التغيرات المناخية والتقلبات السياسية... صدف أقرب الى القدر!

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: على الرغم من المبادرات المتفائلة التي تشير الى قرب الاتفاق العالمي على حصص انبعاث الغازات السامة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري وما يتبعها من كوارث بيئية مدمرة في انحاء العالم الا ان خبراء اجمعوا على ان الاحتباس الحراري يمكن ان يسبب حربا اهلية عالمية، بزيادة حدة التوتر الكامن بين السكان.

اذ ان المناخ هو اي تغير مؤثر وطويل المدى في معدل حالة الطقس يحدث لمنطقة معينة، معدل حالة الطقس يمكن ان تشمل معدل درجات الحرارة, معدل التساقط وحالة الرياح، هذه التغيرات يمكن ان تحدث بسبب العمليات الديناميكية للارض كالبراكين، أو بسبب قوى خارجية كالتغير في شدة الاشعة الشمسية أو سقوط النيازك الكبيرة، ومؤخراً بسبب نشاطات الإنسان.

لقد أدى التوجه نحو تطوير الصناعة في الاعوام ال150 المنصرمة إلى استخراج وحرق مليارات الاطنان من الوقود الاحفوري لتوليد الطاقة، هذه الأنواع من الموارد الاحفورية اطلقت غازات تحبس الحرارة كثاني أوكسيد الكربون وهي من أهم أسباب تغير المناخ، وتمكنت كميات هذه الغازات من رفع حرارة الكوكب إلى 1.2 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، ولكم ان اردنا تجنب العواقب الاسوأ ينبغي ان نلجم ارتفاع الحرارة الشامل ليبقى دون درجتين مئويتين.

الازمات الإجتماعية

وفي ذات الصدد توصل علماء من جامعة هونج كونج إلى أن المجاعات والحروب والتقلبات السياسية هي نتائج للتغيرات المناخية، وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن العلماء توصلوا تحت إشراف العالم ديفيد شانج إلى هذه النتيجة بعد دراسة أسباب الأزمات الاجتماعية في عصر ما قبل الثورة الصناعية في نصف الكرة الشمالي، ويرى العلماء في دراستهم التي نشروا نتائجها اليوم في مجلة بروسيدنجز التابعة للأكاديمية الأمريكية للعلوم أن تراجع درجة حرارة المناخ يؤدي إلى تراجع المحاصيل الزراعية وارتفاع أسعار السلع الغذائية ما يقود لاحقاً إلى مجاعات وحروب وغير ذلك من الأزمات، ودرس الباحثون تطور المناخ في الفترة بين عامي 1500 و 1800 وربطوا مناخ هذه الفترة بالتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسكانية والاقتصاد الزراعي ومن بين الظواهر التي ركزوا عليها في هذه الفترة حجم المحصول واندلاع الأوبئة والحروب والقلاقل الاجتماعية، حيث رصدوا خلال وجود مرحلتين أكثر دفئاً للمناخ إحداهما في الفترة من عام 1500 حتى عام 1559 والأخرى في الفترة من عام 1661 حتى عام 1800 ثم مرحلة أكثر برودة في الفترة من عام 1560 حتى عام 1660، وتبين الدراسة أنه من حيث المبدأ من الممكن الربط بين جميع الاختلافات التي رصدتها دراستهم و تذبذبات المناخ في هذه الفترة حيث أدى تذبذب المناخ بداية الأمر إلى تغير الإنتاجية الزراعية وما يعنيه من تغير نصيب الفرد من السلع الغذائية ثم حدثت تغيرات اجتماعية بعد فترة تراوحت بين 5 إلى 30 عاماً. بحسب وكالة النباء الالمانية.

وأوضح الباحثون أن الأزمة حدثت نتيجة تراجع وقت الإثمار في الفترات الباردة ما أدى إلى تراجع المحاصيل مع استمرار تزايد عدد السكان في الوقت ذاته ومع تزايد الطلب على السلع الغذائية وتراجع المعروض منها، وأكدت الدراسة أن عدد الحروب ارتفع في الفترة الأكثر برودة بواقع 41% كذلك ارتفع عدد الأوبئة وإصابات الطاعون في هذه الفترة نفسها.

مخاطر متزايدة

في حين حذر مهندسون زراعيون من ان الأوان قد حان لتنويع المحاصيل الحيوية في ظل المخاطر المتزايدة الناجمة عن الجفاف والفيضانات والطفيليات التي يسببها التغير المناخي، فسكان العالم الذين يكاد عددهم يصل إلى سبعة مليارات نسمة يعتمدون بشكل كبير على عشرات المنتجات الزراعية. وبسبب تحديث الزراعة، فإن عدد المنتجات التي تزرع بطريقة مكثفة يبقى محدودا، ومع الارتفاع المتوقع لحرارة الأرض، ستعاني الكثير من هذه المنتجات بسبب المناخ الجاف والأكثر حرا أو على العكس الأكثر رطوبة وتتعرض لحشرات وطفيليات تجد لنفسها بيئة جديدة، ويقول بروس كامبل مدير برنامج الأبحاث المتعلقة بالتغير المناخي والزراعة والأمن الغذائي لوكالة فرانس برس إن "المزارعين لطالما تكيفوا مع الوضع ولكن وتيرة التغير الناجم عن الاحترار المناخي ستكون أسرع بكثير من الماضي، ويشير الخبراء في سلسلة من الدراسات إلى المخاطر التي تهدد منتجات أساسية مثل القمح والذرة والموز، وجاءت البطاطا من بين الأمثلة التي يذكرونها نظرا إلى أن النشاء الذي تحتوي عليه يشكل عنصرا غذائيا أساسيا بالنسبة إلى مئات ملايين الأشخاص. وتتأثر البطاطا سلبا بالحرارة التي تحد من نموها ومن تكون النشاء فيها، ويشكل الاحترار المناخي خطرا على زراعة البطاطا في جنوب افريقيا وفي الهضاب الاستوائية، أما في المناطق الشمالية، فيخشى انتشار الطفيليات مثل عث البطاطا. ولكن العفن البني الذي أدى في الماضي إلى المجاعة في أوروبا سيصبح أقل خطرا، وينبغي استثمار ما لا يقل عن سبعة مليارات دولار إضافية سنويا في الري والأبحاث الزراعية والبنى التحتية الريفية، على ما جاء في كتاب ضخم حول استراتيجيات تكيف المحاصيل مع التغير المناخي ، وبحسب الباحثين، ينبغي أن تضطلع بنوك البذور والمورثات المعروفة، بدور أساسي بغية تنويع المنتجات الزراعية، فتحديد السمات الجينية لبعض النباتات البرية يمكن أن يؤمن مخزونا من الجينات يسمح بمواجهة ظروف أكثر صعوبة، ومن الممكن أيضا اللجوء إلى التعديل الجيني علما أن هذا الخيار لا يحظى بدعم منظمات بيئية كثيرة، وتعتبر هيئة "آي بي سي سي" المعنية بتطور المناخ أن الحرارة على سطح الأرض سترتفع على الأرجح من 1,8 إلى أربع درجات مئوية في القرن الحادي والعشرين، ويقول كامبل إن تداعيات الاحترار المناخي بدأت بالفعل بحسب علماء كثيرين، محذرا من خطر "الانتظار عشر سنوات" قبل تنويع المنتجات الزراعية، ويضيف "هناك نوعان من التغيرات هما ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة وفترات من الحر الشديد والفيضانات. أعتقد أن هذه التغيرات بدأت بالفعل. بحسب فرانس برس.

 ففي البيانات المناخية، هناك أرقام قياسية كثيرة وإن كان من الصعب جدا ربطها بالتغير المناخي، وفي أيلول/سبتمبر 2009، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أنه ينبغي زيادة الانتاج الغذائي بنسبة 70% لسد حاجات سكان العالم الذين يقدر أن يصل عددهم إلى 9,1 مليارات نسمة سنة 2050.

الأمن والسلام

الى ذلك حذر آخيم شتاينر رئيس برنامج البيئة الدولي من أن التغير المناخي قد يشكل تهديدا كبيرا للأمن والسلام في العالم، وقال شتاينر إنه بينما يضاعف التغير المناخي بشدة من نسبة حدوث الكوارث الطبيعية فإنه يهدد في نفس الوقت الأمن في العالم، وكان شتاينر يتحدث في اجتماع لمجلس الأمن الدولي ناقش قضايا البيئة لأول مرة منذ 4 أعوام، وضغطت فيه ألمانيا من أجل أصدار أول بيان عن المجلس يربط التغير المناخي بالأمن والسلام العالميين، ويأتي ذلك بعد إعلان الأمم المتحدة عن حدوث مجاعة في بعض أجزاء الصومال، واستشهد شتاينر بالقحط في الصومال والفيضانات في باكستان كمثالين على ما قد يتسبب فيه التغير المناخي، وقال إن "الأزمات الأخيرة ـ كما في الصومال توضح أن هناك تحديا لقدرتنا على التعامل مع مثل هذه الأحداث خاصة إذا ما تزامنت معا وأخذت تؤثر مثلا على أسواق الغذاء العالمية وقضايا الأمن الغذائي الإقليمية وتتسبب في تهجير الناس وخلق تجمعات لاجئين عبر الحدود، وأشار رئيس برنامج البيئة إلى أسوأ الاحتمالات حيث ترتفع درجة حرارة الأرض 4 درجات بحلول عام 2010 ويرتفع مستوى البحر مترا كاملا بحلول القرن المقبل، وقال شتاينر إنه لا بد أن يكون مؤتمر المناخ المقبل ـ ويعقد في دربان بجنوب إفريقيا حاسما. وأوضح أن على الدول المتقدمة أن تنفذ التزاماتها وعلى الدول الناشئة أن تلعب دورا ولا تقف متفرجة، وقد رفضت روسيا في مداولات اجتماع مجلس الأمن صيغة بيان أيدته الدول الغربية يؤكد وجود صلة بين التغيير المناخي والأمن، ثم وافقت في النهاية على صيغة أخف. بحسب البي بي سي.

وقال ألكسندر بانكين المندوب الروسي في الأمم المتحدة إن لديه بعض الشكوك حول عواقب وضع التغيير المناخي على جدول أعمال مجلس الأمن، واتفق أعضاء مجلس النهاية على نص يتحدث عن العواقب الأمنية المحتملة للتغيير المناخي، ولم يتوصل المجلس إلى اتفاق عام 2007 على أن التغيير المناخي من قضايا السلم الدولي والذي طرحته بريطانيا للبحث حينئذ، وقد أعلنت المجاعة في منطقتين بالصومال بعد أسوأ جفاف تشهده البلاد في 6 عقود، وتعلن حالة المجاعة في منطقة إذا ما تجاوزت نسبة أطفالها الذين يعانون من سوء التغذية الحاد 30%، وتوفي يوميا 4 من بين كل 10 آلاف طفل فيها، وقد تأثر بالأزمة في القرن الإفريقي أكثر من 10 ملايين شخص.

مفاوضات أممية

في سياق متصل ربما كان على الذين ينكرون التغير المناخي، أن يتحدثوا مرة مع كاروتو تيكيتا أو مع أويتيك ناساريان أو مع تشاي ايرقوان. يعيش تيكيتا في جزيرة كيريباتي في المحيط الهادي، وتمتد أرضه بالفعل لمسافة عشرة أمتار في المياه. أما منزل ناساريان في بلدة ياكتوسك في سيبريا فيغوص بشكل مستمر في الماء جراء ذوبان الجليد تحته وهو غارق في الماء بشكل دائم، أما المزارع الصيني ايرقوان فلا يجد حتى نصف كوب ماء شرب على عمق 300 متر في مكان كانت فيه بئر ماء على عمق 30 مترا فقط. هذه ثلاث تجارب تجعل الكثيرين يصابون بالدهشة، ولكن الصور التي التقطها السويسري ماتياس براشلير ومواطنته مونيكا فيشر والتي توجت بجائزة وشهادات الأشخاص الذين يحكون عن معاناتهم في ألبوم الصور الجديد لكل من براشلير وفيشر، والذي يحمل عنوان “مصائر التغير المناخي” فتقدم شهادة متنوعة ومركبة في نفس الوقت على تداعيات التغير المناخي، وذلك من خلال أمثلة من 16 دولة، وتجرى مفاوضات في مدينة بنما حتى نهاية الأسبوع الجاري عن سبل إنجاح مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في مدينة دوربان بجنوب أفريقيا والمقرر في الفترة من الثامن والعشرين من نوفمبر وحتى التاسع من ديسمبر المقبل والإجراءات الملحة الواجب اتخاذها في طريق إبرام معاهدة دولية جديدة لمواجهة ظاهرة التغير المناخي، تدور مباحثات بنما عن كيفية توسيع ما يعرف ببروتوكول كيوتو الذي ينتهي عام 2012 ليشمل جميع العالم، وربما يحمل البروتوكول اسما آخر وقواعد أخرى. وحيث إن دبلوماسية المناخ تسير بخطوات بطيئة للغاية فإن هناك تفكيرا متزايدا بشأن طرق مختلف عليها لمواجهة هذه الظاهرة مثل تخزين ثاني أكسيد الكربون تحت الأرض في مستودعات عملاقة أو حجب إشعاع الشمس من خلال أغبرة، بروتوكول كيوتو هو الإطار القانوني المنظم والوحيد حتى الآن والذي يشتمل على أهداف ملزمة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ولكنه لا يشمل دولا كبيرة معروفة بتلويثها للمناخ بصناعاتها العملاقة وعلى رأسها الولايات المتحدة التي لم تصدق عليه. لذلك فإنه من غير الممكن تحقيق هدف كبح التغير المناخي لكي لا يتجاوز درجتين مئويتين إلا من خلال اتفاقية أكثر شمولا من كيوتو، ولكن مراقبين لا يتوقعون أن تتخلى الولايات المتحدة في دوربان عن موقفها الرافض لإبرام مثل هذه الاتفاقية وذلك بسبب الموقف السياسي والانتخابات الرئاسية في أميركا العام المقبل. لذلك قال وزير البيئة الألماني نوربرت روتجن مؤخرا:”لن نستطيع حل المشكلة بمفردنا، وأشار الوزير الألماني خلال حوار المناخ في قصر بيترسبرج بالقرب من برلين إلى أن أوروبا تتسبب فقط في 15% من انبعاثات الغازات الاحتباسية وقال إن ألمانيا ستكون رائدة في خفض هذه الانبعاثات بنسبة 40% حتى عام 2020. كما بدأت تداعيات التغير المناخي تظهر بشكل ملموس على دول شمال أفريقيا. وقال مدير إحدى المدارس في ألاسكا في كتاب “مصائر التغير المناخي” إن قريته تغوص في الماء بشكل حقيقي جراء الذوبان المستمر للجليد مضيفا:”لا أعتقد أن من الممكن أن يعاد توطيننا، إذا نزحنا من هنا فلن نظل إحدى مجموعات الإسكيمو، أما سكوت سوتون، فيعاني من مشكلة ترفية وهي عدم توفر العشب جراء نضوب الماء في منطقة وايلد هورس في مدينة لاس فيجاس الأميركية مما يهدد حسب قوله إلى أن تصبح المنطقة قاحلة. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

لذلك فإن مكتب ترشيد المياه في جنوب نيفادا يعطي مكافأة دولار على كل قدم مربعة يتم إزالتها من أندية الجولف، ولكن مزارع العنب الأسباني ميجويل توريس الذي ارتفعت درجة حرارة الجو بواقع درجة مئوية خلال الأربعين سنة الماضية في جبال العنب التي يزرع فيها أجبر هو الآخر على تغيير طرق زراعته. وعلى سباح الإنقاذ الإيطالي مارسيلو بلاتي أن يرى عند ارتفاع درجة حرارة الجو إلى 46 درجة مئوية أن بشرته لا تستطيع التكيف مع هذه الحرارة التي لم يعهدها حتى الآن. ويبدو أن مراحل العواصف المتداخلة وكذلك البطاطس التي تنبت في غير أوقاتها في سلسلة جبال الأنديز في بيرو بأميركا الجنوبية ومواسم المطر في أوقات غير معهودة حتى الآن هي شهود صامتة على التغيرات التي لا يعرف أحد ما إذا كان من الممكن إعادتها لأصلها أم لا، الفقراء هم أكثر من يعاني من تداعيات ارتفاع درجة حرارة الأرض خارج الدول الغربية، وذلك رغم أنهم أقل من ساهم في حدوثها.

انقسام عالمي

على صعيد نفسنه باتت الدول الفقيرة تسعى لمد بروتوكول كيوتو والدول الغنية تريد اتفاقا أوسع نطاق، تهدد خطة جديدة للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بإثارة نزاع بين الدول الغنية والفقيرة، وقد يواجه تنفيذها صعوبات بينما يتجادل مفاوضون بشأن مصير بروتوكول كيوتو، ويغطي بروتوكول كيوتو الصادر عام 1997 الانبعاثات من الدول الغنية فقط، وتمثل أقل من ثلث التلوث الكربوني الناجم عن الأنشطة الإنسانية، ومن المقرر أن تنتهي المرحلة الأولى من البروتوكول بحلول نهاية 2012، وتريد الدول الأفقر مد العمل به، بينما يقول عدد كبير من الدول الغنية إن ثمة حاجة لاتفاق أوسع نطاقا يشمل جميع الدول الأكثر تلويثا للبيئة، واقترحت أستراليا والنرويج إجراء مفاوضات بشأن التوصل لاتفاق جديد، ولكنها تقول إن من غير الواقعي أن يكون معدا بحلول عام 2013. وحددا موعدا مستهدفا بعد عامين في 2015، وقال مفاوض بارز من دولة متقدمة، رفض نشر اسمه لحساسية المحادثات عن الاقتراح الأسترالي - النرويجي: «إنه السبيل الوحيد للمضي قدما. ما من سبيل آخر سوى الفشل، وتصر الدول النامية على مد العمل ببروتوكول كيوتو لإلزام الدول المتقدمة بخفض أكبر لانبعاثات الكربون، وتقاوم بشدة أي محاولة لتنحية الاتفاق جانبا، وهو ما يعني أن الخطة الأسترالية - النرويجية ستواجه صعوبات، وقد يقود الفشل في إبرام اتفاق جديد للمناخ إلى اكتفاء الدول بالالتزام بخطوات طوعية، من المستبعد أن توقف التغيرات المناخية، مما يهدد بمزيد من موجات الجفاف الشديد والفيضانات والأعاصير وتلف المحاصيل. كما تضعف جهود وضع سياسات صارمة للترويج لوقود أنظف وطاقة صديقة للبيئة، ويدعو الاقتراح الاقتصاديات الكبرى لسرعة تعزيز خطوات لخفض الانبعاثات، والاتفاق على سبيل لوضع معايير للتحرك ونظام للمقارنة مع ما يطبقه الآخرون والتحقق منه، وفشلت محادثات مناخية استمرت طويلا، قادتها الأمم المتحدة، في التوصل لاتفاق في الموعد المحدد في 2009، على أن يبدأ تطبيقه في 2013، ويواجه مؤتمر في دربان بجنوب أفريقيا ضغوطا لمباشرة التفاوض بشأن اتفاقية جديدة، وبينما يتجادل المفاوضون تشير بيانات إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض مع استمرار تنامي الانبعاثات، لا سيما من الدول النامية الكبيرة، نتيجة حرق كميات أكبر من الفحم والوقود والغاز، ويتوقع علماء أن تصير فيضانات مماثلة لتلك التي شردت الملايين في باكستان العام الماضي، واجتاحت مناطق في أستراليا أكثر شيوعا، إلى جانب أعاصير أعنف فوق الأطلسي وحرائق، وذكرت خدمة الأرصاد الجوية الوطنية الأميركية في منتصف أغسطس (آب) الماضي، أن خسائر الولايات المتحدة بلغت مليارات الدولارات بالفعل بسبب الكوارث الجوية، مثلما حدث في سنوات سابقة، وقدرت الفاتورة الإجمالية للفيضانات والأعاصير وموجات الحر العام الحالي بـ35 مليار دولار، ولا يشمل المبلغ مليارات الدولارات من خسائر وللإغاثة من الكوارث تكبدتها الولايات المتحدة من الإعصار آيرين الذي ضرب البلاد في أواخر أغسطس، ويسلط كل ذلك الضوء على خفض الانبعاثات في أكبر الاقتصاديات في العالم وحقيقة أنها غير كافية. وحين جرى الاتفاق على بروتوكول كيوتو كانت انبعاثات الدول الأفقر أقل بكثير، ولكن الانبعاثات في الدول المتقدمة تتضاءل أمامها الآن.

على الأقل ينبغي أن تعيد المحادثات الثقة في أن بوسع الدول بذل المزيد من الجهد لمكافحة ارتفاع درجة حرارة الأرض، وقال مفاوض بارز: «ينبغي أن نبتعد عن هذه الدورة السنوية لما سنقوم بتحقيقه، والاتجاه لإطار زمني أكثر واقعية لتوقيت التوصل لاتفاق جديد. أشعر أن جميع المفاوضين يوافقون على ذلك، هذا واضح، وسيكون الاقتراح الأسترالي النرويجي محور محادثات ترأسها الأمم المتحدة في بنما، الأسبوع الحالي، وهي آخر جولة قبل مؤتمر دربان، وقال الاتحاد الأوروبي إنه يقر الاقتراح إلى حد بعيد، وقال آرتر رونغ ميتزغر، كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي بشأن المناخ، متحدثا عن الاقتراح: يحاول دفع مفاوضات المناخ العالمية خلال السنوات المقبلة، نعتقد أنه جدول زمني يبدو قابلا للتنفيذ.

وأضاف أن من المهم أن يقر اجتماع دربان إطار عمل جديدا بشأن المناخ لجميع الدول، مشيرا للولايات المتحدة والاقتصاديات النامية الكبرى بصفة خاصة، وينبعث نحو ربع حجم الانبعاثات الغازية الملوثة للجو من الصين، وهي الدولة الأكبر على مستوى العالم في هذا الصدد. وتتحدث الحكومة عن خطوات مثل تحسين كفاءة الطاقة، ومواصفات وقود السيارات، ولكنها جميعا طوعية، ومن شأن الاقتراح أن يثير انقساما بين الدول النامية، وتريد الدول الأكثر عرضة للتغيرات المناخية، مثل الجزر المنخفضة عن مستوى سطح البحر المعرضة لخطر ارتفاع منسوب مياه البحار والفيضانات وانكماش إمدادات المياه العذبة، تحركا أسرع من كبريات الدول المسببة للتلوث وتشعر أن كيوتو هي السبيل، وقال ايان فري، كبير مفاوضي المناخ من جزيرة توفالو في المحيط الهادي، لـرويترز إنه الاقتراح يرجئ التحرك الفعلي لمعالجة تغيرات المناخ، ولن يعجب الدول المهددة. إنه هدية للولايات المتحدة، كما تقاوم الهند ثالث أكبر دولة تطلق انبعاثات كربونية الاقتراح. بحسب رويترز.

وقال مسؤول هندي على دراية بالمفاوضات العالمية، رفض نشر اسمه: مثل هذه الخطة تستبعد كيوتو وتعيد رسم أسس التفاوض. لماذا ينبغي أن توافق الدول النامية، ولم تصدق الولايات المتحدة، ثاني أكبر دولة تسبب تلوث الجو، على بروتوكول كيوتو قط، ووصفته بأنه معيب لأنه لا يلزم الدول النامية الكبرى بتحقيق مستويات خفض للانبعاثات ملزمة قانونا.

وقال تود ستيرن، كبير مفاوضي المناخ الأميركيين، في تصريحات لوسائل الإعلام في الآونة الأخيرة ينبغي أن يطبق اتفاق قانوني بنفس القوة القانونية على الدول النامية الكبرى على الأقل، وهذا يعني الصين والهند والبرازيل وغيرها. وأضاف أن هذا يعني عدم وجود ثغرات أو شروط لتنفيذ هذه التعهدات، يتوقع علماء أن تصير فيضانات مماثلة لتلك التي شردت الملايين في باكستان العام الماضي واجتاحت مناطق في أستراليا أكثر شيوعا إلى جانب أعاصير أعنف فوق الأطلسي وحرائق، ينبعث نحو ربع حجم الانبعاثات الغازية الملوثة من الصين، وهي الدولة الأكبر على مستوى العالم في هذا الصدد.

الأوروبيون مرعوبون

بينما كشفت صحيفة (جارديان) البريطانية عن استطلاع رأى أجرته مؤسسة "يوروباروميتر" مؤخرا يقول بأن تغير المناخ يمثل ثانى أكبر مشكلة فى العالم بعد الفقر، وأن المخاطر الناجمة عن تغير المناخ تشكل أكثر خطورة من الأزمة الاقتصادية الحالية، ووجد الاستطلاع أن غالبية الجمهور فى دول الاتحاد الأوروبى ينظرون إلى ظاهرة الاحتباس الحرارى بأنها واحدة من مشاكل العالم الأكثر خطورة، مع نسبة الخمس من الرأى العام يقولون بأنها هى بالفعل المشكلة الأكثر خطورة وليس غيرها، وأوضحت الصحيفة أن الاستطلاع استنتج فى النهاية أن تغير المناخ يمثل القضية الثانية الأكثر خطورة التى تواجه العالم، بعد الفقر الذى جاء فى المرتبة الأولى فى الرأى العام الأوروبى، وذكرت الصحيفة أن الرأى العام القائل بأن تغير المناخ بوصفه مشكلة خطيرة للغاية قد ارتفع بشكل طفيف من 64% فى عام 2009، إلى 68% هذا العام، ولفت الاستطلاع إلى أن هناك منافع اقتصادية لمعالجة تغير المناخ، حيث إن التعامل مع هذه المشكلة يوفر دفعة اقتصادية ويخلق فرص عمل جديدة، على حد قول الصحيفة، قالت كونى هيديجارد، مفوضة لجنة الاتحاد الأوروبى للمناخ: "هذه أنباء مشجعة، حيث يُظهر الاستطلاع أن مواطنى أوروبا يرون الأزمة الاقتصادية بأنها ليست التحدى الوحيد الذى نواجهه، ويتوقع الغالبية العظمى من المواطنين مخاطبة قاداتهم وساساتهم للأزمة المناخية الحالية قريبا، وأضافت هيديجارد قائلة: "إنه من اللافت للنظر أن الرأى العام الأوروبى الحالى أكثر قلقا بشأن تغير المناخ أكثر مما كانوا عليه أثناء انعقاد قمة كوبنهاجن حول تغير المناخ فى العالم أواخر عام 2009، وتابعت هيديجارد قائلة: "إن حقيقة أن أكثر من ثلاثة من أصل أربعة أوروبيين يرون تحسين كفاءة استخدام الطاقة كوسيلة لخلق فرص عمل لهو إشارة قوية لصناع القرار فى أوروبا باتخاذ الخطوات اللازمة تجاه معالجة أزمة تغير المناخ، وأرى أن هذا الاستطلاع يشجعنا نحن المفوضين فى اللجنة على مواصلة العمل من أجل اتخاذ إجراءات التأثيرات المباشرة

على صعيد اخر توقع تقرير أوروبي عن التغير المناخي حدوث أمراض وفيضانات وبطالة، جرّاء التأثير المنتظر لظاهرة التغير المناخي على المحيطات. التقرير، يتضمن نتائج أكثر من بحث موله الاتحاد الأوروبي، ويقع في نحو 200 صفحة، وسيعلن، في العاصمة البلجيكية والأوروبية بروكسل، عن مدى تأثير هذه الظاهرة على البشر. كارلو هايب، من مشروع «كليمر» الأوروبي البحثي عن البحار، قال إن التقرير يختصر كل ما هو قيم ومفيد عن أبحاث التغير المناخي في وثيقة واحدة. وأعد الخبراء المشاركون، إلى جانب التقرير، كتابا وفيلما تسجيليا واستطلاعا للرأي، ويصف التقرير الخطر الذي يهدد البشرية جراء الأمراض التي تنقلها البكتيريا، والتي تزداد انتشارا في المياه الآخذة حرارتها في الارتفاع، والتي يمكن أن تتسبب في أمراض مثل الكوليرا. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

كذلك يؤثر الارتفاع المطرد في درجة حرارة المياه على سلوك الأسماك، حسب التقرير، إذ تفضل أنواع كثيرة من الأسماك الانتقال إلى أماكن بعيدة ذات درجة حرارة أدنى في شمال الكرة الأرضية لتبقى في جنوبها أسماك أصغر حجما، ما من شأنه التأثير سلبا على دخل الصيادين هناك.

طموحة وملموسة تجاه تغير المناخ فى أوروبا.

الدخل القومي

فيما يقول التقرير إن درجات الحرارة المرتفعة قد تتسبب في موت الغابات، والفيضانات في المناطق الساحلية المنخفضة، افاد تقرير اسهمت الحكومة الكندية في دعمه بأن التأثير السلبي للتغير المناخي قد يكلف كندا ما يعادل 1% من اجمالي ناتجها القومي بحلول 2050 ونسبة 2.5% بحلول عام 2075، وتقول التقديرات بالاعتماد على انبعاثات غاز الكربون عالميا والاقتصاد والنمو السكاني، إن الاضرار يمكن أن تصل إلى ما قيمته 41 مليار دولار كندي 20 مليار دولار امريكي، التقرير إن درجات الحرارة المرتفعة قد تتسبب في موت الغابات، والفيضانات في المناطق الساحلية المنخفضة وانتشار الامراض، ونفت اللجنة المشرفة على التقرير امكانية استفادة كندا من ارتفاع درجات الحرارة عالميا، وقالت اللجنة الوطنية الكندية للطاولة المستديرة عن البيئة والاقتصاد (NRTEE) إن التغير المناخي يمثل عبئا اقتصاديا طويل الامد ومتناميا بالنسبة لكندا، واقترح التقرير الواقع في 162 صفحة اجراءات من بينها تشجيع حماية الغابات من الحرائق والسيطرة على الاوبئة وبذل الجهود لتعزيز نمو الاشجار القادرة على التأقلم مع الظروف المناخية المتغيرة.

واوصت اللجنة ايضا بتحديد أعمال البناء في المناطق الساحلية المنخفضة المعرضة للفيضانات وتطوير تقنيات لتقليل التلوث وبطء تراكم الاوزون، وتضيف إن الكلف المتعلقة بالمناخ في كندا قد تزيد من 5 مليارات دولار كندي في عام 2020 الى ما بين 21 و 34 مليار دولار كندي بحلول عام 2050.

ويوضح التقرير إن هذه الارقام تعتمد على تنسيق فعل عالمي لتقليل ارتفاع درجة الحرارة في العالم درجتين مئوية بحلول عام 2050. بحسب البي بي سي.

وقد استخدمت نتائج التقرير من قبل السياسيين المعارضين الذين يرون أن على الحكومة المحافظة أن تبذل أكثر في مواجهة خطر ارتفاع الحرارة عالميا، ويفيد التقرير ايضا ان هناك الكثير مما يمكن ان تربحه كندا من معاهدة دولية باسلوب معاهدة كيوتو لتخفيض انبعاثات غاز الكربون بعد 2012.

الجوع في المحيط الهادي

الى ذلك حذر تقرير صادر عن بنك التنمية الآسيوي أمس من أن التغيرات المناخية التي يشهدها العالم حالياً يمكن أن تؤثر بشدة على إنتاج الغذاء في منطقة المحيط الهادي، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى زيادة معدلات الجوع وسوء التغذية في هذه المنطقة، وحث التقرير دول منطقة آسيا على زيادة إنتاجها الغذائي، خاصة من المحاصيل المقاومة للتغيرات المناخية مثل القلقاس والبطاطا والكاسافا واستخدام تقنيات جديدة لتحسين أنظمة الإنتاج التقليدية. وذكر التقرير، الصادر تحت عنوان “الأمن الغذائي والتغير المناخي في منطقة المحيط الهادي إعادة تفكير وخيارات، أن منطقة المحيط الهادي تواجه بالفعل أزمة تآكل السواحل والفيضانات والجفاف والعواصف القوية نتيجة التغير المناخي، وقال محفوظ الدين، أحد كبار خبراء الاقتصاد في إدارة المحيط الهادي بالبنك، إن ارتفاع درجات الحرارة وزيادة منسوب المد نتيجة التغير المناخي يمكن أن يقللا إمدادات الغذاء في منطقة المحيط الهادي. “ومع وجود أكثر من 10 ملايين نسمة في المنطقة فإن هذا يعني وجود خطر لا يمكننا تجاهله”. وأضاف أنه يجب زيادة الاستثمارات في الأبحاث الزراعية والتطوير، إلى جانب التدريب في مجالات مثل تربية النباتات وإدارة الموارد. وقال إن “المجتمعات تحتاج إلى العمل معاً لإيجاد أفضل الطرق لتبني التغييرات الزراعية المطلوبة وعلى الدول العمل معاً ومع المنظمات الإقليمية. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

كما أشار التقرير إلى أن تحسين نظم إدارة المصائد الساحلية يمكن أن يكون أيضاً إحدى وسائل تحسين الأمن الغذائي في المنطقة. وأشار التقرير إلى أن الإنتاجية الزراعية في منطقة المحيط الهادي تراجعت خلال الـ45 عاماً الماضية على الرغم من نمو عدد السكان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 31/تشرين الأول/2011 - 3/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م