تونس تنتخب... إقبال واسع وسط مخاوف من فوز الإسلاميين

متابعة وتحليل: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: كما كانت سباقة في إشعال فتيل الثورات العربية، والإطاحة بنظام بن علي الديكتاتوري، انخرطت تونس في إجراء أول ممارسة ديمقراطية شفافة في دول الربيع المنتفضة.

وعلى الرغم من المخاوف الملحوظة لدى قطاعات واسعة في المجتمع التونسي من تسلط الإسلاميين على مقاليد الأمور، في حال افرزت الانتخابات نتائج تعزز من مكاسبهم، الا ان حجم الإقبال كبير والمشاركة الواسعة قد يحفظان التوازن السياسي بين القوى والأحزاب المختلفة.

وعانى التونسيون على مدى العقود الماضية من احتكار عنيف للسلطة، وتغييب مباشر للمشاركة السياسية، فيما زج معظم المعارضين في غياهب السجون والمعتقلات الأمنية، الى جانب فرار بعضهم الى خارج البلاد خوفا من بطش السلطة.

أول انتخابات في الربيع العربي

فقد قال إسلاميون معتدلون ان حزبهم يتقدم فيما يبدو على باقي الاحزاب المنافسة في اول انتخابات حرة في تونس منذ الاحتجاجات التي تفجرت في اوائل العام واطلقت شرارة انتفاضات الربيع العربي.

وتشير معظم التوقعات الى ان حزب النهضة الاسلامي سيخرج بأكبر نصيب من الاصوات وهي نتيجة تثير قلق العلمانيين وقد تتكرر في دول عربية اخرى عندما تجري انتخابات خاصة بها خلال فترة ما بعد الربيع العربي.

وأذاعت الإذاعة التونسية أرقاما حصلت عليها من بعض الاحياء في باجة أظهرت ان النهضة متقدم وقالت الاذاعة ان حزب المؤتمر من اجل الجمهورية وهو حزب يسار وسط حقق أيضا نتائج طيبة.

وقال حزب النهضة ان الاحصاء الخاص الذي قام به يشير الى نفس الشيء. ويسمح لممثلي الاحزاب بالتواجد خلال عملية الفرز. وقال مسؤول من حزب النهضة "النتائج جيدة جدا بالنسبة للنهضة. لا نريد ان نعطي تفاصيل لكن من الواضح ان النهضة حققت مستوى نجاح يضاهي في بعض الحالات نتائج الانتخابات في الخارج."

وذكر حزب النهضة نقلا عن محصلة غير رسمية خاصة به للأصوات التي ادلى بها العدد الكبير من التونسيين الذين يعيشون في الخارج ان المؤشرات تشير الى انه فاز بنصف عدد أصوات الناخبين في الخارج. وقام التونسيون في الخارج بالإدلاء بإصواتهم قبل ايام من الانتخابات التي جرت يوم الاحد في تونس. بحسب رويترز.

وقال عبد الحميد الجلاصي مدير الحملة الانتخابية لحزب النهضة امام تجمع لموظفي الحزب ان النهضة كان الاول على الاطلاق في كل مراكز الاقتراع الخارجية. واضاف ان الحزب حصل على اكثر من 50 في المئة.

وتجاوزت نسبة الاقبال على التصويت لانتخاب جمعية تستمر عاما وتضع دستورا جديدا للبلاد 90 في المئة في علامة على تصميم التونسيين على ممارسة حقوقهم الديمقراطية الجديدة بعد عقود من القمع.

وقال مسؤولو الانتخابات انه مع فرز هذا العدد الكبير غير المتوقع من بطاقات الانتخاب من المحتمل الا يتم اعلان النتائج قبل يوم الاثنين وحتى بعد ذلك.  وذكرت الاذاعة الرسمية ان عمليات الفرز التي لم تكتمل في مدينتي صفاقس والكاف اظهرت تقدم حزب النهضة الاسلامي. وجاء حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في المركز الثاني في صفاقس وجاء حزب التكتل وهو جماعة اشتراكية اخرى في المركز الثاني في الكاف.

وقال الرئيس الامريكي باراك اوباما ان الثورة التونسية التي اندلعت في يناير كانون الثاني والتي بدأت بالبوعزيزي وانتهت بهروب الرئيس زين العابدين بن علي الى الخارج "غيرت مجرى التاريخ." واضاف في بيان اصدره البيت الابيض " تماما مثلما احتج عدد كبير من المواطنين التونسيين سلميا في الشوارع والميادين للمطالبة بحقوقهم وقفوا اليوم في طوابير ويدلون بأصواتهم لتحديد مستقبلهم."

واثار احراق محمد البوعزيزي بائع الخضر نفسه من اليأس والفقر والقمع الحكومي احتجاجات حاشدة اجبرت بن علي على الفرار من تونس وأنهت الاحتجاجات الشعبية حكمه الذي استمر 23 عاما. وألهمت هذه الاحتجاجات بدورها انتفاضات في مصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين تعيد رسم المشهد السياسي للشرق الاوسط وشمال افريقيا. وربما يؤثر مصير حزب النهضة على الانتخابات في مصر المقرر اجراؤها الشهر المقبل والتي تأمل ايضا جماعة الاخوان المسلمين ان تتصدرها.

والمجلس المؤلف من 217 عضوا والذي يقوم التونسيون بانتخابه سيتولى الى جانب صياغة دستور جديد اختيار حكومة مؤقتة جديدة ويحدد مواعيد الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

ويقول دبلوماسيون غربيون ان من غير المحتمل ان يفوز حزب النهضة باغلبية المقاعد في المجلس بمفرده مما يجبره على تكوين تحالفات مع احزاب علمانية ومن ثم تخفيف نفوذه.

ويقول راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الذي أمضى 22 عاما منفيا في لندن ان حزبه ينتمي للاسلام الوسطي مثل رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي يتزعم حزب العدالة والتنمية. ويقول ان حزبه سيحترم حقوق المرأة ولن يحاول فرض قواعد اخلاقية شخصية على التونسيين .

ولكن احتمال فوزه بنصيب من السلطة مازال يجعل بعض الاشخاص يشعرون بعدم ارتياح في تونس. وتونس لها تقاليد علمانية ترجع الى الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة اول رئيس لها بعد الاستقلال عن فرنسا الذي كان يعلن نفوره من الحجاب.

وعندما خرج الغنوشي من مركز الاقتراع الذي ادلى فيه بصوته يوم الاحد صاح بضعة علمانيين في وجهه "ارحل .. ارحل" ووصفوه بالارهابي والقاتل وطلبوا منه العودة الى لندن.

وقال المهندس المعماري زايد تيجاني (26 عاما) بعد ادلائه بصوته "لست متفائلا جدا بشأن نتيجة الانتخابات." واضاف بينما كانت ترافقه شابة ترتدي الجينز وقميصا قطنيا "اعتقد ان الاسلاميين بوسعهم الفوز. لا اريد ذلك فهم ربما يحاولون تغيير طريقة حياتي."

وفي انحاء تونس امتدت يوم الاحد صفوف لمئات الامتار خارج مراكز الاقتراع من الصباح الباكر ليدلي المواطنون بأصواتهم في انتخابات قد تضع معيارا لدول الشرق الاوسط الاخرى التي تشهد انتفاضات الربيع العربي.

وقالت كريمة بن سالم (45 عاما) عند مركز اقتراع في منطقة لافاييت بوسط تونس "هذه أول مرة أدلي فيها بصوتي. "طلبت من الاولاد ان يعدوا الغداء لانفسهم...اليوم انا خارج الخدمة. او بالاحرى انا في خدمة بلدي."

ويمكن ان يكون فوز النهضة الاول من نوعه في العالم العربي منذ فوز حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في 2006 . وكاد الاسلاميون أن يحققوا الفوز في الانتخابات الجزائرية في 1991 والغاها الجيش مما أشعل صراعا دمويا استمر سنوات.

وفي تونس أقلية صغيرة من الاسلاميين المتشددين لكن السياسات التي يروج لها النهضة تقترب من التيار السائد في البلاد حيث لا يعطي الغالبية أهمية كبيرة لبعض القيود الاسلامية على اشياء منها احتساء الخمر.

وقال مكرم وهو شاب من حي تقطنه الطبقة المتوسطة في العاصمة تونس "هذا الصباح صوت للنهضة وفي المساء سأذهب لاحتسي بعض الجعة."

ويقول مراقبون ان هناك توترا داخل الحزب بين الخط المعتدل للغنوشي والاسلاميين الاكثر تشددا بين قواعد الحزب.

وفي ختام حشد انتخابي يوم الجمعة جسد تناقضات الحزب قالت سعاد عبد الرحيم المرشحة التي لا ترتدي الحجاب ان النهضة يمكن ان يحمي مكتسبات المرأة.

لكن كانت هناك العديد من الكتب التي تباع على هامش الحشد لكتاب سلفيين يؤمنون بضرورة الفصل بين الرجل والمرأة في الاماكن العامة ويقولون ان الانتخابات منافية للاسلام.

وقال الغنوشي الذي كان برفقة زوجته وابنته المحجبتين ان هذا اليوم هو يوم تاريخي وان تونس ولدت من جديد. وأضاف أن الربيع العربي ولد اليوم. لكن بمجرد خروجه من مركز الاقتراع بدأ بعض المصطفين للادلاء بأصواتهم يصيحون في وجهه. وقالوا له "ارحل .. ارحل" ووصفوه بالارهابي والقاتل وطلبوا منه العودة الى لندن.

وافكار التونسيين عن الاسلام والقيود على امور مثل الكحوليات اكثر تحررا عن غيرها في العديد من الدول العربية. وقال مكرم وهو شاب صغير من الطبقة العاملة ويسكن في حي التضامن في العاصمة "ادليت بصوتي اليوم للنهضة وهذا المساء سأذهب لاحتسي بعض اقداح الجعة."

وفي انحاء تونس امتدت صفوف لمئات الامتار خارج مراكز الاقتراع من الصباح الباكر للادلاء بأصواتهم في انتخابات قد تضع معيارا لدول الشرق الاوسط الاخرى التي تشهد انتفاضات الربيع العربي.

وقال مسؤول كبير في اللجنة المستقلة للانتخابات ان نسبة اقبال الناخبين على المشاركة في الانتخابات تجاوزت 90 في المئة. وقال بوبكر بنصابر الامين العام للجنة ان من بين 4.1 مليون ناخب مسجل ادلى ما يربو على 90 في المئة بأصواتهم. وقال ان كثيرا ممن لم يسجلوا انفسهم مسبقا تمكنوا ايضا من التصويت.

ولم تشهد تونس مثل هذا المستوى من الرغبة في المشاركة في الانتخابات ابان عهد بن علي عندما كان عدد محدود للغاية فقط يشارك لان المواطنين كانوا يعلمون أن النتيجة محددة سلفا.

والتقط التونسيون الواقفون في الصفوف صورا بهواتفهم المحمولة احتفالا بهذه المناسبة.

وتشكلت صفوف طويلة في سيدي بوزيد مسقط رأس محمد البوعزيزي تلك المدينة الفقيرة التي تعتبر مهد الثورة التونسية. وقالت سارة ناجي وهي معلمة بمدرسة ثانوية "انها المرة الاولى التي ادلي فيها بصوتي .. انها المرة الاولى التي اشعر فيها بأن صوتي امن. عانينا كثيرا من التشاؤم والاحباط لكننا الان نبني حياة جديدة."

ويتطلع التونسيون الى تحسن الاقتصاد الذي تباطأ في أعقاب الثورة. وعلى الرغم من أن سيدي بوزيد لاتزال محبطة وتعاني من ارتفاع معدل البطالة فان السكان يقولون انه لا خيار سوى المشاركة في بناء المستقبل. ويقضى جعفر العفي (23 عاما) -الذي يساعد والده في متجر الخضر والفاكهة الذي يملكه لانه عاطل عن العمل- نهاره على مقهى يتجمع فيه الشبان العاطلون.

وتذكر كيف كانت الشرطة تتعامل مع المواطنين في عهد بن علي وهو وزير داخلية سابق أطاح بالرئيس التونسي الاسبق الحبيب بورقيبة في انقلاب ابيض. ويقول العفي ان المشاركة وحدها هي التي ستحقق التغيير. وقال "الاغلبية ستصوت لانها تريد أن يجد الناس حلولا" وكان ينوي الادلاء بصوته. وأضاف "الزاوية الاقتصادية هي الاهم. يجب أن يكون هناك المزيد من التوازن بين الشمال والجنوب. قبل ذلك كنت اذا أخبرت أحدا من سوسة أنك من سيدي بوزيد كان سيسألك أين.."

ولاتزال الكتابات على الجدران التي ترجع الى ايام الثورة والاشهر التي تلتها منتشرة في البلدة بالعربية والانجليزية والفرنسية مثل "دافع عن حقك" او "ارفع رأسك عاليا يا تونسي الكل فخورون بك." وتركت عائلة البوعزيزي البلدة.

وصرف لهم بن علي 20 الف دينار تونسي (14 الف دولار) في محاولة يائسة لتهدئة الاضطرابات فتركوا المنزل المكون من طابق واحد بأحد أحياء سيدي بوزيد الفقيرة حيث كان أفراد الاسرة ينامون على حشيات على الارض وانتقلوا الى فيلا في ضاحية المرسى الراقية بالعاصمة.

وقالت منوبية والدة البوعزيزي في مقابلة عشية الانتخابات التاريخية "هذه الانتخابات لحظة انتصار لروح ابني الذي مات دفاعا عن الكرامة والحرية ووقوفا في وجه الظلم والاستبداد." وأضافت " كل هذا لم يكن ليكون لو لم يثر ابني ضد القمع والتهميش والاهانة." وتابعت وقد اغرورقت عيناها بالدموع "ما اتمناه هو ان يحافظوا على امانة ابني وان يفكر من سيحكم البلاد في مصير الفقراء والمهمشين في المناطق الداخلية للبلاد." بحسب رويترز.

ويشكو البعض في سيدي بوزيد من أن أسرة البوعزيزي أدارت ظهرها لهم وحسنت وضعها من خلال وفاة ابنها. وقال العفي "لكل واحد قصة عن البوعزيزي وبالتالي لا تستطيع أن تعرف ما هو حقيقي وما هو غير حقيقي. لا أريد التكهن. من يدري لماذا ذهبوا فعلا الى تونس العاصمة."

حقائق- كيف سرت الانتخابات التونسية

فيما يلي تفاصيل عن كيف ستسير الانتخابات وما هو المرجح ان يحدث بعدما يختار التونسيون ممثليهم. بحسب رويترز.

لماذا الانتخابات الان؟

فر الرئيس زين العابدين بن علي الى السعودية يوم 14 يناير في مواجهة احتجاجات حاشدة وجرى حل برلمانه بعد ذلك بقليل. وترك ذلك تونس دون مؤسسات منتخبة وبحكومة تسيير اعمال غير منتخبة. ومهمة الجمعية الجديدة ان تبدأ بناء المؤسسات الديمقراطية في البلاد.

كيف ستكون هذه الانتخابات مختلفة على سابقاتها؟

اجرت تونس انتخابات منذ الاستقلال عن فرنسا عام 1956 لكنها لم تكن حرة حقا. فقد منع عدد من احزاب المعارضة من المشاركة. اما من سمح لهم بالمشاركة فكانوا غالبا مؤيدين للحزب الحاكم متنكرين في ثوب المعارضة لخلق وهم الديمقراطية.

واي معارضين حقيقيين شاركوا في الانتخابات تعرضوا لمضايقات الشرطة. وكانت وزارة الداخلية التي تتولى احصاء الاصوات تتأكد من عدم حصولهم الا على حفنة من المقاعد.

أما انتخابات يوم الاحد يعكس المرشحون فيها طيف المجتمع التونسي بمن في ذلك الاسلاميون الذين كانوا محظورين في عهد بن علي. وتنظم الانتخابات أيضا لجنة مستقلة لاول مرة. وفي سابقة أخرى وجهت الدعوة لمراقبين من الاتحاد الاوروبي لمتابعة الانتخابات.

كيف سيجري اختيار الجمعية التأسيسية؟

- الانتخابات ستجرى وفقا لنظام التمثيل النسبي.

- البلاد مقسمة الى 33 دائرة انتخابية بينها 27 في تونس نفسها وستة للتونسيين في الخارج. والحد الاقصى الذي يمكن التنافس عليه في كل دائرة عشرة مقاعد من اجمالي مقاعد البرلمان البالغة 217 .

- في كل دائرة انتخابية تطرح الاحزاب قائمة مرشحين. وسيصوت الناخبون للقائمة التي يفضلونها وليس للمرشحين.

- في كل مرة تتجاوز فيها قائمة حزبية حدا معينا من الاصوات وهو في اغلب الاحوال 60 الف صوت تحصل على مقعد في الجمعية. واذا بقيت اي مقاعد في دائرة انتخابية تمنح للقائمة صاحبة ثاني اعلى عدد من الاصوات.

- اكثر من 100 حزب سجلوا للمشاركة في الانتخابات. وهناك عدد كبير من القوائم الفردية.

- هناك نحو سبعة الاف مركز اقتراع ستفتح في السابعة صباحا بالتوقيت المحلي (0600 بتوقيت جرينتش) وستغلق في السابعة مساء.

- يقول مسؤولو الانتخابات ان النتائج الاولية ستعلن في وقت متأخر من مساء الاثنين.

كيف ستبدو الجمعية التأسيسية..

تشير استطلاعات الرأي الى ان حزب النهضة الاسلامي المعتدل من المرجح ان يفوز بأكبر عدد من المقاعد في الجمعية. غير انه من غير الواضح ما اذا كان سيحصل على اصوات كافية تضمن له الاغلبية. واذا لم يحصل عليها فسيحتاج الى تكوين تحالفات مع احزاب اخرى. ويقول زعيم حزب النهضة راشد الغنوشي ان المناقشات بشأن التحالفات بدأت بالفعل.

واذا فاتته الاغلبية بفارق بسيط فربما يكون ذلك كافيا للنهضة لعقد صفقات مع احزاب اصغر ومستقلين. واذا لم يكن الامر على هذا النحو فسيضطر الى الدخول في محادثات مع منافسين اكبر. ومن الشركاء المحتملين حزب التكتل العلماني بقيادة مصطفى بن جعفر وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية بزعامة منصف المرزوقي وهو معارض سابق كان يعيش في المنفى بفرنسا.

وقال نجيب الشابي زعيم الحزب الديمقراطي التقدمي ابرز الاحزاب العلمانية انه لن يعمل مع النهضة. ويحاول بدوره تكوين تحالف من الاحزاب العلمانية لحرمان النهضة من الحصول على الاغلبية.

ماذا ستفعل الجمعية التأسيسية؟

كان لتونس بالفعل جمعية تأسيسية من هذا القبيل انتخبت عام 1956 لصياغة دستور بعد الاستقلال عن فرنسا. وينص القانون التونسي على ان الجمعية ستكون اعلى هيئة تنفيذية ومشرعة للقوانين في البلاد. وخلافا لذلك لا توجد قواعد واضحة بشأن كيف ستعمل وماذا ستفعل.

ووفقا للمحامين الدستوريين والحكومة والاحزاب الكبرى فستقوم الجمعية التأسيسية بما يلي:

- ستصوغ دستور جديد. ومن المرجح ان يشمل تحديد موعد انتخابات جديدة لاي مؤسسات ديمقراطية تقرر الجمعية انشاءها. لا يوجد جدول زمني رسمي لكن 11 من الاحزاب الكبرى حددت عاما لانجاز المهمة.

- ستختار رئيسا مؤقتا جديدا. وسيكون هذا المنصب شرفيا الى حد بعيد. وفي الوقت الحالي يشغله فؤاد المبزع الذي كان رئيسا للبرلمان في عهد بن علي. والمبزع وهو المعاون الوحيد لبن علي الذي لا يزال في السلطة على يقين من انه راحل عن منصبه. وسيعتمد من سيخلفه على نتيجة المفاوضات بين الاحزاب صاحبة العدد الاكبر من المقاعد في الجمعية.

- الرئيس سيعين حكومة مؤقتة جديدة ربما بالتشاور مع الاغلبية البرلمانية. ورئيس الوزراء الحالي هو الباجي قائد السبسي وهو من التكنوقراط وعمل وزيرا للخارجية في عهد الحبيب بورقيبة الذي سبق بن علي في حكم تونس. ويقول دبلوماسيون ان من المرجح ان يجري استبداله. ويقول الوزراء انهم سيواصلون تنفيذ مهامهم بعد الانتخابات الى ان تعين حكومة جديدة.

الاحزاب الرئيسية في الانتخابات التونسية التاريخية

فيما يلي نبذة عن الاحزاب الرئيسية التي تشارك في الانتخابات التونسية لاختيار جمعية تأسيسية تصيغ الدستور الجديد. بحسب رويترز.

- حزب النهضة:

حزب اسلامي يتوقع ان يفوز باوفر حظ من الاصوات لكنه على الارجح لن يكون كافيا ليستأثر باغلبية في الجمعية.

ويرأس الحزب الباحث الاسلامي راشد الغنوشي وأسسه في عام 1981 مع مجموعة من المفكرين الذي استلهموا فكر جماعة الاخوان المسلمين المصرية. واقام الغنوشي 22 عاما في المنفى في لندن بعدما حظرت تونس الحزب وسجنت الافا من اعضائه.

واتهم بن علي حزب النهضة بالتورط في مؤامرات عنيفة للاطاحة بالحكم العلماني. ويقول الغنوشي انها اتهامات ملفقة لتبديد ما يمثله حزبه من تحد سياسي.

ويقول الغنوشي ان النهضة قوة معتدلة ومتسامحة مضيفا انها لن تحاول فرض قيمها على العلمانيين وانها ستحترم حقوق المرأة. وللحزب صلات ايديولوجية بحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان.

قال الغنوشي في تجمع انتخابي ان مؤيد حزب النهضة عصري وسلمي ومسلم ومعاصر يريد ان يعيش في هذا العصر ولكنه يريد ان يعيش بكرامة وكمسلم في هذه الحياة.

ولم يفصح الحزب كثيرا عن السياسات التي سينتهجها للترويج لمشروعه الاسلامي وقاد ذلك لاتهامات من علمانيين للحزب بانه يخفي نواياه الحقيقية وهو مانفاه الغنوشي.

ويقول دبلوماسيون غربيون ان الغنوشي معتدل حقا لكنهم يحذرون من بعض الاشخاص داخل حزبه من بينهم بعض المسجونين السابقين الذين ربما يحاولون دفعه نحو مواقف اكثر تشددا.

- الحزب الديمقراطي التقدمي:

الابرز بين مجموعة من الاحزاب التي تطرح نفسها كبديل علماني لحزب النهضة. وأسس الحزب نجيب الشابي وهو محام قناعاته تنتمي ليسار الوسط.

ولم يغادر الشابي تونس مثل عدد كبير من المعارضين اقاموا في المنفى خارج البلاد وتحرشت به قوات الامن لسنوات وهاجمته وسائل الاعلام الموالية للحكومة واعاقه تزوير الانتخابات.

وتقدم بطلب لخوض الانتخابات الرئاسية في عام 2009 لكن قانونا اصدر بن علي لابعاده عن السباق قضي بعدم احقيته في الترشح.

وعين الشابي وزيرا للتنمية الجهوية في أول حكومة تسيير اعمال بعد سقوط بن علي واستقال من منصبه اثر احتجاجات حاشدة اسقطت الحكومة.

ويقول بعض المعلقين انه يضع نصب عينيه منصب الرئيس حين يتحدد موعد الانتخابات. وركزت حملته على مخاوف من ان يقوض حزب النهضة المباديء العلمانية في البلاد.

وقالت مية الجريبي الامين العام للحزب في تجمع انتخابي انها واثقة من ان التونسيين سيصوتون للوسطية وليس للتطرف وانه يتعين على تونس حماية شعلة الوسطية.

وحاول الشابي اقامة تحالف مع احزاب علمانية اخري للحيلولة دون فوز حزب النهضة باغلبية مقاعد الجمعية التأسيسية. ولكن الشركاء المحتملين يريدون ان تظل خياراتهم مفتوحة لحين ظهور النتائج.

- حزب التكتل:

حزب اشتراكي اسسه مصطفى بن جعفر وهو طبيب في عام 1994 ومثل الشابي كان جعفر ضمن حفنة من معارضي بن علي لم يغادروا تونس. وحظى حزبه بوضع قانوني في عام 2002 ولكن الحكومة اعاقت حركته فضلا عن التعتيم الكامل عليه من جانب وسائل الاعلام التي احكمت الحكومة السيطرة عليها.

وشغل منصب وزير الصحة في أول حكومة تشكلت بعد سقوط بن علي. ولقي احتراما كبيرا عندما استقال معلنا رفضه وجود وزراء من الحكومة القديمة.

اذا سعى حزب النهضة عقب الانتخابات لتشكيل "ائتلاف موسع" يضم احزابا علمانية كبرى فان حزب بن جعفر شريك محتمل على الارجح.

- التجديد:

يرأسه أحمد ابراهيم وهو منبثق عن الحزب الشيوعي. وقد فاز بثلاثة مقاعد فقط في احدث انتخابات برلمانية نتيجة معوقات من جانب حكومة بن علي. وابراهيم استاذ جامعي سابق وكان وزيرا للتعليم العالي في الحكومة الاولى لتسيير الاعمال التي لم تستمر طويلا.

وفي مقابلة صرح ان القيم الليبرالية الحديثة في تونس مهددة من المعسكر الاسلامي الذي يريد استغلال المشاعر الدينية للمواطنين ويريد فرض سيطرته واسلوب حياة معين.

ولكنه ذكر ان حزبه مستعد للتعاون مع النهضة في الجمعية التأسيسية وقال ان الديمقراطية تعني التعايش مع كل الاطراف بما في ذلك النهضة.

- المؤتمر من اجل الديمقراطية:

يرأسه منصف المرزوقي وهو طبيب علماني يساري وتأسس المؤتمر من اجل الجمهورية في عام 2001 وحظر بعد وقت قصير من قيامه. واقام زعماؤه في المنفي في فرنسا.

وعاد قبل ثلاثة أعوام من قيام الثورة ولكنه غادر البلاد بعد شهرين فقط معلنا ان لا يمكنه العمل بسبب مضايقات السلطات له.

وخلال تلك الفترة طوق مئات من ضباط الشرطة بزي مدني منزله ومكتبه طوال ساعات اليوم ولاحقوه في اجتماعاته.

وبعد ايام من فرار بن علي عاد المرزوقي من باريس واستقبله اتباعه في مطار قرطاج بالاغاني والهتافات. وقد تبوأ مكانته تلك بفضل معارضته لبن علي لسنوات طويلة. ويعد المؤتمر شريكا محتملا اخر لحزب النهضة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 25/تشرين الأول/2011 - 27/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م