك خطوط حمراء... امام الصحفيين في المغرب." وكانت منظمة صحفيون بلا حدود قد وصفت الحكم الاول في يونيو بانه "سابقة تفتح الطريق امام انتهاكات كثيرة وسحب قانون الصحافة كأداة قانونية فعالة. نحن نحث المحاكم المغربية على الغاء هذا القرار."

وقالت لجنة الدفاع عن الصحفيين التي مقرها نيويورك ان حكم السجن "حكم مسيس... وهو أحدث مثال على تسوية الحكومة حساباتها مع الصحفيين من خلال هيئة قضائية خاضعة للسلطة التنفيذية." واضافت قائلة "نيني مثال اخر لكيفية استغللا الهيئة القضائية المغربية لكبح حرية الصحافة." ووجهت منظمة العفو الدولية نداء لاطلاق سراح نيني وقالت انها "تعتقد انه يجري استهدافه عن انتقاداته السلمية للسلطات المغربية وتعتبره من سجناء الرأي."

الامن السوداني يحتجز صحفيا اريتريا

اما في السودان فقد اعلن مصدر في المعارضة الاريترية ان سلطات الامن تحتجز الصحافي الاريتري المعارض جمال عثمان همد. وقال المصدر مشترطا عدم الاشارة الي اسمه لاعتبارات امنية "استدعت سلطات الامن السوداني الصحافي جمال عثمان همد المدير السابق للمركز الاريتري للخدمات الاعلامية (وهو موقع اخباري معارض لحكومة الرئيس اسياس افورقي) وحتى الان لم يعد كما ان هاتفه النقال مغلق". واضاف المصدر انه "قد يكون للامر علاقة بالبيان الذي وزعه حزب المؤتمر الاسلامي الاريتري المعارض حول احتجاز السلطات السودانية لرئيس الحزب حسن سلمان منذ (اب) اغسطس الماضي".

واغلقت السلطات السودانية مقر المركز الاريتري للخدمات الاعلامية في الخرطوم عام 2008 عقب تحسن العلاقات السودانية الاريترية كما امرت وقتها المعارضة الاريترية بوقف انشطتها من داخل الاراضي السودانية.

ومؤخرا زار الرئيس الاريتري اسياس افورقي السودان لمدة ثلاثة ايام كما وصل الي مدينة كسلا السودانية القريبة من الحدود مع اريتريا للمشاركة في افتتاح طريق بري يربط السودان واريتريا مع الرئيس السوداني عمر البشير وامير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة.

من جهة أخرى قال رئيس تحرير صحيفة ألوان السودانية المستقلة ان قوات الامن منعت نشر عدد يوم الاحد من الصحيفة. ويضمن الدستور السوداني حرية الصحافة لكن الصحفيين يشكون من تزايد الضغوط منذ استقلال جنوب السودان في يوليو تموز. ويقول بعض الصحفيين انهم يتجنبون توجيه انتقادات في القضايا الحساسة مثل الازمة الاقتصادية او العنف في الولايات الواقعة على الحدود الشمالية.

وأغلقت قوات الامن صحيفة الجريدة المستقلة اليومية الشهر الماضي وصادرت طبعات لصحف أخرى في عدة مناسبات على مدى الاشهر القليلة الماضية وفقا لما ذكره رؤساء تحرير. وقالت صحيفة ألوان يوم الاحد ان قوات الامن وصلت ليل السبت ومنعتها من توزيع عدد الاحد.

وقال رئيس التحرير احمد يونس ان قوات الامن أبلغت الصحيفة بأنه ستتم مصادرة العدد وأضاف أنه حتى الان لا يعلم لماذا فعلت هذا وعبر عن اعتقاده بأنه ربما يكون الهدف هو الضغط على الناشر. وقبل استقلال جنوب السودان بيوم واحد في يوليو تموز علقت الخرطوم صدور ستة صحف لوجود جنوبيين بين ناشريها او أصحابها.

تونس تحقق جنائيا مع قناة تلفزيونية

على صعيد متصل قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي على الحكومة الانتقالية في تونس إلغاء التحقيق المتعلق بقناة تلفزيونية متهمة بـ "التشهير" بالإسلام إثر عرضها لفيلم مثير للجدل. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه يجب على الحكومة الانتقالية احترام حرية التعبير والمصادقة على التنقيحات التي تلغي قانون "التشهير بالأديان".

وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول 2011، قامت مجموعة قوامها أكثر من 200 شخص بالتظاهر أمام المقرالرئيسي لقناة نسمة تي في، إثر قيام هذه القناة الوطنية بعرض فيلم صور متحركة، بعنوان "برسيبوليس"، يوم 7أكتوبر/تشرين الأول، بعد أن تمت دبلجته إلى اللهجة التونسية. وتدور أحداث الفيلم حول طفلة بلغت سن الرشد في جمهورية إيران الإسلامية وفي المنفى في أروبا. وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول، وبعد أن وصلته شكوى، أعلن المدعي العام عن فتح تحقيق حول قناة نسمة تي في بتهمة "التشهير بالإسلام".

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يحق لمُلاك قناة نسمة تي في أن تعرض هذا الفيلم الجاد الذي يناقش أفكاراً هامة. يجب على الحكومة أن تدافع عن ذلك الحق، كما يجب عليها أن تدافع عن حق التونسيين في التظاهر السلمي ضد قناة نسمة".

وبرسيبوليس هو فيلم يشبه السيرة الذاتية ويعتمد على رواية حققت أفضل المبيعات للكاتبة مرجان ساتارابي تتحدث فيه عن طفولتها وبداية سن الكهولة في إيران خلال الثورة الإسلامية وبعدها. ويتضمن الفيلم لقطة تتخيل فيها الطفلة حوارا بينها وبين الله، الذي تم تجسيده في صورة رجل له لحية بيضاء. ويعتبر الكثير من المسلمين تجسيد الذات الإلهية في صورة معينة أمرا محرّمًا.

ولما علم الناس بعزم قناة نسمة على عرض فيلم برسيبوليس، بدأت التعليقات تظهر على شبكة فايسبوك وتندد بالقناة وتدعو إلى التظاهر أمام المقر الرئيسي للقناة يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول. وكانت الشرطة متواجدة في بناية القناة صباح ذلك اليوم ومنعت أغلب المحتجين من الوصول إليها واعتقلت بعضهم.

ونقلت بعض وسائل الإعلام عن مسؤول بوزارة الداخلية أن المحتجين كانوا يحملون أسلحة بيضاء: سكاكين وربما قضبانا حديدية وهراوات. وفي حوار أجراه على القناة الوطنية الحكومية، قال هشام المؤدب، الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، أن الاعتقالات تمت بعد أن قام المتظاهرون بإلقاء الحجارة في طريق قريبة من مكتب القناة.

وقال نبيل القروي، مدير قناة نسمة تي في، لـ هيومن رايتس ووتش: "لقد تلقينا تهديدات على شبكة فايسبوك وعبر البريد الالكتروني" بسبب عرض فيلم برسيبوليس. وتتضمن الشكوى المتعلقة بعرض الفيلم توقيع 144 شخصاً، منهم 131 محاميًا. وبعد تسلّم الشكاية بيومين، أعلن مكتب المدعي العام بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة عن فتح تحقيق جنائي في الموضوع. وتتضمن الشكوى تهمًا ضد مدير قناة نسمة وأشخاص آخرين عملًا بمجلة (قانون) الصحافة والمجلة الجزائية. وتنص مجلة الصحافة في الفصلين (المادتين) 44 و48 على سجن كل من ثبت تورطه في التحريض على كراهية الأديان أو الاعتداء عليها. وينص الفصل 226 مكرر من المجلة الجزائية على الحكم بالسجن على أي شخص يثبت تورطه في الاعتداء "علنا على الأخلاق الحميدة أو الآداب العامة بالإشارة أو القول أو يعمد علنا إلى مضايقة الغير بوجه يُخلّ بالحياء". 

وبينما تدخلت الحكومة بشكل عاجل لحماية مقر قناة نسمة، انتقد عدد من المسؤولين قرار القناة بعرض الفيلم دون التأكيد على حقها في عرضه. وقال هشام المؤدب، الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، للقناة الوطنية إنه يجب الحرص على احترام مشاعر التونسيين المتعلقة بالدين.

وفي نفس السياق أصدرت وزارة الشؤون الدينية بيانا عبرت فيه عن قلقها من تداعيات عرض فيلم "يجسد الذات الإلهية المتعالية" ودعت وسائل الإعلام إلى "احترام العقائد والمقدسات الدينية ووجوب الالتزام بمبادئ السلم الاجتماعية".

وفي 23 سبتمبر/أيلول، صادقت الهيئةالعليا لحماية أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي على مشروع قانون خاص بوسائل الإعلام يلغي جريمة التشهير بالدين وبالمجموعات الدينية والعديد من البنود الأخرى التي تنتهك حرية التعبير عن الرأي. ولكن الحكومة الانتقالية لم تقم بعدُ بتبني هذا القانون الجديد، كما أنه لم تتم مراجعة المجلة الجزائية وهي أيضا تتضمن أحكاما قانونية تعاقب على التشهير بالدين وفصول أخرى لا تحترم حرية التعبير عن الرأي.

وقالت سارة ليا وتسن: "إن فتح تحقيق جنائي ضد قناة نسمة بسبب عرض فيلم برسيبوليس يعطي مثالا آخر على ضرورة إعادة صياغة القوانين التونسية لحماية الحقوق بدلاً من قمعها، وهذه أولوية من أولويات فترة ما بعد بن علي".

وقالت هيومن رايتس ووتش إن القوانين التي تجرّم التشهير بالدين والمجموعات الدينية لا تتناسب مع معايير حرية التعبير عن الرأي. وقد ذكرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في تعليقها العام حول المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي انضمت إليه تونس، على أنه لا يمكن السماح "بمنع مظاهر عدم احترام ديانة أو أي عقيدة أخرى، بما في ذلك قوانين التكفير... بأن يتم استعمالها لمنع أو معاقبة انتقاد القادة الدينيين أو التعليق على مذهب ديني أو تعاليم دينية".

ومنذ خلع الرئيس زين العابدين بن علي في 14 يناير/كانون الثاني، حدثت اعتداءات أخرى على التعبير الفني من طرف مجموعات تدعي العمل تحت راية حماية الإسلام. وفي 26 سبتمبر/أيلول، قام متظاهرون بدخول قاعة سينما أفركارت عنوة في مدينة تونس احتجاجا على عرض فيلم لائكية إن شاء الله، وهو فيلم يتحدث عن الإلحاد وتم عرضه في إطار أمسية ثقافية

وفي حادثة عنف أخرى قد تكون لها علاقة بالتعبير "غير الإسلامي"، قام شخص مجهول بالاعتداء على المخرج السينمائي نوري بوزيد بقضيب حديدي على رأسه في مدينة تونس يوم 18 أبريل/نيسان بعد أن أدلى بتصريح لمحطة إذاعية تونسية دعا فيه إلى اعتماد دستور علماني وتحدث عن فيلمه المقبل الذي يدافع عن الحريات المدنية وينتقد الأصولية الدينية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/تشرين الثاني/2011 - 4/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م