
شبكة النبأ: تسعة أشهر من الاحتجاجات
الدامية لم تقنع سلطان البحرين وعائلته المالكة بضرورة تلبية مطالب
الإصلاح، بل تشير المعطيات الواردة من تلك الدولة الصغيرة التي يحتضنها
الخليج ان الأمور تسير نحو الأسوأ يوما بعد يوم، يعزز من تعنت الحكومة
البحرينية في استمرارها بقمع الشعب المنتفض صمت عربي ودولي أشعر الجميع
بالخزي.
فيما وردت بعض المطالبات الخجولة من بعض الدول لا تتناسب مع حجم ما
يحدث من انتهاكات ممنهجة من قبل الأجهزة الأمنية التي تساندها بعض
القطعات العسكرية القادمة من السعودية، الجارة الغربية التي باتت تنتهك
سيادة البحرين بشكل سافر.
الا ان الاصرار الذي بدت عليه الحركات المعارضة فندت آمال السلطة
بإحتواء أزمة الحكم عبر سياسة الاستنزاف التي تمارسها اتجاه الشعب
البحريني، خصوصا بعد ان عجزت معظم وسائل الترهيب والترغيب في كبح رغبة
المحتجين.
المعارضة تتعهد بمواصلة الاحتجاجات
فقد تعهدت أحزاب المعارضة في البحرين بمواصلة التجمعات والمسيرات
السلمية للمطالبة باصلاحات ديمقراطية ووصفوا بلادهم بأنها دولة بوليسية
لا تختلف كثيرا عن مصر أو تونس قبل انتفاضات الربيع العربي.
وأصدرت خمس كتل سياسية اعلان، منها حركة الوفاق الوطني الاسلامية
وحزب وعد العلماني وجاء فيه ان دور أسرة ال خليفة الحاكمة يجب أن يكون
"الحكم دون السلطة" في نظام ملكي دستوري.
وما زالت الاضطرابات مستمرة في البحرين بعد شهور من استعانة الاسرة
الحاكمة بقوات من دول حليفة مثل المملكة العربية السعودية والامارات
العربية المتحدة للمساعدة على القضاء على حركة الاحتجاج التي قالت
السلطات ان ايران هي التي أذكتها وان لها دوافع طائفية شيعية.
وتقول الحكومة ان الاشتباكات الليلية التي تحدث بين الشرطة وسكان
قرى شيعية وغيرها من أشكال العصيان المدني تضر بالاقتصاد. وقررت الكثير
من الشركات الخروج من البحرين والتمركز في دول خليجية اخرى.
وأدانت محكمة عسكرية 21 شخصية من المعارضة ونشطاء حقوق الانسان
قادوا الاحتجاجات بتهمة محاولة الاطاحة بنظام الحكم. وحكم على ثمانية
منهم بالسجن المؤبد منهم ابراهيم شريف زعيم حزب وعد وهو سني. بحسب
رويترز.
وقالت وثيقة المنامة "كانت المعارضة وما زالت تعتمد الاسلوب السلمي
في المطالبة بالتحول الى الديمقراطية في البحرين وتعتمد برنامج عمل
يقوم على عدة محاور منها...المسيرات والاعتصامات السلمية استنادا الى
الحق المقرر في الاعلان العالمي لحقوق الانسان." ودعت الوثيقة الى حوار
مباشر بين الحكومة وأحزاب المعارضة بضمانات دولية.
وأطلق ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى "الحوار الوطني" الذي استمر
شهرا في يوليو تموز لكن حركة الوفاق -التي حصلت على 18 مقعدا من بين 40
مقعدا برلمانيا في انتخابات 2010- خصص لها عدد محدود من المقاعد
فانسحبت.
وأدى الحوار الى اصلاح الحكومة لسلطات البرلمان لاتاحة سلطات أكبر
للنواب في محاسبة الوزراء. لكن الوثيقة قالت ان المعارضة تطالب بحكومة
منتخبة والغاء مجلس الشورى الذي يعين أعضاؤه. ويعتقد أن رئيس وزراء
البحرين الشيخ خليفة بن سلمان عم الملك هو أقدم رئيس وزراء في العالم
اذ انه يشغل هذا المنصب منذ عام 1971 . وأضافت الوثيقة "في ظل هذه
الحكومة غير المنتخبة والمستمرة تحت رئيس وزراء واحد منذ الاستقلال
تحولت ملكية الاراضي والسواحل والشواطئ والبحار بنسبة تصل الى 80 في
المئة الى ملكيات خاصة لكبار أفراد العائلة المالكة الكريمة وكبار
المنفذين."
وقالت ان هذا بالتالي أدى الى "مشكلة فقدان الدولة للاراضي
لاستخدامها في المشاريع الاسكانية ومشاريع البلدية والمشاريع التعليمية
والصحية والصناعية وغيرها من متطلبات الدولة وغيرها مما كشفه تقرير
أملاك الدولة العامة والخاصة."
ووصفت الوثيقة البحرين بأنها "دولة أمنية" وقالت "الواقع البحريني
شبيه بأي دولة غير ديمقراطية فهو نسخة من تونس زين العابدين ومصر مبارك
واليمن علي عبدالله صالح وأي دولة تفتقد الى النظام الديمقراطي العادل."
وأطاحت احتجاجات في يناير كانون الثاني بالرئيس التونسي زين
العابدين بن علي وفي فبراير شباط بالرئيس المصري حسني مبارك. وما زال
الرئيس اليمني علي عبد الله صالح يتمسك بالسلطة بعد تسعة أشهر من
الاحتجاجات.
وتقول الحكومة ان الديمقراطية في البحرين يجب ان يكون لها طابع
ملائم للمنطقة وليس بالضرورة أن تكون مماثلة للانظمة في دول أخرى. وقال
بيان من هيئة شؤون الاعلام "الحكم الديمقراطي في البحرين لابد أن
يتناسب مع طبيعة الثقافة والتراث البحريني."
امام محكمة استئناف
في سياق متصل مثل عشرين كادرا طبيا من اطباء وموظفي مجمع السلمانية
الطبي في المنامة محكومين بعقوبات قاسية بالسجن على خلفية الحركة
الاحتجادية في المملكة، امام محكمة استئناف مدنية بعد ان كانت السلطة
وعدت بمحاكمة جديدة.
وكانت السلطات اعلنت في الخامس من تشرين الاول/اكتوبر ان النائب
العام امر باقامة محاكمة جديدة امام محكمة مدنية للمتهمين الذين حكمت
عليهم محكمة السلامة الوطنية الابتدائية، هي محكمة استثنائية، بالسجن
ما بين خمس سنوات و15 سنة. وقالت الطبيبة ندى ضيف المحكومة بالسجن 15
عاما لوكالة فرانس برس "انها محاكمة في الاستئناف وليست محاكمة جديدة".
وقرر النائب العام خلال الجلسة اليوم اسقاط تهمة التحريض على
الكراهية وبث اخبار كاذبة، الا انه ابقى على تهمتي حيازة الاسلحة
والتحريض على اسقاط النظام بسبل غير مشروعة. وقالت ضيف انه "تم اسقاط
التهم الاقل اهمية وابقي على التهم الاكبر".
وعن الاعلان السابق للسلطات حول اجراء محاكمة جديدة، قال القيادي في
المعارضة الشيعية والنائب السابق مطر مطر "كان ذلك اعلانا خاطئا
لامتصاص الانتقادات الدولية. ليس هناك اعادة محاكمة". بحسب فرانس برس.
وذكر بدوره انه تم اسقاط بعض التهم لكنه قال ان "التهم التي اسقطت
ليست اكبر تهم، وقد تم الابقاء على التهم التي تنص على اقسى عقوبات".
واشار ايضا الى ان النيابة العام تنازلت عن الاعترافات القديمة وسيتم
الاخذ بادلة جديدة.
واصدرت محكمة السلامة الوطنية الابتدائية في 29 ايلول/سبتمبر احكاما
بالسجن بين خمس سنوات و15 سنة على المتهمين العشرين الذين كانوا يعلمون
في مركز السلمانية الطبي الذي شكل مركزا مهما للحركة الاحتجاجية التي
قادها الشيعة والتي طالبت بالتغيير في المملكة.
الحكومة تعترف
من جهتها اعترفت حكومة البحرين بارتكاب قوات الأمن انتهاكات لحقوق
الإنسان بحق المتظاهرين الذين شاركوا في احتجاجات مطالبة بالديمقراطية
في وقت سابق من العام الجاري ولكنها نفت في الوقت ذاته أن تكون هذه
الانتهاكات ممنهجة. وأشارت الحكومة إلى أنه كانت هناك تجاوزات من قبل
المحتجين أيضا.
وصرحت وزيرة الصحة وحقوق الإنسان البحرينية فاطمة البلوشي لبي بي سي
قائلة إن الحكومة تعترف بوقوع انتهاكات لحقوق الإنسان ضد المشاركين في
الاحتجاجات في وقت سابق من العام الجاري ولكن هذه الانتهاكات لم تكن
ممنهجة . وأضافت كانت هناك انتهاكات لحقوق الإنسان وهي أخطاء تعترف بها
الحكومة ولكن هذه الأخطاء لم تكن من جانب الحكومة فقط ولكن من جانب
المتظاهرين أيضا . ومن المقرر أن تقدم اللجنة الخاصة بالتحقيق في
الانتهاكات التي عينها ملك البحرين تقريرها في نهاية الشهر الجاري.
وبحثت اللجنة في حوالي 8 آلاف شكوى مقدمة من بينها اتهامات بالتعذيب
والاغتصاب. ويقول مراسل بي بي سي للشؤون الأمنية فرانك غاردنر إن
البحرين أصبحت على أعتاب نقطة فاصلة، ففي نهاية الشهر الجاري ستقدم
لجنة التحقيق المستقلة التي تضم شخصيات دولية جديرة بالاحترام تقريرها
بعد دراسة آلاف الشكاوى . وأضاف أعضاء هذه اللجنة أعلنوا أن الحكومة
أعطتهم الحرية الكاملة ولم تتدخل في عملهم .
وأوضح المراسل أن هناك مخاوف تنتاب كتلة المعارضة الشيعية التي
تطالب بالمساواة من أن تقوم اللجنة بتبرئة الحكومة وتستمر حالة التمييز
ضدهم .
حقوق الانسان
الى ذلك حثت الولايات المتحدة البحرين على الوفاء بتعهداتها لمعالجة
أي انتهاكات لحقوق الانسان قد تكون ارتكبت اثناء حملة شنتها الحكومة
على احتجاجات مطالبة بالديمقراطية في وقت سابق من هذا العام.
وقالت وزارة الخارجية الامريكية ان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون
ناقشت "النطاق الكامل لقضايا حقوق الانسان" مع وزير الخارجية البحريني
الزائر الشيخ خالد بن احمد ال خليفة. ولا تزال التوترات تعكر صفو
البحرين بعد ان استدعت الاسرة السنية الحاكمة قوات من حليفيها السعودية
والامارات العربية للمساعدة في سحق حركة احتجاجية يقولون انها بتحريض
من ايران وذات دوافع طائفية شيعية.
واثناء الاجتماع أكدت كلينتون أهمية لجنة مستقلة من المنتظر ان تقدم
تقريرا عن الاضطرابات وان تجري تقييما بشان هل حدثت انتهاكات لحقوق
الانسان وترفع توصيات الي الاسرة الحاكمة في البحرين التي تستضيف
الاسطول الخامس الامريكي. وتأجل تقرير اللجنة الي 23 نوفمبر تشرين
الثاني.
وقالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية
للصحفيين بعد الاجتماع "وزير الخارجية طمأنها (كلينتون) الي ان الحكومة
ستأخذ التقرير بجدية شديدة وانها ستنشيء لجنة للتنفيذ." واضافت نولاند
ان كلينتون أكدت أن "هذه لجنة مهمة جدا. وحقيقة ان تكون مستقلة وان
يكون عملها شفافا ليس مهما للبحرين فقط بل ايضا لقضية الاصلاح في ارجاء
تلك المنطقة."
وتحاول واشنطن تفادي اتهامات بانها ساندت انتفاضات مطالبة
بالديمقراطية في دول عربية اخرى بينما تتغاضى عن الحملة التي تساندها
السعودية على الاحتجاجات في البحرين. بحسب رويترز.
وفي وقت سابق من هذا الشهر أبلغت وزارة الخارجية مشرعين امريكيين
انها قررت تأجيل صفقة مزمعة قيمتها 53 مليون دولار لبيع اسلحة الي
البحرين انتظارا لنتيجة التحقيق في انتهاكات مزعومة لحقوق الانسان منذ
أن بدأت الانتفاضة في الجزيرة في فبراير شباط.
صفقة اسلحة
من جانب آخر قال مسؤولون أمريكيون إن حكومة الرئيس باراك أوباما
أبلغت الكونجرس أنها ستؤجل صفقة مزمعة بقيمة 53 مليون دولار لبيع اسلحة
للبحرين -وهي حليف خليجي مهم- الى حين صدور نتائج تحقيق محلي في
انتهاكات مزعومة لحقوق الانسان منذ الانتفاضة التي نشبت في فبراير شباط.
وتتسم المسألة بالحساسية بسبب المصالح الامنية الامريكية في البحرين
مقر القيادة البحرية الامريكية في منطقة الخليج منذ أكثر من 60 عاما
ومحور لجهود الولايات المتحدة لردع ايران.
وقالت وزارة الخارجية الامريكية في رد بتاريخ 14 من أكتوبر تشرين
الاول على اعضاء في الكونجرس انها سترجيء الصفقة حتى يمكنها استعراض
نتائج "لجنة تحقيق مستقلة" شكلتها البحرين ومن المقرر ان تقدم تقريرها
الى ملك البحرين في 30 من أكتوبر. واضافت الوزارة قولها انها تتوقع ان
اعلان التقرير قريبا. وستقوم الوزارة بعد ذلك بتقييم جهود الحكومة
لتنفيذ التوصيات وعمل "الاصلاحات المطلوبة."
وقال ديفيد ادامز مساعد وزيرة الخارجية الامريكية للشؤون التشريعية
في رسالة الى السناتور رون وايدن واخرين عبروا عن تحفظات على الصفقة
وتوقيتها "سنقوم بتقييم هذه العوامل ونتشاور مع الكونجرس الامريكي قبل
المضي قدما في خطوات اضافية" متصلة بصفقة الاسلحة المقترحة التي عرضت
على الكونجرس في 14 من سبتمبر أيلول.
وكان وايدن والنائب جيمس ماكجفرن -وكلاهما ديمقراطي- قدما مشروعات
قوانين تمنع الصفقة "حتى يتم اتخاذ خطوات ملموسة لتحسين اوضاع حقوق
الانسان" هناك. بحسب رويترز.
واستحسن السناتور بوب كيسي -وهو من المشرعين الذين أثاروا مثل هذه
المخاوف مع وزارة الخارجية- قرار تأجيل الصفقة. وقال في تصريح لرويترز
ان اتمام صفقة الاسلحة مع البحرين في الظروف الحالية اذا حدث "فسوف
يضعف مصداقية الولايات المتحدة في وقت حرج للانتقال الديمقراطي في
الشرق الاوسط." |