
شبكة النبأ: توقع الكثيرون الموت
كنهاية تضع حد لديكتاتور ليبيا واستبداده، إلا ان الجميع لم يتوقع ان
تكون على تلك الشاكلة من الوحشية، بعد أن منى المراقبين النفس في رؤيته
بين القضبان، ينتظر القصاص العادل، أسوة بالديكتاتور العراقي السابق
صدام.
لكن السؤال الذي بات يطرح بقوة، لماذا تمت تصفيته العقيد القذافي
بهذه السرعة، ومن هي الجهة التي كانت مشرفة على عملية إعدامه؟ وهل كانت
في حوزته أسرار دولية خشي الغرب في ان تكشف للملأ؟ أم أرادوها صفحة
تطوى بسرعة للانطلاق في المشاريع المستقبلية لذلك البلد شبه المدمر؟
فالقذافي اقدم الزعماء العرب، كان حليفا مقربا للشرق والغرب، في
فترات زمنية طويلة، وكان مطلعا على الكثير من القضايا الاستراتيجية
والملفات المخابراتية الخطيرة، بدأ من بريطانيا وأمريكا وأيطاليا
وروسيا وكوريا الشمالية بالاضافة الى إيران.
سحله وقتله
فسرعان ما نشرت في أرجاء العالم صور مروعة لمعمر القذافي ملطخا
بالدماء يترنح ومقاتلون غاضبون يدفعونه بعد مقتل المستبد الليبي بالقرب
من سرت مسقط رأسه. والملابسات الدقيقة التي أحاطت بمقتله لا تزال غامضة
اذ يجري تداول روايات متضاربة عن وفاته. ولكن تصوير ما قد يكون الساعات
الاخيرة في حياة الزعيم الليبي المخلوع قدم بعض المؤشرات على ما حدث.
وتوضح لقطات فيديو صورها أحد المارة وسط حشد وأذيعت لاحقا على شاشات
التلفزيون في أنحاء العالم أن القذافي كان لا يزال حيا عند القبض عليه
قرب سرت وتظهر اللقطات القذافي وهو يجر من داخل صندوق سيارة ويجر على
الارض من شعره. وصرخ البعض مطالبين بابقائه حيا. ثم دوت أعيرة نارية.
وابتعدت الكاميرا.
وقال مصدر كبير في المجلس الوطني الانتقالي لرويترز ان القذافي
اعتقل حيا ثم ضربوه وقتلوه وهو ينقلونه. وأضاف المصدر أن القذافي ربما
كان يقاوم. وكان المجلس الانتقالي قال ان القذافي قتل حين اندلعت معركة
بالاسلحة النارية بعد القبض عليه بين مؤيديه ومقاتلي الحكومة وهو ما
يتعارض بشكل واضح مع الاحداث التي صورها الفيديو. وتوفي القذافي برصاصة
أحدثت جرحا في رأسه. وقال المجلس انه لم تصدر أوامر بقتله.
ووصف القذافي المعارضين الذين ثاروا على حكمه المستبد الذي دام 42
عاما بأنهم "جرذان" لكن في النهاية كان هو الذي تم الامساك به وهو
يختبيء في أنبوب لصرف النفايات والقاذورات.
وقال أحمد السحاتي -وهو مقاتل من قوات الحكومة عمره 27 عاما كان
بجوار أنبوبي صرف أسفل طريق سريع "وصفنا بأننا جرذان لكن انظر أين
وجدناه." ويروى قصة الساعات الاخيرة في حياة الزعيم المخلوع مقاتلو
القوات الحكومية ولقطات تسجيل مصورة ومشاهد مذبحة.
وقبيل صلاة الفجر يوم الخميس خرج القذافي -- الذي كان يحيط به بضع
عشرات من حرسه الخاص الموالين له يرافقه قائد جيشه الذي لم يعد له وجود
أبو بكر يونس جبر -- من حصار سرت المستمر منذ شهرين وشقت المجموعة
طريقها في اتجاه الغرب لكنهم لم يبتعدوا كثيرا.
وقالت فرنسا ان طائراتها قصفت موكب مركبات عسكرية كان يقل القذافي
قرب سرت في حوالي الساعة 8.30 صباحا (0630 بتوقيت جرينتش) يوم الخميس
ولكنها قالت انها غير متأكدة هل قتل القذافي في الهجمات أم لا. بحسب
رويترز.
ووقفت 15 شاحنة صغيرة مركب عليها مدافع الية محترقة ومحطمة تتصاعد
منها ادخنة بجوار محطة كهرباء فرعية تبعد نحو 20 مترا عن الطريق
الرئيسي الذي يقع على بعد ميلين الى الغرب من سرت.
وكان من الواضح أنهم ضربوا بقوة تفوق كثيرا أي شيء في حوزة الجيش
المتنافر الذي قام المعارضون السابقون بجمعه اثناء الانتفاضة التي
استمرت ثمانية اشهر للاطاحة بالزعيم الذي كان يخشى بأسه.
لكن لم تكن هناك حفرة نجمت عن انفجار قنبلة تشير الى ان الضربة ربما
نفذتها طائرة هليكوبتر حربية أو ان طائرة مقاتلة أطلقت مدافعها على
القافلة.
وداخل الشاحنات كانت رفات السائقين التي تفحمت والركاب الذين قتلوا
على الفور في الضربة مازالت على المقاعد. وبعض الجثث الاخرى رقدت وقد
بترت اجزاء منها وأصبحت مقلوبة على العشب. ويوجد نحو 50 جثة بصفة
اجمالية.
والقذافي نفسه وحفنة من رجاله نجوا من الموت وفروا فيما يبدو وسط
مجموعة أشجار نحو الطريق الرئيسي واختبأوا في انبوبي صرف لكن مجموعة من
مقاتلي الحكومة كانت تسير على دربهم في نفس الاتجاه.
وقال سالم بكير بينما كان يحتفي به بعض رفاقه بالقرب من الطريق "في
البداية أطلقنا النار عليهم من مدافع مضادة للطائرات لكنها لم تكن
مجدية." وأضاف "ثم توجهنا اليهم سيرا على الاقدام."
وقال "أحد رجال القذافي جاء وهو يلوح ببندقيته في الهواء ويصرخ
مستسلما لكن ما ان رأى وجهي حتى بدأ يطلق النار علي."
وقال بكير "ثم اعتقد ان القذافي لا بد أنه أمرهم بأن يتوقفوا. (سيدي
هنا سيدي هنا). معمر القذافي هنا وهو جريح." وأضاف بكير "توجهنا الى
هناك وأخرجنا القذافي. كان يقول (ما الخطب. ما الخطب. ما الذي يحدث ..
ثم أخذناه ووضعناه في السيارة."
وقال بكير انه في وقت القبض عليهم كان القذافي جريحا بالفعل بأعيرة
نارية في الساق والظهر.
وأكد مقاتلون حكوميون اخرون ذكروا انهم شاركوا في القبض على القذافي
في تصريحات منفصلة رواية بكير للاحداث لكن أحدهم قال ان الرجل الذي حكم
ليبيا لمدة 42 عاما ضرب بالرصاص وجرح في اللحظة الاخيرة بواسطة أحد
رجاله. وقال عمران جمعة شوان "أحد حراس معمر القذافي ضربه بالرصاص في
صدره."
وكانت هناك روايات اخرى للاحداث. وقال عبد المجيد مليجتا احد مسؤولي
المجلس الانتقالي لرويترز ان القذافي حوصر في النهاية في مجمع في سرت
بعد ساعات من القتال وجرح في معركة بالاسلحة النارية مع قوات المجلس.
وقال ان القذافي اخذ يردد "ماذا يجري.. ماذا تريدون.. وقاوم حينما
أمسك به مقاتلو المجلس الانتقالي. واضاف ان القذافي مات متأثرا بجراحه
اثناء نقله في سيارة اسعاف. وقال "كان ينزف من بطنه واستغرق نقله وقتا
طويلا ونزف حتى الموت (في سيارة الاسعاف)."
وروى مسؤول اخر في المجلس الانتقالي طلب الا ينشر اسمه رواية اخرى
لوفاة القذافي. وقال "انهم (مقاتلي المجلس الانتقالي) ضربوه بشدة ثم
قتلوه. هذه حرب." وأظهرت التسجيلات المصورة القذافي وهو يترنح جريحا
لكنه كان مازال على قيد الحياة ويلوح بيده اثناء جره من شاحنة بواسطة
حشد من جنود الحكومة الغاضبين الذين كانوا يوجهون اليه الضربات
ويجذبونه من شعره.
ثم ظهر وهو يسقط على الارض يحيط به الحشد. وأعلن مسؤولو المجلس
الوطني الانتقالي في وقت لاحق ان القذافي توفي متأثرا بجراحه بعد القبض
عليه. وهتف شخص من بين الحشد يطالب بالابقاء على القذافي حيا وصرخ
مقاتل اخر صرخة مخبول مدوية. ثم اختفى القذافي من المشهد وسمع دوي
طلقات نارية.
وأظهر تصوير تلفزيوني اخر جثة هامدة على ما يبدو للقذافي توضع في
سيارة اسعاف في سرت. وقال مقاتل اخر محمول على أكتاف زملائه انه شارك
في القبض على القذافي وعرض مسدسا ذهبيا قال انه أخذه من القذافي.
وغطت أسلاك كهرباء سقطت جانبا من مدخل الانبوبين وجثث ثلاث رجال من
حراس القذافي على ما يبدو ممددة عند مدخل أحد الانبوبين. وكان أحدهم
يرتدي سروالا قصيرا ربما بسبب جرح مضمد في ساقه. وكانت هناك أربع جثث
أخرى ترقد عند الطرف الاخر للانبوبين. جميعها لرجال سود احدهم نسف مخه
خارج رأسه ورجل اخر قطع رأسه. وقال بكير ان قائد الجيش جبر قبض عليه
حيا أيضا. وأعلن مسؤولون من المجلس الوطني الانتقالي في وقت لاحق أنه
مات.
وأطلق مقاتلو الحكومة المبتهجون نيران أسلحتهم في الهواء وهم يكبرون
ويقفون لالتقاط الصور التذكارية. وقال أحدهم "القذافي قبض عليه هنا."
عاش بالسيف ومات بالسيف
من جانب آخر قدم الزعيم الليبي المقتول معمر القذافي خلفية مسرحية
لحكمه الذي دام 42 عاما كانت حافلة بالقمع الدموي ولم يستطع في النهاية
أن يصمد أمام انتفاضة شعبية مصممة على الاطاحة به مدعومة بالقوة الجوية
لحلف شمال الاطلسي.
واختفى القذافي بعد أن فر من طرابلس الشهر الماضي عندما استولت
القوات المعارضة على العاصمة الليبية وقال البعض انهم يعتقدون أن الرجل
الذي كان يعيش كالبدو في خيمة فر الى الصحراء الخالية والشاسعة في جنوب
ليبيا.
وتماشيا مع غرابة أطواره تمتع القذافي بجاذبية حققت له في البداية
على الاقل تأييدا في أوساط كثير بين الليبيين العاديين. واكسبه
استعداده لتحدي القوى الغربية واسرائيل بالاقوال والافعال طابعا مميزا
لدى البعض في دول عربية أخرى شعروا أن زعمائهم مستسلمين.
وبينما استسلم زعيما الدولتين المجاورتين بسرعة في وجه انتفاضات
شعبية شن القذافي حربا دامية وتحدى حلف الاطلسي ومقاتلين ليبيين سيطروا
بسرعة على نصف البلاد. واحتل القذافي خلال حكمه الذي دام 42 عاما مكانا
بارزا في معرض الغرب للشخصيات الدولية المارقة بينما أحكم قبضته على
بلده بالتخلص من المعارضين ورفض تعيين نائب له يخلفه. وحقق القذافي
تقاربا ناجحا مع الغرب بالتخلي عن برنامجه لانتاج أسلحة الدمار الشامل
مقابل انهاء العقوبات. ولكنه لم يتمكن من الافلات من مد ثورات شعبية
تجتاح العالم العربي.
وحانت ساعته عندما حول أسلحته ضد المحتجين وأرسل جيشه لتطهير بنغازي
مما دفع القوى الغربية وحلف شمال الاطلسي الى بدء حملة قصف جوي أتاحت
لقوى المعارضة الاطاحة به في وقت لاحق.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرة اعتقال ضد القذافي
وابنه ورئيس مخابراته لارتكابهم جرائم ضد الانسانية بالتخطيط للقمع
العنيف للانتفاضة التي بدأت في شرق البلاد.
وبينما كانت ليبيا المنتجة للنفط تنزلق الى حرب أهلية رد جيش
القذافي بالقوة القاتلة التي لم يخش استخدامها قط رغم الصورة الشخصية
الاستعراضية التي استحوذت على الكثيرين في الخارج. بحسب رويترز.
وعندما بدأت الاحتجاجات في منتصف فبراير شباط سقط المحتجون بالمئات.
ومع تقدم قوات القذافي صوب بنغازي اشتهر القذافي بتحذيره للمعارضين
وبأنه سيتعامل بلا رحمة ولا شفقة وسيطاردهم "زنجة.. زنجة.. دار.. دار."
وربما يكون قد حدد نهايته بهذه الكلمات. فبعد أيام وافق مجلس الامن
التابع للامم المتحدة على قرار يفسح الطريق أمام حملة جوية يشنها حلف
الاطلسي عطلت قواته الجوية ودباباته ومدفعيته الثقيلة.
واستهدفت الغارات كذلك مقر قياداته في طرابلس. وقتلت غارة ابنه
الاصغر وثلاثة من أحفاده. ولم تكن هذه هي المرة الاولى التي يقتل فيها
الغرب أحد أفراد عائلة القذافي. فقد وصف الرئيس الامريكي الاسبق رونالد
ريجان القذافي بأنه "كلب مسعور" وأرسل طائراته الحربية لتقصف مجمع باب
العزيزية في عام 1986 بعد تفجير مرقص في برلين الغربية ألقيت
بالمسؤولية فيه على ضباط مخابرات ليبيين.
وترك القذافي المبنى الذي قصف في طرابلس في الغارة دون ترميم طيلة
25 عاما ليلقي منه أول خطاباته المتحدية أثناء الحرب حيث وقف بجوار نصب
تذكاري على شكل قبضة معدنية عملاقة تدمر طائرة حربية أمريكية. وأرسلت
الحكومة الانتقالية جرافات للمجمع هذا الاسبوع لتبدأ تسويته بالارض.
وأنحى القذافي في خطب أذاعها التلفزيون في وقت سابق من هذا العام
ردا على التمرد باللائمة في الاضطرابات على جرذان ومرتزقة وقعوا تحت
تأثير أسامة بن لادن وتأثير المخدرات. وسخر القذافي في مايو أيار
الماضي من حلف الاطلسي قائلا ان قاذفات الحلف لن تستطيع العثور عليه.
وقال في تسجيل صوتي أذيع عبر التلفزيون "أقول للجبناء الصليبيين أنا
في مكان لا تستطيعون الوصول اليه وقتلي." وأذيعت كذلك كلماته اللاحقة
خلال الصيف عبر تسجيلات صوتية ويفترض أن الغرض من ذلك عدم الكشف عن
مكان اختبائه. وقال في احدى كلماته التي أذيعت انه لن يترك أرض ليبيا
وسيموت عليها "شهيدا".
ولم يشغل القذافي الذي يعد واحدا من أقدم الزعماء في العالم منصبا
رسميا وعرف بلقب " الاخ الزعيم وقائد الثورة". وقاتل من أجل أن يكون له
نفوذ في أفريقيا وأجزل العطاء للدول المجاورة الاكثر فقرا من الثروة
النفطية الهائلة لبلاده ووصف نفسه بأنه "ملك ملوك أفريقيا".
وكان حبه للفتات الكبيرة التي تشد الانتباه واضحا في زياراته للخارج
حيث نام في خيمة بدوية يحرسها عشرات من الحارسات.
والقت دعوته لمئات الفتيات الايطاليات الى اعتناق الاسلام بظلالها
على زيارته لايطاليا العام الماضي التي استهدفت تقوية العلاقات بين
طرابلس وروما.
وألقت وثائق دبلوماسية مسربة نشرها موقع ويكيليكس مزيدا من الضوء
على تفضيلات الزعيم الليبي المخلوع. وتصف برقية نشرتها صحيفة نيويورك
تايمز اصراره على الاقامة في الطابق الارضي عندما زار نيويورك في عام
2009 لحضور اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة وما تردد عن رفضه أو
عدم قدرته على صعود أكثر من 35 درجة من درجات السلم.
وتردد أيضا أن القذافي كان يعتمد اعتماد كبيرا على أربع ممرضات
أوكرانيات من بينهن امرأة توصف بأنها "شقراء مثيرة". وتكهنت البرقية
بعلاقة رومانسية ولكن الممرضة جالينا كولونيستكا (38 عاما) فرت من
ليبيا بعد أن بدأ القتال.
وولد القذافي في عام 1942 لاسرة رعوية بدوية في خيمة قرب سرت. وترك
دراسة الجغرافيا في الجامعة ليلتحق بالجيش وتضمن سجله العسكري فترة
قصيرة أمضاها في مدرسة الاشارة التابعة للجيش البريطاني. وتولى العقيد
القذافي السلطة في انقلاب عسكري غير دموي عام 1969 أطاح بالملك ادريس.
وصاغ القذافي في السبعينات "النظرية العالمية الثالثة" وهي طريق وسط
بيين الشيوعية والرأسمالية كما قدمت في "الكتاب الاخضر".
وأشرف على التنمية السريعة في ليبيا التي لم يكن يعرف عنها سوى أنها
ابار للنفط وصحراء وقعت فيها معارك ضخمة بالدبابات أثناء الحرب
العالمية الثانية. ويدفع الاقتصاد الليبي الان ثمن الحرب والعقوبات.
وكان من بين المهام الرئيسية الاولى بعد توليه السلطة بناء القوات
المسلحة لكنه أنفق مليارات الدولارات من دخل النفط كذلك على تحسين
مستويات المعيشة مما أكسبه شعبية لدى محدودي الدخل.
وضخ القذافي أيضا أموالا طائلة في مشروعات عملاقة مثل بناء مصنع
للصلب في مدينة مصراتة التي كانت مسرحا لقتال ضار وعلى النهر الصناعي
العظيم وهو مشروع استهدف ضخ المياه من الابار الصحرواية الى المجتمعات
الساحلية.
وتبنى القذافي دعوة الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر للوحدة
العربية وحاول دون أن تكلل جهوده بنجاح توحيد ليبيا ومصر وسوريا. كذلك
انتهت بمرارة محاولة مماثلة لتوحيد ليبيا وتونس.
وغير في عام 1977 اسم دولته ليصبح الجماهيرية العربية الليبية
الشعبية الاشتراكية العظمى وسمح للناس بالتعبير عن ارائهم في مؤتمرات
شعبية. ولكنه كان منبوذا طوال فترة حكمه من الغرب الذي اتهمه بأن له
صلات بالارهاب وبالحركات الثورية.
وأصبح القذافي مكروها بشكل خاص بعد تفجير طائرة ركاب أمريكية في عام
1988 فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية على أيدي ضباط مخابرات ليبيين قتل
فيه 270 شخصا. وفرضت الامم المتحدة عقوبات على ليبيا في عام 1992 للضغط
على طرابلس لتسليم ليبيين يشتبه في ضلوعهما في تفجير الطائرة. وأصابت
العقوبات الاقتصاد الليبي بالشلل وأضعفت الروح المعنوية للقذافي وخففت
من حدة خطابه المعادي للرأسمالية والمعادي للغرب. وتخلى القذافي عن
برنامجه لانتاج أسلحة محظورة في عام 2003 لاعادة ليبيا لحلبة السياسة
الدولية.
الأمم المتحدة تطلب بالتحقيق
من جهتها أجلت خطط دفن جثمان العقيد معمر القذافي وسط حالة من
التردد بشأن المكان الذي سيدفن فيه في الوقت الذي طلبت مفوضية حقوق
الإنسان في الأمم المتحدة بفتح تحقيق في ملابسات مقتله.
وعلى الرغم من أن تقارير سابقة تحدثت عن أن عملية الدفن ستحدث خلال
الساعات المقبلة إلا أن وزير النفط في المجلس الانتقالي علي ترهوني صرح
بأن جثة القذافي قد تحفظ لعدة أيام .
وقال مسؤولون إن جثة القذافي محفوظة في مستودع في سوق قديمة في
مدينة مصراته وانها تحمل فجوة في الرأس. وأضافوا أن دفن الجثة سيتم
وفقا للشريعة الإسلامية ولكن لم يعرف بعد ما إذا كانت مراسم الدفن ستتم
في مصراته أو مدينة سرت مسقط رأس القذافي. وذكرت تقارير أن جثة نجل
القذافي المعتصم محفوظة في المكان نفسه.
وعلمت بي بي سي أن السلطات الليبية تخطط لدفن جثمان العقيد معمر
القذافي سرا وفي مكان غير معلوم. وتقول مراسلة بي بي سي في طرابلس
كارولين هاولي إن السلطات الليبية يجب عليها أن تقرر بأسرع وقت ممكن
كيف ستتعامل مع عملية دفن جثمان القذافي. وأضافت أن المسؤولين الليبين
قالوا إن جثته ستدفن في مكان سري مع تزايد التكهنات بإمكانية دفنه في
البحر على غرار ما حدث مع زعيم القاعدة أسامة بن لادن لمنع أن يتحول
قبره إلى مزار.
وتأتي التطورات في الوقت الذي زادت فيه التساؤلات بشأن كيفية وفاة
القذافي بعد أن نفى مسؤولو المجلس الانتقالي أنه تم إعدام القذافي.
وكان رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الانتقالي محمود جبريل قال إن
القذافي قتل برصاصة في الرأس خلال تبادل لإطلاق النار بين القوات
الموالية له وقوات المجلس الانتقالي.
وأكد أن القذافي اعتقل حيا لكنه قتل نتيجة للجروح التي أصيب بها قبل
دقائق من وصوله إلى المستشفى. وأضاف جبريل، خلال مؤتمر صحفي في طرابلس،
عندما تم العثور عليه كان بخير ويحمل سلاحا .
وأوضح أن القذافي اقتيد إلى سيارة دفع رباعي، مضيفا عندما اقلعت
السيارة قضى خلال تبادل لاطلاق النار بين مقاتلين موالين له وبين
الثوار وقتل برصاصة في الرأس . وأظهرت صور فيديو القذافي وهو يقاد عبر
الطرقات بصحبة مقاتلين تابعين للمجلس الانتقالي.
في الوقت ذاته، طالبت المفوضية العليا لحقوق الانسان في الامم
المتحدة الجمعة بتشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات مقتل القذافي. وقال
المتحدث باسم المفوضية روبرت كولفيل إنه فيما يتعلق بمقتل القذافي
الخميس فان الملابسات لا تزال غير واضحة. نعتبر ان اجراء تحقيق هو امر
ضروري وذلك في اشارة الى المشاهد التي ظهرت على وسائل الاعلام حول
اعتقال القذافي حيا قبل اعلان وفاته.
واعتبر كولفيل أن شريطي الفيديو اللذين تم بثهما ويصوران القذافي
بعد القبض عليه مقلقان للغاية . لكن المتحدث لم يوضح من هي الجهة التي
يتعين عليها اجراء هذا التحقيق.
عائلة القذافي تطالب بجثمانه
وفي بيان في محطة الراي المؤيدة للقذافي والتي تتخذ من سوريا مقرا
لها طلبت عائلة الزعيم المخلوع بتسلم جثامين القذافي ونجله المعتصم
واخرين قتلوا يوم الخميس على يد مقاتلين اجتاحوا سرت مسقط رأسه.
وقال البيان "نطالب الامم المتحدة ومنظمة المؤتمر الاسلامى ومنظمة
العفو الدولية ارغام المجلس الانتقالى على تسليم جثامين الشهداء الى
قبيلتنا فى سرت والسماح لهم اجراء مراسم دفنهم وفق التقاليد والاصول
الاسلامية."
وقال الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فو راسموسن في مؤتمر
صحفي في ساعة متأخرة يوم الجمعة ان الحلف اتخذ قرارا مبدئيا بالدعوة
الى وقف لعمليته في 31 اكتوبر تشرين الاول.
ومثل المسؤولين الغربيين الاخرين لم يبد راسموسن اسفا علنا على
الميتة البشعة لدكتاتور ليبيا المخلوع الذي اعتقلته قوات المجلس الوطني
الانتقالي حيا ولكن نقل ميتا الى احد المستشفيات.
وقال راسموسن "قمنا بعملية معقدة بسرعة غير مسبوقة واجريناها باكبر
قدر من الحذر. "انني فخور بما انجزناه."
وانتهت يوم الخميس عملية حلف شمال الاطلسي التي استهدفت رسميا حماية
المدنيين بقصف طائرات حربية فرنسية ركب سيارات القذافي اثناء محاولته
واخرين الهروب الى مكان نهائي في سرت.
سيف الاسلام
على صعيد متصل قال قائد عسكري كبير في المجلس الوطني الانتقالي
الليبي ان سيف الاسلام ابن الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي يحاول
الفرار من البلاد جنوبا صوب حدود ليبيا مع النيجر.
وقال القائد عبد المجيد مليقطة انه يعتقد أن سيف الاسلام يتحرك في
قافلة من ثلاث سيارات مصفحة في محاولة للفرار من قوات المجلس الوطني
الانتقالي التي اجتاحت مدينة سرت يوم الخميس وقتلت والده. وأضاف أن
مقاتلي المجلس يبحثون عن سيف الاسلام وأن المقاتلين الموجودين في
المنطقة في حالة تأهب كامل.
وفر العشرات من الموالين للقذافي من بينهم الساعدي ابنه الى النيجر
في سبتمبر ايلول ويعيشون في العاصمة نيامي. ورفضت النيجر مرارا تسليمهم
الى حكام ليبيا الجدد قائلة ان طرابلس بوسعها ارسال محققين لاستجوابهم
اذا ارادت.
وقال مليقطة انه خلال الايام القليلة الماضية كان عبد الله السنوسي
رئيس المخابرات في نظام القذافي الذي يعتقد انه مختبيء في النيجر يحاول
تنظيم ممر امن لحاشية القذافي للفرار من سرت الى النيجر. بحسب رويترز.
وقال وزير خارجية النيجر انه علم من دول غربية أن السنوسي فر عبر
الحدود الى أقصى شمال النيجر. والسنوسي مطلوب لدى المحكمة الجنائية
الدولية عن جرائم في حق الانسانية. واتهم السنوسي صهر القذافي بأنه أمر
بقتل واضطهاد مدنيين في انحاء ليبيا خلال الانتفاضة على حكم القذافي
هذا العام. وقال محمد بازوم وزير خارجية النيجر لرويترز هاتفيا من
النيجر "يبدو انه في اقصى شمال النيجر وقد علمنا ذلك من دول غربية."
وقال بازوم ان بريطانيا كانت أول من قدم معلومات عن مكان السنوسي
لكن تم تأكيدها من جانب حكومات غربية اخرى. وطلبت الشرطة الدولية
(الانتربول) يوم الخميس من سيف الاسلام تسليم نفسه وعرضت عليه وصولا
امنا للاهاي لمواجهة اتهامات بارتكاب جرائم ضد الانسانية. |