الربيع العربي... تغيير مكلف ومستقبل غامض

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: مع هبوب ريح التغيير العربي من تونس الخضراء ليتسع نطاقها ويمتد أثرها إلى اغلب الأقطار العربية ليقلب كراسي اعتى دكتاتوريات العالم، وتصبح بذلك "إي الثورات العربية" من أرقى وأوضح الأمثلة المدللة على إرادة الشعوب في تغيير المصير والأجندات ورفض الظلم والاستبداد، وقد راقب العالم باهتمام بالغ تلك الثورات والانتفاضات التي ألهبت حماسة الجميع، حيث وصل مدى التأثير العربي إلى العديد من دول العالم في أسيا وأوربا وأمريكا اللاتينية، كما اختلفت نظرة تلك الشعوب إلى العرب بعد أن التصقت بهم تهمة الإرهاب والتشدد والخنوع، لتتحول إلى الإعجاب والتقدير والاحترام، حتى باتت الثورات العربية "والتي ما زالت تحوي في جعبتها الكثير" محل التقييم والدراسة بعد ان غيرت وجه الوطن العربي وربما خارطة العالم إذا لم يضيق عليها خناق المؤامرات.

تكلفة الربيع العربي

فقد ذكر تقرير أن الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت الشرق الاوسط هذا العام كلفت البلدان الاشد تضررا أكثر من 55 مليار دولار لكن الدول المنتجة للنفط استفادت من ارتفاع أسعار الخام بسبب الاضطرابات، وأظهر تحليل احصائي لبيانات صندوق النقد الدولي أعدته مؤسسة جيوبوليسيتي لاستشارات المخاطر السياسية أن البلدان التي شهدت المواجهات الاكثر دموية وهي ليبيا وسوريا تحملت العبء الاقتصادي الاكبر تليها مصر وتونس والبحرين واليمن، وشهدت هذه الدول محو 20.6 مليار دولار من ناتجها المحلي الاجمالي وتاكلت ماليتها العامة بقيمة 35.3 مليار دولار اضافية مع تراجع الايرادات وارتفاع التكاليف، لكن نظرا لان الدول الرئيسية المنتجة للنفط مثل الامارات العربية المتحدة والسعودية والكويت لم تشهد احتجاجات كبيرة "وذلك في الاغلب عن طريق زيادة المنح بفضل ارتفاع أسعار النفط" فان ناتجها المحلي الاجمالي نم، وقفزت أسعار النفط من نحو 90 دولارا لبرميل خام برنت في مطلع العام الى نحو 130 دولارا في مايو ايار ثم تراجعت الى نحو 113 دولارا مؤخر، وقال التقرير "نتيجة لذلك كانت تداعيات الربيع العربي في المنطقة العربية بوجه عام متباينة لكنها ايجابية من حيث المحصلة الاجمالية"، وذكر أن الانتاجية الاجمالية للمنطقة زادت حوالي 38.9 مليار دولار في العام حتى سبتمبر أيلول، ويبدو أن ليبيا هي الاشد تضررا اذ توقف النشاط الاقتصادي في أنحاء البلاد بما فيه صادرات النفط وهو ما كلف البلاد ما يقدر بنحو 7.7 مليار دولار من الناتج المحلي الاجمالي أو أكثر من 28 بالمئة، وتقدر التكاليف الاجمالية على الميزانية بنحو 6.5 مليار دولار. بحسب رويترز.

وفي مصر التهمت تسعة أشهر من الاضطرابات نحو 4.2 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي مع ارتفاع الانفاق العام الى 5.5 مليار دولار وتراجع الايرادات العامة بمقدار 75 مليون دولار.وفي سوريا التي استمرت فيها الاحتجاجات طيلة العام في مواجهة حملة قمع دموية يصعب تقدير التداعيات لكن المؤشرات الاولية تشير الى أن التكلفة الاجمالية على الاقتصاد السوري تبلغ نحو ستة مليارات دولار أو 4.5 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي، وذكر التقرير أن نسبة اليمنيين تحت خط الفقر من المتوقع أن ترتفع الى أكثر من 15 بالمئة بسبب انخفاض قيمة العملة واستمرار الاضطرابات لفترة طويلة، وتقدر التكلفة الاجمالية على الاقتصاد بنحو 6.3 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي مع تحمل الميزانية 858 مليون دولار أو 44.9 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي، وفقدت تونس التي شهدت أول الاحتجاجات في نهاية عام 2010 نحو ملياري دولار من الناتج المحلي الاجمالي أي نحو 5.2 بالمئة مع تأثرها بتداعيات سلبية في كل القطاعات الاقتصادية تقريبا بما فيها السياحة والتعدين والفوسفات والصيد، وزادت الحكومة التونسية الانفاق بنحو 746 مليون دولار مما زاد العجز في الميزانية بنحو 489 مليون دولار، وقال التقرير ان قيمة المنح الجديدة التي أعلنتها السعودية وبرنامج الاستثمارات العامة واسع النطاق تقدر بما يصل الى 30 مليار دولار وربما يعتبرها حكام المملكة طريقة لتفادي الاصلاح الحقيقي، لكن ارتفاع أسعار النفط والانتاج ساعد على تعزيز الناتج المحلي الاجمالي بأكثر من خمسة مليارات دولار وزاد الايرادات العامة بمقدار 60.9 مليار دولار، وفي البحرين ساعد النفط على تخفيف تداعيات أسابيع من الاحتجاجات اذ جاء التراجع في الناتج المحلي الاجمالي منخفضا نسبيا وبلغ نحو 2.77 بالمئة، وارتفع الانفاق العام بنحو 2.1 مليار دولار وهو ما يرجع جزئيا الى تحويلات نقدية بقيمة 2660 دولارا لكل عائلة، وقال التقرير ان أيا من هذه الخطوات لا يعالج الاسباب الاساسية للاحتجاجات، وأضاف أن الحل الافضل هو دعم دولي أوسع نطاقا من خلال مجموعة العشرين أو الامم المتحدة بهدف تطبيق اصلاح أوسع نطاقا.

الانتفاضات العربية في خطر

بدوره قال رئيس لجنة نوبل النرويجية بعد منح جائزة السلام لثلاث نساء ان الانتفاضات العربية تواجه خطر الاختطاف على يد زعماء من الطراز القديم وانه يتعين عدم استبعاد النساء، وفاز بجائزة نوبل للسلام هذا العام النشطة اليمنية المدافعة عن الديمقراطية توكل كرمان ورئيسة ليبيريا الين جونسون سيرليف ومواطنتها ليما جبووي، ونفى توربيورن ياجلاند تدخل اللجنة في السياسة الليبيرية من خلال تكريم جونسون سيرليف التي تسعى للحصول على فترة رئاسية ثانية، وقال "لا نقوم بالدعاية لها في الانتخابات لكننا نكرمها على ما فعلته في ليبيريا باسم السلام، نترك الامر للشعب الليبيري، أنا واثق من أن بامكانها مواصلة (عملها) حتى لو لم تتم اعادة انتخابها"، وأضاف ياجلاند أن الانتفاضات الشعبية في شمال افريقيا والشرق الاوسط سيكون مصيرها الفشل اذا لم تكن المرأة جزءا من العملية الديمقراطية وانه يتعين على الحكام الذين وصفهم بالمستبدين في سوريا واليمن وغيرهما من الدول التنحي على الفور، وقال "اشعر بالقلق بشان ما يجري في العديد من هذه الدول، من المهم الان الا تتعرض الثورات للاختطاف على يد الذين كانوا في السلطة"، واضاف "يتعين ان يكون لدينا نظام جديد للحكم قائم على اساس المساواة في المشاركة في برلمان منتخب"، وقال ياجلاند ان جائزة نوبل للسلام هذا العام كانت "رسالة واضحة" لمن يحاولون بناء ديمقراطية في العالم العربي بأنه يتعين اشراك النساء في العملية"، وأضاف "ليس بامكانك تحقيق الرفاهية والرخاء بدون اشراك نصف السكان"، وخص بالذكر ما قال انه استخدام الاسلام لقمع حقوق النساء في العالم العربي، وقال "يستخدم الدين لاستبعاد النساء ويتعين ألا يكون الامر كذلك. لا يمكن ان يستبعد اي دين النساء، نصف المجتمع". بحسب رويترز.

واضاف "قمع النساء باسم الرب ليس سببه الدين، لكن الدين يستخدم لتأمين هياكل السلطة المستبدة القديمة، يساء استخدام الدين لاغراض سياسية"، وقال ان كرمان تظهر أن المسلمات لسن تهديدا للديمقراطية، واضاف "لا أتفق مع وجهة النظر هذه، انها (كرمان) تثبت أن الاسلام وحرية المرأة يمكن أن يلتقيا"، وحث ياجلاند وهو رئيس وزراء نرويجي سابق الرئيسين اليمني علي عبد الله صالح والسوري بشار الاسد على التنحي فورا لانقاذ بلديهما من كارثة، وقال "كل هؤلاء الزعماء، ويتعين أن ينظروا الى التاريخ، لا يمكنهما الافلات من أشد قوة للتحول في العالم وهي السعي للحرية وحقوق الانسان"، واضاف "لا يمكننا تجنبه، واذا حاولت أن تتجنبها فانك توجه بلدك نحو كارثة كما هو الحال في سوريا"، واوضح "كيف يمكن للاسد أن يحافظ على سلطته بقتل الناس، بامكانك الاحتفاظ بالسلطة لبعض الوقت ولكن ليس على المدى الطويل"، وقال ياجلاند انه هو وزملاءه الاربعة في اللجنة وجميعهم من النساء تناقشوا بشأن جونسون سيرليف وجبوي وكرمان كمرشحين محتملين في مرحلة مبكرة من مداولاتهم، وقال "تناقشنا بشأن هذه المجموعة في وقت مبكر جد، كان واضحا أننا لا يمكننا تجاهل ما حدث في ليبيريا وما يحدث الان في العالم العربي"، وبحثت اللجنة ما اذا كانت ستقدر جهود نشطاء اخرين من انتفاضات العالم العربي هذا العام لكنه قال انه كان هناك عامل يتعلق بطول الفترة الزمنية التي نشطوا فيها في السياسة، وقال ياجلاند "كان هناك عدد كبير من هؤلاء المدونين، كما يطلق عليهم، لكننا تعين علينا ألا ننظر فحسب الى اولئك الذين نشطوا خلال أيام يناير وما بعدها لكن أيضا الى من كانوا يتحلون بالشجاعة الكافية قبل ذلك بفترة طويلة".

نقاشات

الى ذلك تنتقل حرارة نقاشات الثورات العربية مع مثقفين شاركوا فيها وساندوها، بعدما صاروا ضيوفا مطلوبين في العواصم الغربية للحديث عن "الربيع العربي"، وهو ما جسده حوار الكاتبة المصرية نوال السعداوي مع الجمهور في بروكسل الذي وجه بعض منه انتقادات لموقفها من حركة الاخوان المسلمين، وباتت النشاطات الثقافية والفنية التي تحمل عناوين تتصل بالربيع العربي محط اهتمام الجمهور الأوروبي، وقد ضاقت قاعة مركز "أمازون" وسط بروكسل، الذي يوفر منبرا للجمعيات النسائية، بالجمهور الذي اتى لحضور اللقاء مع نوال السعداوي بدعوة من "جمعية تضامن المرأة العربية–بلجيكا"، وتعيد الكاتبة المصرية سبب انتقال حرارة نقاشات الثورات العربية إلى العواصم الأوروبية إلى "أهمية الثورة، فهي حدث تاريخي عالمي"، وتوضح متحدثة أن الأمر يتصل أيضا بكون الثورة صارت مسألة عيش يومي، "هذا لأننا نعيش الثورة، فالمصريون يعيشونها ليل نهار، وأنا كذلك"، وترى السعداوي أن هذه الحرارة تعتمد على من يتحدث عنها، وتضيف أن "السبب يعود للاخلاص للثورة، فأنا أتحدث بحرارة لأن هذه قضيتي، ومن الطبيعي عندما يكون المتحدث قويا أن يتفاعل معه الجمهور، ولو تكلمت ببرود فالجمهور سيكون باردا أيضا"، وبالفعل، البرود هو آخر ما يمكن أن يخطر على البال عند متابعة أجواء حوار السعداوي مع الجمهور البلجيكي، كان عنوان الحوار "بما أن النساء دعموا الربيع العربي، فهل سيدعم الربيع العربي النساء؟"، الا ان السعداوي تجاوزت ذلك بسرعة مؤكدة أنه لا يمكن السؤال عن دور المرأة في الثورة "لان لا ثورة بدون المرأة فهي نصف المجتمع"، لافتة إلى ضرورة طرح قضايا المرأة والأسرة وغيرها "لأن الثورة للجميع وليست فقط للرجال"، والسعداوي تحدثت عن المعارك السياسية الدائرة معلنة مواقفها حيالها، والجمهور لم يجلس فقط ليسمع ويصفق، بل خرج منه من انتقد السعداوي ومن أسماهم "النخبة" المثقفة.

والموقف الأبرز الذي أخرج بعض ردود الفعل المعترضة وسط جمهور أصغى باعجاب، كان رأي الكاتبة بأن الاسراع في إقامة الانتخابات المصرية هو جزء من خطة تستهدف إعاقة الثورة المصرية، وأن من يقف خلفها هو المجلس العسكري وجماعة الاخوان المسلمين في مصر، والتي اعتبرت أنها الأكثر تنظيما الآن وقدرة على الفوز بالانتخابات ولا تريد اعطاء الوقت لشباب الثورة كي يتنظموا ويبنوا أحزابهم، واعتبرت السعداوي أن جماعة الاخوان المسلمين "لعبت دورا خطيرا في الثورة"، وأوضحت بأن الجماعة لم تكن مناصرة للاحتجاجات الواسعة التي أشعلت الثورة المصرية ولم تشارك فيها، وأن مشاركة الجماعة جاءت لاحقا بعدما رأت أن الشعب موحد في سعيه لاسقاط النظام المصري، كما قالت، عندها وقفت شابة ترتدي حجابا ملونا موجهة كلامها للكاتبة، لتقول "يؤسفني أنك من النخبة التي تريد تأجيل الانتخابات"، وأضافت "هذا ليس تصرفا ديمقراطيا"، واعتبرت أن ما قالته الكاتبة يعبر عن رأي نخبة مثقفة "لا تثق بقرار جماعة المواطنين"، ودافعت عن الاخوان المسمين وقالت أنهم شاركوا في الثورة في البداية كأفراد ثم انضموا لها كفريق سياسي، فردت السعدواي قائلة أن ما طرحته الشابة المعترضة "ليس صحيحا"، وأضافت "هي لم تكن في مصر، إنها مغتربة وقرأت عن الثورة ولم تعشها، والاخوان المسلمون لم يشاركوا كما قالت ولا يمكنها الدفاع عنهم"، السعدواي رفعت لهجة الانتقاد للاخوان المسلمين معتبرة أن الثورة لن تتجسد في البرلمان ما لم يعط الشباب وقتا لتنظيم أنفسهم، وأن من لا يريد اعطاءهم الفرصة ويدعو لانتخابات سريعة لا يريد نجاح الثورة. بحسب فرانس برس.

المفارقة أن الشابة المعترضة، وتدعى نعيمة، رغم خوضها في التفاصيل فهي ليست مصرية بل بلجيكية من أصول مغربية اوضحت أنها تتابع أحداث الثورة عبر أصدقائها الناشطين فيها، ولكنها ليست ناشطة سياسية، واكدت "لست أمثل الاخوان المسلمين"، مضيفة أن حديث السعداوي "هو الذي ترك عند الجمهور هذا الانطباع"، وردا على رجل تساءل هل يمكن فرض الآراء العلمانية على شعب لديه ثقافة اسلامية، اعتبرت الكاتبة، المعروفة بدفاعها عن حقوق الانسان والمرأة، أن الشعب المصري "لم يثر من أجل الدين" وإنما لأجل حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، منتقدة محاولات من داخل مصر وخارجها على تشتيت الثورة بمعارك جانبية، واكدت ان الثورة بعدما أسقطت رأس النظام متواصلة حتى التخلص من "جسد النظام".

على خشبة المسرح

من جهته فان جميع مكونات الثورة المصرية نجدها في مسرحية "جوريه فولو إيتر إن إيجيبسيين" (وددت لو أكون مصريا) التي تعرض على مسرح "نانتير-أماندييه" في فرنسا والمقتبسة عن رواية "شيكاغو" للكاتب المصري علاء الأسواني الصادرة في العام 2006"، كان في الأمر تنبؤا"، يعلق المشاهدون عند خروجهم من القاعة، ورواية "شيكاغو" التي كان قد "منع نشرها" مرات ثلاث في ظل حكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك، تحكي عن ثنائيات مصرية هاجرت إلى الولايات المتحدة، في نسيج اجتماعي مركب، وهؤلاء الأزواج الممزقين بين عالمين، مصر حيث الفساد وتفشي التعذيب، مصر التي تولد لدى البعض رغبة بالثورة، والولايات المتحدة ما بعد 11 أيلول/سبتمبر عشية زيارة لمبارك، ومنذ ما قبل الثورة، تبنى المخرج المسرحي جان-لوي مارتينيلي الموضوع وتوجه إلى القاهرة مرات ثلاث لمناقشة اقتباس الرواية مسرحيا مع كاتبه، ويشير مارتينيلي "رغبت بالعمل على هذا المشروع منذ زمن، وكان من المفترض أن يتم في العام 2013، لكن، بعدما شاهدت أحداث كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير الماضيين، قلت في نفسي، من السخيف الإنتظار، سوف ننجزه فورا"، ويضيف المخرج المسرحي أن "بذور ما حصل نجدها في هذه الرواية التي كتبت قبل ست سنوات من الربيع العربي". بحسب فرانس برس.

من جهته يؤكد علاء الأسواني "كنت أحصي قلة قليلة فقط من الأصوات بين المثقفين التي كانت تردد بأن الثورة آتية" لا محالة، ويشير "شعرت بمعاناة الناس، ملايين المصريين، شعرت بأنه لا يمكن لذلك أن يستمر طويلا"، لكنه يلفت قائلا "لا أعتقد أن هذه الرواية هي وسيلة للتغيير السياسي المباشر"، ويضيف "الرواية تغير الذهنية ورؤية القراء"، ويرى الكاتب أن الأهمية تكمن في "أسلوب اكتشاف الإنسان من خلال الواقع السياسي"، فهذا هو ما يسمح لعمل فني أن يستمر متخطيا زمانه، ويوضح جان-لوي مارتينيلي "قمنا بالتمارين هذا الصيف ونحن نعلم ماذا جرى"، ولكن من دون أن نقوم بقراءة مختلفة للعمل، قبيل وبعد، بالنسبة إلى علاء الأسواني الذي سوف ينشر قريبا مقالات كتبها قبل الربيع العربي وبعده، فإن "دعم الثورات هو وجه آخر لمهام الكاتب".فيقول "نكتب لأننا ندافع عن القيم الإنسانية والعدالة والمساواة والحرية"، ويضيف "عندما يقتل 20 مليون شخص في الشارع بعد أن قرروا "إما الحرية وإما الموت"، فإن مهمة الكاتب هي أن يكون بينهم".

دعوة خامنئي

من جهة اخرى دعا المرشد الاعلى للثورة الايرانية آية الله علي خامنئي الثوار العرب الى ان لا "يثقوا" بالدول الغربية وان "يبحثوا عن حلول لمشاكلهم في الاسلام"، وذلك في خطاب نقله التلفزيون الرسمي مباشرة، وقال آية الله خامنئي امام مئات المدعوين من الدول العربية الذين اتوا الى طهران للمشاركة في "مؤتمر دولي حول الصحوة الاسلامية" يستمر يومين "لا تثقوا ابدا بالولايات المتحدة وبحلف شمال الاطلسي وبالانظمة المجرمة لبريطانيا وفرنسا وايطاليا التي تقاسمت بلدانكم فترة طويلة لنهبها"، واضاف "احذروها على الدوام ولا تثقوا بابتساماته، لان ثمة مؤامرات وخيانات خلف هذه الابتسامات، ابحثوا عن حلول لمشاكلكم في الاسلام"، واكد خامنئي ايضا "لا تتركوا اعداءكم يملون عليكم مبادىء انظمتكم المستقبلية، ولا تضحوا بالمبادىء الاسلامية من اجل المصالح الآنية"، وتدعم ايران الحركات الثورية في العالم العربي باستثناء سوريا حليفها التاريخي في المنطقة حيث تدعم نظام بشار الاسد داعية اياه في الوقت نفسه الى اجراء اصلاحات، واتهمت ايران مرارا في الاشهر الاخيرة البلدان الغربية بالسعي الى السيطرة على الحركات الثورية في العالم العربي وحرفها عن مساره، وانتقد خامنئي ايضا تدخل الحلف الاطلسي في ليبيا مؤكدا انه "دمر البنى التحتية في البلاد"، واضاف "لو لم تحصل عمليات التدخل هذه، لربما احتاج الشعب الليبي الى مزيد من الوقت للنجاح، لكن لما كنا شهدنا مقتل جميع هؤلاء الابرياء، ولما توافرت لاعداء الشعب الليبي وحلفاء القذافي القدامى ذريعة للتدخل" السياسي في البلاد، ويشارك في هذا المؤتمر كل من نائب الامين العام لحزب الله الشيعي اللبناني الشيخ نعيم قاسم والامين العام لحركة الجهاد الاسلامي رمضان شلح وزعيم الحرب الافغاني برهان الدين رباني. بحسب فرانس برس.

تراجع حاد للاستثمارات

في سياق متصل اظهر تقرير نشرته مؤسسسة مالية عربية مؤخراً ان تدفق الاستثمارات الخارجية المباشرة الى الدول العربية سينخفض بنسبة 17% هذه السنة فيما سيكون الانخفاض اكثر حدة في دول "الربيع العربي"، واكد تقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات التي مقرها الكويت ان الاستثمارات الخارجية المباشرة في 21 دولة عربية ستنخفض الى 55،1 مليار دولار في 2011 من 66،2 مليار دولار في 2010، ومن المتوقع ان تشهد مصر التي شهدت حركة احتجاجية اطاحت بالرئيس حسني مبارك، انخفاضا حادا في هذه الاستثمارات تصل نسبته الى 92%، اذ انه من المتوقع ان تكون الاستثمارات الخارجية في هذا البلد بحدود نصف مليار دولار في 2011 مقارنة ب6،4 مليار دولار في 2010، وانهت مصر، وهي الدولة العربية الاكبر، النصف الاول من العام مع حصيلة سلبية في هذا المضمار اذ بلغت الخسارة 65 مليون دولار مع تجاوز الاموال الخارجة الاستثمارات الداخلة. بحسب فرانس برس.

ومن المتوقع ان تنخفض الاستثمارات الخارجية في سوريا من 1،4 مليار دولار في 2010 الى نصف مليار دولار في 2011، ما يشكل انخفاضا بنسبة 65%، ومن المتوقع ان يبلغ الانخفاض 36% في البحرين و21% في تونس، البلد الذي انطلقت فيه شرارة "الربيع العربي" نهاية 2010، الا ان التقرير توقع ان تسجل سبع دول عربية شملها ارتفاعا في الاستثمارات الخارجية، لا سيما السعودية حيث سترتفع هذه الاستثمارات الى 29 مليار دولار مقارنة ب28،1 مليار دولار في 2010، وتوقع التقرير ان تتضاعف الاستثمارات الخارجية القادمة الى العراق لتصل الى 3،5 مليار دولار هذه السنة، وكانت الازمة المالية العالمية اثرت سلبا على الاستثمارات الخارجية المباشرة في الدول العربية، وتراجعت هذه الاستثمارات من 95 مليار دولار في 2008 الى 66،2 مليار دولار في 2010.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/تشرين الأول/2011 - 28/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م