في حوار مع المصور محمد آل تاجر

اركز دائما ًعلى فلسفة ان الصورة تحمل زمنا ُ متنقلا ً

حاوره: هادي الربيعي

 

شبكة النبأ: محمد آل تاجر موهبة كبيرة وحين أقول كبيرة فأنا اعرف حجم المسؤولية التي اتحملها، استهواه التصوير الفوتوغرافي فأبحر فيه الى ابعد المديات، ساهم في معارض عالمية معروفة وساهم في معارض اخرى على مستوى الداخل والوطن العربي،حاز على العديد من الجوائز المهمة واشتق له طريقا خاصا أكد فيه بصمته الخاصة في عالم التصوير الفوتوغرافي حين حاول ان يؤاخي بين اللوحة كنتاج ابداعي يدوي وبين الصورة التي حاول ان يقربها من عالم اللوحة بحيث تتماهى الخطوط بين اللوحة والصورة وفي هذا اللقاء احب ان اقرب لكم تجربة هذا المبدع الكبير من خلال هذا اللقاء الخاص معه.

- كيف توهجت شرارة الإبداع في التصوير الفوتوغرافي؟

* البداية كانت في عام 1965 اذ أنشأت مختبرا ً شخصيا ً لطباعة الصور بالأسود والأبيض وقد أعجبت بمصورين عراقيين وكان بينهم من خلق علاقة خاصة بين العدسة والإنسان وعلى رأسهم مراد الداغستاني وكان هذا المصور الكبير هو الدافع الأكبر لي لأن أتوجه الى عالم العدسة وهو الذي حقق المعادلة التي أشرت لها وهي خلق علاقة خاصة بين عدسة الكاميرا والانسان وفي عام 1986 كان انتمائي لجمعية المصورين العراقيين متزامنا ً مع دخولي الى أكاديمية الفنون الجميلة لدراسة فن التشكيل ومن هنا بدأت محاولة تجربة تحويل الصورة الضوئية الى لوحة تشكيلية وقد أثار اعجابي الفنان فؤاد شاكر في مرحلة الثمانينات في تجاربه الجريئة في محاولة خلق حالة من التجديد والتحديث في عالم الصورة الضوئية بالرغم من الإمكانيات الفقيرة حينذاك ومن وجهة نظري الفنية كان فؤاد شاكر يقدم أعمالا ترقى الى العالمية في حدود تقديرات التصوير الفوتوغرافي الحالي وكانت تجربة اول معرض شخصي لي في عام 1987 تجربة لها ألاثر الكبير في تقويم الأداء الفني والمهني كون المعرض اقيم في وسط تشكيلي وكان تقييم الأداء من قبل فنانين تشكيليين والقليل من المصورين ومنهم استاذي المرحوم الدكتور عبد السادة والدكتور فاخر محمد والدكتور عاصم عبد الأمير وغيرهم من الأساتذة في تلك المرحلة وكل هذا ساهم في تعميق مجرى تواصلي على طريق بناء الصورة الضوئية والتعامل معها على اعتبارها لوحة تشكيلية.

- ماذا تريد ان تقول للعالم من خلال العدسة؟

* أنا أركز دائماً على فلسفة ان الصورة تحتوي على زمن متنقل ومكان متغيرأي انني ضد فكرة ان الصورة هي صيد لحظة ثابتة من الزمن، هذا المفهوم قد يكون لزاما ً ضمن حدود التصوير الصحفي أو التصوير التوثيقي وصولا الى البورتريت،فهناك خلق للتمازج بين مكونات اللوحة ومكونات الصورة ( الإطار، اللون، الضوء، حركة المكونات وحتى خلفية الصورة ) وعملية انتقال الجسد من مكان لأخر ضمن حركة اخرى لعدة مفردات تحيط بهذا الجسد، تخلق حالة من الرؤية للمتلقي تجعله ينتقل مع حركة هذا الجسد ضمن ما هو محيط ٌ به، أي اننا حققنا زمنا متغيرا لهذا الجسد ومكانا متغيرا في صورة ضوئية ثابتة.

- هل أنت في طريقك لوضع ملامح نهائية لمدرسة معينة في التصوير الفوتوغرافي على مستوى العراق على الأقل؟

* اعتادت ضوابط المسابقات في العراق على وضع ضوابط كلاسيكية لا ترقى الى مستوى الضوابط العالمية في قبول نمط الحداثة في الصورة وهذا ما زال ساري المفعول حتى الآن في الوقت الذي توجهت فيه المسابقات الدولية بل وحتى المسابقات العربية بعد عام 2000 الى وضع نمط فني تبنَّى كل التجارب الحديثة في انتاج الصورة EXPERMENTAIL - - حتى وصل الحال بمن تخصص في هكذا اتجاه الى خلق حالة من المحاكاة بين الصورة والتيارات الفنية المعروفة للوحة التشكيلية والمقصود هنا التجريد والسريالية وخلق ألوان تحاكي الوان المدرسة الإنطباعية وغيرها مع ملاحظة ان أصل المفردة في هذه ا الإتجاهات الحديثة هي مفردة ضوئية وقد تم استخدام التقنيات الحديثة في التصوير لإنتاج لوحات الأبستراك والتصوير فائق السرعة او التصوير المايكروي وكل هذه الأنواع اعتمدت على استخدام الكومبيوتر في اعادة صناعة اللون مع المحافظة على الشكل حتى يبقى المنتج في النهاية محتفظاً بأصله كصورة.

وكان هذا احد الأسباب لعدم مشاركتي في أية تجربة محلية على مستوى المحافظات أو العاصمة محاولا انتاج خط فني أميز به أعمالي ومحاولا الوصول بها الى التجربة العالمية فكان هناك معرض مشترك مع أربعة فنانين هم ألن جيغنوس من بريطانيا، ناديت دي فيسر من هولندا، ماجد شلاّ من فلسطين، وألين بيوسات من ألمانيا، أقيم هذا المعرض في العاصمة الأردنية عمان سنة 2006 وقد قدمت في هذا المعرض تجربتي الفنية الحقيقية ضمن ما ذكرناه سابقا ً في محاولة الرقي بالصورة الضوئية الى مفهوم اللوحة وقد أخذ هذا المعرض صدى مهما وواسعا في الأوساط الفنية والثقافية والعربية والعالمية في حينه ومن ثم ترشحت كأول فنان عراقي يشارك في أهم معرض أوربي سنوي يقام في مدينة لينز في النمسا وقد حصلت على شهادة تم بموجبها الاعتراف بي كأول مشارك من منطقة الشرق الأوسط والعراق في هذا المعرض الذي يعد أهم معرض للصورة الفوتوغرافية في أوربا والذي يتبنى جميع التيارات والاتجاهات المحدثة في فن الصورة

- ضمن مواصفات أعمالك التي نعتبرها ابداعية هل يعني هذا ابتعادك عن المسار الطبيعي للحركة الفوتوغرافية؟

* كم هو الحال في الفن التشكيلي الرسم، النحت، الجرافيك يجب على الفنان بعد اتقانه القواعد الكلاسيكية الصارمة في انشاء خطوط الوجه والجسد وغيرها واجادته اللون والتشكيل وفهمه للعناصر المكونة للعمل الفني، ان يحقق حالة تكاد تكون قريبة للكمال ومن ثم ينتقل الى الرؤية الذاتية في التعامل مع هذه المكونات للانتقال بها من حالتها الطبيعية الى الحداثة ويجب على المصور أيضا ان يتقن أداءه في التعامل مع الكاميرا الفلمية أو الرقمية وان يكون ملما بكل ما من شأنه ان يكون أساسا ً لإنتاج صورة فوتوغرافية ترقى الى مستوى مقبول في التعامل مع الكادر ومكوناته – الأجسام، اللون، الخلفية، الضوء، الظلال – وهذا لا يعني ان عدم الإنتقال الى التحديث هو عيب في الأداء بل هي غالبا ما تكون رغبة ترضي ذات الفنان نفسه في طرح ما يصوره خياله ممزوجا ً بروح الإبداع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 31/تشرين الأول/2011 - 3/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م