هل العراق بحاجة الى " قانون كلير" البريطاني؟

مهند حبيب السماوي

استبشرت المنظمات المدافعة عن حقوق النساء خيراً بعد أن كشفت صحيفة الديلي ميل البريطانية، الاربعاء 26- 1-2011، عن خبر يقول " أن المرأة الآن تمتلك الحق في معرفة فيما اذا كان صديقها لديه تاريخ من السلوك العدائي الشخصي"، وهو قانون جديد سوف يتم مناقشته في البرلمان البريطاني قريباً.

هذا القانون يدعى قانون قانون كلير "Clare’s Law " وهي تسمية جاءت نسبة الى أمراة بريطانية تدعي "كلير وود" عمرها 36 سنة كان قد تعرفت على رجل يدعى جورج ابيلتون من خلال الفيسبوك من غير ان تعلم ان له سلوك عدائي ضد المرأة، وقد حدثت بينهما علاقة ثم بدأت بعد ذلك تكتشف انه عنيف وعدائي فتركته فاذا به يقوم بمضايقتها ثم اخيرا قام بخنقها وحرقها في كانون الثاني عام 2009 في مدينة سالفورد، ثم بعد ستة ايام حينما تم اكتشاف جثة كلير وجد القاتل ابيلتون مشنوقا في حانة مهجورة !.

هذا القانون في حقيقته هو نسخة معدلة من قانون سارة Sarah’s Law’ " وهي الحملة الناجحة التي مُنح على إثرها الوالدين الحق في الكشف والفحص عن من لديهم ميولاً جنسية شاذة نحو الأطفال paedophiles في منطقتهم، وهي قضية وحملة أثيرت بعد ان قُتلت طالبة مدرسة تدعى "سارة باين" على يد "روي ويتنك" في مدينة سوسكس الانكليزية عام 2000.

يُبنى قانون كلير على قاعدتين يمكن أن تشكلان بنائه الجوهري....الأولى قاعدة حق المعرفة 'right to know'...وفيه يتم منح الشرطة سلطة وحق الكشف عن معلومات متعلقة بالرجل العنيف مع النساء بل وحتى تنبيه الأسرة على صفات هذا الرجل.اما القاعدة الثانية فهي حق السؤال 'right to ask' وفيه تُمنح المرأة حق الاستفسار من الشرطة عن أي شخص من اجل ضمان انه لا يملك تاريخ سيء من التعامل السلوكي العنيف مع النساء.

لا يمكن، من دون أدنى شك، الا ان نصف هذا القانون بانه من القوانين الجيدة التي يمكن ان تكشف المرأة من خلالها حقيقة الرجل الذي يتودد لها ويبتغي ان يقيم معها علاقة خصوصا مع اتساع وظهور التعارف ال" انترنيت "ي او الonline والذي يسهل من خلاله خداع المرأة ولا تكون فيه صورة الرجل، وحتى المرأة أيضا، مكشوفة وصريحة فتختبئ كلا الشخصيتين خلف جهاز الحاسوب وتدعي وتزعم وتعطي لنفسها صفات وفضائل ربما لا تكون حقيقية.

فائدة هذا القانون لا يمكن ان تنحصر بالمرأة فقط ولا جغرافيا في بريطانيا فحسب..بل يمكن ان يطبق على وضع العراق الحالي وما يعانيه من مشكلات، تكاد تكون بنيوية، تتعلق بالإرهاب والفساد فضلاً عن السخف والتخبط الفكري لبعض أحزابه السياسية التي مافتئت مناكفاتها ونزاعاتها مادة دسمة يستمد منها الإرهابيون عزمهم وإرادتهم الخبيثة للفتك بالشعب العراقي.

أن تطبيق هذا القانون يمكن أن يصب في مصلحة هذا البلد ويعود على مستقبل شعبه وفقراءه بالخير الوفير والصالح العام.فـ" قانون كلير العراقي" يأتي في هذا الوقت كحاجة ماسة وعلى خلفية ما وصل إليه حال البلاد من انحدار وانحطاط وتدهور حقيقي على الصعيدين السياسي والأمني نتيجة الخلافات والتناحرات والمناكفات التي تجري على قدم وساق بين الكتل والأحزاب السياسية التي لم تتفق لحد الآن على شكل واحد ومنهج صائب لإدارة الدولة.

لذلك لا تستطيع وصف الحكومة بأنها حكومة أغلبية سياسية تأخذ على عاتقها إدارة البلاد وتتحمل بالتالي وحدها المسؤولية، ولا هي حكومة مشاركة حقيقية لأنه لا توجد أصلا حكومة مشاركة بالمعنى الحقيقي لكلمة مشاركة!.

قانون كلير سيكون بنسخته العراقية تحت أسم " قانون المواطن العراقي"، إذ المواطن هنا رديف الضحية السيدة "كلير وود"، أما الجاني ومن سبب مأساة هذا المواطن فهو الإرهاب والفساد والسلوك الشائن للكتل السياسية التي لم تف بما وعدت ولم تَصدق بكلمتها،ولم تمنح المواطن ما كان تقوله تصريحاتها إثناء الحملات الانتخابية.

وهكذا يعرّي " قانون المواطن العراقي" السياسي قبل أن ينتخبه حينما يكشف عن تاريخه وسلوكه وتصرفاته السابقة وعلاقته بجماعات العنف والإرهاب فضلا عن ملفاته فيما يتعلق بالفساد الادراي والمالي..وحينها يعرف المواطن العراقي الجواب الحقيقي عن سؤال.. هل كان هذا السياسي متلوثاً بالإرهاب والفساد ؟.

قانون " المواطن العراقي" سوف تكون له فؤاد عدة يمكن ان نجملها بما يلي:

الفائدة الأولى: ان المواطن العراقي سوف يتأكد من مصداقية السياسي قبل ان ينتخبه ويوصله الى البرلمان.

الفائدة الثانية: ان المواطن سوف يكون متحملاً لكافة المسؤولية المترتبة على إيصال أشخاص معينين الى البرلمان.

الفائدة الثالثة: ان السياسيين ممن يمتلكون ماضي سيء متلطخ بالعنف او الفساد سوف لن يحصلوا على مقاعد في البرلمان ولن يكونوا ممثلين عن الشعب.

الفائدة الرابعة: ان السياسي سوف يفكر الف مرة قبل ان يمارس أي نوع من أنواع الإرهاب او الفساد من حيث ان سلوكه وتصرفه سوف لن تمر بدون عقاب.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 30/تشرين الأول/2011 - 2/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م