العنصرية وشفرة التعريف الثقافي

إعداد: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: رغم كل المنجزات على الصعيد السياسي او الاقتصادي وحتى الاجتماعي في مكافحة العنصرية ومحاولة اجتثاثها الا انها تبرز بين فترة وأخرى مستفيدة من عدد من العوامل التي تساهم في إخراجها من قمقمها.

ولعل ذلك يعود الى تجذرها الراسخ على المستوى الثقافي (أدب – فلسفة – ثقافة شعبية – فنون متنوعة) الذي عسيرا ما يمكن التغلب على رسوخ مفردات واليات عمله داخل الوعي الجمعي لاي مجتمع من المجتمعات... تأخذ العنصرية عدة اشكال وتمظهرات عامة مثل (عنصرية جنسية - عنصرية عمرية-عنصرية صنفية- عنصرية دينية).

او تاخذ اشكالا خاصة مثل العنصرية الاجتماعية وتتمحور حول (رهاب المثلية - رهاب مغيري الجنس (ترانسفوبيا) - بيفوبيا - قدرية - حجمية – طولية- رشدية - كره النساء - كره الرجال – شكلية - فوبيا التقدم بالسن - طبقية – نخبوية).

والعنصرية (أو التمييز العرقي) (بالإنجليزية: Racism‏) كما تعرفها موسوعة ويكبيديا الالكترونية هي الإعتقاد بأن هناك فروق وعناصر موروثة بطبائع الناس و/أو قدراتهم وعزوها لإنتمائم لجماعة أو لعرق ما - بغض النظر عن كيفية تعريف مفهوم العرق - وبالتالي تبرير معاملة الأفراد المنتمين لهذه الجماعة بشكل مختلف إجتماعيا وقانونيا.

كما يستخدم المصطلح للإشارة إلى الممارسات التي يتم من خلالها معاملة مجموعة معينة من البشر بشكل مختلف ويتم تبيرير هذا التمييز بالمعاملة باللجوء التعميمات المبنية على الصور النمطية وباللجوء إلى تلفيقات علمية.

وفي قاموس أميركان هيرَتيتج: (الاعتقاد بأن السلالة أو العنصر أو العرق هو المسؤول عن الفروق في الشخصية أو القدرة وأن سلالةً بعينها تتفوق على السلالات الأخرى. التمييز أو التحيز القائم على السلالة أو العنصر).

وعند ميريام- ويبستر: (الاعتقاد بأن السلالة أو العنصر أو العرق هو المحدد الأساسي للسمات والمواهب الإنسانية وأن الفروق السلالية أو العنصرية تؤدي إلى التفوق الفطري لسلالة أو لعنصر بعينه. التحيز أو التمييز السلالي أو العنصري).

اما قاموس أوكسفرد قيعرفها على الشكل التالي: (الاعتقاد أن لكل سلالة أو عنصر خصائص وقدرات وصفات نوعية. التمييز ضد أو كراهية الأجناس الأخرى).

أولئك الذين ينفون أن يكون هناك مثل هذه الصفات الموروثة (صفات إجتماعية وثقافية غير شخصية) يعتبرون أي فرق في المعاملة بين الناس على أساس وجود فروق من هذا النوع أنه تمييز عنصري. بعض الذين يقولون بوجود مثل هذه الفروق الموروثة يقولون أيضا بأن هناك جماعات أو أعراق أدنى منزلة من جماعات أو أعراق أخرى. وفي حالة المؤسسة العنصرية، أو العنصرية المنهجية، فإن مجموعات معينة قد تحرم حقوقا و/أو إمتيازات، أو تؤثر في المعاملة على حساب أخرى.

بالرغم من أن التمييز العنصري يستند في كثير من الأحوال إلى فروق جسمانية بين المجموعات المختلفة، ولكن قد يتم التمييز عنصريا ضد أي شخص على أسس إثنية أو ثقافية، دون أن يكون لديه صفات جسمانية. وبحسب إعلان الأمم المتحدة، فإنه لا فرق بين التمييز العنصري والتمييز الإثني أو العرقي.

هناك بعض الدلائل أن تعريف العنصرية تغير عبر الزمن، وأن التعريفات الأولى للعنصرية إشتملت على إعتقاد بسيط بأن البشر مقسمون إلى أعراق منفصلة. يرفض جل علماء الأحياء، وإخصيائو علم الإنسان وعلم الإجتماع هذا التقسيم مفضلين تقسيمات أخرى أكثر تحديدا و/أو خاضعة لمعايير يمكن إثباتها بالتجربة، مثل التقسيم الجغرافي، الإثنية، أو ماضي فيه قدر وافر من زيجات الأقارب.

في الأيام الأخيرة وبعد سلسلة من مباريات كرة القدم في عدد من الدوريات الأوربية عادت العنصرية لتطل بوجهها من جديد، فبعد الاتهامات التي وجهها مدافع مانشستر يونايتد باتريس إيفرا للويس سواريز مهاجم ليفربول بتوجيهه له عبارات عنصرية، خرجت بعض الصحف الإسبانية لتكشف عن توجيه نجم وسط برشلونة سيسك فابريجاس لألفاظ عنصرية لمهاجم إشبيلية عمر كانوتيه في لقاء الفريقين.

الأمر لم يتوقف في الأيام الماضية عند تلك الحالتين لكن قائد تشيلسي جون تيري دخل هو الآخر قفص الاتهام حيث ذكرت الشرطة البريطانية "سكوتلانديارد" أنها ستجري تحقيقًا مع اللاعب لاتهامه بالعنصرية ضد مدافع كوينز بارك رينجرز أنتون فرديناند في مباراة الفريقين الاخيرة.

بالعودة الى الوراء وتحديدا الى المانيا وبروز العنصرية في اشد حالاتها اعتقد العنصريون بأن الميزات الموروثة بيولجياً هي التي تحدد سلوك الإنسان.وأكدت النظريات العنصرية أن الدم هو العامل المحدد لهوية الشعوب العرقية وناقشت أن الخصائص الفطرية الموروثة هي المسئولة عن تحديد السلوك البشري.

 لقد قيمت تلك النظريات الإنسان ليس على أساس تفرده بل على أساس انتمائه فقط إلى(أمة عرقية موحدة). وقد ساند العديد من المفكرين بما في ذلك علماء التفكير العنصري دون أساس علمي لذلك. أثر المفكرون العنصريون في القرن التاسع عشر من أمثال (هوسطن ستيوارد شمبرلين) تأثيرًا ملحوظًا على العديد من أبناء جيل أدولف هتلر.

كانت العنصرية، خاصة عنصرية معاداة السامية والمآسي بسبب كراهية اليهود المرتكزة على نظريات بيولوجية خاطئة جزءاً لا يتجزأ من الاشتراكية الوطنية الألمانية. فقد فهم النظام النازي تاريخ البشرية على أنه تاريخ صراع بيولوجي محدد بين الأجناس. فقد ادعى النظام النازي أن الحركات السياسة مثل الماركسية والشيوعية والنزعات السلمية والحركات الدولية ما هي إلا حركات ضد الوطنية وتعكس خطر عنصري على أساس الفكر اليهودي. أسست قوات الأمن الخاصة(SS) في 1931 مكتب الجاليات والأجناس لإجراء أبحاث ولتحديد الأزواج المناسبين لأعضاء قوات الأمن الخاصة (SS). وبعد صعود الحزب النازي إلى الحكم أصدرت قوات الأمن الخاصة (SS) (قوانين نورمبرخ) في عام 1935 والتي بالفرض حددت شفرة التعريف البيولوجي لليهود.

حسب النظرية النازية للأجناس يصنَف الألمان والأوربيون الشماليون كجنس آري ومتفوق. وأثناء الحرب قام الأطباء النازيون بإجراء تجارب طبية زائفة تسعى للحصول على دليل على تفوق الجنس الآري على الأجناس الغير الآرية. وعلى الرغم من قتل عدد غير محدود من الأسرى غير الآريين أثناء القيام بهذه التجارب لم يستطع النازيون الحصول على دليل يدعم نظرياتهم حول الاختلافات العنصرية البيولوجية بين البشر.

نظر النازيون العنصريون إلى المرضى المصابين بمرض عقلي أو نفسي على أنهم عائق أمام تطور الجنس الأوربي المتفوق. هؤلاء هم خطر بيولوجي على نقاء الجنس الآري. وبعد تخطيط دقيق وتجميع للبيانات في الستة أشهر الأخيرة لعام 1939 بدأ الأطباء الألمان في قتل نزلاء المصحات العقلية في أنحاء البلاد في عملية أطلقوا عليها بلغة مهذبة (القتل الرحيم).

وأثناء الحرب العالمية الثانية قامت قيادة القوات النازية بإجراء ما أطلقوا علية (التطهير العرقي) في المناطق الشرقية المحتلة في بولندا والاتحاد السوفيتي. وتضمنت هذه السياسة قتل وإبادة (أجناس) من الأعداء بما في ذلك الإبادة الجماعية ليهود أوروبا وتدمير قيادة الشعوب السلافية. نتج عن العنصرية النازية موت على صعيد غير مسبوق.

تأخذ العنصرية احيانا اشكالا متنوعة من السياسات التمييزية عبر عدد من القوانين والتشريعات القوانين والتشريعات مثل (العزل العنصري/عرقي/اثني /جنسي/ ديني - أبارتيد -الخط الأحمر - معسكر اعتقال).. والتي شهد العالم الكثير من تجلياتها في عدد من البلدان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 27/تشرين الأول/2011 - 29/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م