
شبكة النبأ: بعد إعلان وفاة ولي العهد
السعودي سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، يتعين تسمية وليا للعهد. وان
الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية هو المرشح الأقوى فأنه ومنذ
تعيينه نائبا ثانيا لرئيس الوزراء بالسعودية، في آذار عام 2009، بعد
قليل من إعلان تدهور صحة الامير سلطان، زادت التكهنات بشأن إعداده
لخلافة المنصب.
وتعتبر هذه الخطوة في الميزان السياسي السعودي خطوة طبيعية، فهو
النائب الثاني لرئيس الوزراء. فان نايف تقلد منصب وزير الداخلية في
البلاد منذ عام 1975 باعتباره المحافظ المقرب من المؤسسة الدينية وليس
مقربا جدا من الغرب.
ومن المتوقع أن تجتمع هيئة البيعة التي أسسها الملك السعودي لأول
مرة في تاريخ المملكة عام 2007 بهدف تأمين انتقال السلطة ضمن آل سعود،
بهدف اختيار ولي جديد للعهد. وتصدر الهيئة قراراتها بموافقة ثلثي
الأعضاء الحاضرين، وفي حالة التساوي يرجح الجانب الذي صوّت معه رئيس
الاجتماع.
غير ان خبراء قالوا إن هيئة البيعة لم يسبق لها أن بتت في مسائل
الخلافة، كما أنه ليس واضحا بعد ما إذا كان الملك عبد الله سيختار قرار
الهيئة في هذه المناسبة. وكان الديوان الملكي السعودي أعلن السبت وفاة
ولي العهد، مؤكداً صحة ما كانت مصادر في الخارجية الأمريكية قد كشفت
حول الأمير الذي كان يعاني الكثير من المشاكل الصحية في الفترة الماضية
ويتلقى العلاج في الولايات المتحدة. وكان سلطان يشغل أيضاً منصب نائب
رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام في المملكة
العربية السعودية.
وسلطان بن عبد العزيز من بين أبرز الشخصيات في المملكة، وسبق له
تولي العديد من المسؤوليات، بينها قيادة الحرس الملكي وحقيبة الزراعة
والمياه، قبل أن يعيّن وزيرا الدفاع والطيران منذ أكثر من أربعة عقود،
أما ولاية العهد فقد آلت إليه مع تولي الملك عبدالله بن عبدالعزيز
الحكم عام 2005. ويذكر أن عدم وجود دستور للمملكة جعل عملية انتقال
السلطة تعتمد على التوافق بين الأقطاب النافذين من الأبناء الذكور
للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، مؤسس الدولة السعودية الحديثة
عام 1932.
كما أن توريث الحكم لدى آل سعود يختلف عن باقي الأنظمة الوراثية
العربية، في أن المُلك كان ينتقل خلال السنوات الماضية من الأخ إلى أحد
الإخوة، وليس من الأب إلى "أكبر الأبناء."
ماذا يعني رحيل سلطان
من جهته كشف المحلل والسياسي السعودي المعارض فؤاد أبراهيم أن إعلان
خبر وفاة سلطان جاء بعد تسوية داخل العائلة المالكة، مؤكداً أن هناك
صراع حاد داخل هذه العائلة حول موقعه ومن يرثه. وقال ابراهيم: أن إعلان
خبر وفاة سلطان جاء بعد تسويات داخل العائلة المالكة ووصول وفد اميركي
الى السعودية، لان هناك خلاف حول موقعه ومن يرثه، خصوصاً وانه يتولى
منصبين في آن واحد وهي ولاية العهد ووزارة الدفاع.
كما اضاف المعارض السعودي ان الخلاف حول موقع الامير سلطان ومن يرثه
هو المسألة الكبرى لدى العائلة المالكة، خصوصاً وانه لاول مرة في تاريخ
العائلة المالكة يموت ولي العهد قبل الملك.
ويعتقد محللون سياسيون بأن الاميركان سيتدخلون بصورة مباشرة في
تسوية النزاع الداخلي في السعودية، مضيفاً أن هناك نزاعات عميقة جداً
داخل العائلة الحاكمة تمنع الامير نايف ان يكون ملكاً توافقياً او حتى
ولي عهد، مؤكداً ان هناك الكثير من المتنافسين وربما تشهد صراعات دموية
ايضاً.
وذكر ان وفداً اميركياً قد وصل السعودية قبل اسبوعين للمساهمة في
تسوية هذه الاشكالية، ما يكشف أن الامير سلطان قد فارق الحياة منذ فترة.
وحول تاثير وفاة ولي العهد قال مراقبون ان هناك خلافاً كبيراً داخل
اجنحة العائلة المالكة، خصوصاً حينما يرث الامير نايف موقع الامير
سلطان، وهناك اشكالية كبيرة لدى بعض اجنحة العائلة المالكة التي تشعر
بانها مهمشة، وبالتالي يجب ان تكون هناك تسوية اكبر من موقع ولي العهد.
ورجح مراقبون بان العاهل السعودي واخوانه ينتمون الى جيل تجاوز
العقد السابع ما اصبح مرجحا هو ان تكون وفاة الامير سلطان بن عبد
العزيز مفتاحا لان يكون وريثه في المنصب شقيقه الامير نايف بن عبد
العزيز.
الا ان نايف (77 عاما) ليس هو الآخر بصحة جيدة، ويكرس معظم وقته
لادارة الشؤون اليومية لوزارة الداخلية، ولاثنين من ابنائه. لكن مع
الاعتقاد السائد بان الملك الحالي، البالغ من العمر 88 عاما، لن يستمر
طويلا في العرش، سيكون الاستنتاج ان الامير نايف هو الذي سيتولى العرش،
لكنه هل يستمر على الحالة التي وسمت حال المُلك في السعودية خلال
العقدين الماضين، وهي الافتقار للحركة والنشاط والديناميكية.
ونايف ينظر اليه بريبة من قبل النخبة من خارج الاسرة المالكة في
البلاد الراغبة في الاصلاح، كما انه معروف بعقده الائتلافات والتحالفات
مع الجناح المحافظ، وعلى الاخص المؤسسة الدينية، بهدف تحسين ودعم موقفه.
كما يعرف عنه انه ليس جشعا للمال مثل شقيقه الراحل سلطان، وبوصفه ملكا
سيظهر انه براغماتي اكثر من الصورة المرسومة عنه.
تحول الاجيال
الى ذلك بالرغم ان موضوع تحول الاجيال سيكون مطروحا مع رحيل سلطان،
من غير المرجح ان يتم التعامل معه على الفور. الامير نايف، الملك الذي
سيكون، سيكون ملحوقا بظل شقيقه الاصغر، الامير سلمان، امير منطقة
الرياض، وهو منصب قضى فيه فترة طويلة من الزمن.
يقول الكاتب نيل بارتريك عندما يحدث تحول الاجيال سيكون للامير نايف
شأن ورأي فيه، وفي تقديري ان الريح ستهب باتجاه ابنيه الاثنين، الامير
محمد وشقيقه الاكبر منه الامير سعود. والامير سلمان، المرشح القوي
لتولي وزارة الدفاع التي شغلها الامير الراحل لنحو خمسين عاما، سيبقي
عينيه هو الآخر على احتمالات توليه عرش المملكة السعودية يوما ما. وكان
الملك عبد الله قد شكل ما عرف بـ "هيئة البيعة" بمرسوم ملكي في تشرين
الاول من عام 2006، اوكل اليها مهمة التأكد من اهلية الملك وولي عهده
لادارة الحكم. وبموجب القرار يعرض الملك على "هيئة البيعة" اسما او
اسمين او ثلاثة اسماء لمنصب ولي العهد.
ويمكن للجنة أن ترفض هذه الأسماء وتعين مرشحا لم يقترحه الملك. وفي
حال لم يحصل مرشح الهيئة على موافقة الملك فان "هيئة البيعة" تحسم
الأمر بأغلبية الأصوات من خلال عملية تصويت يشارك فيها مرشحها ومرشح
يعينه الملك في غضون شهر.
الا ان هيئة البيعة ينظر اليها على انها ستضع ختمها على قرارات
الملك من دون مناقشة، ولن تدخل في جدل حول من سيخلف الامير سلمان في
اخذ دوره في طابور المنتظرين من باقي الامراء.
وخلف الكواليس سيكون القرار عائدا الى الامير سلمان، كما هو حال
التقاليد الملكية في البلاد.
وبعد الامير سلمان هناك مجموعة من الامراء المرشحين ينتمون الى جيل
جديد ربما سيكونون قريبين من الترشح لاخذ دورهم، لكن هؤلاء ليسوا
راسخين على الارض. اما من يفضلهم الملك عبد الله حاليا قد لن يجدوا
حظوظهم كبيرة بعد رحيله.
من الناحية الفنية يعد اولاد الملك فيصل من هذا الجيل، لكنهم ليسوا
من المرشحين الاقوياء، فخالد مثلا، وهو امير مكة، ويبلغ من العمر 70
عاما، هو احدهم، لكن "آل فيصل" ليسوا من المرغوبين عند نايف.
عندما يحدث تحول الاجيال سيكون للامير نايف شأن ورأي فيه، ويعتقد
خبراء بان الريح ستهب باتجاه ابنيه الاثنين، والاقوى منهما هو الامير
محمد بن نايف، وهو شاب متحمس، وعمليا هو القائد الفعلي للامن السعودي.
هناك ايضا شقيقه الاكبر منه الامير سعود، الذي عاد اخيرا من نفي
دبلوماسي في اسبانيا ليتولى شؤون العلاقات العامة في وزارة الداخلية،
وهذان هما الرجلان اللذان يستحق ان يركز عليهما.
حصار حكام السعودية
من جانب آخر في ظل تداعيات ماحدث من ثورات عربية وتأثيرها على
السعودية فقد جعل ربيع الثورات العربية الذي شهد الاطاحة بعدد من
الزعماء، ومطالبات بالاصلاح قادها جيل الشباب، حكام السعودية يشعرون
بأنهم محاصرون.
في نظره، اصبح العالم مليئا بالاعداء، حيث اطلق ربيع الثورات
العربية العنان لقوى لا يمكن السيطرة عليها وليس بمقدور اي بلد عربي
تحصين نفسه ضدها. خلاصة القول إن السعودية محاصرة، وشعور الملك عبدالله
يقوده الى اتخاذ موقف الدفاع.
ويعتقد محللون سياسيون ان الولايات المتحدة تشعر بقلق متزايد من
احتمال انتقال الاحتجاجات الشعبية في المنطقة الى السعودية، اكبر مصدر
للنفط في اوبك. فان الاحتجاجات بدأت بتصاعد الظلم الواقع على سكان
المنطقة الشرقية، وليست هذه هي المرة الاولى التي يتعرض فيها حكام آل
سعود لهذا الموقف. ففي خمسينيات القرن الماضي وستينياته اجتاحت موجة
القومية العربية الآتية من مصر الشرق الاوسط مهددة عروشه الموالية
للغرب بالدمار. في تلك الحقبة ايضا، كانت السعودية تشعر انها محاطة
بالاعداء من كل جانب. وفي تلك الحقبة، كما الآن، كانت دولارات البترول
والدعم الغربي ادوات غير فعالة لدرء المخاطر.
لكن هذا لا يعني ان اموال النفط ليس لها منافع في بعض الاحيان. فقد
كان احد ردود الملك السعودي الاولى على ربيع الثورات يتلخص في ارضاء
ابناء شعبه عن طريق اغداق الاموال عليهم.
ولكن المال ليس حلا في الظرف الراهن. فلو كان بمقدور المال ان يجنب
المملكة المشاكل لما وجدت نفسها في هذا الموقف الصعب.
فباستثناء البحرين، لا تتمتع السعودية بنفوذ كبير في المنطقة.
وعندما قرر الملك السعودي التدخل عسكريا في البحرين لقمع انتفاضتها،
كان يعتقد انه يحمي جبهته الشرقية وتعزيز دفاعات بلده مقابل النفوذ
الايراني.
ولكن على المدى البعيد، قد يزيد التدخل السعودي في البحرين الوضع
سوءا، بتعميق الشعور بالمظلومية في اوساط شيعة البحرين من جهة وتصعيد
العداء لطهران بلا ضرورة من جهة اخرى.
ويبدو الملك عبدالله عارفا بأنه لن يعمر الى الابد، ولذا فهم مصمم
على ترك البلاد في حال افضل مما كانت عليه عندما تسلم الحكم. وهذا هو
احد الاسباب التي دفعته الى التعهد بمنح النسوة السعوديات حق التصويت. |